تقرير : محمد توفيق أحمد كريزم
أثنوا على قرار الرئيس بتأجيل الإنتخابات التشريعية
الرومي:ـ قرار الرئيس بالتأجيل جاء تصويباً وتصحيحاً للأوضاع القائمة.
أبو عمرو:ـ خلق أرضية للتوافق الوطني بات أمراً ملحاً وضرورياً.
الفالوجي:ـ التأجيل جاء لخدمة الإجماع الوطني وضمان النزاهة والشفافية
حميد:ـ لا مفر أمام الشعب الفلسطيني من الخيار الديموقراطي.
المدهون:ـ قرار قانوني ودستوري لا لبس فيه أو غبار عليه.
لا يختلف اثنان على أن أي إنتخابات لا يمكن إجراؤها طالما لا تسندها منظومة قوانين ولوائح داخلية تنسجم وتتوافق مع الواقع المعاش تضمن نزاهتها وشفافيتها، وتؤكد نهجها الديموقراطي الذي يتطلب بدوره ثقافة مجتمعية تحميه من أي أخطار محدقة، وبالتالي جاء قرار الرئيس محمود عباس بتأجيل الانتخابات التشريعية متناغماً ومتسقاً مع الأوضاع التي يعيشها شعبنا، وكانت رؤية صانع القرار الفلسطيني في محلها حسبما تقتضيه المصالح العليا للشعب الفلسطيني، وهذا ما أكده العديد من أعضاء المجلس التشريعي والخبراء القانونيون والشخصيات الاعتبارية.
مرسوم دستوري
أكد سليمان الرومي عضو المجلس التشريعي ونائب مقرر اللجنة القانونية في المجلس أن المادة 47 في القانون الأساسي تنص بكل صراحة ووضوح على أن مدة المجلس التشريعي هي المرحلة الإنتقالية، ومن هنا كان المرسوم السابق الذي دعا إلى إجراء الإنتخابات في 17/7 الذي لا يتوافق مع القانون الأساسي، ومن ثم جاء مرسوم تأجيل الإنتخابات التشريعية ليلغي المرسوم السابق، مشيراً إلى أن ذلك إنما في حقيقة الأمر يعتبر تصويب للمسار، و أن المرسوم الرئاسي دستوري وقانوني بشكل كامل، وينسجم ويتوافق مع القانون الأساسي .
ودعا الرومي إلى الإعلان عن إنتهاء المرحلة الإنتقالية أولا تمهيداً لإجراء الانتخابات التشريعية، وتوصيف الوضع القانوني ما إذا كانت الأراضي الفلسطينية حالياً تعتبر دولة ذات سيادة أم لا أو أنه مازال حكم ذاتي، مشدداً على ضرورة التوصيف القانوني قبل إتخاذ أي خطوة، ومن ثم الدعوة لإجراء إنتخابات تشريعية عامة بهدف ملء الفراغ القانوني، منوهاً إلى أنه في الوقت الحالي لا يوجد فراغ قانوني، بإعتبار أن ولاية المجلس التشريعي مازالت وفقاً للقانون الأساسي والأوضاع السياسية الراهنة.
وشدد الرومي على ضرورة أن يبقى القانون الأساسي هو مرجعية الجميع بهذا الصدد، مبيناً أن قانون الإنتخابات تم إقراره وإنجازه ولا توجد مشكلة هنا، لكن الإشكال أن المرحلة الإنتقالية طالت مددتها الزمنية، مشيراً في نفس الوقت أن قانون الانتخابات معد لمرحلة ما بعد المرحلة الإنتقالية التي من المنتظر إنهاؤها وفقاً للقانون.
وأشار الرومي إلى أن المجلس التشريعي سيدرس ملاحظات الرئيس أبومازن على قانون الإنتخابات وتعديل البنود التي هي مثار خلاف من خلال ألية قانونية في التعامل مع هذا الإعتراض المسبب إما أن يقبله المجلس ويقر ملاحظات الرئيس وينتهي الإشكال أو يرده المجلس التشريعي بأغلبية الثلثين ومن ثم يصبح القانون نافذاً أو يبقى قانون الإنتخابات متأرجحاً ما بين المجلس التشريعي والرئيس.
تسريع إقرار القانون
وحبذ الدكتور زياد أبو عمرو لو أن إتخاذ قرار التأجيل تم بالتشاور مع بقية القوى الفلسطينية التي تعتبر شريكه للسلطة الوطنية ولحركة فتح، إستناداً إلى ما تم الإتفاق عليه من تفاهمات وإتفاقات فلسطينية توجت بإعلان القاهرة، أو حدد موعد أخر بديل لإجراء الإنتخابات التشريعية وما تبقى من إنتخابات بلدية، داعياً في نفس الوقت إلى الإسراع في إقرار قانون الإنتخابات من أجل إجراء الإنتخابات في القريب العاجل.
