الكيماويات السم في الدسم !!! * المواد الكيماوية السامة تهرب من المستوطنات إلى داخل أجسامنا! * مزارعون : لا يمكن الإستغناء عن المواد الكيماوية في الزراعة ! * مواطنون : نتعرض لموت بطئ نتيجة السموم التي تملأ غذاءنا

تحقيق : محمد توفيق أحمد كريزم

الكيماويات السم في الدسم !!!

* المواد الكيماوية السامة تهرب من المستوطنات إلى داخل أجسامنا!

* مزارعون:لا يمكن الإستغناء عن المواد الكيماوية في الزراعة!

* مواطنون: نتعرض لموت بطئ نتيجة السموم التي تملأ غذاءنا

 

تحقيق : محمد توفيق أحمد كريزم  الكيماويات السم في الدسم !!!  * المواد الكيماوية السامة تهرب من المستوطنات إلى داخل أجسامنا!  * مزارعون:لا يمكن الإستغناء عن المواد الكيماوية في الزراعة!  * مواطنون: نتعرض لموت بطئ نتيجة السموم التي تملأ غذاءنا       ما من شك أن مشكلة الانفجار السكاني والتطور التكنولوجي، والمخاوف من نضوب الموارد الطبيعية جعل العالم يسعى جاهدا لتوفير كميات متنوعة وكافية من المواد الغذائية للأعداد المتزايدة من السكان، وفي سبيل ذلك تستعمل الكثير من المركبات الكيماوية التي ترش على الأرض مباشرة كمخصبات وأسمدة أو ترش على  الأشجار والمزروعات لحمايتها من الآفات الزراعية، وهذه المركبات بعضها قابل للتحلل مثل مركبات الفسفور العضوية والبعض الآخر غير قابل للتحلل ويبقى في التربة لفترات طويلة جدا متنقلا عبر السلاسل الغذائية، ومثال على ذلك مادة د.د.ت.   (الرأي) ارتأت تسليط الضوء على قضية هامة أصبحت مثار اهتمام الجميع، وهي استعمال المواد الكيماوية بشكل خاطى ومفرط في الزراعة، مما أدى إلى انتشار الأمراض الخطيرة في بلادنا، لا سيما محافظات غزة، حيث تكثر تجارة المواد الكيماوية في السوق السوداء التي يتم تهريبها من المستوطنات الإسرائيلية.  عندما تذهب إلى السوق من أجل شراء المواد الغذائية فإنك تجد أشكالا وأنواع متعددة من الفواكه والخضروات، فمثلا قد تعجبك فاكهة الخوخ من حيث الشكل الخارجي لكن لو أردت أن تتفحص حبة الخوخ من الداخل ستجد عدم تماسك محتوياتها وانفلاقها من العنق مع ازدياد لونها الأحمر، وبعد فتح الثمرة والاقتراب من النواة تجدها قد انفلقت ووجد بها عفن من الداخل مع تغير طعم الثمرة ذاتها نتيجة زيادة المحتوى المائي بها وقلة نسبة السكريات والسبب وراء ذلك استعمال المواد الكيماوية في تسريع نموها وتكبير حجمها وتلوين شكلها الخارجي.  هذا غيض من فيض، وذكرنا ذلك على سبيل المثال لا الحصر، وهنا نستطلع آراء بعض المواطنين حيث يقول المواطن محمود عيدة: إن طعم الفواكه الحقيقي الذي كنا نتلذذ به في الماضي قد اختفى، فأنا لم أجد أمامي سوى أشكال من الفواكه ليس لها أي قيمة غذائية نتيجة تزايد استعمال المواد الكيماوية في الزراعة.  أما المواطن أبو محمد فقال إن المواد الكيماوية الموجودة في الخضروات تذوب في الطبيخ كما لو أنها بهارات او ملح، ومن ثم نأكلها وكان شيئا لم يحدث وهذا أمر خطير.  كما تساءل المواطن فارس بركات عن جدوى الامتناع عن الأكل، بسبب وجود المواد الكيماوية في الخضروات والفواكه، قائلا لا أعتقد أن ذلك منطقية، فنحن بحاجة للطعام من أجل أن نعيش بغض النظر عن الأشياء الأخرى.  وعبرت المواطنة أم فؤاد عن استيائها الشديد نتيجة لذلك، وقالت إنه حتى النعناع والبقدونس والجرادة يتم رشها بالكيماويات، لذا اقول للمزارعين والتجار اتقوا الله فينا، لكنها أوضحت أنه على الرغم من علمها أن هذه الخضروات والفواكه مرشوشة بالكيماويات إلا أنها تتسوق بشكل كامل وتشترى من كافة الأصناف.  أما المواطن أبو محمود أوضح أن معظم الفواكه الطازجة تأتي من داخل الخط الأخضر وبالتالي تقع المسؤولية وتبعات استعمال المواد الكيماوية على المزارعين الإسرائيليين وليس على المزارعين الفلسطينيين، لكن هذا لا يعفي المزارعين الفلسطينيين من المسؤولية، فهم أيضا يستخدمون الكيماويات بشكل مفرط ودون وعي.      كبش فداء   بعض المواطنين ينحي باللائمة على المزارعين كونهم يستعملون المواد الكيماوية في الزراعة بشكل مفرط وزائد عن الحد المسموح به رغبة منهم في جني الأرباح، إلا أن المزارعين خلال حديثهم أكدوا أنهم ضحايا وهم بمثابة كبش فداء للآخرين.  المزارع محمود هاشم العطار من مشروع عامر أوضح أن المزارعين يستعملون المواد الكيماوية بشكل مفرط إما لجهلهم وعدم وعيهم وعدم إلمامهم بالآثار الجانبية للمادة الكيماوية التي يستخدمونها، وإما لتعويض خسائرهم المادية من خلال الإكثار من استعمال هرمونات النمو بهدف تسويق المنتوجات الزراعية إلى السوق المحلية باسرع وقت ممكن دون الاكتراث إلى الأضرار الصحية والبيئية، لا سيما في ظل عدم اهتمام وزارة الزراعة بشؤونهم وتجاهلها مطالبهم وضرب المزارع العطار مثالا على ذلك بان بعض المزارعين يستعملون صنفا كيماوية خطيرة يدعى (نمکور) وهذه المادة لها أضرار صحية على الإنسان إلا أنهم يستعملونه في مختلف مزروعاتهم مثل الخضروات الورقية والبندورة والبطاطا والباذنجان والفواكه.  واضاف العطار إن المزارعين يستعجلون قطف الثمار دون إعطاء فترة كافية حتى تزول بقايا الكيماويات عن الثمار، كل ذلك من أجل الربح السريع على حساب صحة الآخرين، مؤكدة | أنه شخصية طالب وزارة الزراعة بمنع استيراد | هذا الصنف من الكيماويات إلا أن تجار السوق السوداء يهربون المواد الكيماوية المحظورة والخطيرة من المستوطنات القريبة وبالذات صنف (النمكور) نظرا لتزايد طلب المزارعين عليه.  وطالب العطار بتشديد الرقابة على استخدام المواد الكيماوية في الزراعة، ومنع قطف الثمار والمنتوجات الزراعية المرشوشة بالكيماويات حديثة إلا بعد مرور الفترة المطلوبة، مشيرة إلى أنه يستخدم في الزراعة أصناف (الأمونياك - النترات – الأورباك)، وضرب على ذلك مثالا أنه في حال استعمال صنف ثيونكس لا يمكن قطف الثمار إلا بعد 16 يوما، وصنف النمكور لا يمكن قطف الثمار إلا بعد 90 يوما، علما أن بعض المزارعين لا ينتظرون سوى أيام بسيطة لا تتعدى أسبوعين، لكنه نوه إلى أن المزارعين في بعض نواحي يمكن التماس الأعذار لهم، باعتبار أنه ليس أمامهم سوى هذا الحل في ظل عدم اهتمام واكتراث مديرية الزراعة بأوضاعهم و أحوالهم، إضافة إلى تزاید انتشار الآفات والأمراض الزراعية  أما المزارع زكي رزق صبح من بيت لاهيا، فقال لابد من استعمال المواد الكيماوية حسب المطلوب ودون إفراط، موضحا أن المزارعين يستعملون المبيدات الحشرية للقضاء على الديدان الأرضية والحشرات الطائرة، وهرمونات النمو الكيماوية لتكبير وتجميل شكل الثمرة، حتى تكون جذابة للمستهلكين، مشيرا أنه يستخدم أصناف النترات والأمونياك في زراعته، ويقول أنه لا يستعمل بتاتا المواد الكيماوية المحظورة قانونية أو المحرمة دولية، لكن هناك مزارعين آخرين يستخدمونها، وهؤلاء يستغلون فرصة عدم وجود رقابة على المواد الكيماوية من حيث البيع والشراء، ووجود قنوات أو طرق غير شرعية لتهريب هذه السموم إلى المناطق الفلسطينية من المستوطنات.  وشدد صبح على ضرورة عودة المزارعين الاستخدام السماد العضوي بدلا من المواد الكيماوية باعتباره سمادة ناجعة ويمكن الاعتماد عليه في الزراعة، معبرا في الوقت ذاته عن استيائه لعدم قيام الجهات المعنية بالأمر بإرشاد المزارعين حول كيفية استعمال المواد الكيماوية والطرق المتبعة لذلك.  ويقول المزارع مجدي مصطفي غين أنه يلجا إلى استعمال المواد الكيماوية باعتبار أنه لا يوجد بديل آخر أمام المزارعين لكن المشكلة تكمن في أن بعض المزارعين يحاولون بقدر المستطاع تسويق منتجات زراعية ليست موسمها المعتاد من أجل الحصول على أسعار عالية. حيث العرض قليل والطلب كثير..  تجارة الكيماويات  يوجد اعتقاد سائد أن تجارة المواد الكيماوية في بلادنا لا تخضع للمراقبة والمتابعة، وليس أدل على ذلك سوى وجود المواد الكيماوية  الخطيرة جدا ذات السمية العالية في السوق، حيث يتم استخدامها في الزراعة بحرية مطلقة ودون مراقبة من أحد حسب ما جاء على لسان المزارعين لكن الضرورة هنا تستدعي مساءلة تجار المواد الكيماوية واستيضاح بعض الأمور منهم، حيث أوضح التاجر سهيل أبو حليمة صاحب أكبر شركة التجارة وتوزيع المواد الكيماوية في محافظات غزة، أن شركته ليس بإمكانها استيراد أي صنف من المواد الكيماوية إلا بعد إذن أو تصريح رسمي من قبل وزارة الزراعة، مشيرا إلى أن كل عبوة مكتوب عليها إرشادات وتوجيهات للمزارعين للتقيد بها وعدم القفز عنها.  وأوضح أبو حليمة أن تجارة الكيماويات المصرح بها تخضع للرقابة، لكن هذه الرقابة تتلاشى تدريجيا كلما اقتربنا من السوق السوداء حيث يتم تهريب المواد الكيماوية بطريقة غير شرعية من المستوطنات الإسرائيلية إلى محافظات غزة.  أبو حليمة: الزارعون يستخدمون العبوات دون قراءة الإرشادات عليها.  وأشار أبو حليمة إلى أن المزارعين الفلسطينيين يستخدمون المواد الكيماوية في الزراعة دون قراءة الإرشادات المكتوبة على العبوات، وبالتالي تحدث نتائج سلبية من شانها تهدید صحة المواطنين وتلويث البيئة نتيجة الاستعمال الخاطئ للمبيدات الكيماوية، منوها إلى أنه ليس مسؤولا عن ذلك فمهمته تنحصر في عملية البيع وليس المراقبة على المزارعين في المزارع والحقول. . ودحض أبو حليمة مزاعم دلت على أنه يبيع مواد كيماوية سامة غير مصرح بها من وزارة الزراعة أو غير صالحة للاستعمال الزراعي، وكرر اتهاماته بهذا الخصوص لبعض المزارعين الذين لا يكترثون للارشادات المكتوبة على العبوات والتي هي في الأساس آراء علمية صادرة عن خبراء في هذا المجال، كذلك نفي نفيا قاطعا أن تكون مخازن شركته تحوي مواد كيماوية مهربة من المستوطنات الإسرائيلية أو غير ذلك.  16 نوعا محرم استعمالها  وحسب دراسة علمية أعدها الباحث يونس عيسي أظهرت أن أخطار صحية عديدة تلحق ولحقت بالمزارعين الفلسطينيين جراء الاستخدام غير الصحي للمبيدات الحشرية وخاصة تلك المحرمة دولية والتي يستخدم منها 16 صنفا في الأراضي الفلسطينية.  وأشار الباحث عيسى أن هناك علاقة وثيقة بين استخدام المبيدات بكثير من الأمراض الخطيرة، خاصة سرطانات الدماغ عند الأطفال والرئة والثدي عند الإناث إضافة إلى سرطانات الدم والكبد وغيرها، وكذلك إلى أمراض الجهاز التنفسي والأمراض العصبية والأعراض الصحية الاعتيادية مثل الصداع والمغص المعوي والتسمم الغذائي. وتبين من خلال ما رصدته الدراسة أن 7.41 يعانون من أمراض جلدية و ۷۲٪ يعانون من صداع بشكل مستمر و ۳۹٪ يعانون من مشاكل في الجهاز التنفسي و43% يعانون من مشاكل في الذاكرة. وتوصلت الدراسة إلى أن المزارعين الفلسطينيين يستخدمون ما يقارب ۵۰۰ نوعا من المبيدات الحشرية بشكل متزايد ومبالغ فيه ومن ضمنها 16 نوع حرم استخدامها دولية، وهي لا زالت تروج في الأسواق الفلسطينية دون قيود.  عيسى: 16 نوعاً من المواد الكيماوية المحرمة دولياً يستعملها المزارعون.  ويتضح أن حوالي 66٪ من المزارعين لا يقومون بقراءة التعليمات الموجودة على العبوات قبل الاستخدام وأن ۷۲٪ منهم يتبعون ما يبلغهم به بائع هذه المبيدات وه۷٪ منهم لا يستخدمون الكمية المطلوبة أكثر من الكمية المطلوبة ظنا منهم بزيادة فاعليتها، وأن ۸۲٪ من المزارعين يقومون بتخزين فائض المبيدات في بيوتهم وأن ۷۲٪ منهم يقومون برمي العبوات الفارغة في الحقول والطرقات مما يسبب خطرا على الحيوانات والأطفال.  كذلك تبين أن المزارعين الفلسطينيين يفتقرون للوعي الكافي والدراية الملائمة حول الاستخدام الإيجابي والجيد لهذه المبيدات.  وبناء على ذلك خلص الباحث في دراسته إلى توصيات أهمها تزويد المزارعين ببرامج التوعية اللازمة والضرورية حول المبيدات وأضرارها والطرق الصحيحة والآمنة في استخدامها بالتعاون مع الجهات المعنية من وزارة الصحة والجامعات والمعاهد ومراكز الأبحاث والمؤسسات التي تعني بشؤون البيئة.  كذلك العمل على وقف استخدام المبيدات المحرمة أو المحظورة الاستخدام دولية من خلال تعريف المزارعين بها وطرح البدائل الفعالة التي هي أقل خطرة وضررة على صحة الإنسان والبيئة بالإضافة إلى الفحص المخبري الدوري المنتجات المزارعين للتأكد من خلوها من بقايا المبيدات.  الطريق إلى الأمراض السرطانية  ويرى الدكتور ناصر خضير مدير مختبر تحليل الأدوية في جامعة الأزهر أن المواد الكيميائية المستخدمة في الزراعة يمكن تقسيمها إلى مواد قادرة على تغيير نمو النبات وهي تحتوي على أملاح النترات والماغنيسيوم والكالسيوم ومواد تستخدم كمبيدات حشرية وفطرية وهي في الغالب تكون سامة لأن الهدف منها قتل الميكروب، مشيرة إلى أن الأضرار تتنوع حسب نوع المادة المستخدمة، وعلى سبيل المثال المواد الكيماوية التي يدخل فيها عنصر الألمنيوم وأملاح النيترات حيث تتحلل في التربة وتصل إلى المياه الجوفية على شكل نيتريت، وإذا وصلت إلى جسم الإنسان عن طريق مياه الشرب فإنها تتفاعل مع الأحماض الأمينية، وبالتالي يكون ذلك أحد مسببات إصابة الإنسان بالسرطان أما المبيدات الحشرية والعشبية هي مواد خطيرة جدا تسبب آلام المغص والإسهال مرورا بآلام | الرأس ونهاية بالأمراض السرطانية.  خضير : بقايا الكيماويات تتفاعل في جسم الإنسان بطريقة لا رجعية.  منوها أن بعض المواد الكيماوية تتفاعل بطريقة لا رجعية بمعنى أن متبقيات المواد الكيماوية تبقى في جسم الإنسان ولا تزول مطلقا وطالب خضير المعنيين بالأمر إلى استخدام المواد الكيماوية بشكل مناسب وحسب مواصفات الاستعمال المحددة مع الأخذ بعين الاعتبار التحذيرات الصحية، مشيرا إلى أن الأرض الزراعية إذا تركت دون معالجة كيمائية فستحدث كارثة، فهناك الكثير من الآفات الزراعية التي تتطلب علاج سريعا، حيث أن انتقال الأوبئة والأمراض ما بين النباتات أسرع مما كان عليه في الماضي نتيجة الكثافة السكانية والظروف البيئية والبيولوجية في وقتنا الحاضر وهي عوامل مساعدة لانتقال الآفات الزراعية داعية إلى توعية المزارعين وتثقيفهم  وتعريفهم بكل ما يحيط بالمواد الكيماوية ذلك أن المزارع الفلسطيني إنسان بسيط لا يعي مدي خطورة المواد الكيماوية التي يستخدمها في الزراعة.  خيارات وبدائل  ويرى المهندس الزراعي محمود البكري مدير اتحاد لجان العمل الزراعي في محافظات غزة أن الأمر لا يتعلق باستعمال مفرط للكيماويات في الزراعة بل الصحيح هو استعمال خاطى من جانب المزارعين، بمعنى أن بعض المزروعات أو النباتات يتم تطعيمها بمواد كيماوية ليست ملائمة من الناحية العلمية وهناك بعض المزارعين لا ينتظر حتى انتهاء مفعول المادة الكيماوية ويقومون بعملية القطف مبكرة فمثلا الملوخية عندما يتم زراعتها في فصل الشتاء فهي تحتاج مدة ۱۲۰ يومأ حتى تنضج، لكن المزارعين يستخدمون مادة النمكور الخطيرة من أجل تسريع نموها ويقطفونها بعد 45 يوما، مع الأخذ بعين الاعتبار أن مادة النمكور لم ينتهي مفعولها، كذلك يتم التعامل مع البطاطا والخيار والفلفل وجميع الخضروات بهذا الشكل.  البكري: إستعمال خاطئ للكيمياويات وليس إستعمال مفرط أو زائد.  وأوضح البكري أن اتحاد لجان العمل الزراعي يقوم بعدة برامج تدريبية وتاهيلية على هذا الصعيد، حيث يتم إعطاء محاضرات إرشادية وتوجيهية للمزارعين لتدريبهم بهدف استخدام طرق متعددة للقضاء على الآفات الزراعية والحشرات منها المكافحة المشتركة والحيوية والبيئية اضافة إلى المكافحة الكيماوية مبينا أن اختيار أي من الطرق الآنفة الذكر لمكافحة الحشرات إنما يعتمد على دورة حياة الحشرة وسلوكها والظروف الجوية المناسبة لتكاثرها وطريقة تكاثرها ومكان حياتها واختبائها، وتهدف هذه الطرق بشكل عام القضاء التام على صنف معين من الحشرات الضارة للإنسان والحيوان أو التقليل من أعدادها في البيئة بحيث تصبح غير مؤثرة في صحة الإنسان.  وأضاف البكري أن بعض المزارعين يضعون على رأس أولوياتهم جني الربح الكثير على حساب جني الثمار الصالحة للأكل، لذا فهم يخطئون عند استعمالهم المواد الكيماوية في الزراعة ظنا منهم أنهم سيحصلون على إنتاج وفير، لكن ما يحدث عكس ذلك، بحيث تكون نتائج سلبية في أحيان كثيرة.  وأكد البكري على ضرورة تحقيق الأمن الغذائي في فلسطين كما ونوعا بحيث لا يكون الإنتاج الزراعي وفيرة على حساب الجودة والنوعية الجيدة.  مشيرة إلى أن استخدام السماد العضوي في الزراعة يحقق كلا الأمرين مع مراعاة أن التربة | بحاجة إلى عناية، وهنا يمكن طرح خيار أو بديل آخر للمواد الكيماوية بالنسبة لتعقيم الأراضي الزراعية، وهذا البديل ليس مكلفة ويتمثل في إمكانية الاستفادة من الطاقة الشمسية من خلال  استعمال النايلون وفرش التربة به لمدة 45 يوما وبذلك يمكن تعقيم التربة والقضاء على الديدان والحشرات بهذه الطريقة حيث تكون التربة قد تحمصت بقدر كافي، تجعل بالإمكان التخلي عن المواد الكيماوية.  ونوه البكري إلى أن الزراعة قبل كل شيء تتمخض عن نتيجة التطور والتفاعل الاجتماعي والاقتصادي للمصادر الطبيعية ونتيجة تفاعل عدة عوامل معقدة ومتعددة، ومن أجل فهم طبيعتها والوقوف عليها يجب دراستها وفهم عناصرها الرئيسية بشكل مستفيض سواء عملية الزراعة ذاتها والبيئة المحيطة بها والنظام الاجتماعي، بهدف الوصول إلى إمكانية تحديد الخيارات البديلة أو المستديمة وجعله أمرا ممكنا مع الأخذ بعين الاعتبار أن الهدف الرئيسي لأي خيار هو تحرير النظام القائم من الاعتماد الكلي على الكيماويات في عملية الإنتاج الزراعي أو التحرر من مؤثرات السوق، وذلك من أجل جعل عوامل الطبيعة المختلفة أن تتفاعل فيما بينها في ظل النظام الزراعي بهدف تأمين خصوبة التربة والإنتاجية وحماية النبات من الآفات والأمراض مشيرا إلى أن زيادة الخسارة الاقتصادية في المحاصيل الزراعية الناتجة عن إصابتها بالآفات المختلفة بالرغم من الاستخدام المتزايد للمبيدات الكيماوية لمكافحة هذه الآفات لهو أكبر دليل على تفاقم الأزمة، وذلك لكون الأصناف الزراعية المحسنة التي يجري التداول بها والتي تم تهجينها لرفع انتاجيتها من خلال إحداث الخلل البيولوجي أو الطبيعي داخلها أصبحت حساسة جدا للآفة وفقدت آلية الدفاع الذاتي ضدها، هذا بالإضافة إلى أن النظام الزراعي الحديث واستخدام المبيدات الكيماوية بشكل مكثف أدى إلى إضعاف العدو الطبيعي أو حتى القضاء عليه ولم يصبح فعالا في ظل نظام الزراعية الأحادية الذي يتميز بها هذا النظام.  وخلاصة القول هناك سؤال يتردد على ألسنة الكثيرين من الناس وهو ألا يمكن الاستغناء عن المواد الكيماوية وغيرها من المواد السامة كلية؟ وبالتالي تجنب الأضرار الصحية والمخاطر البيئية؟  والجواب كما رأى العديد من المختصين ، أننا الو امتنعنا عن استخدام هذه المبيدات ولو لفترة قصيرة لأدى ذلك إلى انتشار الحشرات والآفات الضارة بصورة هائلة، لكن يمكن إيجاز اتجاهين متضادين في هذا الشأن الأول هو مطالبة المزارعين باستخدام المزيد من المبيدات المقاومة الآفات بجميع أنواعها والتي تصيب زراعتهم باضرار جسيمة وتسبب لهم خسائر مادية فادحة، والاتجاه الثاني مخالف له حيث يطالب القائمون بالحفاظ على البيئة والصحة العامة بالحد من استخدام المواد الكيماوية في الزراعة بكثرة وبشكل مفرط لأن ذلك يؤدي إلى الإخلال بالتوازن البيئي والبيولوجي.                   نشر في مجلة الرأي - العدد 44 - أكتوبر - 2001

