في ذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية اثنان وثلاثون عاما من النضال والكفاح فتح ثورة فلسطينية الوجه . عربية العمق . عالمية البعد فتح بقيادة الرمز أبو عمار - صانعة الثورة – وصانعة السلام

تحقيق : محمد توفيق أحمد كريزم

في ذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية

اثنان وثلاثون عاما من النضال والكفاح

فتح ثورة فلسطينية الوجه . عربية العمق . عالمية البعد

فتح بقيادة الرمز أبو عمار - صانعة الثورة – وصانعة السلام

إستطلاع : محمد توفيق أحمد كريزم  في ذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية  اثنان وثلاثون عاما من النضال والكفاح  فتح ثورة فلسطينية الوجه . عربية العمق . عالمية البعد  فتع بقيادة الرمز أبو عمار - صانعة الثورة – وصانعة السلام       منذ فجرت حركة فتح الثورة الفلسطينية المعاصرة وشلال دماء شهداء ثورتنا ما انفك يتدفق ويفيض راسما الخارطة الجديدة للمنطقة بأسرها .   وعندما أطلقت فتح رصاصاتها الأولى لتطرح منطلقاتها الاستراتيجية التي حددت من خلالها أولوية تحرير فلسطين باتباع اسلوب الكفاح المسلح وتوحيد نضال الجماهير قلبت بذلك رأسا على عقب مجموعة المنطلقات الاستراتيجية التي سادت الوطن العربي حول قضية فلسطين وأدخلت المنطقة العربية برمتها في مرحلة جديدة تمتاز بالصراع الساخن ، وبرهنت على أن الثورة الفلسطينية .. فلسطينية الوجه.. عربية العمق.. عالمية البعد، مما جعلها في وضع فريد ضمن حركات التحرر الوطني في العالم.  الأجواء التي رافقت ولادة الحركة   لاشك أن ولادة حركة فتح كانت عيرة اعترضتها صعوبات و مشاكل جمة، في الوقت الذي لم يكن فيه سهلا على طلائع قيادتنا التاريخية أن يتخذوا قرارهم التاريخي بتأسيس فتح في ذاك الوقت.  الكفاح المسلح بدلا من الشعارات والمزايدات      يقول الأخ سلیم الزعنون (أبو الأديب ) أحد القادة التاريخيين لثورتنا ومن المؤسسين لحركة فتح عن الظروف التي رافقت انطلاقة الثورة الفلسطينية المسلحة بقيادة فتح في 1/11/1965 بأن مصاعب الانطلاقة كانت جمة ولكن أهمها وجود أكثر من ثلاثين تنظيما كانت جميعها تحمل أسماء وشعارات حول تحریر فلسطين.. بعض تلك التنظيمات كان لا يتعدى حجمها عدد أصابع اليد.. وبالتالي كانت ساحات العمل الفلسطيني غارقة بالمزايدات والشعارات.. مما أدى إلى الخلط بين الغث و السمين ولهذا بطبيعة الحال أثره السلبي على جماهيرية وشعبية أي تنظيم.. مما حتم على قيادة فتح التاريخية القيام بعمل بطولي وشجاع يكون كفيلا بإخراج حركة فتح من دوامة الشعارات والصراعات الحزبية التي سئمتها جماهير شعبنا. ويضيف الأخ أبو الأديب بأنه كان لابد من إطلاق شرارة الكفاح المسلح.. وهذا العمل أو القرار يعتبر مصيريا وخطيرا، حيث كل الظروف المحيطة كانت تعمل ضد هذا الاتجاه .. ثم هناك منظمة التحرير الفلسطينية برئاسة أحمد الشقيري و التي تأسست في 13/1/1964 ، بقرار من القمة العربية في القاهرة، ثم في قمة الاسكندرية سبتمبر/أيلول 1964 تقرر إنشاء جيش التحرير الفلسطيني بقيادة اللواء وجيه المدني، وكان لهذا أثره الفعال-سلبا على وجود التنظيمات المختلفة ، وكان هناك القيادة العربية الموحدة بقيادة الفريق أول علي عامر بقرار من القمة العربية من أجل مواجهة المشاريع الإسرائيلية التحويل مياه نهر الأردن ومنابعه مما يشكل تهديدا للدول العربية .. وهذه القيادة لا تريد لغيرها أن يعمل ضد الإسرائيليين.. ولقد كانت لهذه القيادة قرارات مضادة للعمل الفدائي بعد الانطلاقة:  والحدود المشتركة مع فلسطين المحتلة موصدة في وجه أي عمل مسلح .. والتمويل المادي محدود ويعتمد على اشتراكات الأعضاء فقط، حيث لا أحد يتبرع ماديا لمن لا يعمل .. وأجهزة المخابرات في مناطق التماس مع فلسطين المحتلة تلاحق وتمنع أي إنسان من اختراق الحدود ومهاجمة العدو في الداخل.. ثم هناك الخطر المصيري المحتمل، الذي يتهدد تنظیم فتح بكل وجوده إذا ما فشلت الانطلاقة. العملية الأولى   ويكشف الأخ أبو الأديب اللحظات الحاسمة التي عاشتها ثورتنا ويقول بأنه أمام كل هذه الأخطار كان لابد من اتخاذ القرار المصري و الحاسم.. ولقد اختلف قادة تنظيم فتح حول ذلك .. البعض يؤيد الانطلاقة .. والبعض يحذر .. والبعض متردد .. وفي ظل كل هذه الظروف الصعبة اجتمع قادة فتح من كل الأقاليم وكان اللقاء في مكان ما بالكويت وبعد نقاش طويل ومتشعب وخلال عدة أيام التزم الجميع بقرار الأغلبية وتقرر إطلاق الرصاصة الأولى في ليلة الفاتح من كانون الثاني (يناير) 1965م .. كبداية للثورة الفلسطينية المسلحة من أجل تحرير فلسطين .. ولقد ارتأى المجتمعون تحسبا لأي طارئ أن تكون الانطلاقة تحت اسم غير اسم حركة فتح التي باتت معروفة للجميع وتم اختيار اسم قوات العاصفة، فإذا تحقق النجاح وتواصلت الثورة ونجت من الأخطار المحدقة بها فان الأمر سيوضح بعد ذلك لوسائل الإعلام ولبقية تنظيم فتح حيث إن الأمر كان سريا للغاية ومحصورا في نطاق عدد محدود من قيادة الحركة .. أما لو كان هناك فشل .. فستنجو فتح من الخطر وسيتحمل الاسم الجديد تبعة ذلك الفشل .. ولقد تمت الانطلاقة بحمد الله وتوفيقه وتمكنت مجموعات من قوات العاصفة من تفجير بعض المنشآت التحويلية المياه نهر الأردن في نفق عيلبون وتبعتها عدة عمليات داخل فلسطين المحتلة وفي مناطق متباعدة في الجليل .. وفي بيت جبرين وفي بئر السبع بحيث لم يستطع العدو إلا أن يعترف بما حدث و أعلن عن ذلك من خلال اذاعته .   ويتذكر الأخ أبو الأديب أن القيادة اتخذت قرارا في مواجهة الأعباء المالية اللازمة لتغطية تلك العمليات بأن على كل فرد منتسب الحركة فتح أن يدفع مبلغ خمسين دينارا دعما للعمل العسكري وديمومته.  أصداء العملية   أما عن الصدي الذي أحدثه ذلك العمل فيقول الأخ أبو الأديب ، بأن الفرحة عمت صفوف الشعب الفلسطيني و بدأ الناس يتحدثون باستبشار وسعادة و أمل وهم يرددون الشعار الذي كانت تتركه المجموعات الفدائية الأولى وراءها في مكان العمليات المسلحة " أيها الغزاة الصهاينة.. قوات العاصفة مرت من هنا " وبدأ الشبان ينضمون إلى تنظيم حركة فتح في كل مناطق الشتات وفي قطاع غزة والضفة الغربية مما أدى إلى ذوبان أو تلاشي العديد من التنظيمات .. فالناس كانوا متعطشين لمن يجسد الشعارات إلى عمل بعد أن طال الانتظار واستبد اليأس بالنفوس، لقد كانت فتح بالنسبة للشعب الفلسطيني شعلة الأمل، أما عن الصدی عربيا فلاشك أن الانطلاقة ساعدت في استنهاض النخوة العربية فيات الناس يتبرعون للحركة من أجل تمويل عملياتها البطولية ودعما لأسر الشهداء والجرحى والأسري، وكانت هناك مناصرة دولية محدودة تمثلت بالدرجة الأولى بدعم مادي ومعنوي من قبل جمهورية الصين الشعبية وفيتنام وكوبا، وفي هذا المجال لا يمكننا أن ننسى الدعم الأخوي الصادق من قبل الجزائر الشقيقة وسوريا الحبيبة، حيث كانت لهما وقفات مخلصة ساعدت في إنجاح انطلاقة الثورة الفلسطينية واستمراريتها وتصاعدها بقيادة حركة فتح .  فتح صنعت لشعبنا الهوية السياسية      يقول الأخ زكريا الأغا بأن فتح ولدت من عمق المأساة الفلسطينية في وقت كان فيه الشعب الفلسطيني يعتبر مجرد قطاعات من اللاجئين بدون أي هوية سياسية ومن هنا تولدت الفكرة لدى عدد من القيادات الفلسطينية برئاسة الأخ القائد أبو.. عمار والشهيدين القائدين أبو جهاد وأبو ایاد وكثيرا من الأخوة الذين فكروا كيف يمكن أن يعيدوا الحياة إلى القضية الفلسطينية وان يعملوا على احياء النضال الفلسطيني والبدء بالكفاح المسلح. ويضيف الأغا أن الأفكار التقت بشأن تأسيس فتح على قاعدة الكفاح المسلح لتحرير فلسطين وتحويل شعبنا من مجرد شعب لاجئ إلى شعب من المقاتلين ونضجت الفكرة بعدما اتفق على موعد أول عملية تقوم بها قوات  العاصفة الذراع العسكري لحركة فتح، وكانت العملية بمثابة الإعلان الرسمي لانطلاقة فتح وانطلاقة الكفاح المسلح. وقد كان الاعلان الانطلاقة الفتحاوية وقع في الشارع الفلسطيني داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة فقد أعادت له ثقته بنفسه و احتشدت جماهير غفيرة للتطوع في صفوف فتح لتخوض النضال والكفاح تحت راية فلسطينية بقيادة القائد ياسر عرفات.  الاعتماد على الذات التحرير فلسطين    يقول الأخ مازن عز الدين انعكست بدايات تشكل الواقع العربي القومي باتجاهاته المختلفة التي تضع في اعتباراتها فلسطين، على الواقع الفلسطيني في الشتات، بحيث إن الشباب الفلسطيني حاول أن يجد نفسه في الحزبية العربية، فانضوى تحت أجنحة الأحزاب القومية معتقدا أنها السبيل في حشد موقف عربي من أجل معركة التحرير التي تعيده إلى فلسطين خاصة وأن مفتاح بيته لم يصب بالصدأ في تلك الأيام، وبالتالي كانت فكرة الوحدة العربية هي الطريق الحتمي التحرير فلسطين، ولكن مع طول المدة وانتظار الجيوش العربية التحرير فلسطين بدأ الملل يدخل في صفوف الشباب الفلسطيني، وبدأت تتشكل في أوساط الطبقات الأكثر وعيا من شعبنا الفلسطيني وتحديدا اتحاد طلاب فلسطين مجموعة من الأفكار المنسجمة مع واقعنا الفلسطيني والتي ترافقت مع نمو حركات التحرر العالمية و العربية مثل موجة المد القومي في اليمن والجزائر ومصر وثورات فيتنام وكمبوديا مما عكس ذلك على بدايات تشكل النواة الثورية الفلسطينية في الطبقات الأكثر وعيا.. ومن هنا جاءت فكرة الاعتماد على الذات بضرورة وجود حركة أو تنظيم فلسطيني يقاتل ويقاوم ويقلب المعادلة. ويضيف الأخ عز الدين بأن حركة فتح لم تكن بديلا عن منظمة التحرير الفلسطينية فالمنظمة جاءت کرد عربي على تحویل روافد مجرى نهر الأردن وكتعبير عن أفكار الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وتتويجا لفكره القومي باتجاه فلسطين الذي كان يعتبرها العمود الفقري للفكر القومي، وتم تشكيل جيش لها أطلق عليه اسم جيش التحرير الفلسطيني وكان منضويا تحت قيادة أركان الدول العربية التي يتواجد على أراضيها و مرتبطا بالخطة الرسمية العربية لأنظمة دول الطوق وبالتالي لم يستطع أن يحرك شينا بالنسبة لفلسطين . فجاءت حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح بتشكيلاتها دون أن تتدخل بتشكيلات منظمة التحرير الفلسطينية في بادئ الأمر إلى أن قامت بتفجير الانطلاقة وبداية تشكيل معسكراتها والقيام بعمليات فدائية . ويضيف الأخ عز الدين بعد حدوث نكسة 67 واحتلال باقي فلسطين إضافة إلى احتلال سيناء والجولان، أصبحت اليد الطولى الإرادة الشعب وإرادة الكفاح المسلح، وبالتالي وجب تأميم منظمة التحرير الفلسطينية ليصبح قرارها فلسطينيا محضا، وجرت محاولات عديدة لكي يتلقى جيش التحرير الفلسطيني تعليماته من رئاسة الأركان الفلسطينية وليس من أركان رئاسة الدول العربية المتواجد على أراضيها ، إلى أن جاءت الظروف وأصبح جيش التحرير الفلسطيني تحت إمرة فلسطينية يدافع دفاعا مستميتا عن الثورة الفلسطينية بعد أن قامت فتح بعملية النقل الشرعي لقيادة منظمة التحرير الفلسطينية من قيادة الشهيد المناضل أحمد الشقيري إلى قيادة الرئيس القائد العام یاسر عرفات.  فتح انطلقت باتجاه الوطن       وبدوره يقول الأخ إبراهيم أبو النجا: فرضت نكبة 48، وما ترتب عليها من سلب الأرض الفلسطينية وتهجير للشعب الفلسطيني ، وحالة الضياع التي عانى منها أبناء شعبنا في السنوات الأولى للهجرة، فرضت على الشعب العربي الفلسطيني أن يعيد صنع نفسه من جديد، وقد اضطلع بهذه المهمة كوكبة من المناضلين التقوا فاتفقوا على الخروج من هذا الواقع الأليم وتصويب المسار، | ومن هنا جاء ميلاد التنظيم السياسي الذي سمي بحركة التحرير الوطني الفلسطيني، وقد أخذنا الحروف الأولى للتسمية فتكونت كلمة (حتف) ولكن قلبنا الكلمة وأصبحت فتح، وحروفها تدل على: الفاء فلسطين، والتاء تحرير، والحاء حركة، فالحركة جاءت في الآخر لأنها ستطلع بمهمة التحرير، والفاء جاءت في الأول لأن الهدف الأول هو فلسطين، وحركة فتح عندما تأسست لم يكن المقصود منها أن تكون على غرار التنظيمات السياسية التي سبقتها في التأسيس ولكنها جاءت لتنطلق من العمل السياسي إلى العمل العسكري الذي ترجم على ارض الواقع مع بزوغ فجر 65/1/1 وتفجير الكفاح المسلح لنعلن للعالم أننا انطلقنا باتجاه استرداد فلسطين، وقد حذرنا من أي محاولة تستهدف النيل من عملنا العسكري، وقد رافقت الانطلاقة أدبيات تتمثل في المبادئ والأهداف والشعارات وتعرضت حركة فتح وكوادرها الملاحقات ومطاردات، وزج بهم في السجون. وأضاف أبو النجا إن الإعلان عن الكفاح المسلح وضع طلائعنا الفلسطينية الذين أصبحوا فيما بعد قادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح وعلى رأسهم الأخ القائد أبو عمار ورفيق دربه الشهيد القائد خليل الوزير (أبو جهاد) وبقية الأخوة في وضع يصدق فيهم قوله تعالى و من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا.  ويوضح أبو النجا بأن انطلاقة فتح ليست بديلا عن العمل العربي المشترك فنحن رأس الحربة التحرير فلسطين حيث تلقف أبناء شعبنا الفلسطيني في كافة أماكن تواجده نبأ الانطلاقة بتلهف وتأييد كبير ويحدوهم الأمل بأن هذا هو الطريق لتحرير فلسطين ونیل حقوقنا الوطنية وبدأوا بالالتحاق بصفوف الحركة، حيث كان للفدائيين العديد من المعارك والعمليات العسكرية التي أوجعت الاحتلال، وكان الفدائيون يمارسون حرب العصابات ولم يمارسوا الحرب النظامية حيث دخلت العلم العسكري النظرية الفلسطينية بأن الصمود المدعوم بالحق هو الأساس وواجه مقاتلونا بأسلحتهم الخفيفة الفردية الآليات والطائرات وكل أشكال الحملة الصهيونية، لم نتكلم نحن عن النتائج بقدر ما تكلم العدو نفسه وبقدر ما تكلم المراقبون العسكريون والسياسيون، وشكلت عملياتنا انعطافا جديدا في فهم العالم كله لخصوصية وطبيعة قضيتنا مما أدى إلى الالتحام الشعبي بالثورة الفلسطينية وبدأت المعادلة في التغيير والنظرة تختلف من شعب لاجئ إلى شعب يمارس الكفاح من أجل عودته إلى أرضه، وكان على الثورة أن تستوعب المناضلين الذين التحقوا بها وأن تقيم المؤسسات في الوقت الذي كثرت فيه أعباء الثورة الفلسطينية واستطاعت أن تبني المؤسسة العسكرية وتوابعها،  وهذه النقلة الجديدة جعلتنا،  مستهدفين من بعض القوى التي لم يكن هدفها تحرير الوطن سواء كانت على الصعيد المحلي أو على الصعيد القومي واستمر النضال الفلسطيني وكانت العمليات ليلية وبشكل مكثف وأذكر هنا عمليات الحزام الأخضر حيث أخذت شكل المواجهة العسكرية الحقيقية غرب النهر التي قادها الأخ أبو عمار والأخ أبو جهاد و الأخ أبو صبري، وكل القيادة الفلسطينية كان عليها أن تدخل إلى الداخل التبني الخلايا السرية وتمدها بالأسلحة مما أضفى على نضالنا وقتالنا شينا متميزا حيث أن القيادات السياسية والعسكرية كانت تضطلع بهذا الدور في البناء والتأسيس وإقامة القواعد و تثبيت التنظيم السري في التعبئة و التحريض.  انطلاقة فتح كسرت الجمود والتراجع      يقول الأخ أبو ماهر حلس بأن میلاد حركة فتح وتحديدا انطلاقتها العسكرية كان في ظل ظروف عربية واقليمية تكيفت مع وجود کیان اسرائيلي وكأنها أمر واقع، وأن العمل المسلح هو مغامرة محكوم عليها بالفشل، وجاءت انطلاقة فتح لتكسر هذه المفاهيم وتستبدلها بمفهوم ثوري جديد يعتمد على الكفاح المسلح. ويضيف الأخ أبو ماهر بأن من أطواق السلامة اللي اعتمدتها فتح وضمن منطلقاتها الأساسية هي حفاظها على استقلالية القرار الوطني الفلسطيني، وقد مارست هذا الشعار في كل مراحل العمل الوطني، فهي لم تتدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة إضافة إلى أنها لم تسمح بالتدخل في الشؤون الداخلية الفلسطينية بغض النظر عن حجم التحالف مع هذا | النظام أو ذاك، وقد كانت فتح وقيادتها دائما مرشحة للإسهام الايجابي في حل الكثير من الخلافات العربية .  وما يميز حركة فتح هو أنها صاحبة المبادرة التاريخية في كل مراحل العمل الوطني، فعندما | اختارت الكفاح المسلح، كان هذا | بمثابة مغامرة في نظر الآخرين، | لكن سرعان ما لحق بها الجميع وثبتت صحة النظرية الفتحاوية، | وحينما اختارت السلام كان أيضا السلام مجازفة تاريخية، ولكن سرعان ما اتضحت صحة الخطوة التي اتخذتها قيادتنا الفلسطينية | وعلى رأسها الأخ القائد أبو عمار في كل المراحل سواء معركة الحرب أو السلام، فهي تنطلق من رؤى واضحة لأهدافها الوطنية وللمصلحة العليا لشعبنا ضمن قراءة واقعية لظروف شعبنا.  واعتمدت فتح المرونة في التكتيك وصلابة استراتيجية وثبات على الهدف والمبادئ، وما يتغير فهو شعارات وأساليب، حتى نصل إلى اقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.  فتح حملت ميراث الأمة   ومن جهته يرى الأخ سليم الزريعي الذي أمضى خمسة وعشرين عاما في السجون الإسرائيلية أن الحديث عن حركة فتح ذو شجون، ففتح ولدت من رحم المعاناة وفي مرحلة أسمناها بمرحلة الاستقرار المنظومي، هذه المرحلة التي طغت فيها فكرة العمل القومي على كل ما عداها، وحينما استذكر تلك المرحلة في تلك الظروف لا يسعني إلا أن أقول إن قرار انطلاقة فتح وقرار تشكيل طلائع قوات العاصفة كان قرارا يرقى إلى مستوى المرحلة وكان قرارا شجاعا لا يجرؤ على اتخاذه إلا تلك القيادة التاريخية التي قادت النضال الفلسطيني وحملت حلم الإنسان الفلسطيني وهمومه وكانت بمستوى حمل أمانة ميراث الأمة وصون التاريخ الفلسطيني من الاندثار.  ويضيف الزريعي إنه في تلك الفترة أسهمت الأنظمة العربية بما طرحته من مفاهيم في تغييب الدور الفلسطيني والذي يفترض أن يكون هو الدور الأساسي، وتبقى الجبهة العربية داعمة ومساندة تقف إلى جانب نضال شعبنا وتدعم كفاحه، وقد أثبتت الأيام والمعارك التي تلت ذلك صحة هذه المقولة حيث اتهمتنا بعض الأنظمة العربية بأننا قطريون و إقليميون و انفصاليون في ذاك الوقت ورددنا على هذه الادعاءات والاتهامات بأن حركة فتح فلسطينية الوجه عربية القلب والوجدان عالمية الأبعاد والامتدادات، فالمعركة قومية ويجب أن يكون الفلسطيني هو رأس الرمح وأن تكون المعركة تحت قيادة فلسطينية ونذكر عندما دخل جيش الانقاذ فلسطين في الأربعينات أسهم في تحجيم ثورة الفلسطينيين تحت شعار أن المعركة قومية. وتحول جيش الجهاد المقدس الفلسطيني في ذاك الحين إلى مجموعات متناثرة حينما ألغيت قيادته بقرار من جامعة الدول العربية وقالوا إن جيش الإنقاذ هو البديل وانسحب جيش الإنقاذ بقرار عربي وبقي الفلسطينيون ممزقين أمام الحركة الصهيونية، من هنا ندرك أهمية قرار القيادة التاريخية لحركة فتح في أن يتصدر الفلسطينيون النضال من أجل قضيتهم الفلسطينية وهويتهم النضالية.  فتح وهج الجماهير ومشعلها الحقيقي   يقول الأخ أحمد أبو سيف وهو أحد المقاتلين الذين جمعوا بين الانتماء الفتحاوي فكرا ومنهجا وبين الكفاح المسلح عملا وتطبيقا بأن حركة فتح هي المشعل الحقيقي للشعب الفلسطيني وهي وهج الجماهير ويصب نضالها في إطار العمل الفلسطيني من أجل تحرير فلسطين، وكان ثقلنا العسكري موجودا في الأردن بشكل مجموعات سرية.  وبعد حرب 67 نشطت حركة فتح عسكريا ودخلنا بما سمی ( كسر العظم ) مع الإسرائيليين وكانت حرب الكرامة بداية أول تصد عسكري حقيقي للعدو، حيث الحقت الهزيمة به، وهبت الجماهير للالتحاق بصفوفنا، وتطورت القواعد الفدائية في جنوب أربد والرمثا، ومن كان ينظر ليلا إلى أريحا من جبال اربد والناعور يجد منطقة أريحا وقد لفتها أحزمة من النيران فالعمليات بشكل يومي، وكان ينفذون مقاتلونا عملياتهم الفدائية سرا وفي الليل خوفا من اعتراض طريقهم.  ويضيف الأخ أبو سيف بأننا عندما نتكلم عن فتح فإننا نتكلم عن فلسطين ذلك أن فتح استوعبت معظم أبناء الشعب الفلسطيني في صفوفها وكانت بمثابة الأم الحنون، بل إنها كانت تمد التنظيمات الفلسطينية الأخرى بالمال والعتاد لمواصلة مشوارها النضالي من أجل تحرير فلسطين، | وفتح عبارة عن حركة عالمية استطاعت تجنيد الرأي العام الصالح القضية الفلسطينية وكانت تدعم نفسها بنفسها.  انطلاقة فتح حلقة من حلقات النضال الشعبي  يقول الأخ أحمد أبو شاويش بأن الحديث عن انطلاقة فتح يقود إلى السياق التاريخي الذي جاءت فيه الانطلاقة وبروز العمل العسكري فالانطلاقة لم تأت من فراغ وانما هي حلقة من حلقات النضال الفلسطيني الممتد في أعماق التاريخ ، وخاصة منذ وطئت أرض فلسطين اقدام المستيا وطنين الصهاينة في أواخر القرن التاسع عشر، وانطلاقة فتح وانتهاج الكفاح المسلح سبيلا للوصول إلى فلسطين وتحريرها جعل من شعبنا الفلسطيني بدلا من شعب لاجئ شعبا يحترمه العالم .  ويضيف أبو شاويش وإن منعطفات كثيرة اعترضت طريق الثورة بالأرواح والدماء، وتمكنت فتح أن تدحض المقولة الصهيونية بأن فلسطين أرض بلا شعب ، الشعب بلا أرض، واستطاعت فتح بثورتها وبجماهيرها أن تثبت أن هذه الأرض لنا منذ الأزل وحتى الأبد وأن دولتنا الفلسطينية المستقلة قادمة لا محالة وعاصمتها القدس الشريف.  استقلالية القرار الوطني  أما عن استقلالية القرار الوطني الفلسطيني الذي اعتبرته حركة فتح مبدأ من مبادئها الرئيسية... فالهدف كان من أجل الابتعاد عن دائرة الاستقطابات العربية والدولية ضمانا لتأييد الجميع عربيا ودوليا.  فتح فلسطينية المنطلق عربية الانتماء  عن ذلك يقول الأخ سليم الزعنون لقد فهم البعض وربما عن خبث ودهاء أن ذلك يعني نظرة وطنية ضيقة تتنكر القومية القضية الفلسطينية، حيث جرى الطعن في هذا المبدأ وتشويهه بينما حقيقة الأمر كانت تؤكد وباستمرار وبكل الصدق ومنذ البدايات على أن الثورة الفلسطينية بقيادة فتح إنما هي فلسطينية المنطلق عربية الانتماء، ولطالما رددها الأخ قاند الثورة الرئيس یاسر عرفات ومن كل المنابر" إنها فلسطينية الوجه عربية القلب" ولقد عرفت الأمة العربية ذلك، فكان الامتداد الواسع والعميق الحركة فتح في صفوف الأمة العربية من المحيط إلى الخليج، وامتد ذلك الوجود إلى كل شعوب الأمة الإسلامية و أما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض .  لا للوصاية .. ولا للتبعية .. ولا للاحتواء  يقول الأخ مازن عز الدين بدأت حركة فتح تحت عناوین واضحة في منطلقاتها الاستراتيجية حيث خاطبت بعدنا العربي، الذي يعتبر القاعدة الارتكازية الأساسية فحركة فتح لم تكن تبحث فقط عن القرار الفلسطيني المستقل و انما الضرورات التفاوضية والضرورات السياسية كانت تفرض على القيادة الفلسطينية إيجاد هامش هام وواسع للمناورة أطلق عليه القرار الوطني الفلسطيني المستقل وفتح رفعت شعارات واضحة بأن الثورة الفلسطينية فلسطينية الوجه عربية القلب، وعندما بدأت الطروحات السياسية لتبرير الاعتراف بقراري 242، 338 ودخولنا في مراحل تسوية بعد عام 73، جعلنا نخوض عملية التمایز نظرا لأن كل الأقطار العربية التي تتواجد على أرضها لها هامش في الإطار القومي ولكن لها هامشا في صنع قرارها الداخلي أيضا.  ويضيف الأخ عز الدين بأنه منعا للمصادرة والاحتواء فقد طبقنا شعارات فتح الأولى التي تستند الى ثلاثة أعمدة أساسية وهي لا للوصاية، لا للتبعية، لا للاحتواء، ورفعنا شعار استراتيجيا بأننا نرفض التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية وكذلك نرفض أن يتدخل أحد في شؤوننا الداخلية، إلى أن جاءت معركة بيروت حيث دافعنا عن قرارنا الوطني وخضنا معركة طرابلس كذلك دفاعا عن قرارنا الوطني الفلسطيني.  استقلالية حركة فتح  أما الأخ زكريا الأغا فقال إن حركة فتح خاضت معارك كثيرة للحفاظ على قرارنا الفلسطيني المستقل فمنذ اللحظة الأولى كانت تشعر أنه لكي تنجح ولكي تعبر تعبيرا صادقا عن آمال وطموحات الشعب الفلسطيني يجب أن تكون بعيدة عن الاحتواء، هذا ليس انفصالا عن العالم العربي، لكن فتح منذ اللحظة الأولى قررت واكدت استقلاليتها وكان هذا واضحا منذ اللحظة الأولى وحتی الآن .  أضاف الأغا: لا أحد يستطيع أن يحسب حركة فتح على أي نظام عربي حتى عندما تأزمت الأمور مع المنشقين في ۸۳ وحينما حاولت بعض الأنظمة العربية تقييد منظمة التحرير الفلسطينية واصابتها بالشلل، قامت حركة فتح ومعها جميع الأخوة من الفصائل الفلسطينية التي كانت تقف إلى جانبها لتعلن وتؤكد على ضرورة الخروج من هذا الوضع الذي وجدت المنظمة نفسها فيه بعد الانشقاق، فكان المؤتمر الفلسطيني السابع عشر الذي عقد في عمان والذي أخرج المنظمة من الشلل، وهذه الدورة أكدت أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني بقيادة الأخ أبو عمار، وسميت هذه الدورة بدورة القرار الوطني الفلسطيني المستقل والذي لاقت فيها تجاوبا جماهيريا كبيرا في الأراضي الفلسطينية المحتلة وقاموا بمظاهرات وسقط الشهداء بمن فيهم شهيد القرار الوطني الفلسطيني (شرف الطيبي).  فتح بانطلاقتها تفجر المسار التاريخي للمنطقة  يقول الأخ سلیم الزعنون، لقد أثرت فتح بالفعل في المسار التاريخي للشرق الأوسط... سواء من حيث الحروب التي اشتعلت في المنطقة أو من خلال فرض وجود الثورة الفلسطينية من جهة أخرى على خريطة المنطقة بل وعلى الخريطة العالمية بالنسبة البؤر الصراع في العالم.  وأما عن الانتقال بالنضال الفلسطيني من الشتات إلى أرض الوطن فهذا أصبح حقيقة واقعة لا يستطيع أحد إنكارها، فبعد العودة إلى أرض الوطن من خلال اتفاقات السلام مع حكومة إسرائيل العمالية بزعامة اسحق رابين وشمعون بيريس في أوسلو والقاهرة وطابا سنة ۱۹۹۳، فإن الجسم المسلح للثورة الفلسطينية قد عاد بسلاحه إلى أرض الوطن ليكون طليعة لعودة الشعب الفلسطيني كله.  ويشير الأخ أبو الأديب إلى اتفاقات أوسلو بأنه لا أحد ينكر ما تقوم به طلائع شعبنا المتمثلة في السلطة الوطنية الفلسطينية ورموزها بقيادة الأخ الرئيس یاسر عرفات والأعضاء المنتخبين من قبل شعبنا في المجلس التشريعي المنضوي تحت مظلة المجلس الوطني الفلسطيني الذي يعتبر خيمة الشرعية الفلسطينية في داخل الوطن والشتات، فالكل يشاهد بأم عينيه صباح مساء كيف يواجه شعبنا جنود الاحتلال وفي طليعة المواجهة يقف اخواننا رموز السلطة الوطنية وأعضاء المجلس التشريعي والوطني وكل رجال الأمن الذين هم فدائيو الأمس حيث التصدي للممارسات الاسرائيلية المتنكرة لكل الاتفاقات و المواثيق الدولية والانسانية، انه الصراع من فوق أرض الوطن الذي يتعرض لمؤامرات التهديد وطمس الهوية الفلسطينية، إنها معركة تجسيد الهوية الفلسطينية وإرساء قواعد الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف فوق أرض فلسطين ووجها لوجه مع قوات الاحتلال وأساليبه القمعية.  ويتساءل الأخ أبو الأديب هل هناك ما هو أفضل و أروع وأصدق من معايشة القيادة لشعبها في كفاحه ومعاناته وصنع مستقبله..؟؟  وهل كانت فتح الأمس صاحبة شعار "ثورة حتی النصر" غير فتح اليوم التي ما زالت تخوض هذه الثورة ومن فوق أرض فلسطين من أجل النصر وبناء دولة فلسطين...؟!  ما حققته فتح من مبادئها وأهدافها  عن ذلك يقول الأخ سليم الزعنون بأنه يكفي أن نذكر بحال الشعب الفلسطيني وثورته في أعقاب حرب العراق - الكويت.. لقد كانت هناك مؤامرة لإلغاء الوجود الفلسطيني، حيث جرى تهميش الدور الفلسطيني في مؤتمر مدريد للسلام.. لكننا سرعان ما أثبتنا وجودنا وأصبحنا الرقم الصعب - كما يقولها الأخ الرئيس أبو عمار الذي لا يمكن تجاهله، وها نحن على أرضنا قيادة ومقاتلين ومعنا أكثر من خمسين الفا من أبناء شعبنا المشردين قد عادوا إلى أرض الوطن طليعة العودة كل الشعب الفلسطيني .. و العالم كله يؤازرنا ويقف معنا، حيث انقلبت المعادلة وبات الإسرائيليون في ظل زعامتهم اليمينية المتطرفة محاصرين في كل المجالات الدولية، والأهم من كل هذا .. هو أننا نمارس حقنا المشروع في النضال وبناء دولتنا المستقلة من فوق أرضنا والشرعية الدولية كلها تقف إلى جانبنا.  ويستبشر الأخ أبو الأديب خيرا ويقول قريبا إن شاء الله.. سيشهد العالم قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف .. لأنها باتت مطلبا دوليا أيضا حتى إنه صارت هناك قناعات عند قطاع كبير من القادة و الشارع الإسرائيلي بضرورة قيام دولتنا الفلسطينية باعتبار ذلك حاجة ملحة لإقرار السلام في المنطقة، فالنضال الثوري دائما له أهدافه المرحلية والاستراتيجية المتمثلة في إقامة دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.. وعودة أبناء شعبنا في الشتات إلى أرض الوطن وما يتبع ذلك من مطالبة بحقوقنا المشروعة في أرضنا المغتصبة و أملاكنا المسلوبة.  من شعب لاجئ إلى شعب ذى سيادة   يقول الأخ زكريا الأغا بأن أكبر انجاز لمبادئ فتح وأهدافها هو أن القيادة الفلسطينية فوق الثرى الفلسطيني والسلطة الوطنية هي المقدمة الطبيعية والأكيدة للدولة الفلسطينية حيث إن آمالنا زادت في قيامها فقد تحولنا من شعب لاجئ إلى شعب ذي سيادة وطنية، وأصبح الجميع يعترف بنا ككيان، فالعلم الفلسطيني يرفرف فوق ربوع الوطن والمواطن يسافر بجواز سفر فلسطيني، وكلنا ثقة بالأخ القائد ياسر عرفات لنصل إلى القدس الشريف عاصمة دولتنا الفلسطينية.             نشر بتاريخ - يناير - 1997 - مجلة الرأي - عدد 7

منذ فجرت حركة فتح الثورة الفلسطينية المعاصرة وشلال دماء شهداء ثورتنا ما انفك يتدفق ويفيض راسما الخارطة الجديدة للمنطقة بأسرها .

 وعندما أطلقت فتح رصاصاتها الأولى لتطرح منطلقاتها الاستراتيجية التي حددت من خلالها أولوية تحرير فلسطين باتباع اسلوب الكفاح المسلح وتوحيد نضال الجماهير قلبت بذلك رأسا على عقب مجموعة المنطلقات الاستراتيجية التي سادت الوطن العربي حول قضية فلسطين وأدخلت المنطقة العربية برمتها في مرحلة جديدة تمتاز بالصراع الساخن ، وبرهنت على أن الثورة الفلسطينية .. فلسطينية الوجه.. عربية العمق.. عالمية البعد، مما جعلها في وضع فريد ضمن حركات التحرر الوطني في العالم.