وشدد أبو عمرو على ضرورة توسيع قاعدة المشاركة في إتخاذ القرار وبلورة موقف إجماع وطني ،لكنه أكد أن الرئيس هو صاحب الولاية والصلاحية القانونية لإصدار قرار أو مرسوم بتأجيل الإنتخابات وهناك تفهم للظروف الموضعية التي إستدعت إصدار هذا القرار الذي يعتبر صائباً إلى حد ما في ظل الظروف الراهنة، مطالباً بضرورة إيجاد ألية لتنظيم العلاقة بين ألأطراف الفلسطينية ومواصلة التشاور والتنسيق بغية الإتفاق على أسس وقواعد واضحة في التعامل والتعاطي مع الأمور السياسية وكل المجالات الأخرى.
وأوضح أبو عمرو أن المجلس التشريعي أضاع شهوراً عديدة في بحث وإقرار قانون الإنتخابات من خلال الخلافات الدائرة بين أعضاء المجلس التشريعي ودوائر السلطة التنفيذية وحركة فتح حول طبيعة القانون الذي يجب أن تجري بموجبه الإنتخابات التشريعية، مشيراً أن الأمر لا يستدعي كل هذا النقاش والتسويف في إقرار القانون، وكان الأحرى بالمجلس التشريعي والسلطة التنفيذية الوصول إلى صيغة توافق للقانون المقترح كما أكد عليه إعلان القاهرة بضرورة إعتماد النظام المختلط وتقسيم مقاعد المجلس مناصفة بين الدوائر والقوائم النسبية.
خدمة الإجماع الوطني
من جهته رأى عماد الفالوجي أن قرار الرئيس محمود عباس بتأجيل موعد انتخابات المجلس التشريعي لم يفاجئ أحداً بل انتظر الجميع صدور المرسوم الرئاسي فقط الذي يؤكد ذلك، لإن التداعيات التى سبقت هذا القرار كانت تؤكد حدوثه لأسباب واضحة ومعروفة مشيراً لوجود ثلاث طروحات تتمثل في طرح الرئيس الذي يريد باصرار اعتماد نظام النسبية الكاملة واعتبار مناطق السلطة كلها منطقة واحدة وهناك طرح الفصائل حسب ما تم التوافق حوله في تفاهمات القاهرة باعتماد المناصفة بين الدوائر والنسبية ، وطرح غالبية اعضاء المجلس التشريعي الذي يريد اعتماد الثلثين للدوائر والثلث للنسبي ، وبالتالي لم يكن هناك مفر من إصدار مرسوم التأجيل في محاولة جادة منه لاقناع غالبية اعضاء المجلس بما تم التوافق عليه مع الفصائل ، وفي هذه الحالة يكون الرئيس قد انحاز بشكل واضح لما تم الاتفاق عليه في حوار القاهرة واصراره على تنفيذ ذلك، مستهجناً في نفس الوقت قيام بعض الفصائل بالاعلان عن رفضها لقرار الرئيس بالتأجيل فيما هي في نفس الوقت تطالب بالالتزام بما تم الاتفاق عليه في القاهرة متسائلاً عن كيفية حدوث ذلك بدون التأجيل لاسيما بعد إقرار المجلس لقانون الإنتخابات بالقراءات الثلاث.
وأكد الفالوجي أن التأجيل جاء لخدمة الإجماع الوطني ولضمان أكبر مشاركة ممكنة في الانتخابات ولنزع أي ذريعة قد تكون للبعض لمحاولة التهرب من المشاركة لأي سبب كان، متمنياً في نفس الوقت لو جرت الانتخابات في موعدها ليس فقط الذي ورد في المرسوم الرئاسي فحسب بل على مدار السنوات الماضية ولكن الأحداث كانت اكبر من الجميع ، منوهاً إلى أن الظروف المحيطة بشعبنا والوضع الداخلي الذي لا يخفي على أحد من ظاهرة الفلتان الأمني التي اخذت تعصف بالمجتمع الفلسطيني ووحدته بل وتهدد مستقبله لا تساعد على إجراء الإنتخابات بطريقة ديموقراطية ونزيهة.
وشدد الفالوجي على أن الحالة الفلسطينية بحاجة لمزيد من الوقت والجهد للعمل الجاد والمركز لاستيعاب أسس العملية الانتخابية وأن نتعلم أدب الخلاف وكيف نتفق، ووضع الاليات التي تضمن الحفاظ علي ما هو أهم من الانتخابات ومن الفوز وهي الحفاظ علي حرمة الدم الفلسطيني ولا يجوز لاي كان أن يهدد به أو يتخذه وسيلة للابتزاز وفرض الآراء، وكذلك الحفاظ علي وحدتنا الوطنية التي هي ركيزة وأساس وجودنا ومستقبلنا، متسائلاً هل أخطأ الرئيس بقراره أم اختار أهون الضررين ؟ وفي كلا الحالتين كان سيجد المعارضين والمشككين وذوي الحسابات الضيقة والرؤي المحدودة.