ما من شك أن مشكلة الانفجار السكاني والتطور التكنولوجي، والمخاوف من نضوب الموارد الطبيعية جعل العالم يسعى جاهدا لتوفير كميات متنوعة وكافية من المواد الغذائية للأعداد المتزايدة من السكان، وفي سبيل ذلك تستعمل الكثير من المركبات الكيماوية التي ترش على الأرض مباشرة كمخصبات وأسمدة أو ترش على

الأشجار والمزروعات لحمايتها من الآفات الزراعية، وهذه المركبات بعضها قابل للتحلل مثل مركبات الفسفور العضوية والبعض الآخر غير قابل للتحلل ويبقى في التربة لفترات طويلة جدا متنقلا عبر السلاسل الغذائية، ومثال على ذلك مادة د.د.ت.

 (الرأي) ارتأت تسليط الضوء على قضية هامة أصبحت مثار اهتمام الجميع، وهي استعمال المواد الكيماوية بشكل خاطى ومفرط في الزراعة، مما أدى إلى انتشار الأمراض الخطيرة في بلادنا، لا سيما محافظات غزة، حيث تكثر تجارة المواد الكيماوية في السوق السوداء التي يتم تهريبها من المستوطنات الإسرائيلية.

عندما تذهب إلى السوق من أجل شراء المواد الغذائية فإنك تجد أشكالا وأنواع متعددة من الفواكه والخضروات، فمثلا قد تعجبك فاكهة الخوخ من حيث الشكل الخارجي لكن لو أردت أن تتفحص حبة الخوخ من الداخل ستجد عدم تماسك محتوياتها وانفلاقها من العنق مع ازدياد لونها الأحمر، وبعد فتح الثمرة والاقتراب من النواة تجدها قد انفلقت ووجد بها عفن من الداخل مع تغير طعم الثمرة ذاتها نتيجة زيادة المحتوى المائي بها وقلة نسبة السكريات والسبب وراء ذلك استعمال المواد الكيماوية في تسريع نموها وتكبير حجمها وتلوين شكلها الخارجي.

هذا غيض من فيض، وذكرنا ذلك على سبيل المثال لا الحصر، وهنا نستطلع آراء بعض المواطنين حيث يقول المواطن محمود عيدة: إن طعم الفواكه الحقيقي الذي كنا نتلذذ به في الماضي قد اختفى، فأنا لم أجد أمامي سوى أشكال من الفواكه ليس لها أي قيمة غذائية نتيجة تزايد استعمال المواد الكيماوية في الزراعة.

أما المواطن أبو محمد فقال إن المواد الكيماوية الموجودة في الخضروات تذوب في الطبيخ كما لو أنها بهارات او ملح، ومن ثم نأكلها وكان شيئا لم يحدث وهذا أمر خطير.

كما تساءل المواطن فارس بركات عن جدوى الامتناع عن الأكل، بسبب وجود المواد الكيماوية في الخضروات والفواكه، قائلا لا أعتقد أن ذلك منطقية، فنحن بحاجة للطعام من أجل أن نعيش بغض النظر عن الأشياء الأخرى.

وعبرت المواطنة أم فؤاد عن استيائها الشديد نتيجة لذلك، وقالت إنه حتى النعناع والبقدونس والجرادة يتم رشها بالكيماويات، لذا اقول للمزارعين والتجار اتقوا الله فينا، لكنها أوضحت أنه على الرغم من علمها أن هذه الخضروات والفواكه مرشوشة بالكيماويات إلا أنها تتسوق بشكل كامل وتشترى من كافة الأصناف.

أما المواطن أبو محمود أوضح أن معظم الفواكه الطازجة تأتي من داخل الخط الأخضر وبالتالي تقع المسؤولية وتبعات استعمال المواد الكيماوية على المزارعين الإسرائيليين وليس على المزارعين الفلسطينيين، لكن هذا لا يعفي المزارعين الفلسطينيين من المسؤولية، فهم أيضا يستخدمون الكيماويات بشكل مفرط ودون وعي.

تحقيق : محمد توفيق أحمد كريزم  الكيماويات السم في الدسم !!!  * المواد الكيماوية السامة تهرب من المستوطنات إلى داخل أجسامنا!  * مزارعون:لا يمكن الإستغناء عن المواد الكيماوية في الزراعة!  * مواطنون: نتعرض لموت بطئ نتيجة السموم التي تملأ غذاءنا       ما من شك أن مشكلة الانفجار السكاني والتطور التكنولوجي، والمخاوف من نضوب الموارد الطبيعية جعل العالم يسعى جاهدا لتوفير كميات متنوعة وكافية من المواد الغذائية للأعداد المتزايدة من السكان، وفي سبيل ذلك تستعمل الكثير من المركبات الكيماوية التي ترش على الأرض مباشرة كمخصبات وأسمدة أو ترش على  الأشجار والمزروعات لحمايتها من الآفات الزراعية، وهذه المركبات بعضها قابل للتحلل مثل مركبات الفسفور العضوية والبعض الآخر غير قابل للتحلل ويبقى في التربة لفترات طويلة جدا متنقلا عبر السلاسل الغذائية، ومثال على ذلك مادة د.د.ت.   (الرأي) ارتأت تسليط الضوء على قضية هامة أصبحت مثار اهتمام الجميع، وهي استعمال المواد الكيماوية بشكل خاطى ومفرط في الزراعة، مما أدى إلى انتشار الأمراض الخطيرة في بلادنا، لا سيما محافظات غزة، حيث تكثر تجارة المواد الكيماوية في السوق السوداء التي يتم تهريبها من المستوطنات الإسرائيلية.  عندما تذهب إلى السوق من أجل شراء المواد الغذائية فإنك تجد أشكالا وأنواع متعددة من الفواكه والخضروات، فمثلا قد تعجبك فاكهة الخوخ من حيث الشكل الخارجي لكن لو أردت أن تتفحص حبة الخوخ من الداخل ستجد عدم تماسك محتوياتها وانفلاقها من العنق مع ازدياد لونها الأحمر، وبعد فتح الثمرة والاقتراب من النواة تجدها قد انفلقت ووجد بها عفن من الداخل مع تغير طعم الثمرة ذاتها نتيجة زيادة المحتوى المائي بها وقلة نسبة السكريات والسبب وراء ذلك استعمال المواد الكيماوية في تسريع نموها وتكبير حجمها وتلوين شكلها الخارجي.  هذا غيض من فيض، وذكرنا ذلك على سبيل المثال لا الحصر، وهنا نستطلع آراء بعض المواطنين حيث يقول المواطن محمود عيدة: إن طعم الفواكه الحقيقي الذي كنا نتلذذ به في الماضي قد اختفى، فأنا لم أجد أمامي سوى أشكال من الفواكه ليس لها أي قيمة غذائية نتيجة تزايد استعمال المواد الكيماوية في الزراعة.  أما المواطن أبو محمد فقال إن المواد الكيماوية الموجودة في الخضروات تذوب في الطبيخ كما لو أنها بهارات او ملح، ومن ثم نأكلها وكان شيئا لم يحدث وهذا أمر خطير.  كما تساءل المواطن فارس بركات عن جدوى الامتناع عن الأكل، بسبب وجود المواد الكيماوية في الخضروات والفواكه، قائلا لا أعتقد أن ذلك منطقية، فنحن بحاجة للطعام من أجل أن نعيش بغض النظر عن الأشياء الأخرى.  وعبرت المواطنة أم فؤاد عن استيائها الشديد نتيجة لذلك، وقالت إنه حتى النعناع والبقدونس والجرادة يتم رشها بالكيماويات، لذا اقول للمزارعين والتجار اتقوا الله فينا، لكنها أوضحت أنه على الرغم من علمها أن هذه الخضروات والفواكه مرشوشة بالكيماويات إلا أنها تتسوق بشكل كامل وتشترى من كافة الأصناف.  أما المواطن أبو محمود أوضح أن معظم الفواكه الطازجة تأتي من داخل الخط الأخضر وبالتالي تقع المسؤولية وتبعات استعمال المواد الكيماوية على المزارعين الإسرائيليين وليس على المزارعين الفلسطينيين، لكن هذا لا يعفي المزارعين الفلسطينيين من المسؤولية، فهم أيضا يستخدمون الكيماويات بشكل مفرط ودون وعي.      كبش فداء   بعض المواطنين ينحي باللائمة على المزارعين كونهم يستعملون المواد الكيماوية في الزراعة بشكل مفرط وزائد عن الحد المسموح به رغبة منهم في جني الأرباح، إلا أن المزارعين خلال حديثهم أكدوا أنهم ضحايا وهم بمثابة كبش فداء للآخرين.  المزارع محمود هاشم العطار من مشروع عامر أوضح أن المزارعين يستعملون المواد الكيماوية بشكل مفرط إما لجهلهم وعدم وعيهم وعدم إلمامهم بالآثار الجانبية للمادة الكيماوية التي يستخدمونها، وإما لتعويض خسائرهم المادية من خلال الإكثار من استعمال هرمونات النمو بهدف تسويق المنتوجات الزراعية إلى السوق المحلية باسرع وقت ممكن دون الاكتراث إلى الأضرار الصحية والبيئية، لا سيما في ظل عدم اهتمام وزارة الزراعة بشؤونهم وتجاهلها مطالبهم وضرب المزارع العطار مثالا على ذلك بان بعض المزارعين يستعملون صنفا كيماوية خطيرة يدعى (نمکور) وهذه المادة لها أضرار صحية على الإنسان إلا أنهم يستعملونه في مختلف مزروعاتهم مثل الخضروات الورقية والبندورة والبطاطا والباذنجان والفواكه.  واضاف العطار إن المزارعين يستعجلون قطف الثمار دون إعطاء فترة كافية حتى تزول بقايا الكيماويات عن الثمار، كل ذلك من أجل الربح السريع على حساب صحة الآخرين، مؤكدة | أنه شخصية طالب وزارة الزراعة بمنع استيراد | هذا الصنف من الكيماويات إلا أن تجار السوق السوداء يهربون المواد الكيماوية المحظورة والخطيرة من المستوطنات القريبة وبالذات صنف (النمكور) نظرا لتزايد طلب المزارعين عليه.  وطالب العطار بتشديد الرقابة على استخدام المواد الكيماوية في الزراعة، ومنع قطف الثمار والمنتوجات الزراعية المرشوشة بالكيماويات حديثة إلا بعد مرور الفترة المطلوبة، مشيرة إلى أنه يستخدم في الزراعة أصناف (الأمونياك - النترات – الأورباك)، وضرب على ذلك مثالا أنه في حال استعمال صنف ثيونكس لا يمكن قطف الثمار إلا بعد 16 يوما، وصنف النمكور لا يمكن قطف الثمار إلا بعد 90 يوما، علما أن بعض المزارعين لا ينتظرون سوى أيام بسيطة لا تتعدى أسبوعين، لكنه نوه إلى أن المزارعين في بعض نواحي يمكن التماس الأعذار لهم، باعتبار أنه ليس أمامهم سوى هذا الحل في ظل عدم اهتمام واكتراث مديرية الزراعة بأوضاعهم و أحوالهم، إضافة إلى تزاید انتشار الآفات والأمراض الزراعية  أما المزارع زكي رزق صبح من بيت لاهيا، فقال لابد من استعمال المواد الكيماوية حسب المطلوب ودون إفراط، موضحا أن المزارعين يستعملون المبيدات الحشرية للقضاء على الديدان الأرضية والحشرات الطائرة، وهرمونات النمو الكيماوية لتكبير وتجميل شكل الثمرة، حتى تكون جذابة للمستهلكين، مشيرا أنه يستخدم أصناف النترات والأمونياك في زراعته، ويقول أنه لا يستعمل بتاتا المواد الكيماوية المحظورة قانونية أو المحرمة دولية، لكن هناك مزارعين آخرين يستخدمونها، وهؤلاء يستغلون فرصة عدم وجود رقابة على المواد الكيماوية من حيث البيع والشراء، ووجود قنوات أو طرق غير شرعية لتهريب هذه السموم إلى المناطق الفلسطينية من المستوطنات.  وشدد صبح على ضرورة عودة المزارعين الاستخدام السماد العضوي بدلا من المواد الكيماوية باعتباره سمادة ناجعة ويمكن الاعتماد عليه في الزراعة، معبرا في الوقت ذاته عن استيائه لعدم قيام الجهات المعنية بالأمر بإرشاد المزارعين حول كيفية استعمال المواد الكيماوية والطرق المتبعة لذلك.  ويقول المزارع مجدي مصطفي غين أنه يلجا إلى استعمال المواد الكيماوية باعتبار أنه لا يوجد بديل آخر أمام المزارعين لكن المشكلة تكمن في أن بعض المزارعين يحاولون بقدر المستطاع تسويق منتجات زراعية ليست موسمها المعتاد من أجل الحصول على أسعار عالية. حيث العرض قليل والطلب كثير..  تجارة الكيماويات  يوجد اعتقاد سائد أن تجارة المواد الكيماوية في بلادنا لا تخضع للمراقبة والمتابعة، وليس أدل على ذلك سوى وجود المواد الكيماوية  الخطيرة جدا ذات السمية العالية في السوق، حيث يتم استخدامها في الزراعة بحرية مطلقة ودون مراقبة من أحد حسب ما جاء على لسان المزارعين لكن الضرورة هنا تستدعي مساءلة تجار المواد الكيماوية واستيضاح بعض الأمور منهم، حيث أوضح التاجر سهيل أبو حليمة صاحب أكبر شركة التجارة وتوزيع المواد الكيماوية في محافظات غزة، أن شركته ليس بإمكانها استيراد أي صنف من المواد الكيماوية إلا بعد إذن أو تصريح رسمي من قبل وزارة الزراعة، مشيرا إلى أن كل عبوة مكتوب عليها إرشادات وتوجيهات للمزارعين للتقيد بها وعدم القفز عنها.  وأوضح أبو حليمة أن تجارة الكيماويات المصرح بها تخضع للرقابة، لكن هذه الرقابة تتلاشى تدريجيا كلما اقتربنا من السوق السوداء حيث يتم تهريب المواد الكيماوية بطريقة غير شرعية من المستوطنات الإسرائيلية إلى محافظات غزة.  أبو حليمة: الزارعون يستخدمون العبوات دون قراءة الإرشادات عليها.  وأشار أبو حليمة إلى أن المزارعين الفلسطينيين يستخدمون المواد الكيماوية في الزراعة دون قراءة الإرشادات المكتوبة على العبوات، وبالتالي تحدث نتائج سلبية من شانها تهدید صحة المواطنين وتلويث البيئة نتيجة الاستعمال الخاطئ للمبيدات الكيماوية، منوها إلى أنه ليس مسؤولا عن ذلك فمهمته تنحصر في عملية البيع وليس المراقبة على المزارعين في المزارع والحقول. . ودحض أبو حليمة مزاعم دلت على أنه يبيع مواد كيماوية سامة غير مصرح بها من وزارة الزراعة أو غير صالحة للاستعمال الزراعي، وكرر اتهاماته بهذا الخصوص لبعض المزارعين الذين لا يكترثون للارشادات المكتوبة على العبوات والتي هي في الأساس آراء علمية صادرة عن خبراء في هذا المجال، كذلك نفي نفيا قاطعا أن تكون مخازن شركته تحوي مواد كيماوية مهربة من المستوطنات الإسرائيلية أو غير ذلك.  16 نوعا محرم استعمالها  وحسب دراسة علمية أعدها الباحث يونس عيسي أظهرت أن أخطار صحية عديدة تلحق ولحقت بالمزارعين الفلسطينيين جراء الاستخدام غير الصحي للمبيدات الحشرية وخاصة تلك المحرمة دولية والتي يستخدم منها 16 صنفا في الأراضي الفلسطينية.  وأشار الباحث عيسى أن هناك علاقة وثيقة بين استخدام المبيدات بكثير من الأمراض الخطيرة، خاصة سرطانات الدماغ عند الأطفال والرئة والثدي عند الإناث إضافة إلى سرطانات الدم والكبد وغيرها، وكذلك إلى أمراض الجهاز التنفسي والأمراض العصبية والأعراض الصحية الاعتيادية مثل الصداع والمغص المعوي والتسمم الغذائي. وتبين من خلال ما رصدته الدراسة أن 7.41 يعانون من أمراض جلدية و ۷۲٪ يعانون من صداع بشكل مستمر و ۳۹٪ يعانون من مشاكل في الجهاز التنفسي و43% يعانون من مشاكل في الذاكرة. وتوصلت الدراسة إلى أن المزارعين الفلسطينيين يستخدمون ما يقارب ۵۰۰ نوعا من المبيدات الحشرية بشكل متزايد ومبالغ فيه ومن ضمنها 16 نوع حرم استخدامها دولية، وهي لا زالت تروج في الأسواق الفلسطينية دون قيود.  عيسى: 16 نوعاً من المواد الكيماوية المحرمة دولياً يستعملها المزارعون.  ويتضح أن حوالي 66٪ من المزارعين لا يقومون بقراءة التعليمات الموجودة على العبوات قبل الاستخدام وأن ۷۲٪ منهم يتبعون ما يبلغهم به بائع هذه المبيدات وه۷٪ منهم لا يستخدمون الكمية المطلوبة أكثر من الكمية المطلوبة ظنا منهم بزيادة فاعليتها، وأن ۸۲٪ من المزارعين يقومون بتخزين فائض المبيدات في بيوتهم وأن ۷۲٪ منهم يقومون برمي العبوات الفارغة في الحقول والطرقات مما يسبب خطرا على الحيوانات والأطفال.  كذلك تبين أن المزارعين الفلسطينيين يفتقرون للوعي الكافي والدراية الملائمة حول الاستخدام الإيجابي والجيد لهذه المبيدات.  وبناء على ذلك خلص الباحث في دراسته إلى توصيات أهمها تزويد المزارعين ببرامج التوعية اللازمة والضرورية حول المبيدات وأضرارها والطرق الصحيحة والآمنة في استخدامها بالتعاون مع الجهات المعنية من وزارة الصحة والجامعات والمعاهد ومراكز الأبحاث والمؤسسات التي تعني بشؤون البيئة.  كذلك العمل على وقف استخدام المبيدات المحرمة أو المحظورة الاستخدام دولية من خلال تعريف المزارعين بها وطرح البدائل الفعالة التي هي أقل خطرة وضررة على صحة الإنسان والبيئة بالإضافة إلى الفحص المخبري الدوري المنتجات المزارعين للتأكد من خلوها من بقايا المبيدات.  الطريق إلى الأمراض السرطانية  ويرى الدكتور ناصر خضير مدير مختبر تحليل الأدوية في جامعة الأزهر أن المواد الكيميائية المستخدمة في الزراعة يمكن تقسيمها إلى مواد قادرة على تغيير نمو النبات وهي تحتوي على أملاح النترات والماغنيسيوم والكالسيوم ومواد تستخدم كمبيدات حشرية وفطرية وهي في الغالب تكون سامة لأن الهدف منها قتل الميكروب، مشيرة إلى أن الأضرار تتنوع حسب نوع المادة المستخدمة، وعلى سبيل المثال المواد الكيماوية التي يدخل فيها عنصر الألمنيوم وأملاح النيترات حيث تتحلل في التربة وتصل إلى المياه الجوفية على شكل نيتريت، وإذا وصلت إلى جسم الإنسان عن طريق مياه الشرب فإنها تتفاعل مع الأحماض الأمينية، وبالتالي يكون ذلك أحد مسببات إصابة الإنسان بالسرطان أما المبيدات الحشرية والعشبية هي مواد خطيرة جدا تسبب آلام المغص والإسهال مرورا بآلام | الرأس ونهاية بالأمراض السرطانية.  خضير : بقايا الكيماويات تتفاعل في جسم الإنسان بطريقة لا رجعية.  منوها أن بعض المواد الكيماوية تتفاعل بطريقة لا رجعية بمعنى أن متبقيات المواد الكيماوية تبقى في جسم الإنسان ولا تزول مطلقا وطالب خضير المعنيين بالأمر إلى استخدام المواد الكيماوية بشكل مناسب وحسب مواصفات الاستعمال المحددة مع الأخذ بعين الاعتبار التحذيرات الصحية، مشيرا إلى أن الأرض الزراعية إذا تركت دون معالجة كيمائية فستحدث كارثة، فهناك الكثير من الآفات الزراعية التي تتطلب علاج سريعا، حيث أن انتقال الأوبئة والأمراض ما بين النباتات أسرع مما كان عليه في الماضي نتيجة الكثافة السكانية والظروف البيئية والبيولوجية في وقتنا الحاضر وهي عوامل مساعدة لانتقال الآفات الزراعية داعية إلى توعية المزارعين وتثقيفهم  وتعريفهم بكل ما يحيط بالمواد الكيماوية ذلك أن المزارع الفلسطيني إنسان بسيط لا يعي مدي خطورة المواد الكيماوية التي يستخدمها في الزراعة.  خيارات وبدائل  ويرى المهندس الزراعي محمود البكري مدير اتحاد لجان العمل الزراعي في محافظات غزة أن الأمر لا يتعلق باستعمال مفرط للكيماويات في الزراعة بل الصحيح هو استعمال خاطى من جانب المزارعين، بمعنى أن بعض المزروعات أو النباتات يتم تطعيمها بمواد كيماوية ليست ملائمة من الناحية العلمية وهناك بعض المزارعين لا ينتظر حتى انتهاء مفعول المادة الكيماوية ويقومون بعملية القطف مبكرة فمثلا الملوخية عندما يتم زراعتها في فصل الشتاء فهي تحتاج مدة ۱۲۰ يومأ حتى تنضج، لكن المزارعين يستخدمون مادة النمكور الخطيرة من أجل تسريع نموها ويقطفونها بعد 45 يوما، مع الأخذ بعين الاعتبار أن مادة النمكور لم ينتهي مفعولها، كذلك يتم التعامل مع البطاطا والخيار والفلفل وجميع الخضروات بهذا الشكل.  البكري: إستعمال خاطئ للكيمياويات وليس إستعمال مفرط أو زائد.  وأوضح البكري أن اتحاد لجان العمل الزراعي يقوم بعدة برامج تدريبية وتاهيلية على هذا الصعيد، حيث يتم إعطاء محاضرات إرشادية وتوجيهية للمزارعين لتدريبهم بهدف استخدام طرق متعددة للقضاء على الآفات الزراعية والحشرات منها المكافحة المشتركة والحيوية والبيئية اضافة إلى المكافحة الكيماوية مبينا أن اختيار أي من الطرق الآنفة الذكر لمكافحة الحشرات إنما يعتمد على دورة حياة الحشرة وسلوكها والظروف الجوية المناسبة لتكاثرها وطريقة تكاثرها ومكان حياتها واختبائها، وتهدف هذه الطرق بشكل عام القضاء التام على صنف معين من الحشرات الضارة للإنسان والحيوان أو التقليل من أعدادها في البيئة بحيث تصبح غير مؤثرة في صحة الإنسان.  وأضاف البكري أن بعض المزارعين يضعون على رأس أولوياتهم جني الربح الكثير على حساب جني الثمار الصالحة للأكل، لذا فهم يخطئون عند استعمالهم المواد الكيماوية في الزراعة ظنا منهم أنهم سيحصلون على إنتاج وفير، لكن ما يحدث عكس ذلك، بحيث تكون نتائج سلبية في أحيان كثيرة.  وأكد البكري على ضرورة تحقيق الأمن الغذائي في فلسطين كما ونوعا بحيث لا يكون الإنتاج الزراعي وفيرة على حساب الجودة والنوعية الجيدة.  مشيرة إلى أن استخدام السماد العضوي في الزراعة يحقق كلا الأمرين مع مراعاة أن التربة | بحاجة إلى عناية، وهنا يمكن طرح خيار أو بديل آخر للمواد الكيماوية بالنسبة لتعقيم الأراضي الزراعية، وهذا البديل ليس مكلفة ويتمثل في إمكانية الاستفادة من الطاقة الشمسية من خلال  استعمال النايلون وفرش التربة به لمدة 45 يوما وبذلك يمكن تعقيم التربة والقضاء على الديدان والحشرات بهذه الطريقة حيث تكون التربة قد تحمصت بقدر كافي، تجعل بالإمكان التخلي عن المواد الكيماوية.  ونوه البكري إلى أن الزراعة قبل كل شيء تتمخض عن نتيجة التطور والتفاعل الاجتماعي والاقتصادي للمصادر الطبيعية ونتيجة تفاعل عدة عوامل معقدة ومتعددة، ومن أجل فهم طبيعتها والوقوف عليها يجب دراستها وفهم عناصرها الرئيسية بشكل مستفيض سواء عملية الزراعة ذاتها والبيئة المحيطة بها والنظام الاجتماعي، بهدف الوصول إلى إمكانية تحديد الخيارات البديلة أو المستديمة وجعله أمرا ممكنا مع الأخذ بعين الاعتبار أن الهدف الرئيسي لأي خيار هو تحرير النظام القائم من الاعتماد الكلي على الكيماويات في عملية الإنتاج الزراعي أو التحرر من مؤثرات السوق، وذلك من أجل جعل عوامل الطبيعة المختلفة أن تتفاعل فيما بينها في ظل النظام الزراعي بهدف تأمين خصوبة التربة والإنتاجية وحماية النبات من الآفات والأمراض مشيرا إلى أن زيادة الخسارة الاقتصادية في المحاصيل الزراعية الناتجة عن إصابتها بالآفات المختلفة بالرغم من الاستخدام المتزايد للمبيدات الكيماوية لمكافحة هذه الآفات لهو أكبر دليل على تفاقم الأزمة، وذلك لكون الأصناف الزراعية المحسنة التي يجري التداول بها والتي تم تهجينها لرفع انتاجيتها من خلال إحداث الخلل البيولوجي أو الطبيعي داخلها أصبحت حساسة جدا للآفة وفقدت آلية الدفاع الذاتي ضدها، هذا بالإضافة إلى أن النظام الزراعي الحديث واستخدام المبيدات الكيماوية بشكل مكثف أدى إلى إضعاف العدو الطبيعي أو حتى القضاء عليه ولم يصبح فعالا في ظل نظام الزراعية الأحادية الذي يتميز بها هذا النظام.  وخلاصة القول هناك سؤال يتردد على ألسنة الكثيرين من الناس وهو ألا يمكن الاستغناء عن المواد الكيماوية وغيرها من المواد السامة كلية؟ وبالتالي تجنب الأضرار الصحية والمخاطر البيئية؟  والجواب كما رأى العديد من المختصين ، أننا الو امتنعنا عن استخدام هذه المبيدات ولو لفترة قصيرة لأدى ذلك إلى انتشار الحشرات والآفات الضارة بصورة هائلة، لكن يمكن إيجاز اتجاهين متضادين في هذا الشأن الأول هو مطالبة المزارعين باستخدام المزيد من المبيدات المقاومة الآفات بجميع أنواعها والتي تصيب زراعتهم باضرار جسيمة وتسبب لهم خسائر مادية فادحة، والاتجاه الثاني مخالف له حيث يطالب القائمون بالحفاظ على البيئة والصحة العامة بالحد من استخدام المواد الكيماوية في الزراعة بكثرة وبشكل مفرط لأن ذلك يؤدي إلى الإخلال بالتوازن البيئي والبيولوجي.                   نشر في مجلة الرأي - العدد 44 - أكتوبر - 2001