تحقيق : محمد توفيق أحمد كريزم  في ذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية  اثنان وثلاثون عاما من النضال والكفاح  فتح ثورة فلسطينية الوجه . عربية العمق . عالمية البعد  فتح بقيادة الرمز أبو عمار - صانعة الثورة – وصانعة السلام  إستطلاع : محمد توفيق أحمد كريزم  في ذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية  اثنان وثلاثون عاما من النضال والكفاح  فتح ثورة فلسطينية الوجه . عربية العمق . عالمية البعد  فتع بقيادة الرمز أبو عمار - صانعة الثورة – وصانعة السلام       منذ فجرت حركة فتح الثورة الفلسطينية المعاصرة وشلال دماء شهداء ثورتنا ما انفك يتدفق ويفيض راسما الخارطة الجديدة للمنطقة بأسرها .   وعندما أطلقت فتح رصاصاتها الأولى لتطرح منطلقاتها الاستراتيجية التي حددت من خلالها أولوية تحرير فلسطين باتباع اسلوب الكفاح المسلح وتوحيد نضال الجماهير قلبت بذلك رأسا على عقب مجموعة المنطلقات الاستراتيجية التي سادت الوطن العربي حول قضية فلسطين وأدخلت المنطقة العربية برمتها في مرحلة جديدة تمتاز بالصراع الساخن ، وبرهنت على أن الثورة الفلسطينية .. فلسطينية الوجه.. عربية العمق.. عالمية البعد، مما جعلها في وضع فريد ضمن حركات التحرر الوطني في العالم.  الأجواء التي رافقت ولادة الحركة   لاشك أن ولادة حركة فتح كانت عيرة اعترضتها صعوبات و مشاكل جمة، في الوقت الذي لم يكن فيه سهلا على طلائع قيادتنا التاريخية أن يتخذوا قرارهم التاريخي بتأسيس فتح في ذاك الوقت.  الكفاح المسلح بدلا من الشعارات والمزايدات      يقول الأخ سلیم الزعنون (أبو الأديب ) أحد القادة التاريخيين لثورتنا ومن المؤسسين لحركة فتح عن الظروف التي رافقت انطلاقة الثورة الفلسطينية المسلحة بقيادة فتح في 1/11/1965 بأن مصاعب الانطلاقة كانت جمة ولكن أهمها وجود أكثر من ثلاثين تنظيما كانت جميعها تحمل أسماء وشعارات حول تحریر فلسطين.. بعض تلك التنظيمات كان لا يتعدى حجمها عدد أصابع اليد.. وبالتالي كانت ساحات العمل الفلسطيني غارقة بالمزايدات والشعارات.. مما أدى إلى الخلط بين الغث و السمين ولهذا بطبيعة الحال أثره السلبي على جماهيرية وشعبية أي تنظيم.. مما حتم على قيادة فتح التاريخية القيام بعمل بطولي وشجاع يكون كفيلا بإخراج حركة فتح من دوامة الشعارات والصراعات الحزبية التي سئمتها جماهير شعبنا. ويضيف الأخ أبو الأديب بأنه كان لابد من إطلاق شرارة الكفاح المسلح.. وهذا العمل أو القرار يعتبر مصيريا وخطيرا، حيث كل الظروف المحيطة كانت تعمل ضد هذا الاتجاه .. ثم هناك منظمة التحرير الفلسطينية برئاسة أحمد الشقيري و التي تأسست في 13/1/1964 ، بقرار من القمة العربية في القاهرة، ثم في قمة الاسكندرية سبتمبر/أيلول 1964 تقرر إنشاء جيش التحرير الفلسطيني بقيادة اللواء وجيه المدني، وكان لهذا أثره الفعال-سلبا على وجود التنظيمات المختلفة ، وكان هناك القيادة العربية الموحدة بقيادة الفريق أول علي عامر بقرار من القمة العربية من أجل مواجهة المشاريع الإسرائيلية التحويل مياه نهر الأردن ومنابعه مما يشكل تهديدا للدول العربية .. وهذه القيادة لا تريد لغيرها أن يعمل ضد الإسرائيليين.. ولقد كانت لهذه القيادة قرارات مضادة للعمل الفدائي بعد الانطلاقة:  والحدود المشتركة مع فلسطين المحتلة موصدة في وجه أي عمل مسلح .. والتمويل المادي محدود ويعتمد على اشتراكات الأعضاء فقط، حيث لا أحد يتبرع ماديا لمن لا يعمل .. وأجهزة المخابرات في مناطق التماس مع فلسطين المحتلة تلاحق وتمنع أي إنسان من اختراق الحدود ومهاجمة العدو في الداخل.. ثم هناك الخطر المصيري المحتمل، الذي يتهدد تنظیم فتح بكل وجوده إذا ما فشلت الانطلاقة. العملية الأولى   ويكشف الأخ أبو الأديب اللحظات الحاسمة التي عاشتها ثورتنا ويقول بأنه أمام كل هذه الأخطار كان لابد من اتخاذ القرار المصري و الحاسم.. ولقد اختلف قادة تنظيم فتح حول ذلك .. البعض يؤيد الانطلاقة .. والبعض يحذر .. والبعض متردد .. وفي ظل كل هذه الظروف الصعبة اجتمع قادة فتح من كل الأقاليم وكان اللقاء في مكان ما بالكويت وبعد نقاش طويل ومتشعب وخلال عدة أيام التزم الجميع بقرار الأغلبية وتقرر إطلاق الرصاصة الأولى في ليلة الفاتح من كانون الثاني (يناير) 1965م .. كبداية للثورة الفلسطينية المسلحة من أجل تحرير فلسطين .. ولقد ارتأى المجتمعون تحسبا لأي طارئ أن تكون الانطلاقة تحت اسم غير اسم حركة فتح التي باتت معروفة للجميع وتم اختيار اسم قوات العاصفة، فإذا تحقق النجاح وتواصلت الثورة ونجت من الأخطار المحدقة بها فان الأمر سيوضح بعد ذلك لوسائل الإعلام ولبقية تنظيم فتح حيث إن الأمر كان سريا للغاية ومحصورا في نطاق عدد محدود من قيادة الحركة .. أما لو كان هناك فشل .. فستنجو فتح من الخطر وسيتحمل الاسم الجديد تبعة ذلك الفشل .. ولقد تمت الانطلاقة بحمد الله وتوفيقه وتمكنت مجموعات من قوات العاصفة من تفجير بعض المنشآت التحويلية المياه نهر الأردن في نفق عيلبون وتبعتها عدة عمليات داخل فلسطين المحتلة وفي مناطق متباعدة في الجليل .. وفي بيت جبرين وفي بئر السبع بحيث لم يستطع العدو إلا أن يعترف بما حدث و أعلن عن ذلك من خلال اذاعته .   ويتذكر الأخ أبو الأديب أن القيادة اتخذت قرارا في مواجهة الأعباء المالية اللازمة لتغطية تلك العمليات بأن على كل فرد منتسب الحركة فتح أن يدفع مبلغ خمسين دينارا دعما للعمل العسكري وديمومته.  أصداء العملية   أما عن الصدي الذي أحدثه ذلك العمل فيقول الأخ أبو الأديب ، بأن الفرحة عمت صفوف الشعب الفلسطيني و بدأ الناس يتحدثون باستبشار وسعادة و أمل وهم يرددون الشعار الذي كانت تتركه المجموعات الفدائية الأولى وراءها في مكان العمليات المسلحة " أيها الغزاة الصهاينة.. قوات العاصفة مرت من هنا " وبدأ الشبان ينضمون إلى تنظيم حركة فتح في كل مناطق الشتات وفي قطاع غزة والضفة الغربية مما أدى إلى ذوبان أو تلاشي العديد من التنظيمات .. فالناس كانوا متعطشين لمن يجسد الشعارات إلى عمل بعد أن طال الانتظار واستبد اليأس بالنفوس، لقد كانت فتح بالنسبة للشعب الفلسطيني شعلة الأمل، أما عن الصدی عربيا فلاشك أن الانطلاقة ساعدت في استنهاض النخوة العربية فيات الناس يتبرعون للحركة من أجل تمويل عملياتها البطولية ودعما لأسر الشهداء والجرحى والأسري، وكانت هناك مناصرة دولية محدودة تمثلت بالدرجة الأولى بدعم مادي ومعنوي من قبل جمهورية الصين الشعبية وفيتنام وكوبا، وفي هذا المجال لا يمكننا أن ننسى الدعم الأخوي الصادق من قبل الجزائر الشقيقة وسوريا الحبيبة، حيث كانت لهما وقفات مخلصة ساعدت في إنجاح انطلاقة الثورة الفلسطينية واستمراريتها وتصاعدها بقيادة حركة فتح .  فتح صنعت لشعبنا الهوية السياسية      يقول الأخ زكريا الأغا بأن فتح ولدت من عمق المأساة الفلسطينية في وقت كان فيه الشعب الفلسطيني يعتبر مجرد قطاعات من اللاجئين بدون أي هوية سياسية ومن هنا تولدت الفكرة لدى عدد من القيادات الفلسطينية برئاسة الأخ القائد أبو.. عمار والشهيدين القائدين أبو جهاد وأبو ایاد وكثيرا من الأخوة الذين فكروا كيف يمكن أن يعيدوا الحياة إلى القضية الفلسطينية وان يعملوا على احياء النضال الفلسطيني والبدء بالكفاح المسلح. ويضيف الأغا أن الأفكار التقت بشأن تأسيس فتح على قاعدة الكفاح المسلح لتحرير فلسطين وتحويل شعبنا من مجرد شعب لاجئ إلى شعب من المقاتلين ونضجت الفكرة بعدما اتفق على موعد أول عملية تقوم بها قوات  العاصفة الذراع العسكري لحركة فتح، وكانت العملية بمثابة الإعلان الرسمي لانطلاقة فتح وانطلاقة الكفاح المسلح. وقد كان الاعلان الانطلاقة الفتحاوية وقع في الشارع الفلسطيني داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة فقد أعادت له ثقته بنفسه و احتشدت جماهير غفيرة للتطوع في صفوف فتح لتخوض النضال والكفاح تحت راية فلسطينية بقيادة القائد ياسر عرفات.  الاعتماد على الذات التحرير فلسطين    يقول الأخ مازن عز الدين انعكست بدايات تشكل الواقع العربي القومي باتجاهاته المختلفة التي تضع في اعتباراتها فلسطين، على الواقع الفلسطيني في الشتات، بحيث إن الشباب الفلسطيني حاول أن يجد نفسه في الحزبية العربية، فانضوى تحت أجنحة الأحزاب القومية معتقدا أنها السبيل في حشد موقف عربي من أجل معركة التحرير التي تعيده إلى فلسطين خاصة وأن مفتاح بيته لم يصب بالصدأ في تلك الأيام، وبالتالي كانت فكرة الوحدة العربية هي الطريق الحتمي التحرير فلسطين، ولكن مع طول المدة وانتظار الجيوش العربية التحرير فلسطين بدأ الملل يدخل في صفوف الشباب الفلسطيني، وبدأت تتشكل في أوساط الطبقات الأكثر وعيا من شعبنا الفلسطيني وتحديدا اتحاد طلاب فلسطين مجموعة من الأفكار المنسجمة مع واقعنا الفلسطيني والتي ترافقت مع نمو حركات التحرر العالمية و العربية مثل موجة المد القومي في اليمن والجزائر ومصر وثورات فيتنام وكمبوديا مما عكس ذلك على بدايات تشكل النواة الثورية الفلسطينية في الطبقات الأكثر وعيا.. ومن هنا جاءت فكرة الاعتماد على الذات بضرورة وجود حركة أو تنظيم فلسطيني يقاتل ويقاوم ويقلب المعادلة. ويضيف الأخ عز الدين بأن حركة فتح لم تكن بديلا عن منظمة التحرير الفلسطينية فالمنظمة جاءت کرد عربي على تحویل روافد مجرى نهر الأردن وكتعبير عن أفكار الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وتتويجا لفكره القومي باتجاه فلسطين الذي كان يعتبرها العمود الفقري للفكر القومي، وتم تشكيل جيش لها أطلق عليه اسم جيش التحرير الفلسطيني وكان منضويا تحت قيادة أركان الدول العربية التي يتواجد على أراضيها و مرتبطا بالخطة الرسمية العربية لأنظمة دول الطوق وبالتالي لم يستطع أن يحرك شينا بالنسبة لفلسطين . فجاءت حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح بتشكيلاتها دون أن تتدخل بتشكيلات منظمة التحرير الفلسطينية في بادئ الأمر إلى أن قامت بتفجير الانطلاقة وبداية تشكيل معسكراتها والقيام بعمليات فدائية . ويضيف الأخ عز الدين بعد حدوث نكسة 67 واحتلال باقي فلسطين إضافة إلى احتلال سيناء والجولان، أصبحت اليد الطولى الإرادة الشعب وإرادة الكفاح المسلح، وبالتالي وجب تأميم منظمة التحرير الفلسطينية ليصبح قرارها فلسطينيا محضا، وجرت محاولات عديدة لكي يتلقى جيش التحرير الفلسطيني تعليماته من رئاسة الأركان الفلسطينية وليس من أركان رئاسة الدول العربية المتواجد على أراضيها ، إلى أن جاءت الظروف وأصبح جيش التحرير الفلسطيني تحت إمرة فلسطينية يدافع دفاعا مستميتا عن الثورة الفلسطينية بعد أن قامت فتح بعملية النقل الشرعي لقيادة منظمة التحرير الفلسطينية من قيادة الشهيد المناضل أحمد الشقيري إلى قيادة الرئيس القائد العام یاسر عرفات.  فتح انطلقت باتجاه الوطن       وبدوره يقول الأخ إبراهيم أبو النجا: فرضت نكبة 48، وما ترتب عليها من سلب الأرض الفلسطينية وتهجير للشعب الفلسطيني ، وحالة الضياع التي عانى منها أبناء شعبنا في السنوات الأولى للهجرة، فرضت على الشعب العربي الفلسطيني أن يعيد صنع نفسه من جديد، وقد اضطلع بهذه المهمة كوكبة من المناضلين التقوا فاتفقوا على الخروج من هذا الواقع الأليم وتصويب المسار، | ومن هنا جاء ميلاد التنظيم السياسي الذي سمي بحركة التحرير الوطني الفلسطيني، وقد أخذنا الحروف الأولى للتسمية فتكونت كلمة (حتف) ولكن قلبنا الكلمة وأصبحت فتح، وحروفها تدل على: الفاء فلسطين، والتاء تحرير، والحاء حركة، فالحركة جاءت في الآخر لأنها ستطلع بمهمة التحرير، والفاء جاءت في الأول لأن الهدف الأول هو فلسطين، وحركة فتح عندما تأسست لم يكن المقصود منها أن تكون على غرار التنظيمات السياسية التي سبقتها في التأسيس ولكنها جاءت لتنطلق من العمل السياسي إلى العمل العسكري الذي ترجم على ارض الواقع مع بزوغ فجر 65/1/1 وتفجير الكفاح المسلح لنعلن للعالم أننا انطلقنا باتجاه استرداد فلسطين، وقد حذرنا من أي محاولة تستهدف النيل من عملنا العسكري، وقد رافقت الانطلاقة أدبيات تتمثل في المبادئ والأهداف والشعارات وتعرضت حركة فتح وكوادرها الملاحقات ومطاردات، وزج بهم في السجون. وأضاف أبو النجا إن الإعلان عن الكفاح المسلح وضع طلائعنا الفلسطينية الذين أصبحوا فيما بعد قادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح وعلى رأسهم الأخ القائد أبو عمار ورفيق دربه الشهيد القائد خليل الوزير (أبو جهاد) وبقية الأخوة في وضع يصدق فيهم قوله تعالى و من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا.  ويوضح أبو النجا بأن انطلاقة فتح ليست بديلا عن العمل العربي المشترك فنحن رأس الحربة التحرير فلسطين حيث تلقف أبناء شعبنا الفلسطيني في كافة أماكن تواجده نبأ الانطلاقة بتلهف وتأييد كبير ويحدوهم الأمل بأن هذا هو الطريق لتحرير فلسطين ونیل حقوقنا الوطنية وبدأوا بالالتحاق بصفوف الحركة، حيث كان للفدائيين العديد من المعارك والعمليات العسكرية التي أوجعت الاحتلال، وكان الفدائيون يمارسون حرب العصابات ولم يمارسوا الحرب النظامية حيث دخلت العلم العسكري النظرية الفلسطينية بأن الصمود المدعوم بالحق هو الأساس وواجه مقاتلونا بأسلحتهم الخفيفة الفردية الآليات والطائرات وكل أشكال الحملة الصهيونية، لم نتكلم نحن عن النتائج بقدر ما تكلم العدو نفسه وبقدر ما تكلم المراقبون العسكريون والسياسيون، وشكلت عملياتنا انعطافا جديدا في فهم العالم كله لخصوصية وطبيعة قضيتنا مما أدى إلى الالتحام الشعبي بالثورة الفلسطينية وبدأت المعادلة في التغيير والنظرة تختلف من شعب لاجئ إلى شعب يمارس الكفاح من أجل عودته إلى أرضه، وكان على الثورة أن تستوعب المناضلين الذين التحقوا بها وأن تقيم المؤسسات في الوقت الذي كثرت فيه أعباء الثورة الفلسطينية واستطاعت أن تبني المؤسسة العسكرية وتوابعها،  وهذه النقلة الجديدة جعلتنا،  مستهدفين من بعض القوى التي لم يكن هدفها تحرير الوطن سواء كانت على الصعيد المحلي أو على الصعيد القومي واستمر النضال الفلسطيني وكانت العمليات ليلية وبشكل مكثف وأذكر هنا عمليات الحزام الأخضر حيث أخذت شكل المواجهة العسكرية الحقيقية غرب النهر التي قادها الأخ أبو عمار والأخ أبو جهاد و الأخ أبو صبري، وكل القيادة الفلسطينية كان عليها أن تدخل إلى الداخل التبني الخلايا السرية وتمدها بالأسلحة مما أضفى على نضالنا وقتالنا شينا متميزا حيث أن القيادات السياسية والعسكرية كانت تضطلع بهذا الدور في البناء والتأسيس وإقامة القواعد و تثبيت التنظيم السري في التعبئة و التحريض.  انطلاقة فتح كسرت الجمود والتراجع      يقول الأخ أبو ماهر حلس بأن میلاد حركة فتح وتحديدا انطلاقتها العسكرية كان في ظل ظروف عربية واقليمية تكيفت مع وجود کیان اسرائيلي وكأنها أمر واقع، وأن العمل المسلح هو مغامرة محكوم عليها بالفشل، وجاءت انطلاقة فتح لتكسر هذه المفاهيم وتستبدلها بمفهوم ثوري جديد يعتمد على الكفاح المسلح. ويضيف الأخ أبو ماهر بأن من أطواق السلامة اللي اعتمدتها فتح وضمن منطلقاتها الأساسية هي حفاظها على استقلالية القرار الوطني الفلسطيني، وقد مارست هذا الشعار في كل مراحل العمل الوطني، فهي لم تتدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة إضافة إلى أنها لم تسمح بالتدخل في الشؤون الداخلية الفلسطينية بغض النظر عن حجم التحالف مع هذا | النظام أو ذاك، وقد كانت فتح وقيادتها دائما مرشحة للإسهام الايجابي في حل الكثير من الخلافات العربية .  وما يميز حركة فتح هو أنها صاحبة المبادرة التاريخية في كل مراحل العمل الوطني، فعندما | اختارت الكفاح المسلح، كان هذا | بمثابة مغامرة في نظر الآخرين، | لكن سرعان ما لحق بها الجميع وثبتت صحة النظرية الفتحاوية، | وحينما اختارت السلام كان أيضا السلام مجازفة تاريخية، ولكن سرعان ما اتضحت صحة الخطوة التي اتخذتها قيادتنا الفلسطينية | وعلى رأسها الأخ القائد أبو عمار في كل المراحل سواء معركة الحرب أو السلام، فهي تنطلق من رؤى واضحة لأهدافها الوطنية وللمصلحة العليا لشعبنا ضمن قراءة واقعية لظروف شعبنا.  واعتمدت فتح المرونة في التكتيك وصلابة استراتيجية وثبات على الهدف والمبادئ، وما يتغير فهو شعارات وأساليب، حتى نصل إلى اقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.  فتح حملت ميراث الأمة   ومن جهته يرى الأخ سليم الزريعي الذي أمضى خمسة وعشرين عاما في السجون الإسرائيلية أن الحديث عن حركة فتح ذو شجون، ففتح ولدت من رحم المعاناة وفي مرحلة أسمناها بمرحلة الاستقرار المنظومي، هذه المرحلة التي طغت فيها فكرة العمل القومي على كل ما عداها، وحينما استذكر تلك المرحلة في تلك الظروف لا يسعني إلا أن أقول إن قرار انطلاقة فتح وقرار تشكيل طلائع قوات العاصفة كان قرارا يرقى إلى مستوى المرحلة وكان قرارا شجاعا لا يجرؤ على اتخاذه إلا تلك القيادة التاريخية التي قادت النضال الفلسطيني وحملت حلم الإنسان الفلسطيني وهمومه وكانت بمستوى حمل أمانة ميراث الأمة وصون التاريخ الفلسطيني من الاندثار.  ويضيف الزريعي إنه في تلك الفترة أسهمت الأنظمة العربية بما طرحته من مفاهيم في تغييب الدور الفلسطيني والذي يفترض أن يكون هو الدور الأساسي، وتبقى الجبهة العربية داعمة ومساندة تقف إلى جانب نضال شعبنا وتدعم كفاحه، وقد أثبتت الأيام والمعارك التي تلت ذلك صحة هذه المقولة حيث اتهمتنا بعض الأنظمة العربية بأننا قطريون و إقليميون و انفصاليون في ذاك الوقت ورددنا على هذه الادعاءات والاتهامات بأن حركة فتح فلسطينية الوجه عربية القلب والوجدان عالمية الأبعاد والامتدادات، فالمعركة قومية ويجب أن يكون الفلسطيني هو رأس الرمح وأن تكون المعركة تحت قيادة فلسطينية ونذكر عندما دخل جيش الانقاذ فلسطين في الأربعينات أسهم في تحجيم ثورة الفلسطينيين تحت شعار أن المعركة قومية. وتحول جيش الجهاد المقدس الفلسطيني في ذاك الحين إلى مجموعات متناثرة حينما ألغيت قيادته بقرار من جامعة الدول العربية وقالوا إن جيش الإنقاذ هو البديل وانسحب جيش الإنقاذ بقرار عربي وبقي الفلسطينيون ممزقين أمام الحركة الصهيونية، من هنا ندرك أهمية قرار القيادة التاريخية لحركة فتح في أن يتصدر الفلسطينيون النضال من أجل قضيتهم الفلسطينية وهويتهم النضالية.  فتح وهج الجماهير ومشعلها الحقيقي   يقول الأخ أحمد أبو سيف وهو أحد المقاتلين الذين جمعوا بين الانتماء الفتحاوي فكرا ومنهجا وبين الكفاح المسلح عملا وتطبيقا بأن حركة فتح هي المشعل الحقيقي للشعب الفلسطيني وهي وهج الجماهير ويصب نضالها في إطار العمل الفلسطيني من أجل تحرير فلسطين، وكان ثقلنا العسكري موجودا في الأردن بشكل مجموعات سرية.  وبعد حرب 67 نشطت حركة فتح عسكريا ودخلنا بما سمی ( كسر العظم ) مع الإسرائيليين وكانت حرب الكرامة بداية أول تصد عسكري حقيقي للعدو، حيث الحقت الهزيمة به، وهبت الجماهير للالتحاق بصفوفنا، وتطورت القواعد الفدائية في جنوب أربد والرمثا، ومن كان ينظر ليلا إلى أريحا من جبال اربد والناعور يجد منطقة أريحا وقد لفتها أحزمة من النيران فالعمليات بشكل يومي، وكان ينفذون مقاتلونا عملياتهم الفدائية سرا وفي الليل خوفا من اعتراض طريقهم.  ويضيف الأخ أبو سيف بأننا عندما نتكلم عن فتح فإننا نتكلم عن فلسطين ذلك أن فتح استوعبت معظم أبناء الشعب الفلسطيني في صفوفها وكانت بمثابة الأم الحنون، بل إنها كانت تمد التنظيمات الفلسطينية الأخرى بالمال والعتاد لمواصلة مشوارها النضالي من أجل تحرير فلسطين، | وفتح عبارة عن حركة عالمية استطاعت تجنيد الرأي العام الصالح القضية الفلسطينية وكانت تدعم نفسها بنفسها.  انطلاقة فتح حلقة من حلقات النضال الشعبي  يقول الأخ أحمد أبو شاويش بأن الحديث عن انطلاقة فتح يقود إلى السياق التاريخي الذي جاءت فيه الانطلاقة وبروز العمل العسكري فالانطلاقة لم تأت من فراغ وانما هي حلقة من حلقات النضال الفلسطيني الممتد في أعماق التاريخ ، وخاصة منذ وطئت أرض فلسطين اقدام المستيا وطنين الصهاينة في أواخر القرن التاسع عشر، وانطلاقة فتح وانتهاج الكفاح المسلح سبيلا للوصول إلى فلسطين وتحريرها جعل من شعبنا الفلسطيني بدلا من شعب لاجئ شعبا يحترمه العالم .  ويضيف أبو شاويش وإن منعطفات كثيرة اعترضت طريق الثورة بالأرواح والدماء، وتمكنت فتح أن تدحض المقولة الصهيونية بأن فلسطين أرض بلا شعب ، الشعب بلا أرض، واستطاعت فتح بثورتها وبجماهيرها أن تثبت أن هذه الأرض لنا منذ الأزل وحتى الأبد وأن دولتنا الفلسطينية المستقلة قادمة لا محالة وعاصمتها القدس الشريف.  استقلالية القرار الوطني  أما عن استقلالية القرار الوطني الفلسطيني الذي اعتبرته حركة فتح مبدأ من مبادئها الرئيسية... فالهدف كان من أجل الابتعاد عن دائرة الاستقطابات العربية والدولية ضمانا لتأييد الجميع عربيا ودوليا.  فتح فلسطينية المنطلق عربية الانتماء  عن ذلك يقول الأخ سليم الزعنون لقد فهم البعض وربما عن خبث ودهاء أن ذلك يعني نظرة وطنية ضيقة تتنكر القومية القضية الفلسطينية، حيث جرى الطعن في هذا المبدأ وتشويهه بينما حقيقة الأمر كانت تؤكد وباستمرار وبكل الصدق ومنذ البدايات على أن الثورة الفلسطينية بقيادة فتح إنما هي فلسطينية المنطلق عربية الانتماء، ولطالما رددها الأخ قاند الثورة الرئيس یاسر عرفات ومن كل المنابر" إنها فلسطينية الوجه عربية القلب" ولقد عرفت الأمة العربية ذلك، فكان الامتداد الواسع والعميق الحركة فتح في صفوف الأمة العربية من المحيط إلى الخليج، وامتد ذلك الوجود إلى كل شعوب الأمة الإسلامية و أما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض .  لا للوصاية .. ولا للتبعية .. ولا للاحتواء  يقول الأخ مازن عز الدين بدأت حركة فتح تحت عناوین واضحة في منطلقاتها الاستراتيجية حيث خاطبت بعدنا العربي، الذي يعتبر القاعدة الارتكازية الأساسية فحركة فتح لم تكن تبحث فقط عن القرار الفلسطيني المستقل و انما الضرورات التفاوضية والضرورات السياسية كانت تفرض على القيادة الفلسطينية إيجاد هامش هام وواسع للمناورة أطلق عليه القرار الوطني الفلسطيني المستقل وفتح رفعت شعارات واضحة بأن الثورة الفلسطينية فلسطينية الوجه عربية القلب، وعندما بدأت الطروحات السياسية لتبرير الاعتراف بقراري 242، 338 ودخولنا في مراحل تسوية بعد عام 73، جعلنا نخوض عملية التمایز نظرا لأن كل الأقطار العربية التي تتواجد على أرضها لها هامش في الإطار القومي ولكن لها هامشا في صنع قرارها الداخلي أيضا.  ويضيف الأخ عز الدين بأنه منعا للمصادرة والاحتواء فقد طبقنا شعارات فتح الأولى التي تستند الى ثلاثة أعمدة أساسية وهي لا للوصاية، لا للتبعية، لا للاحتواء، ورفعنا شعار استراتيجيا بأننا نرفض التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية وكذلك نرفض أن يتدخل أحد في شؤوننا الداخلية، إلى أن جاءت معركة بيروت حيث دافعنا عن قرارنا الوطني وخضنا معركة طرابلس كذلك دفاعا عن قرارنا الوطني الفلسطيني.  استقلالية حركة فتح  أما الأخ زكريا الأغا فقال إن حركة فتح خاضت معارك كثيرة للحفاظ على قرارنا الفلسطيني المستقل فمنذ اللحظة الأولى كانت تشعر أنه لكي تنجح ولكي تعبر تعبيرا صادقا عن آمال وطموحات الشعب الفلسطيني يجب أن تكون بعيدة عن الاحتواء، هذا ليس انفصالا عن العالم العربي، لكن فتح منذ اللحظة الأولى قررت واكدت استقلاليتها وكان هذا واضحا منذ اللحظة الأولى وحتی الآن .  أضاف الأغا: لا أحد يستطيع أن يحسب حركة فتح على أي نظام عربي حتى عندما تأزمت الأمور مع المنشقين في ۸۳ وحينما حاولت بعض الأنظمة العربية تقييد منظمة التحرير الفلسطينية واصابتها بالشلل، قامت حركة فتح ومعها جميع الأخوة من الفصائل الفلسطينية التي كانت تقف إلى جانبها لتعلن وتؤكد على ضرورة الخروج من هذا الوضع الذي وجدت المنظمة نفسها فيه بعد الانشقاق، فكان المؤتمر الفلسطيني السابع عشر الذي عقد في عمان والذي أخرج المنظمة من الشلل، وهذه الدورة أكدت أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني بقيادة الأخ أبو عمار، وسميت هذه الدورة بدورة القرار الوطني الفلسطيني المستقل والذي لاقت فيها تجاوبا جماهيريا كبيرا في الأراضي الفلسطينية المحتلة وقاموا بمظاهرات وسقط الشهداء بمن فيهم شهيد القرار الوطني الفلسطيني (شرف الطيبي).  فتح بانطلاقتها تفجر المسار التاريخي للمنطقة  يقول الأخ سلیم الزعنون، لقد أثرت فتح بالفعل في المسار التاريخي للشرق الأوسط... سواء من حيث الحروب التي اشتعلت في المنطقة أو من خلال فرض وجود الثورة الفلسطينية من جهة أخرى على خريطة المنطقة بل وعلى الخريطة العالمية بالنسبة البؤر الصراع في العالم.  وأما عن الانتقال بالنضال الفلسطيني من الشتات إلى أرض الوطن فهذا أصبح حقيقة واقعة لا يستطيع أحد إنكارها، فبعد العودة إلى أرض الوطن من خلال اتفاقات السلام مع حكومة إسرائيل العمالية بزعامة اسحق رابين وشمعون بيريس في أوسلو والقاهرة وطابا سنة ۱۹۹۳، فإن الجسم المسلح للثورة الفلسطينية قد عاد بسلاحه إلى أرض الوطن ليكون طليعة لعودة الشعب الفلسطيني كله.  ويشير الأخ أبو الأديب إلى اتفاقات أوسلو بأنه لا أحد ينكر ما تقوم به طلائع شعبنا المتمثلة في السلطة الوطنية الفلسطينية ورموزها بقيادة الأخ الرئيس یاسر عرفات والأعضاء المنتخبين من قبل شعبنا في المجلس التشريعي المنضوي تحت مظلة المجلس الوطني الفلسطيني الذي يعتبر خيمة الشرعية الفلسطينية في داخل الوطن والشتات، فالكل يشاهد بأم عينيه صباح مساء كيف يواجه شعبنا جنود الاحتلال وفي طليعة المواجهة يقف اخواننا رموز السلطة الوطنية وأعضاء المجلس التشريعي والوطني وكل رجال الأمن الذين هم فدائيو الأمس حيث التصدي للممارسات الاسرائيلية المتنكرة لكل الاتفاقات و المواثيق الدولية والانسانية، انه الصراع من فوق أرض الوطن الذي يتعرض لمؤامرات التهديد وطمس الهوية الفلسطينية، إنها معركة تجسيد الهوية الفلسطينية وإرساء قواعد الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف فوق أرض فلسطين ووجها لوجه مع قوات الاحتلال وأساليبه القمعية.  ويتساءل الأخ أبو الأديب هل هناك ما هو أفضل و أروع وأصدق من معايشة القيادة لشعبها في كفاحه ومعاناته وصنع مستقبله..؟؟  وهل كانت فتح الأمس صاحبة شعار "ثورة حتی النصر" غير فتح اليوم التي ما زالت تخوض هذه الثورة ومن فوق أرض فلسطين من أجل النصر وبناء دولة فلسطين...؟!  ما حققته فتح من مبادئها وأهدافها  عن ذلك يقول الأخ سليم الزعنون بأنه يكفي أن نذكر بحال الشعب الفلسطيني وثورته في أعقاب حرب العراق - الكويت.. لقد كانت هناك مؤامرة لإلغاء الوجود الفلسطيني، حيث جرى تهميش الدور الفلسطيني في مؤتمر مدريد للسلام.. لكننا سرعان ما أثبتنا وجودنا وأصبحنا الرقم الصعب - كما يقولها الأخ الرئيس أبو عمار الذي لا يمكن تجاهله، وها نحن على أرضنا قيادة ومقاتلين ومعنا أكثر من خمسين الفا من أبناء شعبنا المشردين قد عادوا إلى أرض الوطن طليعة العودة كل الشعب الفلسطيني .. و العالم كله يؤازرنا ويقف معنا، حيث انقلبت المعادلة وبات الإسرائيليون في ظل زعامتهم اليمينية المتطرفة محاصرين في كل المجالات الدولية، والأهم من كل هذا .. هو أننا نمارس حقنا المشروع في النضال وبناء دولتنا المستقلة من فوق أرضنا والشرعية الدولية كلها تقف إلى جانبنا.  ويستبشر الأخ أبو الأديب خيرا ويقول قريبا إن شاء الله.. سيشهد العالم قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف .. لأنها باتت مطلبا دوليا أيضا حتى إنه صارت هناك قناعات عند قطاع كبير من القادة و الشارع الإسرائيلي بضرورة قيام دولتنا الفلسطينية باعتبار ذلك حاجة ملحة لإقرار السلام في المنطقة، فالنضال الثوري دائما له أهدافه المرحلية والاستراتيجية المتمثلة في إقامة دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.. وعودة أبناء شعبنا في الشتات إلى أرض الوطن وما يتبع ذلك من مطالبة بحقوقنا المشروعة في أرضنا المغتصبة و أملاكنا المسلوبة.  من شعب لاجئ إلى شعب ذى سيادة   يقول الأخ زكريا الأغا بأن أكبر انجاز لمبادئ فتح وأهدافها هو أن القيادة الفلسطينية فوق الثرى الفلسطيني والسلطة الوطنية هي المقدمة الطبيعية والأكيدة للدولة الفلسطينية حيث إن آمالنا زادت في قيامها فقد تحولنا من شعب لاجئ إلى شعب ذي سيادة وطنية، وأصبح الجميع يعترف بنا ككيان، فالعلم الفلسطيني يرفرف فوق ربوع الوطن والمواطن يسافر بجواز سفر فلسطيني، وكلنا ثقة بالأخ القائد ياسر عرفات لنصل إلى القدس الشريف عاصمة دولتنا الفلسطينية.             نشر بتاريخ - يناير - 1997 - مجلة الرأي - عدد 7  منذ فجرت حركة فتح الثورة الفلسطينية المعاصرة وشلال دماء شهداء ثورتنا ما انفك يتدفق ويفيض راسما الخارطة الجديدة للمنطقة بأسرها .   وعندما أطلقت فتح رصاصاتها الأولى لتطرح منطلقاتها الاستراتيجية التي حددت من خلالها أولوية تحرير فلسطين باتباع اسلوب الكفاح المسلح وتوحيد نضال الجماهير قلبت بذلك رأسا على عقب مجموعة المنطلقات الاستراتيجية التي سادت الوطن العربي حول قضية فلسطين وأدخلت المنطقة العربية برمتها في مرحلة جديدة تمتاز بالصراع الساخن ، وبرهنت على أن الثورة الفلسطينية .. فلسطينية الوجه.. عربية العمق.. عالمية البعد، مما جعلها في وضع فريد ضمن حركات التحرر الوطني في العالم.      الأجواء التي رافقت ولادة الحركة   لاشك أن ولادة حركة فتح كانت عيرة اعترضتها صعوبات و مشاكل جمة، في الوقت الذي لم يكن فيه سهلا على طلائع قيادتنا التاريخية أن يتخذوا قرارهم التاريخي بتأسيس فتح في ذاك الوقت.  الكفاح المسلح بدلا من الشعارات والمزايدات   إستطلاع : محمد توفيق أحمد كريزم  في ذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية  اثنان وثلاثون عاما من النضال والكفاح  فتح ثورة فلسطينية الوجه . عربية العمق . عالمية البعد  فتع بقيادة الرمز أبو عمار - صانعة الثورة – وصانعة السلام       منذ فجرت حركة فتح الثورة الفلسطينية المعاصرة وشلال دماء شهداء ثورتنا ما انفك يتدفق ويفيض راسما الخارطة الجديدة للمنطقة بأسرها .   وعندما أطلقت فتح رصاصاتها الأولى لتطرح منطلقاتها الاستراتيجية التي حددت من خلالها أولوية تحرير فلسطين باتباع اسلوب الكفاح المسلح وتوحيد نضال الجماهير قلبت بذلك رأسا على عقب مجموعة المنطلقات الاستراتيجية التي سادت الوطن العربي حول قضية فلسطين وأدخلت المنطقة العربية برمتها في مرحلة جديدة تمتاز بالصراع الساخن ، وبرهنت على أن الثورة الفلسطينية .. فلسطينية الوجه.. عربية العمق.. عالمية البعد، مما جعلها في وضع فريد ضمن حركات التحرر الوطني في العالم.  الأجواء التي رافقت ولادة الحركة   لاشك أن ولادة حركة فتح كانت عيرة اعترضتها صعوبات و مشاكل جمة، في الوقت الذي لم يكن فيه سهلا على طلائع قيادتنا التاريخية أن يتخذوا قرارهم التاريخي بتأسيس فتح في ذاك الوقت.  الكفاح المسلح بدلا من الشعارات والمزايدات      يقول الأخ سلیم الزعنون (أبو الأديب ) أحد القادة التاريخيين لثورتنا ومن المؤسسين لحركة فتح عن الظروف التي رافقت انطلاقة الثورة الفلسطينية المسلحة بقيادة فتح في 1/11/1965 بأن مصاعب الانطلاقة كانت جمة ولكن أهمها وجود أكثر من ثلاثين تنظيما كانت جميعها تحمل أسماء وشعارات حول تحریر فلسطين.. بعض تلك التنظيمات كان لا يتعدى حجمها عدد أصابع اليد.. وبالتالي كانت ساحات العمل الفلسطيني غارقة بالمزايدات والشعارات.. مما أدى إلى الخلط بين الغث و السمين ولهذا بطبيعة الحال أثره السلبي على جماهيرية وشعبية أي تنظيم.. مما حتم على قيادة فتح التاريخية القيام بعمل بطولي وشجاع يكون كفيلا بإخراج حركة فتح من دوامة الشعارات والصراعات الحزبية التي سئمتها جماهير شعبنا. ويضيف الأخ أبو الأديب بأنه كان لابد من إطلاق شرارة الكفاح المسلح.. وهذا العمل أو القرار يعتبر مصيريا وخطيرا، حيث كل الظروف المحيطة كانت تعمل ضد هذا الاتجاه .. ثم هناك منظمة التحرير الفلسطينية برئاسة أحمد الشقيري و التي تأسست في 13/1/1964 ، بقرار من القمة العربية في القاهرة، ثم في قمة الاسكندرية سبتمبر/أيلول 1964 تقرر إنشاء جيش التحرير الفلسطيني بقيادة اللواء وجيه المدني، وكان لهذا أثره الفعال-سلبا على وجود التنظيمات المختلفة ، وكان هناك القيادة العربية الموحدة بقيادة الفريق أول علي عامر بقرار من القمة العربية من أجل مواجهة المشاريع الإسرائيلية التحويل مياه نهر الأردن ومنابعه مما يشكل تهديدا للدول العربية .. وهذه القيادة لا تريد لغيرها أن يعمل ضد الإسرائيليين.. ولقد كانت لهذه القيادة قرارات مضادة للعمل الفدائي بعد الانطلاقة:  والحدود المشتركة مع فلسطين المحتلة موصدة في وجه أي عمل مسلح .. والتمويل المادي محدود ويعتمد على اشتراكات الأعضاء فقط، حيث لا أحد يتبرع ماديا لمن لا يعمل .. وأجهزة المخابرات في مناطق التماس مع فلسطين المحتلة تلاحق وتمنع أي إنسان من اختراق الحدود ومهاجمة العدو في الداخل.. ثم هناك الخطر المصيري المحتمل، الذي يتهدد تنظیم فتح بكل وجوده إذا ما فشلت الانطلاقة. العملية الأولى   ويكشف الأخ أبو الأديب اللحظات الحاسمة التي عاشتها ثورتنا ويقول بأنه أمام كل هذه الأخطار كان لابد من اتخاذ القرار المصري و الحاسم.. ولقد اختلف قادة تنظيم فتح حول ذلك .. البعض يؤيد الانطلاقة .. والبعض يحذر .. والبعض متردد .. وفي ظل كل هذه الظروف الصعبة اجتمع قادة فتح من كل الأقاليم وكان اللقاء في مكان ما بالكويت وبعد نقاش طويل ومتشعب وخلال عدة أيام التزم الجميع بقرار الأغلبية وتقرر إطلاق الرصاصة الأولى في ليلة الفاتح من كانون الثاني (يناير) 1965م .. كبداية للثورة الفلسطينية المسلحة من أجل تحرير فلسطين .. ولقد ارتأى المجتمعون تحسبا لأي طارئ أن تكون الانطلاقة تحت اسم غير اسم حركة فتح التي باتت معروفة للجميع وتم اختيار اسم قوات العاصفة، فإذا تحقق النجاح وتواصلت الثورة ونجت من الأخطار المحدقة بها فان الأمر سيوضح بعد ذلك لوسائل الإعلام ولبقية تنظيم فتح حيث إن الأمر كان سريا للغاية ومحصورا في نطاق عدد محدود من قيادة الحركة .. أما لو كان هناك فشل .. فستنجو فتح من الخطر وسيتحمل الاسم الجديد تبعة ذلك الفشل .. ولقد تمت الانطلاقة بحمد الله وتوفيقه وتمكنت مجموعات من قوات العاصفة من تفجير بعض المنشآت التحويلية المياه نهر الأردن في نفق عيلبون وتبعتها عدة عمليات داخل فلسطين المحتلة وفي مناطق متباعدة في الجليل .. وفي بيت جبرين وفي بئر السبع بحيث لم يستطع العدو إلا أن يعترف بما حدث و أعلن عن ذلك من خلال اذاعته .   ويتذكر الأخ أبو الأديب أن القيادة اتخذت قرارا في مواجهة الأعباء المالية اللازمة لتغطية تلك العمليات بأن على كل فرد منتسب الحركة فتح أن يدفع مبلغ خمسين دينارا دعما للعمل العسكري وديمومته.  أصداء العملية   أما عن الصدي الذي أحدثه ذلك العمل فيقول الأخ أبو الأديب ، بأن الفرحة عمت صفوف الشعب الفلسطيني و بدأ الناس يتحدثون باستبشار وسعادة و أمل وهم يرددون الشعار الذي كانت تتركه المجموعات الفدائية الأولى وراءها في مكان العمليات المسلحة " أيها الغزاة الصهاينة.. قوات العاصفة مرت من هنا " وبدأ الشبان ينضمون إلى تنظيم حركة فتح في كل مناطق الشتات وفي قطاع غزة والضفة الغربية مما أدى إلى ذوبان أو تلاشي العديد من التنظيمات .. فالناس كانوا متعطشين لمن يجسد الشعارات إلى عمل بعد أن طال الانتظار واستبد اليأس بالنفوس، لقد كانت فتح بالنسبة للشعب الفلسطيني شعلة الأمل، أما عن الصدی عربيا فلاشك أن الانطلاقة ساعدت في استنهاض النخوة العربية فيات الناس يتبرعون للحركة من أجل تمويل عملياتها البطولية ودعما لأسر الشهداء والجرحى والأسري، وكانت هناك مناصرة دولية محدودة تمثلت بالدرجة الأولى بدعم مادي ومعنوي من قبل جمهورية الصين الشعبية وفيتنام وكوبا، وفي هذا المجال لا يمكننا أن ننسى الدعم الأخوي الصادق من قبل الجزائر الشقيقة وسوريا الحبيبة، حيث كانت لهما وقفات مخلصة ساعدت في إنجاح انطلاقة الثورة الفلسطينية واستمراريتها وتصاعدها بقيادة حركة فتح .  فتح صنعت لشعبنا الهوية السياسية      يقول الأخ زكريا الأغا بأن فتح ولدت من عمق المأساة الفلسطينية في وقت كان فيه الشعب الفلسطيني يعتبر مجرد قطاعات من اللاجئين بدون أي هوية سياسية ومن هنا تولدت الفكرة لدى عدد من القيادات الفلسطينية برئاسة الأخ القائد أبو.. عمار والشهيدين القائدين أبو جهاد وأبو ایاد وكثيرا من الأخوة الذين فكروا كيف يمكن أن يعيدوا الحياة إلى القضية الفلسطينية وان يعملوا على احياء النضال الفلسطيني والبدء بالكفاح المسلح. ويضيف الأغا أن الأفكار التقت بشأن تأسيس فتح على قاعدة الكفاح المسلح لتحرير فلسطين وتحويل شعبنا من مجرد شعب لاجئ إلى شعب من المقاتلين ونضجت الفكرة بعدما اتفق على موعد أول عملية تقوم بها قوات  العاصفة الذراع العسكري لحركة فتح، وكانت العملية بمثابة الإعلان الرسمي لانطلاقة فتح وانطلاقة الكفاح المسلح. وقد كان الاعلان الانطلاقة الفتحاوية وقع في الشارع الفلسطيني داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة فقد أعادت له ثقته بنفسه و احتشدت جماهير غفيرة للتطوع في صفوف فتح لتخوض النضال والكفاح تحت راية فلسطينية بقيادة القائد ياسر عرفات.  الاعتماد على الذات التحرير فلسطين    يقول الأخ مازن عز الدين انعكست بدايات تشكل الواقع العربي القومي باتجاهاته المختلفة التي تضع في اعتباراتها فلسطين، على الواقع الفلسطيني في الشتات، بحيث إن الشباب الفلسطيني حاول أن يجد نفسه في الحزبية العربية، فانضوى تحت أجنحة الأحزاب القومية معتقدا أنها السبيل في حشد موقف عربي من أجل معركة التحرير التي تعيده إلى فلسطين خاصة وأن مفتاح بيته لم يصب بالصدأ في تلك الأيام، وبالتالي كانت فكرة الوحدة العربية هي الطريق الحتمي التحرير فلسطين، ولكن مع طول المدة وانتظار الجيوش العربية التحرير فلسطين بدأ الملل يدخل في صفوف الشباب الفلسطيني، وبدأت تتشكل في أوساط الطبقات الأكثر وعيا من شعبنا الفلسطيني وتحديدا اتحاد طلاب فلسطين مجموعة من الأفكار المنسجمة مع واقعنا الفلسطيني والتي ترافقت مع نمو حركات التحرر العالمية و العربية مثل موجة المد القومي في اليمن والجزائر ومصر وثورات فيتنام وكمبوديا مما عكس ذلك على بدايات تشكل النواة الثورية الفلسطينية في الطبقات الأكثر وعيا.. ومن هنا جاءت فكرة الاعتماد على الذات بضرورة وجود حركة أو تنظيم فلسطيني يقاتل ويقاوم ويقلب المعادلة. ويضيف الأخ عز الدين بأن حركة فتح لم تكن بديلا عن منظمة التحرير الفلسطينية فالمنظمة جاءت کرد عربي على تحویل روافد مجرى نهر الأردن وكتعبير عن أفكار الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وتتويجا لفكره القومي باتجاه فلسطين الذي كان يعتبرها العمود الفقري للفكر القومي، وتم تشكيل جيش لها أطلق عليه اسم جيش التحرير الفلسطيني وكان منضويا تحت قيادة أركان الدول العربية التي يتواجد على أراضيها و مرتبطا بالخطة الرسمية العربية لأنظمة دول الطوق وبالتالي لم يستطع أن يحرك شينا بالنسبة لفلسطين . فجاءت حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح بتشكيلاتها دون أن تتدخل بتشكيلات منظمة التحرير الفلسطينية في بادئ الأمر إلى أن قامت بتفجير الانطلاقة وبداية تشكيل معسكراتها والقيام بعمليات فدائية . ويضيف الأخ عز الدين بعد حدوث نكسة 67 واحتلال باقي فلسطين إضافة إلى احتلال سيناء والجولان، أصبحت اليد الطولى الإرادة الشعب وإرادة الكفاح المسلح، وبالتالي وجب تأميم منظمة التحرير الفلسطينية ليصبح قرارها فلسطينيا محضا، وجرت محاولات عديدة لكي يتلقى جيش التحرير الفلسطيني تعليماته من رئاسة الأركان الفلسطينية وليس من أركان رئاسة الدول العربية المتواجد على أراضيها ، إلى أن جاءت الظروف وأصبح جيش التحرير الفلسطيني تحت إمرة فلسطينية يدافع دفاعا مستميتا عن الثورة الفلسطينية بعد أن قامت فتح بعملية النقل الشرعي لقيادة منظمة التحرير الفلسطينية من قيادة الشهيد المناضل أحمد الشقيري إلى قيادة الرئيس القائد العام یاسر عرفات.  فتح انطلقت باتجاه الوطن       وبدوره يقول الأخ إبراهيم أبو النجا: فرضت نكبة 48، وما ترتب عليها من سلب الأرض الفلسطينية وتهجير للشعب الفلسطيني ، وحالة الضياع التي عانى منها أبناء شعبنا في السنوات الأولى للهجرة، فرضت على الشعب العربي الفلسطيني أن يعيد صنع نفسه من جديد، وقد اضطلع بهذه المهمة كوكبة من المناضلين التقوا فاتفقوا على الخروج من هذا الواقع الأليم وتصويب المسار، | ومن هنا جاء ميلاد التنظيم السياسي الذي سمي بحركة التحرير الوطني الفلسطيني، وقد أخذنا الحروف الأولى للتسمية فتكونت كلمة (حتف) ولكن قلبنا الكلمة وأصبحت فتح، وحروفها تدل على: الفاء فلسطين، والتاء تحرير، والحاء حركة، فالحركة جاءت في الآخر لأنها ستطلع بمهمة التحرير، والفاء جاءت في الأول لأن الهدف الأول هو فلسطين، وحركة فتح عندما تأسست لم يكن المقصود منها أن تكون على غرار التنظيمات السياسية التي سبقتها في التأسيس ولكنها جاءت لتنطلق من العمل السياسي إلى العمل العسكري الذي ترجم على ارض الواقع مع بزوغ فجر 65/1/1 وتفجير الكفاح المسلح لنعلن للعالم أننا انطلقنا باتجاه استرداد فلسطين، وقد حذرنا من أي محاولة تستهدف النيل من عملنا العسكري، وقد رافقت الانطلاقة أدبيات تتمثل في المبادئ والأهداف والشعارات وتعرضت حركة فتح وكوادرها الملاحقات ومطاردات، وزج بهم في السجون. وأضاف أبو النجا إن الإعلان عن الكفاح المسلح وضع طلائعنا الفلسطينية الذين أصبحوا فيما بعد قادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح وعلى رأسهم الأخ القائد أبو عمار ورفيق دربه الشهيد القائد خليل الوزير (أبو جهاد) وبقية الأخوة في وضع يصدق فيهم قوله تعالى و من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا.  ويوضح أبو النجا بأن انطلاقة فتح ليست بديلا عن العمل العربي المشترك فنحن رأس الحربة التحرير فلسطين حيث تلقف أبناء شعبنا الفلسطيني في كافة أماكن تواجده نبأ الانطلاقة بتلهف وتأييد كبير ويحدوهم الأمل بأن هذا هو الطريق لتحرير فلسطين ونیل حقوقنا الوطنية وبدأوا بالالتحاق بصفوف الحركة، حيث كان للفدائيين العديد من المعارك والعمليات العسكرية التي أوجعت الاحتلال، وكان الفدائيون يمارسون حرب العصابات ولم يمارسوا الحرب النظامية حيث دخلت العلم العسكري النظرية الفلسطينية بأن الصمود المدعوم بالحق هو الأساس وواجه مقاتلونا بأسلحتهم الخفيفة الفردية الآليات والطائرات وكل أشكال الحملة الصهيونية، لم نتكلم نحن عن النتائج بقدر ما تكلم العدو نفسه وبقدر ما تكلم المراقبون العسكريون والسياسيون، وشكلت عملياتنا انعطافا جديدا في فهم العالم كله لخصوصية وطبيعة قضيتنا مما أدى إلى الالتحام الشعبي بالثورة الفلسطينية وبدأت المعادلة في التغيير والنظرة تختلف من شعب لاجئ إلى شعب يمارس الكفاح من أجل عودته إلى أرضه، وكان على الثورة أن تستوعب المناضلين الذين التحقوا بها وأن تقيم المؤسسات في الوقت الذي كثرت فيه أعباء الثورة الفلسطينية واستطاعت أن تبني المؤسسة العسكرية وتوابعها،  وهذه النقلة الجديدة جعلتنا،  مستهدفين من بعض القوى التي لم يكن هدفها تحرير الوطن سواء كانت على الصعيد المحلي أو على الصعيد القومي واستمر النضال الفلسطيني وكانت العمليات ليلية وبشكل مكثف وأذكر هنا عمليات الحزام الأخضر حيث أخذت شكل المواجهة العسكرية الحقيقية غرب النهر التي قادها الأخ أبو عمار والأخ أبو جهاد و الأخ أبو صبري، وكل القيادة الفلسطينية كان عليها أن تدخل إلى الداخل التبني الخلايا السرية وتمدها بالأسلحة مما أضفى على نضالنا وقتالنا شينا متميزا حيث أن القيادات السياسية والعسكرية كانت تضطلع بهذا الدور في البناء والتأسيس وإقامة القواعد و تثبيت التنظيم السري في التعبئة و التحريض.  انطلاقة فتح كسرت الجمود والتراجع      يقول الأخ أبو ماهر حلس بأن میلاد حركة فتح وتحديدا انطلاقتها العسكرية كان في ظل ظروف عربية واقليمية تكيفت مع وجود کیان اسرائيلي وكأنها أمر واقع، وأن العمل المسلح هو مغامرة محكوم عليها بالفشل، وجاءت انطلاقة فتح لتكسر هذه المفاهيم وتستبدلها بمفهوم ثوري جديد يعتمد على الكفاح المسلح. ويضيف الأخ أبو ماهر بأن من أطواق السلامة اللي اعتمدتها فتح وضمن منطلقاتها الأساسية هي حفاظها على استقلالية القرار الوطني الفلسطيني، وقد مارست هذا الشعار في كل مراحل العمل الوطني، فهي لم تتدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة إضافة إلى أنها لم تسمح بالتدخل في الشؤون الداخلية الفلسطينية بغض النظر عن حجم التحالف مع هذا | النظام أو ذاك، وقد كانت فتح وقيادتها دائما مرشحة للإسهام الايجابي في حل الكثير من الخلافات العربية .  وما يميز حركة فتح هو أنها صاحبة المبادرة التاريخية في كل مراحل العمل الوطني، فعندما | اختارت الكفاح المسلح، كان هذا | بمثابة مغامرة في نظر الآخرين، | لكن سرعان ما لحق بها الجميع وثبتت صحة النظرية الفتحاوية، | وحينما اختارت السلام كان أيضا السلام مجازفة تاريخية، ولكن سرعان ما اتضحت صحة الخطوة التي اتخذتها قيادتنا الفلسطينية | وعلى رأسها الأخ القائد أبو عمار في كل المراحل سواء معركة الحرب أو السلام، فهي تنطلق من رؤى واضحة لأهدافها الوطنية وللمصلحة العليا لشعبنا ضمن قراءة واقعية لظروف شعبنا.  واعتمدت فتح المرونة في التكتيك وصلابة استراتيجية وثبات على الهدف والمبادئ، وما يتغير فهو شعارات وأساليب، حتى نصل إلى اقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.  فتح حملت ميراث الأمة   ومن جهته يرى الأخ سليم الزريعي الذي أمضى خمسة وعشرين عاما في السجون الإسرائيلية أن الحديث عن حركة فتح ذو شجون، ففتح ولدت من رحم المعاناة وفي مرحلة أسمناها بمرحلة الاستقرار المنظومي، هذه المرحلة التي طغت فيها فكرة العمل القومي على كل ما عداها، وحينما استذكر تلك المرحلة في تلك الظروف لا يسعني إلا أن أقول إن قرار انطلاقة فتح وقرار تشكيل طلائع قوات العاصفة كان قرارا يرقى إلى مستوى المرحلة وكان قرارا شجاعا لا يجرؤ على اتخاذه إلا تلك القيادة التاريخية التي قادت النضال الفلسطيني وحملت حلم الإنسان الفلسطيني وهمومه وكانت بمستوى حمل أمانة ميراث الأمة وصون التاريخ الفلسطيني من الاندثار.  ويضيف الزريعي إنه في تلك الفترة أسهمت الأنظمة العربية بما طرحته من مفاهيم في تغييب الدور الفلسطيني والذي يفترض أن يكون هو الدور الأساسي، وتبقى الجبهة العربية داعمة ومساندة تقف إلى جانب نضال شعبنا وتدعم كفاحه، وقد أثبتت الأيام والمعارك التي تلت ذلك صحة هذه المقولة حيث اتهمتنا بعض الأنظمة العربية بأننا قطريون و إقليميون و انفصاليون في ذاك الوقت ورددنا على هذه الادعاءات والاتهامات بأن حركة فتح فلسطينية الوجه عربية القلب والوجدان عالمية الأبعاد والامتدادات، فالمعركة قومية ويجب أن يكون الفلسطيني هو رأس الرمح وأن تكون المعركة تحت قيادة فلسطينية ونذكر عندما دخل جيش الانقاذ فلسطين في الأربعينات أسهم في تحجيم ثورة الفلسطينيين تحت شعار أن المعركة قومية. وتحول جيش الجهاد المقدس الفلسطيني في ذاك الحين إلى مجموعات متناثرة حينما ألغيت قيادته بقرار من جامعة الدول العربية وقالوا إن جيش الإنقاذ هو البديل وانسحب جيش الإنقاذ بقرار عربي وبقي الفلسطينيون ممزقين أمام الحركة الصهيونية، من هنا ندرك أهمية قرار القيادة التاريخية لحركة فتح في أن يتصدر الفلسطينيون النضال من أجل قضيتهم الفلسطينية وهويتهم النضالية.  فتح وهج الجماهير ومشعلها الحقيقي   يقول الأخ أحمد أبو سيف وهو أحد المقاتلين الذين جمعوا بين الانتماء الفتحاوي فكرا ومنهجا وبين الكفاح المسلح عملا وتطبيقا بأن حركة فتح هي المشعل الحقيقي للشعب الفلسطيني وهي وهج الجماهير ويصب نضالها في إطار العمل الفلسطيني من أجل تحرير فلسطين، وكان ثقلنا العسكري موجودا في الأردن بشكل مجموعات سرية.  وبعد حرب 67 نشطت حركة فتح عسكريا ودخلنا بما سمی ( كسر العظم ) مع الإسرائيليين وكانت حرب الكرامة بداية أول تصد عسكري حقيقي للعدو، حيث الحقت الهزيمة به، وهبت الجماهير للالتحاق بصفوفنا، وتطورت القواعد الفدائية في جنوب أربد والرمثا، ومن كان ينظر ليلا إلى أريحا من جبال اربد والناعور يجد منطقة أريحا وقد لفتها أحزمة من النيران فالعمليات بشكل يومي، وكان ينفذون مقاتلونا عملياتهم الفدائية سرا وفي الليل خوفا من اعتراض طريقهم.  ويضيف الأخ أبو سيف بأننا عندما نتكلم عن فتح فإننا نتكلم عن فلسطين ذلك أن فتح استوعبت معظم أبناء الشعب الفلسطيني في صفوفها وكانت بمثابة الأم الحنون، بل إنها كانت تمد التنظيمات الفلسطينية الأخرى بالمال والعتاد لمواصلة مشوارها النضالي من أجل تحرير فلسطين، | وفتح عبارة عن حركة عالمية استطاعت تجنيد الرأي العام الصالح القضية الفلسطينية وكانت تدعم نفسها بنفسها.  انطلاقة فتح حلقة من حلقات النضال الشعبي  يقول الأخ أحمد أبو شاويش بأن الحديث عن انطلاقة فتح يقود إلى السياق التاريخي الذي جاءت فيه الانطلاقة وبروز العمل العسكري فالانطلاقة لم تأت من فراغ وانما هي حلقة من حلقات النضال الفلسطيني الممتد في أعماق التاريخ ، وخاصة منذ وطئت أرض فلسطين اقدام المستيا وطنين الصهاينة في أواخر القرن التاسع عشر، وانطلاقة فتح وانتهاج الكفاح المسلح سبيلا للوصول إلى فلسطين وتحريرها جعل من شعبنا الفلسطيني بدلا من شعب لاجئ شعبا يحترمه العالم .  ويضيف أبو شاويش وإن منعطفات كثيرة اعترضت طريق الثورة بالأرواح والدماء، وتمكنت فتح أن تدحض المقولة الصهيونية بأن فلسطين أرض بلا شعب ، الشعب بلا أرض، واستطاعت فتح بثورتها وبجماهيرها أن تثبت أن هذه الأرض لنا منذ الأزل وحتى الأبد وأن دولتنا الفلسطينية المستقلة قادمة لا محالة وعاصمتها القدس الشريف.  استقلالية القرار الوطني  أما عن استقلالية القرار الوطني الفلسطيني الذي اعتبرته حركة فتح مبدأ من مبادئها الرئيسية... فالهدف كان من أجل الابتعاد عن دائرة الاستقطابات العربية والدولية ضمانا لتأييد الجميع عربيا ودوليا.  فتح فلسطينية المنطلق عربية الانتماء  عن ذلك يقول الأخ سليم الزعنون لقد فهم البعض وربما عن خبث ودهاء أن ذلك يعني نظرة وطنية ضيقة تتنكر القومية القضية الفلسطينية، حيث جرى الطعن في هذا المبدأ وتشويهه بينما حقيقة الأمر كانت تؤكد وباستمرار وبكل الصدق ومنذ البدايات على أن الثورة الفلسطينية بقيادة فتح إنما هي فلسطينية المنطلق عربية الانتماء، ولطالما رددها الأخ قاند الثورة الرئيس یاسر عرفات ومن كل المنابر" إنها فلسطينية الوجه عربية القلب" ولقد عرفت الأمة العربية ذلك، فكان الامتداد الواسع والعميق الحركة فتح في صفوف الأمة العربية من المحيط إلى الخليج، وامتد ذلك الوجود إلى كل شعوب الأمة الإسلامية و أما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض .  لا للوصاية .. ولا للتبعية .. ولا للاحتواء  يقول الأخ مازن عز الدين بدأت حركة فتح تحت عناوین واضحة في منطلقاتها الاستراتيجية حيث خاطبت بعدنا العربي، الذي يعتبر القاعدة الارتكازية الأساسية فحركة فتح لم تكن تبحث فقط عن القرار الفلسطيني المستقل و انما الضرورات التفاوضية والضرورات السياسية كانت تفرض على القيادة الفلسطينية إيجاد هامش هام وواسع للمناورة أطلق عليه القرار الوطني الفلسطيني المستقل وفتح رفعت شعارات واضحة بأن الثورة الفلسطينية فلسطينية الوجه عربية القلب، وعندما بدأت الطروحات السياسية لتبرير الاعتراف بقراري 242، 338 ودخولنا في مراحل تسوية بعد عام 73، جعلنا نخوض عملية التمایز نظرا لأن كل الأقطار العربية التي تتواجد على أرضها لها هامش في الإطار القومي ولكن لها هامشا في صنع قرارها الداخلي أيضا.  ويضيف الأخ عز الدين بأنه منعا للمصادرة والاحتواء فقد طبقنا شعارات فتح الأولى التي تستند الى ثلاثة أعمدة أساسية وهي لا للوصاية، لا للتبعية، لا للاحتواء، ورفعنا شعار استراتيجيا بأننا نرفض التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية وكذلك نرفض أن يتدخل أحد في شؤوننا الداخلية، إلى أن جاءت معركة بيروت حيث دافعنا عن قرارنا الوطني وخضنا معركة طرابلس كذلك دفاعا عن قرارنا الوطني الفلسطيني.  استقلالية حركة فتح  أما الأخ زكريا الأغا فقال إن حركة فتح خاضت معارك كثيرة للحفاظ على قرارنا الفلسطيني المستقل فمنذ اللحظة الأولى كانت تشعر أنه لكي تنجح ولكي تعبر تعبيرا صادقا عن آمال وطموحات الشعب الفلسطيني يجب أن تكون بعيدة عن الاحتواء، هذا ليس انفصالا عن العالم العربي، لكن فتح منذ اللحظة الأولى قررت واكدت استقلاليتها وكان هذا واضحا منذ اللحظة الأولى وحتی الآن .  أضاف الأغا: لا أحد يستطيع أن يحسب حركة فتح على أي نظام عربي حتى عندما تأزمت الأمور مع المنشقين في ۸۳ وحينما حاولت بعض الأنظمة العربية تقييد منظمة التحرير الفلسطينية واصابتها بالشلل، قامت حركة فتح ومعها جميع الأخوة من الفصائل الفلسطينية التي كانت تقف إلى جانبها لتعلن وتؤكد على ضرورة الخروج من هذا الوضع الذي وجدت المنظمة نفسها فيه بعد الانشقاق، فكان المؤتمر الفلسطيني السابع عشر الذي عقد في عمان والذي أخرج المنظمة من الشلل، وهذه الدورة أكدت أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني بقيادة الأخ أبو عمار، وسميت هذه الدورة بدورة القرار الوطني الفلسطيني المستقل والذي لاقت فيها تجاوبا جماهيريا كبيرا في الأراضي الفلسطينية المحتلة وقاموا بمظاهرات وسقط الشهداء بمن فيهم شهيد القرار الوطني الفلسطيني (شرف الطيبي).  فتح بانطلاقتها تفجر المسار التاريخي للمنطقة  يقول الأخ سلیم الزعنون، لقد أثرت فتح بالفعل في المسار التاريخي للشرق الأوسط... سواء من حيث الحروب التي اشتعلت في المنطقة أو من خلال فرض وجود الثورة الفلسطينية من جهة أخرى على خريطة المنطقة بل وعلى الخريطة العالمية بالنسبة البؤر الصراع في العالم.  وأما عن الانتقال بالنضال الفلسطيني من الشتات إلى أرض الوطن فهذا أصبح حقيقة واقعة لا يستطيع أحد إنكارها، فبعد العودة إلى أرض الوطن من خلال اتفاقات السلام مع حكومة إسرائيل العمالية بزعامة اسحق رابين وشمعون بيريس في أوسلو والقاهرة وطابا سنة ۱۹۹۳، فإن الجسم المسلح للثورة الفلسطينية قد عاد بسلاحه إلى أرض الوطن ليكون طليعة لعودة الشعب الفلسطيني كله.  ويشير الأخ أبو الأديب إلى اتفاقات أوسلو بأنه لا أحد ينكر ما تقوم به طلائع شعبنا المتمثلة في السلطة الوطنية الفلسطينية ورموزها بقيادة الأخ الرئيس یاسر عرفات والأعضاء المنتخبين من قبل شعبنا في المجلس التشريعي المنضوي تحت مظلة المجلس الوطني الفلسطيني الذي يعتبر خيمة الشرعية الفلسطينية في داخل الوطن والشتات، فالكل يشاهد بأم عينيه صباح مساء كيف يواجه شعبنا جنود الاحتلال وفي طليعة المواجهة يقف اخواننا رموز السلطة الوطنية وأعضاء المجلس التشريعي والوطني وكل رجال الأمن الذين هم فدائيو الأمس حيث التصدي للممارسات الاسرائيلية المتنكرة لكل الاتفاقات و المواثيق الدولية والانسانية، انه الصراع من فوق أرض الوطن الذي يتعرض لمؤامرات التهديد وطمس الهوية الفلسطينية، إنها معركة تجسيد الهوية الفلسطينية وإرساء قواعد الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف فوق أرض فلسطين ووجها لوجه مع قوات الاحتلال وأساليبه القمعية.  ويتساءل الأخ أبو الأديب هل هناك ما هو أفضل و أروع وأصدق من معايشة القيادة لشعبها في كفاحه ومعاناته وصنع مستقبله..؟؟  وهل كانت فتح الأمس صاحبة شعار "ثورة حتی النصر" غير فتح اليوم التي ما زالت تخوض هذه الثورة ومن فوق أرض فلسطين من أجل النصر وبناء دولة فلسطين...؟!  ما حققته فتح من مبادئها وأهدافها  عن ذلك يقول الأخ سليم الزعنون بأنه يكفي أن نذكر بحال الشعب الفلسطيني وثورته في أعقاب حرب العراق - الكويت.. لقد كانت هناك مؤامرة لإلغاء الوجود الفلسطيني، حيث جرى تهميش الدور الفلسطيني في مؤتمر مدريد للسلام.. لكننا سرعان ما أثبتنا وجودنا وأصبحنا الرقم الصعب - كما يقولها الأخ الرئيس أبو عمار الذي لا يمكن تجاهله، وها نحن على أرضنا قيادة ومقاتلين ومعنا أكثر من خمسين الفا من أبناء شعبنا المشردين قد عادوا إلى أرض الوطن طليعة العودة كل الشعب الفلسطيني .. و العالم كله يؤازرنا ويقف معنا، حيث انقلبت المعادلة وبات الإسرائيليون في ظل زعامتهم اليمينية المتطرفة محاصرين في كل المجالات الدولية، والأهم من كل هذا .. هو أننا نمارس حقنا المشروع في النضال وبناء دولتنا المستقلة من فوق أرضنا والشرعية الدولية كلها تقف إلى جانبنا.  ويستبشر الأخ أبو الأديب خيرا ويقول قريبا إن شاء الله.. سيشهد العالم قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف .. لأنها باتت مطلبا دوليا أيضا حتى إنه صارت هناك قناعات عند قطاع كبير من القادة و الشارع الإسرائيلي بضرورة قيام دولتنا الفلسطينية باعتبار ذلك حاجة ملحة لإقرار السلام في المنطقة، فالنضال الثوري دائما له أهدافه المرحلية والاستراتيجية المتمثلة في إقامة دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.. وعودة أبناء شعبنا في الشتات إلى أرض الوطن وما يتبع ذلك من مطالبة بحقوقنا المشروعة في أرضنا المغتصبة و أملاكنا المسلوبة.  من شعب لاجئ إلى شعب ذى سيادة   يقول الأخ زكريا الأغا بأن أكبر انجاز لمبادئ فتح وأهدافها هو أن القيادة الفلسطينية فوق الثرى الفلسطيني والسلطة الوطنية هي المقدمة الطبيعية والأكيدة للدولة الفلسطينية حيث إن آمالنا زادت في قيامها فقد تحولنا من شعب لاجئ إلى شعب ذي سيادة وطنية، وأصبح الجميع يعترف بنا ككيان، فالعلم الفلسطيني يرفرف فوق ربوع الوطن والمواطن يسافر بجواز سفر فلسطيني، وكلنا ثقة بالأخ القائد ياسر عرفات لنصل إلى القدس الشريف عاصمة دولتنا الفلسطينية.             نشر بتاريخ - يناير - 1997 - مجلة الرأي - عدد 7   يقول الأخ سلیم الزعنون (أبو الأديب ) أحد القادة التاريخيين لثورتنا ومن المؤسسين لحركة فتح عن الظروف التي رافقت انطلاقة الثورة الفلسطينية المسلحة بقيادة فتح في 1/11/1965 بأن مصاعب الانطلاقة كانت جمة ولكن أهمها وجود أكثر من ثلاثين تنظيما كانت جميعها تحمل أسماء وشعارات حول تحریر فلسطين.. بعض تلك التنظيمات كان لا يتعدى حجمها عدد أصابع اليد.. وبالتالي كانت ساحات العمل الفلسطيني غارقة بالمزايدات والشعارات.. مما أدى إلى الخلط بين الغث و السمين ولهذا بطبيعة الحال أثره السلبي على جماهيرية وشعبية أي تنظيم.. مما حتم على قيادة فتح التاريخية القيام بعمل بطولي وشجاع يكون كفيلا بإخراج حركة فتح من دوامة الشعارات والصراعات الحزبية التي سئمتها جماهير شعبنا. ويضيف الأخ أبو الأديب بأنه كان لابد من إطلاق شرارة الكفاح المسلح.. وهذا العمل أو القرار يعتبر مصيريا وخطيرا، حيث كل الظروف المحيطة كانت تعمل ضد هذا الاتجاه .. ثم هناك منظمة التحرير الفلسطينية برئاسة أحمد الشقيري و التي تأسست في 13/1/1964 ، بقرار من القمة العربية في القاهرة، ثم في قمة الاسكندرية سبتمبر/أيلول 1964 تقرر إنشاء جيش التحرير الفلسطيني بقيادة اللواء وجيه المدني، وكان لهذا أثره الفعال-سلبا على وجود التنظيمات المختلفة ، وكان هناك القيادة العربية الموحدة بقيادة الفريق أول علي عامر بقرار من القمة العربية من أجل مواجهة المشاريع الإسرائيلية التحويل مياه نهر الأردن ومنابعه مما يشكل تهديدا للدول العربية .. وهذه القيادة لا تريد لغيرها أن يعمل ضد الإسرائيليين.. ولقد كانت لهذه القيادة قرارات مضادة للعمل الفدائي بعد الانطلاقة:  والحدود المشتركة مع فلسطين المحتلة موصدة في وجه أي عمل مسلح .. والتمويل المادي محدود ويعتمد على اشتراكات الأعضاء فقط، حيث لا أحد يتبرع ماديا لمن لا يعمل .. وأجهزة المخابرات في مناطق التماس مع فلسطين المحتلة تلاحق وتمنع أي إنسان من اختراق الحدود ومهاجمة العدو في الداخل.. ثم هناك الخطر المصيري المحتمل، الذي يتهدد تنظیم فتح بكل وجوده إذا ما فشلت الانطلاقة. العملية الأولى   ويكشف الأخ أبو الأديب اللحظات الحاسمة التي عاشتها ثورتنا ويقول بأنه أمام كل هذه الأخطار كان لابد من اتخاذ القرار المصري و الحاسم.. ولقد اختلف قادة تنظيم فتح حول ذلك .. البعض يؤيد الانطلاقة .. والبعض يحذر .. والبعض متردد .. وفي ظل كل هذه الظروف الصعبة اجتمع قادة فتح من كل الأقاليم وكان اللقاء في مكان ما بالكويت وبعد نقاش طويل ومتشعب وخلال عدة أيام التزم الجميع بقرار الأغلبية وتقرر إطلاق الرصاصة الأولى في ليلة الفاتح من كانون الثاني (يناير) 1965م .. كبداية للثورة الفلسطينية المسلحة من أجل تحرير فلسطين .. ولقد ارتأى المجتمعون تحسبا لأي طارئ أن تكون الانطلاقة تحت اسم غير اسم حركة فتح التي باتت معروفة للجميع وتم اختيار اسم قوات العاصفة، فإذا تحقق النجاح وتواصلت الثورة ونجت من الأخطار المحدقة بها فان الأمر سيوضح بعد ذلك لوسائل الإعلام ولبقية تنظيم فتح حيث إن الأمر كان سريا للغاية ومحصورا في نطاق عدد محدود من قيادة الحركة .. أما لو كان هناك فشل .. فستنجو فتح من الخطر وسيتحمل الاسم الجديد تبعة ذلك الفشل .. ولقد تمت الانطلاقة بحمد الله وتوفيقه وتمكنت مجموعات من قوات العاصفة من تفجير بعض المنشآت التحويلية المياه نهر الأردن في نفق عيلبون وتبعتها عدة عمليات داخل فلسطين المحتلة وفي مناطق متباعدة في الجليل .. وفي بيت جبرين وفي بئر السبع بحيث لم يستطع العدو إلا أن يعترف بما حدث و أعلن عن ذلك من خلال اذاعته .   ويتذكر الأخ أبو الأديب أن القيادة اتخذت قرارا في مواجهة الأعباء المالية اللازمة لتغطية تلك العمليات بأن على كل فرد منتسب الحركة فتح أن يدفع مبلغ خمسين دينارا دعما للعمل العسكري وديمومته.  أصداء العملية   أما عن الصدي الذي أحدثه ذلك العمل فيقول الأخ أبو الأديب ، بأن الفرحة عمت صفوف الشعب الفلسطيني و بدأ الناس يتحدثون باستبشار وسعادة و أمل وهم يرددون الشعار الذي كانت تتركه المجموعات الفدائية الأولى وراءها في مكان العمليات المسلحة " أيها الغزاة الصهاينة.. قوات العاصفة مرت من هنا " وبدأ الشبان ينضمون إلى تنظيم حركة فتح في كل مناطق الشتات وفي قطاع غزة والضفة الغربية مما أدى إلى ذوبان أو تلاشي العديد من التنظيمات .. فالناس كانوا متعطشين لمن يجسد الشعارات إلى عمل بعد أن طال الانتظار واستبد اليأس بالنفوس، لقد كانت فتح بالنسبة للشعب الفلسطيني شعلة الأمل، أما عن الصدی عربيا فلاشك أن الانطلاقة ساعدت في استنهاض النخوة العربية فيات الناس يتبرعون للحركة من أجل تمويل عملياتها البطولية ودعما لأسر الشهداء والجرحى والأسري، وكانت هناك مناصرة دولية محدودة تمثلت بالدرجة الأولى بدعم مادي ومعنوي من قبل جمهورية الصين الشعبية وفيتنام وكوبا، وفي هذا المجال لا يمكننا أن ننسى الدعم الأخوي الصادق من قبل الجزائر الشقيقة وسوريا الحبيبة، حيث كانت لهما وقفات مخلصة ساعدت في إنجاح انطلاقة الثورة الفلسطينية واستمراريتها وتصاعدها بقيادة حركة فتح .  فتح صنعت لشعبنا الهوية السياسية    إستطلاع : محمد توفيق أحمد كريزم  في ذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية  اثنان وثلاثون عاما من النضال والكفاح  فتح ثورة فلسطينية الوجه . عربية العمق . عالمية البعد  فتع بقيادة الرمز أبو عمار - صانعة الثورة – وصانعة السلام       منذ فجرت حركة فتح الثورة الفلسطينية المعاصرة وشلال دماء شهداء ثورتنا ما انفك يتدفق ويفيض راسما الخارطة الجديدة للمنطقة بأسرها .   وعندما أطلقت فتح رصاصاتها الأولى لتطرح منطلقاتها الاستراتيجية التي حددت من خلالها أولوية تحرير فلسطين باتباع اسلوب الكفاح المسلح وتوحيد نضال الجماهير قلبت بذلك رأسا على عقب مجموعة المنطلقات الاستراتيجية التي سادت الوطن العربي حول قضية فلسطين وأدخلت المنطقة العربية برمتها في مرحلة جديدة تمتاز بالصراع الساخن ، وبرهنت على أن الثورة الفلسطينية .. فلسطينية الوجه.. عربية العمق.. عالمية البعد، مما جعلها في وضع فريد ضمن حركات التحرر الوطني في العالم.  الأجواء التي رافقت ولادة الحركة   لاشك أن ولادة حركة فتح كانت عيرة اعترضتها صعوبات و مشاكل جمة، في الوقت الذي لم يكن فيه سهلا على طلائع قيادتنا التاريخية أن يتخذوا قرارهم التاريخي بتأسيس فتح في ذاك الوقت.  