قرار مدروس
أما الخبير القانوني الدكتور نافذ المدهون أوضح أن قرار تأجيل الإنتخابات التشريعية جاء مدروساً وكان لابد منه بالنظر إلى المتغيرات السياسية والأحداث الراهنة وإحتدام الجدل والخلاف بين الأحزاب والتنظيمات السياسية، وغياب قانون الأحزاب وعدم إقرار قانون الإنتخابات بصورته النهائية.
وأشار المدهون إلى أن إجراء الإنتخابات التشريعية في ظل الأوضاع القائمة والمستجدات السياسية على الساحة الفلسطينية لاسيما ما يتعلق بإستحقاقات الإنسحاب الإسرائيلي من بعض الأراضي الفلسطينية سيكون صعب التنفيذ، مؤكداً في نفس السياق أن إصدار المرسوم الرئاسي بشأن تأجيل الإنتخابات التشريعية أخذ بعين الإعتبار الخصوصية الفلسطينية والترتيبات القانونية اللازمة لإجراء الإنتخابات، مشيراً إلى أنه حتى في حال تم إقرار قانون الإنتخابات فإن ذلك يقتضي تحديد فترات زمنية كافية لتسجيل المترشحين وإجراء الدعاية اللازمة والإقتراع وإتخاذ الإجراءات الفنية المناسبة، لكنه نوه في نفس الوقت إلى وجود أراء مختلفة وتباين في المواقف بين السلطتين التشريعية والتنفيذية أعاق إصدار قانون الإنتخابات وبالتالي إنعكس ذلك على إجراء الإنتخابات التشريعية التي كانت مقررة سلفاً, مبيناً أن الفترة الزمنية المتاحة ليست كافية لإجراء عملية إنتخابية ديموقراطية متكاملة وذات مصداقية عالية.
وقال المدهون أن الوضع القانوني للمجلس التشريعي يبقى كما هو قائماً كونه يمثل إستحقاقاً لسقف سياسي طالما لا توجد متغيرات مبيناً في نفس الوقت أن الأحزاب والتنظيمات السياسية لا تملك الولاية القانونية على المجلس التشريعي لإجباره على إتخاذ أمر أو إنتهاج سياسة محددة.
ونوه المدهون إلى أن صناع القرار الفلسطيني لديهم تصور أو رؤية معينة تأخذ بعين الإعتبار الحقائق على أرض الواقع أو ما نسجته الإنتخابات البلدية من خلافات بين الأحزاب والتنظيمات السياسية والعمل على تلافيها من خلال إعادة النظر في النظم الإنتخابية القائمة وجعلها تتواءم مع المصالح العليا الشعب الفلسطيني من خلال ضمان التمثيل النسبي لكافة الأحزاب والتنظيمات الفاعلة والعاملة على الساحة الفلسطينية، لافتاً النظر إلى أن الحاجة باتت ملحة لإقرار نظام إنتخابي مدروس ومتوازن يأخذ بعين الإعتبار التعددية السياسية وينصف النساء والفئات الأخرى الضعيفة
توافق مع المصلحة الوطنية
من جهته أكد عبد الفتاح حميد عضو لجنة مفاوضات شئون اللاجئين أن قرار الرئيس بتأجيل الإنتخابات التشريعية هو حق كفله له الدستور بإعتباره رئيس منتخب من قبل الشعب الفلسطيني ويرى الصورة بشموليتها ويعرف أين تكمن المصلحة العليا للشعب الفلسطيني من أجل ضمان ونزاهة الإنتخابات التشريعية بصورة حضارية وديموقراطية، مشيراً أن لا خيار أمام الشعب الفلسطيني سوى الخيار الديموقراطي والمشاركة في إتخاذ القرار والتعددية السياسية وصولاً لبناء مجتمع متقدم ومتطور، مبيناً أن الجميع يسعى لتكريس الحق الديموقراطي سواء رئيس أو حكومة أو أحزاب وتيارات سياسية حسبما تقتضيه المصالح الوطنية للشعب الفلسطيني، وبالتالي المرسوم الذي أقره الرئيس بتأجيل الإنتخابات هو قرار دستوري بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
ودعا حميد إلى خلق ثقافة مجتمعية مستمدة من التراث الفلسطيني تحمي الممارسة الديموقراطية الفلسطينية التي تعد أرقى ممارسة في المنطقة، مؤكداً أن كافة القوى والتيارات السياسية والإجتماعية بإمكانها أن تفتخر أن لدى الشعب الفلسطيني رصيد ومكنوز كبير من القيم الديموقراطية تؤهله لإجراء إنتخابات ذات شفافيه عالية.
وطالب حميد بوقف كافة مظاهر حقن الشارع بالإشاعات والتحريض التي تؤدي إلى الكراهية والجدل العقيم، مؤكداً أن الديموقراطية لا تأتي بقرار بقدر ماهي منهج وسلوك وتطور حضاري مشدداً في نفس الوقت على أهمية تنظيم العامل الذاتي الفلسطيني المبني على سيادة القانون والنظام وإحترام الشرعية.