كبش فداء

 بعض المواطنين ينحي باللائمة على المزارعين كونهم يستعملون المواد الكيماوية في الزراعة بشكل مفرط وزائد عن الحد المسموح به رغبة منهم في جني الأرباح، إلا أن المزارعين خلال حديثهم أكدوا أنهم ضحايا وهم بمثابة كبش فداء للآخرين.

المزارع محمود هاشم العطار من مشروع عامر أوضح أن المزارعين يستعملون المواد الكيماوية بشكل مفرط إما لجهلهم وعدم وعيهم وعدم إلمامهم بالآثار الجانبية للمادة الكيماوية التي يستخدمونها، وإما لتعويض خسائرهم المادية من خلال الإكثار من استعمال هرمونات النمو بهدف تسويق المنتوجات الزراعية إلى السوق المحلية باسرع وقت ممكن دون الاكتراث إلى الأضرار الصحية والبيئية، لا سيما في ظل عدم اهتمام وزارة الزراعة بشؤونهم وتجاهلها مطالبهم وضرب المزارع العطار مثالا على ذلك بان بعض المزارعين يستعملون صنفا كيماوية خطيرة يدعى (نمکور) وهذه المادة لها أضرار صحية على الإنسان إلا أنهم يستعملونه في مختلف مزروعاتهم مثل الخضروات الورقية والبندورة والبطاطا والباذنجان والفواكه.

واضاف العطار إن المزارعين يستعجلون قطف الثمار دون إعطاء فترة كافية حتى تزول بقايا الكيماويات عن الثمار، كل ذلك من أجل الربح السريع على حساب صحة الآخرين، مؤكدة | أنه شخصية طالب وزارة الزراعة بمنع استيراد | هذا الصنف من الكيماويات إلا أن تجار السوق السوداء يهربون المواد الكيماوية المحظورة والخطيرة من المستوطنات القريبة وبالذات صنف (النمكور) نظرا لتزايد طلب المزارعين عليه.

وطالب العطار بتشديد الرقابة على استخدام المواد الكيماوية في الزراعة، ومنع قطف الثمار والمنتوجات الزراعية المرشوشة بالكيماويات حديثة إلا بعد مرور الفترة المطلوبة، مشيرة إلى أنه يستخدم في الزراعة أصناف (الأمونياك - النترات – الأورباك)، وضرب على ذلك مثالا أنه في حال استعمال صنف ثيونكس لا يمكن قطف الثمار إلا بعد 16 يوما، وصنف النمكور لا يمكن قطف الثمار إلا بعد 90 يوما، علما أن بعض المزارعين لا ينتظرون سوى أيام بسيطة لا تتعدى أسبوعين، لكنه نوه إلى أن المزارعين في بعض نواحي يمكن التماس الأعذار لهم، باعتبار أنه ليس أمامهم سوى هذا الحل في ظل عدم اهتمام واكتراث مديرية الزراعة بأوضاعهم و أحوالهم، إضافة إلى تزاید انتشار الآفات والأمراض الزراعية

أما المزارع زكي رزق صبح من بيت لاهيا، فقال لابد من استعمال المواد الكيماوية حسب المطلوب ودون إفراط، موضحا أن المزارعين يستعملون المبيدات الحشرية للقضاء على الديدان الأرضية والحشرات الطائرة، وهرمونات النمو الكيماوية لتكبير وتجميل شكل الثمرة، حتى تكون جذابة للمستهلكين، مشيرا أنه يستخدم أصناف النترات والأمونياك في زراعته، ويقول أنه لا يستعمل بتاتا المواد الكيماوية المحظورة قانونية أو المحرمة دولية، لكن هناك مزارعين آخرين يستخدمونها، وهؤلاء يستغلون فرصة عدم وجود رقابة على المواد الكيماوية من حيث البيع والشراء، ووجود قنوات أو طرق غير شرعية لتهريب هذه السموم إلى المناطق الفلسطينية من المستوطنات.

وشدد صبح على ضرورة عودة المزارعين الاستخدام السماد العضوي بدلا من المواد الكيماوية باعتباره سمادة ناجعة ويمكن الاعتماد عليه في الزراعة، معبرا في الوقت ذاته عن استيائه لعدم قيام الجهات المعنية بالأمر بإرشاد المزارعين حول كيفية استعمال المواد الكيماوية والطرق المتبعة لذلك.

ويقول المزارع مجدي مصطفي غين أنه يلجا إلى استعمال المواد الكيماوية باعتبار أنه لا يوجد بديل آخر أمام المزارعين لكن المشكلة تكمن في أن بعض المزارعين يحاولون بقدر المستطاع تسويق منتجات زراعية ليست موسمها المعتاد من أجل الحصول على أسعار عالية. حيث العرض قليل والطلب كثير..

تجارة الكيماويات

يوجد اعتقاد سائد أن تجارة المواد الكيماوية في بلادنا لا تخضع للمراقبة والمتابعة، وليس أدل على ذلك سوى وجود المواد الكيماوية  الخطيرة جدا ذات السمية العالية في السوق، حيث يتم استخدامها في الزراعة بحرية مطلقة ودون مراقبة من أحد حسب ما جاء على لسان المزارعين لكن الضرورة هنا تستدعي مساءلة تجار المواد الكيماوية واستيضاح بعض الأمور منهم، حيث أوضح التاجر سهيل أبو حليمة صاحب أكبر شركة التجارة وتوزيع المواد الكيماوية في محافظات غزة، أن شركته ليس بإمكانها استيراد أي صنف من المواد الكيماوية إلا بعد إذن أو تصريح رسمي من قبل وزارة الزراعة، مشيرا إلى أن كل عبوة مكتوب عليها إرشادات وتوجيهات للمزارعين للتقيد بها وعدم القفز عنها.

وأوضح أبو حليمة أن تجارة الكيماويات المصرح بها تخضع للرقابة، لكن هذه الرقابة تتلاشى تدريجيا كلما اقتربنا من السوق السوداء حيث يتم تهريب المواد الكيماوية بطريقة غير شرعية من المستوطنات الإسرائيلية إلى محافظات غزة.

أبو حليمة: الزارعون يستخدمون العبوات دون قراءة الإرشادات عليها.

وأشار أبو حليمة إلى أن المزارعين الفلسطينيين يستخدمون المواد الكيماوية في الزراعة دون قراءة الإرشادات المكتوبة على العبوات، وبالتالي تحدث نتائج سلبية من شانها تهدید صحة المواطنين وتلويث البيئة نتيجة الاستعمال الخاطئ للمبيدات الكيماوية، منوها إلى أنه ليس مسؤولا عن ذلك فمهمته تنحصر في عملية البيع وليس المراقبة على المزارعين في المزارع والحقول. . ودحض أبو حليمة مزاعم دلت على أنه يبيع مواد كيماوية سامة غير مصرح بها من وزارة الزراعة أو غير صالحة للاستعمال الزراعي، وكرر اتهاماته بهذا الخصوص لبعض المزارعين الذين لا يكترثون للارشادات المكتوبة على العبوات والتي هي في الأساس آراء علمية صادرة عن خبراء في هذا المجال، كذلك نفي نفيا قاطعا أن تكون مخازن شركته تحوي مواد كيماوية مهربة من المستوطنات الإسرائيلية أو غير ذلك.

16 نوعا محرم استعمالها

وحسب دراسة علمية أعدها الباحث يونس عيسي أظهرت أن أخطار صحية عديدة تلحق ولحقت بالمزارعين الفلسطينيين جراء الاستخدام غير الصحي للمبيدات الحشرية وخاصة تلك المحرمة دولية والتي يستخدم منها 16 صنفا في الأراضي الفلسطينية.

وأشار الباحث عيسى أن هناك علاقة وثيقة بين استخدام المبيدات بكثير من الأمراض الخطيرة، خاصة سرطانات الدماغ عند الأطفال والرئة والثدي عند الإناث إضافة إلى سرطانات الدم والكبد وغيرها، وكذلك إلى أمراض الجهاز التنفسي والأمراض العصبية والأعراض الصحية الاعتيادية مثل الصداع والمغص المعوي والتسمم الغذائي. وتبين من خلال ما رصدته الدراسة أن 7.41 يعانون من أمراض جلدية و ۷۲٪ يعانون من صداع بشكل مستمر و ۳۹٪ يعانون من مشاكل في الجهاز التنفسي و43% يعانون من مشاكل في الذاكرة. وتوصلت الدراسة إلى أن المزارعين الفلسطينيين يستخدمون ما يقارب ۵۰۰ نوعا من المبيدات الحشرية بشكل متزايد ومبالغ فيه ومن ضمنها 16 نوع حرم استخدامها دولية، وهي لا زالت تروج في الأسواق الفلسطينية دون قيود.

عيسى: 16 نوعاً من المواد الكيماوية المحرمة دولياً يستعملها المزارعون.

ويتضح أن حوالي 66٪ من المزارعين لا يقومون بقراءة التعليمات الموجودة على العبوات قبل الاستخدام وأن ۷۲٪ منهم يتبعون ما يبلغهم به بائع هذه المبيدات وه۷٪ منهم لا يستخدمون الكمية المطلوبة أكثر من الكمية المطلوبة ظنا منهم بزيادة فاعليتها، وأن ۸۲٪ من المزارعين يقومون بتخزين فائض المبيدات في بيوتهم وأن ۷۲٪ منهم يقومون برمي العبوات الفارغة في الحقول والطرقات مما يسبب خطرا على الحيوانات والأطفال.

كذلك تبين أن المزارعين الفلسطينيين يفتقرون للوعي الكافي والدراية الملائمة حول الاستخدام الإيجابي والجيد لهذه المبيدات.

وبناء على ذلك خلص الباحث في دراسته إلى توصيات أهمها تزويد المزارعين ببرامج التوعية اللازمة والضرورية حول المبيدات وأضرارها والطرق الصحيحة والآمنة في استخدامها بالتعاون مع الجهات المعنية من وزارة الصحة والجامعات والمعاهد ومراكز الأبحاث والمؤسسات التي تعني بشؤون البيئة.

كذلك العمل على وقف استخدام المبيدات المحرمة أو المحظورة الاستخدام دولية من خلال تعريف المزارعين بها وطرح البدائل الفعالة التي هي أقل خطرة وضررة على صحة الإنسان والبيئة بالإضافة إلى الفحص المخبري الدوري المنتجات المزارعين للتأكد من خلوها من بقايا المبيدات.