الكفاح المسلح بدلا من الشعارات والمزايدات      يقول الأخ سلیم الزعنون (أبو الأديب ) أحد القادة التاريخيين لثورتنا ومن المؤسسين لحركة فتح عن الظروف التي رافقت انطلاقة الثورة الفلسطينية المسلحة بقيادة فتح في 1/11/1965 بأن مصاعب الانطلاقة كانت جمة ولكن أهمها وجود أكثر من ثلاثين تنظيما كانت جميعها تحمل أسماء وشعارات حول تحریر فلسطين.. بعض تلك التنظيمات كان لا يتعدى حجمها عدد أصابع اليد.. وبالتالي كانت ساحات العمل الفلسطيني غارقة بالمزايدات والشعارات.. مما أدى إلى الخلط بين الغث و السمين ولهذا بطبيعة الحال أثره السلبي على جماهيرية وشعبية أي تنظيم.. مما حتم على قيادة فتح التاريخية القيام بعمل بطولي وشجاع يكون كفيلا بإخراج حركة فتح من دوامة الشعارات والصراعات الحزبية التي سئمتها جماهير شعبنا. ويضيف الأخ أبو الأديب بأنه كان لابد من إطلاق شرارة الكفاح المسلح.. وهذا العمل أو القرار يعتبر مصيريا وخطيرا، حيث كل الظروف المحيطة كانت تعمل ضد هذا الاتجاه .. ثم هناك منظمة التحرير الفلسطينية برئاسة أحمد الشقيري و التي تأسست في 13/1/1964 ، بقرار من القمة العربية في القاهرة، ثم في قمة الاسكندرية سبتمبر/أيلول 1964 تقرر إنشاء جيش التحرير الفلسطيني بقيادة اللواء وجيه المدني، وكان لهذا أثره الفعال-سلبا على وجود التنظيمات المختلفة ، وكان هناك القيادة العربية الموحدة بقيادة الفريق أول علي عامر بقرار من القمة العربية من أجل مواجهة المشاريع الإسرائيلية التحويل مياه نهر الأردن ومنابعه مما يشكل تهديدا للدول العربية .. وهذه القيادة لا تريد لغيرها أن يعمل ضد الإسرائيليين.. ولقد كانت لهذه القيادة قرارات مضادة للعمل الفدائي بعد الانطلاقة:  والحدود المشتركة مع فلسطين المحتلة موصدة في وجه أي عمل مسلح .. والتمويل المادي محدود ويعتمد على اشتراكات الأعضاء فقط، حيث لا أحد يتبرع ماديا لمن لا يعمل .. وأجهزة المخابرات في مناطق التماس مع فلسطين المحتلة تلاحق وتمنع أي إنسان من اختراق الحدود ومهاجمة العدو في الداخل.. ثم هناك الخطر المصيري المحتمل، الذي يتهدد تنظیم فتح بكل وجوده إذا ما فشلت الانطلاقة. العملية الأولى   ويكشف الأخ أبو الأديب اللحظات الحاسمة التي عاشتها ثورتنا ويقول بأنه أمام كل هذه الأخطار كان لابد من اتخاذ القرار المصري و الحاسم.. ولقد اختلف قادة تنظيم فتح حول ذلك .. البعض يؤيد الانطلاقة .. والبعض يحذر .. والبعض متردد .. وفي ظل كل هذه الظروف الصعبة اجتمع قادة فتح من كل الأقاليم وكان اللقاء في مكان ما بالكويت وبعد نقاش طويل ومتشعب وخلال عدة أيام التزم الجميع بقرار الأغلبية وتقرر إطلاق الرصاصة الأولى في ليلة الفاتح من كانون الثاني (يناير) 1965م .. كبداية للثورة الفلسطينية المسلحة من أجل تحرير فلسطين .. ولقد ارتأى المجتمعون تحسبا لأي طارئ أن تكون الانطلاقة تحت اسم غير اسم حركة فتح التي باتت معروفة للجميع وتم اختيار اسم قوات العاصفة، فإذا تحقق النجاح وتواصلت الثورة ونجت من الأخطار المحدقة بها فان الأمر سيوضح بعد ذلك لوسائل الإعلام ولبقية تنظيم فتح حيث إن الأمر كان سريا للغاية ومحصورا في نطاق عدد محدود من قيادة الحركة .. أما لو كان هناك فشل .. فستنجو فتح من الخطر وسيتحمل الاسم الجديد تبعة ذلك الفشل .. ولقد تمت الانطلاقة بحمد الله وتوفيقه وتمكنت مجموعات من قوات العاصفة من تفجير بعض المنشآت التحويلية المياه نهر الأردن في نفق عيلبون وتبعتها عدة عمليات داخل فلسطين المحتلة وفي مناطق متباعدة في الجليل .. وفي بيت جبرين وفي بئر السبع بحيث لم يستطع العدو إلا أن يعترف بما حدث و أعلن عن ذلك من خلال اذاعته .   ويتذكر الأخ أبو الأديب أن القيادة اتخذت قرارا في مواجهة الأعباء المالية اللازمة لتغطية تلك العمليات بأن على كل فرد منتسب الحركة فتح أن يدفع مبلغ خمسين دينارا دعما للعمل العسكري وديمومته.  أصداء العملية   أما عن الصدي الذي أحدثه ذلك العمل فيقول الأخ أبو الأديب ، بأن الفرحة عمت صفوف الشعب الفلسطيني و بدأ الناس يتحدثون باستبشار وسعادة و أمل وهم يرددون الشعار الذي كانت تتركه المجموعات الفدائية الأولى وراءها في مكان العمليات المسلحة " أيها الغزاة الصهاينة.. قوات العاصفة مرت من هنا " وبدأ الشبان ينضمون إلى تنظيم حركة فتح في كل مناطق الشتات وفي قطاع غزة والضفة الغربية مما أدى إلى ذوبان أو تلاشي العديد من التنظيمات .. فالناس كانوا متعطشين لمن يجسد الشعارات إلى عمل بعد أن طال الانتظار واستبد اليأس بالنفوس، لقد كانت فتح بالنسبة للشعب الفلسطيني شعلة الأمل، أما عن الصدی عربيا فلاشك أن الانطلاقة ساعدت في استنهاض النخوة العربية فيات الناس يتبرعون للحركة من أجل تمويل عملياتها البطولية ودعما لأسر الشهداء والجرحى والأسري، وكانت هناك مناصرة دولية محدودة تمثلت بالدرجة الأولى بدعم مادي ومعنوي من قبل جمهورية الصين الشعبية وفيتنام وكوبا، وفي هذا المجال لا يمكننا أن ننسى الدعم الأخوي الصادق من قبل الجزائر الشقيقة وسوريا الحبيبة، حيث كانت لهما وقفات مخلصة ساعدت في إنجاح انطلاقة الثورة الفلسطينية واستمراريتها وتصاعدها بقيادة حركة فتح .  فتح صنعت لشعبنا الهوية السياسية      يقول الأخ زكريا الأغا بأن فتح ولدت من عمق المأساة الفلسطينية في وقت كان فيه الشعب الفلسطيني يعتبر مجرد قطاعات من اللاجئين بدون أي هوية سياسية ومن هنا تولدت الفكرة لدى عدد من القيادات الفلسطينية برئاسة الأخ القائد أبو.. عمار والشهيدين القائدين أبو جهاد وأبو ایاد وكثيرا من الأخوة الذين فكروا كيف يمكن أن يعيدوا الحياة إلى القضية الفلسطينية وان يعملوا على احياء النضال الفلسطيني والبدء بالكفاح المسلح. ويضيف الأغا أن الأفكار التقت بشأن تأسيس فتح على قاعدة الكفاح المسلح لتحرير فلسطين وتحويل شعبنا من مجرد شعب لاجئ إلى شعب من المقاتلين ونضجت الفكرة بعدما اتفق على موعد أول عملية تقوم بها قوات  العاصفة الذراع العسكري لحركة فتح، وكانت العملية بمثابة الإعلان الرسمي لانطلاقة فتح وانطلاقة الكفاح المسلح. وقد كان الاعلان الانطلاقة الفتحاوية وقع في الشارع الفلسطيني داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة فقد أعادت له ثقته بنفسه و احتشدت جماهير غفيرة للتطوع في صفوف فتح لتخوض النضال والكفاح تحت راية فلسطينية بقيادة القائد ياسر عرفات.  الاعتماد على الذات التحرير فلسطين    يقول الأخ مازن عز الدين انعكست بدايات تشكل الواقع العربي القومي باتجاهاته المختلفة التي تضع في اعتباراتها فلسطين، على الواقع الفلسطيني في الشتات، بحيث إن الشباب الفلسطيني حاول أن يجد نفسه في الحزبية العربية، فانضوى تحت أجنحة الأحزاب القومية معتقدا أنها السبيل في حشد موقف عربي من أجل معركة التحرير التي تعيده إلى فلسطين خاصة وأن مفتاح بيته لم يصب بالصدأ في تلك الأيام، وبالتالي كانت فكرة الوحدة العربية هي الطريق الحتمي التحرير فلسطين، ولكن مع طول المدة وانتظار الجيوش العربية التحرير فلسطين بدأ الملل يدخل في صفوف الشباب الفلسطيني، وبدأت تتشكل في أوساط الطبقات الأكثر وعيا من شعبنا الفلسطيني وتحديدا اتحاد طلاب فلسطين مجموعة من الأفكار المنسجمة مع واقعنا الفلسطيني والتي ترافقت مع نمو حركات التحرر العالمية و العربية مثل موجة المد القومي في اليمن والجزائر ومصر وثورات فيتنام وكمبوديا مما عكس ذلك على بدايات تشكل النواة الثورية الفلسطينية في الطبقات الأكثر وعيا.. ومن هنا جاءت فكرة الاعتماد على الذات بضرورة وجود حركة أو تنظيم فلسطيني يقاتل ويقاوم ويقلب المعادلة. ويضيف الأخ عز الدين بأن حركة فتح لم تكن بديلا عن منظمة التحرير الفلسطينية فالمنظمة جاءت کرد عربي على تحویل روافد مجرى نهر الأردن وكتعبير عن أفكار الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وتتويجا لفكره القومي باتجاه فلسطين الذي كان يعتبرها العمود الفقري للفكر القومي، وتم تشكيل جيش لها أطلق عليه اسم جيش التحرير الفلسطيني وكان منضويا تحت قيادة أركان الدول العربية التي يتواجد على أراضيها و مرتبطا بالخطة الرسمية العربية لأنظمة دول الطوق وبالتالي لم يستطع أن يحرك شينا بالنسبة لفلسطين . فجاءت حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح بتشكيلاتها دون أن تتدخل بتشكيلات منظمة التحرير الفلسطينية في بادئ الأمر إلى أن قامت بتفجير الانطلاقة وبداية تشكيل معسكراتها والقيام بعمليات فدائية . ويضيف الأخ عز الدين بعد حدوث نكسة 67 واحتلال باقي فلسطين إضافة إلى احتلال سيناء والجولان، أصبحت اليد الطولى الإرادة الشعب وإرادة الكفاح المسلح، وبالتالي وجب تأميم منظمة التحرير الفلسطينية ليصبح قرارها فلسطينيا محضا، وجرت محاولات عديدة لكي يتلقى جيش التحرير الفلسطيني تعليماته من رئاسة الأركان الفلسطينية وليس من أركان رئاسة الدول العربية المتواجد على أراضيها ، إلى أن جاءت الظروف وأصبح جيش التحرير الفلسطيني تحت إمرة فلسطينية يدافع دفاعا مستميتا عن الثورة الفلسطينية بعد أن قامت فتح بعملية النقل الشرعي لقيادة منظمة التحرير الفلسطينية من قيادة الشهيد المناضل أحمد الشقيري إلى قيادة الرئيس القائد العام یاسر عرفات.  فتح انطلقت باتجاه الوطن       وبدوره يقول الأخ إبراهيم أبو النجا: فرضت نكبة 48، وما ترتب عليها من سلب الأرض الفلسطينية وتهجير للشعب الفلسطيني ، وحالة الضياع التي عانى منها أبناء شعبنا في السنوات الأولى للهجرة، فرضت على الشعب العربي الفلسطيني أن يعيد صنع نفسه من جديد، وقد اضطلع بهذه المهمة كوكبة من المناضلين التقوا فاتفقوا على الخروج من هذا الواقع الأليم وتصويب المسار، | ومن هنا جاء ميلاد التنظيم السياسي الذي سمي بحركة التحرير الوطني الفلسطيني، وقد أخذنا الحروف الأولى للتسمية فتكونت كلمة (حتف) ولكن قلبنا الكلمة وأصبحت فتح، وحروفها تدل على: الفاء فلسطين، والتاء تحرير، والحاء حركة، فالحركة جاءت في الآخر لأنها ستطلع بمهمة التحرير، والفاء جاءت في الأول لأن الهدف الأول هو فلسطين، وحركة فتح عندما تأسست لم يكن المقصود منها أن تكون على غرار التنظيمات السياسية التي سبقتها في التأسيس ولكنها جاءت لتنطلق من العمل السياسي إلى العمل العسكري الذي ترجم على ارض الواقع مع بزوغ فجر 65/1/1 وتفجير الكفاح المسلح لنعلن للعالم أننا انطلقنا باتجاه استرداد فلسطين، وقد حذرنا من أي محاولة تستهدف النيل من عملنا العسكري، وقد رافقت الانطلاقة أدبيات تتمثل في المبادئ والأهداف والشعارات وتعرضت حركة فتح وكوادرها الملاحقات ومطاردات، وزج بهم في السجون. وأضاف أبو النجا إن الإعلان عن الكفاح المسلح وضع طلائعنا الفلسطينية الذين أصبحوا فيما بعد قادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح وعلى رأسهم الأخ القائد أبو عمار ورفيق دربه الشهيد القائد خليل الوزير (أبو جهاد) وبقية الأخوة في وضع يصدق فيهم قوله تعالى و من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا.  ويوضح أبو النجا بأن انطلاقة فتح ليست بديلا عن العمل العربي المشترك فنحن رأس الحربة التحرير فلسطين حيث تلقف أبناء شعبنا الفلسطيني في كافة أماكن تواجده نبأ الانطلاقة بتلهف وتأييد كبير ويحدوهم الأمل بأن هذا هو الطريق لتحرير فلسطين ونیل حقوقنا الوطنية وبدأوا بالالتحاق بصفوف الحركة، حيث كان للفدائيين العديد من المعارك والعمليات العسكرية التي أوجعت الاحتلال، وكان الفدائيون يمارسون حرب العصابات ولم يمارسوا الحرب النظامية حيث دخلت العلم العسكري النظرية الفلسطينية بأن الصمود المدعوم بالحق هو الأساس وواجه مقاتلونا بأسلحتهم الخفيفة الفردية الآليات والطائرات وكل أشكال الحملة الصهيونية، لم نتكلم نحن عن النتائج بقدر ما تكلم العدو نفسه وبقدر ما تكلم المراقبون العسكريون والسياسيون، وشكلت عملياتنا انعطافا جديدا في فهم العالم كله لخصوصية وطبيعة قضيتنا مما أدى إلى الالتحام الشعبي بالثورة الفلسطينية وبدأت المعادلة في التغيير والنظرة تختلف من شعب لاجئ إلى شعب يمارس الكفاح من أجل عودته إلى أرضه، وكان على الثورة أن تستوعب المناضلين الذين التحقوا بها وأن تقيم المؤسسات في الوقت الذي كثرت فيه أعباء الثورة الفلسطينية واستطاعت أن تبني المؤسسة العسكرية وتوابعها،  وهذه النقلة الجديدة جعلتنا،  مستهدفين من بعض القوى التي لم يكن هدفها تحرير الوطن سواء كانت على الصعيد المحلي أو على الصعيد القومي واستمر النضال الفلسطيني وكانت العمليات ليلية وبشكل مكثف وأذكر هنا عمليات الحزام الأخضر حيث أخذت شكل المواجهة العسكرية الحقيقية غرب النهر التي قادها الأخ أبو عمار والأخ أبو جهاد و الأخ أبو صبري، وكل القيادة الفلسطينية كان عليها أن تدخل إلى الداخل التبني الخلايا السرية وتمدها بالأسلحة مما أضفى على نضالنا وقتالنا شينا متميزا حيث أن القيادات السياسية والعسكرية كانت تضطلع بهذا الدور في البناء والتأسيس وإقامة القواعد و تثبيت التنظيم السري في التعبئة و التحريض.  انطلاقة فتح كسرت الجمود والتراجع      يقول الأخ أبو ماهر حلس بأن میلاد حركة فتح وتحديدا انطلاقتها العسكرية كان في ظل ظروف عربية واقليمية تكيفت مع وجود کیان اسرائيلي وكأنها أمر واقع، وأن العمل المسلح هو مغامرة محكوم عليها بالفشل، وجاءت انطلاقة فتح لتكسر هذه المفاهيم وتستبدلها بمفهوم ثوري جديد يعتمد على الكفاح المسلح. ويضيف الأخ أبو ماهر بأن من أطواق السلامة اللي اعتمدتها فتح وضمن منطلقاتها الأساسية هي حفاظها على استقلالية القرار الوطني الفلسطيني، وقد مارست هذا الشعار في كل مراحل العمل الوطني، فهي لم تتدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة إضافة إلى أنها لم تسمح بالتدخل في الشؤون الداخلية الفلسطينية بغض النظر عن حجم التحالف مع هذا | النظام أو ذاك، وقد كانت فتح وقيادتها دائما مرشحة للإسهام الايجابي في حل الكثير من الخلافات العربية .  وما يميز حركة فتح هو أنها صاحبة المبادرة التاريخية في كل مراحل العمل الوطني، فعندما | اختارت الكفاح المسلح، كان هذا | بمثابة مغامرة في نظر الآخرين، | لكن سرعان ما لحق بها الجميع وثبتت صحة النظرية الفتحاوية، | وحينما اختارت السلام كان أيضا السلام مجازفة تاريخية، ولكن سرعان ما اتضحت صحة الخطوة التي اتخذتها قيادتنا الفلسطينية | وعلى رأسها الأخ القائد أبو عمار في كل المراحل سواء معركة الحرب أو السلام، فهي تنطلق من رؤى واضحة لأهدافها الوطنية وللمصلحة العليا لشعبنا ضمن قراءة واقعية لظروف شعبنا.  واعتمدت فتح المرونة في التكتيك وصلابة استراتيجية وثبات على الهدف والمبادئ، وما يتغير فهو شعارات وأساليب، حتى نصل إلى اقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.  فتح حملت ميراث الأمة   ومن جهته يرى الأخ سليم الزريعي الذي أمضى خمسة وعشرين عاما في السجون الإسرائيلية أن الحديث عن حركة فتح ذو شجون، ففتح ولدت من رحم المعاناة وفي مرحلة أسمناها بمرحلة الاستقرار المنظومي، هذه المرحلة التي طغت فيها فكرة العمل القومي على كل ما عداها، وحينما استذكر تلك المرحلة في تلك الظروف لا يسعني إلا أن أقول إن قرار انطلاقة فتح وقرار تشكيل طلائع قوات العاصفة كان قرارا يرقى إلى مستوى المرحلة وكان قرارا شجاعا لا يجرؤ على اتخاذه إلا تلك القيادة التاريخية التي قادت النضال الفلسطيني وحملت حلم الإنسان الفلسطيني وهمومه وكانت بمستوى حمل أمانة ميراث الأمة وصون التاريخ الفلسطيني من الاندثار.  ويضيف الزريعي إنه في تلك الفترة أسهمت الأنظمة العربية بما طرحته من مفاهيم في تغييب الدور الفلسطيني والذي يفترض أن يكون هو الدور الأساسي، وتبقى الجبهة العربية داعمة ومساندة تقف إلى جانب نضال شعبنا وتدعم كفاحه، وقد أثبتت الأيام والمعارك التي تلت ذلك صحة هذه المقولة حيث اتهمتنا بعض الأنظمة العربية بأننا قطريون و إقليميون و انفصاليون في ذاك الوقت ورددنا على هذه الادعاءات والاتهامات بأن حركة فتح فلسطينية الوجه عربية القلب والوجدان عالمية الأبعاد والامتدادات، فالمعركة قومية ويجب أن يكون الفلسطيني هو رأس الرمح وأن تكون المعركة تحت قيادة فلسطينية ونذكر عندما دخل جيش الانقاذ فلسطين في الأربعينات أسهم في تحجيم ثورة الفلسطينيين تحت شعار أن المعركة قومية. وتحول جيش الجهاد المقدس الفلسطيني في ذاك الحين إلى مجموعات متناثرة حينما ألغيت قيادته بقرار من جامعة الدول العربية وقالوا إن جيش الإنقاذ هو البديل وانسحب جيش الإنقاذ بقرار عربي وبقي الفلسطينيون ممزقين أمام الحركة الصهيونية، من هنا ندرك أهمية قرار القيادة التاريخية لحركة فتح في أن يتصدر الفلسطينيون النضال من أجل قضيتهم الفلسطينية وهويتهم النضالية.  فتح وهج الجماهير ومشعلها الحقيقي   يقول الأخ أحمد أبو سيف وهو أحد المقاتلين الذين جمعوا بين الانتماء الفتحاوي فكرا ومنهجا وبين الكفاح المسلح عملا وتطبيقا بأن حركة فتح هي المشعل الحقيقي للشعب الفلسطيني وهي وهج الجماهير ويصب نضالها في إطار العمل الفلسطيني من أجل تحرير فلسطين، وكان ثقلنا العسكري موجودا في الأردن بشكل مجموعات سرية.  وبعد حرب 67 نشطت حركة فتح عسكريا ودخلنا بما سمی ( كسر العظم ) مع الإسرائيليين وكانت حرب الكرامة بداية أول تصد عسكري حقيقي للعدو، حيث الحقت الهزيمة به، وهبت الجماهير للالتحاق بصفوفنا، وتطورت القواعد الفدائية في جنوب أربد والرمثا، ومن كان ينظر ليلا إلى أريحا من جبال اربد والناعور يجد منطقة أريحا وقد لفتها أحزمة من النيران فالعمليات بشكل يومي، وكان ينفذون مقاتلونا عملياتهم الفدائية سرا وفي الليل خوفا من اعتراض طريقهم.  ويضيف الأخ أبو سيف بأننا عندما نتكلم عن فتح فإننا نتكلم عن فلسطين ذلك أن فتح استوعبت معظم أبناء الشعب الفلسطيني في صفوفها وكانت بمثابة الأم الحنون، بل إنها كانت تمد التنظيمات الفلسطينية الأخرى بالمال والعتاد لمواصلة مشوارها النضالي من أجل تحرير فلسطين، | وفتح عبارة عن حركة عالمية استطاعت تجنيد الرأي العام الصالح القضية الفلسطينية وكانت تدعم نفسها بنفسها.  انطلاقة فتح حلقة من حلقات النضال الشعبي  يقول الأخ أحمد أبو شاويش بأن الحديث عن انطلاقة فتح يقود إلى السياق التاريخي الذي جاءت فيه الانطلاقة وبروز العمل العسكري فالانطلاقة لم تأت من فراغ وانما هي حلقة من حلقات النضال الفلسطيني الممتد في أعماق التاريخ ، وخاصة منذ وطئت أرض فلسطين اقدام المستيا وطنين الصهاينة في أواخر القرن التاسع عشر، وانطلاقة فتح وانتهاج الكفاح المسلح سبيلا للوصول إلى فلسطين وتحريرها جعل من شعبنا الفلسطيني بدلا من شعب لاجئ شعبا يحترمه العالم .  ويضيف أبو شاويش وإن منعطفات كثيرة اعترضت طريق الثورة بالأرواح والدماء، وتمكنت فتح أن تدحض المقولة الصهيونية بأن فلسطين أرض بلا شعب ، الشعب بلا أرض، واستطاعت فتح بثورتها وبجماهيرها أن تثبت أن هذه الأرض لنا منذ الأزل وحتى الأبد وأن دولتنا الفلسطينية المستقلة قادمة لا محالة وعاصمتها القدس الشريف.  استقلالية القرار الوطني  أما عن استقلالية القرار الوطني الفلسطيني الذي اعتبرته حركة فتح مبدأ من مبادئها الرئيسية... فالهدف كان من أجل الابتعاد عن دائرة الاستقطابات العربية والدولية ضمانا لتأييد الجميع عربيا ودوليا.  فتح فلسطينية المنطلق عربية الانتماء  عن ذلك يقول الأخ سليم الزعنون لقد فهم البعض وربما عن خبث ودهاء أن ذلك يعني نظرة وطنية ضيقة تتنكر القومية القضية الفلسطينية، حيث جرى الطعن في هذا المبدأ وتشويهه بينما حقيقة الأمر كانت تؤكد وباستمرار وبكل الصدق ومنذ البدايات على أن الثورة الفلسطينية بقيادة فتح إنما هي فلسطينية المنطلق عربية الانتماء، ولطالما رددها الأخ قاند الثورة الرئيس یاسر عرفات ومن كل المنابر" إنها فلسطينية الوجه عربية القلب" ولقد عرفت الأمة العربية ذلك، فكان الامتداد الواسع والعميق الحركة فتح في صفوف الأمة العربية من المحيط إلى الخليج، وامتد ذلك الوجود إلى كل شعوب الأمة الإسلامية و أما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض .  لا للوصاية .. ولا للتبعية .. ولا للاحتواء  يقول الأخ مازن عز الدين بدأت حركة فتح تحت عناوین واضحة في منطلقاتها الاستراتيجية حيث خاطبت بعدنا العربي، الذي يعتبر القاعدة الارتكازية الأساسية فحركة فتح لم تكن تبحث فقط عن القرار الفلسطيني المستقل و انما الضرورات التفاوضية والضرورات السياسية كانت تفرض على القيادة الفلسطينية إيجاد هامش هام وواسع للمناورة أطلق عليه القرار الوطني الفلسطيني المستقل وفتح رفعت شعارات واضحة بأن الثورة الفلسطينية فلسطينية الوجه عربية القلب، وعندما بدأت الطروحات السياسية لتبرير الاعتراف بقراري 242، 338 ودخولنا في مراحل تسوية بعد عام 73، جعلنا نخوض عملية التمایز نظرا لأن كل الأقطار العربية التي تتواجد على أرضها لها هامش في الإطار القومي ولكن لها هامشا في صنع قرارها الداخلي أيضا.  ويضيف الأخ عز الدين بأنه منعا للمصادرة والاحتواء فقد طبقنا شعارات فتح الأولى التي تستند الى ثلاثة أعمدة أساسية وهي لا للوصاية، لا للتبعية، لا للاحتواء، ورفعنا شعار استراتيجيا بأننا نرفض التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية وكذلك نرفض أن يتدخل أحد في شؤوننا الداخلية، إلى أن جاءت معركة بيروت حيث دافعنا عن قرارنا الوطني وخضنا معركة طرابلس كذلك دفاعا عن قرارنا الوطني الفلسطيني.  استقلالية حركة فتح  أما الأخ زكريا الأغا فقال إن حركة فتح خاضت معارك كثيرة للحفاظ على قرارنا الفلسطيني المستقل فمنذ اللحظة الأولى كانت تشعر أنه لكي تنجح ولكي تعبر تعبيرا صادقا عن آمال وطموحات الشعب الفلسطيني يجب أن تكون بعيدة عن الاحتواء، هذا ليس انفصالا عن العالم العربي، لكن فتح منذ اللحظة الأولى قررت واكدت استقلاليتها وكان هذا واضحا منذ اللحظة الأولى وحتی الآن .  أضاف الأغا: لا أحد يستطيع أن يحسب حركة فتح على أي نظام عربي حتى عندما تأزمت الأمور مع المنشقين في ۸۳ وحينما حاولت بعض الأنظمة العربية تقييد منظمة التحرير الفلسطينية واصابتها بالشلل، قامت حركة فتح ومعها جميع الأخوة من الفصائل الفلسطينية التي كانت تقف إلى جانبها لتعلن وتؤكد على ضرورة الخروج من هذا الوضع الذي وجدت المنظمة نفسها فيه بعد الانشقاق، فكان المؤتمر الفلسطيني السابع عشر الذي عقد في عمان والذي أخرج المنظمة من الشلل، وهذه الدورة أكدت أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني بقيادة الأخ أبو عمار، وسميت هذه الدورة بدورة القرار الوطني الفلسطيني المستقل والذي لاقت فيها تجاوبا جماهيريا كبيرا في الأراضي الفلسطينية المحتلة وقاموا بمظاهرات وسقط الشهداء بمن فيهم شهيد القرار الوطني الفلسطيني (شرف الطيبي).  فتح بانطلاقتها تفجر المسار التاريخي للمنطقة  يقول الأخ سلیم الزعنون، لقد أثرت فتح بالفعل في المسار التاريخي للشرق الأوسط... سواء من حيث الحروب التي اشتعلت في المنطقة أو من خلال فرض وجود الثورة الفلسطينية من جهة أخرى على خريطة المنطقة بل وعلى الخريطة العالمية بالنسبة البؤر الصراع في العالم.  وأما عن الانتقال بالنضال الفلسطيني من الشتات إلى أرض الوطن فهذا أصبح حقيقة واقعة لا يستطيع أحد إنكارها، فبعد العودة إلى أرض الوطن من خلال اتفاقات السلام مع حكومة إسرائيل العمالية بزعامة اسحق رابين وشمعون بيريس في أوسلو والقاهرة وطابا سنة ۱۹۹۳، فإن الجسم المسلح للثورة الفلسطينية قد عاد بسلاحه إلى أرض الوطن ليكون طليعة لعودة الشعب الفلسطيني كله.  ويشير الأخ أبو الأديب إلى اتفاقات أوسلو بأنه لا أحد ينكر ما تقوم به طلائع شعبنا المتمثلة في السلطة الوطنية الفلسطينية ورموزها بقيادة الأخ الرئيس یاسر عرفات والأعضاء المنتخبين من قبل شعبنا في المجلس التشريعي المنضوي تحت مظلة المجلس الوطني الفلسطيني الذي يعتبر خيمة الشرعية الفلسطينية في داخل الوطن والشتات، فالكل يشاهد بأم عينيه صباح مساء كيف يواجه شعبنا جنود الاحتلال وفي طليعة المواجهة يقف اخواننا رموز السلطة الوطنية وأعضاء المجلس التشريعي والوطني وكل رجال الأمن الذين هم فدائيو الأمس حيث التصدي للممارسات الاسرائيلية المتنكرة لكل الاتفاقات و المواثيق الدولية والانسانية، انه الصراع من فوق أرض الوطن الذي يتعرض لمؤامرات التهديد وطمس الهوية الفلسطينية، إنها معركة تجسيد الهوية الفلسطينية وإرساء قواعد الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف فوق أرض فلسطين ووجها لوجه مع قوات الاحتلال وأساليبه القمعية.  ويتساءل الأخ أبو الأديب هل هناك ما هو أفضل و أروع وأصدق من معايشة القيادة لشعبها في كفاحه ومعاناته وصنع مستقبله..؟؟  وهل كانت فتح الأمس صاحبة شعار "ثورة حتی النصر" غير فتح اليوم التي ما زالت تخوض هذه الثورة ومن فوق أرض فلسطين من أجل النصر وبناء دولة فلسطين...؟!  ما حققته فتح من مبادئها وأهدافها  عن ذلك يقول الأخ سليم الزعنون بأنه يكفي أن نذكر بحال الشعب الفلسطيني وثورته في أعقاب حرب العراق - الكويت.. لقد كانت هناك مؤامرة لإلغاء الوجود الفلسطيني، حيث جرى تهميش الدور الفلسطيني في مؤتمر مدريد للسلام.. لكننا سرعان ما أثبتنا وجودنا وأصبحنا الرقم الصعب - كما يقولها الأخ الرئيس أبو عمار الذي لا يمكن تجاهله، وها نحن على أرضنا قيادة ومقاتلين ومعنا أكثر من خمسين الفا من أبناء شعبنا المشردين قد عادوا إلى أرض الوطن طليعة العودة كل الشعب الفلسطيني .. و العالم كله يؤازرنا ويقف معنا، حيث انقلبت المعادلة وبات الإسرائيليون في ظل زعامتهم اليمينية المتطرفة محاصرين في كل المجالات الدولية، والأهم من كل هذا .. هو أننا نمارس حقنا المشروع في النضال وبناء دولتنا المستقلة من فوق أرضنا والشرعية الدولية كلها تقف إلى جانبنا.  ويستبشر الأخ أبو الأديب خيرا ويقول قريبا إن شاء الله.. سيشهد العالم قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف .. لأنها باتت مطلبا دوليا أيضا حتى إنه صارت هناك قناعات عند قطاع كبير من القادة و الشارع الإسرائيلي بضرورة قيام دولتنا الفلسطينية باعتبار ذلك حاجة ملحة لإقرار السلام في المنطقة، فالنضال الثوري دائما له أهدافه المرحلية والاستراتيجية المتمثلة في إقامة دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.. وعودة أبناء شعبنا في الشتات إلى أرض الوطن وما يتبع ذلك من مطالبة بحقوقنا المشروعة في أرضنا المغتصبة و أملاكنا المسلوبة.  من شعب لاجئ إلى شعب ذى سيادة   يقول الأخ زكريا الأغا بأن أكبر انجاز لمبادئ فتح وأهدافها هو أن القيادة الفلسطينية فوق الثرى الفلسطيني والسلطة الوطنية هي المقدمة الطبيعية والأكيدة للدولة الفلسطينية حيث إن آمالنا زادت في قيامها فقد تحولنا من شعب لاجئ إلى شعب ذي سيادة وطنية، وأصبح الجميع يعترف بنا ككيان، فالعلم الفلسطيني يرفرف فوق ربوع الوطن والمواطن يسافر بجواز سفر فلسطيني، وكلنا ثقة بالأخ القائد ياسر عرفات لنصل إلى القدس الشريف عاصمة دولتنا الفلسطينية.             نشر بتاريخ - يناير - 1997 - مجلة الرأي - عدد 7  يقول الأخ زكريا الأغا بأن فتح ولدت من عمق المأساة الفلسطينية في وقت كان فيه الشعب الفلسطيني يعتبر مجرد قطاعات من اللاجئين بدون أي هوية سياسية ومن هنا تولدت الفكرة لدى عدد من القيادات الفلسطينية برئاسة الأخ القائد أبو.. عمار والشهيدين القائدين أبو جهاد وأبو ایاد وكثيرا من الأخوة الذين فكروا كيف يمكن أن يعيدوا الحياة إلى القضية الفلسطينية وان يعملوا على احياء النضال الفلسطيني والبدء بالكفاح المسلح. ويضيف الأغا أن الأفكار التقت بشأن تأسيس فتح على قاعدة الكفاح المسلح لتحرير فلسطين وتحويل شعبنا من مجرد شعب لاجئ إلى شعب من المقاتلين ونضجت الفكرة بعدما اتفق على موعد أول عملية تقوم بها قوات  العاصفة الذراع العسكري لحركة فتح، وكانت العملية بمثابة الإعلان الرسمي لانطلاقة فتح وانطلاقة الكفاح المسلح. وقد كان الاعلان الانطلاقة الفتحاوية وقع في الشارع الفلسطيني داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة فقد أعادت له ثقته بنفسه و احتشدت جماهير غفيرة للتطوع في صفوف فتح لتخوض النضال والكفاح تحت راية فلسطينية بقيادة القائد ياسر عرفات.  الاعتماد على الذات التحرير فلسطين   إستطلاع : محمد توفيق أحمد كريزم  في ذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية  اثنان وثلاثون عاما من النضال والكفاح  فتح ثورة فلسطينية الوجه . عربية العمق . عالمية البعد  فتع بقيادة الرمز أبو عمار - صانعة الثورة – وصانعة السلام       منذ فجرت حركة فتح الثورة الفلسطينية المعاصرة وشلال دماء شهداء ثورتنا ما انفك يتدفق ويفيض راسما الخارطة الجديدة للمنطقة بأسرها .   وعندما أطلقت فتح رصاصاتها الأولى لتطرح منطلقاتها الاستراتيجية التي حددت من خلالها أولوية تحرير فلسطين باتباع اسلوب الكفاح المسلح وتوحيد نضال الجماهير قلبت بذلك رأسا على عقب مجموعة المنطلقات الاستراتيجية التي سادت الوطن العربي حول قضية فلسطين وأدخلت المنطقة العربية برمتها في مرحلة جديدة تمتاز بالصراع الساخن ، وبرهنت على أن الثورة الفلسطينية .. فلسطينية الوجه.. عربية العمق.. عالمية البعد، مما جعلها في وضع فريد ضمن حركات التحرر الوطني في العالم.  الأجواء التي رافقت ولادة الحركة   لاشك أن ولادة حركة فتح كانت عيرة اعترضتها صعوبات و مشاكل جمة، في الوقت الذي لم يكن فيه سهلا على طلائع قيادتنا التاريخية أن يتخذوا قرارهم التاريخي بتأسيس فتح في ذاك الوقت.  الكفاح المسلح بدلا من الشعارات والمزايدات      يقول الأخ سلیم الزعنون (أبو الأديب ) أحد القادة التاريخيين لثورتنا ومن المؤسسين لحركة فتح عن الظروف التي رافقت انطلاقة الثورة الفلسطينية المسلحة بقيادة فتح في 1/11/1965 بأن مصاعب الانطلاقة كانت جمة ولكن أهمها وجود أكثر من ثلاثين تنظيما كانت جميعها تحمل أسماء وشعارات حول تحریر فلسطين.. بعض تلك التنظيمات كان لا يتعدى حجمها عدد أصابع اليد.. وبالتالي كانت ساحات العمل الفلسطيني غارقة بالمزايدات والشعارات.. مما أدى إلى الخلط بين الغث و السمين ولهذا بطبيعة الحال أثره السلبي على جماهيرية وشعبية أي تنظيم.. مما حتم على قيادة فتح التاريخية القيام بعمل بطولي وشجاع يكون كفيلا بإخراج حركة فتح من دوامة الشعارات والصراعات الحزبية التي سئمتها جماهير شعبنا. ويضيف الأخ أبو الأديب بأنه كان لابد من إطلاق شرارة الكفاح المسلح.. وهذا العمل أو القرار يعتبر مصيريا وخطيرا، حيث كل الظروف المحيطة كانت تعمل ضد هذا الاتجاه .. ثم هناك منظمة التحرير الفلسطينية برئاسة أحمد الشقيري و التي تأسست في 13/1/1964 ، بقرار من القمة العربية في القاهرة، ثم في قمة الاسكندرية سبتمبر/أيلول 1964 تقرر إنشاء جيش التحرير الفلسطيني بقيادة اللواء وجيه المدني، وكان لهذا أثره الفعال-سلبا على وجود التنظيمات المختلفة ، وكان هناك القيادة العربية الموحدة بقيادة الفريق أول علي عامر بقرار من القمة العربية من أجل مواجهة المشاريع الإسرائيلية التحويل مياه نهر الأردن ومنابعه مما يشكل تهديدا للدول العربية .. وهذه القيادة لا تريد لغيرها أن يعمل ضد الإسرائيليين.. ولقد كانت لهذه القيادة قرارات مضادة للعمل الفدائي بعد الانطلاقة:  والحدود المشتركة مع فلسطين المحتلة موصدة في وجه أي عمل مسلح .. والتمويل المادي محدود ويعتمد على اشتراكات الأعضاء فقط، حيث لا أحد يتبرع ماديا لمن لا يعمل .. وأجهزة المخابرات في مناطق التماس مع فلسطين المحتلة تلاحق وتمنع أي إنسان من اختراق الحدود ومهاجمة العدو في الداخل.. ثم هناك الخطر المصيري المحتمل، الذي يتهدد تنظیم فتح بكل وجوده إذا ما فشلت الانطلاقة. العملية الأولى   ويكشف الأخ أبو الأديب اللحظات الحاسمة التي عاشتها ثورتنا ويقول بأنه أمام كل هذه الأخطار كان لابد من اتخاذ القرار المصري و الحاسم.. ولقد اختلف قادة تنظيم فتح حول ذلك .. البعض يؤيد الانطلاقة .. والبعض يحذر .. والبعض متردد .. وفي ظل كل هذه الظروف الصعبة اجتمع قادة فتح من كل الأقاليم وكان اللقاء في مكان ما بالكويت وبعد نقاش طويل ومتشعب وخلال عدة أيام التزم الجميع بقرار الأغلبية وتقرر إطلاق الرصاصة الأولى في ليلة الفاتح من كانون الثاني (يناير) 1965م .. كبداية للثورة الفلسطينية المسلحة من أجل تحرير فلسطين .. ولقد ارتأى المجتمعون تحسبا لأي طارئ أن تكون الانطلاقة تحت اسم غير اسم حركة فتح التي باتت معروفة للجميع وتم اختيار اسم قوات العاصفة، فإذا تحقق النجاح وتواصلت الثورة ونجت من الأخطار المحدقة بها فان الأمر سيوضح بعد ذلك لوسائل الإعلام ولبقية تنظيم فتح حيث إن الأمر كان سريا للغاية ومحصورا في نطاق عدد محدود من قيادة الحركة .. أما لو كان هناك فشل .. فستنجو فتح من الخطر وسيتحمل الاسم الجديد تبعة ذلك الفشل .. ولقد تمت الانطلاقة بحمد الله وتوفيقه وتمكنت مجموعات من قوات العاصفة من تفجير بعض المنشآت التحويلية المياه نهر الأردن في نفق عيلبون وتبعتها عدة عمليات داخل فلسطين المحتلة وفي مناطق متباعدة في الجليل .. وفي بيت جبرين وفي بئر السبع بحيث لم يستطع العدو إلا أن يعترف بما حدث و أعلن عن ذلك من خلال اذاعته .   ويتذكر الأخ أبو الأديب أن القيادة اتخذت قرارا في مواجهة الأعباء المالية اللازمة لتغطية تلك العمليات بأن على كل فرد منتسب الحركة فتح أن يدفع مبلغ خمسين دينارا دعما للعمل العسكري وديمومته.  أصداء العملية   أما عن الصدي الذي أحدثه ذلك العمل فيقول الأخ أبو الأديب ، بأن الفرحة عمت صفوف الشعب الفلسطيني و بدأ الناس يتحدثون باستبشار وسعادة و أمل وهم يرددون الشعار الذي كانت تتركه المجموعات الفدائية الأولى وراءها في مكان العمليات المسلحة " أيها الغزاة الصهاينة.. قوات العاصفة مرت من هنا " وبدأ الشبان ينضمون إلى تنظيم حركة فتح في كل مناطق الشتات وفي قطاع غزة والضفة الغربية مما أدى إلى ذوبان أو تلاشي العديد من التنظيمات .. فالناس كانوا متعطشين لمن يجسد الشعارات إلى عمل بعد أن طال الانتظار واستبد اليأس بالنفوس، لقد كانت فتح بالنسبة للشعب الفلسطيني شعلة الأمل، أما عن الصدی عربيا فلاشك أن الانطلاقة ساعدت في استنهاض النخوة العربية فيات الناس يتبرعون للحركة من أجل تمويل عملياتها البطولية ودعما لأسر الشهداء والجرحى والأسري، وكانت هناك مناصرة دولية محدودة تمثلت بالدرجة الأولى بدعم مادي ومعنوي من قبل جمهورية الصين الشعبية وفيتنام وكوبا، وفي هذا المجال لا يمكننا أن ننسى الدعم الأخوي الصادق من قبل الجزائر الشقيقة وسوريا الحبيبة، حيث كانت لهما وقفات مخلصة ساعدت في إنجاح انطلاقة الثورة الفلسطينية واستمراريتها وتصاعدها بقيادة حركة فتح .  فتح صنعت لشعبنا الهوية السياسية      يقول الأخ زكريا الأغا بأن فتح ولدت من عمق المأساة الفلسطينية في وقت كان فيه الشعب الفلسطيني يعتبر مجرد قطاعات من اللاجئين بدون أي هوية سياسية ومن هنا تولدت الفكرة لدى عدد من القيادات الفلسطينية برئاسة الأخ القائد أبو.. عمار والشهيدين القائدين أبو جهاد وأبو ایاد وكثيرا من الأخوة الذين فكروا كيف يمكن أن يعيدوا الحياة إلى القضية الفلسطينية وان يعملوا على احياء النضال الفلسطيني والبدء بالكفاح المسلح. ويضيف الأغا أن الأفكار التقت بشأن تأسيس فتح على قاعدة الكفاح المسلح لتحرير فلسطين وتحويل شعبنا من مجرد شعب لاجئ إلى شعب من المقاتلين ونضجت الفكرة بعدما اتفق على موعد أول عملية تقوم بها قوات  العاصفة الذراع العسكري لحركة فتح، وكانت العملية بمثابة الإعلان الرسمي لانطلاقة فتح وانطلاقة الكفاح المسلح. وقد كان الاعلان الانطلاقة الفتحاوية وقع في الشارع الفلسطيني داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة فقد أعادت له ثقته بنفسه و احتشدت جماهير غفيرة للتطوع في صفوف فتح لتخوض النضال والكفاح تحت راية فلسطينية بقيادة القائد ياسر عرفات.  الاعتماد على الذات التحرير فلسطين    يقول الأخ مازن عز الدين انعكست بدايات تشكل الواقع العربي القومي باتجاهاته المختلفة التي تضع في اعتباراتها فلسطين، على الواقع الفلسطيني في الشتات، بحيث إن الشباب الفلسطيني حاول أن يجد نفسه في الحزبية العربية، فانضوى تحت أجنحة الأحزاب القومية معتقدا أنها السبيل في حشد موقف عربي من أجل معركة التحرير التي تعيده إلى فلسطين خاصة وأن مفتاح بيته لم يصب بالصدأ في تلك الأيام، وبالتالي كانت فكرة الوحدة العربية هي الطريق الحتمي التحرير فلسطين، ولكن مع طول المدة وانتظار الجيوش العربية التحرير فلسطين بدأ الملل يدخل في صفوف الشباب الفلسطيني، وبدأت تتشكل في أوساط الطبقات الأكثر وعيا من شعبنا الفلسطيني وتحديدا اتحاد طلاب فلسطين مجموعة من الأفكار المنسجمة مع واقعنا الفلسطيني والتي ترافقت مع نمو حركات التحرر العالمية و العربية مثل موجة المد القومي في اليمن والجزائر ومصر وثورات فيتنام وكمبوديا مما عكس ذلك على بدايات تشكل النواة الثورية الفلسطينية في الطبقات الأكثر وعيا.. ومن هنا جاءت فكرة الاعتماد على الذات بضرورة وجود حركة أو تنظيم فلسطيني يقاتل ويقاوم ويقلب المعادلة. ويضيف الأخ عز الدين بأن حركة فتح لم تكن بديلا عن منظمة التحرير الفلسطينية فالمنظمة جاءت کرد عربي على تحویل روافد مجرى نهر الأردن وكتعبير عن أفكار الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وتتويجا لفكره القومي باتجاه فلسطين الذي كان يعتبرها العمود الفقري للفكر القومي، وتم تشكيل جيش لها أطلق عليه اسم جيش التحرير الفلسطيني وكان منضويا تحت قيادة أركان الدول العربية التي يتواجد على أراضيها و مرتبطا بالخطة الرسمية العربية لأنظمة دول الطوق وبالتالي لم يستطع أن يحرك شينا بالنسبة لفلسطين . فجاءت حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح بتشكيلاتها دون أن تتدخل بتشكيلات منظمة التحرير الفلسطينية في بادئ الأمر إلى أن قامت بتفجير الانطلاقة وبداية تشكيل معسكراتها والقيام بعمليات فدائية . ويضيف الأخ عز الدين بعد حدوث نكسة 67 واحتلال باقي فلسطين إضافة إلى احتلال سيناء والجولان، أصبحت اليد الطولى الإرادة الشعب وإرادة الكفاح المسلح، وبالتالي وجب تأميم منظمة التحرير الفلسطينية ليصبح قرارها فلسطينيا محضا، وجرت محاولات عديدة لكي يتلقى جيش التحرير الفلسطيني تعليماته من رئاسة الأركان الفلسطينية وليس من أركان رئاسة الدول العربية المتواجد على أراضيها ، إلى أن جاءت الظروف وأصبح جيش التحرير الفلسطيني تحت إمرة فلسطينية يدافع دفاعا مستميتا عن الثورة الفلسطينية بعد أن قامت فتح بعملية النقل الشرعي لقيادة منظمة التحرير الفلسطينية من قيادة الشهيد المناضل أحمد الشقيري إلى قيادة الرئيس القائد العام یاسر عرفات.  فتح انطلقت باتجاه الوطن       وبدوره يقول الأخ إبراهيم أبو النجا: فرضت نكبة 48، وما ترتب عليها من سلب الأرض الفلسطينية وتهجير للشعب الفلسطيني ، وحالة الضياع التي عانى منها أبناء شعبنا في السنوات الأولى للهجرة، فرضت على الشعب العربي الفلسطيني أن يعيد صنع نفسه من جديد، وقد اضطلع بهذه المهمة كوكبة من المناضلين التقوا فاتفقوا على الخروج من هذا الواقع الأليم وتصويب المسار، | ومن هنا جاء ميلاد التنظيم السياسي الذي سمي بحركة التحرير الوطني الفلسطيني، وقد أخذنا الحروف الأولى للتسمية فتكونت كلمة (حتف) ولكن قلبنا الكلمة وأصبحت فتح، وحروفها تدل على: الفاء فلسطين، والتاء تحرير، والحاء حركة، فالحركة جاءت في الآخر لأنها ستطلع بمهمة التحرير، والفاء جاءت في الأول لأن الهدف الأول هو فلسطين، وحركة فتح عندما تأسست لم يكن المقصود منها أن تكون على غرار التنظيمات السياسية التي سبقتها في التأسيس ولكنها جاءت لتنطلق من العمل السياسي إلى العمل العسكري الذي ترجم على ارض الواقع مع بزوغ فجر 65/1/1 وتفجير الكفاح المسلح لنعلن للعالم أننا انطلقنا باتجاه استرداد فلسطين، وقد حذرنا من أي محاولة تستهدف النيل من عملنا العسكري، وقد رافقت الانطلاقة أدبيات تتمثل في المبادئ والأهداف والشعارات وتعرضت حركة فتح وكوادرها الملاحقات ومطاردات، وزج بهم في السجون. وأضاف أبو النجا إن الإعلان عن الكفاح المسلح وضع طلائعنا الفلسطينية الذين أصبحوا فيما بعد قادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح وعلى رأسهم الأخ القائد أبو عمار ورفيق دربه الشهيد القائد خليل الوزير (أبو جهاد) وبقية الأخوة في وضع يصدق فيهم قوله تعالى و من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا.  ويوضح أبو النجا بأن انطلاقة فتح ليست بديلا عن العمل العربي المشترك فنحن رأس الحربة التحرير فلسطين حيث تلقف أبناء شعبنا الفلسطيني في كافة أماكن تواجده نبأ الانطلاقة بتلهف وتأييد كبير ويحدوهم الأمل بأن هذا هو الطريق لتحرير فلسطين ونیل حقوقنا الوطنية وبدأوا بالالتحاق بصفوف الحركة، حيث كان للفدائيين العديد من المعارك والعمليات العسكرية التي أوجعت الاحتلال، وكان الفدائيون يمارسون حرب العصابات ولم يمارسوا الحرب النظامية حيث دخلت العلم العسكري النظرية الفلسطينية بأن الصمود المدعوم بالحق هو الأساس وواجه مقاتلونا بأسلحتهم الخفيفة الفردية الآليات والطائرات وكل أشكال الحملة الصهيونية، لم نتكلم نحن عن النتائج بقدر ما تكلم العدو نفسه وبقدر ما تكلم المراقبون العسكريون والسياسيون، وشكلت عملياتنا انعطافا جديدا في فهم العالم كله لخصوصية وطبيعة قضيتنا مما أدى إلى الالتحام الشعبي بالثورة الفلسطينية وبدأت المعادلة في التغيير والنظرة تختلف من شعب لاجئ إلى شعب يمارس الكفاح من أجل عودته إلى أرضه، وكان على الثورة أن تستوعب المناضلين الذين التحقوا بها وأن تقيم المؤسسات في الوقت الذي كثرت فيه أعباء الثورة الفلسطينية واستطاعت أن تبني المؤسسة العسكرية وتوابعها،  وهذه النقلة الجديدة جعلتنا،  مستهدفين من بعض القوى التي لم يكن هدفها تحرير الوطن سواء كانت على الصعيد المحلي أو على الصعيد القومي واستمر النضال الفلسطيني وكانت العمليات ليلية وبشكل مكثف وأذكر هنا عمليات الحزام الأخضر حيث أخذت شكل المواجهة العسكرية الحقيقية غرب النهر التي قادها الأخ أبو عمار والأخ أبو جهاد و الأخ أبو صبري، وكل القيادة الفلسطينية كان عليها أن تدخل إلى الداخل التبني الخلايا السرية وتمدها بالأسلحة مما أضفى على نضالنا وقتالنا شينا متميزا حيث أن القيادات السياسية والعسكرية كانت تضطلع بهذا الدور في البناء والتأسيس وإقامة القواعد و تثبيت التنظيم السري في التعبئة و التحريض.  انطلاقة فتح كسرت الجمود والتراجع      يقول الأخ أبو ماهر حلس بأن میلاد حركة فتح وتحديدا انطلاقتها العسكرية كان في ظل ظروف عربية واقليمية تكيفت مع وجود کیان اسرائيلي وكأنها أمر واقع، وأن العمل المسلح هو مغامرة محكوم عليها بالفشل، وجاءت انطلاقة فتح لتكسر هذه المفاهيم وتستبدلها بمفهوم ثوري جديد يعتمد على الكفاح المسلح. ويضيف الأخ أبو ماهر بأن من أطواق السلامة اللي اعتمدتها فتح وضمن منطلقاتها الأساسية هي حفاظها على استقلالية القرار الوطني الفلسطيني، وقد مارست هذا الشعار في كل مراحل العمل الوطني، فهي لم تتدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة إضافة إلى أنها لم تسمح بالتدخل في الشؤون الداخلية الفلسطينية بغض النظر عن حجم التحالف مع هذا | النظام أو ذاك، وقد كانت فتح وقيادتها دائما مرشحة للإسهام الايجابي في حل الكثير من الخلافات العربية .  وما يميز حركة فتح هو أنها صاحبة المبادرة التاريخية في كل مراحل العمل الوطني، فعندما | اختارت الكفاح المسلح، كان هذا | بمثابة مغامرة في نظر الآخرين، | لكن سرعان ما لحق بها الجميع وثبتت صحة النظرية الفتحاوية، | وحينما اختارت السلام كان أيضا السلام مجازفة تاريخية، ولكن سرعان ما اتضحت صحة الخطوة التي اتخذتها قيادتنا الفلسطينية | وعلى رأسها الأخ القائد أبو عمار في كل المراحل سواء معركة الحرب أو السلام، فهي تنطلق من رؤى واضحة لأهدافها الوطنية وللمصلحة العليا لشعبنا ضمن قراءة واقعية لظروف شعبنا.  واعتمدت فتح المرونة في التكتيك وصلابة استراتيجية وثبات على الهدف والمبادئ، وما يتغير فهو شعارات وأساليب، حتى نصل إلى اقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.  فتح حملت ميراث الأمة   ومن جهته يرى الأخ سليم الزريعي الذي أمضى خمسة وعشرين عاما في السجون الإسرائيلية أن الحديث عن حركة فتح ذو شجون، ففتح ولدت من رحم المعاناة وفي مرحلة أسمناها بمرحلة الاستقرار المنظومي، هذه المرحلة التي طغت فيها فكرة العمل القومي على كل ما عداها، وحينما استذكر تلك المرحلة في تلك الظروف لا يسعني إلا أن أقول إن قرار انطلاقة فتح وقرار تشكيل طلائع قوات العاصفة كان قرارا يرقى إلى مستوى المرحلة وكان قرارا شجاعا لا يجرؤ على اتخاذه إلا تلك القيادة التاريخية التي قادت النضال الفلسطيني وحملت حلم الإنسان الفلسطيني وهمومه وكانت بمستوى حمل أمانة ميراث الأمة وصون التاريخ الفلسطيني من الاندثار.  ويضيف الزريعي إنه في تلك الفترة أسهمت الأنظمة العربية بما طرحته من مفاهيم في تغييب الدور الفلسطيني والذي يفترض أن يكون هو الدور الأساسي، وتبقى الجبهة العربية داعمة ومساندة تقف إلى جانب نضال شعبنا وتدعم كفاحه، وقد أثبتت الأيام والمعارك التي تلت ذلك صحة هذه المقولة حيث اتهمتنا بعض الأنظمة العربية بأننا قطريون و إقليميون و انفصاليون في ذاك الوقت ورددنا على هذه الادعاءات والاتهامات بأن حركة فتح فلسطينية الوجه عربية القلب والوجدان عالمية الأبعاد والامتدادات، فالمعركة قومية ويجب أن يكون الفلسطيني هو رأس الرمح وأن تكون المعركة تحت قيادة فلسطينية ونذكر عندما دخل جيش الانقاذ فلسطين في الأربعينات أسهم في تحجيم ثورة الفلسطينيين تحت شعار أن المعركة قومية. وتحول جيش الجهاد المقدس الفلسطيني في ذاك الحين إلى مجموعات متناثرة حينما ألغيت قيادته بقرار من جامعة الدول العربية وقالوا إن جيش الإنقاذ هو البديل وانسحب جيش الإنقاذ بقرار عربي وبقي الفلسطينيون ممزقين أمام الحركة الصهيونية، من هنا ندرك أهمية قرار القيادة التاريخية لحركة فتح في أن يتصدر الفلسطينيون النضال من أجل قضيتهم الفلسطينية وهويتهم النضالية.  فتح وهج الجماهير ومشعلها الحقيقي   يقول الأخ أحمد أبو سيف وهو أحد المقاتلين الذين جمعوا بين الانتماء الفتحاوي فكرا ومنهجا وبين الكفاح المسلح عملا وتطبيقا بأن حركة فتح هي المشعل الحقيقي للشعب الفلسطيني وهي وهج الجماهير ويصب نضالها في إطار العمل الفلسطيني من أجل تحرير فلسطين، وكان ثقلنا العسكري موجودا في الأردن بشكل مجموعات سرية.  وبعد حرب 67 نشطت حركة فتح عسكريا ودخلنا بما سمی ( كسر العظم ) مع الإسرائيليين وكانت حرب الكرامة بداية أول تصد عسكري حقيقي للعدو، حيث الحقت الهزيمة به، وهبت الجماهير للالتحاق بصفوفنا، وتطورت القواعد الفدائية في جنوب أربد والرمثا، ومن كان ينظر ليلا إلى أريحا من جبال اربد والناعور يجد منطقة أريحا وقد لفتها أحزمة من النيران فالعمليات بشكل يومي، وكان ينفذون مقاتلونا عملياتهم الفدائية سرا وفي الليل خوفا من اعتراض طريقهم.  ويضيف الأخ أبو سيف بأننا عندما نتكلم عن فتح فإننا نتكلم عن فلسطين ذلك أن فتح استوعبت معظم أبناء الشعب الفلسطيني في صفوفها وكانت بمثابة الأم الحنون، بل إنها كانت تمد التنظيمات الفلسطينية الأخرى بالمال والعتاد لمواصلة مشوارها النضالي من أجل تحرير فلسطين، | وفتح عبارة عن حركة عالمية استطاعت تجنيد الرأي العام الصالح القضية الفلسطينية وكانت تدعم نفسها بنفسها.  انطلاقة فتح حلقة من حلقات النضال الشعبي  يقول الأخ أحمد أبو شاويش بأن الحديث عن انطلاقة فتح يقود إلى السياق التاريخي الذي جاءت فيه الانطلاقة وبروز العمل العسكري فالانطلاقة لم تأت من فراغ وانما هي حلقة من حلقات النضال الفلسطيني الممتد في أعماق التاريخ ، وخاصة منذ وطئت أرض فلسطين اقدام المستيا وطنين الصهاينة في أواخر القرن التاسع عشر، وانطلاقة فتح وانتهاج الكفاح المسلح سبيلا للوصول إلى فلسطين وتحريرها جعل من شعبنا الفلسطيني بدلا من شعب لاجئ شعبا يحترمه العالم .  ويضيف أبو شاويش وإن منعطفات كثيرة اعترضت طريق الثورة بالأرواح والدماء، وتمكنت فتح أن تدحض المقولة الصهيونية بأن فلسطين أرض بلا شعب ، الشعب بلا أرض، واستطاعت فتح بثورتها وبجماهيرها أن تثبت أن هذه الأرض لنا منذ الأزل وحتى الأبد وأن دولتنا الفلسطينية المستقلة قادمة لا محالة وعاصمتها القدس الشريف.  استقلالية القرار الوطني  أما عن استقلالية القرار الوطني الفلسطيني الذي اعتبرته حركة فتح مبدأ من مبادئها الرئيسية... فالهدف كان من أجل الابتعاد عن دائرة الاستقطابات العربية والدولية ضمانا لتأييد الجميع عربيا ودوليا.  فتح فلسطينية المنطلق عربية الانتماء  عن ذلك يقول الأخ سليم الزعنون لقد فهم البعض وربما عن خبث ودهاء أن ذلك يعني نظرة وطنية ضيقة تتنكر القومية القضية الفلسطينية، حيث جرى الطعن في هذا المبدأ وتشويهه بينما حقيقة الأمر كانت تؤكد وباستمرار وبكل الصدق ومنذ البدايات على أن الثورة الفلسطينية بقيادة فتح إنما هي فلسطينية المنطلق عربية الانتماء، ولطالما رددها الأخ قاند الثورة الرئيس یاسر عرفات ومن كل المنابر" إنها فلسطينية الوجه عربية القلب" ولقد عرفت الأمة العربية ذلك، فكان الامتداد الواسع والعميق الحركة فتح في صفوف الأمة العربية من المحيط إلى الخليج، وامتد ذلك الوجود إلى كل شعوب الأمة الإسلامية و أما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض .  لا للوصاية .. ولا للتبعية .. ولا للاحتواء  يقول الأخ مازن عز الدين بدأت حركة فتح تحت عناوین واضحة في منطلقاتها الاستراتيجية حيث خاطبت بعدنا العربي، الذي يعتبر القاعدة الارتكازية الأساسية فحركة فتح لم تكن تبحث فقط عن القرار الفلسطيني المستقل و انما الضرورات التفاوضية والضرورات السياسية كانت تفرض على القيادة الفلسطينية إيجاد هامش هام وواسع للمناورة أطلق عليه القرار الوطني الفلسطيني المستقل وفتح رفعت شعارات واضحة بأن الثورة الفلسطينية فلسطينية الوجه عربية القلب، وعندما بدأت الطروحات السياسية لتبرير الاعتراف بقراري 242، 338 ودخولنا في مراحل تسوية بعد عام 73، جعلنا نخوض عملية التمایز نظرا لأن كل الأقطار العربية التي تتواجد على أرضها لها هامش في الإطار القومي ولكن لها هامشا في صنع قرارها الداخلي أيضا.  ويضيف الأخ عز الدين بأنه منعا للمصادرة والاحتواء فقد طبقنا شعارات فتح الأولى التي تستند الى ثلاثة أعمدة أساسية وهي لا للوصاية، لا للتبعية، لا للاحتواء، ورفعنا شعار استراتيجيا بأننا نرفض التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية وكذلك نرفض أن يتدخل أحد في شؤوننا الداخلية، إلى أن جاءت معركة بيروت حيث دافعنا عن قرارنا الوطني وخضنا معركة طرابلس كذلك دفاعا عن قرارنا الوطني الفلسطيني.  استقلالية حركة فتح  أما الأخ زكريا الأغا فقال إن حركة فتح خاضت معارك كثيرة للحفاظ على قرارنا الفلسطيني المستقل فمنذ اللحظة الأولى كانت تشعر أنه لكي تنجح ولكي تعبر تعبيرا صادقا عن آمال وطموحات الشعب الفلسطيني يجب أن تكون بعيدة عن الاحتواء، هذا ليس انفصالا عن العالم العربي، لكن فتح منذ اللحظة الأولى قررت واكدت استقلاليتها وكان هذا واضحا منذ اللحظة الأولى وحتی الآن .  أضاف الأغا: لا أحد يستطيع أن يحسب حركة فتح على أي نظام عربي حتى عندما تأزمت الأمور مع المنشقين في ۸۳ وحينما حاولت بعض الأنظمة العربية تقييد منظمة التحرير الفلسطينية واصابتها بالشلل، قامت حركة فتح ومعها جميع الأخوة من الفصائل الفلسطينية التي كانت تقف إلى جانبها لتعلن وتؤكد على ضرورة الخروج من هذا الوضع الذي وجدت المنظمة نفسها فيه بعد الانشقاق، فكان المؤتمر الفلسطيني السابع عشر الذي عقد في عمان والذي أخرج المنظمة من الشلل، وهذه الدورة أكدت أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني بقيادة الأخ أبو عمار، وسميت هذه الدورة بدورة القرار الوطني الفلسطيني المستقل والذي لاقت فيها تجاوبا جماهيريا كبيرا في الأراضي الفلسطينية المحتلة وقاموا بمظاهرات وسقط الشهداء بمن فيهم شهيد القرار الوطني الفلسطيني (شرف الطيبي).  فتح بانطلاقتها تفجر المسار التاريخي للمنطقة  يقول الأخ سلیم الزعنون، لقد أثرت فتح بالفعل في المسار التاريخي للشرق الأوسط... سواء من حيث الحروب التي اشتعلت في المنطقة أو من خلال فرض وجود الثورة الفلسطينية من جهة أخرى على خريطة المنطقة بل وعلى الخريطة العالمية بالنسبة البؤر الصراع في العالم.  وأما عن الانتقال بالنضال الفلسطيني من الشتات إلى أرض الوطن فهذا أصبح حقيقة واقعة لا يستطيع أحد إنكارها، فبعد العودة إلى أرض الوطن من خلال اتفاقات السلام مع حكومة إسرائيل العمالية بزعامة اسحق رابين وشمعون بيريس في أوسلو والقاهرة وطابا سنة ۱۹۹۳، فإن الجسم المسلح للثورة الفلسطينية قد عاد بسلاحه إلى أرض الوطن ليكون طليعة لعودة الشعب الفلسطيني كله.  ويشير الأخ أبو الأديب إلى اتفاقات أوسلو بأنه لا أحد ينكر ما تقوم به طلائع شعبنا المتمثلة في السلطة الوطنية الفلسطينية ورموزها بقيادة الأخ الرئيس یاسر عرفات والأعضاء المنتخبين من قبل شعبنا في المجلس التشريعي المنضوي تحت مظلة المجلس الوطني الفلسطيني الذي يعتبر خيمة الشرعية الفلسطينية في داخل الوطن والشتات، فالكل يشاهد بأم عينيه صباح مساء كيف يواجه شعبنا جنود الاحتلال وفي طليعة المواجهة يقف اخواننا رموز السلطة الوطنية وأعضاء المجلس التشريعي والوطني وكل رجال الأمن الذين هم فدائيو الأمس حيث التصدي للممارسات الاسرائيلية المتنكرة لكل الاتفاقات و المواثيق الدولية والانسانية، انه الصراع من فوق أرض الوطن الذي يتعرض لمؤامرات التهديد وطمس الهوية الفلسطينية، إنها معركة تجسيد الهوية الفلسطينية وإرساء قواعد الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف فوق أرض فلسطين ووجها لوجه مع قوات الاحتلال وأساليبه القمعية.  ويتساءل الأخ أبو الأديب هل هناك ما هو أفضل و أروع وأصدق من معايشة القيادة لشعبها في كفاحه ومعاناته وصنع مستقبله..؟؟  وهل كانت فتح الأمس صاحبة شعار "ثورة حتی النصر" غير فتح اليوم التي ما زالت تخوض هذه الثورة ومن فوق أرض فلسطين من أجل النصر وبناء دولة فلسطين...؟!  ما حققته فتح من مبادئها وأهدافها  عن ذلك يقول الأخ سليم الزعنون بأنه يكفي أن نذكر بحال الشعب الفلسطيني وثورته في أعقاب حرب العراق - الكويت.. لقد كانت هناك مؤامرة لإلغاء الوجود الفلسطيني، حيث جرى تهميش الدور الفلسطيني في مؤتمر مدريد للسلام.. لكننا سرعان ما أثبتنا وجودنا وأصبحنا الرقم الصعب - كما يقولها الأخ الرئيس أبو عمار الذي لا يمكن تجاهله، وها نحن على أرضنا قيادة ومقاتلين ومعنا أكثر من خمسين الفا من أبناء شعبنا المشردين قد عادوا إلى أرض الوطن طليعة العودة كل الشعب الفلسطيني .. و العالم كله يؤازرنا ويقف معنا، حيث انقلبت المعادلة وبات الإسرائيليون في ظل زعامتهم اليمينية المتطرفة محاصرين في كل المجالات الدولية، والأهم من كل هذا .. هو أننا نمارس حقنا المشروع في النضال وبناء دولتنا المستقلة من فوق أرضنا والشرعية الدولية كلها تقف إلى جانبنا.  ويستبشر الأخ أبو الأديب خيرا ويقول قريبا إن شاء الله.. سيشهد العالم قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف .. لأنها باتت مطلبا دوليا أيضا حتى إنه صارت هناك قناعات عند قطاع كبير من القادة و الشارع الإسرائيلي بضرورة قيام دولتنا الفلسطينية باعتبار ذلك حاجة ملحة لإقرار السلام في المنطقة، فالنضال الثوري دائما له أهدافه المرحلية والاستراتيجية المتمثلة في إقامة دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.. وعودة أبناء شعبنا في الشتات إلى أرض الوطن وما يتبع ذلك من مطالبة بحقوقنا المشروعة في أرضنا المغتصبة و أملاكنا المسلوبة.  من شعب لاجئ إلى شعب ذى سيادة   يقول الأخ زكريا الأغا بأن أكبر انجاز لمبادئ فتح وأهدافها هو أن القيادة الفلسطينية فوق الثرى الفلسطيني والسلطة الوطنية هي المقدمة الطبيعية والأكيدة للدولة الفلسطينية حيث إن آمالنا زادت في قيامها فقد تحولنا من شعب لاجئ إلى شعب ذي سيادة وطنية، وأصبح الجميع يعترف بنا ككيان، فالعلم الفلسطيني يرفرف فوق ربوع الوطن والمواطن يسافر بجواز سفر فلسطيني، وكلنا ثقة بالأخ القائد ياسر عرفات لنصل إلى القدس الشريف عاصمة دولتنا الفلسطينية.             نشر بتاريخ - يناير - 1997 - مجلة الرأي - عدد 7 يقول الأخ مازن عز الدين انعكست بدايات تشكل الواقع العربي القومي باتجاهاته المختلفة التي تضع في اعتباراتها فلسطين، على الواقع الفلسطيني في الشتات، بحيث إن الشباب الفلسطيني حاول أن يجد نفسه في الحزبية العربية، فانضوى تحت أجنحة الأحزاب القومية معتقدا أنها السبيل في حشد موقف عربي من أجل معركة التحرير التي تعيده إلى فلسطين خاصة وأن مفتاح بيته لم يصب بالصدأ في تلك الأيام، وبالتالي كانت فكرة الوحدة العربية هي الطريق الحتمي التحرير فلسطين، ولكن مع طول المدة وانتظار الجيوش العربية التحرير فلسطين بدأ الملل يدخل في صفوف الشباب الفلسطيني، وبدأت تتشكل في أوساط الطبقات الأكثر وعيا من شعبنا الفلسطيني وتحديدا اتحاد طلاب فلسطين مجموعة من الأفكار المنسجمة مع واقعنا الفلسطيني والتي ترافقت مع نمو حركات التحرر العالمية و العربية مثل موجة المد القومي في اليمن والجزائر ومصر وثورات فيتنام وكمبوديا مما عكس ذلك على بدايات تشكل النواة الثورية الفلسطينية في الطبقات الأكثر وعيا.. ومن هنا جاءت فكرة الاعتماد على الذات بضرورة وجود حركة أو تنظيم فلسطيني يقاتل ويقاوم ويقلب المعادلة. ويضيف الأخ عز الدين بأن حركة فتح لم تكن بديلا عن منظمة التحرير الفلسطينية فالمنظمة جاءت کرد عربي على تحویل روافد مجرى نهر الأردن وكتعبير عن أفكار الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وتتويجا لفكره القومي باتجاه فلسطين الذي كان يعتبرها العمود الفقري للفكر القومي، وتم تشكيل جيش لها أطلق عليه اسم جيش التحرير الفلسطيني وكان منضويا تحت قيادة أركان الدول العربية التي يتواجد على أراضيها و مرتبطا بالخطة الرسمية العربية لأنظمة دول الطوق وبالتالي لم يستطع أن يحرك شينا بالنسبة لفلسطين . فجاءت حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح بتشكيلاتها دون أن تتدخل بتشكيلات منظمة التحرير الفلسطينية في بادئ الأمر إلى أن قامت بتفجير الانطلاقة وبداية تشكيل معسكراتها والقيام بعمليات فدائية . ويضيف الأخ عز الدين بعد حدوث نكسة 67 واحتلال باقي فلسطين إضافة إلى احتلال سيناء والجولان، أصبحت اليد الطولى الإرادة الشعب وإرادة الكفاح المسلح، وبالتالي وجب تأميم منظمة التحرير الفلسطينية ليصبح قرارها فلسطينيا محضا، وجرت محاولات عديدة لكي يتلقى جيش التحرير الفلسطيني تعليماته من رئاسة الأركان الفلسطينية وليس من أركان رئاسة الدول العربية المتواجد على أراضيها ، إلى أن جاءت الظروف وأصبح جيش التحرير الفلسطيني تحت إمرة فلسطينية يدافع دفاعا مستميتا عن الثورة الفلسطينية بعد أن قامت فتح بعملية النقل الشرعي لقيادة منظمة التحرير الفلسطينية من قيادة الشهيد المناضل أحمد الشقيري إلى قيادة الرئيس القائد العام یاسر عرفات.  فتح انطلقت باتجاه الوطن     إستطلاع : محمد توفيق أحمد كريزم  في ذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية  اثنان وثلاثون عاما من النضال والكفاح  فتح ثورة فلسطينية الوجه . عربية العمق . عالمية البعد  فتع بقيادة الرمز أبو عمار - صانعة الثورة – وصانعة السلام       منذ فجرت حركة فتح الثورة الفلسطينية المعاصرة وشلال دماء شهداء ثورتنا ما انفك يتدفق ويفيض راسما الخارطة الجديدة للمنطقة بأسرها .   وعندما أطلقت فتح رصاصاتها الأولى لتطرح منطلقاتها الاستراتيجية التي حددت من خلالها أولوية تحرير فلسطين باتباع اسلوب الكفاح المسلح وتوحيد نضال الجماهير قلبت بذلك رأسا على عقب مجموعة المنطلقات الاستراتيجية التي سادت الوطن العربي حول قضية فلسطين وأدخلت المنطقة العربية برمتها في مرحلة جديدة تمتاز بالصراع الساخن ، وبرهنت على أن الثورة الفلسطينية .. فلسطينية الوجه.. عربية العمق.. عالمية البعد، مما جعلها في وضع فريد ضمن حركات التحرر الوطني في العالم.  الأجواء التي رافقت ولادة الحركة   لاشك أن ولادة حركة فتح كانت عيرة اعترضتها صعوبات و مشاكل جمة، في الوقت الذي لم يكن فيه سهلا على طلائع قيادتنا التاريخية أن يتخذوا قرارهم التاريخي بتأسيس فتح في ذاك الوقت.  الكفاح المسلح بدلا من الشعارات والمزايدات      يقول الأخ سلیم الزعنون (أبو الأديب ) أحد القادة التاريخيين لثورتنا ومن المؤسسين لحركة فتح عن الظروف التي رافقت انطلاقة الثورة الفلسطينية المسلحة بقيادة فتح في 1/11/1965 بأن مصاعب الانطلاقة كانت جمة ولكن أهمها وجود أكثر من ثلاثين تنظيما كانت جميعها تحمل أسماء وشعارات حول تحریر فلسطين.. بعض تلك التنظيمات كان لا يتعدى حجمها عدد أصابع اليد.. وبالتالي كانت ساحات العمل الفلسطيني غارقة بالمزايدات والشعارات.. مما أدى إلى الخلط بين الغث و السمين ولهذا بطبيعة الحال أثره السلبي على جماهيرية وشعبية أي تنظيم.. مما حتم على قيادة فتح التاريخية القيام بعمل بطولي وشجاع يكون كفيلا بإخراج حركة فتح من دوامة الشعارات والصراعات الحزبية التي سئمتها جماهير شعبنا. ويضيف الأخ أبو الأديب بأنه كان لابد من إطلاق شرارة الكفاح المسلح.. وهذا العمل أو القرار يعتبر مصيريا وخطيرا، حيث كل الظروف المحيطة كانت تعمل ضد هذا الاتجاه .. ثم هناك منظمة التحرير الفلسطينية برئاسة أحمد الشقيري و التي تأسست في 13/1/1964 ، بقرار من القمة العربية في القاهرة، ثم في قمة الاسكندرية سبتمبر/أيلول 1964 تقرر إنشاء جيش التحرير الفلسطيني بقيادة اللواء وجيه المدني، وكان لهذا أثره الفعال-سلبا على وجود التنظيمات المختلفة ، وكان هناك القيادة العربية الموحدة بقيادة الفريق أول علي عامر بقرار من القمة العربية من أجل مواجهة المشاريع الإسرائيلية التحويل مياه نهر الأردن ومنابعه مما يشكل تهديدا للدول العربية .. وهذه القيادة لا تريد لغيرها أن يعمل ضد الإسرائيليين.. ولقد كانت لهذه القيادة قرارات مضادة للعمل الفدائي بعد الانطلاقة:  والحدود المشتركة مع فلسطين المحتلة موصدة في وجه أي عمل مسلح .. والتمويل المادي محدود ويعتمد على اشتراكات الأعضاء فقط، حيث لا أحد يتبرع ماديا لمن لا يعمل .. وأجهزة المخابرات في مناطق التماس مع فلسطين المحتلة تلاحق وتمنع أي إنسان من اختراق الحدود ومهاجمة العدو في الداخل.. ثم هناك الخطر المصيري المحتمل، الذي يتهدد تنظیم فتح بكل وجوده إذا ما فشلت الانطلاقة. العملية الأولى   ويكشف الأخ أبو الأديب اللحظات الحاسمة التي عاشتها ثورتنا ويقول بأنه أمام كل هذه الأخطار كان لابد من اتخاذ القرار المصري و الحاسم.. ولقد اختلف قادة تنظيم فتح حول ذلك .. البعض يؤيد الانطلاقة .. والبعض يحذر .. والبعض متردد .. وفي ظل كل هذه الظروف الصعبة اجتمع قادة فتح من كل الأقاليم وكان اللقاء في مكان ما بالكويت وبعد نقاش طويل ومتشعب وخلال عدة أيام التزم الجميع بقرار الأغلبية وتقرر إطلاق الرصاصة الأولى في ليلة الفاتح من كانون الثاني (يناير) 1965م .. كبداية للثورة الفلسطينية المسلحة من أجل تحرير فلسطين .. ولقد ارتأى المجتمعون تحسبا لأي طارئ أن تكون الانطلاقة تحت اسم غير اسم حركة فتح التي باتت معروفة للجميع وتم اختيار اسم قوات العاصفة، فإذا تحقق النجاح وتواصلت الثورة ونجت من الأخطار المحدقة بها فان الأمر سيوضح بعد ذلك لوسائل الإعلام ولبقية تنظيم فتح حيث إن الأمر كان سريا للغاية ومحصورا في نطاق عدد محدود من قيادة الحركة .. أما لو كان هناك فشل .. فستنجو فتح من الخطر وسيتحمل الاسم الجديد تبعة ذلك الفشل .. ولقد تمت الانطلاقة بحمد الله وتوفيقه وتمكنت مجموعات من قوات العاصفة من تفجير بعض المنشآت التحويلية المياه نهر الأردن في نفق عيلبون وتبعتها عدة عمليات داخل فلسطين المحتلة وفي مناطق متباعدة في الجليل .. وفي بيت جبرين وفي بئر السبع بحيث لم يستطع العدو إلا أن يعترف بما حدث و أعلن عن ذلك من خلال اذاعته .   ويتذكر الأخ أبو الأديب أن القيادة اتخذت قرارا في مواجهة الأعباء المالية اللازمة لتغطية تلك العمليات بأن على كل فرد منتسب الحركة فتح أن يدفع مبلغ خمسين دينارا دعما للعمل العسكري وديمومته.  أصداء العملية   أما عن الصدي الذي أحدثه ذلك العمل فيقول الأخ أبو الأديب ، بأن الفرحة عمت صفوف الشعب الفلسطيني و بدأ الناس يتحدثون باستبشار وسعادة و أمل وهم يرددون الشعار الذي كانت تتركه المجموعات الفدائية الأولى وراءها في مكان العمليات المسلحة " أيها الغزاة الصهاينة.. قوات العاصفة مرت من هنا " وبدأ الشبان ينضمون إلى تنظيم حركة فتح في كل مناطق الشتات وفي قطاع غزة والضفة الغربية مما أدى إلى ذوبان أو تلاشي العديد من التنظيمات .. فالناس كانوا متعطشين لمن يجسد الشعارات إلى عمل بعد أن طال الانتظار واستبد اليأس بالنفوس، لقد كانت فتح بالنسبة للشعب الفلسطيني شعلة الأمل، أما عن الصدی عربيا فلاشك أن الانطلاقة ساعدت في استنهاض النخوة العربية فيات الناس يتبرعون للحركة من أجل تمويل عملياتها البطولية ودعما لأسر الشهداء والجرحى والأسري، وكانت هناك مناصرة دولية محدودة تمثلت بالدرجة الأولى بدعم مادي ومعنوي من قبل جمهورية الصين الشعبية وفيتنام وكوبا، وفي هذا المجال لا يمكننا أن ننسى الدعم الأخوي الصادق من قبل الجزائر الشقيقة وسوريا الحبيبة، حيث كانت لهما وقفات مخلصة ساعدت في إنجاح انطلاقة الثورة الفلسطينية واستمراريتها وتصاعدها بقيادة حركة فتح .  فتح صنعت لشعبنا الهوية السياسية      يقول الأخ زكريا الأغا بأن فتح ولدت من عمق المأساة الفلسطينية في وقت كان فيه الشعب الفلسطيني يعتبر مجرد قطاعات من اللاجئين بدون أي هوية سياسية ومن هنا تولدت الفكرة لدى عدد من القيادات الفلسطينية برئاسة الأخ القائد أبو.. عمار والشهيدين القائدين أبو جهاد وأبو ایاد وكثيرا من الأخوة الذين فكروا كيف يمكن أن يعيدوا الحياة إلى القضية الفلسطينية وان يعملوا على احياء النضال الفلسطيني والبدء بالكفاح المسلح. ويضيف الأغا أن الأفكار التقت بشأن تأسيس فتح على قاعدة الكفاح المسلح لتحرير فلسطين وتحويل شعبنا من مجرد شعب لاجئ إلى شعب من المقاتلين ونضجت الفكرة بعدما اتفق على موعد أول عملية تقوم بها قوات  العاصفة الذراع العسكري لحركة فتح، وكانت العملية بمثابة الإعلان الرسمي لانطلاقة فتح وانطلاقة الكفاح المسلح. وقد كان الاعلان الانطلاقة الفتحاوية وقع في الشارع الفلسطيني داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة فقد أعادت له ثقته بنفسه و احتشدت جماهير غفيرة للتطوع في صفوف فتح لتخوض النضال والكفاح تحت راية فلسطينية بقيادة القائد ياسر عرفات.  