الإحتلال الإسرائيلي سبب الكوارث البيئية .... أبو صفية : ما جرى في بيت حانون يعد كارثة بيئية حقيقية ..... إسرائيل تهدف لقتل مقومات الحياة للأجيال الفلسطينية المقبلة ..... قناة رفح المنوي إنشاؤها ستدمر خزان المياه الجوفي بأكمله

حاوره: محمد توفيق أحمد كريزم

الإحتلال الإسرائيلي سبب الكوارث البيئية

أبو صفية : ما جرى في بيت حانون يعد كارثة بيئية حقيقية

إسرائيل تهدف لقتل مقومات الحياة للأجيال الفلسطينية المقبلة

قناة رفح المنوى إنشاؤها ستدمر خزان المياه الجوفي بأكمله


الدكتور يوسف ابو صفية رئيس سلطة البيئة

غزة - الرأي للاعلام - حوار محمد  كريزم
في الوقت الذي تتعالى الدعوات المطالبة بالمحافظة على البيئة وحمايتها على مستوى العالم تقوم سلطات الاحتلال تدمير منهجي للبيئة في الاراضي فلسطينية وتحويلها الى أراض قاحلة من خلال سلسلة من العمليات العدائية

الجرائم البشعة المتمثلة بازالة الغطاء النباتي وردم آبار المياه وتشويه معالم الطبيعة، وتدمير البنى التحتية بكاملها، ناهيك عن القتل والتنكيل اليومي.

«الرأي» حاورت الدكتور يوسف ابو صفية رئيس سلطة البيئة الذي كشف ملابسات جرائم الاحتلال تجاه البيئة والانسان معا والهادفة لقتل مقومات الحياة الفلسطينية وثني الشعب الفلسطيني عن المطالبة بحقوقه المشروعة، وفيما يلي نص الحوار:

* ما حجم الكارثة البيئية التي لحقت بمدينة بيت حانون جراء العدوان الاسرائيلي المتواصل عليها؟ وما هي الآثار المترتبة في المستقبل المنظور والبعيد؟

- انها حقا كارثة بكل معنى الكلمة، ودائما الكارثة البيئية تعد من اخطر الكوارث، فعندما يدور الحديث عن قطع الأشجار التي تشكل الغطاء النباتي للارض وهو جزء هام جدا من المحافظة على التوازن البيئي وعامل مهم في عملية التغير المناخي وتقييم انبعاث الغازات التي تعمل على زيادة ارتفاع درجات حرارة الجو التي نعاني منها حالياء فالشجر هو الذي يمتص غاز ثاني أكسيد الكربون.

واذا اردنا تطبيق ما ذكر على بيت حانون نجد ان اشجار البرتقال والحمضيات تحتاج التنشيط قدرته الانتاجية فترة زمنية من خمس الى سبع سنوات، واما النخيل يحتاج الى عشر سنوات، والحديث هنا يدور عن الكارثة باعتبار ان الاشجار لا يتم تأهيلها بفترات زمنية قصيرة وتختلف تماما عن هدم البيوت التي يمكن اعادة بنائها من جديد بسرعة في حال توفرت الامكانات المادية، من هنا يمكن تبين حجم الخسائر الفادحة الناجمة عن تدمير وتجريف الغطاء النباتي، فالشجرة ليست بقيمتها المادية بل انتاجها العشر سنوات قادمة، فالكارثة تنبع من هذا المنطلق، فالبيئة هي مصدر الحياة، وبالتالي اسرائيل تهدف من وراء جرائمها تدمير مصادر الحياة المتمثل بالغطاء النباتي.
كذلك سلطات الاحتلال دمرت آبار المياه من منطلق سياسي، والمتمثل بسرقة المياه الجوفية التي تعتبر المصدر الطبيعي الثاني الاساسي بعد الارض من اجل استمرار الحياة، وبمعادلة بسيطة يمكن حسابها تظهر أن سلطات الاحتلال جرفت ودمرت الأرض بما عليها من اشجار ومزروعات، وبما في باطنها من مياه، حتى تقضي على مستقبل الأجيال الفلسطينية على هذه الأرض، مع الأخذ بعين الاعتبار أن ميل المياه الجوفية باتجاه البحر، وبعبارة أدق تجاه المستعمرات المقامة على شاطىء البحر، في الوقت نفسه يجب عدم نسيان أن لدى سلطات الاحتلال شبكة من الآبار على طول الساحل الشمالي لقطاع غزة حيث يتم ضخ كميات هائلة من المياه التي هي من اجود المياه الفلسطينية وتحويلها الى داخل الخط الاخضر وثانيها تلويث المياه من اجل تعطيش المواطنين.
ولا بد من التوضيح ان الاحوال الجوية السائدة حالت دون انتشار المضار الصحية تجاه منازل المواطنين باعتبار أن اتجاه الرياح في الوقت الحالي شمالي غربي ولو ان الاحوال الجوية بخلاف ذلك لاصيب المواطنون بأمراض عديدة فالروائح الكريهة عبارة عن غازات سامة. ومعلوم ان اسرائیل تهدف من وراء جرائمها هو قتل الحياة الفلسطينية وتقليل فرص الحياة لدى الأجيال المقبلة، وفي الوقت نفسه تهجير السكان وابعادهم عن ارضهم ومياههم وزرعهم.