الطريق إلى الأمراض السرطانية

ويرى الدكتور ناصر خضير مدير مختبر تحليل الأدوية في جامعة الأزهر أن المواد الكيميائية المستخدمة في الزراعة يمكن تقسيمها إلى مواد قادرة على تغيير نمو النبات وهي تحتوي على أملاح النترات والماغنيسيوم والكالسيوم ومواد تستخدم كمبيدات حشرية وفطرية وهي في الغالب تكون سامة لأن الهدف منها قتل الميكروب، مشيرة إلى أن الأضرار تتنوع حسب نوع المادة المستخدمة، وعلى سبيل المثال المواد الكيماوية التي يدخل فيها عنصر الألمنيوم وأملاح النيترات حيث تتحلل في التربة وتصل إلى المياه الجوفية على شكل نيتريت، وإذا وصلت إلى جسم الإنسان عن طريق مياه الشرب فإنها تتفاعل مع الأحماض الأمينية، وبالتالي يكون ذلك أحد مسببات إصابة الإنسان بالسرطان أما المبيدات الحشرية والعشبية هي مواد خطيرة جدا تسبب آلام المغص والإسهال مرورا بآلام | الرأس ونهاية بالأمراض السرطانية.

خضير : بقايا الكيماويات تتفاعل في جسم الإنسان بطريقة لا رجعية.

منوها أن بعض المواد الكيماوية تتفاعل بطريقة لا رجعية بمعنى أن متبقيات المواد الكيماوية تبقى في جسم الإنسان ولا تزول مطلقا وطالب خضير المعنيين بالأمر إلى استخدام المواد الكيماوية بشكل مناسب وحسب مواصفات الاستعمال المحددة مع الأخذ بعين الاعتبار التحذيرات الصحية، مشيرا إلى أن الأرض الزراعية إذا تركت دون معالجة كيمائية فستحدث كارثة، فهناك الكثير من الآفات الزراعية التي تتطلب علاج سريعا، حيث أن انتقال الأوبئة والأمراض ما بين النباتات أسرع مما كان عليه في الماضي نتيجة الكثافة السكانية والظروف البيئية والبيولوجية في وقتنا الحاضر وهي عوامل مساعدة لانتقال الآفات الزراعية داعية إلى توعية المزارعين وتثقيفهم

وتعريفهم بكل ما يحيط بالمواد الكيماوية ذلك أن المزارع الفلسطيني إنسان بسيط لا يعي مدي خطورة المواد الكيماوية التي يستخدمها في الزراعة.

خيارات وبدائل

ويرى المهندس الزراعي محمود البكري مدير اتحاد لجان العمل الزراعي في محافظات غزة أن الأمر لا يتعلق باستعمال مفرط للكيماويات في الزراعة بل الصحيح هو استعمال خاطى من جانب المزارعين، بمعنى أن بعض المزروعات أو النباتات يتم تطعيمها بمواد كيماوية ليست ملائمة من الناحية العلمية وهناك بعض المزارعين لا ينتظر حتى انتهاء مفعول المادة الكيماوية ويقومون بعملية القطف مبكرة فمثلا الملوخية عندما يتم زراعتها في فصل الشتاء فهي تحتاج مدة ۱۲۰ يومأ حتى تنضج، لكن المزارعين يستخدمون مادة النمكور الخطيرة من أجل تسريع نموها ويقطفونها بعد 45 يوما، مع الأخذ بعين الاعتبار أن مادة النمكور لم ينتهي مفعولها، كذلك يتم التعامل مع البطاطا والخيار والفلفل وجميع الخضروات بهذا الشكل.

البكري: إستعمال خاطئ للكيمياويات وليس إستعمال مفرط أو زائد.

وأوضح البكري أن اتحاد لجان العمل الزراعي يقوم بعدة برامج تدريبية وتاهيلية على هذا الصعيد، حيث يتم إعطاء محاضرات إرشادية وتوجيهية للمزارعين لتدريبهم بهدف استخدام طرق متعددة للقضاء على الآفات الزراعية والحشرات منها المكافحة المشتركة والحيوية والبيئية اضافة إلى المكافحة الكيماوية مبينا أن اختيار أي من الطرق الآنفة الذكر لمكافحة الحشرات إنما يعتمد على دورة حياة الحشرة وسلوكها والظروف الجوية المناسبة لتكاثرها وطريقة تكاثرها ومكان حياتها واختبائها، وتهدف هذه الطرق بشكل عام القضاء التام على صنف معين من الحشرات الضارة للإنسان والحيوان أو التقليل من أعدادها في البيئة بحيث تصبح غير مؤثرة في صحة الإنسان.

وأضاف البكري أن بعض المزارعين يضعون على رأس أولوياتهم جني الربح الكثير على حساب جني الثمار الصالحة للأكل، لذا فهم يخطئون عند استعمالهم المواد الكيماوية في الزراعة ظنا منهم أنهم سيحصلون على إنتاج وفير، لكن ما يحدث عكس ذلك، بحيث تكون نتائج سلبية في أحيان كثيرة.

وأكد البكري على ضرورة تحقيق الأمن الغذائي في فلسطين كما ونوعا بحيث لا يكون الإنتاج الزراعي وفيرة على حساب الجودة والنوعية الجيدة.

مشيرة إلى أن استخدام السماد العضوي في الزراعة يحقق كلا الأمرين مع مراعاة أن التربة | بحاجة إلى عناية، وهنا يمكن طرح خيار أو بديل آخر للمواد الكيماوية بالنسبة لتعقيم الأراضي الزراعية، وهذا البديل ليس مكلفة ويتمثل في إمكانية الاستفادة من الطاقة الشمسية من خلال

استعمال النايلون وفرش التربة به لمدة 45 يوما وبذلك يمكن تعقيم التربة والقضاء على الديدان والحشرات بهذه الطريقة حيث تكون التربة قد تحمصت بقدر كافي، تجعل بالإمكان التخلي عن المواد الكيماوية.

ونوه البكري إلى أن الزراعة قبل كل شيء تتمخض عن نتيجة التطور والتفاعل الاجتماعي والاقتصادي للمصادر الطبيعية ونتيجة تفاعل عدة عوامل معقدة ومتعددة، ومن أجل فهم طبيعتها والوقوف عليها يجب دراستها وفهم عناصرها الرئيسية بشكل مستفيض سواء عملية الزراعة ذاتها والبيئة المحيطة بها والنظام الاجتماعي، بهدف الوصول إلى إمكانية تحديد الخيارات البديلة أو المستديمة وجعله أمرا ممكنا مع الأخذ بعين الاعتبار أن الهدف الرئيسي لأي خيار هو تحرير النظام القائم من الاعتماد الكلي على الكيماويات في عملية الإنتاج الزراعي أو التحرر من مؤثرات السوق، وذلك من أجل جعل عوامل الطبيعة المختلفة أن تتفاعل فيما بينها في ظل النظام الزراعي بهدف تأمين خصوبة التربة والإنتاجية وحماية النبات من الآفات والأمراض مشيرا إلى أن زيادة الخسارة الاقتصادية في المحاصيل الزراعية الناتجة عن إصابتها بالآفات المختلفة بالرغم من الاستخدام المتزايد للمبيدات الكيماوية لمكافحة هذه الآفات لهو أكبر دليل على تفاقم الأزمة، وذلك لكون الأصناف الزراعية المحسنة التي يجري التداول بها والتي تم تهجينها لرفع انتاجيتها من خلال إحداث الخلل البيولوجي أو الطبيعي داخلها أصبحت حساسة جدا للآفة وفقدت آلية الدفاع الذاتي ضدها، هذا بالإضافة إلى أن النظام الزراعي الحديث واستخدام المبيدات الكيماوية بشكل مكثف أدى إلى إضعاف العدو الطبيعي أو حتى القضاء عليه ولم يصبح فعالا في ظل نظام الزراعية الأحادية الذي يتميز بها هذا النظام.

وخلاصة القول هناك سؤال يتردد على ألسنة الكثيرين من الناس وهو ألا يمكن الاستغناء عن المواد الكيماوية وغيرها من المواد السامة كلية؟ وبالتالي تجنب الأضرار الصحية والمخاطر البيئية؟

والجواب كما رأى العديد من المختصين ، أننا الو امتنعنا عن استخدام هذه المبيدات ولو لفترة قصيرة لأدى ذلك إلى انتشار الحشرات والآفات الضارة بصورة هائلة، لكن يمكن إيجاز اتجاهين متضادين في هذا الشأن الأول هو مطالبة المزارعين باستخدام المزيد من المبيدات المقاومة الآفات بجميع أنواعها والتي تصيب زراعتهم باضرار جسيمة وتسبب لهم خسائر مادية فادحة، والاتجاه الثاني مخالف له حيث يطالب القائمون بالحفاظ على البيئة والصحة العامة بالحد من استخدام المواد الكيماوية في الزراعة بكثرة وبشكل مفرط لأن ذلك يؤدي إلى الإخلال بالتوازن البيئي والبيولوجي.