الاعتماد على الذات التحرير فلسطين    يقول الأخ مازن عز الدين انعكست بدايات تشكل الواقع العربي القومي باتجاهاته المختلفة التي تضع في اعتباراتها فلسطين، على الواقع الفلسطيني في الشتات، بحيث إن الشباب الفلسطيني حاول أن يجد نفسه في الحزبية العربية، فانضوى تحت أجنحة الأحزاب القومية معتقدا أنها السبيل في حشد موقف عربي من أجل معركة التحرير التي تعيده إلى فلسطين خاصة وأن مفتاح بيته لم يصب بالصدأ في تلك الأيام، وبالتالي كانت فكرة الوحدة العربية هي الطريق الحتمي التحرير فلسطين، ولكن مع طول المدة وانتظار الجيوش العربية التحرير فلسطين بدأ الملل يدخل في صفوف الشباب الفلسطيني، وبدأت تتشكل في أوساط الطبقات الأكثر وعيا من شعبنا الفلسطيني وتحديدا اتحاد طلاب فلسطين مجموعة من الأفكار المنسجمة مع واقعنا الفلسطيني والتي ترافقت مع نمو حركات التحرر العالمية و العربية مثل موجة المد القومي في اليمن والجزائر ومصر وثورات فيتنام وكمبوديا مما عكس ذلك على بدايات تشكل النواة الثورية الفلسطينية في الطبقات الأكثر وعيا.. ومن هنا جاءت فكرة الاعتماد على الذات بضرورة وجود حركة أو تنظيم فلسطيني يقاتل ويقاوم ويقلب المعادلة. ويضيف الأخ عز الدين بأن حركة فتح لم تكن بديلا عن منظمة التحرير الفلسطينية فالمنظمة جاءت کرد عربي على تحویل روافد مجرى نهر الأردن وكتعبير عن أفكار الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وتتويجا لفكره القومي باتجاه فلسطين الذي كان يعتبرها العمود الفقري للفكر القومي، وتم تشكيل جيش لها أطلق عليه اسم جيش التحرير الفلسطيني وكان منضويا تحت قيادة أركان الدول العربية التي يتواجد على أراضيها و مرتبطا بالخطة الرسمية العربية لأنظمة دول الطوق وبالتالي لم يستطع أن يحرك شينا بالنسبة لفلسطين . فجاءت حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح بتشكيلاتها دون أن تتدخل بتشكيلات منظمة التحرير الفلسطينية في بادئ الأمر إلى أن قامت بتفجير الانطلاقة وبداية تشكيل معسكراتها والقيام بعمليات فدائية . ويضيف الأخ عز الدين بعد حدوث نكسة 67 واحتلال باقي فلسطين إضافة إلى احتلال سيناء والجولان، أصبحت اليد الطولى الإرادة الشعب وإرادة الكفاح المسلح، وبالتالي وجب تأميم منظمة التحرير الفلسطينية ليصبح قرارها فلسطينيا محضا، وجرت محاولات عديدة لكي يتلقى جيش التحرير الفلسطيني تعليماته من رئاسة الأركان الفلسطينية وليس من أركان رئاسة الدول العربية المتواجد على أراضيها ، إلى أن جاءت الظروف وأصبح جيش التحرير الفلسطيني تحت إمرة فلسطينية يدافع دفاعا مستميتا عن الثورة الفلسطينية بعد أن قامت فتح بعملية النقل الشرعي لقيادة منظمة التحرير الفلسطينية من قيادة الشهيد المناضل أحمد الشقيري إلى قيادة الرئيس القائد العام یاسر عرفات.  فتح انطلقت باتجاه الوطن       وبدوره يقول الأخ إبراهيم أبو النجا: فرضت نكبة 48، وما ترتب عليها من سلب الأرض الفلسطينية وتهجير للشعب الفلسطيني ، وحالة الضياع التي عانى منها أبناء شعبنا في السنوات الأولى للهجرة، فرضت على الشعب العربي الفلسطيني أن يعيد صنع نفسه من جديد، وقد اضطلع بهذه المهمة كوكبة من المناضلين التقوا فاتفقوا على الخروج من هذا الواقع الأليم وتصويب المسار، | ومن هنا جاء ميلاد التنظيم السياسي الذي سمي بحركة التحرير الوطني الفلسطيني، وقد أخذنا الحروف الأولى للتسمية فتكونت كلمة (حتف) ولكن قلبنا الكلمة وأصبحت فتح، وحروفها تدل على: الفاء فلسطين، والتاء تحرير، والحاء حركة، فالحركة جاءت في الآخر لأنها ستطلع بمهمة التحرير، والفاء جاءت في الأول لأن الهدف الأول هو فلسطين، وحركة فتح عندما تأسست لم يكن المقصود منها أن تكون على غرار التنظيمات السياسية التي سبقتها في التأسيس ولكنها جاءت لتنطلق من العمل السياسي إلى العمل العسكري الذي ترجم على ارض الواقع مع بزوغ فجر 65/1/1 وتفجير الكفاح المسلح لنعلن للعالم أننا انطلقنا باتجاه استرداد فلسطين، وقد حذرنا من أي محاولة تستهدف النيل من عملنا العسكري، وقد رافقت الانطلاقة أدبيات تتمثل في المبادئ والأهداف والشعارات وتعرضت حركة فتح وكوادرها الملاحقات ومطاردات، وزج بهم في السجون. وأضاف أبو النجا إن الإعلان عن الكفاح المسلح وضع طلائعنا الفلسطينية الذين أصبحوا فيما بعد قادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح وعلى رأسهم الأخ القائد أبو عمار ورفيق دربه الشهيد القائد خليل الوزير (أبو جهاد) وبقية الأخوة في وضع يصدق فيهم قوله تعالى و من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا.  ويوضح أبو النجا بأن انطلاقة فتح ليست بديلا عن العمل العربي المشترك فنحن رأس الحربة التحرير فلسطين حيث تلقف أبناء شعبنا الفلسطيني في كافة أماكن تواجده نبأ الانطلاقة بتلهف وتأييد كبير ويحدوهم الأمل بأن هذا هو الطريق لتحرير فلسطين ونیل حقوقنا الوطنية وبدأوا بالالتحاق بصفوف الحركة، حيث كان للفدائيين العديد من المعارك والعمليات العسكرية التي أوجعت الاحتلال، وكان الفدائيون يمارسون حرب العصابات ولم يمارسوا الحرب النظامية حيث دخلت العلم العسكري النظرية الفلسطينية بأن الصمود المدعوم بالحق هو الأساس وواجه مقاتلونا بأسلحتهم الخفيفة الفردية الآليات والطائرات وكل أشكال الحملة الصهيونية، لم نتكلم نحن عن النتائج بقدر ما تكلم العدو نفسه وبقدر ما تكلم المراقبون العسكريون والسياسيون، وشكلت عملياتنا انعطافا جديدا في فهم العالم كله لخصوصية وطبيعة قضيتنا مما أدى إلى الالتحام الشعبي بالثورة الفلسطينية وبدأت المعادلة في التغيير والنظرة تختلف من شعب لاجئ إلى شعب يمارس الكفاح من أجل عودته إلى أرضه، وكان على الثورة أن تستوعب المناضلين الذين التحقوا بها وأن تقيم المؤسسات في الوقت الذي كثرت فيه أعباء الثورة الفلسطينية واستطاعت أن تبني المؤسسة العسكرية وتوابعها،  وهذه النقلة الجديدة جعلتنا،  مستهدفين من بعض القوى التي لم يكن هدفها تحرير الوطن سواء كانت على الصعيد المحلي أو على الصعيد القومي واستمر النضال الفلسطيني وكانت العمليات ليلية وبشكل مكثف وأذكر هنا عمليات الحزام الأخضر حيث أخذت شكل المواجهة العسكرية الحقيقية غرب النهر التي قادها الأخ أبو عمار والأخ أبو جهاد و الأخ أبو صبري، وكل القيادة الفلسطينية كان عليها أن تدخل إلى الداخل التبني الخلايا السرية وتمدها بالأسلحة مما أضفى على نضالنا وقتالنا شينا متميزا حيث أن القيادات السياسية والعسكرية كانت تضطلع بهذا الدور في البناء والتأسيس وإقامة القواعد و تثبيت التنظيم السري في التعبئة و التحريض.  انطلاقة فتح كسرت الجمود والتراجع      يقول الأخ أبو ماهر حلس بأن میلاد حركة فتح وتحديدا انطلاقتها العسكرية كان في ظل ظروف عربية واقليمية تكيفت مع وجود کیان اسرائيلي وكأنها أمر واقع، وأن العمل المسلح هو مغامرة محكوم عليها بالفشل، وجاءت انطلاقة فتح لتكسر هذه المفاهيم وتستبدلها بمفهوم ثوري جديد يعتمد على الكفاح المسلح. ويضيف الأخ أبو ماهر بأن من أطواق السلامة اللي اعتمدتها فتح وضمن منطلقاتها الأساسية هي حفاظها على استقلالية القرار الوطني الفلسطيني، وقد مارست هذا الشعار في كل مراحل العمل الوطني، فهي لم تتدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة إضافة إلى أنها لم تسمح بالتدخل في الشؤون الداخلية الفلسطينية بغض النظر عن حجم التحالف مع هذا | النظام أو ذاك، وقد كانت فتح وقيادتها دائما مرشحة للإسهام الايجابي في حل الكثير من الخلافات العربية .  وما يميز حركة فتح هو أنها صاحبة المبادرة التاريخية في كل مراحل العمل الوطني، فعندما | اختارت الكفاح المسلح، كان هذا | بمثابة مغامرة في نظر الآخرين، | لكن سرعان ما لحق بها الجميع وثبتت صحة النظرية الفتحاوية، | وحينما اختارت السلام كان أيضا السلام مجازفة تاريخية، ولكن سرعان ما اتضحت صحة الخطوة التي اتخذتها قيادتنا الفلسطينية | وعلى رأسها الأخ القائد أبو عمار في كل المراحل سواء معركة الحرب أو السلام، فهي تنطلق من رؤى واضحة لأهدافها الوطنية وللمصلحة العليا لشعبنا ضمن قراءة واقعية لظروف شعبنا.  واعتمدت فتح المرونة في التكتيك وصلابة استراتيجية وثبات على الهدف والمبادئ، وما يتغير فهو شعارات وأساليب، حتى نصل إلى اقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.  فتح حملت ميراث الأمة   ومن جهته يرى الأخ سليم الزريعي الذي أمضى خمسة وعشرين عاما في السجون الإسرائيلية أن الحديث عن حركة فتح ذو شجون، ففتح ولدت من رحم المعاناة وفي مرحلة أسمناها بمرحلة الاستقرار المنظومي، هذه المرحلة التي طغت فيها فكرة العمل القومي على كل ما عداها، وحينما استذكر تلك المرحلة في تلك الظروف لا يسعني إلا أن أقول إن قرار انطلاقة فتح وقرار تشكيل طلائع قوات العاصفة كان قرارا يرقى إلى مستوى المرحلة وكان قرارا شجاعا لا يجرؤ على اتخاذه إلا تلك القيادة التاريخية التي قادت النضال الفلسطيني وحملت حلم الإنسان الفلسطيني وهمومه وكانت بمستوى حمل أمانة ميراث الأمة وصون التاريخ الفلسطيني من الاندثار.  ويضيف الزريعي إنه في تلك الفترة أسهمت الأنظمة العربية بما طرحته من مفاهيم في تغييب الدور الفلسطيني والذي يفترض أن يكون هو الدور الأساسي، وتبقى الجبهة العربية داعمة ومساندة تقف إلى جانب نضال شعبنا وتدعم كفاحه، وقد أثبتت الأيام والمعارك التي تلت ذلك صحة هذه المقولة حيث اتهمتنا بعض الأنظمة العربية بأننا قطريون و إقليميون و انفصاليون في ذاك الوقت ورددنا على هذه الادعاءات والاتهامات بأن حركة فتح فلسطينية الوجه عربية القلب والوجدان عالمية الأبعاد والامتدادات، فالمعركة قومية ويجب أن يكون الفلسطيني هو رأس الرمح وأن تكون المعركة تحت قيادة فلسطينية ونذكر عندما دخل جيش الانقاذ فلسطين في الأربعينات أسهم في تحجيم ثورة الفلسطينيين تحت شعار أن المعركة قومية. وتحول جيش الجهاد المقدس الفلسطيني في ذاك الحين إلى مجموعات متناثرة حينما ألغيت قيادته بقرار من جامعة الدول العربية وقالوا إن جيش الإنقاذ هو البديل وانسحب جيش الإنقاذ بقرار عربي وبقي الفلسطينيون ممزقين أمام الحركة الصهيونية، من هنا ندرك أهمية قرار القيادة التاريخية لحركة فتح في أن يتصدر الفلسطينيون النضال من أجل قضيتهم الفلسطينية وهويتهم النضالية.  فتح وهج الجماهير ومشعلها الحقيقي   يقول الأخ أحمد أبو سيف وهو أحد المقاتلين الذين جمعوا بين الانتماء الفتحاوي فكرا ومنهجا وبين الكفاح المسلح عملا وتطبيقا بأن حركة فتح هي المشعل الحقيقي للشعب الفلسطيني وهي وهج الجماهير ويصب نضالها في إطار العمل الفلسطيني من أجل تحرير فلسطين، وكان ثقلنا العسكري موجودا في الأردن بشكل مجموعات سرية.  وبعد حرب 67 نشطت حركة فتح عسكريا ودخلنا بما سمی ( كسر العظم ) مع الإسرائيليين وكانت حرب الكرامة بداية أول تصد عسكري حقيقي للعدو، حيث الحقت الهزيمة به، وهبت الجماهير للالتحاق بصفوفنا، وتطورت القواعد الفدائية في جنوب أربد والرمثا، ومن كان ينظر ليلا إلى أريحا من جبال اربد والناعور يجد منطقة أريحا وقد لفتها أحزمة من النيران فالعمليات بشكل يومي، وكان ينفذون مقاتلونا عملياتهم الفدائية سرا وفي الليل خوفا من اعتراض طريقهم.  ويضيف الأخ أبو سيف بأننا عندما نتكلم عن فتح فإننا نتكلم عن فلسطين ذلك أن فتح استوعبت معظم أبناء الشعب الفلسطيني في صفوفها وكانت بمثابة الأم الحنون، بل إنها كانت تمد التنظيمات الفلسطينية الأخرى بالمال والعتاد لمواصلة مشوارها النضالي من أجل تحرير فلسطين، | وفتح عبارة عن حركة عالمية استطاعت تجنيد الرأي العام الصالح القضية الفلسطينية وكانت تدعم نفسها بنفسها.  انطلاقة فتح حلقة من حلقات النضال الشعبي  يقول الأخ أحمد أبو شاويش بأن الحديث عن انطلاقة فتح يقود إلى السياق التاريخي الذي جاءت فيه الانطلاقة وبروز العمل العسكري فالانطلاقة لم تأت من فراغ وانما هي حلقة من حلقات النضال الفلسطيني الممتد في أعماق التاريخ ، وخاصة منذ وطئت أرض فلسطين اقدام المستيا وطنين الصهاينة في أواخر القرن التاسع عشر، وانطلاقة فتح وانتهاج الكفاح المسلح سبيلا للوصول إلى فلسطين وتحريرها جعل من شعبنا الفلسطيني بدلا من شعب لاجئ شعبا يحترمه العالم .  ويضيف أبو شاويش وإن منعطفات كثيرة اعترضت طريق الثورة بالأرواح والدماء، وتمكنت فتح أن تدحض المقولة الصهيونية بأن فلسطين أرض بلا شعب ، الشعب بلا أرض، واستطاعت فتح بثورتها وبجماهيرها أن تثبت أن هذه الأرض لنا منذ الأزل وحتى الأبد وأن دولتنا الفلسطينية المستقلة قادمة لا محالة وعاصمتها القدس الشريف.  استقلالية القرار الوطني  أما عن استقلالية القرار الوطني الفلسطيني الذي اعتبرته حركة فتح مبدأ من مبادئها الرئيسية... فالهدف كان من أجل الابتعاد عن دائرة الاستقطابات العربية والدولية ضمانا لتأييد الجميع عربيا ودوليا.  فتح فلسطينية المنطلق عربية الانتماء  عن ذلك يقول الأخ سليم الزعنون لقد فهم البعض وربما عن خبث ودهاء أن ذلك يعني نظرة وطنية ضيقة تتنكر القومية القضية الفلسطينية، حيث جرى الطعن في هذا المبدأ وتشويهه بينما حقيقة الأمر كانت تؤكد وباستمرار وبكل الصدق ومنذ البدايات على أن الثورة الفلسطينية بقيادة فتح إنما هي فلسطينية المنطلق عربية الانتماء، ولطالما رددها الأخ قاند الثورة الرئيس یاسر عرفات ومن كل المنابر" إنها فلسطينية الوجه عربية القلب" ولقد عرفت الأمة العربية ذلك، فكان الامتداد الواسع والعميق الحركة فتح في صفوف الأمة العربية من المحيط إلى الخليج، وامتد ذلك الوجود إلى كل شعوب الأمة الإسلامية و أما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض .  لا للوصاية .. ولا للتبعية .. ولا للاحتواء  يقول الأخ مازن عز الدين بدأت حركة فتح تحت عناوین واضحة في منطلقاتها الاستراتيجية حيث خاطبت بعدنا العربي، الذي يعتبر القاعدة الارتكازية الأساسية فحركة فتح لم تكن تبحث فقط عن القرار الفلسطيني المستقل و انما الضرورات التفاوضية والضرورات السياسية كانت تفرض على القيادة الفلسطينية إيجاد هامش هام وواسع للمناورة أطلق عليه القرار الوطني الفلسطيني المستقل وفتح رفعت شعارات واضحة بأن الثورة الفلسطينية فلسطينية الوجه عربية القلب، وعندما بدأت الطروحات السياسية لتبرير الاعتراف بقراري 242، 338 ودخولنا في مراحل تسوية بعد عام 73، جعلنا نخوض عملية التمایز نظرا لأن كل الأقطار العربية التي تتواجد على أرضها لها هامش في الإطار القومي ولكن لها هامشا في صنع قرارها الداخلي أيضا.  ويضيف الأخ عز الدين بأنه منعا للمصادرة والاحتواء فقد طبقنا شعارات فتح الأولى التي تستند الى ثلاثة أعمدة أساسية وهي لا للوصاية، لا للتبعية، لا للاحتواء، ورفعنا شعار استراتيجيا بأننا نرفض التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية وكذلك نرفض أن يتدخل أحد في شؤوننا الداخلية، إلى أن جاءت معركة بيروت حيث دافعنا عن قرارنا الوطني وخضنا معركة طرابلس كذلك دفاعا عن قرارنا الوطني الفلسطيني.  استقلالية حركة فتح  أما الأخ زكريا الأغا فقال إن حركة فتح خاضت معارك كثيرة للحفاظ على قرارنا الفلسطيني المستقل فمنذ اللحظة الأولى كانت تشعر أنه لكي تنجح ولكي تعبر تعبيرا صادقا عن آمال وطموحات الشعب الفلسطيني يجب أن تكون بعيدة عن الاحتواء، هذا ليس انفصالا عن العالم العربي، لكن فتح منذ اللحظة الأولى قررت واكدت استقلاليتها وكان هذا واضحا منذ اللحظة الأولى وحتی الآن .  أضاف الأغا: لا أحد يستطيع أن يحسب حركة فتح على أي نظام عربي حتى عندما تأزمت الأمور مع المنشقين في ۸۳ وحينما حاولت بعض الأنظمة العربية تقييد منظمة التحرير الفلسطينية واصابتها بالشلل، قامت حركة فتح ومعها جميع الأخوة من الفصائل الفلسطينية التي كانت تقف إلى جانبها لتعلن وتؤكد على ضرورة الخروج من هذا الوضع الذي وجدت المنظمة نفسها فيه بعد الانشقاق، فكان المؤتمر الفلسطيني السابع عشر الذي عقد في عمان والذي أخرج المنظمة من الشلل، وهذه الدورة أكدت أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني بقيادة الأخ أبو عمار، وسميت هذه الدورة بدورة القرار الوطني الفلسطيني المستقل والذي لاقت فيها تجاوبا جماهيريا كبيرا في الأراضي الفلسطينية المحتلة وقاموا بمظاهرات وسقط الشهداء بمن فيهم شهيد القرار الوطني الفلسطيني (شرف الطيبي).  فتح بانطلاقتها تفجر المسار التاريخي للمنطقة  يقول الأخ سلیم الزعنون، لقد أثرت فتح بالفعل في المسار التاريخي للشرق الأوسط... سواء من حيث الحروب التي اشتعلت في المنطقة أو من خلال فرض وجود الثورة الفلسطينية من جهة أخرى على خريطة المنطقة بل وعلى الخريطة العالمية بالنسبة البؤر الصراع في العالم.  وأما عن الانتقال بالنضال الفلسطيني من الشتات إلى أرض الوطن فهذا أصبح حقيقة واقعة لا يستطيع أحد إنكارها، فبعد العودة إلى أرض الوطن من خلال اتفاقات السلام مع حكومة إسرائيل العمالية بزعامة اسحق رابين وشمعون بيريس في أوسلو والقاهرة وطابا سنة ۱۹۹۳، فإن الجسم المسلح للثورة الفلسطينية قد عاد بسلاحه إلى أرض الوطن ليكون طليعة لعودة الشعب الفلسطيني كله.  ويشير الأخ أبو الأديب إلى اتفاقات أوسلو بأنه لا أحد ينكر ما تقوم به طلائع شعبنا المتمثلة في السلطة الوطنية الفلسطينية ورموزها بقيادة الأخ الرئيس یاسر عرفات والأعضاء المنتخبين من قبل شعبنا في المجلس التشريعي المنضوي تحت مظلة المجلس الوطني الفلسطيني الذي يعتبر خيمة الشرعية الفلسطينية في داخل الوطن والشتات، فالكل يشاهد بأم عينيه صباح مساء كيف يواجه شعبنا جنود الاحتلال وفي طليعة المواجهة يقف اخواننا رموز السلطة الوطنية وأعضاء المجلس التشريعي والوطني وكل رجال الأمن الذين هم فدائيو الأمس حيث التصدي للممارسات الاسرائيلية المتنكرة لكل الاتفاقات و المواثيق الدولية والانسانية، انه الصراع من فوق أرض الوطن الذي يتعرض لمؤامرات التهديد وطمس الهوية الفلسطينية، إنها معركة تجسيد الهوية الفلسطينية وإرساء قواعد الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف فوق أرض فلسطين ووجها لوجه مع قوات الاحتلال وأساليبه القمعية.  ويتساءل الأخ أبو الأديب هل هناك ما هو أفضل و أروع وأصدق من معايشة القيادة لشعبها في كفاحه ومعاناته وصنع مستقبله..؟؟  وهل كانت فتح الأمس صاحبة شعار "ثورة حتی النصر" غير فتح اليوم التي ما زالت تخوض هذه الثورة ومن فوق أرض فلسطين من أجل النصر وبناء دولة فلسطين...؟!  ما حققته فتح من مبادئها وأهدافها  عن ذلك يقول الأخ سليم الزعنون بأنه يكفي أن نذكر بحال الشعب الفلسطيني وثورته في أعقاب حرب العراق - الكويت.. لقد كانت هناك مؤامرة لإلغاء الوجود الفلسطيني، حيث جرى تهميش الدور الفلسطيني في مؤتمر مدريد للسلام.. لكننا سرعان ما أثبتنا وجودنا وأصبحنا الرقم الصعب - كما يقولها الأخ الرئيس أبو عمار الذي لا يمكن تجاهله، وها نحن على أرضنا قيادة ومقاتلين ومعنا أكثر من خمسين الفا من أبناء شعبنا المشردين قد عادوا إلى أرض الوطن طليعة العودة كل الشعب الفلسطيني .. و العالم كله يؤازرنا ويقف معنا، حيث انقلبت المعادلة وبات الإسرائيليون في ظل زعامتهم اليمينية المتطرفة محاصرين في كل المجالات الدولية، والأهم من كل هذا .. هو أننا نمارس حقنا المشروع في النضال وبناء دولتنا المستقلة من فوق أرضنا والشرعية الدولية كلها تقف إلى جانبنا.  ويستبشر الأخ أبو الأديب خيرا ويقول قريبا إن شاء الله.. سيشهد العالم قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف .. لأنها باتت مطلبا دوليا أيضا حتى إنه صارت هناك قناعات عند قطاع كبير من القادة و الشارع الإسرائيلي بضرورة قيام دولتنا الفلسطينية باعتبار ذلك حاجة ملحة لإقرار السلام في المنطقة، فالنضال الثوري دائما له أهدافه المرحلية والاستراتيجية المتمثلة في إقامة دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.. وعودة أبناء شعبنا في الشتات إلى أرض الوطن وما يتبع ذلك من مطالبة بحقوقنا المشروعة في أرضنا المغتصبة و أملاكنا المسلوبة.  من شعب لاجئ إلى شعب ذى سيادة   يقول الأخ زكريا الأغا بأن أكبر انجاز لمبادئ فتح وأهدافها هو أن القيادة الفلسطينية فوق الثرى الفلسطيني والسلطة الوطنية هي المقدمة الطبيعية والأكيدة للدولة الفلسطينية حيث إن آمالنا زادت في قيامها فقد تحولنا من شعب لاجئ إلى شعب ذي سيادة وطنية، وأصبح الجميع يعترف بنا ككيان، فالعلم الفلسطيني يرفرف فوق ربوع الوطن والمواطن يسافر بجواز سفر فلسطيني، وكلنا ثقة بالأخ القائد ياسر عرفات لنصل إلى القدس الشريف عاصمة دولتنا الفلسطينية.             نشر بتاريخ - يناير - 1997 - مجلة الرأي - عدد 7  وبدوره يقول الأخ إبراهيم أبو النجا: فرضت نكبة 48، وما ترتب عليها من سلب الأرض الفلسطينية وتهجير للشعب الفلسطيني ، وحالة الضياع التي عانى منها أبناء شعبنا في السنوات الأولى للهجرة، فرضت على الشعب العربي الفلسطيني أن يعيد صنع نفسه من جديد، وقد اضطلع بهذه المهمة كوكبة من المناضلين التقوا فاتفقوا على الخروج من هذا الواقع الأليم وتصويب المسار، | ومن هنا جاء ميلاد التنظيم السياسي الذي سمي بحركة التحرير الوطني الفلسطيني، وقد أخذنا الحروف الأولى للتسمية فتكونت كلمة (حتف) ولكن قلبنا الكلمة وأصبحت فتح، وحروفها تدل على: الفاء فلسطين، والتاء تحرير، والحاء حركة، فالحركة جاءت في الآخر لأنها ستطلع بمهمة التحرير، والفاء جاءت في الأول لأن الهدف الأول هو فلسطين، وحركة فتح عندما تأسست لم يكن المقصود منها أن تكون على غرار التنظيمات السياسية التي سبقتها في التأسيس ولكنها جاءت لتنطلق من العمل السياسي إلى العمل العسكري الذي ترجم على ارض الواقع مع بزوغ فجر 65/1/1 وتفجير الكفاح المسلح لنعلن للعالم أننا انطلقنا باتجاه استرداد فلسطين، وقد حذرنا من أي محاولة تستهدف النيل من عملنا العسكري، وقد رافقت الانطلاقة أدبيات تتمثل في المبادئ والأهداف والشعارات وتعرضت حركة فتح وكوادرها الملاحقات ومطاردات، وزج بهم في السجون. وأضاف أبو النجا إن الإعلان عن الكفاح المسلح وضع طلائعنا الفلسطينية الذين أصبحوا فيما بعد قادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح وعلى رأسهم الأخ القائد أبو عمار ورفيق دربه الشهيد القائد خليل الوزير (أبو جهاد) وبقية الأخوة في وضع يصدق فيهم قوله تعالى و من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا.  ويوضح أبو النجا بأن انطلاقة فتح ليست بديلا عن العمل العربي المشترك فنحن رأس الحربة التحرير فلسطين حيث تلقف أبناء شعبنا الفلسطيني في كافة أماكن تواجده نبأ الانطلاقة بتلهف وتأييد كبير ويحدوهم الأمل بأن هذا هو الطريق لتحرير فلسطين ونیل حقوقنا الوطنية وبدأوا بالالتحاق بصفوف الحركة، حيث كان للفدائيين العديد من المعارك والعمليات العسكرية التي أوجعت الاحتلال، وكان الفدائيون يمارسون حرب العصابات ولم يمارسوا الحرب النظامية حيث دخلت العلم العسكري النظرية الفلسطينية بأن الصمود المدعوم بالحق هو الأساس وواجه مقاتلونا بأسلحتهم الخفيفة الفردية الآليات والطائرات وكل أشكال الحملة الصهيونية، لم نتكلم نحن عن النتائج بقدر ما تكلم العدو نفسه وبقدر ما تكلم المراقبون العسكريون والسياسيون، وشكلت عملياتنا انعطافا جديدا في فهم العالم كله لخصوصية وطبيعة قضيتنا مما أدى إلى الالتحام الشعبي بالثورة الفلسطينية وبدأت المعادلة في التغيير والنظرة تختلف من شعب لاجئ إلى شعب يمارس الكفاح من أجل عودته إلى أرضه، وكان على الثورة أن تستوعب المناضلين الذين التحقوا بها وأن تقيم المؤسسات في الوقت الذي كثرت فيه أعباء الثورة الفلسطينية واستطاعت أن تبني المؤسسة العسكرية وتوابعها،  وهذه النقلة الجديدة جعلتنا،  مستهدفين من بعض القوى التي لم يكن هدفها تحرير الوطن سواء كانت على الصعيد المحلي أو على الصعيد القومي واستمر النضال الفلسطيني وكانت العمليات ليلية وبشكل مكثف وأذكر هنا عمليات الحزام الأخضر حيث أخذت شكل المواجهة العسكرية الحقيقية غرب النهر التي قادها الأخ أبو عمار والأخ أبو جهاد و الأخ أبو صبري، وكل القيادة الفلسطينية كان عليها أن تدخل إلى الداخل التبني الخلايا السرية وتمدها بالأسلحة مما أضفى على نضالنا وقتالنا شينا متميزا حيث أن القيادات السياسية والعسكرية كانت تضطلع بهذا الدور في البناء والتأسيس وإقامة القواعد و تثبيت التنظيم السري في التعبئة و التحريض.  انطلاقة فتح كسرت الجمود والتراجع   إستطلاع : محمد توفيق أحمد كريزم  في ذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية  اثنان وثلاثون عاما من النضال والكفاح  فتح ثورة فلسطينية الوجه . عربية العمق . عالمية البعد  فتع بقيادة الرمز أبو عمار - صانعة الثورة – وصانعة السلام       منذ فجرت حركة فتح الثورة الفلسطينية المعاصرة وشلال دماء شهداء ثورتنا ما انفك يتدفق ويفيض راسما الخارطة الجديدة للمنطقة بأسرها .   وعندما أطلقت فتح رصاصاتها الأولى لتطرح منطلقاتها الاستراتيجية التي حددت من خلالها أولوية تحرير فلسطين باتباع اسلوب الكفاح المسلح وتوحيد نضال الجماهير قلبت بذلك رأسا على عقب مجموعة المنطلقات الاستراتيجية التي سادت الوطن العربي حول قضية فلسطين وأدخلت المنطقة العربية برمتها في مرحلة جديدة تمتاز بالصراع الساخن ، وبرهنت على أن الثورة الفلسطينية .. فلسطينية الوجه.. عربية العمق.. عالمية البعد، مما جعلها في وضع فريد ضمن حركات التحرر الوطني في العالم.  الأجواء التي رافقت ولادة الحركة   لاشك أن ولادة حركة فتح كانت عيرة اعترضتها صعوبات و مشاكل جمة، في الوقت الذي لم يكن فيه سهلا على طلائع قيادتنا التاريخية أن يتخذوا قرارهم التاريخي بتأسيس فتح في ذاك الوقت.  الكفاح المسلح بدلا من الشعارات والمزايدات      يقول الأخ سلیم الزعنون (أبو الأديب ) أحد القادة التاريخيين لثورتنا ومن المؤسسين لحركة فتح عن الظروف التي رافقت انطلاقة الثورة الفلسطينية المسلحة بقيادة فتح في 1/11/1965 بأن مصاعب الانطلاقة كانت جمة ولكن أهمها وجود أكثر من ثلاثين تنظيما كانت جميعها تحمل أسماء وشعارات حول تحریر فلسطين.. بعض تلك التنظيمات كان لا يتعدى حجمها عدد أصابع اليد.. وبالتالي كانت ساحات العمل الفلسطيني غارقة بالمزايدات والشعارات.. مما أدى إلى الخلط بين الغث و السمين ولهذا بطبيعة الحال أثره السلبي على جماهيرية وشعبية أي تنظيم.. مما حتم على قيادة فتح التاريخية القيام بعمل بطولي وشجاع يكون كفيلا بإخراج حركة فتح من دوامة الشعارات والصراعات الحزبية التي سئمتها جماهير شعبنا. ويضيف الأخ أبو الأديب بأنه كان لابد من إطلاق شرارة الكفاح المسلح.. وهذا العمل أو القرار يعتبر مصيريا وخطيرا، حيث كل الظروف المحيطة كانت تعمل ضد هذا الاتجاه .. ثم هناك منظمة التحرير الفلسطينية برئاسة أحمد الشقيري و التي تأسست في 13/1/1964 ، بقرار من القمة العربية في القاهرة، ثم في قمة الاسكندرية سبتمبر/أيلول 1964 تقرر إنشاء جيش التحرير الفلسطيني بقيادة اللواء وجيه المدني، وكان لهذا أثره الفعال-سلبا على وجود التنظيمات المختلفة ، وكان هناك القيادة العربية الموحدة بقيادة الفريق أول علي عامر بقرار من القمة العربية من أجل مواجهة المشاريع الإسرائيلية التحويل مياه نهر الأردن ومنابعه مما يشكل تهديدا للدول العربية .. وهذه القيادة لا تريد لغيرها أن يعمل ضد الإسرائيليين.. ولقد كانت لهذه القيادة قرارات مضادة للعمل الفدائي بعد الانطلاقة:  والحدود المشتركة مع فلسطين المحتلة موصدة في وجه أي عمل مسلح .. والتمويل المادي محدود ويعتمد على اشتراكات الأعضاء فقط، حيث لا أحد يتبرع ماديا لمن لا يعمل .. وأجهزة المخابرات في مناطق التماس مع فلسطين المحتلة تلاحق وتمنع أي إنسان من اختراق الحدود ومهاجمة العدو في الداخل.. ثم هناك الخطر المصيري المحتمل، الذي يتهدد تنظیم فتح بكل وجوده إذا ما فشلت الانطلاقة. العملية الأولى   ويكشف الأخ أبو الأديب اللحظات الحاسمة التي عاشتها ثورتنا ويقول بأنه أمام كل هذه الأخطار كان لابد من اتخاذ القرار المصري و الحاسم.. ولقد اختلف قادة تنظيم فتح حول ذلك .. البعض يؤيد الانطلاقة .. والبعض يحذر .. والبعض متردد .. وفي ظل كل هذه الظروف الصعبة اجتمع قادة فتح من كل الأقاليم وكان اللقاء في مكان ما بالكويت وبعد نقاش طويل ومتشعب وخلال عدة أيام التزم الجميع بقرار الأغلبية وتقرر إطلاق الرصاصة الأولى في ليلة الفاتح من كانون الثاني (يناير) 1965م .. كبداية للثورة الفلسطينية المسلحة من أجل تحرير فلسطين .. ولقد ارتأى المجتمعون تحسبا لأي طارئ أن تكون الانطلاقة تحت اسم غير اسم حركة فتح التي باتت معروفة للجميع وتم اختيار اسم قوات العاصفة، فإذا تحقق النجاح وتواصلت الثورة ونجت من الأخطار المحدقة بها فان الأمر سيوضح بعد ذلك لوسائل الإعلام ولبقية تنظيم فتح حيث إن الأمر كان سريا للغاية ومحصورا في نطاق عدد محدود من قيادة الحركة .. أما لو كان هناك فشل .. فستنجو فتح من الخطر وسيتحمل الاسم الجديد تبعة ذلك الفشل .. ولقد تمت الانطلاقة بحمد الله وتوفيقه وتمكنت مجموعات من قوات العاصفة من تفجير بعض المنشآت التحويلية المياه نهر الأردن في نفق عيلبون وتبعتها عدة عمليات داخل فلسطين المحتلة وفي مناطق متباعدة في الجليل .. وفي بيت جبرين وفي بئر السبع بحيث لم يستطع العدو إلا أن يعترف بما حدث و أعلن عن ذلك من خلال اذاعته .   ويتذكر الأخ أبو الأديب أن القيادة اتخذت قرارا في مواجهة الأعباء المالية اللازمة لتغطية تلك العمليات بأن على كل فرد منتسب الحركة فتح أن يدفع مبلغ خمسين دينارا دعما للعمل العسكري وديمومته.  أصداء العملية   أما عن الصدي الذي أحدثه ذلك العمل فيقول الأخ أبو الأديب ، بأن الفرحة عمت صفوف الشعب الفلسطيني و بدأ الناس يتحدثون باستبشار وسعادة و أمل وهم يرددون الشعار الذي كانت تتركه المجموعات الفدائية الأولى وراءها في مكان العمليات المسلحة " أيها الغزاة الصهاينة.. قوات العاصفة مرت من هنا " وبدأ الشبان ينضمون إلى تنظيم حركة فتح في كل مناطق الشتات وفي قطاع غزة والضفة الغربية مما أدى إلى ذوبان أو تلاشي العديد من التنظيمات .. فالناس كانوا متعطشين لمن يجسد الشعارات إلى عمل بعد أن طال الانتظار واستبد اليأس بالنفوس، لقد كانت فتح بالنسبة للشعب الفلسطيني شعلة الأمل، أما عن الصدی عربيا فلاشك أن الانطلاقة ساعدت في استنهاض النخوة العربية فيات الناس يتبرعون للحركة من أجل تمويل عملياتها البطولية ودعما لأسر الشهداء والجرحى والأسري، وكانت هناك مناصرة دولية محدودة تمثلت بالدرجة الأولى بدعم مادي ومعنوي من قبل جمهورية الصين الشعبية وفيتنام وكوبا، وفي هذا المجال لا يمكننا أن ننسى الدعم الأخوي الصادق من قبل الجزائر الشقيقة وسوريا الحبيبة، حيث كانت لهما وقفات مخلصة ساعدت في إنجاح انطلاقة الثورة الفلسطينية واستمراريتها وتصاعدها بقيادة حركة فتح .  فتح صنعت لشعبنا الهوية السياسية      يقول الأخ زكريا الأغا بأن فتح ولدت من عمق المأساة الفلسطينية في وقت كان فيه الشعب الفلسطيني يعتبر مجرد قطاعات من اللاجئين بدون أي هوية سياسية ومن هنا تولدت الفكرة لدى عدد من القيادات الفلسطينية برئاسة الأخ القائد أبو.. عمار والشهيدين القائدين أبو جهاد وأبو ایاد وكثيرا من الأخوة الذين فكروا كيف يمكن أن يعيدوا الحياة إلى القضية الفلسطينية وان يعملوا على احياء النضال الفلسطيني والبدء بالكفاح المسلح. ويضيف الأغا أن الأفكار التقت بشأن تأسيس فتح على قاعدة الكفاح المسلح لتحرير فلسطين وتحويل شعبنا من مجرد شعب لاجئ إلى شعب من المقاتلين ونضجت الفكرة بعدما اتفق على موعد أول عملية تقوم بها قوات  العاصفة الذراع العسكري لحركة فتح، وكانت العملية بمثابة الإعلان الرسمي لانطلاقة فتح وانطلاقة الكفاح المسلح. وقد كان الاعلان الانطلاقة الفتحاوية وقع في الشارع الفلسطيني داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة فقد أعادت له ثقته بنفسه و احتشدت جماهير غفيرة للتطوع في صفوف فتح لتخوض النضال والكفاح تحت راية فلسطينية بقيادة القائد ياسر عرفات.  الاعتماد على الذات التحرير فلسطين    يقول الأخ مازن عز الدين انعكست بدايات تشكل الواقع العربي القومي باتجاهاته المختلفة التي تضع في اعتباراتها فلسطين، على الواقع الفلسطيني في الشتات، بحيث إن الشباب الفلسطيني حاول أن يجد نفسه في الحزبية العربية، فانضوى تحت أجنحة الأحزاب القومية معتقدا أنها السبيل في حشد موقف عربي من أجل معركة التحرير التي تعيده إلى فلسطين خاصة وأن مفتاح بيته لم يصب بالصدأ في تلك الأيام، وبالتالي كانت فكرة الوحدة العربية هي الطريق الحتمي التحرير فلسطين، ولكن مع طول المدة وانتظار الجيوش العربية التحرير فلسطين بدأ الملل يدخل في صفوف الشباب الفلسطيني، وبدأت تتشكل في أوساط الطبقات الأكثر وعيا من شعبنا الفلسطيني وتحديدا اتحاد طلاب فلسطين مجموعة من الأفكار المنسجمة مع واقعنا الفلسطيني والتي ترافقت مع نمو حركات التحرر العالمية و العربية مثل موجة المد القومي في اليمن والجزائر ومصر وثورات فيتنام وكمبوديا مما عكس ذلك على بدايات تشكل النواة الثورية الفلسطينية في الطبقات الأكثر وعيا.. ومن هنا جاءت فكرة الاعتماد على الذات بضرورة وجود حركة أو تنظيم فلسطيني يقاتل ويقاوم ويقلب المعادلة. ويضيف الأخ عز الدين بأن حركة فتح لم تكن بديلا عن منظمة التحرير الفلسطينية فالمنظمة جاءت کرد عربي على تحویل روافد مجرى نهر الأردن وكتعبير عن أفكار الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وتتويجا لفكره القومي باتجاه فلسطين الذي كان يعتبرها العمود الفقري للفكر القومي، وتم تشكيل جيش لها أطلق عليه اسم جيش التحرير الفلسطيني وكان منضويا تحت قيادة أركان الدول العربية التي يتواجد على أراضيها و مرتبطا بالخطة الرسمية العربية لأنظمة دول الطوق وبالتالي لم يستطع أن يحرك شينا بالنسبة لفلسطين . فجاءت حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح بتشكيلاتها دون أن تتدخل بتشكيلات منظمة التحرير الفلسطينية في بادئ الأمر إلى أن قامت بتفجير الانطلاقة وبداية تشكيل معسكراتها والقيام بعمليات فدائية . ويضيف الأخ عز الدين بعد حدوث نكسة 67 واحتلال باقي فلسطين إضافة إلى احتلال سيناء والجولان، أصبحت اليد الطولى الإرادة الشعب وإرادة الكفاح المسلح، وبالتالي وجب تأميم منظمة التحرير الفلسطينية ليصبح قرارها فلسطينيا محضا، وجرت محاولات عديدة لكي يتلقى جيش التحرير الفلسطيني تعليماته من رئاسة الأركان الفلسطينية وليس من أركان رئاسة الدول العربية المتواجد على أراضيها ، إلى أن جاءت الظروف وأصبح جيش التحرير الفلسطيني تحت إمرة فلسطينية يدافع دفاعا مستميتا عن الثورة الفلسطينية بعد أن قامت فتح بعملية النقل الشرعي لقيادة منظمة التحرير الفلسطينية من قيادة الشهيد المناضل أحمد الشقيري إلى قيادة الرئيس القائد العام یاسر عرفات.  فتح انطلقت باتجاه الوطن       وبدوره يقول الأخ إبراهيم أبو النجا: فرضت نكبة 48، وما ترتب عليها من سلب الأرض الفلسطينية وتهجير للشعب الفلسطيني ، وحالة الضياع التي عانى منها أبناء شعبنا في السنوات الأولى للهجرة، فرضت على الشعب العربي الفلسطيني أن يعيد صنع نفسه من جديد، وقد اضطلع بهذه المهمة كوكبة من المناضلين التقوا فاتفقوا على الخروج من هذا الواقع الأليم وتصويب المسار، | ومن هنا جاء ميلاد التنظيم السياسي الذي سمي بحركة التحرير الوطني الفلسطيني، وقد أخذنا الحروف الأولى للتسمية فتكونت كلمة (حتف) ولكن قلبنا الكلمة وأصبحت فتح، وحروفها تدل على: الفاء فلسطين، والتاء تحرير، والحاء حركة، فالحركة جاءت في الآخر لأنها ستطلع بمهمة التحرير، والفاء جاءت في الأول لأن الهدف الأول هو فلسطين، وحركة فتح عندما تأسست لم يكن المقصود منها أن تكون على غرار التنظيمات السياسية التي سبقتها في التأسيس ولكنها جاءت لتنطلق من العمل السياسي إلى العمل العسكري الذي ترجم على ارض الواقع مع بزوغ فجر 65/1/1 وتفجير الكفاح المسلح لنعلن للعالم أننا انطلقنا باتجاه استرداد فلسطين، وقد حذرنا من أي محاولة تستهدف النيل من عملنا العسكري، وقد رافقت الانطلاقة أدبيات تتمثل في المبادئ والأهداف والشعارات وتعرضت حركة فتح وكوادرها الملاحقات ومطاردات، وزج بهم في السجون. وأضاف أبو النجا إن الإعلان عن الكفاح المسلح وضع طلائعنا الفلسطينية الذين أصبحوا فيما بعد قادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح وعلى رأسهم الأخ القائد أبو عمار ورفيق دربه الشهيد القائد خليل الوزير (أبو جهاد) وبقية الأخوة في وضع يصدق فيهم قوله تعالى و من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا.  ويوضح أبو النجا بأن انطلاقة فتح ليست بديلا عن العمل العربي المشترك فنحن رأس الحربة التحرير فلسطين حيث تلقف أبناء شعبنا الفلسطيني في كافة أماكن تواجده نبأ الانطلاقة بتلهف وتأييد كبير ويحدوهم الأمل بأن هذا هو الطريق لتحرير فلسطين ونیل حقوقنا الوطنية وبدأوا بالالتحاق بصفوف الحركة، حيث كان للفدائيين العديد من المعارك والعمليات العسكرية التي أوجعت الاحتلال، وكان الفدائيون يمارسون حرب العصابات ولم يمارسوا الحرب النظامية حيث دخلت العلم العسكري النظرية الفلسطينية بأن الصمود المدعوم بالحق هو الأساس وواجه مقاتلونا بأسلحتهم الخفيفة الفردية الآليات والطائرات وكل أشكال الحملة الصهيونية، لم نتكلم نحن عن النتائج بقدر ما تكلم العدو نفسه وبقدر ما تكلم المراقبون العسكريون والسياسيون، وشكلت عملياتنا انعطافا جديدا في فهم العالم كله لخصوصية وطبيعة قضيتنا مما أدى إلى الالتحام الشعبي بالثورة الفلسطينية وبدأت المعادلة في التغيير والنظرة تختلف من شعب لاجئ إلى شعب يمارس الكفاح من أجل عودته إلى أرضه، وكان على الثورة أن تستوعب المناضلين الذين التحقوا بها وأن تقيم المؤسسات في الوقت الذي كثرت فيه أعباء الثورة الفلسطينية واستطاعت أن تبني المؤسسة العسكرية وتوابعها،  وهذه النقلة الجديدة جعلتنا،  مستهدفين من بعض القوى التي لم يكن هدفها تحرير الوطن سواء كانت على الصعيد المحلي أو على الصعيد القومي واستمر النضال الفلسطيني وكانت العمليات ليلية وبشكل مكثف وأذكر هنا عمليات الحزام الأخضر حيث أخذت شكل المواجهة العسكرية الحقيقية غرب النهر التي قادها الأخ أبو عمار والأخ أبو جهاد و الأخ أبو صبري، وكل القيادة الفلسطينية كان عليها أن تدخل إلى الداخل التبني الخلايا السرية وتمدها بالأسلحة مما أضفى على نضالنا وقتالنا شينا متميزا حيث أن القيادات السياسية والعسكرية كانت تضطلع بهذا الدور في البناء والتأسيس وإقامة القواعد و تثبيت التنظيم السري في التعبئة و التحريض.  انطلاقة فتح كسرت الجمود والتراجع      يقول الأخ أبو ماهر حلس بأن میلاد حركة فتح وتحديدا انطلاقتها العسكرية كان في ظل ظروف عربية واقليمية تكيفت مع وجود کیان اسرائيلي وكأنها أمر واقع، وأن العمل المسلح هو مغامرة محكوم عليها بالفشل، وجاءت انطلاقة فتح لتكسر هذه المفاهيم وتستبدلها بمفهوم ثوري جديد يعتمد على الكفاح المسلح. ويضيف الأخ أبو ماهر بأن من أطواق السلامة اللي اعتمدتها فتح وضمن منطلقاتها الأساسية هي حفاظها على استقلالية القرار الوطني الفلسطيني، وقد مارست هذا الشعار في كل مراحل العمل الوطني، فهي لم تتدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة إضافة إلى أنها لم تسمح بالتدخل في الشؤون الداخلية الفلسطينية بغض النظر عن حجم التحالف مع هذا | النظام أو ذاك، وقد كانت فتح وقيادتها دائما مرشحة للإسهام الايجابي في حل الكثير من الخلافات العربية .  وما يميز حركة فتح هو أنها صاحبة المبادرة التاريخية في كل مراحل العمل الوطني، فعندما | اختارت الكفاح المسلح، كان هذا | بمثابة مغامرة في نظر الآخرين، | لكن سرعان ما لحق بها الجميع وثبتت صحة النظرية الفتحاوية، | وحينما اختارت السلام كان أيضا السلام مجازفة تاريخية، ولكن سرعان ما اتضحت صحة الخطوة التي اتخذتها قيادتنا الفلسطينية | وعلى رأسها الأخ القائد أبو عمار في كل المراحل سواء معركة الحرب أو السلام، فهي تنطلق من رؤى واضحة لأهدافها الوطنية وللمصلحة العليا لشعبنا ضمن قراءة واقعية لظروف شعبنا.  واعتمدت فتح المرونة في التكتيك وصلابة استراتيجية وثبات على الهدف والمبادئ، وما يتغير فهو شعارات وأساليب، حتى نصل إلى اقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.  فتح حملت ميراث الأمة   ومن جهته يرى الأخ سليم الزريعي الذي أمضى خمسة وعشرين عاما في السجون الإسرائيلية أن الحديث عن حركة فتح ذو شجون، ففتح ولدت من رحم المعاناة وفي مرحلة أسمناها بمرحلة الاستقرار المنظومي، هذه المرحلة التي طغت فيها فكرة العمل القومي على كل ما عداها، وحينما استذكر تلك المرحلة في تلك الظروف لا يسعني إلا أن أقول إن قرار انطلاقة فتح وقرار تشكيل طلائع قوات العاصفة كان قرارا يرقى إلى مستوى المرحلة وكان قرارا شجاعا لا يجرؤ على اتخاذه إلا تلك القيادة التاريخية التي قادت النضال الفلسطيني وحملت حلم الإنسان الفلسطيني وهمومه وكانت بمستوى حمل أمانة ميراث الأمة وصون التاريخ الفلسطيني من الاندثار.  ويضيف الزريعي إنه في تلك الفترة أسهمت الأنظمة العربية بما طرحته من مفاهيم في تغييب الدور الفلسطيني والذي يفترض أن يكون هو الدور الأساسي، وتبقى الجبهة العربية داعمة ومساندة تقف إلى جانب نضال شعبنا وتدعم كفاحه، وقد أثبتت الأيام والمعارك التي تلت ذلك صحة هذه المقولة حيث اتهمتنا بعض الأنظمة العربية بأننا قطريون و إقليميون و انفصاليون في ذاك الوقت ورددنا على هذه الادعاءات والاتهامات بأن حركة فتح فلسطينية الوجه عربية القلب والوجدان عالمية الأبعاد والامتدادات، فالمعركة قومية ويجب أن يكون الفلسطيني هو رأس الرمح وأن تكون المعركة تحت قيادة فلسطينية ونذكر عندما دخل جيش الانقاذ فلسطين في الأربعينات أسهم في تحجيم ثورة الفلسطينيين تحت شعار أن المعركة قومية. وتحول جيش الجهاد المقدس الفلسطيني في ذاك الحين إلى مجموعات متناثرة حينما ألغيت قيادته بقرار من جامعة الدول العربية وقالوا إن جيش الإنقاذ هو البديل وانسحب جيش الإنقاذ بقرار عربي وبقي الفلسطينيون ممزقين أمام الحركة الصهيونية، من هنا ندرك أهمية قرار القيادة التاريخية لحركة فتح في أن يتصدر الفلسطينيون النضال من أجل قضيتهم الفلسطينية وهويتهم النضالية.  فتح وهج الجماهير ومشعلها الحقيقي   يقول الأخ أحمد أبو سيف وهو أحد المقاتلين الذين جمعوا بين الانتماء الفتحاوي فكرا ومنهجا وبين الكفاح المسلح عملا وتطبيقا بأن حركة فتح هي المشعل الحقيقي للشعب الفلسطيني وهي وهج الجماهير ويصب نضالها في إطار العمل الفلسطيني من أجل تحرير فلسطين، وكان ثقلنا العسكري موجودا في الأردن بشكل مجموعات سرية.  وبعد حرب 67 نشطت حركة فتح عسكريا ودخلنا بما سمی ( كسر العظم ) مع الإسرائيليين وكانت حرب الكرامة بداية أول تصد عسكري حقيقي للعدو، حيث الحقت الهزيمة به، وهبت الجماهير للالتحاق بصفوفنا، وتطورت القواعد الفدائية في جنوب أربد والرمثا، ومن كان ينظر ليلا إلى أريحا من جبال اربد والناعور يجد منطقة أريحا وقد لفتها أحزمة من النيران فالعمليات بشكل يومي، وكان ينفذون مقاتلونا عملياتهم الفدائية سرا وفي الليل خوفا من اعتراض طريقهم.  ويضيف الأخ أبو سيف بأننا عندما نتكلم عن فتح فإننا نتكلم عن فلسطين ذلك أن فتح استوعبت معظم أبناء الشعب الفلسطيني في صفوفها وكانت بمثابة الأم الحنون، بل إنها كانت تمد التنظيمات الفلسطينية الأخرى بالمال والعتاد لمواصلة مشوارها النضالي من أجل تحرير فلسطين، | وفتح عبارة عن حركة عالمية استطاعت تجنيد الرأي العام الصالح القضية الفلسطينية وكانت تدعم نفسها بنفسها.  انطلاقة فتح حلقة من حلقات النضال الشعبي  يقول الأخ أحمد أبو شاويش بأن الحديث عن انطلاقة فتح يقود إلى السياق التاريخي الذي جاءت فيه الانطلاقة وبروز العمل العسكري فالانطلاقة لم تأت من فراغ وانما هي حلقة من حلقات النضال الفلسطيني الممتد في أعماق التاريخ ، وخاصة منذ وطئت أرض فلسطين اقدام المستيا وطنين الصهاينة في أواخر القرن التاسع عشر، وانطلاقة فتح وانتهاج الكفاح المسلح سبيلا للوصول إلى فلسطين وتحريرها جعل من شعبنا الفلسطيني بدلا من شعب لاجئ شعبا يحترمه العالم .  ويضيف أبو شاويش وإن منعطفات كثيرة اعترضت طريق الثورة بالأرواح والدماء، وتمكنت فتح أن تدحض المقولة الصهيونية بأن فلسطين أرض بلا شعب ، الشعب بلا أرض، واستطاعت فتح بثورتها وبجماهيرها أن تثبت أن هذه الأرض لنا منذ الأزل وحتى الأبد وأن دولتنا الفلسطينية المستقلة قادمة لا محالة وعاصمتها القدس الشريف.  استقلالية القرار الوطني  أما عن استقلالية القرار الوطني الفلسطيني الذي اعتبرته حركة فتح مبدأ من مبادئها الرئيسية... فالهدف كان من أجل الابتعاد عن دائرة الاستقطابات العربية والدولية ضمانا لتأييد الجميع عربيا ودوليا.  فتح فلسطينية المنطلق عربية الانتماء  عن ذلك يقول الأخ سليم الزعنون لقد فهم البعض وربما عن خبث ودهاء أن ذلك يعني نظرة وطنية ضيقة تتنكر القومية القضية الفلسطينية، حيث جرى الطعن في هذا المبدأ وتشويهه بينما حقيقة الأمر كانت تؤكد وباستمرار وبكل الصدق ومنذ البدايات على أن الثورة الفلسطينية بقيادة فتح إنما هي فلسطينية المنطلق عربية الانتماء، ولطالما رددها الأخ قاند الثورة الرئيس یاسر عرفات ومن كل المنابر" إنها فلسطينية الوجه عربية القلب" ولقد عرفت الأمة العربية ذلك، فكان الامتداد الواسع والعميق الحركة فتح في صفوف الأمة العربية من المحيط إلى الخليج، وامتد ذلك الوجود إلى كل شعوب الأمة الإسلامية و أما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض .  لا للوصاية .. ولا للتبعية .. ولا للاحتواء  يقول الأخ مازن عز الدين بدأت حركة فتح تحت عناوین واضحة في منطلقاتها الاستراتيجية حيث خاطبت بعدنا العربي، الذي يعتبر القاعدة الارتكازية الأساسية فحركة فتح لم تكن تبحث فقط عن القرار الفلسطيني المستقل و انما الضرورات التفاوضية والضرورات السياسية كانت تفرض على القيادة الفلسطينية إيجاد هامش هام وواسع للمناورة أطلق عليه القرار الوطني الفلسطيني المستقل وفتح رفعت شعارات واضحة بأن الثورة الفلسطينية فلسطينية الوجه عربية القلب، وعندما بدأت الطروحات السياسية لتبرير الاعتراف بقراري 242، 338 ودخولنا في مراحل تسوية بعد عام 73، جعلنا نخوض عملية التمایز نظرا لأن كل الأقطار العربية التي تتواجد على أرضها لها هامش في الإطار القومي ولكن لها هامشا في صنع قرارها الداخلي أيضا.  ويضيف الأخ عز الدين بأنه منعا للمصادرة والاحتواء فقد طبقنا شعارات فتح الأولى التي تستند الى ثلاثة أعمدة أساسية وهي لا للوصاية، لا للتبعية، لا للاحتواء، ورفعنا شعار استراتيجيا بأننا نرفض التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية وكذلك نرفض أن يتدخل أحد في شؤوننا الداخلية، إلى أن جاءت معركة بيروت حيث دافعنا عن قرارنا الوطني وخضنا معركة طرابلس كذلك دفاعا عن قرارنا الوطني الفلسطيني.  استقلالية حركة فتح  أما الأخ زكريا الأغا فقال إن حركة فتح خاضت معارك كثيرة للحفاظ على قرارنا الفلسطيني المستقل فمنذ اللحظة الأولى كانت تشعر أنه لكي تنجح ولكي تعبر تعبيرا صادقا عن آمال وطموحات الشعب الفلسطيني يجب أن تكون بعيدة عن الاحتواء، هذا ليس انفصالا عن العالم العربي، لكن فتح منذ اللحظة الأولى قررت واكدت استقلاليتها وكان هذا واضحا منذ اللحظة الأولى وحتی الآن .  أضاف الأغا: لا أحد يستطيع أن يحسب حركة فتح على أي نظام عربي حتى عندما تأزمت الأمور مع المنشقين في ۸۳ وحينما حاولت بعض الأنظمة العربية تقييد منظمة التحرير الفلسطينية واصابتها بالشلل، قامت حركة فتح ومعها جميع الأخوة من الفصائل الفلسطينية التي كانت تقف إلى جانبها لتعلن وتؤكد على ضرورة الخروج من هذا الوضع الذي وجدت المنظمة نفسها فيه بعد الانشقاق، فكان المؤتمر الفلسطيني السابع عشر الذي عقد في عمان والذي أخرج المنظمة من الشلل، وهذه الدورة أكدت أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني بقيادة الأخ أبو عمار، وسميت هذه الدورة بدورة القرار الوطني الفلسطيني المستقل والذي لاقت فيها تجاوبا جماهيريا كبيرا في الأراضي الفلسطينية المحتلة وقاموا بمظاهرات وسقط الشهداء بمن فيهم شهيد القرار الوطني الفلسطيني (شرف الطيبي).  فتح بانطلاقتها تفجر المسار التاريخي للمنطقة  يقول الأخ سلیم الزعنون، لقد أثرت فتح بالفعل في المسار التاريخي للشرق الأوسط... سواء من حيث الحروب التي اشتعلت في المنطقة أو من خلال فرض وجود الثورة الفلسطينية من جهة أخرى على خريطة المنطقة بل وعلى الخريطة العالمية بالنسبة البؤر الصراع في العالم.  وأما عن الانتقال بالنضال الفلسطيني من الشتات إلى أرض الوطن فهذا أصبح حقيقة واقعة لا يستطيع أحد إنكارها، فبعد العودة إلى أرض الوطن من خلال اتفاقات السلام مع حكومة إسرائيل العمالية بزعامة اسحق رابين وشمعون بيريس في أوسلو والقاهرة وطابا سنة ۱۹۹۳، فإن الجسم المسلح للثورة الفلسطينية قد عاد بسلاحه إلى أرض الوطن ليكون طليعة لعودة الشعب الفلسطيني كله.  ويشير الأخ أبو الأديب إلى اتفاقات أوسلو بأنه لا أحد ينكر ما تقوم به طلائع شعبنا المتمثلة في السلطة الوطنية الفلسطينية ورموزها بقيادة الأخ الرئيس یاسر عرفات والأعضاء المنتخبين من قبل شعبنا في المجلس التشريعي المنضوي تحت مظلة المجلس الوطني الفلسطيني الذي يعتبر خيمة الشرعية الفلسطينية في داخل الوطن والشتات، فالكل يشاهد بأم عينيه صباح مساء كيف يواجه شعبنا جنود الاحتلال وفي طليعة المواجهة يقف اخواننا رموز السلطة الوطنية وأعضاء المجلس التشريعي والوطني وكل رجال الأمن الذين هم فدائيو الأمس حيث التصدي للممارسات الاسرائيلية المتنكرة لكل الاتفاقات و المواثيق الدولية والانسانية، انه الصراع من فوق أرض الوطن الذي يتعرض لمؤامرات التهديد وطمس الهوية الفلسطينية، إنها معركة تجسيد الهوية الفلسطينية وإرساء قواعد الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف فوق أرض فلسطين ووجها لوجه مع قوات الاحتلال وأساليبه القمعية.  ويتساءل الأخ أبو الأديب هل هناك ما هو أفضل و أروع وأصدق من معايشة القيادة لشعبها في كفاحه ومعاناته وصنع مستقبله..؟؟  وهل كانت فتح الأمس صاحبة شعار "ثورة حتی النصر" غير فتح اليوم التي ما زالت تخوض هذه الثورة ومن فوق أرض فلسطين من أجل النصر وبناء دولة فلسطين...؟!  ما حققته فتح من مبادئها وأهدافها  عن ذلك يقول الأخ سليم الزعنون بأنه يكفي أن نذكر بحال الشعب الفلسطيني وثورته في أعقاب حرب العراق - الكويت.. لقد كانت هناك مؤامرة لإلغاء الوجود الفلسطيني، حيث جرى تهميش الدور الفلسطيني في مؤتمر مدريد للسلام.. لكننا سرعان ما أثبتنا وجودنا وأصبحنا الرقم الصعب - كما يقولها الأخ الرئيس أبو عمار الذي لا يمكن تجاهله، وها نحن على أرضنا قيادة ومقاتلين ومعنا أكثر من خمسين الفا من أبناء شعبنا المشردين قد عادوا إلى أرض الوطن طليعة العودة كل الشعب الفلسطيني .. و العالم كله يؤازرنا ويقف معنا، حيث انقلبت المعادلة وبات الإسرائيليون في ظل زعامتهم اليمينية المتطرفة محاصرين في كل المجالات الدولية، والأهم من كل هذا .. هو أننا نمارس حقنا المشروع في النضال وبناء دولتنا المستقلة من فوق أرضنا والشرعية الدولية كلها تقف إلى جانبنا.  ويستبشر الأخ أبو الأديب خيرا ويقول قريبا إن شاء الله.. سيشهد العالم قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف .. لأنها باتت مطلبا دوليا أيضا حتى إنه صارت هناك قناعات عند قطاع كبير من القادة و الشارع الإسرائيلي بضرورة قيام دولتنا الفلسطينية باعتبار ذلك حاجة ملحة لإقرار السلام في المنطقة، فالنضال الثوري دائما له أهدافه المرحلية والاستراتيجية المتمثلة في إقامة دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.. وعودة أبناء شعبنا في الشتات إلى أرض الوطن وما يتبع ذلك من مطالبة بحقوقنا المشروعة في أرضنا المغتصبة و أملاكنا المسلوبة.  من شعب لاجئ إلى شعب ذى سيادة   يقول الأخ زكريا الأغا بأن أكبر انجاز لمبادئ فتح وأهدافها هو أن القيادة الفلسطينية فوق الثرى الفلسطيني والسلطة الوطنية هي المقدمة الطبيعية والأكيدة للدولة الفلسطينية حيث إن آمالنا زادت في قيامها فقد تحولنا من شعب لاجئ إلى شعب ذي سيادة وطنية، وأصبح الجميع يعترف بنا ككيان، فالعلم الفلسطيني يرفرف فوق ربوع الوطن والمواطن يسافر بجواز سفر فلسطيني، وكلنا ثقة بالأخ القائد ياسر عرفات لنصل إلى القدس الشريف عاصمة دولتنا الفلسطينية.             نشر بتاريخ - يناير - 1997 - مجلة الرأي - عدد 7   يقول الأخ أبو ماهر حلس بأن میلاد حركة فتح وتحديدا انطلاقتها العسكرية كان في ظل ظروف عربية واقليمية تكيفت مع وجود کیان اسرائيلي وكأنها أمر واقع، وأن العمل المسلح هو مغامرة محكوم عليها بالفشل، وجاءت انطلاقة فتح لتكسر هذه المفاهيم وتستبدلها بمفهوم ثوري جديد يعتمد على الكفاح المسلح. ويضيف الأخ أبو ماهر بأن من أطواق السلامة اللي اعتمدتها فتح وضمن منطلقاتها الأساسية هي حفاظها على استقلالية القرار الوطني الفلسطيني، وقد مارست هذا الشعار في كل مراحل العمل الوطني، فهي لم تتدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة إضافة إلى أنها لم تسمح بالتدخل في الشؤون الداخلية الفلسطينية بغض النظر عن حجم التحالف مع هذا | النظام أو ذاك، وقد كانت فتح وقيادتها دائما مرشحة للإسهام الايجابي في حل الكثير من الخلافات العربية .  وما يميز حركة فتح هو أنها صاحبة المبادرة التاريخية في كل مراحل العمل الوطني، فعندما | اختارت الكفاح المسلح، كان هذا | بمثابة مغامرة في نظر الآخرين، | لكن سرعان ما لحق بها الجميع وثبتت صحة النظرية الفتحاوية، | وحينما اختارت السلام كان أيضا السلام مجازفة تاريخية، ولكن سرعان ما اتضحت صحة الخطوة التي اتخذتها قيادتنا الفلسطينية | وعلى رأسها الأخ القائد أبو عمار في كل المراحل سواء معركة الحرب أو السلام، فهي تنطلق من رؤى واضحة لأهدافها الوطنية وللمصلحة العليا لشعبنا ضمن قراءة واقعية لظروف شعبنا.  واعتمدت فتح المرونة في التكتيك وصلابة استراتيجية وثبات على الهدف والمبادئ، وما يتغير فهو شعارات وأساليب، حتى نصل إلى اقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.  فتح حملت ميراث الأمة   ومن جهته يرى الأخ سليم الزريعي الذي أمضى خمسة وعشرين عاما في السجون الإسرائيلية أن الحديث عن حركة فتح ذو شجون، ففتح ولدت من رحم المعاناة وفي مرحلة أسمناها بمرحلة الاستقرار المنظومي، هذه المرحلة التي طغت فيها فكرة العمل القومي على كل ما عداها، وحينما استذكر تلك المرحلة في تلك الظروف لا يسعني إلا أن أقول إن قرار انطلاقة فتح وقرار تشكيل طلائع قوات العاصفة كان قرارا يرقى إلى مستوى المرحلة وكان قرارا شجاعا لا يجرؤ على اتخاذه إلا تلك القيادة التاريخية التي قادت النضال الفلسطيني وحملت حلم الإنسان الفلسطيني وهمومه وكانت بمستوى حمل أمانة ميراث الأمة وصون التاريخ الفلسطيني من الاندثار.  ويضيف الزريعي إنه في تلك الفترة أسهمت الأنظمة العربية بما طرحته من مفاهيم في تغييب الدور الفلسطيني والذي يفترض أن يكون هو الدور الأساسي، وتبقى الجبهة العربية داعمة ومساندة تقف إلى جانب نضال شعبنا وتدعم كفاحه، وقد أثبتت الأيام والمعارك التي تلت ذلك صحة هذه المقولة حيث اتهمتنا بعض الأنظمة العربية بأننا قطريون و إقليميون و انفصاليون في ذاك الوقت ورددنا على هذه الادعاءات والاتهامات بأن حركة فتح فلسطينية الوجه عربية القلب والوجدان عالمية الأبعاد والامتدادات، فالمعركة قومية ويجب أن يكون الفلسطيني هو رأس الرمح وأن تكون المعركة تحت قيادة فلسطينية ونذكر عندما دخل جيش الانقاذ فلسطين في الأربعينات أسهم في تحجيم ثورة الفلسطينيين تحت شعار أن المعركة قومية. وتحول جيش الجهاد المقدس الفلسطيني في ذاك الحين إلى مجموعات متناثرة حينما ألغيت قيادته بقرار من جامعة الدول العربية وقالوا إن جيش الإنقاذ هو البديل وانسحب جيش الإنقاذ بقرار عربي وبقي الفلسطينيون ممزقين أمام الحركة الصهيونية، من هنا ندرك أهمية قرار القيادة التاريخية لحركة فتح في أن يتصدر الفلسطينيون النضال من أجل قضيتهم الفلسطينية وهويتهم النضالية.  فتح وهج الجماهير ومشعلها الحقيقي   يقول الأخ أحمد أبو سيف وهو أحد المقاتلين الذين جمعوا بين الانتماء الفتحاوي فكرا ومنهجا وبين الكفاح المسلح عملا وتطبيقا بأن حركة فتح هي المشعل الحقيقي للشعب الفلسطيني وهي وهج الجماهير ويصب نضالها في إطار العمل الفلسطيني من أجل تحرير فلسطين، وكان ثقلنا العسكري موجودا في الأردن بشكل مجموعات سرية.  وبعد حرب 67 نشطت حركة فتح عسكريا ودخلنا بما سمی ( كسر العظم ) مع الإسرائيليين وكانت حرب الكرامة بداية أول تصد عسكري حقيقي للعدو، حيث الحقت الهزيمة به، وهبت الجماهير للالتحاق بصفوفنا، وتطورت القواعد الفدائية في جنوب أربد والرمثا، ومن كان ينظر ليلا إلى أريحا من جبال اربد والناعور يجد منطقة أريحا وقد لفتها أحزمة من النيران فالعمليات بشكل يومي، وكان ينفذون مقاتلونا عملياتهم الفدائية سرا وفي الليل خوفا من اعتراض طريقهم.  ويضيف الأخ أبو سيف بأننا عندما نتكلم عن فتح فإننا نتكلم عن فلسطين ذلك أن فتح استوعبت معظم أبناء الشعب الفلسطيني في صفوفها وكانت بمثابة الأم الحنون، بل إنها كانت تمد التنظيمات الفلسطينية الأخرى بالمال والعتاد لمواصلة مشوارها النضالي من أجل تحرير فلسطين، | وفتح عبارة عن حركة عالمية استطاعت تجنيد الرأي العام الصالح القضية الفلسطينية وكانت تدعم نفسها بنفسها.  انطلاقة فتح حلقة من حلقات النضال الشعبي  يقول الأخ أحمد أبو شاويش بأن الحديث عن انطلاقة فتح يقود إلى السياق التاريخي الذي جاءت فيه الانطلاقة وبروز العمل العسكري فالانطلاقة لم تأت من فراغ وانما هي حلقة من حلقات النضال الفلسطيني الممتد في أعماق التاريخ ، وخاصة منذ وطئت أرض فلسطين اقدام المستيا وطنين الصهاينة في أواخر القرن التاسع عشر، وانطلاقة فتح وانتهاج الكفاح المسلح سبيلا للوصول إلى فلسطين وتحريرها جعل من شعبنا الفلسطيني بدلا من شعب لاجئ شعبا يحترمه العالم .  ويضيف أبو شاويش وإن منعطفات كثيرة اعترضت طريق الثورة بالأرواح والدماء، وتمكنت فتح أن تدحض المقولة الصهيونية بأن فلسطين أرض بلا شعب ، الشعب بلا أرض، واستطاعت فتح بثورتها وبجماهيرها أن تثبت أن هذه الأرض لنا منذ الأزل وحتى الأبد وأن دولتنا الفلسطينية المستقلة قادمة لا محالة وعاصمتها القدس الشريف.  استقلالية القرار الوطني  أما عن استقلالية القرار الوطني الفلسطيني الذي اعتبرته حركة فتح مبدأ من مبادئها الرئيسية... فالهدف كان من أجل الابتعاد عن دائرة الاستقطابات العربية والدولية ضمانا لتأييد الجميع عربيا ودوليا.  فتح فلسطينية المنطلق عربية الانتماء  عن ذلك يقول الأخ سليم الزعنون لقد فهم البعض وربما عن خبث ودهاء أن ذلك يعني نظرة وطنية ضيقة تتنكر القومية القضية الفلسطينية، حيث جرى الطعن في هذا المبدأ وتشويهه بينما حقيقة الأمر كانت تؤكد وباستمرار وبكل الصدق ومنذ البدايات على أن الثورة الفلسطينية بقيادة فتح إنما هي فلسطينية المنطلق عربية الانتماء، ولطالما رددها الأخ قاند الثورة الرئيس یاسر عرفات ومن كل المنابر" إنها فلسطينية الوجه عربية القلب" ولقد عرفت الأمة العربية ذلك، فكان الامتداد الواسع والعميق الحركة فتح في صفوف الأمة العربية من المحيط إلى الخليج، وامتد ذلك الوجود إلى كل شعوب الأمة الإسلامية و أما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض .  لا للوصاية .. ولا للتبعية .. ولا للاحتواء  يقول الأخ مازن عز الدين بدأت حركة فتح تحت عناوین واضحة في منطلقاتها الاستراتيجية حيث خاطبت بعدنا العربي، الذي يعتبر القاعدة الارتكازية الأساسية فحركة فتح لم تكن تبحث فقط عن القرار الفلسطيني المستقل و انما الضرورات التفاوضية والضرورات السياسية كانت تفرض على القيادة الفلسطينية إيجاد هامش هام وواسع للمناورة أطلق عليه القرار الوطني الفلسطيني المستقل وفتح رفعت شعارات واضحة بأن الثورة الفلسطينية فلسطينية الوجه عربية القلب، وعندما بدأت الطروحات السياسية لتبرير الاعتراف بقراري 242، 338 ودخولنا في مراحل تسوية بعد عام 73، جعلنا نخوض عملية التمایز نظرا لأن كل الأقطار العربية التي تتواجد على أرضها لها هامش في الإطار القومي ولكن لها هامشا في صنع قرارها الداخلي أيضا.  ويضيف الأخ عز الدين بأنه منعا للمصادرة والاحتواء فقد طبقنا شعارات فتح الأولى التي تستند الى ثلاثة أعمدة أساسية وهي لا للوصاية، لا للتبعية، لا للاحتواء، ورفعنا شعار استراتيجيا بأننا نرفض التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية وكذلك نرفض أن يتدخل أحد في شؤوننا الداخلية، إلى أن جاءت معركة بيروت حيث دافعنا عن قرارنا الوطني وخضنا معركة طرابلس كذلك دفاعا عن قرارنا الوطني الفلسطيني.  استقلالية حركة فتح  أما الأخ زكريا الأغا فقال إن حركة فتح خاضت معارك كثيرة للحفاظ على قرارنا الفلسطيني المستقل فمنذ اللحظة الأولى كانت تشعر أنه لكي تنجح ولكي تعبر تعبيرا صادقا عن آمال وطموحات الشعب الفلسطيني يجب أن تكون بعيدة عن الاحتواء، هذا ليس انفصالا عن العالم العربي، لكن فتح منذ اللحظة الأولى قررت واكدت استقلاليتها وكان هذا واضحا منذ اللحظة الأولى وحتی الآن .  أضاف الأغا: لا أحد يستطيع أن يحسب حركة فتح على أي نظام عربي حتى عندما تأزمت الأمور مع المنشقين في ۸۳ وحينما حاولت بعض الأنظمة العربية تقييد منظمة التحرير الفلسطينية واصابتها بالشلل، قامت حركة فتح ومعها جميع الأخوة من الفصائل الفلسطينية التي كانت تقف إلى جانبها لتعلن وتؤكد على ضرورة الخروج من هذا الوضع الذي وجدت المنظمة نفسها فيه بعد الانشقاق، فكان المؤتمر الفلسطيني السابع عشر الذي عقد في عمان والذي أخرج المنظمة من الشلل، وهذه الدورة أكدت أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني بقيادة الأخ أبو عمار، وسميت هذه الدورة بدورة القرار الوطني الفلسطيني المستقل والذي لاقت فيها تجاوبا جماهيريا كبيرا في الأراضي الفلسطينية المحتلة وقاموا بمظاهرات وسقط الشهداء بمن فيهم شهيد القرار الوطني الفلسطيني (شرف الطيبي).  فتح بانطلاقتها تفجر المسار التاريخي للمنطقة  يقول الأخ سلیم الزعنون، لقد أثرت فتح بالفعل في المسار التاريخي للشرق الأوسط... سواء من حيث الحروب التي اشتعلت في المنطقة أو من خلال فرض وجود الثورة الفلسطينية من جهة أخرى على خريطة المنطقة بل وعلى الخريطة العالمية بالنسبة البؤر الصراع في العالم.  وأما عن الانتقال بالنضال الفلسطيني من الشتات إلى أرض الوطن فهذا أصبح حقيقة واقعة لا يستطيع أحد إنكارها، فبعد العودة إلى أرض الوطن من خلال اتفاقات السلام مع حكومة إسرائيل العمالية بزعامة اسحق رابين وشمعون بيريس في أوسلو والقاهرة وطابا سنة ۱۹۹۳، فإن الجسم المسلح للثورة الفلسطينية قد عاد بسلاحه إلى أرض الوطن ليكون طليعة لعودة الشعب الفلسطيني كله.  ويشير الأخ أبو الأديب إلى اتفاقات أوسلو بأنه لا أحد ينكر ما تقوم به طلائع شعبنا المتمثلة في السلطة الوطنية الفلسطينية ورموزها بقيادة الأخ الرئيس یاسر عرفات والأعضاء المنتخبين من قبل شعبنا في المجلس التشريعي المنضوي تحت مظلة المجلس الوطني الفلسطيني الذي يعتبر خيمة الشرعية الفلسطينية في داخل الوطن والشتات، فالكل يشاهد بأم عينيه صباح مساء كيف يواجه شعبنا جنود الاحتلال وفي طليعة المواجهة يقف اخواننا رموز السلطة الوطنية وأعضاء المجلس التشريعي والوطني وكل رجال الأمن الذين هم فدائيو الأمس حيث التصدي للممارسات الاسرائيلية المتنكرة لكل الاتفاقات و المواثيق الدولية والانسانية، انه الصراع من فوق أرض الوطن الذي يتعرض لمؤامرات التهديد وطمس الهوية الفلسطينية، إنها معركة تجسيد الهوية الفلسطينية وإرساء قواعد الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف فوق أرض فلسطين ووجها لوجه مع قوات الاحتلال وأساليبه القمعية.  ويتساءل الأخ أبو الأديب هل هناك ما هو أفضل و أروع وأصدق من معايشة القيادة لشعبها في كفاحه ومعاناته وصنع مستقبله..؟؟  وهل كانت فتح الأمس صاحبة شعار "ثورة حتی النصر" غير فتح اليوم التي ما زالت تخوض هذه الثورة ومن فوق أرض فلسطين من أجل النصر وبناء دولة فلسطين...؟!  ما حققته فتح من مبادئها وأهدافها  عن ذلك يقول الأخ سليم الزعنون بأنه يكفي أن نذكر بحال الشعب الفلسطيني وثورته في أعقاب حرب العراق - الكويت.. لقد كانت هناك مؤامرة لإلغاء الوجود الفلسطيني، حيث جرى تهميش الدور الفلسطيني في مؤتمر مدريد للسلام.. لكننا سرعان ما أثبتنا وجودنا وأصبحنا الرقم الصعب - كما يقولها الأخ الرئيس أبو عمار الذي لا يمكن تجاهله، وها نحن على أرضنا قيادة ومقاتلين ومعنا أكثر من خمسين الفا من أبناء شعبنا المشردين قد عادوا إلى أرض الوطن طليعة العودة كل الشعب الفلسطيني .. و العالم كله يؤازرنا ويقف معنا، حيث انقلبت المعادلة وبات الإسرائيليون في ظل زعامتهم اليمينية المتطرفة محاصرين في كل المجالات الدولية، والأهم من كل هذا .. هو أننا نمارس حقنا المشروع في النضال وبناء دولتنا المستقلة من فوق أرضنا والشرعية الدولية كلها تقف إلى جانبنا.  ويستبشر الأخ أبو الأديب خيرا ويقول قريبا إن شاء الله.. سيشهد العالم قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف .. لأنها باتت مطلبا دوليا أيضا حتى إنه صارت هناك قناعات عند قطاع كبير من القادة و الشارع الإسرائيلي بضرورة قيام دولتنا الفلسطينية باعتبار ذلك حاجة ملحة لإقرار السلام في المنطقة، فالنضال الثوري دائما له أهدافه المرحلية والاستراتيجية المتمثلة في إقامة دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.. وعودة أبناء شعبنا في الشتات إلى أرض الوطن وما يتبع ذلك من مطالبة بحقوقنا المشروعة في أرضنا المغتصبة و أملاكنا المسلوبة.  من شعب لاجئ إلى شعب ذى سيادة   يقول الأخ زكريا الأغا بأن أكبر انجاز لمبادئ فتح وأهدافها هو أن القيادة الفلسطينية فوق الثرى الفلسطيني والسلطة الوطنية هي المقدمة الطبيعية والأكيدة للدولة الفلسطينية حيث إن آمالنا زادت في قيامها فقد تحولنا من شعب لاجئ إلى شعب ذي سيادة وطنية، وأصبح الجميع يعترف بنا ككيان، فالعلم الفلسطيني يرفرف فوق ربوع الوطن والمواطن يسافر بجواز سفر فلسطيني، وكلنا ثقة بالأخ القائد ياسر عرفات لنصل إلى القدس الشريف عاصمة دولتنا الفلسطينية.             نشر بتاريخ - يناير - 1997 - مجلة الرأي - عدد 7