* ما هي الآليات التي تعتمدها سلطة البيئة لمواجهة تلك الكارثة البيئية؟

- هنا يجب التوضيح أن المياه لیست تحت مسؤولية سلطة البيئة انما السلطة تكافح الملوثات الموجودة، لكن عندما تنتج اضرار فان سلطة البيئة تتدخل مع العلم أن قوات الاحتلال خلفت وراءها في بيت حانون كميات هائلة من القاذورات والنفايات قدرت بحوالي ۲۰ الف طن وتكلفة ترحيلها الى مكب النفايات تقدر بحوالي ۱۲۰ الف دولار ولا بد للاشارة ان كل يوم يمضي ولا يتم ترحيل النفايات من المنطقة يساهم في انتشار الأوبئة والأمراض بسرعة كبيرة، ومن أجل ذلك سارعت سلطة البيئة الى مخاطبة دول العالم للمساعدة في تمويل عملية الترحيل.

وللعلم يبلغ معدل انتاج الفرد الواحد في غزة ما بين كليو ونصف ونصف الكيلو من النفايات، ويصل معدل النفايات في قطاع غزة يوميا حوالي ظن نفايات يوميا، وبالنسبة لبيت حانون تنتج يوميا حوالي 40 طنا من النفايات يوميا، فما بالنا عندما تغلق المدينة بشكل كامل لمدة 30 يوما.

وسلطة البيئة لا تألو جهدا في سبيل التعاون والتنسيق مع الوزارات والجهات المختصة بغية تحديد الاحتياجات والمتطلبات لمواجهة خطورة الموقف، رغم قلة الإمكانات المادية المتوفرة، وسلطة البيئة تعتمد بالدرجة الاولى على مخاطبة الدول الاوروبية والمؤسسات الدولية لتقديم المساعدة، اما الدول العربية فهناك صعوبة في استجابتهم.

- المشكلة هنا تكمن في الانسان وسلوكياته وممارساته اليومية التي هي في غاية السوء، فالبيئة هي مسؤولية الجميع فعندما يكون هناك حرص من كافة الأفراد والجماعات في المجتمع الفلسطيني على نظافة الشوارع والحدائق والشواطئ والأسواق فلن تكون مشكلة بيئية.

عندما تترسخ ثقافة لدى المجتمع بضرورة المحافظة النظافة وسلامة البيئة وتغيير السلوكيات السائدة لن تكون هناك مشكلة بيئية. النفايات والقاذورات تنتشر على شاطئ البحر او في المناطق الزراعية والخالية وللأسف دائرة الضابطة البيئية لا تستطيع ممارسة دورها في ظل الأوضاع الراهنة، ولجأنا الى الشرطة على سبيل المثال لردع المعتدين على واد غزة الذي يعتبر محمية طبيعية لكن ما يحصل حاليا هو تدمير تلك المحمية على مرأى ومسمع الجميع ولا بد من تفعيل آليات تنفيذ القانون بهذا الصدد.

* هل قانون حماية البيئة وضع على الرف لأجل غير مسمى؟

- لا، ليس هذا المعنى، القانون ما زال يعمل به في كثير من المجالات والترخيص لمنشآت البنزين والغاز والكهرباء، فالقانون موجود والظروف والأوضاع السائدة لا تساعد على تفعيل وتنشيط آليات تنفيذ القانون.

* ما هي المخاطر الناجمة عن مشروع سلطات الاحتلال بحفر قناة على الحدود الفاصلة بين فلسطين ومصر؟

- المخاطر هنا على الجانبين الفلسطيني والمصري، وبنفس التأثير في حال اقيمت ۱۱ قناة بمسافة 14 کلیومترا، دون بطانة او حماية فان ذلك يؤثر على الأراضي الفلسطينية والمصرية، بعمق سبعة كيلومترات في كلا الجانبين، ومساحة الأراضي التي ستتضرر من هذا المشروع التي تقدر بحوالي ۱۰۰ کیلومتر مربع على الجانب الفلسطيني ومثيلها الجانب المصري، وعدد الآبار التي ستتضرر على مدى 40 سنة كاملة منها 36 بئر مياه سيدمر خلال سنتين، حيث ستتسرب الاملاح الى جوفها وخلال 15 سنة سيدمر ۱۳۰ بئر مياه، والحديث يدور هنا حول الآبار المحفورة حاليا في الجانب الفلسطيني ومعلوماتنا على الجانب المصري غير متوفرة، لكن الضرر سيصيب نفس المساحة واجمالا فان عدد آبار المياه التي ستدمر على مدى 40 عاما حوالي 264 بئر مياه، وهناك منازل مواطنين تقدر بحوالي ۵۰۰ منزل سيتم تدميرها، وهذا ما تقوم به قوات الاحتلال حاليا.
لذا فان سلطات الاحتلال تهدف من وراء مشروعاتها قتل الانسان الفلسطيني وجعل الأرض الفلسطينية غير صالحة لعيش كذلك استنشأ تيارات بحرية جديدة، تؤثر بشكل مباشر على الثروة السمكية، وستمتد الترسبات البحرية الى مسافات بعيدة، وستحدث عمليات جرف لشاطئ البحر، ما ينعكس سلبا على منازل المواطنين والمنشآت السياحية المقامة على الشاطئ واجمالا يمكن القول والتأكيد انه في حال نفذ هذا المشروع فلن تكون هناك مياه صالحة للشرب وهذا اخطر ما في الأمر حيث أن عمق القناة ۳۰ مترا داخل الارض وعرض ۸۰ مترا وهذا بحد ذاته كارثة تهدد خزان المياه الجوفي

نشرت بتاريخ 6/9/2004- في جريدة الحياة الجديدة - عدد 3191



الإعلامي محمد توفيق أحمد كريزم
بواسطة : الإعلامي محمد توفيق أحمد كريزم
رئيس تحرير ومدير عام وكالة أخبار المرأة www.wonews.net
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-