تحقيق : محمد توفيق أحمد كريزم  الكيماويات السم في الدسم !!!  * المواد الكيماوية السامة تهرب من المستوطنات إلى داخل أجسامنا!  * مزارعون:لا يمكن الإستغناء عن المواد الكيماوية في الزراعة!  * مواطنون: نتعرض لموت بطئ نتيجة السموم التي تملأ غذاءنا       ما من شك أن مشكلة الانفجار السكاني والتطور التكنولوجي، والمخاوف من نضوب الموارد الطبيعية جعل العالم يسعى جاهدا لتوفير كميات متنوعة وكافية من المواد الغذائية للأعداد المتزايدة من السكان، وفي سبيل ذلك تستعمل الكثير من المركبات الكيماوية التي ترش على الأرض مباشرة كمخصبات وأسمدة أو ترش على  الأشجار والمزروعات لحمايتها من الآفات الزراعية، وهذه المركبات بعضها قابل للتحلل مثل مركبات الفسفور العضوية والبعض الآخر غير قابل للتحلل ويبقى في التربة لفترات طويلة جدا متنقلا عبر السلاسل الغذائية، ومثال على ذلك مادة د.د.ت.   (الرأي) ارتأت تسليط الضوء على قضية هامة أصبحت مثار اهتمام الجميع، وهي استعمال المواد الكيماوية بشكل خاطى ومفرط في الزراعة، مما أدى إلى انتشار الأمراض الخطيرة في بلادنا، لا سيما محافظات غزة، حيث تكثر تجارة المواد الكيماوية في السوق السوداء التي يتم تهريبها من المستوطنات الإسرائيلية.  عندما تذهب إلى السوق من أجل شراء المواد الغذائية فإنك تجد أشكالا وأنواع متعددة من الفواكه والخضروات، فمثلا قد تعجبك فاكهة الخوخ من حيث الشكل الخارجي لكن لو أردت أن تتفحص حبة الخوخ من الداخل ستجد عدم تماسك محتوياتها وانفلاقها من العنق مع ازدياد لونها الأحمر، وبعد فتح الثمرة والاقتراب من النواة تجدها قد انفلقت ووجد بها عفن من الداخل مع تغير طعم الثمرة ذاتها نتيجة زيادة المحتوى المائي بها وقلة نسبة السكريات والسبب وراء ذلك استعمال المواد الكيماوية في تسريع نموها وتكبير حجمها وتلوين شكلها الخارجي.  هذا غيض من فيض، وذكرنا ذلك على سبيل المثال لا الحصر، وهنا نستطلع آراء بعض المواطنين حيث يقول المواطن محمود عيدة: إن طعم الفواكه الحقيقي الذي كنا نتلذذ به في الماضي قد اختفى، فأنا لم أجد أمامي سوى أشكال من الفواكه ليس لها أي قيمة غذائية نتيجة تزايد استعمال المواد الكيماوية في الزراعة.  أما المواطن أبو محمد فقال إن المواد الكيماوية الموجودة في الخضروات تذوب في الطبيخ كما لو أنها بهارات او ملح، ومن ثم نأكلها وكان شيئا لم يحدث وهذا أمر خطير.  كما تساءل المواطن فارس بركات عن جدوى الامتناع عن الأكل، بسبب وجود المواد الكيماوية في الخضروات والفواكه، قائلا لا أعتقد أن ذلك منطقية، فنحن بحاجة للطعام من أجل أن نعيش بغض النظر عن الأشياء الأخرى.  وعبرت المواطنة أم فؤاد عن استيائها الشديد نتيجة لذلك، وقالت إنه حتى النعناع والبقدونس والجرادة يتم رشها بالكيماويات، لذا اقول للمزارعين والتجار اتقوا الله فينا، لكنها أوضحت أنه على الرغم من علمها أن هذه الخضروات والفواكه مرشوشة بالكيماويات إلا أنها تتسوق بشكل كامل وتشترى من كافة الأصناف.  أما المواطن أبو محمود أوضح أن معظم الفواكه الطازجة تأتي من داخل الخط الأخضر وبالتالي تقع المسؤولية وتبعات استعمال المواد الكيماوية على المزارعين الإسرائيليين وليس على المزارعين الفلسطينيين، لكن هذا لا يعفي المزارعين الفلسطينيين من المسؤولية، فهم أيضا يستخدمون الكيماويات بشكل مفرط ودون وعي.      كبش فداء   بعض المواطنين ينحي باللائمة على المزارعين كونهم يستعملون المواد الكيماوية في الزراعة بشكل مفرط وزائد عن الحد المسموح به رغبة منهم في جني الأرباح، إلا أن المزارعين خلال حديثهم أكدوا أنهم ضحايا وهم بمثابة كبش فداء للآخرين.  المزارع محمود هاشم العطار من مشروع عامر أوضح أن المزارعين يستعملون المواد الكيماوية بشكل مفرط إما لجهلهم وعدم وعيهم وعدم إلمامهم بالآثار الجانبية للمادة الكيماوية التي يستخدمونها، وإما لتعويض خسائرهم المادية من خلال الإكثار من استعمال هرمونات النمو بهدف تسويق المنتوجات الزراعية إلى السوق المحلية باسرع وقت ممكن دون الاكتراث إلى الأضرار الصحية والبيئية، لا سيما في ظل عدم اهتمام وزارة الزراعة بشؤونهم وتجاهلها مطالبهم وضرب المزارع العطار مثالا على ذلك بان بعض المزارعين يستعملون صنفا كيماوية خطيرة يدعى (نمکور) وهذه المادة لها أضرار صحية على الإنسان إلا أنهم يستعملونه في مختلف مزروعاتهم مثل الخضروات الورقية والبندورة والبطاطا والباذنجان والفواكه.  واضاف العطار إن المزارعين يستعجلون قطف الثمار دون إعطاء فترة كافية حتى تزول بقايا الكيماويات عن الثمار، كل ذلك من أجل الربح السريع على حساب صحة الآخرين، مؤكدة | أنه شخصية طالب وزارة الزراعة بمنع استيراد | هذا الصنف من الكيماويات إلا أن تجار السوق السوداء يهربون المواد الكيماوية المحظورة والخطيرة من المستوطنات القريبة وبالذات صنف (النمكور) نظرا لتزايد طلب المزارعين عليه.  وطالب العطار بتشديد الرقابة على استخدام المواد الكيماوية في الزراعة، ومنع قطف الثمار والمنتوجات الزراعية المرشوشة بالكيماويات حديثة إلا بعد مرور الفترة المطلوبة، مشيرة إلى أنه يستخدم في الزراعة أصناف (الأمونياك - النترات – الأورباك)، وضرب على ذلك مثالا أنه في حال استعمال صنف ثيونكس لا يمكن قطف الثمار إلا بعد 16 يوما، وصنف النمكور لا يمكن قطف الثمار إلا بعد 90 يوما، علما أن بعض المزارعين لا ينتظرون سوى أيام بسيطة لا تتعدى أسبوعين، لكنه نوه إلى أن المزارعين في بعض نواحي يمكن التماس الأعذار لهم، باعتبار أنه ليس أمامهم سوى هذا الحل في ظل عدم اهتمام واكتراث مديرية الزراعة بأوضاعهم و أحوالهم، إضافة إلى تزاید انتشار الآفات والأمراض الزراعية  أما المزارع زكي رزق صبح من بيت لاهيا، فقال لابد من استعمال المواد الكيماوية حسب المطلوب ودون إفراط، موضحا أن المزارعين يستعملون المبيدات الحشرية للقضاء على الديدان الأرضية والحشرات الطائرة، وهرمونات النمو الكيماوية لتكبير وتجميل شكل الثمرة، حتى تكون جذابة للمستهلكين، مشيرا أنه يستخدم أصناف النترات والأمونياك في زراعته، ويقول أنه لا يستعمل بتاتا المواد الكيماوية المحظورة قانونية أو المحرمة دولية، لكن هناك مزارعين آخرين يستخدمونها، وهؤلاء يستغلون فرصة عدم وجود رقابة على المواد الكيماوية من حيث البيع والشراء، ووجود قنوات أو طرق غير شرعية لتهريب هذه السموم إلى المناطق الفلسطينية من المستوطنات.  وشدد صبح على ضرورة عودة المزارعين الاستخدام السماد العضوي بدلا من المواد الكيماوية باعتباره سمادة ناجعة ويمكن الاعتماد عليه في الزراعة، معبرا في الوقت ذاته عن استيائه لعدم قيام الجهات المعنية بالأمر بإرشاد المزارعين حول كيفية استعمال المواد الكيماوية والطرق المتبعة لذلك.  ويقول المزارع مجدي مصطفي غين أنه يلجا إلى استعمال المواد الكيماوية باعتبار أنه لا يوجد بديل آخر أمام المزارعين لكن المشكلة تكمن في أن بعض المزارعين يحاولون بقدر المستطاع تسويق منتجات زراعية ليست موسمها المعتاد من أجل الحصول على أسعار عالية. حيث العرض قليل والطلب كثير..  تجارة الكيماويات  يوجد اعتقاد سائد أن تجارة المواد الكيماوية في بلادنا لا تخضع للمراقبة والمتابعة، وليس أدل على ذلك سوى وجود المواد الكيماوية  الخطيرة جدا ذات السمية العالية في السوق، حيث يتم استخدامها في الزراعة بحرية مطلقة ودون مراقبة من أحد حسب ما جاء على لسان المزارعين لكن الضرورة هنا تستدعي مساءلة تجار المواد الكيماوية واستيضاح بعض الأمور منهم، حيث أوضح التاجر سهيل أبو حليمة صاحب أكبر شركة التجارة وتوزيع المواد الكيماوية في محافظات غزة، أن شركته ليس بإمكانها استيراد أي صنف من المواد الكيماوية إلا بعد إذن أو تصريح رسمي من قبل وزارة الزراعة، مشيرا إلى أن كل عبوة مكتوب عليها إرشادات وتوجيهات للمزارعين للتقيد بها وعدم القفز عنها.  وأوضح أبو حليمة أن تجارة الكيماويات المصرح بها تخضع للرقابة، لكن هذه الرقابة تتلاشى تدريجيا كلما اقتربنا من السوق السوداء حيث يتم تهريب المواد الكيماوية بطريقة غير شرعية من المستوطنات الإسرائيلية إلى محافظات غزة.  أبو حليمة: الزارعون يستخدمون العبوات دون قراءة الإرشادات عليها.  وأشار أبو حليمة إلى أن المزارعين الفلسطينيين يستخدمون المواد الكيماوية في الزراعة دون قراءة الإرشادات المكتوبة على العبوات، وبالتالي تحدث نتائج سلبية من شانها تهدید صحة المواطنين وتلويث البيئة نتيجة الاستعمال الخاطئ للمبيدات الكيماوية، منوها إلى أنه ليس مسؤولا عن ذلك فمهمته تنحصر في عملية البيع وليس المراقبة على المزارعين في المزارع والحقول. . ودحض أبو حليمة مزاعم دلت على أنه يبيع مواد كيماوية سامة غير مصرح بها من وزارة الزراعة أو غير صالحة للاستعمال الزراعي، وكرر اتهاماته بهذا الخصوص لبعض المزارعين الذين لا يكترثون للارشادات المكتوبة على العبوات والتي هي في الأساس آراء علمية صادرة عن خبراء في هذا المجال، كذلك نفي نفيا قاطعا أن تكون مخازن شركته تحوي مواد كيماوية مهربة من المستوطنات الإسرائيلية أو غير ذلك.  16 نوعا محرم استعمالها  وحسب دراسة علمية أعدها الباحث يونس عيسي أظهرت أن أخطار صحية عديدة تلحق ولحقت بالمزارعين الفلسطينيين جراء الاستخدام غير الصحي للمبيدات الحشرية وخاصة تلك المحرمة دولية والتي يستخدم منها 16 صنفا في الأراضي الفلسطينية.  وأشار الباحث عيسى أن هناك علاقة وثيقة بين استخدام المبيدات بكثير من الأمراض الخطيرة، خاصة سرطانات الدماغ عند الأطفال والرئة والثدي عند الإناث إضافة إلى سرطانات الدم والكبد وغيرها، وكذلك إلى أمراض الجهاز التنفسي والأمراض العصبية والأعراض الصحية الاعتيادية مثل الصداع والمغص المعوي والتسمم الغذائي. وتبين من خلال ما رصدته الدراسة أن 7.41 يعانون من أمراض جلدية و ۷۲٪ يعانون من صداع بشكل مستمر و ۳۹٪ يعانون من مشاكل في الجهاز التنفسي و43% يعانون من مشاكل في الذاكرة. وتوصلت الدراسة إلى أن المزارعين الفلسطينيين يستخدمون ما يقارب ۵۰۰ نوعا من المبيدات الحشرية بشكل متزايد ومبالغ فيه ومن ضمنها 16 نوع حرم استخدامها دولية، وهي لا زالت تروج في الأسواق الفلسطينية دون قيود.  عيسى: 16 نوعاً من المواد الكيماوية المحرمة دولياً يستعملها المزارعون.  ويتضح أن حوالي 66٪ من المزارعين لا يقومون بقراءة التعليمات الموجودة على العبوات قبل الاستخدام وأن ۷۲٪ منهم يتبعون ما يبلغهم به بائع هذه المبيدات وه۷٪ منهم لا يستخدمون الكمية المطلوبة أكثر من الكمية المطلوبة ظنا منهم بزيادة فاعليتها، وأن ۸۲٪ من المزارعين يقومون بتخزين فائض المبيدات في بيوتهم وأن ۷۲٪ منهم يقومون برمي العبوات الفارغة في الحقول والطرقات مما يسبب خطرا على الحيوانات والأطفال.  كذلك تبين أن المزارعين الفلسطينيين يفتقرون للوعي الكافي والدراية الملائمة حول الاستخدام الإيجابي والجيد لهذه المبيدات.  وبناء على ذلك خلص الباحث في دراسته إلى توصيات أهمها تزويد المزارعين ببرامج التوعية اللازمة والضرورية حول المبيدات وأضرارها والطرق الصحيحة والآمنة في استخدامها بالتعاون مع الجهات المعنية من وزارة الصحة والجامعات والمعاهد ومراكز الأبحاث والمؤسسات التي تعني بشؤون البيئة.  كذلك العمل على وقف استخدام المبيدات المحرمة أو المحظورة الاستخدام دولية من خلال تعريف المزارعين بها وطرح البدائل الفعالة التي هي أقل خطرة وضررة على صحة الإنسان والبيئة بالإضافة إلى الفحص المخبري الدوري المنتجات المزارعين للتأكد من خلوها من بقايا المبيدات.  الطريق إلى الأمراض السرطانية  ويرى الدكتور ناصر خضير مدير مختبر تحليل الأدوية في جامعة الأزهر أن المواد الكيميائية المستخدمة في الزراعة يمكن تقسيمها إلى مواد قادرة على تغيير نمو النبات وهي تحتوي على أملاح النترات والماغنيسيوم والكالسيوم ومواد تستخدم كمبيدات حشرية وفطرية وهي في الغالب تكون سامة لأن الهدف منها قتل الميكروب، مشيرة إلى أن الأضرار تتنوع حسب نوع المادة المستخدمة، وعلى سبيل المثال المواد الكيماوية التي يدخل فيها عنصر الألمنيوم وأملاح النيترات حيث تتحلل في التربة وتصل إلى المياه الجوفية على شكل نيتريت، وإذا وصلت إلى جسم الإنسان عن طريق مياه الشرب فإنها تتفاعل مع الأحماض الأمينية، وبالتالي يكون ذلك أحد مسببات إصابة الإنسان بالسرطان أما المبيدات الحشرية والعشبية هي مواد خطيرة جدا تسبب آلام المغص والإسهال مرورا بآلام | الرأس ونهاية بالأمراض السرطانية.  خضير : بقايا الكيماويات تتفاعل في جسم الإنسان بطريقة لا رجعية.  منوها أن بعض المواد الكيماوية تتفاعل بطريقة لا رجعية بمعنى أن متبقيات المواد الكيماوية تبقى في جسم الإنسان ولا تزول مطلقا وطالب خضير المعنيين بالأمر إلى استخدام المواد الكيماوية بشكل مناسب وحسب مواصفات الاستعمال المحددة مع الأخذ بعين الاعتبار التحذيرات الصحية، مشيرا إلى أن الأرض الزراعية إذا تركت دون معالجة كيمائية فستحدث كارثة، فهناك الكثير من الآفات الزراعية التي تتطلب علاج سريعا، حيث أن انتقال الأوبئة والأمراض ما بين النباتات أسرع مما كان عليه في الماضي نتيجة الكثافة السكانية والظروف البيئية والبيولوجية في وقتنا الحاضر وهي عوامل مساعدة لانتقال الآفات الزراعية داعية إلى توعية المزارعين وتثقيفهم  وتعريفهم بكل ما يحيط بالمواد الكيماوية ذلك أن المزارع الفلسطيني إنسان بسيط لا يعي مدي خطورة المواد الكيماوية التي يستخدمها في الزراعة.  خيارات وبدائل  ويرى المهندس الزراعي محمود البكري مدير اتحاد لجان العمل الزراعي في محافظات غزة أن الأمر لا يتعلق باستعمال مفرط للكيماويات في الزراعة بل الصحيح هو استعمال خاطى من جانب المزارعين، بمعنى أن بعض المزروعات أو النباتات يتم تطعيمها بمواد كيماوية ليست ملائمة من الناحية العلمية وهناك بعض المزارعين لا ينتظر حتى انتهاء مفعول المادة الكيماوية ويقومون بعملية القطف مبكرة فمثلا الملوخية عندما يتم زراعتها في فصل الشتاء فهي تحتاج مدة ۱۲۰ يومأ حتى تنضج، لكن المزارعين يستخدمون مادة النمكور الخطيرة من أجل تسريع نموها ويقطفونها بعد 45 يوما، مع الأخذ بعين الاعتبار أن مادة النمكور لم ينتهي مفعولها، كذلك يتم التعامل مع البطاطا والخيار والفلفل وجميع الخضروات بهذا الشكل.  البكري: إستعمال خاطئ للكيمياويات وليس إستعمال مفرط أو زائد.  وأوضح البكري أن اتحاد لجان العمل الزراعي يقوم بعدة برامج تدريبية وتاهيلية على هذا الصعيد، حيث يتم إعطاء محاضرات إرشادية وتوجيهية للمزارعين لتدريبهم بهدف استخدام طرق متعددة للقضاء على الآفات الزراعية والحشرات منها المكافحة المشتركة والحيوية والبيئية اضافة إلى المكافحة الكيماوية مبينا أن اختيار أي من الطرق الآنفة الذكر لمكافحة الحشرات إنما يعتمد على دورة حياة الحشرة وسلوكها والظروف الجوية المناسبة لتكاثرها وطريقة تكاثرها ومكان حياتها واختبائها، وتهدف هذه الطرق بشكل عام القضاء التام على صنف معين من الحشرات الضارة للإنسان والحيوان أو التقليل من أعدادها في البيئة بحيث تصبح غير مؤثرة في صحة الإنسان.  وأضاف البكري أن بعض المزارعين يضعون على رأس أولوياتهم جني الربح الكثير على حساب جني الثمار الصالحة للأكل، لذا فهم يخطئون عند استعمالهم المواد الكيماوية في الزراعة ظنا منهم أنهم سيحصلون على إنتاج وفير، لكن ما يحدث عكس ذلك، بحيث تكون نتائج سلبية في أحيان كثيرة.  وأكد البكري على ضرورة تحقيق الأمن الغذائي في فلسطين كما ونوعا بحيث لا يكون الإنتاج الزراعي وفيرة على حساب الجودة والنوعية الجيدة.  مشيرة إلى أن استخدام السماد العضوي في الزراعة يحقق كلا الأمرين مع مراعاة أن التربة | بحاجة إلى عناية، وهنا يمكن طرح خيار أو بديل آخر للمواد الكيماوية بالنسبة لتعقيم الأراضي الزراعية، وهذا البديل ليس مكلفة ويتمثل في إمكانية الاستفادة من الطاقة الشمسية من خلال  استعمال النايلون وفرش التربة به لمدة 45 يوما وبذلك يمكن تعقيم التربة والقضاء على الديدان والحشرات بهذه الطريقة حيث تكون التربة قد تحمصت بقدر كافي، تجعل بالإمكان التخلي عن المواد الكيماوية.  ونوه البكري إلى أن الزراعة قبل كل شيء تتمخض عن نتيجة التطور والتفاعل الاجتماعي والاقتصادي للمصادر الطبيعية ونتيجة تفاعل عدة عوامل معقدة ومتعددة، ومن أجل فهم طبيعتها والوقوف عليها يجب دراستها وفهم عناصرها الرئيسية بشكل مستفيض سواء عملية الزراعة ذاتها والبيئة المحيطة بها والنظام الاجتماعي، بهدف الوصول إلى إمكانية تحديد الخيارات البديلة أو المستديمة وجعله أمرا ممكنا مع الأخذ بعين الاعتبار أن الهدف الرئيسي لأي خيار هو تحرير النظام القائم من الاعتماد الكلي على الكيماويات في عملية الإنتاج الزراعي أو التحرر من مؤثرات السوق، وذلك من أجل جعل عوامل الطبيعة المختلفة أن تتفاعل فيما بينها في ظل النظام الزراعي بهدف تأمين خصوبة التربة والإنتاجية وحماية النبات من الآفات والأمراض مشيرا إلى أن زيادة الخسارة الاقتصادية في المحاصيل الزراعية الناتجة عن إصابتها بالآفات المختلفة بالرغم من الاستخدام المتزايد للمبيدات الكيماوية لمكافحة هذه الآفات لهو أكبر دليل على تفاقم الأزمة، وذلك لكون الأصناف الزراعية المحسنة التي يجري التداول بها والتي تم تهجينها لرفع انتاجيتها من خلال إحداث الخلل البيولوجي أو الطبيعي داخلها أصبحت حساسة جدا للآفة وفقدت آلية الدفاع الذاتي ضدها، هذا بالإضافة إلى أن النظام الزراعي الحديث واستخدام المبيدات الكيماوية بشكل مكثف أدى إلى إضعاف العدو الطبيعي أو حتى القضاء عليه ولم يصبح فعالا في ظل نظام الزراعية الأحادية الذي يتميز بها هذا النظام.  وخلاصة القول هناك سؤال يتردد على ألسنة الكثيرين من الناس وهو ألا يمكن الاستغناء عن المواد الكيماوية وغيرها من المواد السامة كلية؟ وبالتالي تجنب الأضرار الصحية والمخاطر البيئية؟  والجواب كما رأى العديد من المختصين ، أننا الو امتنعنا عن استخدام هذه المبيدات ولو لفترة قصيرة لأدى ذلك إلى انتشار الحشرات والآفات الضارة بصورة هائلة، لكن يمكن إيجاز اتجاهين متضادين في هذا الشأن الأول هو مطالبة المزارعين باستخدام المزيد من المبيدات المقاومة الآفات بجميع أنواعها والتي تصيب زراعتهم باضرار جسيمة وتسبب لهم خسائر مادية فادحة، والاتجاه الثاني مخالف له حيث يطالب القائمون بالحفاظ على البيئة والصحة العامة بالحد من استخدام المواد الكيماوية في الزراعة بكثرة وبشكل مفرط لأن ذلك يؤدي إلى الإخلال بالتوازن البيئي والبيولوجي.                   نشر في مجلة الرأي - العدد 44 - أكتوبر - 2001