الأجواء التي رافقت ولادة الحركة

 لاشك أن ولادة حركة فتح كانت عيرة اعترضتها صعوبات و مشاكل جمة، في الوقت الذي لم يكن فيه سهلا على طلائع قيادتنا التاريخية أن يتخذوا قرارهم التاريخي بتأسيس فتح في ذاك الوقت.

الكفاح المسلح بدلا من الشعارات والمزايدات

إستطلاع : محمد توفيق أحمد كريزم  في ذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية  اثنان وثلاثون عاما من النضال والكفاح  فتح ثورة فلسطينية الوجه . عربية العمق . عالمية البعد  فتع بقيادة الرمز أبو عمار - صانعة الثورة – وصانعة السلام       منذ فجرت حركة فتح الثورة الفلسطينية المعاصرة وشلال دماء شهداء ثورتنا ما انفك يتدفق ويفيض راسما الخارطة الجديدة للمنطقة بأسرها .   وعندما أطلقت فتح رصاصاتها الأولى لتطرح منطلقاتها الاستراتيجية التي حددت من خلالها أولوية تحرير فلسطين باتباع اسلوب الكفاح المسلح وتوحيد نضال الجماهير قلبت بذلك رأسا على عقب مجموعة المنطلقات الاستراتيجية التي سادت الوطن العربي حول قضية فلسطين وأدخلت المنطقة العربية برمتها في مرحلة جديدة تمتاز بالصراع الساخن ، وبرهنت على أن الثورة الفلسطينية .. فلسطينية الوجه.. عربية العمق.. عالمية البعد، مما جعلها في وضع فريد ضمن حركات التحرر الوطني في العالم.  الأجواء التي رافقت ولادة الحركة   لاشك أن ولادة حركة فتح كانت عيرة اعترضتها صعوبات و مشاكل جمة، في الوقت الذي لم يكن فيه سهلا على طلائع قيادتنا التاريخية أن يتخذوا قرارهم التاريخي بتأسيس فتح في ذاك الوقت.  الكفاح المسلح بدلا من الشعارات والمزايدات      يقول الأخ سلیم الزعنون (أبو الأديب ) أحد القادة التاريخيين لثورتنا ومن المؤسسين لحركة فتح عن الظروف التي رافقت انطلاقة الثورة الفلسطينية المسلحة بقيادة فتح في 1/11/1965 بأن مصاعب الانطلاقة كانت جمة ولكن أهمها وجود أكثر من ثلاثين تنظيما كانت جميعها تحمل أسماء وشعارات حول تحریر فلسطين.. بعض تلك التنظيمات كان لا يتعدى حجمها عدد أصابع اليد.. وبالتالي كانت ساحات العمل الفلسطيني غارقة بالمزايدات والشعارات.. مما أدى إلى الخلط بين الغث و السمين ولهذا بطبيعة الحال أثره السلبي على جماهيرية وشعبية أي تنظيم.. مما حتم على قيادة فتح التاريخية القيام بعمل بطولي وشجاع يكون كفيلا بإخراج حركة فتح من دوامة الشعارات والصراعات الحزبية التي سئمتها جماهير شعبنا. ويضيف الأخ أبو الأديب بأنه كان لابد من إطلاق شرارة الكفاح المسلح.. وهذا العمل أو القرار يعتبر مصيريا وخطيرا، حيث كل الظروف المحيطة كانت تعمل ضد هذا الاتجاه .. ثم هناك منظمة التحرير الفلسطينية برئاسة أحمد الشقيري و التي تأسست في 13/1/1964 ، بقرار من القمة العربية في القاهرة، ثم في قمة الاسكندرية سبتمبر/أيلول 1964 تقرر إنشاء جيش التحرير الفلسطيني بقيادة اللواء وجيه المدني، وكان لهذا أثره الفعال-سلبا على وجود التنظيمات المختلفة ، وكان هناك القيادة العربية الموحدة بقيادة الفريق أول علي عامر بقرار من القمة العربية من أجل مواجهة المشاريع الإسرائيلية التحويل مياه نهر الأردن ومنابعه مما يشكل تهديدا للدول العربية .. وهذه القيادة لا تريد لغيرها أن يعمل ضد الإسرائيليين.. ولقد كانت لهذه القيادة قرارات مضادة للعمل الفدائي بعد الانطلاقة:  والحدود المشتركة مع فلسطين المحتلة موصدة في وجه أي عمل مسلح .. والتمويل المادي محدود ويعتمد على اشتراكات الأعضاء فقط، حيث لا أحد يتبرع ماديا لمن لا يعمل .. وأجهزة المخابرات في مناطق التماس مع فلسطين المحتلة تلاحق وتمنع أي إنسان من اختراق الحدود ومهاجمة العدو في الداخل.. ثم هناك الخطر المصيري المحتمل، الذي يتهدد تنظیم فتح بكل وجوده إذا ما فشلت الانطلاقة. العملية الأولى   ويكشف الأخ أبو الأديب اللحظات الحاسمة التي عاشتها ثورتنا ويقول بأنه أمام كل هذه الأخطار كان لابد من اتخاذ القرار المصري و الحاسم.. ولقد اختلف قادة تنظيم فتح حول ذلك .. البعض يؤيد الانطلاقة .. والبعض يحذر .. والبعض متردد .. وفي ظل كل هذه الظروف الصعبة اجتمع قادة فتح من كل الأقاليم وكان اللقاء في مكان ما بالكويت وبعد نقاش طويل ومتشعب وخلال عدة أيام التزم الجميع بقرار الأغلبية وتقرر إطلاق الرصاصة الأولى في ليلة الفاتح من كانون الثاني (يناير) 1965م .. كبداية للثورة الفلسطينية المسلحة من أجل تحرير فلسطين .. ولقد ارتأى المجتمعون تحسبا لأي طارئ أن تكون الانطلاقة تحت اسم غير اسم حركة فتح التي باتت معروفة للجميع وتم اختيار اسم قوات العاصفة، فإذا تحقق النجاح وتواصلت الثورة ونجت من الأخطار المحدقة بها فان الأمر سيوضح بعد ذلك لوسائل الإعلام ولبقية تنظيم فتح حيث إن الأمر كان سريا للغاية ومحصورا في نطاق عدد محدود من قيادة الحركة .. أما لو كان هناك فشل .. فستنجو فتح من الخطر وسيتحمل الاسم الجديد تبعة ذلك الفشل .. ولقد تمت الانطلاقة بحمد الله وتوفيقه وتمكنت مجموعات من قوات العاصفة من تفجير بعض المنشآت التحويلية المياه نهر الأردن في نفق عيلبون وتبعتها عدة عمليات داخل فلسطين المحتلة وفي مناطق متباعدة في الجليل .. وفي بيت جبرين وفي بئر السبع بحيث لم يستطع العدو إلا أن يعترف بما حدث و أعلن عن ذلك من خلال اذاعته .   ويتذكر الأخ أبو الأديب أن القيادة اتخذت قرارا في مواجهة الأعباء المالية اللازمة لتغطية تلك العمليات بأن على كل فرد منتسب الحركة فتح أن يدفع مبلغ خمسين دينارا دعما للعمل العسكري وديمومته.  أصداء العملية   أما عن الصدي الذي أحدثه ذلك العمل فيقول الأخ أبو الأديب ، بأن الفرحة عمت صفوف الشعب الفلسطيني و بدأ الناس يتحدثون باستبشار وسعادة و أمل وهم يرددون الشعار الذي كانت تتركه المجموعات الفدائية الأولى وراءها في مكان العمليات المسلحة " أيها الغزاة الصهاينة.. قوات العاصفة مرت من هنا " وبدأ الشبان ينضمون إلى تنظيم حركة فتح في كل مناطق الشتات وفي قطاع غزة والضفة الغربية مما أدى إلى ذوبان أو تلاشي العديد من التنظيمات .. فالناس كانوا متعطشين لمن يجسد الشعارات إلى عمل بعد أن طال الانتظار واستبد اليأس بالنفوس، لقد كانت فتح بالنسبة للشعب الفلسطيني شعلة الأمل، أما عن الصدی عربيا فلاشك أن الانطلاقة ساعدت في استنهاض النخوة العربية فيات الناس يتبرعون للحركة من أجل تمويل عملياتها البطولية ودعما لأسر الشهداء والجرحى والأسري، وكانت هناك مناصرة دولية محدودة تمثلت بالدرجة الأولى بدعم مادي ومعنوي من قبل جمهورية الصين الشعبية وفيتنام وكوبا، وفي هذا المجال لا يمكننا أن ننسى الدعم الأخوي الصادق من قبل الجزائر الشقيقة وسوريا الحبيبة، حيث كانت لهما وقفات مخلصة ساعدت في إنجاح انطلاقة الثورة الفلسطينية واستمراريتها وتصاعدها بقيادة حركة فتح .  فتح صنعت لشعبنا الهوية السياسية      يقول الأخ زكريا الأغا بأن فتح ولدت من عمق المأساة الفلسطينية في وقت كان فيه الشعب الفلسطيني يعتبر مجرد قطاعات من اللاجئين بدون أي هوية سياسية ومن هنا تولدت الفكرة لدى عدد من القيادات الفلسطينية برئاسة الأخ القائد أبو.. عمار والشهيدين القائدين أبو جهاد وأبو ایاد وكثيرا من الأخوة الذين فكروا كيف يمكن أن يعيدوا الحياة إلى القضية الفلسطينية وان يعملوا على احياء النضال الفلسطيني والبدء بالكفاح المسلح. ويضيف الأغا أن الأفكار التقت بشأن تأسيس فتح على قاعدة الكفاح المسلح لتحرير فلسطين وتحويل شعبنا من مجرد شعب لاجئ إلى شعب من المقاتلين ونضجت الفكرة بعدما اتفق على موعد أول عملية تقوم بها قوات  العاصفة الذراع العسكري لحركة فتح، وكانت العملية بمثابة الإعلان الرسمي لانطلاقة فتح وانطلاقة الكفاح المسلح. وقد كان الاعلان الانطلاقة الفتحاوية وقع في الشارع الفلسطيني داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة فقد أعادت له ثقته بنفسه و احتشدت جماهير غفيرة للتطوع في صفوف فتح لتخوض النضال والكفاح تحت راية فلسطينية بقيادة القائد ياسر عرفات.  الاعتماد على الذات التحرير فلسطين    يقول الأخ مازن عز الدين انعكست بدايات تشكل الواقع العربي القومي باتجاهاته المختلفة التي تضع في اعتباراتها فلسطين، على الواقع الفلسطيني في الشتات، بحيث إن الشباب الفلسطيني حاول أن يجد نفسه في الحزبية العربية، فانضوى تحت أجنحة الأحزاب القومية معتقدا أنها السبيل في حشد موقف عربي من أجل معركة التحرير التي تعيده إلى فلسطين خاصة وأن مفتاح بيته لم يصب بالصدأ في تلك الأيام، وبالتالي كانت فكرة الوحدة العربية هي الطريق الحتمي التحرير فلسطين، ولكن مع طول المدة وانتظار الجيوش العربية التحرير فلسطين بدأ الملل يدخل في صفوف الشباب الفلسطيني، وبدأت تتشكل في أوساط الطبقات الأكثر وعيا من شعبنا الفلسطيني وتحديدا اتحاد طلاب فلسطين مجموعة من الأفكار المنسجمة مع واقعنا الفلسطيني والتي ترافقت مع نمو حركات التحرر العالمية و العربية مثل موجة المد القومي في اليمن والجزائر ومصر وثورات فيتنام وكمبوديا مما عكس ذلك على بدايات تشكل النواة الثورية الفلسطينية في الطبقات الأكثر وعيا.. ومن هنا جاءت فكرة الاعتماد على الذات بضرورة وجود حركة أو تنظيم فلسطيني يقاتل ويقاوم ويقلب المعادلة. ويضيف الأخ عز الدين بأن حركة فتح لم تكن بديلا عن منظمة التحرير الفلسطينية فالمنظمة جاءت کرد عربي على تحویل روافد مجرى نهر الأردن وكتعبير عن أفكار الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وتتويجا لفكره القومي باتجاه فلسطين الذي كان يعتبرها العمود الفقري للفكر القومي، وتم تشكيل جيش لها أطلق عليه اسم جيش التحرير الفلسطيني وكان منضويا تحت قيادة أركان الدول العربية التي يتواجد على أراضيها و مرتبطا بالخطة الرسمية العربية لأنظمة دول الطوق وبالتالي لم يستطع أن يحرك شينا بالنسبة لفلسطين . فجاءت حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح بتشكيلاتها دون أن تتدخل بتشكيلات منظمة التحرير الفلسطينية في بادئ الأمر إلى أن قامت بتفجير الانطلاقة وبداية تشكيل معسكراتها والقيام بعمليات فدائية . ويضيف الأخ عز الدين بعد حدوث نكسة 67 واحتلال باقي فلسطين إضافة إلى احتلال سيناء والجولان، أصبحت اليد الطولى الإرادة الشعب وإرادة الكفاح المسلح، وبالتالي وجب تأميم منظمة التحرير الفلسطينية ليصبح قرارها فلسطينيا محضا، وجرت محاولات عديدة لكي يتلقى جيش التحرير الفلسطيني تعليماته من رئاسة الأركان الفلسطينية وليس من أركان رئاسة الدول العربية المتواجد على أراضيها ، إلى أن جاءت الظروف وأصبح جيش التحرير الفلسطيني تحت إمرة فلسطينية يدافع دفاعا مستميتا عن الثورة الفلسطينية بعد أن قامت فتح بعملية النقل الشرعي لقيادة منظمة التحرير الفلسطينية من قيادة الشهيد المناضل أحمد الشقيري إلى قيادة الرئيس القائد العام یاسر عرفات.  فتح انطلقت باتجاه الوطن       وبدوره يقول الأخ إبراهيم أبو النجا: فرضت نكبة 48، وما ترتب عليها من سلب الأرض الفلسطينية وتهجير للشعب الفلسطيني ، وحالة الضياع التي عانى منها أبناء شعبنا في السنوات الأولى للهجرة، فرضت على الشعب العربي الفلسطيني أن يعيد صنع نفسه من جديد، وقد اضطلع بهذه المهمة كوكبة من المناضلين التقوا فاتفقوا على الخروج من هذا الواقع الأليم وتصويب المسار، | ومن هنا جاء ميلاد التنظيم السياسي الذي سمي بحركة التحرير الوطني الفلسطيني، وقد أخذنا الحروف الأولى للتسمية فتكونت كلمة (حتف) ولكن قلبنا الكلمة وأصبحت فتح، وحروفها تدل على: الفاء فلسطين، والتاء تحرير، والحاء حركة، فالحركة جاءت في الآخر لأنها ستطلع بمهمة التحرير، والفاء جاءت في الأول لأن الهدف الأول هو فلسطين، وحركة فتح عندما تأسست لم يكن المقصود منها أن تكون على غرار التنظيمات السياسية التي سبقتها في التأسيس ولكنها جاءت لتنطلق من العمل السياسي إلى العمل العسكري الذي ترجم على ارض الواقع مع بزوغ فجر 65/1/1 وتفجير الكفاح المسلح لنعلن للعالم أننا انطلقنا باتجاه استرداد فلسطين، وقد حذرنا من أي محاولة تستهدف النيل من عملنا العسكري، وقد رافقت الانطلاقة أدبيات تتمثل في المبادئ والأهداف والشعارات وتعرضت حركة فتح وكوادرها الملاحقات ومطاردات، وزج بهم في السجون. وأضاف أبو النجا إن الإعلان عن الكفاح المسلح وضع طلائعنا الفلسطينية الذين أصبحوا فيما بعد قادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح وعلى رأسهم الأخ القائد أبو عمار ورفيق دربه الشهيد القائد خليل الوزير (أبو جهاد) وبقية الأخوة في وضع يصدق فيهم قوله تعالى و من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا.  ويوضح أبو النجا بأن انطلاقة فتح ليست بديلا عن العمل العربي المشترك فنحن رأس الحربة التحرير فلسطين حيث تلقف أبناء شعبنا الفلسطيني في كافة أماكن تواجده نبأ الانطلاقة بتلهف وتأييد كبير ويحدوهم الأمل بأن هذا هو الطريق لتحرير فلسطين ونیل حقوقنا الوطنية وبدأوا بالالتحاق بصفوف الحركة، حيث كان للفدائيين العديد من المعارك والعمليات العسكرية التي أوجعت الاحتلال، وكان الفدائيون يمارسون حرب العصابات ولم يمارسوا الحرب النظامية حيث دخلت العلم العسكري النظرية الفلسطينية بأن الصمود المدعوم بالحق هو الأساس وواجه مقاتلونا بأسلحتهم الخفيفة الفردية الآليات والطائرات وكل أشكال الحملة الصهيونية، لم نتكلم نحن عن النتائج بقدر ما تكلم العدو نفسه وبقدر ما تكلم المراقبون العسكريون والسياسيون، وشكلت عملياتنا انعطافا جديدا في فهم العالم كله لخصوصية وطبيعة قضيتنا مما أدى إلى الالتحام الشعبي بالثورة الفلسطينية وبدأت المعادلة في التغيير والنظرة تختلف من شعب لاجئ إلى شعب يمارس الكفاح من أجل عودته إلى أرضه، وكان على الثورة أن تستوعب المناضلين الذين التحقوا بها وأن تقيم المؤسسات في الوقت الذي كثرت فيه أعباء الثورة الفلسطينية واستطاعت أن تبني المؤسسة العسكرية وتوابعها،  وهذه النقلة الجديدة جعلتنا،  مستهدفين من بعض القوى التي لم يكن هدفها تحرير الوطن سواء كانت على الصعيد المحلي أو على الصعيد القومي واستمر النضال الفلسطيني وكانت العمليات ليلية وبشكل مكثف وأذكر هنا عمليات الحزام الأخضر حيث أخذت شكل المواجهة العسكرية الحقيقية غرب النهر التي قادها الأخ أبو عمار والأخ أبو جهاد و الأخ أبو صبري، وكل القيادة الفلسطينية كان عليها أن تدخل إلى الداخل التبني الخلايا السرية وتمدها بالأسلحة مما أضفى على نضالنا وقتالنا شينا متميزا حيث أن القيادات السياسية والعسكرية كانت تضطلع بهذا الدور في البناء والتأسيس وإقامة القواعد و تثبيت التنظيم السري في التعبئة و التحريض.  انطلاقة فتح كسرت الجمود والتراجع      يقول الأخ أبو ماهر حلس بأن میلاد حركة فتح وتحديدا انطلاقتها العسكرية كان في ظل ظروف عربية واقليمية تكيفت مع وجود کیان اسرائيلي وكأنها أمر واقع، وأن العمل المسلح هو مغامرة محكوم عليها بالفشل، وجاءت انطلاقة فتح لتكسر هذه المفاهيم وتستبدلها بمفهوم ثوري جديد يعتمد على الكفاح المسلح. ويضيف الأخ أبو ماهر بأن من أطواق السلامة اللي اعتمدتها فتح وضمن منطلقاتها الأساسية هي حفاظها على استقلالية القرار الوطني الفلسطيني، وقد مارست هذا الشعار في كل مراحل العمل الوطني، فهي لم تتدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة إضافة إلى أنها لم تسمح بالتدخل في الشؤون الداخلية الفلسطينية بغض النظر عن حجم التحالف مع هذا | النظام أو ذاك، وقد كانت فتح وقيادتها دائما مرشحة للإسهام الايجابي في حل الكثير من الخلافات العربية .  وما يميز حركة فتح هو أنها صاحبة المبادرة التاريخية في كل مراحل العمل الوطني، فعندما | اختارت الكفاح المسلح، كان هذا | بمثابة مغامرة في نظر الآخرين، | لكن سرعان ما لحق بها الجميع وثبتت صحة النظرية الفتحاوية، | وحينما اختارت السلام كان أيضا السلام مجازفة تاريخية، ولكن سرعان ما اتضحت صحة الخطوة التي اتخذتها قيادتنا الفلسطينية | وعلى رأسها الأخ القائد أبو عمار في كل المراحل سواء معركة الحرب أو السلام، فهي تنطلق من رؤى واضحة لأهدافها الوطنية وللمصلحة العليا لشعبنا ضمن قراءة واقعية لظروف شعبنا.  واعتمدت فتح المرونة في التكتيك وصلابة استراتيجية وثبات على الهدف والمبادئ، وما يتغير فهو شعارات وأساليب، حتى نصل إلى اقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.  فتح حملت ميراث الأمة   ومن جهته يرى الأخ سليم الزريعي الذي أمضى خمسة وعشرين عاما في السجون الإسرائيلية أن الحديث عن حركة فتح ذو شجون، ففتح ولدت من رحم المعاناة وفي مرحلة أسمناها بمرحلة الاستقرار المنظومي، هذه المرحلة التي طغت فيها فكرة العمل القومي على كل ما عداها، وحينما استذكر تلك المرحلة في تلك الظروف لا يسعني إلا أن أقول إن قرار انطلاقة فتح وقرار تشكيل طلائع قوات العاصفة كان قرارا يرقى إلى مستوى المرحلة وكان قرارا شجاعا لا يجرؤ على اتخاذه إلا تلك القيادة التاريخية التي قادت النضال الفلسطيني وحملت حلم الإنسان الفلسطيني وهمومه وكانت بمستوى حمل أمانة ميراث الأمة وصون التاريخ الفلسطيني من الاندثار.  ويضيف الزريعي إنه في تلك الفترة أسهمت الأنظمة العربية بما طرحته من مفاهيم في تغييب الدور الفلسطيني والذي يفترض أن يكون هو الدور الأساسي، وتبقى الجبهة العربية داعمة ومساندة تقف إلى جانب نضال شعبنا وتدعم كفاحه، وقد أثبتت الأيام والمعارك التي تلت ذلك صحة هذه المقولة حيث اتهمتنا بعض الأنظمة العربية بأننا قطريون و إقليميون و انفصاليون في ذاك الوقت ورددنا على هذه الادعاءات والاتهامات بأن حركة فتح فلسطينية الوجه عربية القلب والوجدان عالمية الأبعاد والامتدادات، فالمعركة قومية ويجب أن يكون الفلسطيني هو رأس الرمح وأن تكون المعركة تحت قيادة فلسطينية ونذكر عندما دخل جيش الانقاذ فلسطين في الأربعينات أسهم في تحجيم ثورة الفلسطينيين تحت شعار أن المعركة قومية. وتحول جيش الجهاد المقدس الفلسطيني في ذاك الحين إلى مجموعات متناثرة حينما ألغيت قيادته بقرار من جامعة الدول العربية وقالوا إن جيش الإنقاذ هو البديل وانسحب جيش الإنقاذ بقرار عربي وبقي الفلسطينيون ممزقين أمام الحركة الصهيونية، من هنا ندرك أهمية قرار القيادة التاريخية لحركة فتح في أن يتصدر الفلسطينيون النضال من أجل قضيتهم الفلسطينية وهويتهم النضالية.  فتح وهج الجماهير ومشعلها الحقيقي   يقول الأخ أحمد أبو سيف وهو أحد المقاتلين الذين جمعوا بين الانتماء الفتحاوي فكرا ومنهجا وبين الكفاح المسلح عملا وتطبيقا بأن حركة فتح هي المشعل الحقيقي للشعب الفلسطيني وهي وهج الجماهير ويصب نضالها في إطار العمل الفلسطيني من أجل تحرير فلسطين، وكان ثقلنا العسكري موجودا في الأردن بشكل مجموعات سرية.  وبعد حرب 67 نشطت حركة فتح عسكريا ودخلنا بما سمی ( كسر العظم ) مع الإسرائيليين وكانت حرب الكرامة بداية أول تصد عسكري حقيقي للعدو، حيث الحقت الهزيمة به، وهبت الجماهير للالتحاق بصفوفنا، وتطورت القواعد الفدائية في جنوب أربد والرمثا، ومن كان ينظر ليلا إلى أريحا من جبال اربد والناعور يجد منطقة أريحا وقد لفتها أحزمة من النيران فالعمليات بشكل يومي، وكان ينفذون مقاتلونا عملياتهم الفدائية سرا وفي الليل خوفا من اعتراض طريقهم.  ويضيف الأخ أبو سيف بأننا عندما نتكلم عن فتح فإننا نتكلم عن فلسطين ذلك أن فتح استوعبت معظم أبناء الشعب الفلسطيني في صفوفها وكانت بمثابة الأم الحنون، بل إنها كانت تمد التنظيمات الفلسطينية الأخرى بالمال والعتاد لمواصلة مشوارها النضالي من أجل تحرير فلسطين، | وفتح عبارة عن حركة عالمية استطاعت تجنيد الرأي العام الصالح القضية الفلسطينية وكانت تدعم نفسها بنفسها.  انطلاقة فتح حلقة من حلقات النضال الشعبي  يقول الأخ أحمد أبو شاويش بأن الحديث عن انطلاقة فتح يقود إلى السياق التاريخي الذي جاءت فيه الانطلاقة وبروز العمل العسكري فالانطلاقة لم تأت من فراغ وانما هي حلقة من حلقات النضال الفلسطيني الممتد في أعماق التاريخ ، وخاصة منذ وطئت أرض فلسطين اقدام المستيا وطنين الصهاينة في أواخر القرن التاسع عشر، وانطلاقة فتح وانتهاج الكفاح المسلح سبيلا للوصول إلى فلسطين وتحريرها جعل من شعبنا الفلسطيني بدلا من شعب لاجئ شعبا يحترمه العالم .  ويضيف أبو شاويش وإن منعطفات كثيرة اعترضت طريق الثورة بالأرواح والدماء، وتمكنت فتح أن تدحض المقولة الصهيونية بأن فلسطين أرض بلا شعب ، الشعب بلا أرض، واستطاعت فتح بثورتها وبجماهيرها أن تثبت أن هذه الأرض لنا منذ الأزل وحتى الأبد وأن دولتنا الفلسطينية المستقلة قادمة لا محالة وعاصمتها القدس الشريف.  استقلالية القرار الوطني  أما عن استقلالية القرار الوطني الفلسطيني الذي اعتبرته حركة فتح مبدأ من مبادئها الرئيسية... فالهدف كان من أجل الابتعاد عن دائرة الاستقطابات العربية والدولية ضمانا لتأييد الجميع عربيا ودوليا.  فتح فلسطينية المنطلق عربية الانتماء  عن ذلك يقول الأخ سليم الزعنون لقد فهم البعض وربما عن خبث ودهاء أن ذلك يعني نظرة وطنية ضيقة تتنكر القومية القضية الفلسطينية، حيث جرى الطعن في هذا المبدأ وتشويهه بينما حقيقة الأمر كانت تؤكد وباستمرار وبكل الصدق ومنذ البدايات على أن الثورة الفلسطينية بقيادة فتح إنما هي فلسطينية المنطلق عربية الانتماء، ولطالما رددها الأخ قاند الثورة الرئيس یاسر عرفات ومن كل المنابر" إنها فلسطينية الوجه عربية القلب" ولقد عرفت الأمة العربية ذلك، فكان الامتداد الواسع والعميق الحركة فتح في صفوف الأمة العربية من المحيط إلى الخليج، وامتد ذلك الوجود إلى كل شعوب الأمة الإسلامية و أما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض .  لا للوصاية .. ولا للتبعية .. ولا للاحتواء  يقول الأخ مازن عز الدين بدأت حركة فتح تحت عناوین واضحة في منطلقاتها الاستراتيجية حيث خاطبت بعدنا العربي، الذي يعتبر القاعدة الارتكازية الأساسية فحركة فتح لم تكن تبحث فقط عن القرار الفلسطيني المستقل و انما الضرورات التفاوضية والضرورات السياسية كانت تفرض على القيادة الفلسطينية إيجاد هامش هام وواسع للمناورة أطلق عليه القرار الوطني الفلسطيني المستقل وفتح رفعت شعارات واضحة بأن الثورة الفلسطينية فلسطينية الوجه عربية القلب، وعندما بدأت الطروحات السياسية لتبرير الاعتراف بقراري 242، 338 ودخولنا في مراحل تسوية بعد عام 73، جعلنا نخوض عملية التمایز نظرا لأن كل الأقطار العربية التي تتواجد على أرضها لها هامش في الإطار القومي ولكن لها هامشا في صنع قرارها الداخلي أيضا.  ويضيف الأخ عز الدين بأنه منعا للمصادرة والاحتواء فقد طبقنا شعارات فتح الأولى التي تستند الى ثلاثة أعمدة أساسية وهي لا للوصاية، لا للتبعية، لا للاحتواء، ورفعنا شعار استراتيجيا بأننا نرفض التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية وكذلك نرفض أن يتدخل أحد في شؤوننا الداخلية، إلى أن جاءت معركة بيروت حيث دافعنا عن قرارنا الوطني وخضنا معركة طرابلس كذلك دفاعا عن قرارنا الوطني الفلسطيني.  استقلالية حركة فتح  أما الأخ زكريا الأغا فقال إن حركة فتح خاضت معارك كثيرة للحفاظ على قرارنا الفلسطيني المستقل فمنذ اللحظة الأولى كانت تشعر أنه لكي تنجح ولكي تعبر تعبيرا صادقا عن آمال وطموحات الشعب الفلسطيني يجب أن تكون بعيدة عن الاحتواء، هذا ليس انفصالا عن العالم العربي، لكن فتح منذ اللحظة الأولى قررت واكدت استقلاليتها وكان هذا واضحا منذ اللحظة الأولى وحتی الآن .  أضاف الأغا: لا أحد يستطيع أن يحسب حركة فتح على أي نظام عربي حتى عندما تأزمت الأمور مع المنشقين في ۸۳ وحينما حاولت بعض الأنظمة العربية تقييد منظمة التحرير الفلسطينية واصابتها بالشلل، قامت حركة فتح ومعها جميع الأخوة من الفصائل الفلسطينية التي كانت تقف إلى جانبها لتعلن وتؤكد على ضرورة الخروج من هذا الوضع الذي وجدت المنظمة نفسها فيه بعد الانشقاق، فكان المؤتمر الفلسطيني السابع عشر الذي عقد في عمان والذي أخرج المنظمة من الشلل، وهذه الدورة أكدت أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني بقيادة الأخ أبو عمار، وسميت هذه الدورة بدورة القرار الوطني الفلسطيني المستقل والذي لاقت فيها تجاوبا جماهيريا كبيرا في الأراضي الفلسطينية المحتلة وقاموا بمظاهرات وسقط الشهداء بمن فيهم شهيد القرار الوطني الفلسطيني (شرف الطيبي).  فتح بانطلاقتها تفجر المسار التاريخي للمنطقة  يقول الأخ سلیم الزعنون، لقد أثرت فتح بالفعل في المسار التاريخي للشرق الأوسط... سواء من حيث الحروب التي اشتعلت في المنطقة أو من خلال فرض وجود الثورة الفلسطينية من جهة أخرى على خريطة المنطقة بل وعلى الخريطة العالمية بالنسبة البؤر الصراع في العالم.  وأما عن الانتقال بالنضال الفلسطيني من الشتات إلى أرض الوطن فهذا أصبح حقيقة واقعة لا يستطيع أحد إنكارها، فبعد العودة إلى أرض الوطن من خلال اتفاقات السلام مع حكومة إسرائيل العمالية بزعامة اسحق رابين وشمعون بيريس في أوسلو والقاهرة وطابا سنة ۱۹۹۳، فإن الجسم المسلح للثورة الفلسطينية قد عاد بسلاحه إلى أرض الوطن ليكون طليعة لعودة الشعب الفلسطيني كله.  ويشير الأخ أبو الأديب إلى اتفاقات أوسلو بأنه لا أحد ينكر ما تقوم به طلائع شعبنا المتمثلة في السلطة الوطنية الفلسطينية ورموزها بقيادة الأخ الرئيس یاسر عرفات والأعضاء المنتخبين من قبل شعبنا في المجلس التشريعي المنضوي تحت مظلة المجلس الوطني الفلسطيني الذي يعتبر خيمة الشرعية الفلسطينية في داخل الوطن والشتات، فالكل يشاهد بأم عينيه صباح مساء كيف يواجه شعبنا جنود الاحتلال وفي طليعة المواجهة يقف اخواننا رموز السلطة الوطنية وأعضاء المجلس التشريعي والوطني وكل رجال الأمن الذين هم فدائيو الأمس حيث التصدي للممارسات الاسرائيلية المتنكرة لكل الاتفاقات و المواثيق الدولية والانسانية، انه الصراع من فوق أرض الوطن الذي يتعرض لمؤامرات التهديد وطمس الهوية الفلسطينية، إنها معركة تجسيد الهوية الفلسطينية وإرساء قواعد الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف فوق أرض فلسطين ووجها لوجه مع قوات الاحتلال وأساليبه القمعية.  ويتساءل الأخ أبو الأديب هل هناك ما هو أفضل و أروع وأصدق من معايشة القيادة لشعبها في كفاحه ومعاناته وصنع مستقبله..؟؟  وهل كانت فتح الأمس صاحبة شعار "ثورة حتی النصر" غير فتح اليوم التي ما زالت تخوض هذه الثورة ومن فوق أرض فلسطين من أجل النصر وبناء دولة فلسطين...؟!  ما حققته فتح من مبادئها وأهدافها  عن ذلك يقول الأخ سليم الزعنون بأنه يكفي أن نذكر بحال الشعب الفلسطيني وثورته في أعقاب حرب العراق - الكويت.. لقد كانت هناك مؤامرة لإلغاء الوجود الفلسطيني، حيث جرى تهميش الدور الفلسطيني في مؤتمر مدريد للسلام.. لكننا سرعان ما أثبتنا وجودنا وأصبحنا الرقم الصعب - كما يقولها الأخ الرئيس أبو عمار الذي لا يمكن تجاهله، وها نحن على أرضنا قيادة ومقاتلين ومعنا أكثر من خمسين الفا من أبناء شعبنا المشردين قد عادوا إلى أرض الوطن طليعة العودة كل الشعب الفلسطيني .. و العالم كله يؤازرنا ويقف معنا، حيث انقلبت المعادلة وبات الإسرائيليون في ظل زعامتهم اليمينية المتطرفة محاصرين في كل المجالات الدولية، والأهم من كل هذا .. هو أننا نمارس حقنا المشروع في النضال وبناء دولتنا المستقلة من فوق أرضنا والشرعية الدولية كلها تقف إلى جانبنا.  ويستبشر الأخ أبو الأديب خيرا ويقول قريبا إن شاء الله.. سيشهد العالم قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف .. لأنها باتت مطلبا دوليا أيضا حتى إنه صارت هناك قناعات عند قطاع كبير من القادة و الشارع الإسرائيلي بضرورة قيام دولتنا الفلسطينية باعتبار ذلك حاجة ملحة لإقرار السلام في المنطقة، فالنضال الثوري دائما له أهدافه المرحلية والاستراتيجية المتمثلة في إقامة دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.. وعودة أبناء شعبنا في الشتات إلى أرض الوطن وما يتبع ذلك من مطالبة بحقوقنا المشروعة في أرضنا المغتصبة و أملاكنا المسلوبة.  من شعب لاجئ إلى شعب ذى سيادة   يقول الأخ زكريا الأغا بأن أكبر انجاز لمبادئ فتح وأهدافها هو أن القيادة الفلسطينية فوق الثرى الفلسطيني والسلطة الوطنية هي المقدمة الطبيعية والأكيدة للدولة الفلسطينية حيث إن آمالنا زادت في قيامها فقد تحولنا من شعب لاجئ إلى شعب ذي سيادة وطنية، وأصبح الجميع يعترف بنا ككيان، فالعلم الفلسطيني يرفرف فوق ربوع الوطن والمواطن يسافر بجواز سفر فلسطيني، وكلنا ثقة بالأخ القائد ياسر عرفات لنصل إلى القدس الشريف عاصمة دولتنا الفلسطينية.             نشر بتاريخ - يناير - 1997 - مجلة الرأي - عدد 7

 يقول الأخ سلیم الزعنون (أبو الأديب ) أحد القادة التاريخيين لثورتنا ومن المؤسسين لحركة فتح عن الظروف التي رافقت انطلاقة الثورة الفلسطينية المسلحة بقيادة فتح في 1/11/1965 بأن مصاعب الانطلاقة كانت جمة ولكن أهمها وجود أكثر من ثلاثين تنظيما كانت جميعها تحمل أسماء وشعارات حول تحریر فلسطين.. بعض تلك التنظيمات كان لا يتعدى حجمها عدد أصابع اليد.. وبالتالي كانت ساحات العمل الفلسطيني غارقة بالمزايدات والشعارات.. مما أدى إلى الخلط بين الغث و السمين ولهذا بطبيعة الحال أثره السلبي على جماهيرية وشعبية أي تنظيم.. مما حتم على قيادة فتح التاريخية القيام بعمل بطولي وشجاع يكون كفيلا بإخراج حركة فتح من دوامة الشعارات والصراعات الحزبية التي سئمتها جماهير شعبنا. ويضيف الأخ أبو الأديب بأنه كان لابد من إطلاق شرارة الكفاح المسلح.. وهذا العمل أو القرار يعتبر مصيريا وخطيرا، حيث كل الظروف المحيطة كانت تعمل ضد هذا الاتجاه .. ثم هناك منظمة التحرير الفلسطينية برئاسة أحمد الشقيري و التي تأسست في 13/1/1964 ، بقرار من القمة العربية في القاهرة، ثم في قمة الاسكندرية سبتمبر/أيلول 1964 تقرر إنشاء جيش التحرير الفلسطيني بقيادة اللواء وجيه المدني، وكان لهذا أثره الفعال-سلبا على وجود التنظيمات المختلفة ، وكان هناك القيادة العربية الموحدة بقيادة الفريق أول علي عامر بقرار من القمة العربية من أجل مواجهة المشاريع الإسرائيلية التحويل مياه نهر الأردن ومنابعه مما يشكل تهديدا للدول العربية .. وهذه القيادة لا تريد لغيرها أن يعمل ضد الإسرائيليين.. ولقد كانت لهذه القيادة قرارات مضادة للعمل الفدائي بعد الانطلاقة:  والحدود المشتركة مع فلسطين المحتلة موصدة في وجه أي عمل مسلح .. والتمويل المادي محدود ويعتمد على اشتراكات الأعضاء فقط، حيث لا أحد يتبرع ماديا لمن لا يعمل .. وأجهزة المخابرات في مناطق التماس مع فلسطين المحتلة تلاحق وتمنع أي إنسان من اختراق الحدود ومهاجمة العدو في الداخل.. ثم هناك الخطر المصيري المحتمل، الذي يتهدد تنظیم فتح بكل وجوده إذا ما فشلت الانطلاقة.

العملية الأولى

 ويكشف الأخ أبو الأديب اللحظات الحاسمة التي عاشتها ثورتنا ويقول بأنه أمام كل هذه الأخطار كان لابد من اتخاذ القرار المصري و الحاسم.. ولقد اختلف قادة تنظيم فتح حول ذلك .. البعض يؤيد الانطلاقة .. والبعض يحذر .. والبعض متردد .. وفي ظل كل هذه الظروف الصعبة اجتمع قادة فتح من كل الأقاليم وكان اللقاء في مكان ما بالكويت وبعد نقاش طويل ومتشعب وخلال عدة أيام التزم الجميع بقرار الأغلبية وتقرر إطلاق الرصاصة الأولى في ليلة الفاتح من كانون الثاني (يناير) 1965م .. كبداية للثورة الفلسطينية المسلحة من أجل تحرير فلسطين .. ولقد ارتأى المجتمعون تحسبا لأي طارئ أن تكون الانطلاقة تحت اسم غير اسم حركة فتح التي باتت معروفة للجميع وتم اختيار اسم قوات العاصفة، فإذا تحقق النجاح وتواصلت الثورة ونجت من الأخطار المحدقة بها فان الأمر سيوضح بعد ذلك لوسائل الإعلام ولبقية تنظيم فتح حيث إن الأمر كان سريا للغاية ومحصورا في نطاق عدد محدود من قيادة الحركة .. أما لو كان هناك فشل .. فستنجو فتح من الخطر وسيتحمل الاسم الجديد تبعة ذلك الفشل .. ولقد تمت الانطلاقة بحمد الله وتوفيقه وتمكنت مجموعات من قوات العاصفة من تفجير بعض المنشآت التحويلية المياه نهر الأردن في نفق عيلبون وتبعتها عدة عمليات داخل فلسطين المحتلة وفي مناطق متباعدة في الجليل .. وفي بيت جبرين وفي بئر السبع بحيث لم يستطع العدو إلا أن يعترف بما حدث و أعلن عن ذلك من خلال اذاعته .

 ويتذكر الأخ أبو الأديب أن القيادة اتخذت قرارا في مواجهة الأعباء المالية اللازمة لتغطية تلك العمليات بأن على كل فرد منتسب الحركة فتح أن يدفع مبلغ خمسين دينارا دعما للعمل العسكري وديمومته.

أصداء العملية

 أما عن الصدي الذي أحدثه ذلك العمل فيقول الأخ أبو الأديب ، بأن الفرحة عمت صفوف الشعب الفلسطيني و بدأ الناس يتحدثون باستبشار وسعادة و أمل وهم يرددون الشعار الذي كانت تتركه المجموعات الفدائية الأولى وراءها في مكان العمليات المسلحة " أيها الغزاة الصهاينة.. قوات العاصفة مرت من هنا " وبدأ الشبان ينضمون إلى تنظيم حركة فتح في كل مناطق الشتات وفي قطاع غزة والضفة الغربية مما أدى إلى ذوبان أو تلاشي العديد من التنظيمات .. فالناس كانوا متعطشين لمن يجسد الشعارات إلى عمل بعد أن طال الانتظار واستبد اليأس بالنفوس، لقد كانت فتح بالنسبة للشعب الفلسطيني شعلة الأمل، أما عن الصدی عربيا فلاشك أن الانطلاقة ساعدت في استنهاض النخوة العربية فيات الناس يتبرعون للحركة من أجل تمويل عملياتها البطولية ودعما لأسر الشهداء والجرحى والأسري، وكانت هناك مناصرة دولية محدودة تمثلت بالدرجة الأولى بدعم مادي ومعنوي من قبل جمهورية الصين الشعبية وفيتنام وكوبا، وفي هذا المجال لا يمكننا أن ننسى الدعم الأخوي الصادق من قبل الجزائر الشقيقة وسوريا الحبيبة، حيث كانت لهما وقفات مخلصة ساعدت في إنجاح انطلاقة الثورة الفلسطينية واستمراريتها وتصاعدها بقيادة حركة فتح .

فتح صنعت لشعبنا الهوية السياسية

 

إستطلاع : محمد توفيق أحمد كريزم  في ذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية  اثنان وثلاثون عاما من النضال والكفاح  فتح ثورة فلسطينية الوجه . عربية العمق . عالمية البعد  فتع بقيادة الرمز أبو عمار - صانعة الثورة – وصانعة السلام       منذ فجرت حركة فتح الثورة الفلسطينية المعاصرة وشلال دماء شهداء ثورتنا ما انفك يتدفق ويفيض راسما الخارطة الجديدة للمنطقة بأسرها .   وعندما أطلقت فتح رصاصاتها الأولى لتطرح منطلقاتها الاستراتيجية التي حددت من خلالها أولوية تحرير فلسطين باتباع اسلوب الكفاح المسلح وتوحيد نضال الجماهير قلبت بذلك رأسا على عقب مجموعة المنطلقات الاستراتيجية التي سادت الوطن العربي حول قضية فلسطين وأدخلت المنطقة العربية برمتها في مرحلة جديدة تمتاز بالصراع الساخن ، وبرهنت على أن الثورة الفلسطينية .. فلسطينية الوجه.. عربية العمق.. عالمية البعد، مما جعلها في وضع فريد ضمن حركات التحرر الوطني في العالم.  الأجواء التي رافقت ولادة الحركة   لاشك أن ولادة حركة فتح كانت عيرة اعترضتها صعوبات و مشاكل جمة، في الوقت الذي لم يكن فيه سهلا على طلائع قيادتنا التاريخية أن يتخذوا قرارهم التاريخي بتأسيس فتح في ذاك الوقت.  الكفاح المسلح بدلا من الشعارات والمزايدات      يقول الأخ سلیم الزعنون (أبو الأديب ) أحد القادة التاريخيين لثورتنا ومن المؤسسين لحركة فتح عن الظروف التي رافقت انطلاقة الثورة الفلسطينية المسلحة بقيادة فتح في 1/11/1965 بأن مصاعب الانطلاقة كانت جمة ولكن أهمها وجود أكثر من ثلاثين تنظيما كانت جميعها تحمل أسماء وشعارات حول تحریر فلسطين.. بعض تلك التنظيمات كان لا يتعدى حجمها عدد أصابع اليد.. وبالتالي كانت ساحات العمل الفلسطيني غارقة بالمزايدات والشعارات.. مما أدى إلى الخلط بين الغث و السمين ولهذا بطبيعة الحال أثره السلبي على جماهيرية وشعبية أي تنظيم.. مما حتم على قيادة فتح التاريخية القيام بعمل بطولي وشجاع يكون كفيلا بإخراج حركة فتح من دوامة الشعارات والصراعات الحزبية التي سئمتها جماهير شعبنا. ويضيف الأخ أبو الأديب بأنه كان لابد من إطلاق شرارة الكفاح المسلح.. وهذا العمل أو القرار يعتبر مصيريا وخطيرا، حيث كل الظروف المحيطة كانت تعمل ضد هذا الاتجاه .. ثم هناك منظمة التحرير الفلسطينية برئاسة أحمد الشقيري و التي تأسست في 13/1/1964 ، بقرار من القمة العربية في القاهرة، ثم في قمة الاسكندرية سبتمبر/أيلول 1964 تقرر إنشاء جيش التحرير الفلسطيني بقيادة اللواء وجيه المدني، وكان لهذا أثره الفعال-سلبا على وجود التنظيمات المختلفة ، وكان هناك القيادة العربية الموحدة بقيادة الفريق أول علي عامر بقرار من القمة العربية من أجل مواجهة المشاريع الإسرائيلية التحويل مياه نهر الأردن ومنابعه مما يشكل تهديدا للدول العربية .. وهذه القيادة لا تريد لغيرها أن يعمل ضد الإسرائيليين.. ولقد كانت لهذه القيادة قرارات مضادة للعمل الفدائي بعد الانطلاقة:  والحدود المشتركة مع فلسطين المحتلة موصدة في وجه أي عمل مسلح .. والتمويل المادي محدود ويعتمد على اشتراكات الأعضاء فقط، حيث لا أحد يتبرع ماديا لمن لا يعمل .. وأجهزة المخابرات في مناطق التماس مع فلسطين المحتلة تلاحق وتمنع أي إنسان من اختراق الحدود ومهاجمة العدو في الداخل.. ثم هناك الخطر المصيري المحتمل، الذي يتهدد تنظیم فتح بكل وجوده إذا ما فشلت الانطلاقة. العملية الأولى   ويكشف الأخ أبو الأديب اللحظات الحاسمة التي عاشتها ثورتنا ويقول بأنه أمام كل هذه الأخطار كان لابد من اتخاذ القرار المصري و الحاسم.. ولقد اختلف قادة تنظيم فتح حول ذلك .. البعض يؤيد الانطلاقة .. والبعض يحذر .. والبعض متردد .. وفي ظل كل هذه الظروف الصعبة اجتمع قادة فتح من كل الأقاليم وكان اللقاء في مكان ما بالكويت وبعد نقاش طويل ومتشعب وخلال عدة أيام التزم الجميع بقرار الأغلبية وتقرر إطلاق الرصاصة الأولى في ليلة الفاتح من كانون الثاني (يناير) 1965م .. كبداية للثورة الفلسطينية المسلحة من أجل تحرير فلسطين .. ولقد ارتأى المجتمعون تحسبا لأي طارئ أن تكون الانطلاقة تحت اسم غير اسم حركة فتح التي باتت معروفة للجميع وتم اختيار اسم قوات العاصفة، فإذا تحقق النجاح وتواصلت الثورة ونجت من الأخطار المحدقة بها فان الأمر سيوضح بعد ذلك لوسائل الإعلام ولبقية تنظيم فتح حيث إن الأمر كان سريا للغاية ومحصورا في نطاق عدد محدود من قيادة الحركة .. أما لو كان هناك فشل .. فستنجو فتح من الخطر وسيتحمل الاسم الجديد تبعة ذلك الفشل .. ولقد تمت الانطلاقة بحمد الله وتوفيقه وتمكنت مجموعات من قوات العاصفة من تفجير بعض المنشآت التحويلية المياه نهر الأردن في نفق عيلبون وتبعتها عدة عمليات داخل فلسطين المحتلة وفي مناطق متباعدة في الجليل .. وفي بيت جبرين وفي بئر السبع بحيث لم يستطع العدو إلا أن يعترف بما حدث و أعلن عن ذلك من خلال اذاعته .   ويتذكر الأخ أبو الأديب أن القيادة اتخذت قرارا في مواجهة الأعباء المالية اللازمة لتغطية تلك العمليات بأن على كل فرد منتسب الحركة فتح أن يدفع مبلغ خمسين دينارا دعما للعمل العسكري وديمومته.  أصداء العملية   أما عن الصدي الذي أحدثه ذلك العمل فيقول الأخ أبو الأديب ، بأن الفرحة عمت صفوف الشعب الفلسطيني و بدأ الناس يتحدثون باستبشار وسعادة و أمل وهم يرددون الشعار الذي كانت تتركه المجموعات الفدائية الأولى وراءها في مكان العمليات المسلحة " أيها الغزاة الصهاينة.. قوات العاصفة مرت من هنا " وبدأ الشبان ينضمون إلى تنظيم حركة فتح في كل مناطق الشتات وفي قطاع غزة والضفة الغربية مما أدى إلى ذوبان أو تلاشي العديد من التنظيمات .. فالناس كانوا متعطشين لمن يجسد الشعارات إلى عمل بعد أن طال الانتظار واستبد اليأس بالنفوس، لقد كانت فتح بالنسبة للشعب الفلسطيني شعلة الأمل، أما عن الصدی عربيا فلاشك أن الانطلاقة ساعدت في استنهاض النخوة العربية فيات الناس يتبرعون للحركة من أجل تمويل عملياتها البطولية ودعما لأسر الشهداء والجرحى والأسري، وكانت هناك مناصرة دولية محدودة تمثلت بالدرجة الأولى بدعم مادي ومعنوي من قبل جمهورية الصين الشعبية وفيتنام وكوبا، وفي هذا المجال لا يمكننا أن ننسى الدعم الأخوي الصادق من قبل الجزائر الشقيقة وسوريا الحبيبة، حيث كانت لهما وقفات مخلصة ساعدت في إنجاح انطلاقة الثورة الفلسطينية واستمراريتها وتصاعدها بقيادة حركة فتح .  فتح صنعت لشعبنا الهوية السياسية      يقول الأخ زكريا الأغا بأن فتح ولدت من عمق المأساة الفلسطينية في وقت كان فيه الشعب الفلسطيني يعتبر مجرد قطاعات من اللاجئين بدون أي هوية سياسية ومن هنا تولدت الفكرة لدى عدد من القيادات الفلسطينية برئاسة الأخ القائد أبو.. عمار والشهيدين القائدين أبو جهاد وأبو ایاد وكثيرا من الأخوة الذين فكروا كيف يمكن أن يعيدوا الحياة إلى القضية الفلسطينية وان يعملوا على احياء النضال الفلسطيني والبدء بالكفاح المسلح. ويضيف الأغا أن الأفكار التقت بشأن تأسيس فتح على قاعدة الكفاح المسلح لتحرير فلسطين وتحويل شعبنا من مجرد شعب لاجئ إلى شعب من المقاتلين ونضجت الفكرة بعدما اتفق على موعد أول عملية تقوم بها قوات  العاصفة الذراع العسكري لحركة فتح، وكانت العملية بمثابة الإعلان الرسمي لانطلاقة فتح وانطلاقة الكفاح المسلح. وقد كان الاعلان الانطلاقة الفتحاوية وقع في الشارع الفلسطيني داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة فقد أعادت له ثقته بنفسه و احتشدت جماهير غفيرة للتطوع في صفوف فتح لتخوض النضال والكفاح تحت راية فلسطينية بقيادة القائد ياسر عرفات.  الاعتماد على الذات التحرير فلسطين    يقول الأخ مازن عز الدين انعكست بدايات تشكل الواقع العربي القومي باتجاهاته المختلفة التي تضع في اعتباراتها فلسطين، على الواقع الفلسطيني في الشتات، بحيث إن الشباب الفلسطيني حاول أن يجد نفسه في الحزبية العربية، فانضوى تحت أجنحة الأحزاب القومية معتقدا أنها السبيل في حشد موقف عربي من أجل معركة التحرير التي تعيده إلى فلسطين خاصة وأن مفتاح بيته لم يصب بالصدأ في تلك الأيام، وبالتالي كانت فكرة الوحدة العربية هي الطريق الحتمي التحرير فلسطين، ولكن مع طول المدة وانتظار الجيوش العربية التحرير فلسطين بدأ الملل يدخل في صفوف الشباب الفلسطيني، وبدأت تتشكل في أوساط الطبقات الأكثر وعيا من شعبنا الفلسطيني وتحديدا اتحاد طلاب فلسطين مجموعة من الأفكار المنسجمة مع واقعنا الفلسطيني والتي ترافقت مع نمو حركات التحرر العالمية و العربية مثل موجة المد القومي في اليمن والجزائر ومصر وثورات فيتنام وكمبوديا مما عكس ذلك على بدايات تشكل النواة الثورية الفلسطينية في الطبقات الأكثر وعيا.. ومن هنا جاءت فكرة الاعتماد على الذات بضرورة وجود حركة أو تنظيم فلسطيني يقاتل ويقاوم ويقلب المعادلة. ويضيف الأخ عز الدين بأن حركة فتح لم تكن بديلا عن منظمة التحرير الفلسطينية فالمنظمة جاءت کرد عربي على تحویل روافد مجرى نهر الأردن وكتعبير عن أفكار الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وتتويجا لفكره القومي باتجاه فلسطين الذي كان يعتبرها العمود الفقري للفكر القومي، وتم تشكيل جيش لها أطلق عليه اسم جيش التحرير الفلسطيني وكان منضويا تحت قيادة أركان الدول العربية التي يتواجد على أراضيها و مرتبطا بالخطة الرسمية العربية لأنظمة دول الطوق وبالتالي لم يستطع أن يحرك شينا بالنسبة لفلسطين . فجاءت حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح بتشكيلاتها دون أن تتدخل بتشكيلات منظمة التحرير الفلسطينية في بادئ الأمر إلى أن قامت بتفجير الانطلاقة وبداية تشكيل معسكراتها والقيام بعمليات فدائية . ويضيف الأخ عز الدين بعد حدوث نكسة 67 واحتلال باقي فلسطين إضافة إلى احتلال سيناء والجولان، أصبحت اليد الطولى الإرادة الشعب وإرادة الكفاح المسلح، وبالتالي وجب تأميم منظمة التحرير الفلسطينية ليصبح قرارها فلسطينيا محضا، وجرت محاولات عديدة لكي يتلقى جيش التحرير الفلسطيني تعليماته من رئاسة الأركان الفلسطينية وليس من أركان رئاسة الدول العربية المتواجد على أراضيها ، إلى أن جاءت الظروف وأصبح جيش التحرير الفلسطيني تحت إمرة فلسطينية يدافع دفاعا مستميتا عن الثورة الفلسطينية بعد أن قامت فتح بعملية النقل الشرعي لقيادة منظمة التحرير الفلسطينية من قيادة الشهيد المناضل أحمد الشقيري إلى قيادة الرئيس القائد العام یاسر عرفات.  فتح انطلقت باتجاه الوطن       وبدوره يقول الأخ إبراهيم أبو النجا: فرضت نكبة 48، وما ترتب عليها من سلب الأرض الفلسطينية وتهجير للشعب الفلسطيني ، وحالة الضياع التي عانى منها أبناء شعبنا في السنوات الأولى للهجرة، فرضت على الشعب العربي الفلسطيني أن يعيد صنع نفسه من جديد، وقد اضطلع بهذه المهمة كوكبة من المناضلين التقوا فاتفقوا على الخروج من هذا الواقع الأليم وتصويب المسار، | ومن هنا جاء ميلاد التنظيم السياسي الذي سمي بحركة التحرير الوطني الفلسطيني، وقد أخذنا الحروف الأولى للتسمية فتكونت كلمة (حتف) ولكن قلبنا الكلمة وأصبحت فتح، وحروفها تدل على: الفاء فلسطين، والتاء تحرير، والحاء حركة، فالحركة جاءت في الآخر لأنها ستطلع بمهمة التحرير، والفاء جاءت في الأول لأن الهدف الأول هو فلسطين، وحركة فتح عندما تأسست لم يكن المقصود منها أن تكون على غرار التنظيمات السياسية التي سبقتها في التأسيس ولكنها جاءت لتنطلق من العمل السياسي إلى العمل العسكري الذي ترجم على ارض الواقع مع بزوغ فجر 65/1/1 وتفجير الكفاح المسلح لنعلن للعالم أننا انطلقنا باتجاه استرداد فلسطين، وقد حذرنا من أي محاولة تستهدف النيل من عملنا العسكري، وقد رافقت الانطلاقة أدبيات تتمثل في المبادئ والأهداف والشعارات وتعرضت حركة فتح وكوادرها الملاحقات ومطاردات، وزج بهم في السجون. وأضاف أبو النجا إن الإعلان عن الكفاح المسلح وضع طلائعنا الفلسطينية الذين أصبحوا فيما بعد قادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح وعلى رأسهم الأخ القائد أبو عمار ورفيق دربه الشهيد القائد خليل الوزير (أبو جهاد) وبقية الأخوة في وضع يصدق فيهم قوله تعالى و من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا.  ويوضح أبو النجا بأن انطلاقة فتح ليست بديلا عن العمل العربي المشترك فنحن رأس الحربة التحرير فلسطين حيث تلقف أبناء شعبنا الفلسطيني في كافة أماكن تواجده نبأ الانطلاقة بتلهف وتأييد كبير ويحدوهم الأمل بأن هذا هو الطريق لتحرير فلسطين ونیل حقوقنا الوطنية وبدأوا بالالتحاق بصفوف الحركة، حيث كان للفدائيين العديد من المعارك والعمليات العسكرية التي أوجعت الاحتلال، وكان الفدائيون يمارسون حرب العصابات ولم يمارسوا الحرب النظامية حيث دخلت العلم العسكري النظرية الفلسطينية بأن الصمود المدعوم بالحق هو الأساس وواجه مقاتلونا بأسلحتهم الخفيفة الفردية الآليات والطائرات وكل أشكال الحملة الصهيونية، لم نتكلم نحن عن النتائج بقدر ما تكلم العدو نفسه وبقدر ما تكلم المراقبون العسكريون والسياسيون، وشكلت عملياتنا انعطافا جديدا في فهم العالم كله لخصوصية وطبيعة قضيتنا مما أدى إلى الالتحام الشعبي بالثورة الفلسطينية وبدأت المعادلة في التغيير والنظرة تختلف من شعب لاجئ إلى شعب يمارس الكفاح من أجل عودته إلى أرضه، وكان على الثورة أن تستوعب المناضلين الذين التحقوا بها وأن تقيم المؤسسات في الوقت الذي كثرت فيه أعباء الثورة الفلسطينية واستطاعت أن تبني المؤسسة العسكرية وتوابعها،  وهذه النقلة الجديدة جعلتنا،  مستهدفين من بعض القوى التي لم يكن هدفها تحرير الوطن سواء كانت على الصعيد المحلي أو على الصعيد القومي واستمر النضال الفلسطيني وكانت العمليات ليلية وبشكل مكثف وأذكر هنا عمليات الحزام الأخضر حيث أخذت شكل المواجهة العسكرية الحقيقية غرب النهر التي قادها الأخ أبو عمار والأخ أبو جهاد و الأخ أبو صبري، وكل القيادة الفلسطينية كان عليها أن تدخل إلى الداخل التبني الخلايا السرية وتمدها بالأسلحة مما أضفى على نضالنا وقتالنا شينا متميزا حيث أن القيادات السياسية والعسكرية كانت تضطلع بهذا الدور في البناء والتأسيس وإقامة القواعد و تثبيت التنظيم السري في التعبئة و التحريض.  انطلاقة فتح كسرت الجمود والتراجع      يقول الأخ أبو ماهر حلس بأن میلاد حركة فتح وتحديدا انطلاقتها العسكرية كان في ظل ظروف عربية واقليمية تكيفت مع وجود کیان اسرائيلي وكأنها أمر واقع، وأن العمل المسلح هو مغامرة محكوم عليها بالفشل، وجاءت انطلاقة فتح لتكسر هذه المفاهيم وتستبدلها بمفهوم ثوري جديد يعتمد على الكفاح المسلح. ويضيف الأخ أبو ماهر بأن من أطواق السلامة اللي اعتمدتها فتح وضمن منطلقاتها الأساسية هي حفاظها على استقلالية القرار الوطني الفلسطيني، وقد مارست هذا الشعار في كل مراحل العمل الوطني، فهي لم تتدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة إضافة إلى أنها لم تسمح بالتدخل في الشؤون الداخلية الفلسطينية بغض النظر عن حجم التحالف مع هذا | النظام أو ذاك، وقد كانت فتح وقيادتها دائما مرشحة للإسهام الايجابي في حل الكثير من الخلافات العربية .  وما يميز حركة فتح هو أنها صاحبة المبادرة التاريخية في كل مراحل العمل الوطني، فعندما | اختارت الكفاح المسلح، كان هذا | بمثابة مغامرة في نظر الآخرين، | لكن سرعان ما لحق بها الجميع وثبتت صحة النظرية الفتحاوية، | وحينما اختارت السلام كان أيضا السلام مجازفة تاريخية، ولكن سرعان ما اتضحت صحة الخطوة التي اتخذتها قيادتنا الفلسطينية | وعلى رأسها الأخ القائد أبو عمار في كل المراحل سواء معركة الحرب أو السلام، فهي تنطلق من رؤى واضحة لأهدافها الوطنية وللمصلحة العليا لشعبنا ضمن قراءة واقعية لظروف شعبنا.  واعتمدت فتح المرونة في التكتيك وصلابة استراتيجية وثبات على الهدف والمبادئ، وما يتغير فهو شعارات وأساليب، حتى نصل إلى اقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.  فتح حملت ميراث الأمة   ومن جهته يرى الأخ سليم الزريعي الذي أمضى خمسة وعشرين عاما في السجون الإسرائيلية أن الحديث عن حركة فتح ذو شجون، ففتح ولدت من رحم المعاناة وفي مرحلة أسمناها بمرحلة الاستقرار المنظومي، هذه المرحلة التي طغت فيها فكرة العمل القومي على كل ما عداها، وحينما استذكر تلك المرحلة في تلك الظروف لا يسعني إلا أن أقول إن قرار انطلاقة فتح وقرار تشكيل طلائع قوات العاصفة كان قرارا يرقى إلى مستوى المرحلة وكان قرارا شجاعا لا يجرؤ على اتخاذه إلا تلك القيادة التاريخية التي قادت النضال الفلسطيني وحملت حلم الإنسان الفلسطيني وهمومه وكانت بمستوى حمل أمانة ميراث الأمة وصون التاريخ الفلسطيني من الاندثار.  ويضيف الزريعي إنه في تلك الفترة أسهمت الأنظمة العربية بما طرحته من مفاهيم في تغييب الدور الفلسطيني والذي يفترض أن يكون هو الدور الأساسي، وتبقى الجبهة العربية داعمة ومساندة تقف إلى جانب نضال شعبنا وتدعم كفاحه، وقد أثبتت الأيام والمعارك التي تلت ذلك صحة هذه المقولة حيث اتهمتنا بعض الأنظمة العربية بأننا قطريون و إقليميون و انفصاليون في ذاك الوقت ورددنا على هذه الادعاءات والاتهامات بأن حركة فتح فلسطينية الوجه عربية القلب والوجدان عالمية الأبعاد والامتدادات، فالمعركة قومية ويجب أن يكون الفلسطيني هو رأس الرمح وأن تكون المعركة تحت قيادة فلسطينية ونذكر عندما دخل جيش الانقاذ فلسطين في الأربعينات أسهم في تحجيم ثورة الفلسطينيين تحت شعار أن المعركة قومية. وتحول جيش الجهاد المقدس الفلسطيني في ذاك الحين إلى مجموعات متناثرة حينما ألغيت قيادته بقرار من جامعة الدول العربية وقالوا إن جيش الإنقاذ هو البديل وانسحب جيش الإنقاذ بقرار عربي وبقي الفلسطينيون ممزقين أمام الحركة الصهيونية، من هنا ندرك أهمية قرار القيادة التاريخية لحركة فتح في أن يتصدر الفلسطينيون النضال من أجل قضيتهم الفلسطينية وهويتهم النضالية.  فتح وهج الجماهير ومشعلها الحقيقي   يقول الأخ أحمد أبو سيف وهو أحد المقاتلين الذين جمعوا بين الانتماء الفتحاوي فكرا ومنهجا وبين الكفاح المسلح عملا وتطبيقا بأن حركة فتح هي المشعل الحقيقي للشعب الفلسطيني وهي وهج الجماهير ويصب نضالها في إطار العمل الفلسطيني من أجل تحرير فلسطين، وكان ثقلنا العسكري موجودا في الأردن بشكل مجموعات سرية.  وبعد حرب 67 نشطت حركة فتح عسكريا ودخلنا بما سمی ( كسر العظم ) مع الإسرائيليين وكانت حرب الكرامة بداية أول تصد عسكري حقيقي للعدو، حيث الحقت الهزيمة به، وهبت الجماهير للالتحاق بصفوفنا، وتطورت القواعد الفدائية في جنوب أربد والرمثا، ومن كان ينظر ليلا إلى أريحا من جبال اربد والناعور يجد منطقة أريحا وقد لفتها أحزمة من النيران فالعمليات بشكل يومي، وكان ينفذون مقاتلونا عملياتهم الفدائية سرا وفي الليل خوفا من اعتراض طريقهم.  ويضيف الأخ أبو سيف بأننا عندما نتكلم عن فتح فإننا نتكلم عن فلسطين ذلك أن فتح استوعبت معظم أبناء الشعب الفلسطيني في صفوفها وكانت بمثابة الأم الحنون، بل إنها كانت تمد التنظيمات الفلسطينية الأخرى بالمال والعتاد لمواصلة مشوارها النضالي من أجل تحرير فلسطين، | وفتح عبارة عن حركة عالمية استطاعت تجنيد الرأي العام الصالح القضية الفلسطينية وكانت تدعم نفسها بنفسها.  انطلاقة فتح حلقة من حلقات النضال الشعبي  يقول الأخ أحمد أبو شاويش بأن الحديث عن انطلاقة فتح يقود إلى السياق التاريخي الذي جاءت فيه الانطلاقة وبروز العمل العسكري فالانطلاقة لم تأت من فراغ وانما هي حلقة من حلقات النضال الفلسطيني الممتد في أعماق التاريخ ، وخاصة منذ وطئت أرض فلسطين اقدام المستيا وطنين الصهاينة في أواخر القرن التاسع عشر، وانطلاقة فتح وانتهاج الكفاح المسلح سبيلا للوصول إلى فلسطين وتحريرها جعل من شعبنا الفلسطيني بدلا من شعب لاجئ شعبا يحترمه العالم .  ويضيف أبو شاويش وإن منعطفات كثيرة اعترضت طريق الثورة بالأرواح والدماء، وتمكنت فتح أن تدحض المقولة الصهيونية بأن فلسطين أرض بلا شعب ، الشعب بلا أرض، واستطاعت فتح بثورتها وبجماهيرها أن تثبت أن هذه الأرض لنا منذ الأزل وحتى الأبد وأن دولتنا الفلسطينية المستقلة قادمة لا محالة وعاصمتها القدس الشريف.  استقلالية القرار الوطني  أما عن استقلالية القرار الوطني الفلسطيني الذي اعتبرته حركة فتح مبدأ من مبادئها الرئيسية... فالهدف كان من أجل الابتعاد عن دائرة الاستقطابات العربية والدولية ضمانا لتأييد الجميع عربيا ودوليا.  فتح فلسطينية المنطلق عربية الانتماء  عن ذلك يقول الأخ سليم الزعنون لقد فهم البعض وربما عن خبث ودهاء أن ذلك يعني نظرة وطنية ضيقة تتنكر القومية القضية الفلسطينية، حيث جرى الطعن في هذا المبدأ وتشويهه بينما حقيقة الأمر كانت تؤكد وباستمرار وبكل الصدق ومنذ البدايات على أن الثورة الفلسطينية بقيادة فتح إنما هي فلسطينية المنطلق عربية الانتماء، ولطالما رددها الأخ قاند الثورة الرئيس یاسر عرفات ومن كل المنابر" إنها فلسطينية الوجه عربية القلب" ولقد عرفت الأمة العربية ذلك، فكان الامتداد الواسع والعميق الحركة فتح في صفوف الأمة العربية من المحيط إلى الخليج، وامتد ذلك الوجود إلى كل شعوب الأمة الإسلامية و أما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض .  لا للوصاية .. ولا للتبعية .. ولا للاحتواء  يقول الأخ مازن عز الدين بدأت حركة فتح تحت عناوین واضحة في منطلقاتها الاستراتيجية حيث خاطبت بعدنا العربي، الذي يعتبر القاعدة الارتكازية الأساسية فحركة فتح لم تكن تبحث فقط عن القرار الفلسطيني المستقل و انما الضرورات التفاوضية والضرورات السياسية كانت تفرض على القيادة الفلسطينية إيجاد هامش هام وواسع للمناورة أطلق عليه القرار الوطني الفلسطيني المستقل وفتح رفعت شعارات واضحة بأن الثورة الفلسطينية فلسطينية الوجه عربية القلب، وعندما بدأت الطروحات السياسية لتبرير الاعتراف بقراري 242، 338 ودخولنا في مراحل تسوية بعد عام 73، جعلنا نخوض عملية التمایز نظرا لأن كل الأقطار العربية التي تتواجد على أرضها لها هامش في الإطار القومي ولكن لها هامشا في صنع قرارها الداخلي أيضا.  ويضيف الأخ عز الدين بأنه منعا للمصادرة والاحتواء فقد طبقنا شعارات فتح الأولى التي تستند الى ثلاثة أعمدة أساسية وهي لا للوصاية، لا للتبعية، لا للاحتواء، ورفعنا شعار استراتيجيا بأننا نرفض التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية وكذلك نرفض أن يتدخل أحد في شؤوننا الداخلية، إلى أن جاءت معركة بيروت حيث دافعنا عن قرارنا الوطني وخضنا معركة طرابلس كذلك دفاعا عن قرارنا الوطني الفلسطيني.  استقلالية حركة فتح  أما الأخ زكريا الأغا فقال إن حركة فتح خاضت معارك كثيرة للحفاظ على قرارنا الفلسطيني المستقل فمنذ اللحظة الأولى كانت تشعر أنه لكي تنجح ولكي تعبر تعبيرا صادقا عن آمال وطموحات الشعب الفلسطيني يجب أن تكون بعيدة عن الاحتواء، هذا ليس انفصالا عن العالم العربي، لكن فتح منذ اللحظة الأولى قررت واكدت استقلاليتها وكان هذا واضحا منذ اللحظة الأولى وحتی الآن .  أضاف الأغا: لا أحد يستطيع أن يحسب حركة فتح على أي نظام عربي حتى عندما تأزمت الأمور مع المنشقين في ۸۳ وحينما حاولت بعض الأنظمة العربية تقييد منظمة التحرير الفلسطينية واصابتها بالشلل، قامت حركة فتح ومعها جميع الأخوة من الفصائل الفلسطينية التي كانت تقف إلى جانبها لتعلن وتؤكد على ضرورة الخروج من هذا الوضع الذي وجدت المنظمة نفسها فيه بعد الانشقاق، فكان المؤتمر الفلسطيني السابع عشر الذي عقد في عمان والذي أخرج المنظمة من الشلل، وهذه الدورة أكدت أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني بقيادة الأخ أبو عمار، وسميت هذه الدورة بدورة القرار الوطني الفلسطيني المستقل والذي لاقت فيها تجاوبا جماهيريا كبيرا في الأراضي الفلسطينية المحتلة وقاموا بمظاهرات وسقط الشهداء بمن فيهم شهيد القرار الوطني الفلسطيني (شرف الطيبي).  فتح بانطلاقتها تفجر المسار التاريخي للمنطقة  يقول الأخ سلیم الزعنون، لقد أثرت فتح بالفعل في المسار التاريخي للشرق الأوسط... سواء من حيث الحروب التي اشتعلت في المنطقة أو من خلال فرض وجود الثورة الفلسطينية من جهة أخرى على خريطة المنطقة بل وعلى الخريطة العالمية بالنسبة البؤر الصراع في العالم.  وأما عن الانتقال بالنضال الفلسطيني من الشتات إلى أرض الوطن فهذا أصبح حقيقة واقعة لا يستطيع أحد إنكارها، فبعد العودة إلى أرض الوطن من خلال اتفاقات السلام مع حكومة إسرائيل العمالية بزعامة اسحق رابين وشمعون بيريس في أوسلو والقاهرة وطابا سنة ۱۹۹۳، فإن الجسم المسلح للثورة الفلسطينية قد عاد بسلاحه إلى أرض الوطن ليكون طليعة لعودة الشعب الفلسطيني كله.  ويشير الأخ أبو الأديب إلى اتفاقات أوسلو بأنه لا أحد ينكر ما تقوم به طلائع شعبنا المتمثلة في السلطة الوطنية الفلسطينية ورموزها بقيادة الأخ الرئيس یاسر عرفات والأعضاء المنتخبين من قبل شعبنا في المجلس التشريعي المنضوي تحت مظلة المجلس الوطني الفلسطيني الذي يعتبر خيمة الشرعية الفلسطينية في داخل الوطن والشتات، فالكل يشاهد بأم عينيه صباح مساء كيف يواجه شعبنا جنود الاحتلال وفي طليعة المواجهة يقف اخواننا رموز السلطة الوطنية وأعضاء المجلس التشريعي والوطني وكل رجال الأمن الذين هم فدائيو الأمس حيث التصدي للممارسات الاسرائيلية المتنكرة لكل الاتفاقات و المواثيق الدولية والانسانية، انه الصراع من فوق أرض الوطن الذي يتعرض لمؤامرات التهديد وطمس الهوية الفلسطينية، إنها معركة تجسيد الهوية الفلسطينية وإرساء قواعد الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف فوق أرض فلسطين ووجها لوجه مع قوات الاحتلال وأساليبه القمعية.  ويتساءل الأخ أبو الأديب هل هناك ما هو أفضل و أروع وأصدق من معايشة القيادة لشعبها في كفاحه ومعاناته وصنع مستقبله..؟؟  وهل كانت فتح الأمس صاحبة شعار "ثورة حتی النصر" غير فتح اليوم التي ما زالت تخوض هذه الثورة ومن فوق أرض فلسطين من أجل النصر وبناء دولة فلسطين...؟!  ما حققته فتح من مبادئها وأهدافها  عن ذلك يقول الأخ سليم الزعنون بأنه يكفي أن نذكر بحال الشعب الفلسطيني وثورته في أعقاب حرب العراق - الكويت.. لقد كانت هناك مؤامرة لإلغاء الوجود الفلسطيني، حيث جرى تهميش الدور الفلسطيني في مؤتمر مدريد للسلام.. لكننا سرعان ما أثبتنا وجودنا وأصبحنا الرقم الصعب - كما يقولها الأخ الرئيس أبو عمار الذي لا يمكن تجاهله، وها نحن على أرضنا قيادة ومقاتلين ومعنا أكثر من خمسين الفا من أبناء شعبنا المشردين قد عادوا إلى أرض الوطن طليعة العودة كل الشعب الفلسطيني .. و العالم كله يؤازرنا ويقف معنا، حيث انقلبت المعادلة وبات الإسرائيليون في ظل زعامتهم اليمينية المتطرفة محاصرين في كل المجالات الدولية، والأهم من كل هذا .. هو أننا نمارس حقنا المشروع في النضال وبناء دولتنا المستقلة من فوق أرضنا والشرعية الدولية كلها تقف إلى جانبنا.  ويستبشر الأخ أبو الأديب خيرا ويقول قريبا إن شاء الله.. سيشهد العالم قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف .. لأنها باتت مطلبا دوليا أيضا حتى إنه صارت هناك قناعات عند قطاع كبير من القادة و الشارع الإسرائيلي بضرورة قيام دولتنا الفلسطينية باعتبار ذلك حاجة ملحة لإقرار السلام في المنطقة، فالنضال الثوري دائما له أهدافه المرحلية والاستراتيجية المتمثلة في إقامة دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.. وعودة أبناء شعبنا في الشتات إلى أرض الوطن وما يتبع ذلك من مطالبة بحقوقنا المشروعة في أرضنا المغتصبة و أملاكنا المسلوبة.  من شعب لاجئ إلى شعب ذى سيادة   يقول الأخ زكريا الأغا بأن أكبر انجاز لمبادئ فتح وأهدافها هو أن القيادة الفلسطينية فوق الثرى الفلسطيني والسلطة الوطنية هي المقدمة الطبيعية والأكيدة للدولة الفلسطينية حيث إن آمالنا زادت في قيامها فقد تحولنا من شعب لاجئ إلى شعب ذي سيادة وطنية، وأصبح الجميع يعترف بنا ككيان، فالعلم الفلسطيني يرفرف فوق ربوع الوطن والمواطن يسافر بجواز سفر فلسطيني، وكلنا ثقة بالأخ القائد ياسر عرفات لنصل إلى القدس الشريف عاصمة دولتنا الفلسطينية.             نشر بتاريخ - يناير - 1997 - مجلة الرأي - عدد 7

يقول الأخ زكريا الأغا
بأن فتح ولدت من عمق المأساة الفلسطينية في وقت كان فيه الشعب الفلسطيني يعتبر مجرد قطاعات من اللاجئين بدون أي هوية سياسية ومن هنا تولدت الفكرة لدى عدد من القيادات الفلسطينية برئاسة الأخ القائد أبو.. عمار والشهيدين القائدين أبو جهاد وأبو ایاد وكثيرا من الأخوة الذين فكروا كيف يمكن أن يعيدوا الحياة إلى القضية الفلسطينية وان يعملوا على احياء النضال الفلسطيني والبدء بالكفاح المسلح. ويضيف الأغا أن الأفكار التقت بشأن تأسيس فتح على قاعدة الكفاح المسلح لتحرير فلسطين وتحويل شعبنا من مجرد شعب لاجئ إلى شعب من المقاتلين ونضجت الفكرة بعدما اتفق على موعد أول عملية تقوم بها قوات

العاصفة الذراع العسكري لحركة فتح، وكانت العملية بمثابة الإعلان الرسمي لانطلاقة فتح وانطلاقة الكفاح المسلح. وقد كان الاعلان الانطلاقة الفتحاوية وقع في الشارع الفلسطيني داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة فقد أعادت له ثقته بنفسه و احتشدت جماهير غفيرة للتطوع في صفوف فتح لتخوض النضال والكفاح تحت راية فلسطينية بقيادة القائد ياسر عرفات.