تحقيق : محمد توفيق أحمد كريزم  الكيماويات السم في الدسم !!!  * المواد الكيماوية السامة تهرب من المستوطنات إلى داخل أجسامنا!  * مزارعون:لا يمكن الإستغناء عن المواد الكيماوية في الزراعة!  * مواطنون: نتعرض لموت بطئ نتيجة السموم التي تملأ غذاءنا       ما من شك أن مشكلة الانفجار السكاني والتطور التكنولوجي، والمخاوف من نضوب الموارد الطبيعية جعل العالم يسعى جاهدا لتوفير كميات متنوعة وكافية من المواد الغذائية للأعداد المتزايدة من السكان، وفي سبيل ذلك تستعمل الكثير من المركبات الكيماوية التي ترش على الأرض مباشرة كمخصبات وأسمدة أو ترش على  الأشجار والمزروعات لحمايتها من الآفات الزراعية، وهذه المركبات بعضها قابل للتحلل مثل مركبات الفسفور العضوية والبعض الآخر غير قابل للتحلل ويبقى في التربة لفترات طويلة جدا متنقلا عبر السلاسل الغذائية، ومثال على ذلك مادة د.د.ت.   (الرأي) ارتأت تسليط الضوء على قضية هامة أصبحت مثار اهتمام الجميع، وهي استعمال المواد الكيماوية بشكل خاطى ومفرط في الزراعة، مما أدى إلى انتشار الأمراض الخطيرة في بلادنا، لا سيما محافظات غزة، حيث تكثر تجارة المواد الكيماوية في السوق السوداء التي يتم تهريبها من المستوطنات الإسرائيلية.  عندما تذهب إلى السوق من أجل شراء المواد الغذائية فإنك تجد أشكالا وأنواع متعددة من الفواكه والخضروات، فمثلا قد تعجبك فاكهة الخوخ من حيث الشكل الخارجي لكن لو أردت أن تتفحص حبة الخوخ من الداخل ستجد عدم تماسك محتوياتها وانفلاقها من العنق مع ازدياد لونها الأحمر، وبعد فتح الثمرة والاقتراب من النواة تجدها قد انفلقت ووجد بها عفن من الداخل مع تغير طعم الثمرة ذاتها نتيجة زيادة المحتوى المائي بها وقلة نسبة السكريات والسبب وراء ذلك استعمال المواد الكيماوية في تسريع نموها وتكبير حجمها وتلوين شكلها الخارجي.  هذا غيض من فيض، وذكرنا ذلك على سبيل المثال لا الحصر، وهنا نستطلع آراء بعض المواطنين حيث يقول المواطن محمود عيدة: إن طعم الفواكه الحقيقي الذي كنا نتلذذ به في الماضي قد اختفى، فأنا لم أجد أمامي سوى أشكال من الفواكه ليس لها أي قيمة غذائية نتيجة تزايد استعمال المواد الكيماوية في الزراعة.  أما المواطن أبو محمد فقال إن المواد الكيماوية الموجودة في الخضروات تذوب في الطبيخ كما لو أنها بهارات او ملح، ومن ثم نأكلها وكان شيئا لم يحدث وهذا أمر خطير.  كما تساءل المواطن فارس بركات عن جدوى الامتناع عن الأكل، بسبب وجود المواد الكيماوية في الخضروات والفواكه، قائلا لا أعتقد أن ذلك منطقية، فنحن بحاجة للطعام من أجل أن نعيش بغض النظر عن الأشياء الأخرى.  وعبرت المواطنة أم فؤاد عن استيائها الشديد نتيجة لذلك، وقالت إنه حتى النعناع والبقدونس والجرادة يتم رشها بالكيماويات، لذا اقول للمزارعين والتجار اتقوا الله فينا، لكنها أوضحت أنه على الرغم من علمها أن هذه الخضروات والفواكه مرشوشة بالكيماويات إلا أنها تتسوق بشكل كامل وتشترى من كافة الأصناف.  أما المواطن أبو محمود أوضح أن معظم الفواكه الطازجة تأتي من داخل الخط الأخضر وبالتالي تقع المسؤولية وتبعات استعمال المواد الكيماوية على المزارعين الإسرائيليين وليس على المزارعين الفلسطينيين، لكن هذا لا يعفي المزارعين الفلسطينيين من المسؤولية، فهم أيضا يستخدمون الكيماويات بشكل مفرط ودون وعي.      كبش فداء   بعض المواطنين ينحي باللائمة على المزارعين كونهم يستعملون المواد الكيماوية في الزراعة بشكل مفرط وزائد عن الحد المسموح به رغبة منهم في جني الأرباح، إلا أن المزارعين خلال حديثهم أكدوا أنهم ضحايا وهم بمثابة كبش فداء للآخرين.  المزارع محمود هاشم العطار من مشروع عامر أوضح أن المزارعين يستعملون المواد الكيماوية بشكل مفرط إما لجهلهم وعدم وعيهم وعدم إلمامهم بالآثار الجانبية للمادة الكيماوية التي يستخدمونها، وإما لتعويض خسائرهم المادية من خلال الإكثار من استعمال هرمونات النمو بهدف تسويق المنتوجات الزراعية إلى السوق المحلية باسرع وقت ممكن دون الاكتراث إلى الأضرار الصحية والبيئية، لا سيما في ظل عدم اهتمام وزارة الزراعة بشؤونهم وتجاهلها مطالبهم وضرب المزارع العطار مثالا على ذلك بان بعض المزارعين يستعملون صنفا كيماوية خطيرة يدعى (نمکور) وهذه المادة لها أضرار صحية على الإنسان إلا أنهم يستعملونه في مختلف مزروعاتهم مثل الخضروات الورقية والبندورة والبطاطا والباذنجان والفواكه.  واضاف العطار إن المزارعين يستعجلون قطف الثمار دون إعطاء فترة كافية حتى تزول بقايا الكيماويات عن الثمار، كل ذلك من أجل الربح السريع على حساب صحة الآخرين، مؤكدة | أنه شخصية طالب وزارة الزراعة بمنع استيراد | هذا الصنف من الكيماويات إلا أن تجار السوق السوداء يهربون المواد الكيماوية المحظورة والخطيرة من المستوطنات القريبة وبالذات صنف (النمكور) نظرا لتزايد طلب المزارعين عليه.  وطالب العطار بتشديد الرقابة على استخدام المواد الكيماوية في الزراعة، ومنع قطف الثمار والمنتوجات الزراعية المرشوشة بالكيماويات حديثة إلا بعد مرور الفترة المطلوبة، مشيرة إلى أنه يستخدم في الزراعة أصناف (الأمونياك - النترات – الأورباك)، وضرب على ذلك مثالا أنه في حال استعمال صنف ثيونكس لا يمكن قطف الثمار إلا بعد 16 يوما، وصنف النمكور لا يمكن قطف الثمار إلا بعد 90 يوما، علما أن بعض المزارعين لا ينتظرون سوى أيام بسيطة لا تتعدى أسبوعين، لكنه نوه إلى أن المزارعين في بعض نواحي يمكن التماس الأعذار لهم، باعتبار أنه ليس أمامهم سوى هذا الحل في ظل عدم اهتمام واكتراث مديرية الزراعة بأوضاعهم و أحوالهم، إضافة إلى تزاید انتشار الآفات والأمراض الزراعية  أما المزارع زكي رزق صبح من بيت لاهيا، فقال لابد من استعمال المواد الكيماوية حسب المطلوب ودون إفراط، موضحا أن المزارعين يستعملون المبيدات الحشرية للقضاء على الديدان الأرضية والحشرات الطائرة، وهرمونات النمو الكيماوية لتكبير وتجميل شكل الثمرة، حتى تكون جذابة للمستهلكين، مشيرا أنه يستخدم أصناف النترات والأمونياك في زراعته، ويقول أنه لا يستعمل بتاتا المواد الكيماوية المحظورة قانونية أو المحرمة دولية، لكن هناك مزارعين آخرين يستخدمونها، وهؤلاء يستغلون فرصة عدم وجود رقابة على المواد الكيماوية من حيث البيع والشراء، ووجود قنوات أو طرق غير شرعية لتهريب هذه السموم إلى المناطق الفلسطينية من المستوطنات.  وشدد صبح على ضرورة عودة المزارعين الاستخدام السماد العضوي بدلا من المواد الكيماوية باعتباره سمادة ناجعة ويمكن الاعتماد عليه في الزراعة، معبرا في الوقت ذاته عن استيائه لعدم قيام الجهات المعنية بالأمر بإرشاد المزارعين حول كيفية استعمال المواد الكيماوية والطرق المتبعة لذلك.  ويقول المزارع مجدي مصطفي غين أنه يلجا إلى استعمال المواد الكيماوية باعتبار أنه لا يوجد بديل آخر أمام المزارعين لكن المشكلة تكمن في أن بعض المزارعين يحاولون بقدر المستطاع تسويق منتجات زراعية ليست موسمها المعتاد من أجل الحصول على أسعار عالية. حيث العرض قليل والطلب كثير..  تجارة الكيماويات  يوجد اعتقاد سائد أن تجارة المواد الكيماوية في بلادنا لا تخضع للمراقبة والمتابعة، وليس أدل على ذلك سوى وجود المواد الكيماوية  الخطيرة جدا ذات السمية العالية في السوق، حيث يتم استخدامها في الزراعة بحرية مطلقة ودون مراقبة من أحد حسب ما جاء على لسان المزارعين لكن الضرورة هنا تستدعي مساءلة تجار المواد الكيماوية واستيضاح بعض الأمور منهم، حيث أوضح التاجر سهيل أبو حليمة صاحب أكبر شركة التجارة وتوزيع المواد الكيماوية في محافظات غزة، أن شركته ليس بإمكانها استيراد أي صنف من المواد الكيماوية إلا بعد إذن أو تصريح رسمي من قبل وزارة الزراعة، مشيرا إلى أن كل عبوة مكتوب عليها إرشادات وتوجيهات للمزارعين للتقيد بها وعدم القفز عنها.  وأوضح أبو حليمة أن تجارة الكيماويات المصرح بها تخضع للرقابة، لكن هذه الرقابة تتلاشى تدريجيا كلما اقتربنا من السوق السوداء حيث يتم تهريب المواد الكيماوية بطريقة غير شرعية من المستوطنات الإسرائيلية إلى محافظات غزة.  أبو حليمة: الزارعون يستخدمون العبوات دون قراءة الإرشادات عليها.  وأشار أبو حليمة إلى أن المزارعين الفلسطينيين يستخدمون المواد الكيماوية في الزراعة دون قراءة الإرشادات المكتوبة على العبوات، وبالتالي تحدث نتائج سلبية من شانها تهدید صحة المواطنين وتلويث البيئة نتيجة الاستعمال الخاطئ للمبيدات الكيماوية، منوها إلى أنه ليس مسؤولا عن ذلك فمهمته تنحصر في عملية البيع وليس المراقبة على المزارعين في المزارع والحقول. . ودحض أبو حليمة مزاعم دلت على أنه يبيع مواد كيماوية سامة غير مصرح بها من وزارة الزراعة أو غير صالحة للاستعمال الزراعي، وكرر اتهاماته بهذا الخصوص لبعض المزارعين الذين لا يكترثون للارشادات المكتوبة على العبوات والتي هي في الأساس آراء علمية صادرة عن خبراء في هذا المجال، كذلك نفي نفيا قاطعا أن تكون مخازن شركته تحوي مواد كيماوية مهربة من المستوطنات الإسرائيلية أو غير ذلك.  16 نوعا محرم استعمالها  وحسب دراسة علمية أعدها الباحث يونس عيسي أظهرت أن أخطار صحية عديدة تلحق ولحقت بالمزارعين الفلسطينيين جراء الاستخدام غير الصحي للمبيدات الحشرية وخاصة تلك المحرمة دولية والتي يستخدم منها 16 صنفا في الأراضي الفلسطينية.  وأشار الباحث عيسى أن هناك علاقة وثيقة بين استخدام المبيدات بكثير من الأمراض الخطيرة، خاصة سرطانات الدماغ عند الأطفال والرئة والثدي عند الإناث إضافة إلى سرطانات الدم والكبد وغيرها، وكذلك إلى أمراض الجهاز التنفسي والأمراض العصبية والأعراض الصحية الاعتيادية مثل الصداع والمغص المعوي والتسمم الغذائي. وتبين من خلال ما رصدته الدراسة أن 7.41 يعانون من أمراض جلدية و ۷۲٪ يعانون من صداع بشكل مستمر و ۳۹٪ يعانون من مشاكل في الجهاز التنفسي و43% يعانون من مشاكل في الذاكرة. وتوصلت الدراسة إلى أن المزارعين الفلسطينيين يستخدمون ما يقارب ۵۰۰ نوعا من المبيدات الحشرية بشكل متزايد ومبالغ فيه ومن ضمنها 16 نوع حرم استخدامها دولية، وهي لا زالت تروج في الأسواق الفلسطينية دون قيود.  عيسى: 16 نوعاً من المواد الكيماوية المحرمة دولياً يستعملها المزارعون.  ويتضح أن حوالي 66٪ من المزارعين لا يقومون بقراءة التعليمات الموجودة على العبوات قبل الاستخدام وأن ۷۲٪ منهم يتبعون ما يبلغهم به بائع هذه المبيدات وه۷٪ منهم لا يستخدمون الكمية المطلوبة أكثر من الكمية المطلوبة ظنا منهم بزيادة فاعليتها، وأن ۸۲٪ من المزارعين يقومون بتخزين فائض المبيدات في بيوتهم وأن ۷۲٪ منهم يقومون برمي العبوات الفارغة في الحقول والطرقات مما يسبب خطرا على الحيوانات والأطفال.  كذلك تبين أن المزارعين الفلسطينيين يفتقرون للوعي الكافي والدراية الملائمة حول الاستخدام الإيجابي والجيد لهذه المبيدات.  وبناء على ذلك خلص الباحث في دراسته إلى توصيات أهمها تزويد المزارعين ببرامج التوعية اللازمة والضرورية حول المبيدات وأضرارها والطرق الصحيحة والآمنة في استخدامها بالتعاون مع الجهات المعنية من وزارة الصحة والجامعات والمعاهد ومراكز الأبحاث والمؤسسات التي تعني بشؤون البيئة.  كذلك العمل على وقف استخدام المبيدات المحرمة أو المحظورة الاستخدام دولية من خلال تعريف المزارعين بها وطرح البدائل الفعالة التي هي أقل خطرة وضررة على صحة الإنسان والبيئة بالإضافة إلى الفحص المخبري الدوري المنتجات المزارعين للتأكد من خلوها من بقايا المبيدات.  الطريق إلى الأمراض السرطانية  ويرى الدكتور ناصر خضير مدير مختبر تحليل الأدوية في جامعة الأزهر أن المواد الكيميائية المستخدمة في الزراعة يمكن تقسيمها إلى مواد قادرة على تغيير نمو النبات وهي تحتوي على أملاح النترات والماغنيسيوم والكالسيوم ومواد تستخدم كمبيدات حشرية وفطرية وهي في الغالب تكون سامة لأن الهدف منها قتل الميكروب، مشيرة إلى أن الأضرار تتنوع حسب نوع المادة المستخدمة، وعلى سبيل المثال المواد الكيماوية التي يدخل فيها عنصر الألمنيوم وأملاح النيترات حيث تتحلل في التربة وتصل إلى المياه الجوفية على شكل نيتريت، وإذا وصلت إلى جسم الإنسان عن طريق مياه الشرب فإنها تتفاعل مع الأحماض الأمينية، وبالتالي يكون ذلك أحد مسببات إصابة الإنسان بالسرطان أما المبيدات الحشرية والعشبية هي مواد خطيرة جدا تسبب آلام المغص والإسهال مرورا بآلام | الرأس ونهاية بالأمراض السرطانية.  خضير : بقايا الكيماويات تتفاعل في جسم الإنسان بطريقة لا رجعية.  منوها أن بعض المواد الكيماوية تتفاعل بطريقة لا رجعية بمعنى أن متبقيات المواد الكيماوية تبقى في جسم الإنسان ولا تزول مطلقا وطالب خضير المعنيين بالأمر إلى استخدام المواد الكيماوية بشكل مناسب وحسب مواصفات الاستعمال المحددة مع الأخذ بعين الاعتبار التحذيرات الصحية، مشيرا إلى أن الأرض الزراعية إذا تركت دون معالجة كيمائية فستحدث كارثة، فهناك الكثير من الآفات الزراعية التي تتطلب علاج سريعا، حيث أن انتقال الأوبئة والأمراض ما بين النباتات أسرع مما كان عليه في الماضي نتيجة الكثافة السكانية والظروف البيئية والبيولوجية في وقتنا الحاضر وهي عوامل مساعدة لانتقال الآفات الزراعية داعية إلى توعية المزارعين وتثقيفهم  وتعريفهم بكل ما يحيط بالمواد الكيماوية ذلك أن المزارع الفلسطيني إنسان بسيط لا يعي مدي خطورة المواد الكيماوية التي يستخدمها في الزراعة.  خيارات وبدائل  ويرى المهندس الزراعي محمود البكري مدير اتحاد لجان العمل الزراعي في محافظات غزة أن الأمر لا يتعلق باستعمال مفرط للكيماويات في الزراعة بل الصحيح هو استعمال خاطى من جانب المزارعين، بمعنى أن بعض المزروعات أو النباتات يتم تطعيمها بمواد كيماوية ليست ملائمة من الناحية العلمية وهناك بعض المزارعين لا ينتظر حتى انتهاء مفعول المادة الكيماوية ويقومون بعملية القطف مبكرة فمثلا الملوخية عندما يتم زراعتها في فصل الشتاء فهي تحتاج مدة ۱۲۰ يومأ حتى تنضج، لكن المزارعين يستخدمون مادة النمكور الخطيرة من أجل تسريع نموها ويقطفونها بعد 45 يوما، مع الأخذ بعين الاعتبار أن مادة النمكور لم ينتهي مفعولها، كذلك يتم التعامل مع البطاطا والخيار والفلفل وجميع الخضروات بهذا الشكل.  البكري: إستعمال خاطئ للكيمياويات وليس إستعمال مفرط أو زائد.  وأوضح البكري أن اتحاد لجان العمل الزراعي يقوم بعدة برامج تدريبية وتاهيلية على هذا الصعيد، حيث يتم إعطاء محاضرات إرشادية وتوجيهية للمزارعين لتدريبهم بهدف استخدام طرق متعددة للقضاء على الآفات الزراعية والحشرات منها المكافحة المشتركة والحيوية والبيئية اضافة إلى المكافحة الكيماوية مبينا أن اختيار أي من الطرق الآنفة الذكر لمكافحة الحشرات إنما يعتمد على دورة حياة الحشرة وسلوكها والظروف الجوية المناسبة لتكاثرها وطريقة تكاثرها ومكان حياتها واختبائها، وتهدف هذه الطرق بشكل عام القضاء التام على صنف معين من الحشرات الضارة للإنسان والحيوان أو التقليل من أعدادها في البيئة بحيث تصبح غير مؤثرة في صحة الإنسان.  وأضاف البكري أن بعض المزارعين يضعون على رأس أولوياتهم جني الربح الكثير على حساب جني الثمار الصالحة للأكل، لذا فهم يخطئون عند استعمالهم المواد الكيماوية في الزراعة ظنا منهم أنهم سيحصلون على إنتاج وفير، لكن ما يحدث عكس ذلك، بحيث تكون نتائج سلبية في أحيان كثيرة.  وأكد البكري على ضرورة تحقيق الأمن الغذائي في فلسطين كما ونوعا بحيث لا يكون الإنتاج الزراعي وفيرة على حساب الجودة والنوعية الجيدة.  مشيرة إلى أن استخدام السماد العضوي في الزراعة يحقق كلا الأمرين مع مراعاة أن التربة | بحاجة إلى عناية، وهنا يمكن طرح خيار أو بديل آخر للمواد الكيماوية بالنسبة لتعقيم الأراضي الزراعية، وهذا البديل ليس مكلفة ويتمثل في إمكانية الاستفادة من الطاقة الشمسية من خلال  استعمال النايلون وفرش التربة به لمدة 45 يوما وبذلك يمكن تعقيم التربة والقضاء على الديدان والحشرات بهذه الطريقة حيث تكون التربة قد تحمصت بقدر كافي، تجعل بالإمكان التخلي عن المواد الكيماوية.  ونوه البكري إلى أن الزراعة قبل كل شيء تتمخض عن نتيجة التطور والتفاعل الاجتماعي والاقتصادي للمصادر الطبيعية ونتيجة تفاعل عدة عوامل معقدة ومتعددة، ومن أجل فهم طبيعتها والوقوف عليها يجب دراستها وفهم عناصرها الرئيسية بشكل مستفيض سواء عملية الزراعة ذاتها والبيئة المحيطة بها والنظام الاجتماعي، بهدف الوصول إلى إمكانية تحديد الخيارات البديلة أو المستديمة وجعله أمرا ممكنا مع الأخذ بعين الاعتبار أن الهدف الرئيسي لأي خيار هو تحرير النظام القائم من الاعتماد الكلي على الكيماويات في عملية الإنتاج الزراعي أو التحرر من مؤثرات السوق، وذلك من أجل جعل عوامل الطبيعة المختلفة أن تتفاعل فيما بينها في ظل النظام الزراعي بهدف تأمين خصوبة التربة والإنتاجية وحماية النبات من الآفات والأمراض مشيرا إلى أن زيادة الخسارة الاقتصادية في المحاصيل الزراعية الناتجة عن إصابتها بالآفات المختلفة بالرغم من الاستخدام المتزايد للمبيدات الكيماوية لمكافحة هذه الآفات لهو أكبر دليل على تفاقم الأزمة، وذلك لكون الأصناف الزراعية المحسنة التي يجري التداول بها والتي تم تهجينها لرفع انتاجيتها من خلال إحداث الخلل البيولوجي أو الطبيعي داخلها أصبحت حساسة جدا للآفة وفقدت آلية الدفاع الذاتي ضدها، هذا بالإضافة إلى أن النظام الزراعي الحديث واستخدام المبيدات الكيماوية بشكل مكثف أدى إلى إضعاف العدو الطبيعي أو حتى القضاء عليه ولم يصبح فعالا في ظل نظام الزراعية الأحادية الذي يتميز بها هذا النظام.  وخلاصة القول هناك سؤال يتردد على ألسنة الكثيرين من الناس وهو ألا يمكن الاستغناء عن المواد الكيماوية وغيرها من المواد السامة كلية؟ وبالتالي تجنب الأضرار الصحية والمخاطر البيئية؟  والجواب كما رأى العديد من المختصين ، أننا الو امتنعنا عن استخدام هذه المبيدات ولو لفترة قصيرة لأدى ذلك إلى انتشار الحشرات والآفات الضارة بصورة هائلة، لكن يمكن إيجاز اتجاهين متضادين في هذا الشأن الأول هو مطالبة المزارعين باستخدام المزيد من المبيدات المقاومة الآفات بجميع أنواعها والتي تصيب زراعتهم باضرار جسيمة وتسبب لهم خسائر مادية فادحة، والاتجاه الثاني مخالف له حيث يطالب القائمون بالحفاظ على البيئة والصحة العامة بالحد من استخدام المواد الكيماوية في الزراعة بكثرة وبشكل مفرط لأن ذلك يؤدي إلى الإخلال بالتوازن البيئي والبيولوجي.                   نشر في مجلة الرأي - العدد 44 - أكتوبر - 2001