الاعتماد على الذات التحرير فلسطين

إستطلاع : محمد توفيق أحمد كريزم  في ذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية  اثنان وثلاثون عاما من النضال والكفاح  فتح ثورة فلسطينية الوجه . عربية العمق . عالمية البعد  فتع بقيادة الرمز أبو عمار - صانعة الثورة – وصانعة السلام       منذ فجرت حركة فتح الثورة الفلسطينية المعاصرة وشلال دماء شهداء ثورتنا ما انفك يتدفق ويفيض راسما الخارطة الجديدة للمنطقة بأسرها .   وعندما أطلقت فتح رصاصاتها الأولى لتطرح منطلقاتها الاستراتيجية التي حددت من خلالها أولوية تحرير فلسطين باتباع اسلوب الكفاح المسلح وتوحيد نضال الجماهير قلبت بذلك رأسا على عقب مجموعة المنطلقات الاستراتيجية التي سادت الوطن العربي حول قضية فلسطين وأدخلت المنطقة العربية برمتها في مرحلة جديدة تمتاز بالصراع الساخن ، وبرهنت على أن الثورة الفلسطينية .. فلسطينية الوجه.. عربية العمق.. عالمية البعد، مما جعلها في وضع فريد ضمن حركات التحرر الوطني في العالم.  الأجواء التي رافقت ولادة الحركة   لاشك أن ولادة حركة فتح كانت عيرة اعترضتها صعوبات و مشاكل جمة، في الوقت الذي لم يكن فيه سهلا على طلائع قيادتنا التاريخية أن يتخذوا قرارهم التاريخي بتأسيس فتح في ذاك الوقت.  الكفاح المسلح بدلا من الشعارات والمزايدات      يقول الأخ سلیم الزعنون (أبو الأديب ) أحد القادة التاريخيين لثورتنا ومن المؤسسين لحركة فتح عن الظروف التي رافقت انطلاقة الثورة الفلسطينية المسلحة بقيادة فتح في 1/11/1965 بأن مصاعب الانطلاقة كانت جمة ولكن أهمها وجود أكثر من ثلاثين تنظيما كانت جميعها تحمل أسماء وشعارات حول تحریر فلسطين.. بعض تلك التنظيمات كان لا يتعدى حجمها عدد أصابع اليد.. وبالتالي كانت ساحات العمل الفلسطيني غارقة بالمزايدات والشعارات.. مما أدى إلى الخلط بين الغث و السمين ولهذا بطبيعة الحال أثره السلبي على جماهيرية وشعبية أي تنظيم.. مما حتم على قيادة فتح التاريخية القيام بعمل بطولي وشجاع يكون كفيلا بإخراج حركة فتح من دوامة الشعارات والصراعات الحزبية التي سئمتها جماهير شعبنا. ويضيف الأخ أبو الأديب بأنه كان لابد من إطلاق شرارة الكفاح المسلح.. وهذا العمل أو القرار يعتبر مصيريا وخطيرا، حيث كل الظروف المحيطة كانت تعمل ضد هذا الاتجاه .. ثم هناك منظمة التحرير الفلسطينية برئاسة أحمد الشقيري و التي تأسست في 13/1/1964 ، بقرار من القمة العربية في القاهرة، ثم في قمة الاسكندرية سبتمبر/أيلول 1964 تقرر إنشاء جيش التحرير الفلسطيني بقيادة اللواء وجيه المدني، وكان لهذا أثره الفعال-سلبا على وجود التنظيمات المختلفة ، وكان هناك القيادة العربية الموحدة بقيادة الفريق أول علي عامر بقرار من القمة العربية من أجل مواجهة المشاريع الإسرائيلية التحويل مياه نهر الأردن ومنابعه مما يشكل تهديدا للدول العربية .. وهذه القيادة لا تريد لغيرها أن يعمل ضد الإسرائيليين.. ولقد كانت لهذه القيادة قرارات مضادة للعمل الفدائي بعد الانطلاقة:  والحدود المشتركة مع فلسطين المحتلة موصدة في وجه أي عمل مسلح .. والتمويل المادي محدود ويعتمد على اشتراكات الأعضاء فقط، حيث لا أحد يتبرع ماديا لمن لا يعمل .. وأجهزة المخابرات في مناطق التماس مع فلسطين المحتلة تلاحق وتمنع أي إنسان من اختراق الحدود ومهاجمة العدو في الداخل.. ثم هناك الخطر المصيري المحتمل، الذي يتهدد تنظیم فتح بكل وجوده إذا ما فشلت الانطلاقة. العملية الأولى   ويكشف الأخ أبو الأديب اللحظات الحاسمة التي عاشتها ثورتنا ويقول بأنه أمام كل هذه الأخطار كان لابد من اتخاذ القرار المصري و الحاسم.. ولقد اختلف قادة تنظيم فتح حول ذلك .. البعض يؤيد الانطلاقة .. والبعض يحذر .. والبعض متردد .. وفي ظل كل هذه الظروف الصعبة اجتمع قادة فتح من كل الأقاليم وكان اللقاء في مكان ما بالكويت وبعد نقاش طويل ومتشعب وخلال عدة أيام التزم الجميع بقرار الأغلبية وتقرر إطلاق الرصاصة الأولى في ليلة الفاتح من كانون الثاني (يناير) 1965م .. كبداية للثورة الفلسطينية المسلحة من أجل تحرير فلسطين .. ولقد ارتأى المجتمعون تحسبا لأي طارئ أن تكون الانطلاقة تحت اسم غير اسم حركة فتح التي باتت معروفة للجميع وتم اختيار اسم قوات العاصفة، فإذا تحقق النجاح وتواصلت الثورة ونجت من الأخطار المحدقة بها فان الأمر سيوضح بعد ذلك لوسائل الإعلام ولبقية تنظيم فتح حيث إن الأمر كان سريا للغاية ومحصورا في نطاق عدد محدود من قيادة الحركة .. أما لو كان هناك فشل .. فستنجو فتح من الخطر وسيتحمل الاسم الجديد تبعة ذلك الفشل .. ولقد تمت الانطلاقة بحمد الله وتوفيقه وتمكنت مجموعات من قوات العاصفة من تفجير بعض المنشآت التحويلية المياه نهر الأردن في نفق عيلبون وتبعتها عدة عمليات داخل فلسطين المحتلة وفي مناطق متباعدة في الجليل .. وفي بيت جبرين وفي بئر السبع بحيث لم يستطع العدو إلا أن يعترف بما حدث و أعلن عن ذلك من خلال اذاعته .   ويتذكر الأخ أبو الأديب أن القيادة اتخذت قرارا في مواجهة الأعباء المالية اللازمة لتغطية تلك العمليات بأن على كل فرد منتسب الحركة فتح أن يدفع مبلغ خمسين دينارا دعما للعمل العسكري وديمومته.  أصداء العملية   أما عن الصدي الذي أحدثه ذلك العمل فيقول الأخ أبو الأديب ، بأن الفرحة عمت صفوف الشعب الفلسطيني و بدأ الناس يتحدثون باستبشار وسعادة و أمل وهم يرددون الشعار الذي كانت تتركه المجموعات الفدائية الأولى وراءها في مكان العمليات المسلحة " أيها الغزاة الصهاينة.. قوات العاصفة مرت من هنا " وبدأ الشبان ينضمون إلى تنظيم حركة فتح في كل مناطق الشتات وفي قطاع غزة والضفة الغربية مما أدى إلى ذوبان أو تلاشي العديد من التنظيمات .. فالناس كانوا متعطشين لمن يجسد الشعارات إلى عمل بعد أن طال الانتظار واستبد اليأس بالنفوس، لقد كانت فتح بالنسبة للشعب الفلسطيني شعلة الأمل، أما عن الصدی عربيا فلاشك أن الانطلاقة ساعدت في استنهاض النخوة العربية فيات الناس يتبرعون للحركة من أجل تمويل عملياتها البطولية ودعما لأسر الشهداء والجرحى والأسري، وكانت هناك مناصرة دولية محدودة تمثلت بالدرجة الأولى بدعم مادي ومعنوي من قبل جمهورية الصين الشعبية وفيتنام وكوبا، وفي هذا المجال لا يمكننا أن ننسى الدعم الأخوي الصادق من قبل الجزائر الشقيقة وسوريا الحبيبة، حيث كانت لهما وقفات مخلصة ساعدت في إنجاح انطلاقة الثورة الفلسطينية واستمراريتها وتصاعدها بقيادة حركة فتح .  فتح صنعت لشعبنا الهوية السياسية      يقول الأخ زكريا الأغا بأن فتح ولدت من عمق المأساة الفلسطينية في وقت كان فيه الشعب الفلسطيني يعتبر مجرد قطاعات من اللاجئين بدون أي هوية سياسية ومن هنا تولدت الفكرة لدى عدد من القيادات الفلسطينية برئاسة الأخ القائد أبو.. عمار والشهيدين القائدين أبو جهاد وأبو ایاد وكثيرا من الأخوة الذين فكروا كيف يمكن أن يعيدوا الحياة إلى القضية الفلسطينية وان يعملوا على احياء النضال الفلسطيني والبدء بالكفاح المسلح. ويضيف الأغا أن الأفكار التقت بشأن تأسيس فتح على قاعدة الكفاح المسلح لتحرير فلسطين وتحويل شعبنا من مجرد شعب لاجئ إلى شعب من المقاتلين ونضجت الفكرة بعدما اتفق على موعد أول عملية تقوم بها قوات  العاصفة الذراع العسكري لحركة فتح، وكانت العملية بمثابة الإعلان الرسمي لانطلاقة فتح وانطلاقة الكفاح المسلح. وقد كان الاعلان الانطلاقة الفتحاوية وقع في الشارع الفلسطيني داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة فقد أعادت له ثقته بنفسه و احتشدت جماهير غفيرة للتطوع في صفوف فتح لتخوض النضال والكفاح تحت راية فلسطينية بقيادة القائد ياسر عرفات.  الاعتماد على الذات التحرير فلسطين    يقول الأخ مازن عز الدين انعكست بدايات تشكل الواقع العربي القومي باتجاهاته المختلفة التي تضع في اعتباراتها فلسطين، على الواقع الفلسطيني في الشتات، بحيث إن الشباب الفلسطيني حاول أن يجد نفسه في الحزبية العربية، فانضوى تحت أجنحة الأحزاب القومية معتقدا أنها السبيل في حشد موقف عربي من أجل معركة التحرير التي تعيده إلى فلسطين خاصة وأن مفتاح بيته لم يصب بالصدأ في تلك الأيام، وبالتالي كانت فكرة الوحدة العربية هي الطريق الحتمي التحرير فلسطين، ولكن مع طول المدة وانتظار الجيوش العربية التحرير فلسطين بدأ الملل يدخل في صفوف الشباب الفلسطيني، وبدأت تتشكل في أوساط الطبقات الأكثر وعيا من شعبنا الفلسطيني وتحديدا اتحاد طلاب فلسطين مجموعة من الأفكار المنسجمة مع واقعنا الفلسطيني والتي ترافقت مع نمو حركات التحرر العالمية و العربية مثل موجة المد القومي في اليمن والجزائر ومصر وثورات فيتنام وكمبوديا مما عكس ذلك على بدايات تشكل النواة الثورية الفلسطينية في الطبقات الأكثر وعيا.. ومن هنا جاءت فكرة الاعتماد على الذات بضرورة وجود حركة أو تنظيم فلسطيني يقاتل ويقاوم ويقلب المعادلة. ويضيف الأخ عز الدين بأن حركة فتح لم تكن بديلا عن منظمة التحرير الفلسطينية فالمنظمة جاءت کرد عربي على تحویل روافد مجرى نهر الأردن وكتعبير عن أفكار الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وتتويجا لفكره القومي باتجاه فلسطين الذي كان يعتبرها العمود الفقري للفكر القومي، وتم تشكيل جيش لها أطلق عليه اسم جيش التحرير الفلسطيني وكان منضويا تحت قيادة أركان الدول العربية التي يتواجد على أراضيها و مرتبطا بالخطة الرسمية العربية لأنظمة دول الطوق وبالتالي لم يستطع أن يحرك شينا بالنسبة لفلسطين . فجاءت حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح بتشكيلاتها دون أن تتدخل بتشكيلات منظمة التحرير الفلسطينية في بادئ الأمر إلى أن قامت بتفجير الانطلاقة وبداية تشكيل معسكراتها والقيام بعمليات فدائية . ويضيف الأخ عز الدين بعد حدوث نكسة 67 واحتلال باقي فلسطين إضافة إلى احتلال سيناء والجولان، أصبحت اليد الطولى الإرادة الشعب وإرادة الكفاح المسلح، وبالتالي وجب تأميم منظمة التحرير الفلسطينية ليصبح قرارها فلسطينيا محضا، وجرت محاولات عديدة لكي يتلقى جيش التحرير الفلسطيني تعليماته من رئاسة الأركان الفلسطينية وليس من أركان رئاسة الدول العربية المتواجد على أراضيها ، إلى أن جاءت الظروف وأصبح جيش التحرير الفلسطيني تحت إمرة فلسطينية يدافع دفاعا مستميتا عن الثورة الفلسطينية بعد أن قامت فتح بعملية النقل الشرعي لقيادة منظمة التحرير الفلسطينية من قيادة الشهيد المناضل أحمد الشقيري إلى قيادة الرئيس القائد العام یاسر عرفات.  فتح انطلقت باتجاه الوطن       وبدوره يقول الأخ إبراهيم أبو النجا: فرضت نكبة 48، وما ترتب عليها من سلب الأرض الفلسطينية وتهجير للشعب الفلسطيني ، وحالة الضياع التي عانى منها أبناء شعبنا في السنوات الأولى للهجرة، فرضت على الشعب العربي الفلسطيني أن يعيد صنع نفسه من جديد، وقد اضطلع بهذه المهمة كوكبة من المناضلين التقوا فاتفقوا على الخروج من هذا الواقع الأليم وتصويب المسار، | ومن هنا جاء ميلاد التنظيم السياسي الذي سمي بحركة التحرير الوطني الفلسطيني، وقد أخذنا الحروف الأولى للتسمية فتكونت كلمة (حتف) ولكن قلبنا الكلمة وأصبحت فتح، وحروفها تدل على: الفاء فلسطين، والتاء تحرير، والحاء حركة، فالحركة جاءت في الآخر لأنها ستطلع بمهمة التحرير، والفاء جاءت في الأول لأن الهدف الأول هو فلسطين، وحركة فتح عندما تأسست لم يكن المقصود منها أن تكون على غرار التنظيمات السياسية التي سبقتها في التأسيس ولكنها جاءت لتنطلق من العمل السياسي إلى العمل العسكري الذي ترجم على ارض الواقع مع بزوغ فجر 65/1/1 وتفجير الكفاح المسلح لنعلن للعالم أننا انطلقنا باتجاه استرداد فلسطين، وقد حذرنا من أي محاولة تستهدف النيل من عملنا العسكري، وقد رافقت الانطلاقة أدبيات تتمثل في المبادئ والأهداف والشعارات وتعرضت حركة فتح وكوادرها الملاحقات ومطاردات، وزج بهم في السجون. وأضاف أبو النجا إن الإعلان عن الكفاح المسلح وضع طلائعنا الفلسطينية الذين أصبحوا فيما بعد قادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح وعلى رأسهم الأخ القائد أبو عمار ورفيق دربه الشهيد القائد خليل الوزير (أبو جهاد) وبقية الأخوة في وضع يصدق فيهم قوله تعالى و من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا.  ويوضح أبو النجا بأن انطلاقة فتح ليست بديلا عن العمل العربي المشترك فنحن رأس الحربة التحرير فلسطين حيث تلقف أبناء شعبنا الفلسطيني في كافة أماكن تواجده نبأ الانطلاقة بتلهف وتأييد كبير ويحدوهم الأمل بأن هذا هو الطريق لتحرير فلسطين ونیل حقوقنا الوطنية وبدأوا بالالتحاق بصفوف الحركة، حيث كان للفدائيين العديد من المعارك والعمليات العسكرية التي أوجعت الاحتلال، وكان الفدائيون يمارسون حرب العصابات ولم يمارسوا الحرب النظامية حيث دخلت العلم العسكري النظرية الفلسطينية بأن الصمود المدعوم بالحق هو الأساس وواجه مقاتلونا بأسلحتهم الخفيفة الفردية الآليات والطائرات وكل أشكال الحملة الصهيونية، لم نتكلم نحن عن النتائج بقدر ما تكلم العدو نفسه وبقدر ما تكلم المراقبون العسكريون والسياسيون، وشكلت عملياتنا انعطافا جديدا في فهم العالم كله لخصوصية وطبيعة قضيتنا مما أدى إلى الالتحام الشعبي بالثورة الفلسطينية وبدأت المعادلة في التغيير والنظرة تختلف من شعب لاجئ إلى شعب يمارس الكفاح من أجل عودته إلى أرضه، وكان على الثورة أن تستوعب المناضلين الذين التحقوا بها وأن تقيم المؤسسات في الوقت الذي كثرت فيه أعباء الثورة الفلسطينية واستطاعت أن تبني المؤسسة العسكرية وتوابعها،  وهذه النقلة الجديدة جعلتنا،  مستهدفين من بعض القوى التي لم يكن هدفها تحرير الوطن سواء كانت على الصعيد المحلي أو على الصعيد القومي واستمر النضال الفلسطيني وكانت العمليات ليلية وبشكل مكثف وأذكر هنا عمليات الحزام الأخضر حيث أخذت شكل المواجهة العسكرية الحقيقية غرب النهر التي قادها الأخ أبو عمار والأخ أبو جهاد و الأخ أبو صبري، وكل القيادة الفلسطينية كان عليها أن تدخل إلى الداخل التبني الخلايا السرية وتمدها بالأسلحة مما أضفى على نضالنا وقتالنا شينا متميزا حيث أن القيادات السياسية والعسكرية كانت تضطلع بهذا الدور في البناء والتأسيس وإقامة القواعد و تثبيت التنظيم السري في التعبئة و التحريض.  انطلاقة فتح كسرت الجمود والتراجع      يقول الأخ أبو ماهر حلس بأن میلاد حركة فتح وتحديدا انطلاقتها العسكرية كان في ظل ظروف عربية واقليمية تكيفت مع وجود کیان اسرائيلي وكأنها أمر واقع، وأن العمل المسلح هو مغامرة محكوم عليها بالفشل، وجاءت انطلاقة فتح لتكسر هذه المفاهيم وتستبدلها بمفهوم ثوري جديد يعتمد على الكفاح المسلح. ويضيف الأخ أبو ماهر بأن من أطواق السلامة اللي اعتمدتها فتح وضمن منطلقاتها الأساسية هي حفاظها على استقلالية القرار الوطني الفلسطيني، وقد مارست هذا الشعار في كل مراحل العمل الوطني، فهي لم تتدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة إضافة إلى أنها لم تسمح بالتدخل في الشؤون الداخلية الفلسطينية بغض النظر عن حجم التحالف مع هذا | النظام أو ذاك، وقد كانت فتح وقيادتها دائما مرشحة للإسهام الايجابي في حل الكثير من الخلافات العربية .  وما يميز حركة فتح هو أنها صاحبة المبادرة التاريخية في كل مراحل العمل الوطني، فعندما | اختارت الكفاح المسلح، كان هذا | بمثابة مغامرة في نظر الآخرين، | لكن سرعان ما لحق بها الجميع وثبتت صحة النظرية الفتحاوية، | وحينما اختارت السلام كان أيضا السلام مجازفة تاريخية، ولكن سرعان ما اتضحت صحة الخطوة التي اتخذتها قيادتنا الفلسطينية | وعلى رأسها الأخ القائد أبو عمار في كل المراحل سواء معركة الحرب أو السلام، فهي تنطلق من رؤى واضحة لأهدافها الوطنية وللمصلحة العليا لشعبنا ضمن قراءة واقعية لظروف شعبنا.  واعتمدت فتح المرونة في التكتيك وصلابة استراتيجية وثبات على الهدف والمبادئ، وما يتغير فهو شعارات وأساليب، حتى نصل إلى اقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.  فتح حملت ميراث الأمة   ومن جهته يرى الأخ سليم الزريعي الذي أمضى خمسة وعشرين عاما في السجون الإسرائيلية أن الحديث عن حركة فتح ذو شجون، ففتح ولدت من رحم المعاناة وفي مرحلة أسمناها بمرحلة الاستقرار المنظومي، هذه المرحلة التي طغت فيها فكرة العمل القومي على كل ما عداها، وحينما استذكر تلك المرحلة في تلك الظروف لا يسعني إلا أن أقول إن قرار انطلاقة فتح وقرار تشكيل طلائع قوات العاصفة كان قرارا يرقى إلى مستوى المرحلة وكان قرارا شجاعا لا يجرؤ على اتخاذه إلا تلك القيادة التاريخية التي قادت النضال الفلسطيني وحملت حلم الإنسان الفلسطيني وهمومه وكانت بمستوى حمل أمانة ميراث الأمة وصون التاريخ الفلسطيني من الاندثار.  ويضيف الزريعي إنه في تلك الفترة أسهمت الأنظمة العربية بما طرحته من مفاهيم في تغييب الدور الفلسطيني والذي يفترض أن يكون هو الدور الأساسي، وتبقى الجبهة العربية داعمة ومساندة تقف إلى جانب نضال شعبنا وتدعم كفاحه، وقد أثبتت الأيام والمعارك التي تلت ذلك صحة هذه المقولة حيث اتهمتنا بعض الأنظمة العربية بأننا قطريون و إقليميون و انفصاليون في ذاك الوقت ورددنا على هذه الادعاءات والاتهامات بأن حركة فتح فلسطينية الوجه عربية القلب والوجدان عالمية الأبعاد والامتدادات، فالمعركة قومية ويجب أن يكون الفلسطيني هو رأس الرمح وأن تكون المعركة تحت قيادة فلسطينية ونذكر عندما دخل جيش الانقاذ فلسطين في الأربعينات أسهم في تحجيم ثورة الفلسطينيين تحت شعار أن المعركة قومية. وتحول جيش الجهاد المقدس الفلسطيني في ذاك الحين إلى مجموعات متناثرة حينما ألغيت قيادته بقرار من جامعة الدول العربية وقالوا إن جيش الإنقاذ هو البديل وانسحب جيش الإنقاذ بقرار عربي وبقي الفلسطينيون ممزقين أمام الحركة الصهيونية، من هنا ندرك أهمية قرار القيادة التاريخية لحركة فتح في أن يتصدر الفلسطينيون النضال من أجل قضيتهم الفلسطينية وهويتهم النضالية.  فتح وهج الجماهير ومشعلها الحقيقي   يقول الأخ أحمد أبو سيف وهو أحد المقاتلين الذين جمعوا بين الانتماء الفتحاوي فكرا ومنهجا وبين الكفاح المسلح عملا وتطبيقا بأن حركة فتح هي المشعل الحقيقي للشعب الفلسطيني وهي وهج الجماهير ويصب نضالها في إطار العمل الفلسطيني من أجل تحرير فلسطين، وكان ثقلنا العسكري موجودا في الأردن بشكل مجموعات سرية.  وبعد حرب 67 نشطت حركة فتح عسكريا ودخلنا بما سمی ( كسر العظم ) مع الإسرائيليين وكانت حرب الكرامة بداية أول تصد عسكري حقيقي للعدو، حيث الحقت الهزيمة به، وهبت الجماهير للالتحاق بصفوفنا، وتطورت القواعد الفدائية في جنوب أربد والرمثا، ومن كان ينظر ليلا إلى أريحا من جبال اربد والناعور يجد منطقة أريحا وقد لفتها أحزمة من النيران فالعمليات بشكل يومي، وكان ينفذون مقاتلونا عملياتهم الفدائية سرا وفي الليل خوفا من اعتراض طريقهم.  ويضيف الأخ أبو سيف بأننا عندما نتكلم عن فتح فإننا نتكلم عن فلسطين ذلك أن فتح استوعبت معظم أبناء الشعب الفلسطيني في صفوفها وكانت بمثابة الأم الحنون، بل إنها كانت تمد التنظيمات الفلسطينية الأخرى بالمال والعتاد لمواصلة مشوارها النضالي من أجل تحرير فلسطين، | وفتح عبارة عن حركة عالمية استطاعت تجنيد الرأي العام الصالح القضية الفلسطينية وكانت تدعم نفسها بنفسها.  انطلاقة فتح حلقة من حلقات النضال الشعبي  يقول الأخ أحمد أبو شاويش بأن الحديث عن انطلاقة فتح يقود إلى السياق التاريخي الذي جاءت فيه الانطلاقة وبروز العمل العسكري فالانطلاقة لم تأت من فراغ وانما هي حلقة من حلقات النضال الفلسطيني الممتد في أعماق التاريخ ، وخاصة منذ وطئت أرض فلسطين اقدام المستيا وطنين الصهاينة في أواخر القرن التاسع عشر، وانطلاقة فتح وانتهاج الكفاح المسلح سبيلا للوصول إلى فلسطين وتحريرها جعل من شعبنا الفلسطيني بدلا من شعب لاجئ شعبا يحترمه العالم .  ويضيف أبو شاويش وإن منعطفات كثيرة اعترضت طريق الثورة بالأرواح والدماء، وتمكنت فتح أن تدحض المقولة الصهيونية بأن فلسطين أرض بلا شعب ، الشعب بلا أرض، واستطاعت فتح بثورتها وبجماهيرها أن تثبت أن هذه الأرض لنا منذ الأزل وحتى الأبد وأن دولتنا الفلسطينية المستقلة قادمة لا محالة وعاصمتها القدس الشريف.  استقلالية القرار الوطني  أما عن استقلالية القرار الوطني الفلسطيني الذي اعتبرته حركة فتح مبدأ من مبادئها الرئيسية... فالهدف كان من أجل الابتعاد عن دائرة الاستقطابات العربية والدولية ضمانا لتأييد الجميع عربيا ودوليا.  فتح فلسطينية المنطلق عربية الانتماء  عن ذلك يقول الأخ سليم الزعنون لقد فهم البعض وربما عن خبث ودهاء أن ذلك يعني نظرة وطنية ضيقة تتنكر القومية القضية الفلسطينية، حيث جرى الطعن في هذا المبدأ وتشويهه بينما حقيقة الأمر كانت تؤكد وباستمرار وبكل الصدق ومنذ البدايات على أن الثورة الفلسطينية بقيادة فتح إنما هي فلسطينية المنطلق عربية الانتماء، ولطالما رددها الأخ قاند الثورة الرئيس یاسر عرفات ومن كل المنابر" إنها فلسطينية الوجه عربية القلب" ولقد عرفت الأمة العربية ذلك، فكان الامتداد الواسع والعميق الحركة فتح في صفوف الأمة العربية من المحيط إلى الخليج، وامتد ذلك الوجود إلى كل شعوب الأمة الإسلامية و أما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض .  لا للوصاية .. ولا للتبعية .. ولا للاحتواء  يقول الأخ مازن عز الدين بدأت حركة فتح تحت عناوین واضحة في منطلقاتها الاستراتيجية حيث خاطبت بعدنا العربي، الذي يعتبر القاعدة الارتكازية الأساسية فحركة فتح لم تكن تبحث فقط عن القرار الفلسطيني المستقل و انما الضرورات التفاوضية والضرورات السياسية كانت تفرض على القيادة الفلسطينية إيجاد هامش هام وواسع للمناورة أطلق عليه القرار الوطني الفلسطيني المستقل وفتح رفعت شعارات واضحة بأن الثورة الفلسطينية فلسطينية الوجه عربية القلب، وعندما بدأت الطروحات السياسية لتبرير الاعتراف بقراري 242، 338 ودخولنا في مراحل تسوية بعد عام 73، جعلنا نخوض عملية التمایز نظرا لأن كل الأقطار العربية التي تتواجد على أرضها لها هامش في الإطار القومي ولكن لها هامشا في صنع قرارها الداخلي أيضا.  ويضيف الأخ عز الدين بأنه منعا للمصادرة والاحتواء فقد طبقنا شعارات فتح الأولى التي تستند الى ثلاثة أعمدة أساسية وهي لا للوصاية، لا للتبعية، لا للاحتواء، ورفعنا شعار استراتيجيا بأننا نرفض التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية وكذلك نرفض أن يتدخل أحد في شؤوننا الداخلية، إلى أن جاءت معركة بيروت حيث دافعنا عن قرارنا الوطني وخضنا معركة طرابلس كذلك دفاعا عن قرارنا الوطني الفلسطيني.  استقلالية حركة فتح  أما الأخ زكريا الأغا فقال إن حركة فتح خاضت معارك كثيرة للحفاظ على قرارنا الفلسطيني المستقل فمنذ اللحظة الأولى كانت تشعر أنه لكي تنجح ولكي تعبر تعبيرا صادقا عن آمال وطموحات الشعب الفلسطيني يجب أن تكون بعيدة عن الاحتواء، هذا ليس انفصالا عن العالم العربي، لكن فتح منذ اللحظة الأولى قررت واكدت استقلاليتها وكان هذا واضحا منذ اللحظة الأولى وحتی الآن .  أضاف الأغا: لا أحد يستطيع أن يحسب حركة فتح على أي نظام عربي حتى عندما تأزمت الأمور مع المنشقين في ۸۳ وحينما حاولت بعض الأنظمة العربية تقييد منظمة التحرير الفلسطينية واصابتها بالشلل، قامت حركة فتح ومعها جميع الأخوة من الفصائل الفلسطينية التي كانت تقف إلى جانبها لتعلن وتؤكد على ضرورة الخروج من هذا الوضع الذي وجدت المنظمة نفسها فيه بعد الانشقاق، فكان المؤتمر الفلسطيني السابع عشر الذي عقد في عمان والذي أخرج المنظمة من الشلل، وهذه الدورة أكدت أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني بقيادة الأخ أبو عمار، وسميت هذه الدورة بدورة القرار الوطني الفلسطيني المستقل والذي لاقت فيها تجاوبا جماهيريا كبيرا في الأراضي الفلسطينية المحتلة وقاموا بمظاهرات وسقط الشهداء بمن فيهم شهيد القرار الوطني الفلسطيني (شرف الطيبي).  فتح بانطلاقتها تفجر المسار التاريخي للمنطقة  يقول الأخ سلیم الزعنون، لقد أثرت فتح بالفعل في المسار التاريخي للشرق الأوسط... سواء من حيث الحروب التي اشتعلت في المنطقة أو من خلال فرض وجود الثورة الفلسطينية من جهة أخرى على خريطة المنطقة بل وعلى الخريطة العالمية بالنسبة البؤر الصراع في العالم.  وأما عن الانتقال بالنضال الفلسطيني من الشتات إلى أرض الوطن فهذا أصبح حقيقة واقعة لا يستطيع أحد إنكارها، فبعد العودة إلى أرض الوطن من خلال اتفاقات السلام مع حكومة إسرائيل العمالية بزعامة اسحق رابين وشمعون بيريس في أوسلو والقاهرة وطابا سنة ۱۹۹۳، فإن الجسم المسلح للثورة الفلسطينية قد عاد بسلاحه إلى أرض الوطن ليكون طليعة لعودة الشعب الفلسطيني كله.  ويشير الأخ أبو الأديب إلى اتفاقات أوسلو بأنه لا أحد ينكر ما تقوم به طلائع شعبنا المتمثلة في السلطة الوطنية الفلسطينية ورموزها بقيادة الأخ الرئيس یاسر عرفات والأعضاء المنتخبين من قبل شعبنا في المجلس التشريعي المنضوي تحت مظلة المجلس الوطني الفلسطيني الذي يعتبر خيمة الشرعية الفلسطينية في داخل الوطن والشتات، فالكل يشاهد بأم عينيه صباح مساء كيف يواجه شعبنا جنود الاحتلال وفي طليعة المواجهة يقف اخواننا رموز السلطة الوطنية وأعضاء المجلس التشريعي والوطني وكل رجال الأمن الذين هم فدائيو الأمس حيث التصدي للممارسات الاسرائيلية المتنكرة لكل الاتفاقات و المواثيق الدولية والانسانية، انه الصراع من فوق أرض الوطن الذي يتعرض لمؤامرات التهديد وطمس الهوية الفلسطينية، إنها معركة تجسيد الهوية الفلسطينية وإرساء قواعد الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف فوق أرض فلسطين ووجها لوجه مع قوات الاحتلال وأساليبه القمعية.  ويتساءل الأخ أبو الأديب هل هناك ما هو أفضل و أروع وأصدق من معايشة القيادة لشعبها في كفاحه ومعاناته وصنع مستقبله..؟؟  وهل كانت فتح الأمس صاحبة شعار "ثورة حتی النصر" غير فتح اليوم التي ما زالت تخوض هذه الثورة ومن فوق أرض فلسطين من أجل النصر وبناء دولة فلسطين...؟!  ما حققته فتح من مبادئها وأهدافها  عن ذلك يقول الأخ سليم الزعنون بأنه يكفي أن نذكر بحال الشعب الفلسطيني وثورته في أعقاب حرب العراق - الكويت.. لقد كانت هناك مؤامرة لإلغاء الوجود الفلسطيني، حيث جرى تهميش الدور الفلسطيني في مؤتمر مدريد للسلام.. لكننا سرعان ما أثبتنا وجودنا وأصبحنا الرقم الصعب - كما يقولها الأخ الرئيس أبو عمار الذي لا يمكن تجاهله، وها نحن على أرضنا قيادة ومقاتلين ومعنا أكثر من خمسين الفا من أبناء شعبنا المشردين قد عادوا إلى أرض الوطن طليعة العودة كل الشعب الفلسطيني .. و العالم كله يؤازرنا ويقف معنا، حيث انقلبت المعادلة وبات الإسرائيليون في ظل زعامتهم اليمينية المتطرفة محاصرين في كل المجالات الدولية، والأهم من كل هذا .. هو أننا نمارس حقنا المشروع في النضال وبناء دولتنا المستقلة من فوق أرضنا والشرعية الدولية كلها تقف إلى جانبنا.  ويستبشر الأخ أبو الأديب خيرا ويقول قريبا إن شاء الله.. سيشهد العالم قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف .. لأنها باتت مطلبا دوليا أيضا حتى إنه صارت هناك قناعات عند قطاع كبير من القادة و الشارع الإسرائيلي بضرورة قيام دولتنا الفلسطينية باعتبار ذلك حاجة ملحة لإقرار السلام في المنطقة، فالنضال الثوري دائما له أهدافه المرحلية والاستراتيجية المتمثلة في إقامة دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.. وعودة أبناء شعبنا في الشتات إلى أرض الوطن وما يتبع ذلك من مطالبة بحقوقنا المشروعة في أرضنا المغتصبة و أملاكنا المسلوبة.  من شعب لاجئ إلى شعب ذى سيادة   يقول الأخ زكريا الأغا بأن أكبر انجاز لمبادئ فتح وأهدافها هو أن القيادة الفلسطينية فوق الثرى الفلسطيني والسلطة الوطنية هي المقدمة الطبيعية والأكيدة للدولة الفلسطينية حيث إن آمالنا زادت في قيامها فقد تحولنا من شعب لاجئ إلى شعب ذي سيادة وطنية، وأصبح الجميع يعترف بنا ككيان، فالعلم الفلسطيني يرفرف فوق ربوع الوطن والمواطن يسافر بجواز سفر فلسطيني، وكلنا ثقة بالأخ القائد ياسر عرفات لنصل إلى القدس الشريف عاصمة دولتنا الفلسطينية.             نشر بتاريخ - يناير - 1997 - مجلة الرأي - عدد 7
يقول الأخ مازن عز الدين انعكست بدايات تشكل الواقع العربي القومي باتجاهاته المختلفة التي تضع في اعتباراتها فلسطين، على الواقع الفلسطيني في الشتات، بحيث إن الشباب الفلسطيني حاول أن يجد نفسه في الحزبية العربية، فانضوى تحت أجنحة الأحزاب القومية معتقدا أنها السبيل في حشد موقف عربي من أجل معركة التحرير التي تعيده إلى فلسطين خاصة وأن مفتاح بيته لم يصب بالصدأ في تلك الأيام، وبالتالي كانت فكرة الوحدة العربية هي الطريق الحتمي التحرير فلسطين، ولكن مع طول المدة وانتظار الجيوش العربية التحرير فلسطين بدأ الملل يدخل في صفوف الشباب الفلسطيني، وبدأت تتشكل في أوساط الطبقات الأكثر وعيا من شعبنا الفلسطيني وتحديدا اتحاد طلاب فلسطين مجموعة من الأفكار المنسجمة مع واقعنا الفلسطيني والتي ترافقت مع نمو حركات التحرر العالمية و العربية مثل موجة المد القومي في اليمن والجزائر ومصر وثورات فيتنام وكمبوديا مما عكس ذلك على بدايات تشكل النواة الثورية الفلسطينية في الطبقات الأكثر وعيا.. ومن هنا جاءت فكرة الاعتماد على الذات بضرورة وجود حركة أو تنظيم فلسطيني يقاتل ويقاوم ويقلب المعادلة.

ويضيف الأخ عز الدين بأن حركة فتح لم تكن بديلا عن منظمة التحرير الفلسطينية فالمنظمة جاءت کرد عربي على تحویل روافد مجرى نهر الأردن وكتعبير عن أفكار الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وتتويجا لفكره القومي باتجاه فلسطين الذي كان يعتبرها العمود الفقري للفكر القومي، وتم تشكيل جيش لها أطلق عليه اسم جيش التحرير الفلسطيني وكان منضويا تحت قيادة أركان الدول العربية التي يتواجد
على أراضيها و مرتبطا بالخطة الرسمية العربية لأنظمة دول الطوق وبالتالي لم يستطع أن يحرك شينا بالنسبة لفلسطين . فجاءت حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح بتشكيلاتها دون أن تتدخل بتشكيلات منظمة التحرير الفلسطينية في بادئ الأمر إلى أن قامت بتفجير الانطلاقة وبداية تشكيل معسكراتها والقيام بعمليات فدائية . ويضيف الأخ عز الدين بعد حدوث نكسة 67 واحتلال باقي فلسطين إضافة إلى احتلال سيناء والجولان، أصبحت اليد الطولى الإرادة الشعب وإرادة الكفاح المسلح، وبالتالي وجب تأميم منظمة التحرير الفلسطينية ليصبح قرارها فلسطينيا محضا، وجرت محاولات عديدة لكي يتلقى جيش التحرير الفلسطيني تعليماته من رئاسة الأركان الفلسطينية وليس من أركان رئاسة الدول العربية
المتواجد على أراضيها ، إلى أن جاءت الظروف وأصبح جيش التحرير الفلسطيني تحت إمرة فلسطينية يدافع دفاعا مستميتا عن الثورة الفلسطينية بعد أن قامت فتح بعملية النقل الشرعي لقيادة منظمة التحرير الفلسطينية من قيادة الشهيد المناضل أحمد الشقيري إلى قيادة الرئيس القائد العام یاسر عرفات.

فتح انطلقت باتجاه الوطن

 

إستطلاع : محمد توفيق أحمد كريزم  في ذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية  اثنان وثلاثون عاما من النضال والكفاح  فتح ثورة فلسطينية الوجه . عربية العمق . عالمية البعد  فتع بقيادة الرمز أبو عمار - صانعة الثورة – وصانعة السلام       منذ فجرت حركة فتح الثورة الفلسطينية المعاصرة وشلال دماء شهداء ثورتنا ما انفك يتدفق ويفيض راسما الخارطة الجديدة للمنطقة بأسرها .   وعندما أطلقت فتح رصاصاتها الأولى لتطرح منطلقاتها الاستراتيجية التي حددت من خلالها أولوية تحرير فلسطين باتباع اسلوب الكفاح المسلح وتوحيد نضال الجماهير قلبت بذلك رأسا على عقب مجموعة المنطلقات الاستراتيجية التي سادت الوطن العربي حول قضية فلسطين وأدخلت المنطقة العربية برمتها في مرحلة جديدة تمتاز بالصراع الساخن ، وبرهنت على أن الثورة الفلسطينية .. فلسطينية الوجه.. عربية العمق.. عالمية البعد، مما جعلها في وضع فريد ضمن حركات التحرر الوطني في العالم.  الأجواء التي رافقت ولادة الحركة   لاشك أن ولادة حركة فتح كانت عيرة اعترضتها صعوبات و مشاكل جمة، في الوقت الذي لم يكن فيه سهلا على طلائع قيادتنا التاريخية أن يتخذوا قرارهم التاريخي بتأسيس فتح في ذاك الوقت.  الكفاح المسلح بدلا من الشعارات والمزايدات      يقول الأخ سلیم الزعنون (أبو الأديب ) أحد القادة التاريخيين لثورتنا ومن المؤسسين لحركة فتح عن الظروف التي رافقت انطلاقة الثورة الفلسطينية المسلحة بقيادة فتح في 1/11/1965 بأن مصاعب الانطلاقة كانت جمة ولكن أهمها وجود أكثر من ثلاثين تنظيما كانت جميعها تحمل أسماء وشعارات حول تحریر فلسطين.. بعض تلك التنظيمات كان لا يتعدى حجمها عدد أصابع اليد.. وبالتالي كانت ساحات العمل الفلسطيني غارقة بالمزايدات والشعارات.. مما أدى إلى الخلط بين الغث و السمين ولهذا بطبيعة الحال أثره السلبي على جماهيرية وشعبية أي تنظيم.. مما حتم على قيادة فتح التاريخية القيام بعمل بطولي وشجاع يكون كفيلا بإخراج حركة فتح من دوامة الشعارات والصراعات الحزبية التي سئمتها جماهير شعبنا. ويضيف الأخ أبو الأديب بأنه كان لابد من إطلاق شرارة الكفاح المسلح.. وهذا العمل أو القرار يعتبر مصيريا وخطيرا، حيث كل الظروف المحيطة كانت تعمل ضد هذا الاتجاه .. ثم هناك منظمة التحرير الفلسطينية برئاسة أحمد الشقيري و التي تأسست في 13/1/1964 ، بقرار من القمة العربية في القاهرة، ثم في قمة الاسكندرية سبتمبر/أيلول 1964 تقرر إنشاء جيش التحرير الفلسطيني بقيادة اللواء وجيه المدني، وكان لهذا أثره الفعال-سلبا على وجود التنظيمات المختلفة ، وكان هناك القيادة العربية الموحدة بقيادة الفريق أول علي عامر بقرار من القمة العربية من أجل مواجهة المشاريع الإسرائيلية التحويل مياه نهر الأردن ومنابعه مما يشكل تهديدا للدول العربية .. وهذه القيادة لا تريد لغيرها أن يعمل ضد الإسرائيليين.. ولقد كانت لهذه القيادة قرارات مضادة للعمل الفدائي بعد الانطلاقة:  والحدود المشتركة مع فلسطين المحتلة موصدة في وجه أي عمل مسلح .. والتمويل المادي محدود ويعتمد على اشتراكات الأعضاء فقط، حيث لا أحد يتبرع ماديا لمن لا يعمل .. وأجهزة المخابرات في مناطق التماس مع فلسطين المحتلة تلاحق وتمنع أي إنسان من اختراق الحدود ومهاجمة العدو في الداخل.. ثم هناك الخطر المصيري المحتمل، الذي يتهدد تنظیم فتح بكل وجوده إذا ما فشلت الانطلاقة. العملية الأولى   ويكشف الأخ أبو الأديب اللحظات الحاسمة التي عاشتها ثورتنا ويقول بأنه أمام كل هذه الأخطار كان لابد من اتخاذ القرار المصري و الحاسم.. ولقد اختلف قادة تنظيم فتح حول ذلك .. البعض يؤيد الانطلاقة .. والبعض يحذر .. والبعض متردد .. وفي ظل كل هذه الظروف الصعبة اجتمع قادة فتح من كل الأقاليم وكان اللقاء في مكان ما بالكويت وبعد نقاش طويل ومتشعب وخلال عدة أيام التزم الجميع بقرار الأغلبية وتقرر إطلاق الرصاصة الأولى في ليلة الفاتح من كانون الثاني (يناير) 1965م .. كبداية للثورة الفلسطينية المسلحة من أجل تحرير فلسطين .. ولقد ارتأى المجتمعون تحسبا لأي طارئ أن تكون الانطلاقة تحت اسم غير اسم حركة فتح التي باتت معروفة للجميع وتم اختيار اسم قوات العاصفة، فإذا تحقق النجاح وتواصلت الثورة ونجت من الأخطار المحدقة بها فان الأمر سيوضح بعد ذلك لوسائل الإعلام ولبقية تنظيم فتح حيث إن الأمر كان سريا للغاية ومحصورا في نطاق عدد محدود من قيادة الحركة .. أما لو كان هناك فشل .. فستنجو فتح من الخطر وسيتحمل الاسم الجديد تبعة ذلك الفشل .. ولقد تمت الانطلاقة بحمد الله وتوفيقه وتمكنت مجموعات من قوات العاصفة من تفجير بعض المنشآت التحويلية المياه نهر الأردن في نفق عيلبون وتبعتها عدة عمليات داخل فلسطين المحتلة وفي مناطق متباعدة في الجليل .. وفي بيت جبرين وفي بئر السبع بحيث لم يستطع العدو إلا أن يعترف بما حدث و أعلن عن ذلك من خلال اذاعته .   ويتذكر الأخ أبو الأديب أن القيادة اتخذت قرارا في مواجهة الأعباء المالية اللازمة لتغطية تلك العمليات بأن على كل فرد منتسب الحركة فتح أن يدفع مبلغ خمسين دينارا دعما للعمل العسكري وديمومته.  أصداء العملية   أما عن الصدي الذي أحدثه ذلك العمل فيقول الأخ أبو الأديب ، بأن الفرحة عمت صفوف الشعب الفلسطيني و بدأ الناس يتحدثون باستبشار وسعادة و أمل وهم يرددون الشعار الذي كانت تتركه المجموعات الفدائية الأولى وراءها في مكان العمليات المسلحة " أيها الغزاة الصهاينة.. قوات العاصفة مرت من هنا " وبدأ الشبان ينضمون إلى تنظيم حركة فتح في كل مناطق الشتات وفي قطاع غزة والضفة الغربية مما أدى إلى ذوبان أو تلاشي العديد من التنظيمات .. فالناس كانوا متعطشين لمن يجسد الشعارات إلى عمل بعد أن طال الانتظار واستبد اليأس بالنفوس، لقد كانت فتح بالنسبة للشعب الفلسطيني شعلة الأمل، أما عن الصدی عربيا فلاشك أن الانطلاقة ساعدت في استنهاض النخوة العربية فيات الناس يتبرعون للحركة من أجل تمويل عملياتها البطولية ودعما لأسر الشهداء والجرحى والأسري، وكانت هناك مناصرة دولية محدودة تمثلت بالدرجة الأولى بدعم مادي ومعنوي من قبل جمهورية الصين الشعبية وفيتنام وكوبا، وفي هذا المجال لا يمكننا أن ننسى الدعم الأخوي الصادق من قبل الجزائر الشقيقة وسوريا الحبيبة، حيث كانت لهما وقفات مخلصة ساعدت في إنجاح انطلاقة الثورة الفلسطينية واستمراريتها وتصاعدها بقيادة حركة فتح .  فتح صنعت لشعبنا الهوية السياسية      يقول الأخ زكريا الأغا بأن فتح ولدت من عمق المأساة الفلسطينية في وقت كان فيه الشعب الفلسطيني يعتبر مجرد قطاعات من اللاجئين بدون أي هوية سياسية ومن هنا تولدت الفكرة لدى عدد من القيادات الفلسطينية برئاسة الأخ القائد أبو.. عمار والشهيدين القائدين أبو جهاد وأبو ایاد وكثيرا من الأخوة الذين فكروا كيف يمكن أن يعيدوا الحياة إلى القضية الفلسطينية وان يعملوا على احياء النضال الفلسطيني والبدء بالكفاح المسلح. ويضيف الأغا أن الأفكار التقت بشأن تأسيس فتح على قاعدة الكفاح المسلح لتحرير فلسطين وتحويل شعبنا من مجرد شعب لاجئ إلى شعب من المقاتلين ونضجت الفكرة بعدما اتفق على موعد أول عملية تقوم بها قوات  العاصفة الذراع العسكري لحركة فتح، وكانت العملية بمثابة الإعلان الرسمي لانطلاقة فتح وانطلاقة الكفاح المسلح. وقد كان الاعلان الانطلاقة الفتحاوية وقع في الشارع الفلسطيني داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة فقد أعادت له ثقته بنفسه و احتشدت جماهير غفيرة للتطوع في صفوف فتح لتخوض النضال والكفاح تحت راية فلسطينية بقيادة القائد ياسر عرفات.  الاعتماد على الذات التحرير فلسطين    يقول الأخ مازن عز الدين انعكست بدايات تشكل الواقع العربي القومي باتجاهاته المختلفة التي تضع في اعتباراتها فلسطين، على الواقع الفلسطيني في الشتات، بحيث إن الشباب الفلسطيني حاول أن يجد نفسه في الحزبية العربية، فانضوى تحت أجنحة الأحزاب القومية معتقدا أنها السبيل في حشد موقف عربي من أجل معركة التحرير التي تعيده إلى فلسطين خاصة وأن مفتاح بيته لم يصب بالصدأ في تلك الأيام، وبالتالي كانت فكرة الوحدة العربية هي الطريق الحتمي التحرير فلسطين، ولكن مع طول المدة وانتظار الجيوش العربية التحرير فلسطين بدأ الملل يدخل في صفوف الشباب الفلسطيني، وبدأت تتشكل في أوساط الطبقات الأكثر وعيا من شعبنا الفلسطيني وتحديدا اتحاد طلاب فلسطين مجموعة من الأفكار المنسجمة مع واقعنا الفلسطيني والتي ترافقت مع نمو حركات التحرر العالمية و العربية مثل موجة المد القومي في اليمن والجزائر ومصر وثورات فيتنام وكمبوديا مما عكس ذلك على بدايات تشكل النواة الثورية الفلسطينية في الطبقات الأكثر وعيا.. ومن هنا جاءت فكرة الاعتماد على الذات بضرورة وجود حركة أو تنظيم فلسطيني يقاتل ويقاوم ويقلب المعادلة. ويضيف الأخ عز الدين بأن حركة فتح لم تكن بديلا عن منظمة التحرير الفلسطينية فالمنظمة جاءت کرد عربي على تحویل روافد مجرى نهر الأردن وكتعبير عن أفكار الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وتتويجا لفكره القومي باتجاه فلسطين الذي كان يعتبرها العمود الفقري للفكر القومي، وتم تشكيل جيش لها أطلق عليه اسم جيش التحرير الفلسطيني وكان منضويا تحت قيادة أركان الدول العربية التي يتواجد على أراضيها و مرتبطا بالخطة الرسمية العربية لأنظمة دول الطوق وبالتالي لم يستطع أن يحرك شينا بالنسبة لفلسطين . فجاءت حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح بتشكيلاتها دون أن تتدخل بتشكيلات منظمة التحرير الفلسطينية في بادئ الأمر إلى أن قامت بتفجير الانطلاقة وبداية تشكيل معسكراتها والقيام بعمليات فدائية . ويضيف الأخ عز الدين بعد حدوث نكسة 67 واحتلال باقي فلسطين إضافة إلى احتلال سيناء والجولان، أصبحت اليد الطولى الإرادة الشعب وإرادة الكفاح المسلح، وبالتالي وجب تأميم منظمة التحرير الفلسطينية ليصبح قرارها فلسطينيا محضا، وجرت محاولات عديدة لكي يتلقى جيش التحرير الفلسطيني تعليماته من رئاسة الأركان الفلسطينية وليس من أركان رئاسة الدول العربية المتواجد على أراضيها ، إلى أن جاءت الظروف وأصبح جيش التحرير الفلسطيني تحت إمرة فلسطينية يدافع دفاعا مستميتا عن الثورة الفلسطينية بعد أن قامت فتح بعملية النقل الشرعي لقيادة منظمة التحرير الفلسطينية من قيادة الشهيد المناضل أحمد الشقيري إلى قيادة الرئيس القائد العام یاسر عرفات.  فتح انطلقت باتجاه الوطن       وبدوره يقول الأخ إبراهيم أبو النجا: فرضت نكبة 48، وما ترتب عليها من سلب الأرض الفلسطينية وتهجير للشعب الفلسطيني ، وحالة الضياع التي عانى منها أبناء شعبنا في السنوات الأولى للهجرة، فرضت على الشعب العربي الفلسطيني أن يعيد صنع نفسه من جديد، وقد اضطلع بهذه المهمة كوكبة من المناضلين التقوا فاتفقوا على الخروج من هذا الواقع الأليم وتصويب المسار، | ومن هنا جاء ميلاد التنظيم السياسي الذي سمي بحركة التحرير الوطني الفلسطيني، وقد أخذنا الحروف الأولى للتسمية فتكونت كلمة (حتف) ولكن قلبنا الكلمة وأصبحت فتح، وحروفها تدل على: الفاء فلسطين، والتاء تحرير، والحاء حركة، فالحركة جاءت في الآخر لأنها ستطلع بمهمة التحرير، والفاء جاءت في الأول لأن الهدف الأول هو فلسطين، وحركة فتح عندما تأسست لم يكن المقصود منها أن تكون على غرار التنظيمات السياسية التي سبقتها في التأسيس ولكنها جاءت لتنطلق من العمل السياسي إلى العمل العسكري الذي ترجم على ارض الواقع مع بزوغ فجر 65/1/1 وتفجير الكفاح المسلح لنعلن للعالم أننا انطلقنا باتجاه استرداد فلسطين، وقد حذرنا من أي محاولة تستهدف النيل من عملنا العسكري، وقد رافقت الانطلاقة أدبيات تتمثل في المبادئ والأهداف والشعارات وتعرضت حركة فتح وكوادرها الملاحقات ومطاردات، وزج بهم في السجون. وأضاف أبو النجا إن الإعلان عن الكفاح المسلح وضع طلائعنا الفلسطينية الذين أصبحوا فيما بعد قادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح وعلى رأسهم الأخ القائد أبو عمار ورفيق دربه الشهيد القائد خليل الوزير (أبو جهاد) وبقية الأخوة في وضع يصدق فيهم قوله تعالى و من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا.  ويوضح أبو النجا بأن انطلاقة فتح ليست بديلا عن العمل العربي المشترك فنحن رأس الحربة التحرير فلسطين حيث تلقف أبناء شعبنا الفلسطيني في كافة أماكن تواجده نبأ الانطلاقة بتلهف وتأييد كبير ويحدوهم الأمل بأن هذا هو الطريق لتحرير فلسطين ونیل حقوقنا الوطنية وبدأوا بالالتحاق بصفوف الحركة، حيث كان للفدائيين العديد من المعارك والعمليات العسكرية التي أوجعت الاحتلال، وكان الفدائيون يمارسون حرب العصابات ولم يمارسوا الحرب النظامية حيث دخلت العلم العسكري النظرية الفلسطينية بأن الصمود المدعوم بالحق هو الأساس وواجه مقاتلونا بأسلحتهم الخفيفة الفردية الآليات والطائرات وكل أشكال الحملة الصهيونية، لم نتكلم نحن عن النتائج بقدر ما تكلم العدو نفسه وبقدر ما تكلم المراقبون العسكريون والسياسيون، وشكلت عملياتنا انعطافا جديدا في فهم العالم كله لخصوصية وطبيعة قضيتنا مما أدى إلى الالتحام الشعبي بالثورة الفلسطينية وبدأت المعادلة في التغيير والنظرة تختلف من شعب لاجئ إلى شعب يمارس الكفاح من أجل عودته إلى أرضه، وكان على الثورة أن تستوعب المناضلين الذين التحقوا بها وأن تقيم المؤسسات في الوقت الذي كثرت فيه أعباء الثورة الفلسطينية واستطاعت أن تبني المؤسسة العسكرية وتوابعها،  وهذه النقلة الجديدة جعلتنا،  مستهدفين من بعض القوى التي لم يكن هدفها تحرير الوطن سواء كانت على الصعيد المحلي أو على الصعيد القومي واستمر النضال الفلسطيني وكانت العمليات ليلية وبشكل مكثف وأذكر هنا عمليات الحزام الأخضر حيث أخذت شكل المواجهة العسكرية الحقيقية غرب النهر التي قادها الأخ أبو عمار والأخ أبو جهاد و الأخ أبو صبري، وكل القيادة الفلسطينية كان عليها أن تدخل إلى الداخل التبني الخلايا السرية وتمدها بالأسلحة مما أضفى على نضالنا وقتالنا شينا متميزا حيث أن القيادات السياسية والعسكرية كانت تضطلع بهذا الدور في البناء والتأسيس وإقامة القواعد و تثبيت التنظيم السري في التعبئة و التحريض.  انطلاقة فتح كسرت الجمود والتراجع      يقول الأخ أبو ماهر حلس بأن میلاد حركة فتح وتحديدا انطلاقتها العسكرية كان في ظل ظروف عربية واقليمية تكيفت مع وجود کیان اسرائيلي وكأنها أمر واقع، وأن العمل المسلح هو مغامرة محكوم عليها بالفشل، وجاءت انطلاقة فتح لتكسر هذه المفاهيم وتستبدلها بمفهوم ثوري جديد يعتمد على الكفاح المسلح. ويضيف الأخ أبو ماهر بأن من أطواق السلامة اللي اعتمدتها فتح وضمن منطلقاتها الأساسية هي حفاظها على استقلالية القرار الوطني الفلسطيني، وقد مارست هذا الشعار في كل مراحل العمل الوطني، فهي لم تتدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة إضافة إلى أنها لم تسمح بالتدخل في الشؤون الداخلية الفلسطينية بغض النظر عن حجم التحالف مع هذا | النظام أو ذاك، وقد كانت فتح وقيادتها دائما مرشحة للإسهام الايجابي في حل الكثير من الخلافات العربية .  وما يميز حركة فتح هو أنها صاحبة المبادرة التاريخية في كل مراحل العمل الوطني، فعندما | اختارت الكفاح المسلح، كان هذا | بمثابة مغامرة في نظر الآخرين، | لكن سرعان ما لحق بها الجميع وثبتت صحة النظرية الفتحاوية، | وحينما اختارت السلام كان أيضا السلام مجازفة تاريخية، ولكن سرعان ما اتضحت صحة الخطوة التي اتخذتها قيادتنا الفلسطينية | وعلى رأسها الأخ القائد أبو عمار في كل المراحل سواء معركة الحرب أو السلام، فهي تنطلق من رؤى واضحة لأهدافها الوطنية وللمصلحة العليا لشعبنا ضمن قراءة واقعية لظروف شعبنا.  واعتمدت فتح المرونة في التكتيك وصلابة استراتيجية وثبات على الهدف والمبادئ، وما يتغير فهو شعارات وأساليب، حتى نصل إلى اقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.  فتح حملت ميراث الأمة   ومن جهته يرى الأخ سليم الزريعي الذي أمضى خمسة وعشرين عاما في السجون الإسرائيلية أن الحديث عن حركة فتح ذو شجون، ففتح ولدت من رحم المعاناة وفي مرحلة أسمناها بمرحلة الاستقرار المنظومي، هذه المرحلة التي طغت فيها فكرة العمل القومي على كل ما عداها، وحينما استذكر تلك المرحلة في تلك الظروف لا يسعني إلا أن أقول إن قرار انطلاقة فتح وقرار تشكيل طلائع قوات العاصفة كان قرارا يرقى إلى مستوى المرحلة وكان قرارا شجاعا لا يجرؤ على اتخاذه إلا تلك القيادة التاريخية التي قادت النضال الفلسطيني وحملت حلم الإنسان الفلسطيني وهمومه وكانت بمستوى حمل أمانة ميراث الأمة وصون التاريخ الفلسطيني من الاندثار.  ويضيف الزريعي إنه في تلك الفترة أسهمت الأنظمة العربية بما طرحته من مفاهيم في تغييب الدور الفلسطيني والذي يفترض أن يكون هو الدور الأساسي، وتبقى الجبهة العربية داعمة ومساندة تقف إلى جانب نضال شعبنا وتدعم كفاحه، وقد أثبتت الأيام والمعارك التي تلت ذلك صحة هذه المقولة حيث اتهمتنا بعض الأنظمة العربية بأننا قطريون و إقليميون و انفصاليون في ذاك الوقت ورددنا على هذه الادعاءات والاتهامات بأن حركة فتح فلسطينية الوجه عربية القلب والوجدان عالمية الأبعاد والامتدادات، فالمعركة قومية ويجب أن يكون الفلسطيني هو رأس الرمح وأن تكون المعركة تحت قيادة فلسطينية ونذكر عندما دخل جيش الانقاذ فلسطين في الأربعينات أسهم في تحجيم ثورة الفلسطينيين تحت شعار أن المعركة قومية. وتحول جيش الجهاد المقدس الفلسطيني في ذاك الحين إلى مجموعات متناثرة حينما ألغيت قيادته بقرار من جامعة الدول العربية وقالوا إن جيش الإنقاذ هو البديل وانسحب جيش الإنقاذ بقرار عربي وبقي الفلسطينيون ممزقين أمام الحركة الصهيونية، من هنا ندرك أهمية قرار القيادة التاريخية لحركة فتح في أن يتصدر الفلسطينيون النضال من أجل قضيتهم الفلسطينية وهويتهم النضالية.  فتح وهج الجماهير ومشعلها الحقيقي   يقول الأخ أحمد أبو سيف وهو أحد المقاتلين الذين جمعوا بين الانتماء الفتحاوي فكرا ومنهجا وبين الكفاح المسلح عملا وتطبيقا بأن حركة فتح هي المشعل الحقيقي للشعب الفلسطيني وهي وهج الجماهير ويصب نضالها في إطار العمل الفلسطيني من أجل تحرير فلسطين، وكان ثقلنا العسكري موجودا في الأردن بشكل مجموعات سرية.  وبعد حرب 67 نشطت حركة فتح عسكريا ودخلنا بما سمی ( كسر العظم ) مع الإسرائيليين وكانت حرب الكرامة بداية أول تصد عسكري حقيقي للعدو، حيث الحقت الهزيمة به، وهبت الجماهير للالتحاق بصفوفنا، وتطورت القواعد الفدائية في جنوب أربد والرمثا، ومن كان ينظر ليلا إلى أريحا من جبال اربد والناعور يجد منطقة أريحا وقد لفتها أحزمة من النيران فالعمليات بشكل يومي، وكان ينفذون مقاتلونا عملياتهم الفدائية سرا وفي الليل خوفا من اعتراض طريقهم.  ويضيف الأخ أبو سيف بأننا عندما نتكلم عن فتح فإننا نتكلم عن فلسطين ذلك أن فتح استوعبت معظم أبناء الشعب الفلسطيني في صفوفها وكانت بمثابة الأم الحنون، بل إنها كانت تمد التنظيمات الفلسطينية الأخرى بالمال والعتاد لمواصلة مشوارها النضالي من أجل تحرير فلسطين، | وفتح عبارة عن حركة عالمية استطاعت تجنيد الرأي العام الصالح القضية الفلسطينية وكانت تدعم نفسها بنفسها.  انطلاقة فتح حلقة من حلقات النضال الشعبي  يقول الأخ أحمد أبو شاويش بأن الحديث عن انطلاقة فتح يقود إلى السياق التاريخي الذي جاءت فيه الانطلاقة وبروز العمل العسكري فالانطلاقة لم تأت من فراغ وانما هي حلقة من حلقات النضال الفلسطيني الممتد في أعماق التاريخ ، وخاصة منذ وطئت أرض فلسطين اقدام المستيا وطنين الصهاينة في أواخر القرن التاسع عشر، وانطلاقة فتح وانتهاج الكفاح المسلح سبيلا للوصول إلى فلسطين وتحريرها جعل من شعبنا الفلسطيني بدلا من شعب لاجئ شعبا يحترمه العالم .  ويضيف أبو شاويش وإن منعطفات كثيرة اعترضت طريق الثورة بالأرواح والدماء، وتمكنت فتح أن تدحض المقولة الصهيونية بأن فلسطين أرض بلا شعب ، الشعب بلا أرض، واستطاعت فتح بثورتها وبجماهيرها أن تثبت أن هذه الأرض لنا منذ الأزل وحتى الأبد وأن دولتنا الفلسطينية المستقلة قادمة لا محالة وعاصمتها القدس الشريف.  استقلالية القرار الوطني  أما عن استقلالية القرار الوطني الفلسطيني الذي اعتبرته حركة فتح مبدأ من مبادئها الرئيسية... فالهدف كان من أجل الابتعاد عن دائرة الاستقطابات العربية والدولية ضمانا لتأييد الجميع عربيا ودوليا.  فتح فلسطينية المنطلق عربية الانتماء  عن ذلك يقول الأخ سليم الزعنون لقد فهم البعض وربما عن خبث ودهاء أن ذلك يعني نظرة وطنية ضيقة تتنكر القومية القضية الفلسطينية، حيث جرى الطعن في هذا المبدأ وتشويهه بينما حقيقة الأمر كانت تؤكد وباستمرار وبكل الصدق ومنذ البدايات على أن الثورة الفلسطينية بقيادة فتح إنما هي فلسطينية المنطلق عربية الانتماء، ولطالما رددها الأخ قاند الثورة الرئيس یاسر عرفات ومن كل المنابر" إنها فلسطينية الوجه عربية القلب" ولقد عرفت الأمة العربية ذلك، فكان الامتداد الواسع والعميق الحركة فتح في صفوف الأمة العربية من المحيط إلى الخليج، وامتد ذلك الوجود إلى كل شعوب الأمة الإسلامية و أما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض .  لا للوصاية .. ولا للتبعية .. ولا للاحتواء  يقول الأخ مازن عز الدين بدأت حركة فتح تحت عناوین واضحة في منطلقاتها الاستراتيجية حيث خاطبت بعدنا العربي، الذي يعتبر القاعدة الارتكازية الأساسية فحركة فتح لم تكن تبحث فقط عن القرار الفلسطيني المستقل و انما الضرورات التفاوضية والضرورات السياسية كانت تفرض على القيادة الفلسطينية إيجاد هامش هام وواسع للمناورة أطلق عليه القرار الوطني الفلسطيني المستقل وفتح رفعت شعارات واضحة بأن الثورة الفلسطينية فلسطينية الوجه عربية القلب، وعندما بدأت الطروحات السياسية لتبرير الاعتراف بقراري 242، 338 ودخولنا في مراحل تسوية بعد عام 73، جعلنا نخوض عملية التمایز نظرا لأن كل الأقطار العربية التي تتواجد على أرضها لها هامش في الإطار القومي ولكن لها هامشا في صنع قرارها الداخلي أيضا.  ويضيف الأخ عز الدين بأنه منعا للمصادرة والاحتواء فقد طبقنا شعارات فتح الأولى التي تستند الى ثلاثة أعمدة أساسية وهي لا للوصاية، لا للتبعية، لا للاحتواء، ورفعنا شعار استراتيجيا بأننا نرفض التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية وكذلك نرفض أن يتدخل أحد في شؤوننا الداخلية، إلى أن جاءت معركة بيروت حيث دافعنا عن قرارنا الوطني وخضنا معركة طرابلس كذلك دفاعا عن قرارنا الوطني الفلسطيني.  استقلالية حركة فتح  أما الأخ زكريا الأغا فقال إن حركة فتح خاضت معارك كثيرة للحفاظ على قرارنا الفلسطيني المستقل فمنذ اللحظة الأولى كانت تشعر أنه لكي تنجح ولكي تعبر تعبيرا صادقا عن آمال وطموحات الشعب الفلسطيني يجب أن تكون بعيدة عن الاحتواء، هذا ليس انفصالا عن العالم العربي، لكن فتح منذ اللحظة الأولى قررت واكدت استقلاليتها وكان هذا واضحا منذ اللحظة الأولى وحتی الآن .  أضاف الأغا: لا أحد يستطيع أن يحسب حركة فتح على أي نظام عربي حتى عندما تأزمت الأمور مع المنشقين في ۸۳ وحينما حاولت بعض الأنظمة العربية تقييد منظمة التحرير الفلسطينية واصابتها بالشلل، قامت حركة فتح ومعها جميع الأخوة من الفصائل الفلسطينية التي كانت تقف إلى جانبها لتعلن وتؤكد على ضرورة الخروج من هذا الوضع الذي وجدت المنظمة نفسها فيه بعد الانشقاق، فكان المؤتمر الفلسطيني السابع عشر الذي عقد في عمان والذي أخرج المنظمة من الشلل، وهذه الدورة أكدت أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني بقيادة الأخ أبو عمار، وسميت هذه الدورة بدورة القرار الوطني الفلسطيني المستقل والذي لاقت فيها تجاوبا جماهيريا كبيرا في الأراضي الفلسطينية المحتلة وقاموا بمظاهرات وسقط الشهداء بمن فيهم شهيد القرار الوطني الفلسطيني (شرف الطيبي).  فتح بانطلاقتها تفجر المسار التاريخي للمنطقة  يقول الأخ سلیم الزعنون، لقد أثرت فتح بالفعل في المسار التاريخي للشرق الأوسط... سواء من حيث الحروب التي اشتعلت في المنطقة أو من خلال فرض وجود الثورة الفلسطينية من جهة أخرى على خريطة المنطقة بل وعلى الخريطة العالمية بالنسبة البؤر الصراع في العالم.  وأما عن الانتقال بالنضال الفلسطيني من الشتات إلى أرض الوطن فهذا أصبح حقيقة واقعة لا يستطيع أحد إنكارها، فبعد العودة إلى أرض الوطن من خلال اتفاقات السلام مع حكومة إسرائيل العمالية بزعامة اسحق رابين وشمعون بيريس في أوسلو والقاهرة وطابا سنة ۱۹۹۳، فإن الجسم المسلح للثورة الفلسطينية قد عاد بسلاحه إلى أرض الوطن ليكون طليعة لعودة الشعب الفلسطيني كله.  ويشير الأخ أبو الأديب إلى اتفاقات أوسلو بأنه لا أحد ينكر ما تقوم به طلائع شعبنا المتمثلة في السلطة الوطنية الفلسطينية ورموزها بقيادة الأخ الرئيس یاسر عرفات والأعضاء المنتخبين من قبل شعبنا في المجلس التشريعي المنضوي تحت مظلة المجلس الوطني الفلسطيني الذي يعتبر خيمة الشرعية الفلسطينية في داخل الوطن والشتات، فالكل يشاهد بأم عينيه صباح مساء كيف يواجه شعبنا جنود الاحتلال وفي طليعة المواجهة يقف اخواننا رموز السلطة الوطنية وأعضاء المجلس التشريعي والوطني وكل رجال الأمن الذين هم فدائيو الأمس حيث التصدي للممارسات الاسرائيلية المتنكرة لكل الاتفاقات و المواثيق الدولية والانسانية، انه الصراع من فوق أرض الوطن الذي يتعرض لمؤامرات التهديد وطمس الهوية الفلسطينية، إنها معركة تجسيد الهوية الفلسطينية وإرساء قواعد الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف فوق أرض فلسطين ووجها لوجه مع قوات الاحتلال وأساليبه القمعية.  ويتساءل الأخ أبو الأديب هل هناك ما هو أفضل و أروع وأصدق من معايشة القيادة لشعبها في كفاحه ومعاناته وصنع مستقبله..؟؟  وهل كانت فتح الأمس صاحبة شعار "ثورة حتی النصر" غير فتح اليوم التي ما زالت تخوض هذه الثورة ومن فوق أرض فلسطين من أجل النصر وبناء دولة فلسطين...؟!  ما حققته فتح من مبادئها وأهدافها  عن ذلك يقول الأخ سليم الزعنون بأنه يكفي أن نذكر بحال الشعب الفلسطيني وثورته في أعقاب حرب العراق - الكويت.. لقد كانت هناك مؤامرة لإلغاء الوجود الفلسطيني، حيث جرى تهميش الدور الفلسطيني في مؤتمر مدريد للسلام.. لكننا سرعان ما أثبتنا وجودنا وأصبحنا الرقم الصعب - كما يقولها الأخ الرئيس أبو عمار الذي لا يمكن تجاهله، وها نحن على أرضنا قيادة ومقاتلين ومعنا أكثر من خمسين الفا من أبناء شعبنا المشردين قد عادوا إلى أرض الوطن طليعة العودة كل الشعب الفلسطيني .. و العالم كله يؤازرنا ويقف معنا، حيث انقلبت المعادلة وبات الإسرائيليون في ظل زعامتهم اليمينية المتطرفة محاصرين في كل المجالات الدولية، والأهم من كل هذا .. هو أننا نمارس حقنا المشروع في النضال وبناء دولتنا المستقلة من فوق أرضنا والشرعية الدولية كلها تقف إلى جانبنا.  ويستبشر الأخ أبو الأديب خيرا ويقول قريبا إن شاء الله.. سيشهد العالم قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف .. لأنها باتت مطلبا دوليا أيضا حتى إنه صارت هناك قناعات عند قطاع كبير من القادة و الشارع الإسرائيلي بضرورة قيام دولتنا الفلسطينية باعتبار ذلك حاجة ملحة لإقرار السلام في المنطقة، فالنضال الثوري دائما له أهدافه المرحلية والاستراتيجية المتمثلة في إقامة دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.. وعودة أبناء شعبنا في الشتات إلى أرض الوطن وما يتبع ذلك من مطالبة بحقوقنا المشروعة في أرضنا المغتصبة و أملاكنا المسلوبة.  من شعب لاجئ إلى شعب ذى سيادة   يقول الأخ زكريا الأغا بأن أكبر انجاز لمبادئ فتح وأهدافها هو أن القيادة الفلسطينية فوق الثرى الفلسطيني والسلطة الوطنية هي المقدمة الطبيعية والأكيدة للدولة الفلسطينية حيث إن آمالنا زادت في قيامها فقد تحولنا من شعب لاجئ إلى شعب ذي سيادة وطنية، وأصبح الجميع يعترف بنا ككيان، فالعلم الفلسطيني يرفرف فوق ربوع الوطن والمواطن يسافر بجواز سفر فلسطيني، وكلنا ثقة بالأخ القائد ياسر عرفات لنصل إلى القدس الشريف عاصمة دولتنا الفلسطينية.             نشر بتاريخ - يناير - 1997 - مجلة الرأي - عدد 7

وبدوره يقول الأخ إبراهيم أبو النجا: فرضت نكبة 48، وما ترتب عليها من سلب الأرض الفلسطينية وتهجير للشعب الفلسطيني ، وحالة الضياع التي عانى منها أبناء شعبنا في السنوات الأولى للهجرة، فرضت على الشعب العربي الفلسطيني أن يعيد صنع نفسه من جديد، وقد اضطلع بهذه المهمة كوكبة من المناضلين التقوا فاتفقوا على الخروج من هذا الواقع الأليم وتصويب المسار، | ومن هنا جاء ميلاد التنظيم السياسي الذي سمي بحركة التحرير الوطني الفلسطيني، وقد أخذنا الحروف الأولى للتسمية فتكونت كلمة (حتف) ولكن قلبنا الكلمة وأصبحت فتح، وحروفها تدل على: الفاء فلسطين، والتاء تحرير، والحاء حركة، فالحركة جاءت في الآخر لأنها ستطلع بمهمة التحرير، والفاء جاءت في الأول لأن الهدف الأول هو فلسطين، وحركة فتح عندما تأسست لم يكن المقصود منها أن تكون على غرار التنظيمات السياسية التي سبقتها في التأسيس ولكنها جاءت لتنطلق من العمل السياسي إلى العمل العسكري الذي ترجم على ارض الواقع مع بزوغ فجر 65/1/1 وتفجير الكفاح المسلح لنعلن للعالم أننا انطلقنا باتجاه استرداد فلسطين، وقد حذرنا من أي محاولة تستهدف النيل من عملنا العسكري، وقد رافقت الانطلاقة أدبيات تتمثل في المبادئ والأهداف والشعارات وتعرضت حركة فتح وكوادرها الملاحقات ومطاردات، وزج بهم في السجون.

وأضاف أبو النجا إن الإعلان عن الكفاح المسلح وضع طلائعنا الفلسطينية الذين أصبحوا فيما بعد قادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح وعلى رأسهم الأخ القائد أبو عمار ورفيق دربه الشهيد القائد خليل الوزير (أبو جهاد) وبقية الأخوة في وضع يصدق فيهم قوله تعالى و من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا.

ويوضح أبو النجا بأن انطلاقة فتح ليست بديلا عن العمل العربي المشترك فنحن رأس الحربة التحرير فلسطين حيث تلقف أبناء شعبنا الفلسطيني في كافة أماكن تواجده نبأ الانطلاقة بتلهف وتأييد كبير ويحدوهم الأمل بأن هذا هو الطريق لتحرير فلسطين ونیل حقوقنا الوطنية وبدأوا بالالتحاق بصفوف الحركة، حيث كان للفدائيين العديد من المعارك والعمليات العسكرية التي أوجعت الاحتلال، وكان الفدائيون يمارسون حرب العصابات ولم يمارسوا الحرب النظامية حيث دخلت العلم العسكري النظرية الفلسطينية بأن الصمود المدعوم بالحق هو الأساس وواجه مقاتلونا بأسلحتهم الخفيفة الفردية الآليات والطائرات وكل أشكال الحملة الصهيونية، لم نتكلم نحن عن النتائج بقدر ما تكلم العدو نفسه وبقدر ما تكلم المراقبون العسكريون والسياسيون، وشكلت عملياتنا انعطافا جديدا في فهم العالم كله لخصوصية وطبيعة قضيتنا مما أدى إلى الالتحام الشعبي بالثورة الفلسطينية وبدأت المعادلة في التغيير والنظرة تختلف من شعب لاجئ إلى شعب يمارس الكفاح من أجل عودته إلى أرضه، وكان على الثورة أن تستوعب المناضلين الذين التحقوا بها وأن تقيم المؤسسات في الوقت الذي كثرت فيه أعباء الثورة الفلسطينية واستطاعت أن تبني المؤسسة العسكرية وتوابعها،  وهذه النقلة الجديدة جعلتنا،  مستهدفين من بعض القوى التي لم يكن هدفها تحرير الوطن سواء كانت على الصعيد المحلي أو على الصعيد القومي واستمر النضال الفلسطيني وكانت العمليات ليلية وبشكل مكثف وأذكر هنا عمليات الحزام الأخضر حيث أخذت شكل المواجهة العسكرية الحقيقية غرب النهر التي قادها الأخ أبو عمار والأخ أبو جهاد و الأخ أبو صبري، وكل القيادة الفلسطينية كان عليها أن تدخل إلى الداخل التبني الخلايا السرية وتمدها بالأسلحة مما أضفى على نضالنا وقتالنا شينا متميزا حيث أن القيادات السياسية والعسكرية كانت تضطلع بهذا الدور في البناء والتأسيس وإقامة القواعد و تثبيت التنظيم السري في التعبئة و التحريض.

انطلاقة فتح كسرت الجمود والتراجع

إستطلاع : محمد توفيق أحمد كريزم  في ذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية  اثنان وثلاثون عاما من النضال والكفاح  فتح ثورة فلسطينية الوجه . عربية العمق . عالمية البعد  فتع بقيادة الرمز أبو عمار - صانعة الثورة – وصانعة السلام       منذ فجرت حركة فتح الثورة الفلسطينية المعاصرة وشلال دماء شهداء ثورتنا ما انفك يتدفق ويفيض راسما الخارطة الجديدة للمنطقة بأسرها .   وعندما أطلقت فتح رصاصاتها الأولى لتطرح منطلقاتها الاستراتيجية التي حددت من خلالها أولوية تحرير فلسطين باتباع اسلوب الكفاح المسلح وتوحيد نضال الجماهير قلبت بذلك رأسا على عقب مجموعة المنطلقات الاستراتيجية التي سادت الوطن العربي حول قضية فلسطين وأدخلت المنطقة العربية برمتها في مرحلة جديدة تمتاز بالصراع الساخن ، وبرهنت على أن الثورة الفلسطينية .. فلسطينية الوجه.. عربية العمق.. عالمية البعد، مما جعلها في وضع فريد ضمن حركات التحرر الوطني في العالم.  الأجواء التي رافقت ولادة الحركة   لاشك أن ولادة حركة فتح كانت عيرة اعترضتها صعوبات و مشاكل جمة، في الوقت الذي لم يكن فيه سهلا على طلائع قيادتنا التاريخية أن يتخذوا قرارهم التاريخي بتأسيس فتح في ذاك الوقت.  الكفاح المسلح بدلا من الشعارات والمزايدات      يقول الأخ سلیم الزعنون (أبو الأديب ) أحد القادة التاريخيين لثورتنا ومن المؤسسين لحركة فتح عن الظروف التي رافقت انطلاقة الثورة الفلسطينية المسلحة بقيادة فتح في 1/11/1965 بأن مصاعب الانطلاقة كانت جمة ولكن أهمها وجود أكثر من ثلاثين تنظيما كانت جميعها تحمل أسماء وشعارات حول تحریر فلسطين.. بعض تلك التنظيمات كان لا يتعدى حجمها عدد أصابع اليد.. وبالتالي كانت ساحات العمل الفلسطيني غارقة بالمزايدات والشعارات.. مما أدى إلى الخلط بين الغث و السمين ولهذا بطبيعة الحال أثره السلبي على جماهيرية وشعبية أي تنظيم.. مما حتم على قيادة فتح التاريخية القيام بعمل بطولي وشجاع يكون كفيلا بإخراج حركة فتح من دوامة الشعارات والصراعات الحزبية التي سئمتها جماهير شعبنا. ويضيف الأخ أبو الأديب بأنه كان لابد من إطلاق شرارة الكفاح المسلح.. وهذا العمل أو القرار يعتبر مصيريا وخطيرا، حيث كل الظروف المحيطة كانت تعمل ضد هذا الاتجاه .. ثم هناك منظمة التحرير الفلسطينية برئاسة أحمد الشقيري و التي تأسست في 13/1/1964 ، بقرار من القمة العربية في القاهرة، ثم في قمة الاسكندرية سبتمبر/أيلول 1964 تقرر إنشاء جيش التحرير الفلسطيني بقيادة اللواء وجيه المدني، وكان لهذا أثره الفعال-سلبا على وجود التنظيمات المختلفة ، وكان هناك القيادة العربية الموحدة بقيادة الفريق أول علي عامر بقرار من القمة العربية من أجل مواجهة المشاريع الإسرائيلية التحويل مياه نهر الأردن ومنابعه مما يشكل تهديدا للدول العربية .. وهذه القيادة لا تريد لغيرها أن يعمل ضد الإسرائيليين.. ولقد كانت لهذه القيادة قرارات مضادة للعمل الفدائي بعد الانطلاقة:  والحدود المشتركة مع فلسطين المحتلة موصدة في وجه أي عمل مسلح .. والتمويل المادي محدود ويعتمد على اشتراكات الأعضاء فقط، حيث لا أحد يتبرع ماديا لمن لا يعمل .. وأجهزة المخابرات في مناطق التماس مع فلسطين المحتلة تلاحق وتمنع أي إنسان من اختراق الحدود ومهاجمة العدو في الداخل.. ثم هناك الخطر المصيري المحتمل، الذي يتهدد تنظیم فتح بكل وجوده إذا ما فشلت الانطلاقة. العملية الأولى   ويكشف الأخ أبو الأديب اللحظات الحاسمة التي عاشتها ثورتنا ويقول بأنه أمام كل هذه الأخطار كان لابد من اتخاذ القرار المصري و الحاسم.. ولقد اختلف قادة تنظيم فتح حول ذلك .. البعض يؤيد الانطلاقة .. والبعض يحذر .. والبعض متردد .. وفي ظل كل هذه الظروف الصعبة اجتمع قادة فتح من كل الأقاليم وكان اللقاء في مكان ما بالكويت وبعد نقاش طويل ومتشعب وخلال عدة أيام التزم الجميع بقرار الأغلبية وتقرر إطلاق الرصاصة الأولى في ليلة الفاتح من كانون الثاني (يناير) 1965م .. كبداية للثورة الفلسطينية المسلحة من أجل تحرير فلسطين .. ولقد ارتأى المجتمعون تحسبا لأي طارئ أن تكون الانطلاقة تحت اسم غير اسم حركة فتح التي باتت معروفة للجميع وتم اختيار اسم قوات العاصفة، فإذا تحقق النجاح وتواصلت الثورة ونجت من الأخطار المحدقة بها فان الأمر سيوضح بعد ذلك لوسائل الإعلام ولبقية تنظيم فتح حيث إن الأمر كان سريا للغاية ومحصورا في نطاق عدد محدود من قيادة الحركة .. أما لو كان هناك فشل .. فستنجو فتح من الخطر وسيتحمل الاسم الجديد تبعة ذلك الفشل .. ولقد تمت الانطلاقة بحمد الله وتوفيقه وتمكنت مجموعات من قوات العاصفة من تفجير بعض المنشآت التحويلية المياه نهر الأردن في نفق عيلبون وتبعتها عدة عمليات داخل فلسطين المحتلة وفي مناطق متباعدة في الجليل .. وفي بيت جبرين وفي بئر السبع بحيث لم يستطع العدو إلا أن يعترف بما حدث و أعلن عن ذلك من خلال اذاعته .   ويتذكر الأخ أبو الأديب أن القيادة اتخذت قرارا في مواجهة الأعباء المالية اللازمة لتغطية تلك العمليات بأن على كل فرد منتسب الحركة فتح أن يدفع مبلغ خمسين دينارا دعما للعمل العسكري وديمومته.  أصداء العملية   أما عن الصدي الذي أحدثه ذلك العمل فيقول الأخ أبو الأديب ، بأن الفرحة عمت صفوف الشعب الفلسطيني و بدأ الناس يتحدثون باستبشار وسعادة و أمل وهم يرددون الشعار الذي كانت تتركه المجموعات الفدائية الأولى وراءها في مكان العمليات المسلحة " أيها الغزاة الصهاينة.. قوات العاصفة مرت من هنا " وبدأ الشبان ينضمون إلى تنظيم حركة فتح في كل مناطق الشتات وفي قطاع غزة والضفة الغربية مما أدى إلى ذوبان أو تلاشي العديد من التنظيمات .. فالناس كانوا متعطشين لمن يجسد الشعارات إلى عمل بعد أن طال الانتظار واستبد اليأس بالنفوس، لقد كانت فتح بالنسبة للشعب الفلسطيني شعلة الأمل، أما عن الصدی عربيا فلاشك أن الانطلاقة ساعدت في استنهاض النخوة العربية فيات الناس يتبرعون للحركة من أجل تمويل عملياتها البطولية ودعما لأسر الشهداء والجرحى والأسري، وكانت هناك مناصرة دولية محدودة تمثلت بالدرجة الأولى بدعم مادي ومعنوي من قبل جمهورية الصين الشعبية وفيتنام وكوبا، وفي هذا المجال لا يمكننا أن ننسى الدعم الأخوي الصادق من قبل الجزائر الشقيقة وسوريا الحبيبة، حيث كانت لهما وقفات مخلصة ساعدت في إنجاح انطلاقة الثورة الفلسطينية واستمراريتها وتصاعدها بقيادة حركة فتح .  فتح صنعت لشعبنا الهوية السياسية      يقول الأخ زكريا الأغا بأن فتح ولدت من عمق المأساة الفلسطينية في وقت كان فيه الشعب الفلسطيني يعتبر مجرد قطاعات من اللاجئين بدون أي هوية سياسية ومن هنا تولدت الفكرة لدى عدد من القيادات الفلسطينية برئاسة الأخ القائد أبو.. عمار والشهيدين القائدين أبو جهاد وأبو ایاد وكثيرا من الأخوة الذين فكروا كيف يمكن أن يعيدوا الحياة إلى القضية الفلسطينية وان يعملوا على احياء النضال الفلسطيني والبدء بالكفاح المسلح. ويضيف الأغا أن الأفكار التقت بشأن تأسيس فتح على قاعدة الكفاح المسلح لتحرير فلسطين وتحويل شعبنا من مجرد شعب لاجئ إلى شعب من المقاتلين ونضجت الفكرة بعدما اتفق على موعد أول عملية تقوم بها قوات  العاصفة الذراع العسكري لحركة فتح، وكانت العملية بمثابة الإعلان الرسمي لانطلاقة فتح وانطلاقة الكفاح المسلح. وقد كان الاعلان الانطلاقة الفتحاوية وقع في الشارع الفلسطيني داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة فقد أعادت له ثقته بنفسه و احتشدت جماهير غفيرة للتطوع في صفوف فتح لتخوض النضال والكفاح تحت راية فلسطينية بقيادة القائد ياسر عرفات.  الاعتماد على الذات التحرير فلسطين    يقول الأخ مازن عز الدين انعكست بدايات تشكل الواقع العربي القومي باتجاهاته المختلفة التي تضع في اعتباراتها فلسطين، على الواقع الفلسطيني في الشتات، بحيث إن الشباب الفلسطيني حاول أن يجد نفسه في الحزبية العربية، فانضوى تحت أجنحة الأحزاب القومية معتقدا أنها السبيل في حشد موقف عربي من أجل معركة التحرير التي تعيده إلى فلسطين خاصة وأن مفتاح بيته لم يصب بالصدأ في تلك الأيام، وبالتالي كانت فكرة الوحدة العربية هي الطريق الحتمي التحرير فلسطين، ولكن مع طول المدة وانتظار الجيوش العربية التحرير فلسطين بدأ الملل يدخل في صفوف الشباب الفلسطيني، وبدأت تتشكل في أوساط الطبقات الأكثر وعيا من شعبنا الفلسطيني وتحديدا اتحاد طلاب فلسطين مجموعة من الأفكار المنسجمة مع واقعنا الفلسطيني والتي ترافقت مع نمو حركات التحرر العالمية و العربية مثل موجة المد القومي في اليمن والجزائر ومصر وثورات فيتنام وكمبوديا مما عكس ذلك على بدايات تشكل النواة الثورية الفلسطينية في الطبقات الأكثر وعيا.. ومن هنا جاءت فكرة الاعتماد على الذات بضرورة وجود حركة أو تنظيم فلسطيني يقاتل ويقاوم ويقلب المعادلة. ويضيف الأخ عز الدين بأن حركة فتح لم تكن بديلا عن منظمة التحرير الفلسطينية فالمنظمة جاءت کرد عربي على تحویل روافد مجرى نهر الأردن وكتعبير عن أفكار الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وتتويجا لفكره القومي باتجاه فلسطين الذي كان يعتبرها العمود الفقري للفكر القومي، وتم تشكيل جيش لها أطلق عليه اسم جيش التحرير الفلسطيني وكان منضويا تحت قيادة أركان الدول العربية التي يتواجد على أراضيها و مرتبطا بالخطة الرسمية العربية لأنظمة دول الطوق وبالتالي لم يستطع أن يحرك شينا بالنسبة لفلسطين . فجاءت حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح بتشكيلاتها دون أن تتدخل بتشكيلات منظمة التحرير الفلسطينية في بادئ الأمر إلى أن قامت بتفجير الانطلاقة وبداية تشكيل معسكراتها والقيام بعمليات فدائية . ويضيف الأخ عز الدين بعد حدوث نكسة 67 واحتلال باقي فلسطين إضافة إلى احتلال سيناء والجولان، أصبحت اليد الطولى الإرادة الشعب وإرادة الكفاح المسلح، وبالتالي وجب تأميم منظمة التحرير الفلسطينية ليصبح قرارها فلسطينيا محضا، وجرت محاولات عديدة لكي يتلقى جيش التحرير الفلسطيني تعليماته من رئاسة الأركان الفلسطينية وليس من أركان رئاسة الدول العربية المتواجد على أراضيها ، إلى أن جاءت الظروف وأصبح جيش التحرير الفلسطيني تحت إمرة فلسطينية يدافع دفاعا مستميتا عن الثورة الفلسطينية بعد أن قامت فتح بعملية النقل الشرعي لقيادة منظمة التحرير الفلسطينية من قيادة الشهيد المناضل أحمد الشقيري إلى قيادة الرئيس القائد العام یاسر عرفات.  فتح انطلقت باتجاه الوطن       وبدوره يقول الأخ إبراهيم أبو النجا: فرضت نكبة 48، وما ترتب عليها من سلب الأرض الفلسطينية وتهجير للشعب الفلسطيني ، وحالة الضياع التي عانى منها أبناء شعبنا في السنوات الأولى للهجرة، فرضت على الشعب العربي الفلسطيني أن يعيد صنع نفسه من جديد، وقد اضطلع بهذه المهمة كوكبة من المناضلين التقوا فاتفقوا على الخروج من هذا الواقع الأليم وتصويب المسار، | ومن هنا جاء ميلاد التنظيم السياسي الذي سمي بحركة التحرير الوطني الفلسطيني، وقد أخذنا الحروف الأولى للتسمية فتكونت كلمة (حتف) ولكن قلبنا الكلمة وأصبحت فتح، وحروفها تدل على: الفاء فلسطين، والتاء تحرير، والحاء حركة، فالحركة جاءت في الآخر لأنها ستطلع بمهمة التحرير، والفاء جاءت في الأول لأن الهدف الأول هو فلسطين، وحركة فتح عندما تأسست لم يكن المقصود منها أن تكون على غرار التنظيمات السياسية التي سبقتها في التأسيس ولكنها جاءت لتنطلق من العمل السياسي إلى العمل العسكري الذي ترجم على ارض الواقع مع بزوغ فجر 65/1/1 وتفجير الكفاح المسلح لنعلن للعالم أننا انطلقنا باتجاه استرداد فلسطين، وقد حذرنا من أي محاولة تستهدف النيل من عملنا العسكري، وقد رافقت الانطلاقة أدبيات تتمثل في المبادئ والأهداف والشعارات وتعرضت حركة فتح وكوادرها الملاحقات ومطاردات، وزج بهم في السجون. وأضاف أبو النجا إن الإعلان عن الكفاح المسلح وضع طلائعنا الفلسطينية الذين أصبحوا فيما بعد قادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح وعلى رأسهم الأخ القائد أبو عمار ورفيق دربه الشهيد القائد خليل الوزير (أبو جهاد) وبقية الأخوة في وضع يصدق فيهم قوله تعالى و من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا.  ويوضح أبو النجا بأن انطلاقة فتح ليست بديلا عن العمل العربي المشترك فنحن رأس الحربة التحرير فلسطين حيث تلقف أبناء شعبنا الفلسطيني في كافة أماكن تواجده نبأ الانطلاقة بتلهف وتأييد كبير ويحدوهم الأمل بأن هذا هو الطريق لتحرير فلسطين ونیل حقوقنا الوطنية وبدأوا بالالتحاق بصفوف الحركة، حيث كان للفدائيين العديد من المعارك والعمليات العسكرية التي أوجعت الاحتلال، وكان الفدائيون يمارسون حرب العصابات ولم يمارسوا الحرب النظامية حيث دخلت العلم العسكري النظرية الفلسطينية بأن الصمود المدعوم بالحق هو الأساس وواجه مقاتلونا بأسلحتهم الخفيفة الفردية الآليات والطائرات وكل أشكال الحملة الصهيونية، لم نتكلم نحن عن النتائج بقدر ما تكلم العدو نفسه وبقدر ما تكلم المراقبون العسكريون والسياسيون، وشكلت عملياتنا انعطافا جديدا في فهم العالم كله لخصوصية وطبيعة قضيتنا مما أدى إلى الالتحام الشعبي بالثورة الفلسطينية وبدأت المعادلة في التغيير والنظرة تختلف من شعب لاجئ إلى شعب يمارس الكفاح من أجل عودته إلى أرضه، وكان على الثورة أن تستوعب المناضلين الذين التحقوا بها وأن تقيم المؤسسات في الوقت الذي كثرت فيه أعباء الثورة الفلسطينية واستطاعت أن تبني المؤسسة العسكرية وتوابعها،  وهذه النقلة الجديدة جعلتنا،  مستهدفين من بعض القوى التي لم يكن هدفها تحرير الوطن سواء كانت على الصعيد المحلي أو على الصعيد القومي واستمر النضال الفلسطيني وكانت العمليات ليلية وبشكل مكثف وأذكر هنا عمليات الحزام الأخضر حيث أخذت شكل المواجهة العسكرية الحقيقية غرب النهر التي قادها الأخ أبو عمار والأخ أبو جهاد و الأخ أبو صبري، وكل القيادة الفلسطينية كان عليها أن تدخل إلى الداخل التبني الخلايا السرية وتمدها بالأسلحة مما أضفى على نضالنا وقتالنا شينا متميزا حيث أن القيادات السياسية والعسكرية كانت تضطلع بهذا الدور في البناء والتأسيس وإقامة القواعد و تثبيت التنظيم السري في التعبئة و التحريض.  انطلاقة فتح كسرت الجمود والتراجع      يقول الأخ أبو ماهر حلس بأن میلاد حركة فتح وتحديدا انطلاقتها العسكرية كان في ظل ظروف عربية واقليمية تكيفت مع وجود کیان اسرائيلي وكأنها أمر واقع، وأن العمل المسلح هو مغامرة محكوم عليها بالفشل، وجاءت انطلاقة فتح لتكسر هذه المفاهيم وتستبدلها بمفهوم ثوري جديد يعتمد على الكفاح المسلح. ويضيف الأخ أبو ماهر بأن من أطواق السلامة اللي اعتمدتها فتح وضمن منطلقاتها الأساسية هي حفاظها على استقلالية القرار الوطني الفلسطيني، وقد مارست هذا الشعار في كل مراحل العمل الوطني، فهي لم تتدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة إضافة إلى أنها لم تسمح بالتدخل في الشؤون الداخلية الفلسطينية بغض النظر عن حجم التحالف مع هذا | النظام أو ذاك، وقد كانت فتح وقيادتها دائما مرشحة للإسهام الايجابي في حل الكثير من الخلافات العربية .  وما يميز حركة فتح هو أنها صاحبة المبادرة التاريخية في كل مراحل العمل الوطني، فعندما | اختارت الكفاح المسلح، كان هذا | بمثابة مغامرة في نظر الآخرين، | لكن سرعان ما لحق بها الجميع وثبتت صحة النظرية الفتحاوية، | وحينما اختارت السلام كان أيضا السلام مجازفة تاريخية، ولكن سرعان ما اتضحت صحة الخطوة التي اتخذتها قيادتنا الفلسطينية | وعلى رأسها الأخ القائد أبو عمار في كل المراحل سواء معركة الحرب أو السلام، فهي تنطلق من رؤى واضحة لأهدافها الوطنية وللمصلحة العليا لشعبنا ضمن قراءة واقعية لظروف شعبنا.  واعتمدت فتح المرونة في التكتيك وصلابة استراتيجية وثبات على الهدف والمبادئ، وما يتغير فهو شعارات وأساليب، حتى نصل إلى اقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.  فتح حملت ميراث الأمة   ومن جهته يرى الأخ سليم الزريعي الذي أمضى خمسة وعشرين عاما في السجون الإسرائيلية أن الحديث عن حركة فتح ذو شجون، ففتح ولدت من رحم المعاناة وفي مرحلة أسمناها بمرحلة الاستقرار المنظومي، هذه المرحلة التي طغت فيها فكرة العمل القومي على كل ما عداها، وحينما استذكر تلك المرحلة في تلك الظروف لا يسعني إلا أن أقول إن قرار انطلاقة فتح وقرار تشكيل طلائع قوات العاصفة كان قرارا يرقى إلى مستوى المرحلة وكان قرارا شجاعا لا يجرؤ على اتخاذه إلا تلك القيادة التاريخية التي قادت النضال الفلسطيني وحملت حلم الإنسان الفلسطيني وهمومه وكانت بمستوى حمل أمانة ميراث الأمة وصون التاريخ الفلسطيني من الاندثار.  ويضيف الزريعي إنه في تلك الفترة أسهمت الأنظمة العربية بما طرحته من مفاهيم في تغييب الدور الفلسطيني والذي يفترض أن يكون هو الدور الأساسي، وتبقى الجبهة العربية داعمة ومساندة تقف إلى جانب نضال شعبنا وتدعم كفاحه، وقد أثبتت الأيام والمعارك التي تلت ذلك صحة هذه المقولة حيث اتهمتنا بعض الأنظمة العربية بأننا قطريون و إقليميون و انفصاليون في ذاك الوقت ورددنا على هذه الادعاءات والاتهامات بأن حركة فتح فلسطينية الوجه عربية القلب والوجدان عالمية الأبعاد والامتدادات، فالمعركة قومية ويجب أن يكون الفلسطيني هو رأس الرمح وأن تكون المعركة تحت قيادة فلسطينية ونذكر عندما دخل جيش الانقاذ فلسطين في الأربعينات أسهم في تحجيم ثورة الفلسطينيين تحت شعار أن المعركة قومية. وتحول جيش الجهاد المقدس الفلسطيني في ذاك الحين إلى مجموعات متناثرة حينما ألغيت قيادته بقرار من جامعة الدول العربية وقالوا إن جيش الإنقاذ هو البديل وانسحب جيش الإنقاذ بقرار عربي وبقي الفلسطينيون ممزقين أمام الحركة الصهيونية، من هنا ندرك أهمية قرار القيادة التاريخية لحركة فتح في أن يتصدر الفلسطينيون النضال من أجل قضيتهم الفلسطينية وهويتهم النضالية.  فتح وهج الجماهير ومشعلها الحقيقي   يقول الأخ أحمد أبو سيف وهو أحد المقاتلين الذين جمعوا بين الانتماء الفتحاوي فكرا ومنهجا وبين الكفاح المسلح عملا وتطبيقا بأن حركة فتح هي المشعل الحقيقي للشعب الفلسطيني وهي وهج الجماهير ويصب نضالها في إطار العمل الفلسطيني من أجل تحرير فلسطين، وكان ثقلنا العسكري موجودا في الأردن بشكل مجموعات سرية.  وبعد حرب 67 نشطت حركة فتح عسكريا ودخلنا بما سمی ( كسر العظم ) مع الإسرائيليين وكانت حرب الكرامة بداية أول تصد عسكري حقيقي للعدو، حيث الحقت الهزيمة به، وهبت الجماهير للالتحاق بصفوفنا، وتطورت القواعد الفدائية في جنوب أربد والرمثا، ومن كان ينظر ليلا إلى أريحا من جبال اربد والناعور يجد منطقة أريحا وقد لفتها أحزمة من النيران فالعمليات بشكل يومي، وكان ينفذون مقاتلونا عملياتهم الفدائية سرا وفي الليل خوفا من اعتراض طريقهم.  ويضيف الأخ أبو سيف بأننا عندما نتكلم عن فتح فإننا نتكلم عن فلسطين ذلك أن فتح استوعبت معظم أبناء الشعب الفلسطيني في صفوفها وكانت بمثابة الأم الحنون، بل إنها كانت تمد التنظيمات الفلسطينية الأخرى بالمال والعتاد لمواصلة مشوارها النضالي من أجل تحرير فلسطين، | وفتح عبارة عن حركة عالمية استطاعت تجنيد الرأي العام الصالح القضية الفلسطينية وكانت تدعم نفسها بنفسها.  انطلاقة فتح حلقة من حلقات النضال الشعبي  يقول الأخ أحمد أبو شاويش بأن الحديث عن انطلاقة فتح يقود إلى السياق التاريخي الذي جاءت فيه الانطلاقة وبروز العمل العسكري فالانطلاقة لم تأت من فراغ وانما هي حلقة من حلقات النضال الفلسطيني الممتد في أعماق التاريخ ، وخاصة منذ وطئت أرض فلسطين اقدام المستيا وطنين الصهاينة في أواخر القرن التاسع عشر، وانطلاقة فتح وانتهاج الكفاح المسلح سبيلا للوصول إلى فلسطين وتحريرها جعل من شعبنا الفلسطيني بدلا من شعب لاجئ شعبا يحترمه العالم .  ويضيف أبو شاويش وإن منعطفات كثيرة اعترضت طريق الثورة بالأرواح والدماء، وتمكنت فتح أن تدحض المقولة الصهيونية بأن فلسطين أرض بلا شعب ، الشعب بلا أرض، واستطاعت فتح بثورتها وبجماهيرها أن تثبت أن هذه الأرض لنا منذ الأزل وحتى الأبد وأن دولتنا الفلسطينية المستقلة قادمة لا محالة وعاصمتها القدس الشريف.  استقلالية القرار الوطني  أما عن استقلالية القرار الوطني الفلسطيني الذي اعتبرته حركة فتح مبدأ من مبادئها الرئيسية... فالهدف كان من أجل الابتعاد عن دائرة الاستقطابات العربية والدولية ضمانا لتأييد الجميع عربيا ودوليا.  فتح فلسطينية المنطلق عربية الانتماء  عن ذلك يقول الأخ سليم الزعنون لقد فهم البعض وربما عن خبث ودهاء أن ذلك يعني نظرة وطنية ضيقة تتنكر القومية القضية الفلسطينية، حيث جرى الطعن في هذا المبدأ وتشويهه بينما حقيقة الأمر كانت تؤكد وباستمرار وبكل الصدق ومنذ البدايات على أن الثورة الفلسطينية بقيادة فتح إنما هي فلسطينية المنطلق عربية الانتماء، ولطالما رددها الأخ قاند الثورة الرئيس یاسر عرفات ومن كل المنابر" إنها فلسطينية الوجه عربية القلب" ولقد عرفت الأمة العربية ذلك، فكان الامتداد الواسع والعميق الحركة فتح في صفوف الأمة العربية من المحيط إلى الخليج، وامتد ذلك الوجود إلى كل شعوب الأمة الإسلامية و أما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض .  لا للوصاية .. ولا للتبعية .. ولا للاحتواء  يقول الأخ مازن عز الدين بدأت حركة فتح تحت عناوین واضحة في منطلقاتها الاستراتيجية حيث خاطبت بعدنا العربي، الذي يعتبر القاعدة الارتكازية الأساسية فحركة فتح لم تكن تبحث فقط عن القرار الفلسطيني المستقل و انما الضرورات التفاوضية والضرورات السياسية كانت تفرض على القيادة الفلسطينية إيجاد هامش هام وواسع للمناورة أطلق عليه القرار الوطني الفلسطيني المستقل وفتح رفعت شعارات واضحة بأن الثورة الفلسطينية فلسطينية الوجه عربية القلب، وعندما بدأت الطروحات السياسية لتبرير الاعتراف بقراري 242، 338 ودخولنا في مراحل تسوية بعد عام 73، جعلنا نخوض عملية التمایز نظرا لأن كل الأقطار العربية التي تتواجد على أرضها لها هامش في الإطار القومي ولكن لها هامشا في صنع قرارها الداخلي أيضا.  ويضيف الأخ عز الدين بأنه منعا للمصادرة والاحتواء فقد طبقنا شعارات فتح الأولى التي تستند الى ثلاثة أعمدة أساسية وهي لا للوصاية، لا للتبعية، لا للاحتواء، ورفعنا شعار استراتيجيا بأننا نرفض التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية وكذلك نرفض أن يتدخل أحد في شؤوننا الداخلية، إلى أن جاءت معركة بيروت حيث دافعنا عن قرارنا الوطني وخضنا معركة طرابلس كذلك دفاعا عن قرارنا الوطني الفلسطيني.  استقلالية حركة فتح  أما الأخ زكريا الأغا فقال إن حركة فتح خاضت معارك كثيرة للحفاظ على قرارنا الفلسطيني المستقل فمنذ اللحظة الأولى كانت تشعر أنه لكي تنجح ولكي تعبر تعبيرا صادقا عن آمال وطموحات الشعب الفلسطيني يجب أن تكون بعيدة عن الاحتواء، هذا ليس انفصالا عن العالم العربي، لكن فتح منذ اللحظة الأولى قررت واكدت استقلاليتها وكان هذا واضحا منذ اللحظة الأولى وحتی الآن .  أضاف الأغا: لا أحد يستطيع أن يحسب حركة فتح على أي نظام عربي حتى عندما تأزمت الأمور مع المنشقين في ۸۳ وحينما حاولت بعض الأنظمة العربية تقييد منظمة التحرير الفلسطينية واصابتها بالشلل، قامت حركة فتح ومعها جميع الأخوة من الفصائل الفلسطينية التي كانت تقف إلى جانبها لتعلن وتؤكد على ضرورة الخروج من هذا الوضع الذي وجدت المنظمة نفسها فيه بعد الانشقاق، فكان المؤتمر الفلسطيني السابع عشر الذي عقد في عمان والذي أخرج المنظمة من الشلل، وهذه الدورة أكدت أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني بقيادة الأخ أبو عمار، وسميت هذه الدورة بدورة القرار الوطني الفلسطيني المستقل والذي لاقت فيها تجاوبا جماهيريا كبيرا في الأراضي الفلسطينية المحتلة وقاموا بمظاهرات وسقط الشهداء بمن فيهم شهيد القرار الوطني الفلسطيني (شرف الطيبي).  فتح بانطلاقتها تفجر المسار التاريخي للمنطقة  يقول الأخ سلیم الزعنون، لقد أثرت فتح بالفعل في المسار التاريخي للشرق الأوسط... سواء من حيث الحروب التي اشتعلت في المنطقة أو من خلال فرض وجود الثورة الفلسطينية من جهة أخرى على خريطة المنطقة بل وعلى الخريطة العالمية بالنسبة البؤر الصراع في العالم.  وأما عن الانتقال بالنضال الفلسطيني من الشتات إلى أرض الوطن فهذا أصبح حقيقة واقعة لا يستطيع أحد إنكارها، فبعد العودة إلى أرض الوطن من خلال اتفاقات السلام مع حكومة إسرائيل العمالية بزعامة اسحق رابين وشمعون بيريس في أوسلو والقاهرة وطابا سنة ۱۹۹۳، فإن الجسم المسلح للثورة الفلسطينية قد عاد بسلاحه إلى أرض الوطن ليكون طليعة لعودة الشعب الفلسطيني كله.  ويشير الأخ أبو الأديب إلى اتفاقات أوسلو بأنه لا أحد ينكر ما تقوم به طلائع شعبنا المتمثلة في السلطة الوطنية الفلسطينية ورموزها بقيادة الأخ الرئيس یاسر عرفات والأعضاء المنتخبين من قبل شعبنا في المجلس التشريعي المنضوي تحت مظلة المجلس الوطني الفلسطيني الذي يعتبر خيمة الشرعية الفلسطينية في داخل الوطن والشتات، فالكل يشاهد بأم عينيه صباح مساء كيف يواجه شعبنا جنود الاحتلال وفي طليعة المواجهة يقف اخواننا رموز السلطة الوطنية وأعضاء المجلس التشريعي والوطني وكل رجال الأمن الذين هم فدائيو الأمس حيث التصدي للممارسات الاسرائيلية المتنكرة لكل الاتفاقات و المواثيق الدولية والانسانية، انه الصراع من فوق أرض الوطن الذي يتعرض لمؤامرات التهديد وطمس الهوية الفلسطينية، إنها معركة تجسيد الهوية الفلسطينية وإرساء قواعد الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف فوق أرض فلسطين ووجها لوجه مع قوات الاحتلال وأساليبه القمعية.  ويتساءل الأخ أبو الأديب هل هناك ما هو أفضل و أروع وأصدق من معايشة القيادة لشعبها في كفاحه ومعاناته وصنع مستقبله..؟؟  وهل كانت فتح الأمس صاحبة شعار "ثورة حتی النصر" غير فتح اليوم التي ما زالت تخوض هذه الثورة ومن فوق أرض فلسطين من أجل النصر وبناء دولة فلسطين...؟!  ما حققته فتح من مبادئها وأهدافها  عن ذلك يقول الأخ سليم الزعنون بأنه يكفي أن نذكر بحال الشعب الفلسطيني وثورته في أعقاب حرب العراق - الكويت.. لقد كانت هناك مؤامرة لإلغاء الوجود الفلسطيني، حيث جرى تهميش الدور الفلسطيني في مؤتمر مدريد للسلام.. لكننا سرعان ما أثبتنا وجودنا وأصبحنا الرقم الصعب - كما يقولها الأخ الرئيس أبو عمار الذي لا يمكن تجاهله، وها نحن على أرضنا قيادة ومقاتلين ومعنا أكثر من خمسين الفا من أبناء شعبنا المشردين قد عادوا إلى أرض الوطن طليعة العودة كل الشعب الفلسطيني .. و العالم كله يؤازرنا ويقف معنا، حيث انقلبت المعادلة وبات الإسرائيليون في ظل زعامتهم اليمينية المتطرفة محاصرين في كل المجالات الدولية، والأهم من كل هذا .. هو أننا نمارس حقنا المشروع في النضال وبناء دولتنا المستقلة من فوق أرضنا والشرعية الدولية كلها تقف إلى جانبنا.  ويستبشر الأخ أبو الأديب خيرا ويقول قريبا إن شاء الله.. سيشهد العالم قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف .. لأنها باتت مطلبا دوليا أيضا حتى إنه صارت هناك قناعات عند قطاع كبير من القادة و الشارع الإسرائيلي بضرورة قيام دولتنا الفلسطينية باعتبار ذلك حاجة ملحة لإقرار السلام في المنطقة، فالنضال الثوري دائما له أهدافه المرحلية والاستراتيجية المتمثلة في إقامة دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.. وعودة أبناء شعبنا في الشتات إلى أرض الوطن وما يتبع ذلك من مطالبة بحقوقنا المشروعة في أرضنا المغتصبة و أملاكنا المسلوبة.  من شعب لاجئ إلى شعب ذى سيادة   يقول الأخ زكريا الأغا بأن أكبر انجاز لمبادئ فتح وأهدافها هو أن القيادة الفلسطينية فوق الثرى الفلسطيني والسلطة الوطنية هي المقدمة الطبيعية والأكيدة للدولة الفلسطينية حيث إن آمالنا زادت في قيامها فقد تحولنا من شعب لاجئ إلى شعب ذي سيادة وطنية، وأصبح الجميع يعترف بنا ككيان، فالعلم الفلسطيني يرفرف فوق ربوع الوطن والمواطن يسافر بجواز سفر فلسطيني، وكلنا ثقة بالأخ القائد ياسر عرفات لنصل إلى القدس الشريف عاصمة دولتنا الفلسطينية.             نشر بتاريخ - يناير - 1997 - مجلة الرأي - عدد 7

 يقول الأخ أبو ماهر حلس بأن میلاد حركة فتح وتحديدا انطلاقتها العسكرية كان في ظل ظروف عربية واقليمية تكيفت مع وجود کیان اسرائيلي وكأنها أمر واقع، وأن العمل المسلح هو مغامرة محكوم عليها بالفشل، وجاءت انطلاقة فتح لتكسر هذه المفاهيم وتستبدلها بمفهوم ثوري جديد يعتمد على الكفاح المسلح.

ويضيف الأخ أبو ماهر بأن من أطواق السلامة اللي اعتمدتها فتح وضمن منطلقاتها الأساسية هي حفاظها على استقلالية القرار الوطني الفلسطيني، وقد مارست هذا الشعار في كل مراحل العمل الوطني، فهي لم تتدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة إضافة إلى أنها لم تسمح بالتدخل في الشؤون الداخلية الفلسطينية بغض النظر عن حجم التحالف مع هذا | النظام أو ذاك، وقد كانت فتح وقيادتها دائما مرشحة للإسهام الايجابي في حل الكثير من الخلافات العربية .

وما يميز حركة فتح هو أنها صاحبة المبادرة التاريخية في كل مراحل العمل الوطني، فعندما | اختارت الكفاح المسلح، كان هذا | بمثابة مغامرة في نظر الآخرين، | لكن سرعان ما لحق بها الجميع وثبتت صحة النظرية الفتحاوية، | وحينما اختارت السلام كان أيضا السلام مجازفة تاريخية، ولكن سرعان ما اتضحت صحة الخطوة التي اتخذتها قيادتنا الفلسطينية | وعلى رأسها الأخ القائد أبو عمار في كل المراحل سواء معركة الحرب أو السلام، فهي تنطلق من رؤى واضحة لأهدافها الوطنية وللمصلحة العليا لشعبنا ضمن قراءة واقعية لظروف شعبنا.

واعتمدت فتح المرونة في التكتيك وصلابة استراتيجية وثبات على الهدف والمبادئ، وما يتغير فهو شعارات وأساليب، حتى نصل إلى اقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

فتح حملت ميراث الأمة

 ومن جهته يرى الأخ سليم الزريعي الذي أمضى خمسة وعشرين عاما في السجون الإسرائيلية أن الحديث عن حركة فتح ذو شجون، ففتح ولدت من رحم المعاناة وفي مرحلة أسمناها بمرحلة الاستقرار المنظومي، هذه المرحلة التي طغت فيها فكرة العمل القومي على كل ما عداها، وحينما استذكر تلك المرحلة في تلك الظروف لا يسعني إلا أن أقول إن قرار انطلاقة فتح وقرار تشكيل طلائع قوات العاصفة كان قرارا يرقى إلى مستوى المرحلة وكان قرارا شجاعا لا يجرؤ على اتخاذه إلا تلك القيادة التاريخية التي قادت النضال الفلسطيني وحملت حلم الإنسان الفلسطيني وهمومه وكانت بمستوى حمل أمانة ميراث الأمة وصون التاريخ الفلسطيني من الاندثار.

ويضيف الزريعي إنه في تلك الفترة أسهمت الأنظمة العربية بما طرحته من مفاهيم في تغييب الدور الفلسطيني والذي يفترض أن يكون هو الدور الأساسي، وتبقى الجبهة العربية داعمة ومساندة تقف إلى جانب نضال شعبنا وتدعم كفاحه، وقد أثبتت الأيام والمعارك التي تلت ذلك صحة هذه المقولة حيث اتهمتنا بعض الأنظمة العربية بأننا قطريون و إقليميون و انفصاليون في ذاك الوقت ورددنا على هذه الادعاءات والاتهامات بأن حركة فتح فلسطينية الوجه عربية القلب والوجدان عالمية الأبعاد والامتدادات، فالمعركة قومية ويجب أن يكون الفلسطيني هو رأس الرمح وأن تكون المعركة تحت قيادة فلسطينية ونذكر عندما دخل جيش الانقاذ فلسطين في الأربعينات أسهم في تحجيم ثورة الفلسطينيين تحت شعار أن المعركة قومية. وتحول جيش الجهاد المقدس الفلسطيني في ذاك الحين إلى مجموعات متناثرة حينما ألغيت قيادته بقرار من جامعة الدول العربية وقالوا إن جيش الإنقاذ هو البديل وانسحب جيش الإنقاذ بقرار عربي وبقي الفلسطينيون ممزقين أمام الحركة الصهيونية، من هنا ندرك أهمية قرار القيادة التاريخية لحركة فتح في أن يتصدر الفلسطينيون النضال من أجل قضيتهم الفلسطينية وهويتهم النضالية.