تحقيق : محمد توفيق أحمد كريزم  الكيماويات السم في الدسم !!!  * المواد الكيماوية السامة تهرب من المستوطنات إلى داخل أجسامنا!  * مزارعون:لا يمكن الإستغناء عن المواد الكيماوية في الزراعة!  * مواطنون: نتعرض لموت بطئ نتيجة السموم التي تملأ غذاءنا       ما من شك أن مشكلة الانفجار السكاني والتطور التكنولوجي، والمخاوف من نضوب الموارد الطبيعية جعل العالم يسعى جاهدا لتوفير كميات متنوعة وكافية من المواد الغذائية للأعداد المتزايدة من السكان، وفي سبيل ذلك تستعمل الكثير من المركبات الكيماوية التي ترش على الأرض مباشرة كمخصبات وأسمدة أو ترش على  الأشجار والمزروعات لحمايتها من الآفات الزراعية، وهذه المركبات بعضها قابل للتحلل مثل مركبات الفسفور العضوية والبعض الآخر غير قابل للتحلل ويبقى في التربة لفترات طويلة جدا متنقلا عبر السلاسل الغذائية، ومثال على ذلك مادة د.د.ت.   (الرأي) ارتأت تسليط الضوء على قضية هامة أصبحت مثار اهتمام الجميع، وهي استعمال المواد الكيماوية بشكل خاطى ومفرط في الزراعة، مما أدى إلى انتشار الأمراض الخطيرة في بلادنا، لا سيما محافظات غزة، حيث تكثر تجارة المواد الكيماوية في السوق السوداء التي يتم تهريبها من المستوطنات الإسرائيلية.  عندما تذهب إلى السوق من أجل شراء المواد الغذائية فإنك تجد أشكالا وأنواع متعددة من الفواكه والخضروات، فمثلا قد تعجبك فاكهة الخوخ من حيث الشكل الخارجي لكن لو أردت أن تتفحص حبة الخوخ من الداخل ستجد عدم تماسك محتوياتها وانفلاقها من العنق مع ازدياد لونها الأحمر، وبعد فتح الثمرة والاقتراب من النواة تجدها قد انفلقت ووجد بها عفن من الداخل مع تغير طعم الثمرة ذاتها نتيجة زيادة المحتوى المائي بها وقلة نسبة السكريات والسبب وراء ذلك استعمال المواد الكيماوية في تسريع نموها وتكبير حجمها وتلوين شكلها الخارجي.  هذا غيض من فيض، وذكرنا ذلك على سبيل المثال لا الحصر، وهنا نستطلع آراء بعض المواطنين حيث يقول المواطن محمود عيدة: إن طعم الفواكه الحقيقي الذي كنا نتلذذ به في الماضي قد اختفى، فأنا لم أجد أمامي سوى أشكال من الفواكه ليس لها أي قيمة غذائية نتيجة تزايد استعمال المواد الكيماوية في الزراعة.  أما المواطن أبو محمد فقال إن المواد الكيماوية الموجودة في الخضروات تذوب في الطبيخ كما لو أنها بهارات او ملح، ومن ثم نأكلها وكان شيئا لم يحدث وهذا أمر خطير.  كما تساءل المواطن فارس بركات عن جدوى الامتناع عن الأكل، بسبب وجود المواد الكيماوية في الخضروات والفواكه، قائلا لا أعتقد أن ذلك منطقية، فنحن بحاجة للطعام من أجل أن نعيش بغض النظر عن الأشياء الأخرى.  وعبرت المواطنة أم فؤاد عن استيائها الشديد نتيجة لذلك، وقالت إنه حتى النعناع والبقدونس والجرادة يتم رشها بالكيماويات، لذا اقول للمزارعين والتجار اتقوا الله فينا، لكنها أوضحت أنه على الرغم من علمها أن هذه الخضروات والفواكه مرشوشة بالكيماويات إلا أنها تتسوق بشكل كامل وتشترى من كافة الأصناف.  أما المواطن أبو محمود أوضح أن معظم الفواكه الطازجة تأتي من داخل الخط الأخضر وبالتالي تقع المسؤولية وتبعات استعمال المواد الكيماوية على المزارعين الإسرائيليين وليس على المزارعين الفلسطينيين، لكن هذا لا يعفي المزارعين الفلسطينيين من المسؤولية، فهم أيضا يستخدمون الكيماويات بشكل مفرط ودون وعي.      كبش فداء   بعض المواطنين ينحي باللائمة على المزارعين كونهم يستعملون المواد الكيماوية في الزراعة بشكل مفرط وزائد عن الحد المسموح به رغبة منهم في جني الأرباح، إلا أن المزارعين خلال حديثهم أكدوا أنهم ضحايا وهم بمثابة كبش فداء للآخرين.  المزارع محمود هاشم العطار من مشروع عامر أوضح أن المزارعين يستعملون المواد الكيماوية بشكل مفرط إما لجهلهم وعدم وعيهم وعدم إلمامهم بالآثار الجانبية للمادة الكيماوية التي يستخدمونها، وإما لتعويض خسائرهم المادية من خلال الإكثار من استعمال هرمونات النمو بهدف تسويق المنتوجات الزراعية إلى السوق المحلية باسرع وقت ممكن دون الاكتراث إلى الأضرار الصحية والبيئية، لا سيما في ظل عدم اهتمام وزارة الزراعة بشؤونهم وتجاهلها مطالبهم وضرب المزارع العطار مثالا على ذلك بان بعض المزارعين يستعملون صنفا كيماوية خطيرة يدعى (نمکور) وهذه المادة لها أضرار صحية على الإنسان إلا أنهم يستعملونه في مختلف مزروعاتهم مثل الخضروات الورقية والبندورة والبطاطا والباذنجان والفواكه.  واضاف العطار إن المزارعين يستعجلون قطف الثمار دون إعطاء فترة كافية حتى تزول بقايا الكيماويات عن الثمار، كل ذلك من أجل الربح السريع على حساب صحة الآخرين، مؤكدة | أنه شخصية طالب وزارة الزراعة بمنع استيراد | هذا الصنف من الكيماويات إلا أن تجار السوق السوداء يهربون المواد الكيماوية المحظورة والخطيرة من المستوطنات القريبة وبالذات صنف (النمكور) نظرا لتزايد طلب المزارعين عليه.  وطالب العطار بتشديد الرقابة على استخدام المواد الكيماوية في الزراعة، ومنع قطف الثمار والمنتوجات الزراعية المرشوشة بالكيماويات حديثة إلا بعد مرور الفترة المطلوبة، مشيرة إلى أنه يستخدم في الزراعة أصناف (الأمونياك - النترات – الأورباك)، وضرب على ذلك مثالا أنه في حال استعمال صنف ثيونكس لا يمكن قطف الثمار إلا بعد 16 يوما، وصنف النمكور لا يمكن قطف الثمار إلا بعد 90 يوما، علما أن بعض المزارعين لا ينتظرون سوى أيام بسيطة لا تتعدى أسبوعين، لكنه نوه إلى أن المزارعين في بعض نواحي يمكن التماس الأعذار لهم، باعتبار أنه ليس أمامهم سوى هذا الحل في ظل عدم اهتمام واكتراث مديرية الزراعة بأوضاعهم و أحوالهم، إضافة إلى تزاید انتشار الآفات والأمراض الزراعية  أما المزارع زكي رزق صبح من بيت لاهيا، فقال لابد من استعمال المواد الكيماوية حسب المطلوب ودون إفراط، موضحا أن المزارعين يستعملون المبيدات الحشرية للقضاء على الديدان الأرضية والحشرات الطائرة، وهرمونات النمو الكيماوية لتكبير وتجميل شكل الثمرة، حتى تكون جذابة للمستهلكين، مشيرا أنه يستخدم أصناف النترات والأمونياك في زراعته، ويقول أنه لا يستعمل بتاتا المواد الكيماوية المحظورة قانونية أو المحرمة دولية، لكن هناك مزارعين آخرين يستخدمونها، وهؤلاء يستغلون فرصة عدم وجود رقابة على المواد الكيماوية من حيث البيع والشراء، ووجود قنوات أو طرق غير شرعية لتهريب هذه السموم إلى المناطق الفلسطينية من المستوطنات.  وشدد صبح على ضرورة عودة المزارعين الاستخدام السماد العضوي بدلا من المواد الكيماوية باعتباره سمادة ناجعة ويمكن الاعتماد عليه في الزراعة، معبرا في الوقت ذاته عن استيائه لعدم قيام الجهات المعنية بالأمر بإرشاد المزارعين حول كيفية استعمال المواد الكيماوية والطرق المتبعة لذلك.  ويقول المزارع مجدي مصطفي غين أنه يلجا إلى استعمال المواد الكيماوية باعتبار أنه لا يوجد بديل آخر أمام المزارعين لكن المشكلة تكمن في أن بعض المزارعين يحاولون بقدر المستطاع تسويق منتجات زراعية ليست موسمها المعتاد من أجل الحصول على أسعار عالية. حيث العرض قليل والطلب كثير..  تجارة الكيماويات  يوجد اعتقاد سائد أن تجارة المواد الكيماوية في بلادنا لا تخضع للمراقبة والمتابعة، وليس أدل على ذلك سوى وجود المواد الكيماوية  الخطيرة جدا ذات السمية العالية في السوق، حيث يتم استخدامها في الزراعة بحرية مطلقة ودون مراقبة من أحد حسب ما جاء على لسان المزارعين لكن الضرورة هنا تستدعي مساءلة تجار المواد الكيماوية واستيضاح بعض الأمور منهم، حيث أوضح التاجر سهيل أبو حليمة صاحب أكبر شركة التجارة وتوزيع المواد الكيماوية في محافظات غزة، أن شركته ليس بإمكانها استيراد أي صنف من المواد الكيماوية إلا بعد إذن أو تصريح رسمي من قبل وزارة الزراعة، مشيرا إلى أن كل عبوة مكتوب عليها إرشادات وتوجيهات للمزارعين للتقيد بها وعدم القفز عنها.  وأوضح أبو حليمة أن تجارة الكيماويات المصرح بها تخضع للرقابة، لكن هذه الرقابة تتلاشى تدريجيا كلما اقتربنا من السوق السوداء حيث يتم تهريب المواد الكيماوية بطريقة غير شرعية من المستوطنات الإسرائيلية إلى محافظات غزة.  أبو حليمة: الزارعون يستخدمون العبوات دون قراءة الإرشادات عليها.  وأشار أبو حليمة إلى أن المزارعين الفلسطينيين يستخدمون المواد الكيماوية في الزراعة دون قراءة الإرشادات المكتوبة على العبوات، وبالتالي تحدث نتائج سلبية من شانها تهدید صحة المواطنين وتلويث البيئة نتيجة الاستعمال الخاطئ للمبيدات الكيماوية، منوها إلى أنه ليس مسؤولا عن ذلك فمهمته تنحصر في عملية البيع وليس المراقبة على المزارعين في المزارع والحقول. . ودحض أبو حليمة مزاعم دلت على أنه يبيع مواد كيماوية سامة غير مصرح بها من وزارة الزراعة أو غير صالحة للاستعمال الزراعي، وكرر اتهاماته بهذا الخصوص لبعض المزارعين الذين لا يكترثون للارشادات المكتوبة على العبوات والتي هي في الأساس آراء علمية صادرة عن خبراء في هذا المجال، كذلك نفي نفيا قاطعا أن تكون مخازن شركته تحوي مواد كيماوية مهربة من المستوطنات الإسرائيلية أو غير ذلك.  16 نوعا محرم استعمالها  وحسب دراسة علمية أعدها الباحث يونس عيسي أظهرت أن أخطار صحية عديدة تلحق ولحقت بالمزارعين الفلسطينيين جراء الاستخدام غير الصحي للمبيدات الحشرية وخاصة تلك المحرمة دولية والتي يستخدم منها 16 صنفا في الأراضي الفلسطينية.  وأشار الباحث عيسى أن هناك علاقة وثيقة بين استخدام المبيدات بكثير من الأمراض الخطيرة، خاصة سرطانات الدماغ عند الأطفال والرئة والثدي عند الإناث إضافة إلى سرطانات الدم والكبد وغيرها، وكذلك إلى أمراض الجهاز التنفسي والأمراض العصبية والأعراض الصحية الاعتيادية مثل الصداع والمغص المعوي والتسمم الغذائي. وتبين من خلال ما رصدته الدراسة أن 7.41 يعانون من أمراض جلدية و ۷۲٪ يعانون من صداع بشكل مستمر و ۳۹٪ يعانون من مشاكل في الجهاز التنفسي و43% يعانون من مشاكل في الذاكرة. وتوصلت الدراسة إلى أن المزارعين الفلسطينيين يستخدمون ما يقارب ۵۰۰ نوعا من المبيدات الحشرية بشكل متزايد ومبالغ فيه ومن ضمنها 16 نوع حرم استخدامها دولية، وهي لا زالت تروج في الأسواق الفلسطينية دون قيود.  عيسى: 16 نوعاً من المواد الكيماوية المحرمة دولياً يستعملها المزارعون.  ويتضح أن حوالي 66٪ من المزارعين لا يقومون بقراءة التعليمات الموجودة على العبوات قبل الاستخدام وأن ۷۲٪ منهم يتبعون ما يبلغهم به بائع هذه المبيدات وه۷٪ منهم لا يستخدمون الكمية المطلوبة أكثر من الكمية المطلوبة ظنا منهم بزيادة فاعليتها، وأن ۸۲٪ من المزارعين يقومون بتخزين فائض المبيدات في بيوتهم وأن ۷۲٪ منهم يقومون برمي العبوات الفارغة في الحقول والطرقات مما يسبب خطرا على الحيوانات والأطفال.  كذلك تبين أن المزارعين الفلسطينيين يفتقرون للوعي الكافي والدراية الملائمة حول الاستخدام الإيجابي والجيد لهذه المبيدات.  وبناء على ذلك خلص الباحث في دراسته إلى توصيات أهمها تزويد المزارعين ببرامج التوعية اللازمة والضرورية حول المبيدات وأضرارها والطرق الصحيحة والآمنة في استخدامها بالتعاون مع الجهات المعنية من وزارة الصحة والجامعات والمعاهد ومراكز الأبحاث والمؤسسات التي تعني بشؤون البيئة.  كذلك العمل على وقف استخدام المبيدات المحرمة أو المحظورة الاستخدام دولية من خلال تعريف المزارعين بها وطرح البدائل الفعالة التي هي أقل خطرة وضررة على صحة الإنسان والبيئة بالإضافة إلى الفحص المخبري الدوري المنتجات المزارعين للتأكد من خلوها من بقايا المبيدات.  الطريق إلى الأمراض السرطانية  ويرى الدكتور ناصر خضير مدير مختبر تحليل الأدوية في جامعة الأزهر أن المواد الكيميائية المستخدمة في الزراعة يمكن تقسيمها إلى مواد قادرة على تغيير نمو النبات وهي تحتوي على أملاح النترات والماغنيسيوم والكالسيوم ومواد تستخدم كمبيدات حشرية وفطرية وهي في الغالب تكون سامة لأن الهدف منها قتل الميكروب، مشيرة إلى أن الأضرار تتنوع حسب نوع المادة المستخدمة، وعلى سبيل المثال المواد الكيماوية التي يدخل فيها عنصر الألمنيوم وأملاح النيترات حيث تتحلل في التربة وتصل إلى المياه الجوفية على شكل نيتريت، وإذا وصلت إلى جسم الإنسان عن طريق مياه الشرب فإنها تتفاعل مع الأحماض الأمينية، وبالتالي يكون ذلك أحد مسببات إصابة الإنسان بالسرطان أما المبيدات الحشرية والعشبية هي مواد خطيرة جدا تسبب آلام المغص والإسهال مرورا بآلام | الرأس ونهاية بالأمراض السرطانية.  خضير : بقايا الكيماويات تتفاعل في جسم الإنسان بطريقة لا رجعية.  منوها أن بعض المواد الكيماوية تتفاعل بطريقة لا رجعية بمعنى أن متبقيات المواد الكيماوية تبقى في جسم الإنسان ولا تزول مطلقا وطالب خضير المعنيين بالأمر إلى استخدام المواد الكيماوية بشكل مناسب وحسب مواصفات الاستعمال المحددة مع الأخذ بعين الاعتبار التحذيرات الصحية، مشيرا إلى أن الأرض الزراعية إذا تركت دون معالجة كيمائية فستحدث كارثة، فهناك الكثير من الآفات الزراعية التي تتطلب علاج سريعا، حيث أن انتقال الأوبئة والأمراض ما بين النباتات أسرع مما كان عليه في الماضي نتيجة الكثافة السكانية والظروف البيئية والبيولوجية في وقتنا الحاضر وهي عوامل مساعدة لانتقال الآفات الزراعية داعية إلى توعية المزارعين وتثقيفهم  وتعريفهم بكل ما يحيط بالمواد الكيماوية ذلك أن المزارع الفلسطيني إنسان بسيط لا يعي مدي خطورة المواد الكيماوية التي يستخدمها في الزراعة.  خيارات وبدائل  ويرى المهندس الزراعي محمود البكري مدير اتحاد لجان العمل الزراعي في محافظات غزة أن الأمر لا يتعلق باستعمال مفرط للكيماويات في الزراعة بل الصحيح هو استعمال خاطى من جانب المزارعين، بمعنى أن بعض المزروعات أو النباتات يتم تطعيمها بمواد كيماوية ليست ملائمة من الناحية العلمية وهناك بعض المزارعين لا ينتظر حتى انتهاء مفعول المادة الكيماوية ويقومون بعملية القطف مبكرة فمثلا الملوخية عندما يتم زراعتها في فصل الشتاء فهي تحتاج مدة ۱۲۰ يومأ حتى تنضج، لكن المزارعين يستخدمون مادة النمكور الخطيرة من أجل تسريع نموها ويقطفونها بعد 45 يوما، مع الأخذ بعين الاعتبار أن مادة النمكور لم ينتهي مفعولها، كذلك يتم التعامل مع البطاطا والخيار والفلفل وجميع الخضروات بهذا الشكل.  البكري: إستعمال خاطئ للكيمياويات وليس إستعمال مفرط أو زائد.  وأوضح البكري أن اتحاد لجان العمل الزراعي يقوم بعدة برامج تدريبية وتاهيلية على هذا الصعيد، حيث يتم إعطاء محاضرات إرشادية وتوجيهية للمزارعين لتدريبهم بهدف استخدام طرق متعددة للقضاء على الآفات الزراعية والحشرات منها المكافحة المشتركة والحيوية والبيئية اضافة إلى المكافحة الكيماوية مبينا أن اختيار أي من الطرق الآنفة الذكر لمكافحة الحشرات إنما يعتمد على دورة حياة الحشرة وسلوكها والظروف الجوية المناسبة لتكاثرها وطريقة تكاثرها ومكان حياتها واختبائها، وتهدف هذه الطرق بشكل عام القضاء التام على صنف معين من الحشرات الضارة للإنسان والحيوان أو التقليل من أعدادها في البيئة بحيث تصبح غير مؤثرة في صحة الإنسان.  وأضاف البكري أن بعض المزارعين يضعون على رأس أولوياتهم جني الربح الكثير على حساب جني الثمار الصالحة للأكل، لذا فهم يخطئون عند استعمالهم المواد الكيماوية في الزراعة ظنا منهم أنهم سيحصلون على إنتاج وفير، لكن ما يحدث عكس ذلك، بحيث تكون نتائج سلبية في أحيان كثيرة.  وأكد البكري على ضرورة تحقيق الأمن الغذائي في فلسطين كما ونوعا بحيث لا يكون الإنتاج الزراعي وفيرة على حساب الجودة والنوعية الجيدة.  مشيرة إلى أن استخدام السماد العضوي في الزراعة يحقق كلا الأمرين مع مراعاة أن التربة | بحاجة إلى عناية، وهنا يمكن طرح خيار أو بديل آخر للمواد الكيماوية بالنسبة لتعقيم الأراضي الزراعية، وهذا البديل ليس مكلفة ويتمثل في إمكانية الاستفادة من الطاقة الشمسية من خلال  استعمال النايلون وفرش التربة به لمدة 45 يوما وبذلك يمكن تعقيم التربة والقضاء على الديدان والحشرات بهذه الطريقة حيث تكون التربة قد تحمصت بقدر كافي، تجعل بالإمكان التخلي عن المواد الكيماوية.  ونوه البكري إلى أن الزراعة قبل كل شيء تتمخض عن نتيجة التطور والتفاعل الاجتماعي والاقتصادي للمصادر الطبيعية ونتيجة تفاعل عدة عوامل معقدة ومتعددة، ومن أجل فهم طبيعتها والوقوف عليها يجب دراستها وفهم عناصرها الرئيسية بشكل مستفيض سواء عملية الزراعة ذاتها والبيئة المحيطة بها والنظام الاجتماعي، بهدف الوصول إلى إمكانية تحديد الخيارات البديلة أو المستديمة وجعله أمرا ممكنا مع الأخذ بعين الاعتبار أن الهدف الرئيسي لأي خيار هو تحرير النظام القائم من الاعتماد الكلي على الكيماويات في عملية الإنتاج الزراعي أو التحرر من مؤثرات السوق، وذلك من أجل جعل عوامل الطبيعة المختلفة أن تتفاعل فيما بينها في ظل النظام الزراعي بهدف تأمين خصوبة التربة والإنتاجية وحماية النبات من الآفات والأمراض مشيرا إلى أن زيادة الخسارة الاقتصادية في المحاصيل الزراعية الناتجة عن إصابتها بالآفات المختلفة بالرغم من الاستخدام المتزايد للمبيدات الكيماوية لمكافحة هذه الآفات لهو أكبر دليل على تفاقم الأزمة، وذلك لكون الأصناف الزراعية المحسنة التي يجري التداول بها والتي تم تهجينها لرفع انتاجيتها من خلال إحداث الخلل البيولوجي أو الطبيعي داخلها أصبحت حساسة جدا للآفة وفقدت آلية الدفاع الذاتي ضدها، هذا بالإضافة إلى أن النظام الزراعي الحديث واستخدام المبيدات الكيماوية بشكل مكثف أدى إلى إضعاف العدو الطبيعي أو حتى القضاء عليه ولم يصبح فعالا في ظل نظام الزراعية الأحادية الذي يتميز بها هذا النظام.  وخلاصة القول هناك سؤال يتردد على ألسنة الكثيرين من الناس وهو ألا يمكن الاستغناء عن المواد الكيماوية وغيرها من المواد السامة كلية؟ وبالتالي تجنب الأضرار الصحية والمخاطر البيئية؟  والجواب كما رأى العديد من المختصين ، أننا الو امتنعنا عن استخدام هذه المبيدات ولو لفترة قصيرة لأدى ذلك إلى انتشار الحشرات والآفات الضارة بصورة هائلة، لكن يمكن إيجاز اتجاهين متضادين في هذا الشأن الأول هو مطالبة المزارعين باستخدام المزيد من المبيدات المقاومة الآفات بجميع أنواعها والتي تصيب زراعتهم باضرار جسيمة وتسبب لهم خسائر مادية فادحة، والاتجاه الثاني مخالف له حيث يطالب القائمون بالحفاظ على البيئة والصحة العامة بالحد من استخدام المواد الكيماوية في الزراعة بكثرة وبشكل مفرط لأن ذلك يؤدي إلى الإخلال بالتوازن البيئي والبيولوجي.                   نشر في مجلة الرأي - العدد 44 - أكتوبر - 2001




تحقيق : محمد توفيق أحمد كريزم  الكيماويات السم في الدسم !!!  * المواد الكيماوية السامة تهرب من المستوطنات إلى داخل أجسامنا!  * مزارعون:لا يمكن الإستغناء عن المواد الكيماوية في الزراعة!  * مواطنون: نتعرض لموت بطئ نتيجة السموم التي تملأ غذاءنا       ما من شك أن مشكلة الانفجار السكاني والتطور التكنولوجي، والمخاوف من نضوب الموارد الطبيعية جعل العالم يسعى جاهدا لتوفير كميات متنوعة وكافية من المواد الغذائية للأعداد المتزايدة من السكان، وفي سبيل ذلك تستعمل الكثير من المركبات الكيماوية التي ترش على الأرض مباشرة كمخصبات وأسمدة أو ترش على  الأشجار والمزروعات لحمايتها من الآفات الزراعية، وهذه المركبات بعضها قابل للتحلل مثل مركبات الفسفور العضوية والبعض الآخر غير قابل للتحلل ويبقى في التربة لفترات طويلة جدا متنقلا عبر السلاسل الغذائية، ومثال على ذلك مادة د.د.ت.   (الرأي) ارتأت تسليط الضوء على قضية هامة أصبحت مثار اهتمام الجميع، وهي استعمال المواد الكيماوية بشكل خاطى ومفرط في الزراعة، مما أدى إلى انتشار الأمراض الخطيرة في بلادنا، لا سيما محافظات غزة، حيث تكثر تجارة المواد الكيماوية في السوق السوداء التي يتم تهريبها من المستوطنات الإسرائيلية.  عندما تذهب إلى السوق من أجل شراء المواد الغذائية فإنك تجد أشكالا وأنواع متعددة من الفواكه والخضروات، فمثلا قد تعجبك فاكهة الخوخ من حيث الشكل الخارجي لكن لو أردت أن تتفحص حبة الخوخ من الداخل ستجد عدم تماسك محتوياتها وانفلاقها من العنق مع ازدياد لونها الأحمر، وبعد فتح الثمرة والاقتراب من النواة تجدها قد انفلقت ووجد بها عفن من الداخل مع تغير طعم الثمرة ذاتها نتيجة زيادة المحتوى المائي بها وقلة نسبة السكريات والسبب وراء ذلك استعمال المواد الكيماوية في تسريع نموها وتكبير حجمها وتلوين شكلها الخارجي.  هذا غيض من فيض، وذكرنا ذلك على سبيل المثال لا الحصر، وهنا نستطلع آراء بعض المواطنين حيث يقول المواطن محمود عيدة: إن طعم الفواكه الحقيقي الذي كنا نتلذذ به في الماضي قد اختفى، فأنا لم أجد أمامي سوى أشكال من الفواكه ليس لها أي قيمة غذائية نتيجة تزايد استعمال المواد الكيماوية في الزراعة.  أما المواطن أبو محمد فقال إن المواد الكيماوية الموجودة في الخضروات تذوب في الطبيخ كما لو أنها بهارات او ملح، ومن ثم نأكلها وكان شيئا لم يحدث وهذا أمر خطير.  كما تساءل المواطن فارس بركات عن جدوى الامتناع عن الأكل، بسبب وجود المواد الكيماوية في الخضروات والفواكه، قائلا لا أعتقد أن ذلك منطقية، فنحن بحاجة للطعام من أجل أن نعيش بغض النظر عن الأشياء الأخرى.  وعبرت المواطنة أم فؤاد عن استيائها الشديد نتيجة لذلك، وقالت إنه حتى النعناع والبقدونس والجرادة يتم رشها بالكيماويات، لذا اقول للمزارعين والتجار اتقوا الله فينا، لكنها أوضحت أنه على الرغم من علمها أن هذه الخضروات والفواكه مرشوشة بالكيماويات إلا أنها تتسوق بشكل كامل وتشترى من كافة الأصناف.  أما المواطن أبو محمود أوضح أن معظم الفواكه الطازجة تأتي من داخل الخط الأخضر وبالتالي تقع المسؤولية وتبعات استعمال المواد الكيماوية على المزارعين الإسرائيليين وليس على المزارعين الفلسطينيين، لكن هذا لا يعفي المزارعين الفلسطينيين من المسؤولية، فهم أيضا يستخدمون الكيماويات بشكل مفرط ودون وعي.      كبش فداء   بعض المواطنين ينحي باللائمة على المزارعين كونهم يستعملون المواد الكيماوية في الزراعة بشكل مفرط وزائد عن الحد المسموح به رغبة منهم في جني الأرباح، إلا أن المزارعين خلال حديثهم أكدوا أنهم ضحايا وهم بمثابة كبش فداء للآخرين.  المزارع محمود هاشم العطار من مشروع عامر أوضح أن المزارعين يستعملون المواد الكيماوية بشكل مفرط إما لجهلهم وعدم وعيهم وعدم إلمامهم بالآثار الجانبية للمادة الكيماوية التي يستخدمونها، وإما لتعويض خسائرهم المادية من خلال الإكثار من استعمال هرمونات النمو بهدف تسويق المنتوجات الزراعية إلى السوق المحلية باسرع وقت ممكن دون الاكتراث إلى الأضرار الصحية والبيئية، لا سيما في ظل عدم اهتمام وزارة الزراعة بشؤونهم وتجاهلها مطالبهم وضرب المزارع العطار مثالا على ذلك بان بعض المزارعين يستعملون صنفا كيماوية خطيرة يدعى (نمکور) وهذه المادة لها أضرار صحية على الإنسان إلا أنهم يستعملونه في مختلف مزروعاتهم مثل الخضروات الورقية والبندورة والبطاطا والباذنجان والفواكه.  واضاف العطار إن المزارعين يستعجلون قطف الثمار دون إعطاء فترة كافية حتى تزول بقايا الكيماويات عن الثمار، كل ذلك من أجل الربح السريع على حساب صحة الآخرين، مؤكدة | أنه شخصية طالب وزارة الزراعة بمنع استيراد | هذا الصنف من الكيماويات إلا أن تجار السوق السوداء يهربون المواد الكيماوية المحظورة والخطيرة من المستوطنات القريبة وبالذات صنف (النمكور) نظرا لتزايد طلب المزارعين عليه.  وطالب العطار بتشديد الرقابة على استخدام المواد الكيماوية في الزراعة، ومنع قطف الثمار والمنتوجات الزراعية المرشوشة بالكيماويات حديثة إلا بعد مرور الفترة المطلوبة، مشيرة إلى أنه يستخدم في الزراعة أصناف (الأمونياك - النترات – الأورباك)، وضرب على ذلك مثالا أنه في حال استعمال صنف ثيونكس لا يمكن قطف الثمار إلا بعد 16 يوما، وصنف النمكور لا يمكن قطف الثمار إلا بعد 90 يوما، علما أن بعض المزارعين لا ينتظرون سوى أيام بسيطة لا تتعدى أسبوعين، لكنه نوه إلى أن المزارعين في بعض نواحي يمكن التماس الأعذار لهم، باعتبار أنه ليس أمامهم سوى هذا الحل في ظل عدم اهتمام واكتراث مديرية الزراعة بأوضاعهم و أحوالهم، إضافة إلى تزاید انتشار الآفات والأمراض الزراعية  أما المزارع زكي رزق صبح من بيت لاهيا، فقال لابد من استعمال المواد الكيماوية حسب المطلوب ودون إفراط، موضحا أن المزارعين يستعملون المبيدات الحشرية للقضاء على الديدان الأرضية والحشرات الطائرة، وهرمونات النمو الكيماوية لتكبير وتجميل شكل الثمرة، حتى تكون جذابة للمستهلكين، مشيرا أنه يستخدم أصناف النترات والأمونياك في زراعته، ويقول أنه لا يستعمل بتاتا المواد الكيماوية المحظورة قانونية أو المحرمة دولية، لكن هناك مزارعين آخرين يستخدمونها، وهؤلاء يستغلون فرصة عدم وجود رقابة على المواد الكيماوية من حيث البيع والشراء، ووجود قنوات أو طرق غير شرعية لتهريب هذه السموم إلى المناطق الفلسطينية من المستوطنات.  وشدد صبح على ضرورة عودة المزارعين الاستخدام السماد العضوي بدلا من المواد الكيماوية باعتباره سمادة ناجعة ويمكن الاعتماد عليه في الزراعة، معبرا في الوقت ذاته عن استيائه لعدم قيام الجهات المعنية بالأمر بإرشاد المزارعين حول كيفية استعمال المواد الكيماوية والطرق المتبعة لذلك.  ويقول المزارع مجدي مصطفي غين أنه يلجا إلى استعمال المواد الكيماوية باعتبار أنه لا يوجد بديل آخر أمام المزارعين لكن المشكلة تكمن في أن بعض المزارعين يحاولون بقدر المستطاع تسويق منتجات زراعية ليست موسمها المعتاد من أجل الحصول على أسعار عالية. حيث العرض قليل والطلب كثير..  تجارة الكيماويات  يوجد اعتقاد سائد أن تجارة المواد الكيماوية في بلادنا لا تخضع للمراقبة والمتابعة، وليس أدل على ذلك سوى وجود المواد الكيماوية  الخطيرة جدا ذات السمية العالية في السوق، حيث يتم استخدامها في الزراعة بحرية مطلقة ودون مراقبة من أحد حسب ما جاء على لسان المزارعين لكن الضرورة هنا تستدعي مساءلة تجار المواد الكيماوية واستيضاح بعض الأمور منهم، حيث أوضح التاجر سهيل أبو حليمة صاحب أكبر شركة التجارة وتوزيع المواد الكيماوية في محافظات غزة، أن شركته ليس بإمكانها استيراد أي صنف من المواد الكيماوية إلا بعد إذن أو تصريح رسمي من قبل وزارة الزراعة، مشيرا إلى أن كل عبوة مكتوب عليها إرشادات وتوجيهات للمزارعين للتقيد بها وعدم القفز عنها.  وأوضح أبو حليمة أن تجارة الكيماويات المصرح بها تخضع للرقابة، لكن هذه الرقابة تتلاشى تدريجيا كلما اقتربنا من السوق السوداء حيث يتم تهريب المواد الكيماوية بطريقة غير شرعية من المستوطنات الإسرائيلية إلى محافظات غزة.  أبو حليمة: الزارعون يستخدمون العبوات دون قراءة الإرشادات عليها.  وأشار أبو حليمة إلى أن المزارعين الفلسطينيين يستخدمون المواد الكيماوية في الزراعة دون قراءة الإرشادات المكتوبة على العبوات، وبالتالي تحدث نتائج سلبية من شانها تهدید صحة المواطنين وتلويث البيئة نتيجة الاستعمال الخاطئ للمبيدات الكيماوية، منوها إلى أنه ليس مسؤولا عن ذلك فمهمته تنحصر في عملية البيع وليس المراقبة على المزارعين في المزارع والحقول. . ودحض أبو حليمة مزاعم دلت على أنه يبيع مواد كيماوية سامة غير مصرح بها من وزارة الزراعة أو غير صالحة للاستعمال الزراعي، وكرر اتهاماته بهذا الخصوص لبعض المزارعين الذين لا يكترثون للارشادات المكتوبة على العبوات والتي هي في الأساس آراء علمية صادرة عن خبراء في هذا المجال، كذلك نفي نفيا قاطعا أن تكون مخازن شركته تحوي مواد كيماوية مهربة من المستوطنات الإسرائيلية أو غير ذلك.  16 نوعا محرم استعمالها  وحسب دراسة علمية أعدها الباحث يونس عيسي أظهرت أن أخطار صحية عديدة تلحق ولحقت بالمزارعين الفلسطينيين جراء الاستخدام غير الصحي للمبيدات الحشرية وخاصة تلك المحرمة دولية والتي يستخدم منها 16 صنفا في الأراضي الفلسطينية.  وأشار الباحث عيسى أن هناك علاقة وثيقة بين استخدام المبيدات بكثير من الأمراض الخطيرة، خاصة سرطانات الدماغ عند الأطفال والرئة والثدي عند الإناث إضافة إلى سرطانات الدم والكبد وغيرها، وكذلك إلى أمراض الجهاز التنفسي والأمراض العصبية والأعراض الصحية الاعتيادية مثل الصداع والمغص المعوي والتسمم الغذائي. وتبين من خلال ما رصدته الدراسة أن 7.41 يعانون من أمراض جلدية و ۷۲٪ يعانون من صداع بشكل مستمر و ۳۹٪ يعانون من مشاكل في الجهاز التنفسي و43% يعانون من مشاكل في الذاكرة. وتوصلت الدراسة إلى أن المزارعين الفلسطينيين يستخدمون ما يقارب ۵۰۰ نوعا من المبيدات الحشرية بشكل متزايد ومبالغ فيه ومن ضمنها 16 نوع حرم استخدامها دولية، وهي لا زالت تروج في الأسواق الفلسطينية دون قيود.  عيسى: 16 نوعاً من المواد الكيماوية المحرمة دولياً يستعملها المزارعون.  ويتضح أن حوالي 66٪ من المزارعين لا يقومون بقراءة التعليمات الموجودة على العبوات قبل الاستخدام وأن ۷۲٪ منهم يتبعون ما يبلغهم به بائع هذه المبيدات وه۷٪ منهم لا يستخدمون الكمية المطلوبة أكثر من الكمية المطلوبة ظنا منهم بزيادة فاعليتها، وأن ۸۲٪ من المزارعين يقومون بتخزين فائض المبيدات في بيوتهم وأن ۷۲٪ منهم يقومون برمي العبوات الفارغة في الحقول والطرقات مما يسبب خطرا على الحيوانات والأطفال.  كذلك تبين أن المزارعين الفلسطينيين يفتقرون للوعي الكافي والدراية الملائمة حول الاستخدام الإيجابي والجيد لهذه المبيدات.  وبناء على ذلك خلص الباحث في دراسته إلى توصيات أهمها تزويد المزارعين ببرامج التوعية اللازمة والضرورية حول المبيدات وأضرارها والطرق الصحيحة والآمنة في استخدامها بالتعاون مع الجهات المعنية من وزارة الصحة والجامعات والمعاهد ومراكز الأبحاث والمؤسسات التي تعني بشؤون البيئة.  كذلك العمل على وقف استخدام المبيدات المحرمة أو المحظورة الاستخدام دولية من خلال تعريف المزارعين بها وطرح البدائل الفعالة التي هي أقل خطرة وضررة على صحة الإنسان والبيئة بالإضافة إلى الفحص المخبري الدوري المنتجات المزارعين للتأكد من خلوها من بقايا المبيدات.  الطريق إلى الأمراض السرطانية  ويرى الدكتور ناصر خضير مدير مختبر تحليل الأدوية في جامعة الأزهر أن المواد الكيميائية المستخدمة في الزراعة يمكن تقسيمها إلى مواد قادرة على تغيير نمو النبات وهي تحتوي على أملاح النترات والماغنيسيوم والكالسيوم ومواد تستخدم كمبيدات حشرية وفطرية وهي في الغالب تكون سامة لأن الهدف منها قتل الميكروب، مشيرة إلى أن الأضرار تتنوع حسب نوع المادة المستخدمة، وعلى سبيل المثال المواد الكيماوية التي يدخل فيها عنصر الألمنيوم وأملاح النيترات حيث تتحلل في التربة وتصل إلى المياه الجوفية على شكل نيتريت، وإذا وصلت إلى جسم الإنسان عن طريق مياه الشرب فإنها تتفاعل مع الأحماض الأمينية، وبالتالي يكون ذلك أحد مسببات إصابة الإنسان بالسرطان أما المبيدات الحشرية والعشبية هي مواد خطيرة جدا تسبب آلام المغص والإسهال مرورا بآلام | الرأس ونهاية بالأمراض السرطانية.  خضير : بقايا الكيماويات تتفاعل في جسم الإنسان بطريقة لا رجعية.  منوها أن بعض المواد الكيماوية تتفاعل بطريقة لا رجعية بمعنى أن متبقيات المواد الكيماوية تبقى في جسم الإنسان ولا تزول مطلقا وطالب خضير المعنيين بالأمر إلى استخدام المواد الكيماوية بشكل مناسب وحسب مواصفات الاستعمال المحددة مع الأخذ بعين الاعتبار التحذيرات الصحية، مشيرا إلى أن الأرض الزراعية إذا تركت دون معالجة كيمائية فستحدث كارثة، فهناك الكثير من الآفات الزراعية التي تتطلب علاج سريعا، حيث أن انتقال الأوبئة والأمراض ما بين النباتات أسرع مما كان عليه في الماضي نتيجة الكثافة السكانية والظروف البيئية والبيولوجية في وقتنا الحاضر وهي عوامل مساعدة لانتقال الآفات الزراعية داعية إلى توعية المزارعين وتثقيفهم  وتعريفهم بكل ما يحيط بالمواد الكيماوية ذلك أن المزارع الفلسطيني إنسان بسيط لا يعي مدي خطورة المواد الكيماوية التي يستخدمها في الزراعة.  خيارات وبدائل  ويرى المهندس الزراعي محمود البكري مدير اتحاد لجان العمل الزراعي في محافظات غزة أن الأمر لا يتعلق باستعمال مفرط للكيماويات في الزراعة بل الصحيح هو استعمال خاطى من جانب المزارعين، بمعنى أن بعض المزروعات أو النباتات يتم تطعيمها بمواد كيماوية ليست ملائمة من الناحية العلمية وهناك بعض المزارعين لا ينتظر حتى انتهاء مفعول المادة الكيماوية ويقومون بعملية القطف مبكرة فمثلا الملوخية عندما يتم زراعتها في فصل الشتاء فهي تحتاج مدة ۱۲۰ يومأ حتى تنضج، لكن المزارعين يستخدمون مادة النمكور الخطيرة من أجل تسريع نموها ويقطفونها بعد 45 يوما، مع الأخذ بعين الاعتبار أن مادة النمكور لم ينتهي مفعولها، كذلك يتم التعامل مع البطاطا والخيار والفلفل وجميع الخضروات بهذا الشكل.  البكري: إستعمال خاطئ للكيمياويات وليس إستعمال مفرط أو زائد.  وأوضح البكري أن اتحاد لجان العمل الزراعي يقوم بعدة برامج تدريبية وتاهيلية على هذا الصعيد، حيث يتم إعطاء محاضرات إرشادية وتوجيهية للمزارعين لتدريبهم بهدف استخدام طرق متعددة للقضاء على الآفات الزراعية والحشرات منها المكافحة المشتركة والحيوية والبيئية اضافة إلى المكافحة الكيماوية مبينا أن اختيار أي من الطرق الآنفة الذكر لمكافحة الحشرات إنما يعتمد على دورة حياة الحشرة وسلوكها والظروف الجوية المناسبة لتكاثرها وطريقة تكاثرها ومكان حياتها واختبائها، وتهدف هذه الطرق بشكل عام القضاء التام على صنف معين من الحشرات الضارة للإنسان والحيوان أو التقليل من أعدادها في البيئة بحيث تصبح غير مؤثرة في صحة الإنسان.  وأضاف البكري أن بعض المزارعين يضعون على رأس أولوياتهم جني الربح الكثير على حساب جني الثمار الصالحة للأكل، لذا فهم يخطئون عند استعمالهم المواد الكيماوية في الزراعة ظنا منهم أنهم سيحصلون على إنتاج وفير، لكن ما يحدث عكس ذلك، بحيث تكون نتائج سلبية في أحيان كثيرة.  وأكد البكري على ضرورة تحقيق الأمن الغذائي في فلسطين كما ونوعا بحيث لا يكون الإنتاج الزراعي وفيرة على حساب الجودة والنوعية الجيدة.  مشيرة إلى أن استخدام السماد العضوي في الزراعة يحقق كلا الأمرين مع مراعاة أن التربة | بحاجة إلى عناية، وهنا يمكن طرح خيار أو بديل آخر للمواد الكيماوية بالنسبة لتعقيم الأراضي الزراعية، وهذا البديل ليس مكلفة ويتمثل في إمكانية الاستفادة من الطاقة الشمسية من خلال  استعمال النايلون وفرش التربة به لمدة 45 يوما وبذلك يمكن تعقيم التربة والقضاء على الديدان والحشرات بهذه الطريقة حيث تكون التربة قد تحمصت بقدر كافي، تجعل بالإمكان التخلي عن المواد الكيماوية.  ونوه البكري إلى أن الزراعة قبل كل شيء تتمخض عن نتيجة التطور والتفاعل الاجتماعي والاقتصادي للمصادر الطبيعية ونتيجة تفاعل عدة عوامل معقدة ومتعددة، ومن أجل فهم طبيعتها والوقوف عليها يجب دراستها وفهم عناصرها الرئيسية بشكل مستفيض سواء عملية الزراعة ذاتها والبيئة المحيطة بها والنظام الاجتماعي، بهدف الوصول إلى إمكانية تحديد الخيارات البديلة أو المستديمة وجعله أمرا ممكنا مع الأخذ بعين الاعتبار أن الهدف الرئيسي لأي خيار هو تحرير النظام القائم من الاعتماد الكلي على الكيماويات في عملية الإنتاج الزراعي أو التحرر من مؤثرات السوق، وذلك من أجل جعل عوامل الطبيعة المختلفة أن تتفاعل فيما بينها في ظل النظام الزراعي بهدف تأمين خصوبة التربة والإنتاجية وحماية النبات من الآفات والأمراض مشيرا إلى أن زيادة الخسارة الاقتصادية في المحاصيل الزراعية الناتجة عن إصابتها بالآفات المختلفة بالرغم من الاستخدام المتزايد للمبيدات الكيماوية لمكافحة هذه الآفات لهو أكبر دليل على تفاقم الأزمة، وذلك لكون الأصناف الزراعية المحسنة التي يجري التداول بها والتي تم تهجينها لرفع انتاجيتها من خلال إحداث الخلل البيولوجي أو الطبيعي داخلها أصبحت حساسة جدا للآفة وفقدت آلية الدفاع الذاتي ضدها، هذا بالإضافة إلى أن النظام الزراعي الحديث واستخدام المبيدات الكيماوية بشكل مكثف أدى إلى إضعاف العدو الطبيعي أو حتى القضاء عليه ولم يصبح فعالا في ظل نظام الزراعية الأحادية الذي يتميز بها هذا النظام.  وخلاصة القول هناك سؤال يتردد على ألسنة الكثيرين من الناس وهو ألا يمكن الاستغناء عن المواد الكيماوية وغيرها من المواد السامة كلية؟ وبالتالي تجنب الأضرار الصحية والمخاطر البيئية؟  والجواب كما رأى العديد من المختصين ، أننا الو امتنعنا عن استخدام هذه المبيدات ولو لفترة قصيرة لأدى ذلك إلى انتشار الحشرات والآفات الضارة بصورة هائلة، لكن يمكن إيجاز اتجاهين متضادين في هذا الشأن الأول هو مطالبة المزارعين باستخدام المزيد من المبيدات المقاومة الآفات بجميع أنواعها والتي تصيب زراعتهم باضرار جسيمة وتسبب لهم خسائر مادية فادحة، والاتجاه الثاني مخالف له حيث يطالب القائمون بالحفاظ على البيئة والصحة العامة بالحد من استخدام المواد الكيماوية في الزراعة بكثرة وبشكل مفرط لأن ذلك يؤدي إلى الإخلال بالتوازن البيئي والبيولوجي.                   نشر في مجلة الرأي - العدد 44 - أكتوبر - 2001

نشر في مجلة الرأي - العدد 44 - أكتوبر - 2001
المدونون العرب
بواسطة : المدونون العرب
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-