تحقيق : محمد توفيق أحمد كريزم  في ذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية  اثنان وثلاثون عاما من النضال والكفاح  فتح ثورة فلسطينية الوجه . عربية العمق . عالمية البعد  فتح بقيادة الرمز أبو عمار - صانعة الثورة – وصانعة السلام  إستطلاع : محمد توفيق أحمد كريزم  في ذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية  اثنان وثلاثون عاما من النضال والكفاح  فتح ثورة فلسطينية الوجه . عربية العمق . عالمية البعد  فتع بقيادة الرمز أبو عمار - صانعة الثورة – وصانعة السلام       منذ فجرت حركة فتح الثورة الفلسطينية المعاصرة وشلال دماء شهداء ثورتنا ما انفك يتدفق ويفيض راسما الخارطة الجديدة للمنطقة بأسرها .   وعندما أطلقت فتح رصاصاتها الأولى لتطرح منطلقاتها الاستراتيجية التي حددت من خلالها أولوية تحرير فلسطين باتباع اسلوب الكفاح المسلح وتوحيد نضال الجماهير قلبت بذلك رأسا على عقب مجموعة المنطلقات الاستراتيجية التي سادت الوطن العربي حول قضية فلسطين وأدخلت المنطقة العربية برمتها في مرحلة جديدة تمتاز بالصراع الساخن ، وبرهنت على أن الثورة الفلسطينية .. فلسطينية الوجه.. عربية العمق.. عالمية البعد، مما جعلها في وضع فريد ضمن حركات التحرر الوطني في العالم.  الأجواء التي رافقت ولادة الحركة   لاشك أن ولادة حركة فتح كانت عيرة اعترضتها صعوبات و مشاكل جمة، في الوقت الذي لم يكن فيه سهلا على طلائع قيادتنا التاريخية أن يتخذوا قرارهم التاريخي بتأسيس فتح في ذاك الوقت.  الكفاح المسلح بدلا من الشعارات والمزايدات      يقول الأخ سلیم الزعنون (أبو الأديب ) أحد القادة التاريخيين لثورتنا ومن المؤسسين لحركة فتح عن الظروف التي رافقت انطلاقة الثورة الفلسطينية المسلحة بقيادة فتح في 1/11/1965 بأن مصاعب الانطلاقة كانت جمة ولكن أهمها وجود أكثر من ثلاثين تنظيما كانت جميعها تحمل أسماء وشعارات حول تحریر فلسطين.. بعض تلك التنظيمات كان لا يتعدى حجمها عدد أصابع اليد.. وبالتالي كانت ساحات العمل الفلسطيني غارقة بالمزايدات والشعارات.. مما أدى إلى الخلط بين الغث و السمين ولهذا بطبيعة الحال أثره السلبي على جماهيرية وشعبية أي تنظيم.. مما حتم على قيادة فتح التاريخية القيام بعمل بطولي وشجاع يكون كفيلا بإخراج حركة فتح من دوامة الشعارات والصراعات الحزبية التي سئمتها جماهير شعبنا. ويضيف الأخ أبو الأديب بأنه كان لابد من إطلاق شرارة الكفاح المسلح.. وهذا العمل أو القرار يعتبر مصيريا وخطيرا، حيث كل الظروف المحيطة كانت تعمل ضد هذا الاتجاه .. ثم هناك منظمة التحرير الفلسطينية برئاسة أحمد الشقيري و التي تأسست في 13/1/1964 ، بقرار من القمة العربية في القاهرة، ثم في قمة الاسكندرية سبتمبر/أيلول 1964 تقرر إنشاء جيش التحرير الفلسطيني بقيادة اللواء وجيه المدني، وكان لهذا أثره الفعال-سلبا على وجود التنظيمات المختلفة ، وكان هناك القيادة العربية الموحدة بقيادة الفريق أول علي عامر بقرار من القمة العربية من أجل مواجهة المشاريع الإسرائيلية التحويل مياه نهر الأردن ومنابعه مما يشكل تهديدا للدول العربية .. وهذه القيادة لا تريد لغيرها أن يعمل ضد الإسرائيليين.. ولقد كانت لهذه القيادة قرارات مضادة للعمل الفدائي بعد الانطلاقة:  والحدود المشتركة مع فلسطين المحتلة موصدة في وجه أي عمل مسلح .. والتمويل المادي محدود ويعتمد على اشتراكات الأعضاء فقط، حيث لا أحد يتبرع ماديا لمن لا يعمل .. وأجهزة المخابرات في مناطق التماس مع فلسطين المحتلة تلاحق وتمنع أي إنسان من اختراق الحدود ومهاجمة العدو في الداخل.. ثم هناك الخطر المصيري المحتمل، الذي يتهدد تنظیم فتح بكل وجوده إذا ما فشلت الانطلاقة. العملية الأولى   ويكشف الأخ أبو الأديب اللحظات الحاسمة التي عاشتها ثورتنا ويقول بأنه أمام كل هذه الأخطار كان لابد من اتخاذ القرار المصري و الحاسم.. ولقد اختلف قادة تنظيم فتح حول ذلك .. البعض يؤيد الانطلاقة .. والبعض يحذر .. والبعض متردد .. وفي ظل كل هذه الظروف الصعبة اجتمع قادة فتح من كل الأقاليم وكان اللقاء في مكان ما بالكويت وبعد نقاش طويل ومتشعب وخلال عدة أيام التزم الجميع بقرار الأغلبية وتقرر إطلاق الرصاصة الأولى في ليلة الفاتح من كانون الثاني (يناير) 1965م .. كبداية للثورة الفلسطينية المسلحة من أجل تحرير فلسطين .. ولقد ارتأى المجتمعون تحسبا لأي طارئ أن تكون الانطلاقة تحت اسم غير اسم حركة فتح التي باتت معروفة للجميع وتم اختيار اسم قوات العاصفة، فإذا تحقق النجاح وتواصلت الثورة ونجت من الأخطار المحدقة بها فان الأمر سيوضح بعد ذلك لوسائل الإعلام ولبقية تنظيم فتح حيث إن الأمر كان سريا للغاية ومحصورا في نطاق عدد محدود من قيادة الحركة .. أما لو كان هناك فشل .. فستنجو فتح من الخطر وسيتحمل الاسم الجديد تبعة ذلك الفشل .. ولقد تمت الانطلاقة بحمد الله وتوفيقه وتمكنت مجموعات من قوات العاصفة من تفجير بعض المنشآت التحويلية المياه نهر الأردن في نفق عيلبون وتبعتها عدة عمليات داخل فلسطين المحتلة وفي مناطق متباعدة في الجليل .. وفي بيت جبرين وفي بئر السبع بحيث لم يستطع العدو إلا أن يعترف بما حدث و أعلن عن ذلك من خلال اذاعته .   ويتذكر الأخ أبو الأديب أن القيادة اتخذت قرارا في مواجهة الأعباء المالية اللازمة لتغطية تلك العمليات بأن على كل فرد منتسب الحركة فتح أن يدفع مبلغ خمسين دينارا دعما للعمل العسكري وديمومته.  أصداء العملية   أما عن الصدي الذي أحدثه ذلك العمل فيقول الأخ أبو الأديب ، بأن الفرحة عمت صفوف الشعب الفلسطيني و بدأ الناس يتحدثون باستبشار وسعادة و أمل وهم يرددون الشعار الذي كانت تتركه المجموعات الفدائية الأولى وراءها في مكان العمليات المسلحة " أيها الغزاة الصهاينة.. قوات العاصفة مرت من هنا " وبدأ الشبان ينضمون إلى تنظيم حركة فتح في كل مناطق الشتات وفي قطاع غزة والضفة الغربية مما أدى إلى ذوبان أو تلاشي العديد من التنظيمات .. فالناس كانوا متعطشين لمن يجسد الشعارات إلى عمل بعد أن طال الانتظار واستبد اليأس بالنفوس، لقد كانت فتح بالنسبة للشعب الفلسطيني شعلة الأمل، أما عن الصدی عربيا فلاشك أن الانطلاقة ساعدت في استنهاض النخوة العربية فيات الناس يتبرعون للحركة من أجل تمويل عملياتها البطولية ودعما لأسر الشهداء والجرحى والأسري، وكانت هناك مناصرة دولية محدودة تمثلت بالدرجة الأولى بدعم مادي ومعنوي من قبل جمهورية الصين الشعبية وفيتنام وكوبا، وفي هذا المجال لا يمكننا أن ننسى الدعم الأخوي الصادق من قبل الجزائر الشقيقة وسوريا الحبيبة، حيث كانت لهما وقفات مخلصة ساعدت في إنجاح انطلاقة الثورة الفلسطينية واستمراريتها وتصاعدها بقيادة حركة فتح .  فتح صنعت لشعبنا الهوية السياسية      يقول الأخ زكريا الأغا بأن فتح ولدت من عمق المأساة الفلسطينية في وقت كان فيه الشعب الفلسطيني يعتبر مجرد قطاعات من اللاجئين بدون أي هوية سياسية ومن هنا تولدت الفكرة لدى عدد من القيادات الفلسطينية برئاسة الأخ القائد أبو.. عمار والشهيدين القائدين أبو جهاد وأبو ایاد وكثيرا من الأخوة الذين فكروا كيف يمكن أن يعيدوا الحياة إلى القضية الفلسطينية وان يعملوا على احياء النضال الفلسطيني والبدء بالكفاح المسلح. ويضيف الأغا أن الأفكار التقت بشأن تأسيس فتح على قاعدة الكفاح المسلح لتحرير فلسطين وتحويل شعبنا من مجرد شعب لاجئ إلى شعب من المقاتلين ونضجت الفكرة بعدما اتفق على موعد أول عملية تقوم بها قوات  العاصفة الذراع العسكري لحركة فتح، وكانت العملية بمثابة الإعلان الرسمي لانطلاقة فتح وانطلاقة الكفاح المسلح. وقد كان الاعلان الانطلاقة الفتحاوية وقع في الشارع الفلسطيني داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة فقد أعادت له ثقته بنفسه و احتشدت جماهير غفيرة للتطوع في صفوف فتح لتخوض النضال والكفاح تحت راية فلسطينية بقيادة القائد ياسر عرفات.  الاعتماد على الذات التحرير فلسطين    يقول الأخ مازن عز الدين انعكست بدايات تشكل الواقع العربي القومي باتجاهاته المختلفة التي تضع في اعتباراتها فلسطين، على الواقع الفلسطيني في الشتات، بحيث إن الشباب الفلسطيني حاول أن يجد نفسه في الحزبية العربية، فانضوى تحت أجنحة الأحزاب القومية معتقدا أنها السبيل في حشد موقف عربي من أجل معركة التحرير التي تعيده إلى فلسطين خاصة وأن مفتاح بيته لم يصب بالصدأ في تلك الأيام، وبالتالي كانت فكرة الوحدة العربية هي الطريق الحتمي التحرير فلسطين، ولكن مع طول المدة وانتظار الجيوش العربية التحرير فلسطين بدأ الملل يدخل في صفوف الشباب الفلسطيني، وبدأت تتشكل في أوساط الطبقات الأكثر وعيا من شعبنا الفلسطيني وتحديدا اتحاد طلاب فلسطين مجموعة من الأفكار المنسجمة مع واقعنا الفلسطيني والتي ترافقت مع نمو حركات التحرر العالمية و العربية مثل موجة المد القومي في اليمن والجزائر ومصر وثورات فيتنام وكمبوديا مما عكس ذلك على بدايات تشكل النواة الثورية الفلسطينية في الطبقات الأكثر وعيا.. ومن هنا جاءت فكرة الاعتماد على الذات بضرورة وجود حركة أو تنظيم فلسطيني يقاتل ويقاوم ويقلب المعادلة. ويضيف الأخ عز الدين بأن حركة فتح لم تكن بديلا عن منظمة التحرير الفلسطينية فالمنظمة جاءت کرد عربي على تحویل روافد مجرى نهر الأردن وكتعبير عن أفكار الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وتتويجا لفكره القومي باتجاه فلسطين الذي كان يعتبرها العمود الفقري للفكر القومي، وتم تشكيل جيش لها أطلق عليه اسم جيش التحرير الفلسطيني وكان منضويا تحت قيادة أركان الدول العربية التي يتواجد على أراضيها و مرتبطا بالخطة الرسمية العربية لأنظمة دول الطوق وبالتالي لم يستطع أن يحرك شينا بالنسبة لفلسطين . فجاءت حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح بتشكيلاتها دون أن تتدخل بتشكيلات منظمة التحرير الفلسطينية في بادئ الأمر إلى أن قامت بتفجير الانطلاقة وبداية تشكيل معسكراتها والقيام بعمليات فدائية . ويضيف الأخ عز الدين بعد حدوث نكسة 67 واحتلال باقي فلسطين إضافة إلى احتلال سيناء والجولان، أصبحت اليد الطولى الإرادة الشعب وإرادة الكفاح المسلح، وبالتالي وجب تأميم منظمة التحرير الفلسطينية ليصبح قرارها فلسطينيا محضا، وجرت محاولات عديدة لكي يتلقى جيش التحرير الفلسطيني تعليماته من رئاسة الأركان الفلسطينية وليس من أركان رئاسة الدول العربية المتواجد على أراضيها ، إلى أن جاءت الظروف وأصبح جيش التحرير الفلسطيني تحت إمرة فلسطينية يدافع دفاعا مستميتا عن الثورة الفلسطينية بعد أن قامت فتح بعملية النقل الشرعي لقيادة منظمة التحرير الفلسطينية من قيادة الشهيد المناضل أحمد الشقيري إلى قيادة الرئيس القائد العام یاسر عرفات.  فتح انطلقت باتجاه الوطن       وبدوره يقول الأخ إبراهيم أبو النجا: فرضت نكبة 48، وما ترتب عليها من سلب الأرض الفلسطينية وتهجير للشعب الفلسطيني ، وحالة الضياع التي عانى منها أبناء شعبنا في السنوات الأولى للهجرة، فرضت على الشعب العربي الفلسطيني أن يعيد صنع نفسه من جديد، وقد اضطلع بهذه المهمة كوكبة من المناضلين التقوا فاتفقوا على الخروج من هذا الواقع الأليم وتصويب المسار، | ومن هنا جاء ميلاد التنظيم السياسي الذي سمي بحركة التحرير الوطني الفلسطيني، وقد أخذنا الحروف الأولى للتسمية فتكونت كلمة (حتف) ولكن قلبنا الكلمة وأصبحت فتح، وحروفها تدل على: الفاء فلسطين، والتاء تحرير، والحاء حركة، فالحركة جاءت في الآخر لأنها ستطلع بمهمة التحرير، والفاء جاءت في الأول لأن الهدف الأول هو فلسطين، وحركة فتح عندما تأسست لم يكن المقصود منها أن تكون على غرار التنظيمات السياسية التي سبقتها في التأسيس ولكنها جاءت لتنطلق من العمل السياسي إلى العمل العسكري الذي ترجم على ارض الواقع مع بزوغ فجر 65/1/1 وتفجير الكفاح المسلح لنعلن للعالم أننا انطلقنا باتجاه استرداد فلسطين، وقد حذرنا من أي محاولة تستهدف النيل من عملنا العسكري، وقد رافقت الانطلاقة أدبيات تتمثل في المبادئ والأهداف والشعارات وتعرضت حركة فتح وكوادرها الملاحقات ومطاردات، وزج بهم في السجون. وأضاف أبو النجا إن الإعلان عن الكفاح المسلح وضع طلائعنا الفلسطينية الذين أصبحوا فيما بعد قادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح وعلى رأسهم الأخ القائد أبو عمار ورفيق دربه الشهيد القائد خليل الوزير (أبو جهاد) وبقية الأخوة في وضع يصدق فيهم قوله تعالى و من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا.  ويوضح أبو النجا بأن انطلاقة فتح ليست بديلا عن العمل العربي المشترك فنحن رأس الحربة التحرير فلسطين حيث تلقف أبناء شعبنا الفلسطيني في كافة أماكن تواجده نبأ الانطلاقة بتلهف وتأييد كبير ويحدوهم الأمل بأن هذا هو الطريق لتحرير فلسطين ونیل حقوقنا الوطنية وبدأوا بالالتحاق بصفوف الحركة، حيث كان للفدائيين العديد من المعارك والعمليات العسكرية التي أوجعت الاحتلال، وكان الفدائيون يمارسون حرب العصابات ولم يمارسوا الحرب النظامية حيث دخلت العلم العسكري النظرية الفلسطينية بأن الصمود المدعوم بالحق هو الأساس وواجه مقاتلونا بأسلحتهم الخفيفة الفردية الآليات والطائرات وكل أشكال الحملة الصهيونية، لم نتكلم نحن عن النتائج بقدر ما تكلم العدو نفسه وبقدر ما تكلم المراقبون العسكريون والسياسيون، وشكلت عملياتنا انعطافا جديدا في فهم العالم كله لخصوصية وطبيعة قضيتنا مما أدى إلى الالتحام الشعبي بالثورة الفلسطينية وبدأت المعادلة في التغيير والنظرة تختلف من شعب لاجئ إلى شعب يمارس الكفاح من أجل عودته إلى أرضه، وكان على الثورة أن تستوعب المناضلين الذين التحقوا بها وأن تقيم المؤسسات في الوقت الذي كثرت فيه أعباء الثورة الفلسطينية واستطاعت أن تبني المؤسسة العسكرية وتوابعها،  وهذه النقلة الجديدة جعلتنا،  مستهدفين من بعض القوى التي لم يكن هدفها تحرير الوطن سواء كانت على الصعيد المحلي أو على الصعيد القومي واستمر النضال الفلسطيني وكانت العمليات ليلية وبشكل مكثف وأذكر هنا عمليات الحزام الأخضر حيث أخذت شكل المواجهة العسكرية الحقيقية غرب النهر التي قادها الأخ أبو عمار والأخ أبو جهاد و الأخ أبو صبري، وكل القيادة الفلسطينية كان عليها أن تدخل إلى الداخل التبني الخلايا السرية وتمدها بالأسلحة مما أضفى على نضالنا وقتالنا شينا متميزا حيث أن القيادات السياسية والعسكرية كانت تضطلع بهذا الدور في البناء والتأسيس وإقامة القواعد و تثبيت التنظيم السري في التعبئة و التحريض.  انطلاقة فتح كسرت الجمود والتراجع      يقول الأخ أبو ماهر حلس بأن میلاد حركة فتح وتحديدا انطلاقتها العسكرية كان في ظل ظروف عربية واقليمية تكيفت مع وجود کیان اسرائيلي وكأنها أمر واقع، وأن العمل المسلح هو مغامرة محكوم عليها بالفشل، وجاءت انطلاقة فتح لتكسر هذه المفاهيم وتستبدلها بمفهوم ثوري جديد يعتمد على الكفاح المسلح. ويضيف الأخ أبو ماهر بأن من أطواق السلامة اللي اعتمدتها فتح وضمن منطلقاتها الأساسية هي حفاظها على استقلالية القرار الوطني الفلسطيني، وقد مارست هذا الشعار في كل مراحل العمل الوطني، فهي لم تتدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة إضافة إلى أنها لم تسمح بالتدخل في الشؤون الداخلية الفلسطينية بغض النظر عن حجم التحالف مع هذا | النظام أو ذاك، وقد كانت فتح وقيادتها دائما مرشحة للإسهام الايجابي في حل الكثير من الخلافات العربية .  وما يميز حركة فتح هو أنها صاحبة المبادرة التاريخية في كل مراحل العمل الوطني، فعندما | اختارت الكفاح المسلح، كان هذا | بمثابة مغامرة في نظر الآخرين، | لكن سرعان ما لحق بها الجميع وثبتت صحة النظرية الفتحاوية، | وحينما اختارت السلام كان أيضا السلام مجازفة تاريخية، ولكن سرعان ما اتضحت صحة الخطوة التي اتخذتها قيادتنا الفلسطينية | وعلى رأسها الأخ القائد أبو عمار في كل المراحل سواء معركة الحرب أو السلام، فهي تنطلق من رؤى واضحة لأهدافها الوطنية وللمصلحة العليا لشعبنا ضمن قراءة واقعية لظروف شعبنا.  واعتمدت فتح المرونة في التكتيك وصلابة استراتيجية وثبات على الهدف والمبادئ، وما يتغير فهو شعارات وأساليب، حتى نصل إلى اقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.  فتح حملت ميراث الأمة   ومن جهته يرى الأخ سليم الزريعي الذي أمضى خمسة وعشرين عاما في السجون الإسرائيلية أن الحديث عن حركة فتح ذو شجون، ففتح ولدت من رحم المعاناة وفي مرحلة أسمناها بمرحلة الاستقرار المنظومي، هذه المرحلة التي طغت فيها فكرة العمل القومي على كل ما عداها، وحينما استذكر تلك المرحلة في تلك الظروف لا يسعني إلا أن أقول إن قرار انطلاقة فتح وقرار تشكيل طلائع قوات العاصفة كان قرارا يرقى إلى مستوى المرحلة وكان قرارا شجاعا لا يجرؤ على اتخاذه إلا تلك القيادة التاريخية التي قادت النضال الفلسطيني وحملت حلم الإنسان الفلسطيني وهمومه وكانت بمستوى حمل أمانة ميراث الأمة وصون التاريخ الفلسطيني من الاندثار.  ويضيف الزريعي إنه في تلك الفترة أسهمت الأنظمة العربية بما طرحته من مفاهيم في تغييب الدور الفلسطيني والذي يفترض أن يكون هو الدور الأساسي، وتبقى الجبهة العربية داعمة ومساندة تقف إلى جانب نضال شعبنا وتدعم كفاحه، وقد أثبتت الأيام والمعارك التي تلت ذلك صحة هذه المقولة حيث اتهمتنا بعض الأنظمة العربية بأننا قطريون و إقليميون و انفصاليون في ذاك الوقت ورددنا على هذه الادعاءات والاتهامات بأن حركة فتح فلسطينية الوجه عربية القلب والوجدان عالمية الأبعاد والامتدادات، فالمعركة قومية ويجب أن يكون الفلسطيني هو رأس الرمح وأن تكون المعركة تحت قيادة فلسطينية ونذكر عندما دخل جيش الانقاذ فلسطين في الأربعينات أسهم في تحجيم ثورة الفلسطينيين تحت شعار أن المعركة قومية. وتحول جيش الجهاد المقدس الفلسطيني في ذاك الحين إلى مجموعات متناثرة حينما ألغيت قيادته بقرار من جامعة الدول العربية وقالوا إن جيش الإنقاذ هو البديل وانسحب جيش الإنقاذ بقرار عربي وبقي الفلسطينيون ممزقين أمام الحركة الصهيونية، من هنا ندرك أهمية قرار القيادة التاريخية لحركة فتح في أن يتصدر الفلسطينيون النضال من أجل قضيتهم الفلسطينية وهويتهم النضالية.  فتح وهج الجماهير ومشعلها الحقيقي   يقول الأخ أحمد أبو سيف وهو أحد المقاتلين الذين جمعوا بين الانتماء الفتحاوي فكرا ومنهجا وبين الكفاح المسلح عملا وتطبيقا بأن حركة فتح هي المشعل الحقيقي للشعب الفلسطيني وهي وهج الجماهير ويصب نضالها في إطار العمل الفلسطيني من أجل تحرير فلسطين، وكان ثقلنا العسكري موجودا في الأردن بشكل مجموعات سرية.  وبعد حرب 67 نشطت حركة فتح عسكريا ودخلنا بما سمی ( كسر العظم ) مع الإسرائيليين وكانت حرب الكرامة بداية أول تصد عسكري حقيقي للعدو، حيث الحقت الهزيمة به، وهبت الجماهير للالتحاق بصفوفنا، وتطورت القواعد الفدائية في جنوب أربد والرمثا، ومن كان ينظر ليلا إلى أريحا من جبال اربد والناعور يجد منطقة أريحا وقد لفتها أحزمة من النيران فالعمليات بشكل يومي، وكان ينفذون مقاتلونا عملياتهم الفدائية سرا وفي الليل خوفا من اعتراض طريقهم.  ويضيف الأخ أبو سيف بأننا عندما نتكلم عن فتح فإننا نتكلم عن فلسطين ذلك أن فتح استوعبت معظم أبناء الشعب الفلسطيني في صفوفها وكانت بمثابة الأم الحنون، بل إنها كانت تمد التنظيمات الفلسطينية الأخرى بالمال والعتاد لمواصلة مشوارها النضالي من أجل تحرير فلسطين، | وفتح عبارة عن حركة عالمية استطاعت تجنيد الرأي العام الصالح القضية الفلسطينية وكانت تدعم نفسها بنفسها.  انطلاقة فتح حلقة من حلقات النضال الشعبي  يقول الأخ أحمد أبو شاويش بأن الحديث عن انطلاقة فتح يقود إلى السياق التاريخي الذي جاءت فيه الانطلاقة وبروز العمل العسكري فالانطلاقة لم تأت من فراغ وانما هي حلقة من حلقات النضال الفلسطيني الممتد في أعماق التاريخ ، وخاصة منذ وطئت أرض فلسطين اقدام المستيا وطنين الصهاينة في أواخر القرن التاسع عشر، وانطلاقة فتح وانتهاج الكفاح المسلح سبيلا للوصول إلى فلسطين وتحريرها جعل من شعبنا الفلسطيني بدلا من شعب لاجئ شعبا يحترمه العالم .  ويضيف أبو شاويش وإن منعطفات كثيرة اعترضت طريق الثورة بالأرواح والدماء، وتمكنت فتح أن تدحض المقولة الصهيونية بأن فلسطين أرض بلا شعب ، الشعب بلا أرض، واستطاعت فتح بثورتها وبجماهيرها أن تثبت أن هذه الأرض لنا منذ الأزل وحتى الأبد وأن دولتنا الفلسطينية المستقلة قادمة لا محالة وعاصمتها القدس الشريف.  استقلالية القرار الوطني  أما عن استقلالية القرار الوطني الفلسطيني الذي اعتبرته حركة فتح مبدأ من مبادئها الرئيسية... فالهدف كان من أجل الابتعاد عن دائرة الاستقطابات العربية والدولية ضمانا لتأييد الجميع عربيا ودوليا.  فتح فلسطينية المنطلق عربية الانتماء  عن ذلك يقول الأخ سليم الزعنون لقد فهم البعض وربما عن خبث ودهاء أن ذلك يعني نظرة وطنية ضيقة تتنكر القومية القضية الفلسطينية، حيث جرى الطعن في هذا المبدأ وتشويهه بينما حقيقة الأمر كانت تؤكد وباستمرار وبكل الصدق ومنذ البدايات على أن الثورة الفلسطينية بقيادة فتح إنما هي فلسطينية المنطلق عربية الانتماء، ولطالما رددها الأخ قاند الثورة الرئيس یاسر عرفات ومن كل المنابر" إنها فلسطينية الوجه عربية القلب" ولقد عرفت الأمة العربية ذلك، فكان الامتداد الواسع والعميق الحركة فتح في صفوف الأمة العربية من المحيط إلى الخليج، وامتد ذلك الوجود إلى كل شعوب الأمة الإسلامية و أما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض .  لا للوصاية .. ولا للتبعية .. ولا للاحتواء  يقول الأخ مازن عز الدين بدأت حركة فتح تحت عناوین واضحة في منطلقاتها الاستراتيجية حيث خاطبت بعدنا العربي، الذي يعتبر القاعدة الارتكازية الأساسية فحركة فتح لم تكن تبحث فقط عن القرار الفلسطيني المستقل و انما الضرورات التفاوضية والضرورات السياسية كانت تفرض على القيادة الفلسطينية إيجاد هامش هام وواسع للمناورة أطلق عليه القرار الوطني الفلسطيني المستقل وفتح رفعت شعارات واضحة بأن الثورة الفلسطينية فلسطينية الوجه عربية القلب، وعندما بدأت الطروحات السياسية لتبرير الاعتراف بقراري 242، 338 ودخولنا في مراحل تسوية بعد عام 73، جعلنا نخوض عملية التمایز نظرا لأن كل الأقطار العربية التي تتواجد على أرضها لها هامش في الإطار القومي ولكن لها هامشا في صنع قرارها الداخلي أيضا.  ويضيف الأخ عز الدين بأنه منعا للمصادرة والاحتواء فقد طبقنا شعارات فتح الأولى التي تستند الى ثلاثة أعمدة أساسية وهي لا للوصاية، لا للتبعية، لا للاحتواء، ورفعنا شعار استراتيجيا بأننا نرفض التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية وكذلك نرفض أن يتدخل أحد في شؤوننا الداخلية، إلى أن جاءت معركة بيروت حيث دافعنا عن قرارنا الوطني وخضنا معركة طرابلس كذلك دفاعا عن قرارنا الوطني الفلسطيني.  استقلالية حركة فتح  أما الأخ زكريا الأغا فقال إن حركة فتح خاضت معارك كثيرة للحفاظ على قرارنا الفلسطيني المستقل فمنذ اللحظة الأولى كانت تشعر أنه لكي تنجح ولكي تعبر تعبيرا صادقا عن آمال وطموحات الشعب الفلسطيني يجب أن تكون بعيدة عن الاحتواء، هذا ليس انفصالا عن العالم العربي، لكن فتح منذ اللحظة الأولى قررت واكدت استقلاليتها وكان هذا واضحا منذ اللحظة الأولى وحتی الآن .  أضاف الأغا: لا أحد يستطيع أن يحسب حركة فتح على أي نظام عربي حتى عندما تأزمت الأمور مع المنشقين في ۸۳ وحينما حاولت بعض الأنظمة العربية تقييد منظمة التحرير الفلسطينية واصابتها بالشلل، قامت حركة فتح ومعها جميع الأخوة من الفصائل الفلسطينية التي كانت تقف إلى جانبها لتعلن وتؤكد على ضرورة الخروج من هذا الوضع الذي وجدت المنظمة نفسها فيه بعد الانشقاق، فكان المؤتمر الفلسطيني السابع عشر الذي عقد في عمان والذي أخرج المنظمة من الشلل، وهذه الدورة أكدت أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني بقيادة الأخ أبو عمار، وسميت هذه الدورة بدورة القرار الوطني الفلسطيني المستقل والذي لاقت فيها تجاوبا جماهيريا كبيرا في الأراضي الفلسطينية المحتلة وقاموا بمظاهرات وسقط الشهداء بمن فيهم شهيد القرار الوطني الفلسطيني (شرف الطيبي).  فتح بانطلاقتها تفجر المسار التاريخي للمنطقة  يقول الأخ سلیم الزعنون، لقد أثرت فتح بالفعل في المسار التاريخي للشرق الأوسط... سواء من حيث الحروب التي اشتعلت في المنطقة أو من خلال فرض وجود الثورة الفلسطينية من جهة أخرى على خريطة المنطقة بل وعلى الخريطة العالمية بالنسبة البؤر الصراع في العالم.  وأما عن الانتقال بالنضال الفلسطيني من الشتات إلى أرض الوطن فهذا أصبح حقيقة واقعة لا يستطيع أحد إنكارها، فبعد العودة إلى أرض الوطن من خلال اتفاقات السلام مع حكومة إسرائيل العمالية بزعامة اسحق رابين وشمعون بيريس في أوسلو والقاهرة وطابا سنة ۱۹۹۳، فإن الجسم المسلح للثورة الفلسطينية قد عاد بسلاحه إلى أرض الوطن ليكون طليعة لعودة الشعب الفلسطيني كله.  ويشير الأخ أبو الأديب إلى اتفاقات أوسلو بأنه لا أحد ينكر ما تقوم به طلائع شعبنا المتمثلة في السلطة الوطنية الفلسطينية ورموزها بقيادة الأخ الرئيس یاسر عرفات والأعضاء المنتخبين من قبل شعبنا في المجلس التشريعي المنضوي تحت مظلة المجلس الوطني الفلسطيني الذي يعتبر خيمة الشرعية الفلسطينية في داخل الوطن والشتات، فالكل يشاهد بأم عينيه صباح مساء كيف يواجه شعبنا جنود الاحتلال وفي طليعة المواجهة يقف اخواننا رموز السلطة الوطنية وأعضاء المجلس التشريعي والوطني وكل رجال الأمن الذين هم فدائيو الأمس حيث التصدي للممارسات الاسرائيلية المتنكرة لكل الاتفاقات و المواثيق الدولية والانسانية، انه الصراع من فوق أرض الوطن الذي يتعرض لمؤامرات التهديد وطمس الهوية الفلسطينية، إنها معركة تجسيد الهوية الفلسطينية وإرساء قواعد الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف فوق أرض فلسطين ووجها لوجه مع قوات الاحتلال وأساليبه القمعية.  ويتساءل الأخ أبو الأديب هل هناك ما هو أفضل و أروع وأصدق من معايشة القيادة لشعبها في كفاحه ومعاناته وصنع مستقبله..؟؟  وهل كانت فتح الأمس صاحبة شعار "ثورة حتی النصر" غير فتح اليوم التي ما زالت تخوض هذه الثورة ومن فوق أرض فلسطين من أجل النصر وبناء دولة فلسطين...؟!  ما حققته فتح من مبادئها وأهدافها  عن ذلك يقول الأخ سليم الزعنون بأنه يكفي أن نذكر بحال الشعب الفلسطيني وثورته في أعقاب حرب العراق - الكويت.. لقد كانت هناك مؤامرة لإلغاء الوجود الفلسطيني، حيث جرى تهميش الدور الفلسطيني في مؤتمر مدريد للسلام.. لكننا سرعان ما أثبتنا وجودنا وأصبحنا الرقم الصعب - كما يقولها الأخ الرئيس أبو عمار الذي لا يمكن تجاهله، وها نحن على أرضنا قيادة ومقاتلين ومعنا أكثر من خمسين الفا من أبناء شعبنا المشردين قد عادوا إلى أرض الوطن طليعة العودة كل الشعب الفلسطيني .. و العالم كله يؤازرنا ويقف معنا، حيث انقلبت المعادلة وبات الإسرائيليون في ظل زعامتهم اليمينية المتطرفة محاصرين في كل المجالات الدولية، والأهم من كل هذا .. هو أننا نمارس حقنا المشروع في النضال وبناء دولتنا المستقلة من فوق أرضنا والشرعية الدولية كلها تقف إلى جانبنا.  ويستبشر الأخ أبو الأديب خيرا ويقول قريبا إن شاء الله.. سيشهد العالم قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف .. لأنها باتت مطلبا دوليا أيضا حتى إنه صارت هناك قناعات عند قطاع كبير من القادة و الشارع الإسرائيلي بضرورة قيام دولتنا الفلسطينية باعتبار ذلك حاجة ملحة لإقرار السلام في المنطقة، فالنضال الثوري دائما له أهدافه المرحلية والاستراتيجية المتمثلة في إقامة دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.. وعودة أبناء شعبنا في الشتات إلى أرض الوطن وما يتبع ذلك من مطالبة بحقوقنا المشروعة في أرضنا المغتصبة و أملاكنا المسلوبة.  من شعب لاجئ إلى شعب ذى سيادة   يقول الأخ زكريا الأغا بأن أكبر انجاز لمبادئ فتح وأهدافها هو أن القيادة الفلسطينية فوق الثرى الفلسطيني والسلطة الوطنية هي المقدمة الطبيعية والأكيدة للدولة الفلسطينية حيث إن آمالنا زادت في قيامها فقد تحولنا من شعب لاجئ إلى شعب ذي سيادة وطنية، وأصبح الجميع يعترف بنا ككيان، فالعلم الفلسطيني يرفرف فوق ربوع الوطن والمواطن يسافر بجواز سفر فلسطيني، وكلنا ثقة بالأخ القائد ياسر عرفات لنصل إلى القدس الشريف عاصمة دولتنا الفلسطينية.             نشر بتاريخ - يناير - 1997 - مجلة الرأي - عدد 7  منذ فجرت حركة فتح الثورة الفلسطينية المعاصرة وشلال دماء شهداء ثورتنا ما انفك يتدفق ويفيض راسما الخارطة الجديدة للمنطقة بأسرها .   وعندما أطلقت فتح رصاصاتها الأولى لتطرح منطلقاتها الاستراتيجية التي حددت من خلالها أولوية تحرير فلسطين باتباع اسلوب الكفاح المسلح وتوحيد نضال الجماهير قلبت بذلك رأسا على عقب مجموعة المنطلقات الاستراتيجية التي سادت الوطن العربي حول قضية فلسطين وأدخلت المنطقة العربية برمتها في مرحلة جديدة تمتاز بالصراع الساخن ، وبرهنت على أن الثورة الفلسطينية .. فلسطينية الوجه.. عربية العمق.. عالمية البعد، مما جعلها في وضع فريد ضمن حركات التحرر الوطني في العالم.  تحقيق : محمد توفيق أحمد كريزم  في ذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية  اثنان وثلاثون عاما من النضال والكفاح  فتح ثورة فلسطينية الوجه . عربية العمق . عالمية البعد  فتح بقيادة الرمز أبو عمار - صانعة الثورة – وصانعة السلام  إستطلاع : محمد توفيق أحمد كريزم  في ذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية  اثنان وثلاثون عاما من النضال والكفاح  فتح ثورة فلسطينية الوجه . عربية العمق . عالمية البعد  فتع بقيادة الرمز أبو عمار - صانعة الثورة – وصانعة السلام       منذ فجرت حركة فتح الثورة الفلسطينية المعاصرة وشلال دماء شهداء ثورتنا ما انفك يتدفق ويفيض راسما الخارطة الجديدة للمنطقة بأسرها .   وعندما أطلقت فتح رصاصاتها الأولى لتطرح منطلقاتها الاستراتيجية التي حددت من خلالها أولوية تحرير فلسطين باتباع اسلوب الكفاح المسلح وتوحيد نضال الجماهير قلبت بذلك رأسا على عقب مجموعة المنطلقات الاستراتيجية التي سادت الوطن العربي حول قضية فلسطين وأدخلت المنطقة العربية برمتها في مرحلة جديدة تمتاز بالصراع الساخن ، وبرهنت على أن الثورة الفلسطينية .. فلسطينية الوجه.. عربية العمق.. عالمية البعد، مما جعلها في وضع فريد ضمن حركات التحرر الوطني في العالم.  الأجواء التي رافقت ولادة الحركة   لاشك أن ولادة حركة فتح كانت عيرة اعترضتها صعوبات و مشاكل جمة، في الوقت الذي لم يكن فيه سهلا على طلائع قيادتنا التاريخية أن يتخذوا قرارهم التاريخي بتأسيس فتح في ذاك الوقت.  الكفاح المسلح بدلا من الشعارات والمزايدات      يقول الأخ سلیم الزعنون (أبو الأديب ) أحد القادة التاريخيين لثورتنا ومن المؤسسين لحركة فتح عن الظروف التي رافقت انطلاقة الثورة الفلسطينية المسلحة بقيادة فتح في 1/11/1965 بأن مصاعب الانطلاقة كانت جمة ولكن أهمها وجود أكثر من ثلاثين تنظيما كانت جميعها تحمل أسماء وشعارات حول تحریر فلسطين.. بعض تلك التنظيمات كان لا يتعدى حجمها عدد أصابع اليد.. وبالتالي كانت ساحات العمل الفلسطيني غارقة بالمزايدات والشعارات.. مما أدى إلى الخلط بين الغث و السمين ولهذا بطبيعة الحال أثره السلبي على جماهيرية وشعبية أي تنظيم.. مما حتم على قيادة فتح التاريخية القيام بعمل بطولي وشجاع يكون كفيلا بإخراج حركة فتح من دوامة الشعارات والصراعات الحزبية التي سئمتها جماهير شعبنا. ويضيف الأخ أبو الأديب بأنه كان لابد من إطلاق شرارة الكفاح المسلح.. وهذا العمل أو القرار يعتبر مصيريا وخطيرا، حيث كل الظروف المحيطة كانت تعمل ضد هذا الاتجاه .. ثم هناك منظمة التحرير الفلسطينية برئاسة أحمد الشقيري و التي تأسست في 13/1/1964 ، بقرار من القمة العربية في القاهرة، ثم في قمة الاسكندرية سبتمبر/أيلول 1964 تقرر إنشاء جيش التحرير الفلسطيني بقيادة اللواء وجيه المدني، وكان لهذا أثره الفعال-سلبا على وجود التنظيمات المختلفة ، وكان هناك القيادة العربية الموحدة بقيادة الفريق أول علي عامر بقرار من القمة العربية من أجل مواجهة المشاريع الإسرائيلية التحويل مياه نهر الأردن ومنابعه مما يشكل تهديدا للدول العربية .. وهذه القيادة لا تريد لغيرها أن يعمل ضد الإسرائيليين.. ولقد كانت لهذه القيادة قرارات مضادة للعمل الفدائي بعد الانطلاقة:  والحدود المشتركة مع فلسطين المحتلة موصدة في وجه أي عمل مسلح .. والتمويل المادي محدود ويعتمد على اشتراكات الأعضاء فقط، حيث لا أحد يتبرع ماديا لمن لا يعمل .. وأجهزة المخابرات في مناطق التماس مع فلسطين المحتلة تلاحق وتمنع أي إنسان من اختراق الحدود ومهاجمة العدو في الداخل.. ثم هناك الخطر المصيري المحتمل، الذي يتهدد تنظیم فتح بكل وجوده إذا ما فشلت الانطلاقة. العملية الأولى   ويكشف الأخ أبو الأديب اللحظات الحاسمة التي عاشتها ثورتنا ويقول بأنه أمام كل هذه الأخطار كان لابد من اتخاذ القرار المصري و الحاسم.. ولقد اختلف قادة تنظيم فتح حول ذلك .. البعض يؤيد الانطلاقة .. والبعض يحذر .. والبعض متردد .. وفي ظل كل هذه الظروف الصعبة اجتمع قادة فتح من كل الأقاليم وكان اللقاء في مكان ما بالكويت وبعد نقاش طويل ومتشعب وخلال عدة أيام التزم الجميع بقرار الأغلبية وتقرر إطلاق الرصاصة الأولى في ليلة الفاتح من كانون الثاني (يناير) 1965م .. كبداية للثورة الفلسطينية المسلحة من أجل تحرير فلسطين .. ولقد ارتأى المجتمعون تحسبا لأي طارئ أن تكون الانطلاقة تحت اسم غير اسم حركة فتح التي باتت معروفة للجميع وتم اختيار اسم قوات العاصفة، فإذا تحقق النجاح وتواصلت الثورة ونجت من الأخطار المحدقة بها فان الأمر سيوضح بعد ذلك لوسائل الإعلام ولبقية تنظيم فتح حيث إن الأمر كان سريا للغاية ومحصورا في نطاق عدد محدود من قيادة الحركة .. أما لو كان هناك فشل .. فستنجو فتح من الخطر وسيتحمل الاسم الجديد تبعة ذلك الفشل .. ولقد تمت الانطلاقة بحمد الله وتوفيقه وتمكنت مجموعات من قوات العاصفة من تفجير بعض المنشآت التحويلية المياه نهر الأردن في نفق عيلبون وتبعتها عدة عمليات داخل فلسطين المحتلة وفي مناطق متباعدة في الجليل .. وفي بيت جبرين وفي بئر السبع بحيث لم يستطع العدو إلا أن يعترف بما حدث و أعلن عن ذلك من خلال اذاعته .   ويتذكر الأخ أبو الأديب أن القيادة اتخذت قرارا في مواجهة الأعباء المالية اللازمة لتغطية تلك العمليات بأن على كل فرد منتسب الحركة فتح أن يدفع مبلغ خمسين دينارا دعما للعمل العسكري وديمومته.  أصداء العملية   أما عن الصدي الذي أحدثه ذلك العمل فيقول الأخ أبو الأديب ، بأن الفرحة عمت صفوف الشعب الفلسطيني و بدأ الناس يتحدثون باستبشار وسعادة و أمل وهم يرددون الشعار الذي كانت تتركه المجموعات الفدائية الأولى وراءها في مكان العمليات المسلحة " أيها الغزاة الصهاينة.. قوات العاصفة مرت من هنا " وبدأ الشبان ينضمون إلى تنظيم حركة فتح في كل مناطق الشتات وفي قطاع غزة والضفة الغربية مما أدى إلى ذوبان أو تلاشي العديد من التنظيمات .. فالناس كانوا متعطشين لمن يجسد الشعارات إلى عمل بعد أن طال الانتظار واستبد اليأس بالنفوس، لقد كانت فتح بالنسبة للشعب الفلسطيني شعلة الأمل، أما عن الصدی عربيا فلاشك أن الانطلاقة ساعدت في استنهاض النخوة العربية فيات الناس يتبرعون للحركة من أجل تمويل عملياتها البطولية ودعما لأسر الشهداء والجرحى والأسري، وكانت هناك مناصرة دولية محدودة تمثلت بالدرجة الأولى بدعم مادي ومعنوي من قبل جمهورية الصين الشعبية وفيتنام وكوبا، وفي هذا المجال لا يمكننا أن ننسى الدعم الأخوي الصادق من قبل الجزائر الشقيقة وسوريا الحبيبة، حيث كانت لهما وقفات مخلصة ساعدت في إنجاح انطلاقة الثورة الفلسطينية واستمراريتها وتصاعدها بقيادة حركة فتح .  فتح صنعت لشعبنا الهوية السياسية      يقول الأخ زكريا الأغا بأن فتح ولدت من عمق المأساة الفلسطينية في وقت كان فيه الشعب الفلسطيني يعتبر مجرد قطاعات من اللاجئين بدون أي هوية سياسية ومن هنا تولدت الفكرة لدى عدد من القيادات الفلسطينية برئاسة الأخ القائد أبو.. عمار والشهيدين القائدين أبو جهاد وأبو ایاد وكثيرا من الأخوة الذين فكروا كيف يمكن أن يعيدوا الحياة إلى القضية الفلسطينية وان يعملوا على احياء النضال الفلسطيني والبدء بالكفاح المسلح. ويضيف الأغا أن الأفكار التقت بشأن تأسيس فتح على قاعدة الكفاح المسلح لتحرير فلسطين وتحويل شعبنا من مجرد شعب لاجئ إلى شعب من المقاتلين ونضجت الفكرة بعدما اتفق على موعد أول عملية تقوم بها قوات  العاصفة الذراع العسكري لحركة فتح، وكانت العملية بمثابة الإعلان الرسمي لانطلاقة فتح وانطلاقة الكفاح المسلح. وقد كان الاعلان الانطلاقة الفتحاوية وقع في الشارع الفلسطيني داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة فقد أعادت له ثقته بنفسه و احتشدت جماهير غفيرة للتطوع في صفوف فتح لتخوض النضال والكفاح تحت راية فلسطينية بقيادة القائد ياسر عرفات.  الاعتماد على الذات التحرير فلسطين    يقول الأخ مازن عز الدين انعكست بدايات تشكل الواقع العربي القومي باتجاهاته المختلفة التي تضع في اعتباراتها فلسطين، على الواقع الفلسطيني في الشتات، بحيث إن الشباب الفلسطيني حاول أن يجد نفسه في الحزبية العربية، فانضوى تحت أجنحة الأحزاب القومية معتقدا أنها السبيل في حشد موقف عربي من أجل معركة التحرير التي تعيده إلى فلسطين خاصة وأن مفتاح بيته لم يصب بالصدأ في تلك الأيام، وبالتالي كانت فكرة الوحدة العربية هي الطريق الحتمي التحرير فلسطين، ولكن مع طول المدة وانتظار الجيوش العربية التحرير فلسطين بدأ الملل يدخل في صفوف الشباب الفلسطيني، وبدأت تتشكل في أوساط الطبقات الأكثر وعيا من شعبنا الفلسطيني وتحديدا اتحاد طلاب فلسطين مجموعة من الأفكار المنسجمة مع واقعنا الفلسطيني والتي ترافقت مع نمو حركات التحرر العالمية و العربية مثل موجة المد القومي في اليمن والجزائر ومصر وثورات فيتنام وكمبوديا مما عكس ذلك على بدايات تشكل النواة الثورية الفلسطينية في الطبقات الأكثر وعيا.. ومن هنا جاءت فكرة الاعتماد على الذات بضرورة وجود حركة أو تنظيم فلسطيني يقاتل ويقاوم ويقلب المعادلة. ويضيف الأخ عز الدين بأن حركة فتح لم تكن بديلا عن منظمة التحرير الفلسطينية فالمنظمة جاءت کرد عربي على تحویل روافد مجرى نهر الأردن وكتعبير عن أفكار الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وتتويجا لفكره القومي باتجاه فلسطين الذي كان يعتبرها العمود الفقري للفكر القومي، وتم تشكيل جيش لها أطلق عليه اسم جيش التحرير الفلسطيني وكان منضويا تحت قيادة أركان الدول العربية التي يتواجد على أراضيها و مرتبطا بالخطة الرسمية العربية لأنظمة دول الطوق وبالتالي لم يستطع أن يحرك شينا بالنسبة لفلسطين . فجاءت حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح بتشكيلاتها دون أن تتدخل بتشكيلات منظمة التحرير الفلسطينية في بادئ الأمر إلى أن قامت بتفجير الانطلاقة وبداية تشكيل معسكراتها والقيام بعمليات فدائية . ويضيف الأخ عز الدين بعد حدوث نكسة 67 واحتلال باقي فلسطين إضافة إلى احتلال سيناء والجولان، أصبحت اليد الطولى الإرادة الشعب وإرادة الكفاح المسلح، وبالتالي وجب تأميم منظمة التحرير الفلسطينية ليصبح قرارها فلسطينيا محضا، وجرت محاولات عديدة لكي يتلقى جيش التحرير الفلسطيني تعليماته من رئاسة الأركان الفلسطينية وليس من أركان رئاسة الدول العربية المتواجد على أراضيها ، إلى أن جاءت الظروف وأصبح جيش التحرير الفلسطيني تحت إمرة فلسطينية يدافع دفاعا مستميتا عن الثورة الفلسطينية بعد أن قامت فتح بعملية النقل الشرعي لقيادة منظمة التحرير الفلسطينية من قيادة الشهيد المناضل أحمد الشقيري إلى قيادة الرئيس القائد العام یاسر عرفات.  فتح انطلقت باتجاه الوطن       وبدوره يقول الأخ إبراهيم أبو النجا: فرضت نكبة 48، وما ترتب عليها من سلب الأرض الفلسطينية وتهجير للشعب الفلسطيني ، وحالة الضياع التي عانى منها أبناء شعبنا في السنوات الأولى للهجرة، فرضت على الشعب العربي الفلسطيني أن يعيد صنع نفسه من جديد، وقد اضطلع بهذه المهمة كوكبة من المناضلين التقوا فاتفقوا على الخروج من هذا الواقع الأليم وتصويب المسار، | ومن هنا جاء ميلاد التنظيم السياسي الذي سمي بحركة التحرير الوطني الفلسطيني، وقد أخذنا الحروف الأولى للتسمية فتكونت كلمة (حتف) ولكن قلبنا الكلمة وأصبحت فتح، وحروفها تدل على: الفاء فلسطين، والتاء تحرير، والحاء حركة، فالحركة جاءت في الآخر لأنها ستطلع بمهمة التحرير، والفاء جاءت في الأول لأن الهدف الأول هو فلسطين، وحركة فتح عندما تأسست لم يكن المقصود منها أن تكون على غرار التنظيمات السياسية التي سبقتها في التأسيس ولكنها جاءت لتنطلق من العمل السياسي إلى العمل العسكري الذي ترجم على ارض الواقع مع بزوغ فجر 65/1/1 وتفجير الكفاح المسلح لنعلن للعالم أننا انطلقنا باتجاه استرداد فلسطين، وقد حذرنا من أي محاولة تستهدف النيل من عملنا العسكري، وقد رافقت الانطلاقة أدبيات تتمثل في المبادئ والأهداف والشعارات وتعرضت حركة فتح وكوادرها الملاحقات ومطاردات، وزج بهم في السجون. وأضاف أبو النجا إن الإعلان عن الكفاح المسلح وضع طلائعنا الفلسطينية الذين أصبحوا فيما بعد قادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح وعلى رأسهم الأخ القائد أبو عمار ورفيق دربه الشهيد القائد خليل الوزير (أبو جهاد) وبقية الأخوة في وضع يصدق فيهم قوله تعالى و من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا.  ويوضح أبو النجا بأن انطلاقة فتح ليست بديلا عن العمل العربي المشترك فنحن رأس الحربة التحرير فلسطين حيث تلقف أبناء شعبنا الفلسطيني في كافة أماكن تواجده نبأ الانطلاقة بتلهف وتأييد كبير ويحدوهم الأمل بأن هذا هو الطريق لتحرير فلسطين ونیل حقوقنا الوطنية وبدأوا بالالتحاق بصفوف الحركة، حيث كان للفدائيين العديد من المعارك والعمليات العسكرية التي أوجعت الاحتلال، وكان الفدائيون يمارسون حرب العصابات ولم يمارسوا الحرب النظامية حيث دخلت العلم العسكري النظرية الفلسطينية بأن الصمود المدعوم بالحق هو الأساس وواجه مقاتلونا بأسلحتهم الخفيفة الفردية الآليات والطائرات وكل أشكال الحملة الصهيونية، لم نتكلم نحن عن النتائج بقدر ما تكلم العدو نفسه وبقدر ما تكلم المراقبون العسكريون والسياسيون، وشكلت عملياتنا انعطافا جديدا في فهم العالم كله لخصوصية وطبيعة قضيتنا مما أدى إلى الالتحام الشعبي بالثورة الفلسطينية وبدأت المعادلة في التغيير والنظرة تختلف من شعب لاجئ إلى شعب يمارس الكفاح من أجل عودته إلى أرضه، وكان على الثورة أن تستوعب المناضلين الذين التحقوا بها وأن تقيم المؤسسات في الوقت الذي كثرت فيه أعباء الثورة الفلسطينية واستطاعت أن تبني المؤسسة العسكرية وتوابعها،  وهذه النقلة الجديدة جعلتنا،  مستهدفين من بعض القوى التي لم يكن هدفها تحرير الوطن سواء كانت على الصعيد المحلي أو على الصعيد القومي واستمر النضال الفلسطيني وكانت العمليات ليلية وبشكل مكثف وأذكر هنا عمليات الحزام الأخضر حيث أخذت شكل المواجهة العسكرية الحقيقية غرب النهر التي قادها الأخ أبو عمار والأخ أبو جهاد و الأخ أبو صبري، وكل القيادة الفلسطينية كان عليها أن تدخل إلى الداخل التبني الخلايا السرية وتمدها بالأسلحة مما أضفى على نضالنا وقتالنا شينا متميزا حيث أن القيادات السياسية والعسكرية كانت تضطلع بهذا الدور في البناء والتأسيس وإقامة القواعد و تثبيت التنظيم السري في التعبئة و التحريض.  انطلاقة فتح كسرت الجمود والتراجع      يقول الأخ أبو ماهر حلس بأن میلاد حركة فتح وتحديدا انطلاقتها العسكرية كان في ظل ظروف عربية واقليمية تكيفت مع وجود کیان اسرائيلي وكأنها أمر واقع، وأن العمل المسلح هو مغامرة محكوم عليها بالفشل، وجاءت انطلاقة فتح لتكسر هذه المفاهيم وتستبدلها بمفهوم ثوري جديد يعتمد على الكفاح المسلح. ويضيف الأخ أبو ماهر بأن من أطواق السلامة اللي اعتمدتها فتح وضمن منطلقاتها الأساسية هي حفاظها على استقلالية القرار الوطني الفلسطيني، وقد مارست هذا الشعار في كل مراحل العمل الوطني، فهي لم تتدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة إضافة إلى أنها لم تسمح بالتدخل في الشؤون الداخلية الفلسطينية بغض النظر عن حجم التحالف مع هذا | النظام أو ذاك، وقد كانت فتح وقيادتها دائما مرشحة للإسهام الايجابي في حل الكثير من الخلافات العربية .  وما يميز حركة فتح هو أنها صاحبة المبادرة التاريخية في كل مراحل العمل الوطني، فعندما | اختارت الكفاح المسلح، كان هذا | بمثابة مغامرة في نظر الآخرين، | لكن سرعان ما لحق بها الجميع وثبتت صحة النظرية الفتحاوية، | وحينما اختارت السلام كان أيضا السلام مجازفة تاريخية، ولكن سرعان ما اتضحت صحة الخطوة التي اتخذتها قيادتنا الفلسطينية | وعلى رأسها الأخ القائد أبو عمار في كل المراحل سواء معركة الحرب أو السلام، فهي تنطلق من رؤى واضحة لأهدافها الوطنية وللمصلحة العليا لشعبنا ضمن قراءة واقعية لظروف شعبنا.  واعتمدت فتح المرونة في التكتيك وصلابة استراتيجية وثبات على الهدف والمبادئ، وما يتغير فهو شعارات وأساليب، حتى نصل إلى اقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.  فتح حملت ميراث الأمة   ومن جهته يرى الأخ سليم الزريعي الذي أمضى خمسة وعشرين عاما في السجون الإسرائيلية أن الحديث عن حركة فتح ذو شجون، ففتح ولدت من رحم المعاناة وفي مرحلة أسمناها بمرحلة الاستقرار المنظومي، هذه المرحلة التي طغت فيها فكرة العمل القومي على كل ما عداها، وحينما استذكر تلك المرحلة في تلك الظروف لا يسعني إلا أن أقول إن قرار انطلاقة فتح وقرار تشكيل طلائع قوات العاصفة كان قرارا يرقى إلى مستوى المرحلة وكان قرارا شجاعا لا يجرؤ على اتخاذه إلا تلك القيادة التاريخية التي قادت النضال الفلسطيني وحملت حلم الإنسان الفلسطيني وهمومه وكانت بمستوى حمل أمانة ميراث الأمة وصون التاريخ الفلسطيني من الاندثار.  ويضيف الزريعي إنه في تلك الفترة أسهمت الأنظمة العربية بما طرحته من مفاهيم في تغييب الدور الفلسطيني والذي يفترض أن يكون هو الدور الأساسي، وتبقى الجبهة العربية داعمة ومساندة تقف إلى جانب نضال شعبنا وتدعم كفاحه، وقد أثبتت الأيام والمعارك التي تلت ذلك صحة هذه المقولة حيث اتهمتنا بعض الأنظمة العربية بأننا قطريون و إقليميون و انفصاليون في ذاك الوقت ورددنا على هذه الادعاءات والاتهامات بأن حركة فتح فلسطينية الوجه عربية القلب والوجدان عالمية الأبعاد والامتدادات، فالمعركة قومية ويجب أن يكون الفلسطيني هو رأس الرمح وأن تكون المعركة تحت قيادة فلسطينية ونذكر عندما دخل جيش الانقاذ فلسطين في الأربعينات أسهم في تحجيم ثورة الفلسطينيين تحت شعار أن المعركة قومية. وتحول جيش الجهاد المقدس الفلسطيني في ذاك الحين إلى مجموعات متناثرة حينما ألغيت قيادته بقرار من جامعة الدول العربية وقالوا إن جيش الإنقاذ هو البديل وانسحب جيش الإنقاذ بقرار عربي وبقي الفلسطينيون ممزقين أمام الحركة الصهيونية، من هنا ندرك أهمية قرار القيادة التاريخية لحركة فتح في أن يتصدر الفلسطينيون النضال من أجل قضيتهم الفلسطينية وهويتهم النضالية.  فتح وهج الجماهير ومشعلها الحقيقي   يقول الأخ أحمد أبو سيف وهو أحد المقاتلين الذين جمعوا بين الانتماء الفتحاوي فكرا ومنهجا وبين الكفاح المسلح عملا وتطبيقا بأن حركة فتح هي المشعل الحقيقي للشعب الفلسطيني وهي وهج الجماهير ويصب نضالها في إطار العمل الفلسطيني من أجل تحرير فلسطين، وكان ثقلنا العسكري موجودا في الأردن بشكل مجموعات سرية.  وبعد حرب 67 نشطت حركة فتح عسكريا ودخلنا بما سمی ( كسر العظم ) مع الإسرائيليين وكانت حرب الكرامة بداية أول تصد عسكري حقيقي للعدو، حيث الحقت الهزيمة به، وهبت الجماهير للالتحاق بصفوفنا، وتطورت القواعد الفدائية في جنوب أربد والرمثا، ومن كان ينظر ليلا إلى أريحا من جبال اربد والناعور يجد منطقة أريحا وقد لفتها أحزمة من النيران فالعمليات بشكل يومي، وكان ينفذون مقاتلونا عملياتهم الفدائية سرا وفي الليل خوفا من اعتراض طريقهم.  ويضيف الأخ أبو سيف بأننا عندما نتكلم عن فتح فإننا نتكلم عن فلسطين ذلك أن فتح استوعبت معظم أبناء الشعب الفلسطيني في صفوفها وكانت بمثابة الأم الحنون، بل إنها كانت تمد التنظيمات الفلسطينية الأخرى بالمال والعتاد لمواصلة مشوارها النضالي من أجل تحرير فلسطين، | وفتح عبارة عن حركة عالمية استطاعت تجنيد الرأي العام الصالح القضية الفلسطينية وكانت تدعم نفسها بنفسها.  انطلاقة فتح حلقة من حلقات النضال الشعبي  يقول الأخ أحمد أبو شاويش بأن الحديث عن انطلاقة فتح يقود إلى السياق التاريخي الذي جاءت فيه الانطلاقة وبروز العمل العسكري فالانطلاقة لم تأت من فراغ وانما هي حلقة من حلقات النضال الفلسطيني الممتد في أعماق التاريخ ، وخاصة منذ وطئت أرض فلسطين اقدام المستيا وطنين الصهاينة في أواخر القرن التاسع عشر، وانطلاقة فتح وانتهاج الكفاح المسلح سبيلا للوصول إلى فلسطين وتحريرها جعل من شعبنا الفلسطيني بدلا من شعب لاجئ شعبا يحترمه العالم .  ويضيف أبو شاويش وإن منعطفات كثيرة اعترضت طريق الثورة بالأرواح والدماء، وتمكنت فتح أن تدحض المقولة الصهيونية بأن فلسطين أرض بلا شعب ، الشعب بلا أرض، واستطاعت فتح بثورتها وبجماهيرها أن تثبت أن هذه الأرض لنا منذ الأزل وحتى الأبد وأن دولتنا الفلسطينية المستقلة قادمة لا محالة وعاصمتها القدس الشريف.  استقلالية القرار الوطني  أما عن استقلالية القرار الوطني الفلسطيني الذي اعتبرته حركة فتح مبدأ من مبادئها الرئيسية... فالهدف كان من أجل الابتعاد عن دائرة الاستقطابات العربية والدولية ضمانا لتأييد الجميع عربيا ودوليا.  فتح فلسطينية المنطلق عربية الانتماء  عن ذلك يقول الأخ سليم الزعنون لقد فهم البعض وربما عن خبث ودهاء أن ذلك يعني نظرة وطنية ضيقة تتنكر القومية القضية الفلسطينية، حيث جرى الطعن في هذا المبدأ وتشويهه بينما حقيقة الأمر كانت تؤكد وباستمرار وبكل الصدق ومنذ البدايات على أن الثورة الفلسطينية بقيادة فتح إنما هي فلسطينية المنطلق عربية الانتماء، ولطالما رددها الأخ قاند الثورة الرئيس یاسر عرفات ومن كل المنابر" إنها فلسطينية الوجه عربية القلب" ولقد عرفت الأمة العربية ذلك، فكان الامتداد الواسع والعميق الحركة فتح في صفوف الأمة العربية من المحيط إلى الخليج، وامتد ذلك الوجود إلى كل شعوب الأمة الإسلامية و أما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض .  لا للوصاية .. ولا للتبعية .. ولا للاحتواء  يقول الأخ مازن عز الدين بدأت حركة فتح تحت عناوین واضحة في منطلقاتها الاستراتيجية حيث خاطبت بعدنا العربي، الذي يعتبر القاعدة الارتكازية الأساسية فحركة فتح لم تكن تبحث فقط عن القرار الفلسطيني المستقل و انما الضرورات التفاوضية والضرورات السياسية كانت تفرض على القيادة الفلسطينية إيجاد هامش هام وواسع للمناورة أطلق عليه القرار الوطني الفلسطيني المستقل وفتح رفعت شعارات واضحة بأن الثورة الفلسطينية فلسطينية الوجه عربية القلب، وعندما بدأت الطروحات السياسية لتبرير الاعتراف بقراري 242، 338 ودخولنا في مراحل تسوية بعد عام 73، جعلنا نخوض عملية التمایز نظرا لأن كل الأقطار العربية التي تتواجد على أرضها لها هامش في الإطار القومي ولكن لها هامشا في صنع قرارها الداخلي أيضا.  ويضيف الأخ عز الدين بأنه منعا للمصادرة والاحتواء فقد طبقنا شعارات فتح الأولى التي تستند الى ثلاثة أعمدة أساسية وهي لا للوصاية، لا للتبعية، لا للاحتواء، ورفعنا شعار استراتيجيا بأننا نرفض التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية وكذلك نرفض أن يتدخل أحد في شؤوننا الداخلية، إلى أن جاءت معركة بيروت حيث دافعنا عن قرارنا الوطني وخضنا معركة طرابلس كذلك دفاعا عن قرارنا الوطني الفلسطيني.  استقلالية حركة فتح  أما الأخ زكريا الأغا فقال إن حركة فتح خاضت معارك كثيرة للحفاظ على قرارنا الفلسطيني المستقل فمنذ اللحظة الأولى كانت تشعر أنه لكي تنجح ولكي تعبر تعبيرا صادقا عن آمال وطموحات الشعب الفلسطيني يجب أن تكون بعيدة عن الاحتواء، هذا ليس انفصالا عن العالم العربي، لكن فتح منذ اللحظة الأولى قررت واكدت استقلاليتها وكان هذا واضحا منذ اللحظة الأولى وحتی الآن .  أضاف الأغا: لا أحد يستطيع أن يحسب حركة فتح على أي نظام عربي حتى عندما تأزمت الأمور مع المنشقين في ۸۳ وحينما حاولت بعض الأنظمة العربية تقييد منظمة التحرير الفلسطينية واصابتها بالشلل، قامت حركة فتح ومعها جميع الأخوة من الفصائل الفلسطينية التي كانت تقف إلى جانبها لتعلن وتؤكد على ضرورة الخروج من هذا الوضع الذي وجدت المنظمة نفسها فيه بعد الانشقاق، فكان المؤتمر الفلسطيني السابع عشر الذي عقد في عمان والذي أخرج المنظمة من الشلل، وهذه الدورة أكدت أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني بقيادة الأخ أبو عمار، وسميت هذه الدورة بدورة القرار الوطني الفلسطيني المستقل والذي لاقت فيها تجاوبا جماهيريا كبيرا في الأراضي الفلسطينية المحتلة وقاموا بمظاهرات وسقط الشهداء بمن فيهم شهيد القرار الوطني الفلسطيني (شرف الطيبي).  فتح بانطلاقتها تفجر المسار التاريخي للمنطقة  يقول الأخ سلیم الزعنون، لقد أثرت فتح بالفعل في المسار التاريخي للشرق الأوسط... سواء من حيث الحروب التي اشتعلت في المنطقة أو من خلال فرض وجود الثورة الفلسطينية من جهة أخرى على خريطة المنطقة بل وعلى الخريطة العالمية بالنسبة البؤر الصراع في العالم.  وأما عن الانتقال بالنضال الفلسطيني من الشتات إلى أرض الوطن فهذا أصبح حقيقة واقعة لا يستطيع أحد إنكارها، فبعد العودة إلى أرض الوطن من خلال اتفاقات السلام مع حكومة إسرائيل العمالية بزعامة اسحق رابين وشمعون بيريس في أوسلو والقاهرة وطابا سنة ۱۹۹۳، فإن الجسم المسلح للثورة الفلسطينية قد عاد بسلاحه إلى أرض الوطن ليكون طليعة لعودة الشعب الفلسطيني كله.  ويشير الأخ أبو الأديب إلى اتفاقات أوسلو بأنه لا أحد ينكر ما تقوم به طلائع شعبنا المتمثلة في السلطة الوطنية الفلسطينية ورموزها بقيادة الأخ الرئيس یاسر عرفات والأعضاء المنتخبين من قبل شعبنا في المجلس التشريعي المنضوي تحت مظلة المجلس الوطني الفلسطيني الذي يعتبر خيمة الشرعية الفلسطينية في داخل الوطن والشتات، فالكل يشاهد بأم عينيه صباح مساء كيف يواجه شعبنا جنود الاحتلال وفي طليعة المواجهة يقف اخواننا رموز السلطة الوطنية وأعضاء المجلس التشريعي والوطني وكل رجال الأمن الذين هم فدائيو الأمس حيث التصدي للممارسات الاسرائيلية المتنكرة لكل الاتفاقات و المواثيق الدولية والانسانية، انه الصراع من فوق أرض الوطن الذي يتعرض لمؤامرات التهديد وطمس الهوية الفلسطينية، إنها معركة تجسيد الهوية الفلسطينية وإرساء قواعد الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف فوق أرض فلسطين ووجها لوجه مع قوات الاحتلال وأساليبه القمعية.  ويتساءل الأخ أبو الأديب هل هناك ما هو أفضل و أروع وأصدق من معايشة القيادة لشعبها في كفاحه ومعاناته وصنع مستقبله..؟؟  وهل كانت فتح الأمس صاحبة شعار "ثورة حتی النصر" غير فتح اليوم التي ما زالت تخوض هذه الثورة ومن فوق أرض فلسطين من أجل النصر وبناء دولة فلسطين...؟!  ما حققته فتح من مبادئها وأهدافها  عن ذلك يقول الأخ سليم الزعنون بأنه يكفي أن نذكر بحال الشعب الفلسطيني وثورته في أعقاب حرب العراق - الكويت.. لقد كانت هناك مؤامرة لإلغاء الوجود الفلسطيني، حيث جرى تهميش الدور الفلسطيني في مؤتمر مدريد للسلام.. لكننا سرعان ما أثبتنا وجودنا وأصبحنا الرقم الصعب - كما يقولها الأخ الرئيس أبو عمار الذي لا يمكن تجاهله، وها نحن على أرضنا قيادة ومقاتلين ومعنا أكثر من خمسين الفا من أبناء شعبنا المشردين قد عادوا إلى أرض الوطن طليعة العودة كل الشعب الفلسطيني .. و العالم كله يؤازرنا ويقف معنا، حيث انقلبت المعادلة وبات الإسرائيليون في ظل زعامتهم اليمينية المتطرفة محاصرين في كل المجالات الدولية، والأهم من كل هذا .. هو أننا نمارس حقنا المشروع في النضال وبناء دولتنا المستقلة من فوق أرضنا والشرعية الدولية كلها تقف إلى جانبنا.  ويستبشر الأخ أبو الأديب خيرا ويقول قريبا إن شاء الله.. سيشهد العالم قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف .. لأنها باتت مطلبا دوليا أيضا حتى إنه صارت هناك قناعات عند قطاع كبير من القادة و الشارع الإسرائيلي بضرورة قيام دولتنا الفلسطينية باعتبار ذلك حاجة ملحة لإقرار السلام في المنطقة، فالنضال الثوري دائما له أهدافه المرحلية والاستراتيجية المتمثلة في إقامة دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.. وعودة أبناء شعبنا في الشتات إلى أرض الوطن وما يتبع ذلك من مطالبة بحقوقنا المشروعة في أرضنا المغتصبة و أملاكنا المسلوبة.  من شعب لاجئ إلى شعب ذى سيادة   يقول الأخ زكريا الأغا بأن أكبر انجاز لمبادئ فتح وأهدافها هو أن القيادة الفلسطينية فوق الثرى الفلسطيني والسلطة الوطنية هي المقدمة الطبيعية والأكيدة للدولة الفلسطينية حيث إن آمالنا زادت في قيامها فقد تحولنا من شعب لاجئ إلى شعب ذي سيادة وطنية، وأصبح الجميع يعترف بنا ككيان، فالعلم الفلسطيني يرفرف فوق ربوع الوطن والمواطن يسافر بجواز سفر فلسطيني، وكلنا ثقة بالأخ القائد ياسر عرفات لنصل إلى القدس الشريف عاصمة دولتنا الفلسطينية.             نشر بتاريخ - يناير - 1997 - مجلة الرأي - عدد 7  منذ فجرت حركة فتح الثورة الفلسطينية المعاصرة وشلال دماء شهداء ثورتنا ما انفك يتدفق ويفيض راسما الخارطة الجديدة للمنطقة بأسرها .   وعندما أطلقت فتح رصاصاتها الأولى لتطرح منطلقاتها الاستراتيجية التي حددت من خلالها أولوية تحرير فلسطين باتباع اسلوب الكفاح المسلح وتوحيد نضال الجماهير قلبت بذلك رأسا على عقب مجموعة المنطلقات الاستراتيجية التي سادت الوطن العربي حول قضية فلسطين وأدخلت المنطقة العربية برمتها في مرحلة جديدة تمتاز بالصراع الساخن ، وبرهنت على أن الثورة الفلسطينية .. فلسطينية الوجه.. عربية العمق.. عالمية البعد، مما جعلها في وضع فريد ضمن حركات التحرر الوطني في العالم.      الأجواء التي رافقت ولادة الحركة   لاشك أن ولادة حركة فتح كانت عيرة اعترضتها صعوبات و مشاكل جمة، في الوقت الذي لم يكن فيه سهلا على طلائع قيادتنا التاريخية أن يتخذوا قرارهم التاريخي بتأسيس فتح في ذاك الوقت.  الكفاح المسلح بدلا من الشعارات والمزايدات   إستطلاع : محمد توفيق أحمد كريزم  في ذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية  اثنان وثلاثون عاما من النضال والكفاح  فتح ثورة فلسطينية الوجه . عربية العمق . عالمية البعد  فتع بقيادة الرمز أبو عمار - صانعة الثورة – وصانعة السلام       منذ فجرت حركة فتح الثورة الفلسطينية المعاصرة وشلال دماء شهداء ثورتنا ما انفك يتدفق ويفيض راسما الخارطة الجديدة للمنطقة بأسرها .   وعندما أطلقت فتح رصاصاتها الأولى لتطرح منطلقاتها الاستراتيجية التي حددت من خلالها أولوية تحرير فلسطين باتباع اسلوب الكفاح المسلح وتوحيد نضال الجماهير قلبت بذلك رأسا على عقب مجموعة المنطلقات الاستراتيجية التي سادت الوطن العربي حول قضية فلسطين وأدخلت المنطقة العربية برمتها في مرحلة جديدة تمتاز بالصراع الساخن ، وبرهنت على أن الثورة الفلسطينية .. فلسطينية الوجه.. عربية العمق.. عالمية البعد، مما جعلها في وضع فريد ضمن حركات التحرر الوطني في العالم.  الأجواء التي رافقت ولادة الحركة   لاشك أن ولادة حركة فتح كانت عيرة اعترضتها صعوبات و مشاكل جمة، في الوقت الذي لم يكن فيه سهلا على طلائع قيادتنا التاريخية أن يتخذوا قرارهم التاريخي بتأسيس فتح في ذاك الوقت.  الكفاح المسلح بدلا من الشعارات والمزايدات      يقول الأخ سلیم الزعنون (أبو الأديب ) أحد القادة التاريخيين لثورتنا ومن المؤسسين لحركة فتح عن الظروف التي رافقت انطلاقة الثورة الفلسطينية المسلحة بقيادة فتح في 1/11/1965 بأن مصاعب الانطلاقة كانت جمة ولكن أهمها وجود أكثر من ثلاثين تنظيما كانت جميعها تحمل أسماء وشعارات حول تحریر فلسطين.. بعض تلك التنظيمات كان لا يتعدى حجمها عدد أصابع اليد.. وبالتالي كانت ساحات العمل الفلسطيني غارقة بالمزايدات والشعارات.. مما أدى إلى الخلط بين الغث و السمين ولهذا بطبيعة الحال أثره السلبي على جماهيرية وشعبية أي تنظيم.. مما حتم على قيادة فتح التاريخية القيام بعمل بطولي وشجاع يكون كفيلا بإخراج حركة فتح من دوامة الشعارات والصراعات الحزبية التي سئمتها جماهير شعبنا. ويضيف الأخ أبو الأديب بأنه كان لابد من إطلاق شرارة الكفاح المسلح.. وهذا العمل أو القرار يعتبر مصيريا وخطيرا، حيث كل الظروف المحيطة كانت تعمل ضد هذا الاتجاه .. ثم هناك منظمة التحرير الفلسطينية برئاسة أحمد الشقيري و التي تأسست في 13/1/1964 ، بقرار من القمة العربية في القاهرة، ثم في قمة الاسكندرية سبتمبر/أيلول 1964 تقرر إنشاء جيش التحرير الفلسطيني بقيادة اللواء وجيه المدني، وكان لهذا أثره الفعال-سلبا على وجود التنظيمات المختلفة ، وكان هناك القيادة العربية الموحدة بقيادة الفريق أول علي عامر بقرار من القمة العربية من أجل مواجهة المشاريع الإسرائيلية التحويل مياه نهر الأردن ومنابعه مما يشكل تهديدا للدول العربية .. وهذه القيادة لا تريد لغيرها أن يعمل ضد الإسرائيليين.. ولقد كانت لهذه القيادة قرارات مضادة للعمل الفدائي بعد الانطلاقة:  والحدود المشتركة مع فلسطين المحتلة موصدة في وجه أي عمل مسلح .. والتمويل المادي محدود ويعتمد على اشتراكات الأعضاء فقط، حيث لا أحد يتبرع ماديا لمن لا يعمل .. وأجهزة المخابرات في مناطق التماس مع فلسطين المحتلة تلاحق وتمنع أي إنسان من اختراق الحدود ومهاجمة العدو في الداخل.. ثم هناك الخطر المصيري المحتمل، الذي يتهدد تنظیم فتح بكل وجوده إذا ما فشلت الانطلاقة. العملية الأولى   ويكشف الأخ أبو الأديب اللحظات الحاسمة التي عاشتها ثورتنا ويقول بأنه أمام كل هذه الأخطار كان لابد من اتخاذ القرار المصري و الحاسم.. ولقد اختلف قادة تنظيم فتح حول ذلك .. البعض يؤيد الانطلاقة .. والبعض يحذر .. والبعض متردد .. وفي ظل كل هذه الظروف الصعبة اجتمع قادة فتح من كل الأقاليم وكان اللقاء في مكان ما بالكويت وبعد نقاش طويل ومتشعب وخلال عدة أيام التزم الجميع بقرار الأغلبية وتقرر إطلاق الرصاصة الأولى في ليلة الفاتح من كانون الثاني (يناير) 1965م .. كبداية للثورة الفلسطينية المسلحة من أجل تحرير فلسطين .. ولقد ارتأى المجتمعون تحسبا لأي طارئ أن تكون الانطلاقة تحت اسم غير اسم حركة فتح التي باتت معروفة للجميع وتم اختيار اسم قوات العاصفة، فإذا تحقق النجاح وتواصلت الثورة ونجت من الأخطار المحدقة بها فان الأمر سيوضح بعد ذلك لوسائل الإعلام ولبقية تنظيم فتح حيث إن الأمر كان سريا للغاية ومحصورا في نطاق عدد محدود من قيادة الحركة .. أما لو كان هناك فشل .. فستنجو فتح من الخطر وسيتحمل الاسم الجديد تبعة ذلك الفشل .. ولقد تمت الانطلاقة بحمد الله وتوفيقه وتمكنت مجموعات من قوات العاصفة من تفجير بعض المنشآت التحويلية المياه نهر الأردن في نفق عيلبون وتبعتها عدة عمليات داخل فلسطين المحتلة وفي مناطق متباعدة في الجليل .. وفي بيت جبرين وفي بئر السبع بحيث لم يستطع العدو إلا أن يعترف بما حدث و أعلن عن ذلك من خلال اذاعته .   ويتذكر الأخ أبو الأديب أن القيادة اتخذت قرارا في مواجهة الأعباء المالية اللازمة لتغطية تلك العمليات بأن على كل فرد منتسب الحركة فتح أن يدفع مبلغ خمسين دينارا دعما للعمل العسكري وديمومته.  أصداء العملية   أما عن الصدي الذي أحدثه ذلك العمل فيقول الأخ أبو الأديب ، بأن الفرحة عمت صفوف الشعب الفلسطيني و بدأ الناس يتحدثون باستبشار وسعادة و أمل وهم يرددون الشعار الذي كانت تتركه المجموعات الفدائية الأولى وراءها في مكان العمليات المسلحة " أيها الغزاة الصهاينة.. قوات العاصفة مرت من هنا " وبدأ الشبان ينضمون إلى تنظيم حركة فتح في كل مناطق الشتات وفي قطاع غزة والضفة الغربية مما أدى إلى ذوبان أو تلاشي العديد من التنظيمات .. فالناس كانوا متعطشين لمن يجسد الشعارات إلى عمل بعد أن طال الانتظار واستبد اليأس بالنفوس، لقد كانت فتح بالنسبة للشعب الفلسطيني شعلة الأمل، أما عن الصدی عربيا فلاشك أن الانطلاقة ساعدت في استنهاض النخوة العربية فيات الناس يتبرعون للحركة من أجل تمويل عملياتها البطولية ودعما لأسر الشهداء والجرحى والأسري، وكانت هناك مناصرة دولية محدودة تمثلت بالدرجة الأولى بدعم مادي ومعنوي من قبل جمهورية الصين الشعبية وفيتنام وكوبا، وفي هذا المجال لا يمكننا أن ننسى الدعم الأخوي الصادق من قبل الجزائر الشقيقة وسوريا الحبيبة، حيث كانت لهما وقفات مخلصة ساعدت في إنجاح انطلاقة الثورة الفلسطينية واستمراريتها وتصاعدها بقيادة حركة فتح .  فتح صنعت لشعبنا الهوية السياسية      يقول الأخ زكريا الأغا بأن فتح ولدت من عمق المأساة الفلسطينية في وقت كان فيه الشعب الفلسطيني يعتبر مجرد قطاعات من اللاجئين بدون أي هوية سياسية ومن هنا تولدت الفكرة لدى عدد من القيادات الفلسطينية برئاسة الأخ القائد أبو.. عمار والشهيدين القائدين أبو جهاد وأبو ایاد وكثيرا من الأخوة الذين فكروا كيف يمكن أن يعيدوا الحياة إلى القضية الفلسطينية وان يعملوا على احياء النضال الفلسطيني والبدء بالكفاح المسلح. ويضيف الأغا أن الأفكار التقت بشأن تأسيس فتح على قاعدة الكفاح المسلح لتحرير فلسطين وتحويل شعبنا من مجرد شعب لاجئ إلى شعب من المقاتلين ونضجت الفكرة بعدما اتفق على موعد أول عملية تقوم بها قوات  العاصفة الذراع العسكري لحركة فتح، وكانت العملية بمثابة الإعلان الرسمي لانطلاقة فتح وانطلاقة الكفاح المسلح. وقد كان الاعلان الانطلاقة الفتحاوية وقع في الشارع الفلسطيني داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة فقد أعادت له ثقته بنفسه و احتشدت جماهير غفيرة للتطوع في صفوف فتح لتخوض النضال والكفاح تحت راية فلسطينية بقيادة القائد ياسر عرفات.  الاعتماد على الذات التحرير فلسطين    يقول الأخ مازن عز الدين انعكست بدايات تشكل الواقع العربي القومي باتجاهاته المختلفة التي تضع في اعتباراتها فلسطين، على الواقع الفلسطيني في الشتات، بحيث إن الشباب الفلسطيني حاول أن يجد نفسه في الحزبية العربية، فانضوى تحت أجنحة الأحزاب القومية معتقدا أنها السبيل في حشد موقف عربي من أجل معركة التحرير التي تعيده إلى فلسطين خاصة وأن مفتاح بيته لم يصب بالصدأ في تلك الأيام، وبالتالي كانت فكرة الوحدة العربية هي الطريق الحتمي التحرير فلسطين، ولكن مع طول المدة وانتظار الجيوش العربية التحرير فلسطين بدأ الملل يدخل في صفوف الشباب الفلسطيني، وبدأت تتشكل في أوساط الطبقات الأكثر وعيا من شعبنا الفلسطيني وتحديدا اتحاد طلاب فلسطين مجموعة من الأفكار المنسجمة مع واقعنا الفلسطيني والتي ترافقت مع نمو حركات التحرر العالمية و العربية مثل موجة المد القومي في اليمن والجزائر ومصر وثورات فيتنام وكمبوديا مما عكس ذلك على بدايات تشكل النواة الثورية الفلسطينية في الطبقات الأكثر وعيا.. ومن هنا جاءت فكرة الاعتماد على الذات بضرورة وجود حركة أو تنظيم فلسطيني يقاتل ويقاوم ويقلب المعادلة. ويضيف الأخ عز الدين بأن حركة فتح لم تكن بديلا عن منظمة التحرير الفلسطينية فالمنظمة جاءت کرد عربي على تحویل روافد مجرى نهر الأردن وكتعبير عن أفكار الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وتتويجا لفكره القومي باتجاه فلسطين الذي كان يعتبرها العمود الفقري للفكر القومي، وتم تشكيل جيش لها أطلق عليه اسم جيش التحرير الفلسطيني وكان منضويا تحت قيادة أركان الدول العربية التي يتواجد على أراضيها و مرتبطا بالخطة الرسمية العربية لأنظمة دول الطوق وبالتالي لم يستطع أن يحرك شينا بالنسبة لفلسطين . فجاءت حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح بتشكيلاتها دون أن تتدخل بتشكيلات منظمة التحرير الفلسطينية في بادئ الأمر إلى أن قامت بتفجير الانطلاقة وبداية تشكيل معسكراتها والقيام بعمليات فدائية . ويضيف الأخ عز الدين بعد حدوث نكسة 67 واحتلال باقي فلسطين إضافة إلى احتلال سيناء والجولان، أصبحت اليد الطولى الإرادة الشعب وإرادة الكفاح المسلح، وبالتالي وجب تأميم منظمة التحرير الفلسطينية ليصبح قرارها فلسطينيا محضا، وجرت محاولات عديدة لكي يتلقى جيش التحرير الفلسطيني تعليماته من رئاسة الأركان الفلسطينية وليس من أركان رئاسة الدول العربية المتواجد على أراضيها ، إلى أن جاءت الظروف وأصبح جيش التحرير الفلسطيني تحت إمرة فلسطينية يدافع دفاعا مستميتا عن الثورة الفلسطينية بعد أن قامت فتح بعملية النقل الشرعي لقيادة منظمة التحرير الفلسطينية من قيادة الشهيد المناضل أحمد الشقيري إلى قيادة الرئيس القائد العام یاسر عرفات.  فتح انطلقت باتجاه الوطن       وبدوره يقول الأخ إبراهيم أبو النجا: فرضت نكبة 48، وما ترتب عليها من سلب الأرض الفلسطينية وتهجير للشعب الفلسطيني ، وحالة الضياع التي عانى منها أبناء شعبنا في السنوات الأولى للهجرة، فرضت على الشعب العربي الفلسطيني أن يعيد صنع نفسه من جديد، وقد اضطلع بهذه المهمة كوكبة من المناضلين التقوا فاتفقوا على الخروج من هذا الواقع الأليم وتصويب المسار، | ومن هنا جاء ميلاد التنظيم السياسي الذي سمي بحركة التحرير الوطني الفلسطيني، وقد أخذنا الحروف الأولى للتسمية فتكونت كلمة (حتف) ولكن قلبنا الكلمة وأصبحت فتح، وحروفها تدل على: الفاء فلسطين، والتاء تحرير، والحاء حركة، فالحركة جاءت في الآخر لأنها ستطلع بمهمة التحرير، والفاء جاءت في الأول لأن الهدف الأول هو فلسطين، وحركة فتح عندما تأسست لم يكن المقصود منها أن تكون على غرار التنظيمات السياسية التي سبقتها في التأسيس ولكنها جاءت لتنطلق من العمل السياسي إلى العمل العسكري الذي ترجم على ارض الواقع مع بزوغ فجر 65/1/1 وتفجير الكفاح المسلح لنعلن للعالم أننا انطلقنا باتجاه استرداد فلسطين، وقد حذرنا من أي محاولة تستهدف النيل من عملنا العسكري، وقد رافقت الانطلاقة أدبيات تتمثل في المبادئ والأهداف والشعارات وتعرضت حركة فتح وكوادرها الملاحقات ومطاردات، وزج بهم في السجون. وأضاف أبو النجا إن الإعلان عن الكفاح المسلح وضع طلائعنا الفلسطينية الذين أصبحوا فيما بعد قادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح وعلى رأسهم الأخ القائد أبو عمار ورفيق دربه الشهيد القائد خليل الوزير (أبو جهاد) وبقية الأخوة في وضع يصدق فيهم قوله تعالى و من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا.  ويوضح أبو النجا بأن انطلاقة فتح ليست بديلا عن العمل العربي المشترك فنحن رأس الحربة التحرير فلسطين حيث تلقف أبناء شعبنا الفلسطيني في كافة أماكن تواجده نبأ الانطلاقة بتلهف وتأييد كبير ويحدوهم الأمل بأن هذا هو الطريق لتحرير فلسطين ونیل حقوقنا الوطنية وبدأوا بالالتحاق بصفوف الحركة، حيث كان للفدائيين العديد من المعارك والعمليات العسكرية التي أوجعت الاحتلال، وكان الفدائيون يمارسون حرب العصابات ولم يمارسوا الحرب النظامية حيث دخلت العلم العسكري النظرية الفلسطينية بأن الصمود المدعوم بالحق هو الأساس وواجه مقاتلونا بأسلحتهم الخفيفة الفردية الآليات والطائرات وكل أشكال الحملة الصهيونية، لم نتكلم نحن عن النتائج بقدر ما تكلم العدو نفسه وبقدر ما تكلم المراقبون العسكريون والسياسيون، وشكلت عملياتنا انعطافا جديدا في فهم العالم كله لخصوصية وطبيعة قضيتنا مما أدى إلى الالتحام الشعبي بالثورة الفلسطينية وبدأت المعادلة في التغيير والنظرة تختلف من شعب لاجئ إلى شعب يمارس الكفاح من أجل عودته إلى أرضه، وكان على الثورة أن تستوعب المناضلين الذين التحقوا بها وأن تقيم المؤسسات في الوقت الذي كثرت فيه أعباء الثورة الفلسطينية واستطاعت أن تبني المؤسسة العسكرية وتوابعها،  وهذه النقلة الجديدة جعلتنا،  مستهدفين من بعض القوى التي لم يكن هدفها تحرير الوطن سواء كانت على الصعيد المحلي أو على الصعيد القومي واستمر النضال الفلسطيني وكانت العمليات ليلية وبشكل مكثف وأذكر هنا عمليات الحزام الأخضر حيث أخذت شكل المواجهة العسكرية الحقيقية غرب النهر التي قادها الأخ أبو عمار والأخ أبو جهاد و الأخ أبو صبري، وكل القيادة الفلسطينية كان عليها أن تدخل إلى الداخل التبني الخلايا السرية وتمدها بالأسلحة مما أضفى على نضالنا وقتالنا شينا متميزا حيث أن القيادات السياسية والعسكرية كانت تضطلع بهذا الدور في البناء والتأسيس وإقامة القواعد و تثبيت التنظيم السري في التعبئة و التحريض.  انطلاقة فتح كسرت الجمود والتراجع      يقول الأخ أبو ماهر حلس بأن میلاد حركة فتح وتحديدا انطلاقتها العسكرية كان في ظل ظروف عربية واقليمية تكيفت مع وجود کیان اسرائيلي وكأنها أمر واقع، وأن العمل المسلح هو مغامرة محكوم عليها بالفشل، وجاءت انطلاقة فتح لتكسر هذه المفاهيم وتستبدلها بمفهوم ثوري جديد يعتمد على الكفاح المسلح. ويضيف الأخ أبو ماهر بأن من أطواق السلامة اللي اعتمدتها فتح وضمن منطلقاتها الأساسية هي حفاظها على استقلالية القرار الوطني الفلسطيني، وقد مارست هذا الشعار في كل مراحل العمل الوطني، فهي لم تتدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة إضافة إلى أنها لم تسمح بالتدخل في الشؤون الداخلية الفلسطينية بغض النظر عن حجم التحالف مع هذا | النظام أو ذاك، وقد كانت فتح وقيادتها دائما مرشحة للإسهام الايجابي في حل الكثير من الخلافات العربية .  وما يميز حركة فتح هو أنها صاحبة المبادرة التاريخية في كل مراحل العمل الوطني، فعندما | اختارت الكفاح المسلح، كان هذا | بمثابة مغامرة في نظر الآخرين، | لكن سرعان ما لحق بها الجميع وثبتت صحة النظرية الفتحاوية، | وحينما اختارت السلام كان أيضا السلام مجازفة تاريخية، ولكن سرعان ما اتضحت صحة الخطوة التي اتخذتها قيادتنا الفلسطينية | وعلى رأسها الأخ القائد أبو عمار في كل المراحل سواء معركة الحرب أو السلام، فهي تنطلق من رؤى واضحة لأهدافها الوطنية وللمصلحة العليا لشعبنا ضمن قراءة واقعية لظروف شعبنا.  واعتمدت فتح المرونة في التكتيك وصلابة استراتيجية وثبات على الهدف والمبادئ، وما يتغير فهو شعارات وأساليب، حتى نصل إلى اقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.  فتح حملت ميراث الأمة   ومن جهته يرى الأخ سليم الزريعي الذي أمضى خمسة وعشرين عاما في السجون الإسرائيلية أن الحديث عن حركة فتح ذو شجون، ففتح ولدت من رحم المعاناة وفي مرحلة أسمناها بمرحلة الاستقرار المنظومي، هذه المرحلة التي طغت فيها فكرة العمل القومي على كل ما عداها، وحينما استذكر تلك المرحلة في تلك الظروف لا يسعني إلا أن أقول إن قرار انطلاقة فتح وقرار تشكيل طلائع قوات العاصفة كان قرارا يرقى إلى مستوى المرحلة وكان قرارا شجاعا لا يجرؤ على اتخاذه إلا تلك القيادة التاريخية التي قادت النضال الفلسطيني وحملت حلم الإنسان الفلسطيني وهمومه وكانت بمستوى حمل أمانة ميراث الأمة وصون التاريخ الفلسطيني من الاندثار.  ويضيف الزريعي إنه في تلك الفترة أسهمت الأنظمة العربية بما طرحته من مفاهيم في تغييب الدور الفلسطيني والذي يفترض أن يكون هو الدور الأساسي، وتبقى الجبهة العربية داعمة ومساندة تقف إلى جانب نضال شعبنا وتدعم كفاحه، وقد أثبتت الأيام والمعارك التي تلت ذلك صحة هذه المقولة حيث اتهمتنا بعض الأنظمة العربية بأننا قطريون و إقليميون و انفصاليون في ذاك الوقت ورددنا على هذه الادعاءات والاتهامات بأن حركة فتح فلسطينية الوجه عربية القلب والوجدان عالمية الأبعاد والامتدادات، فالمعركة قومية ويجب أن يكون الفلسطيني هو رأس الرمح وأن تكون المعركة تحت قيادة فلسطينية ونذكر عندما دخل جيش الانقاذ فلسطين في الأربعينات أسهم في تحجيم ثورة الفلسطينيين تحت شعار أن المعركة قومية. وتحول جيش الجهاد المقدس الفلسطيني في ذاك الحين إلى مجموعات متناثرة حينما ألغيت قيادته بقرار من جامعة الدول العربية وقالوا إن جيش الإنقاذ هو البديل وانسحب جيش الإنقاذ بقرار عربي وبقي الفلسطينيون ممزقين أمام الحركة الصهيونية، من هنا ندرك أهمية قرار القيادة التاريخية لحركة فتح في أن يتصدر الفلسطينيون النضال من أجل قضيتهم الفلسطينية وهويتهم النضالية.  فتح وهج الجماهير ومشعلها الحقيقي   يقول الأخ أحمد أبو سيف وهو أحد المقاتلين الذين جمعوا بين الانتماء الفتحاوي فكرا ومنهجا وبين الكفاح المسلح عملا وتطبيقا بأن حركة فتح هي المشعل الحقيقي للشعب الفلسطيني وهي وهج الجماهير ويصب نضالها في إطار العمل الفلسطيني من أجل تحرير فلسطين، وكان ثقلنا العسكري موجودا في الأردن بشكل مجموعات سرية.  وبعد حرب 67 نشطت حركة فتح عسكريا ودخلنا بما سمی ( كسر العظم ) مع الإسرائيليين وكانت حرب الكرامة بداية أول تصد عسكري حقيقي للعدو، حيث الحقت الهزيمة به، وهبت الجماهير للالتحاق بصفوفنا، وتطورت القواعد الفدائية في جنوب أربد والرمثا، ومن كان ينظر ليلا إلى أريحا من جبال اربد والناعور يجد منطقة أريحا وقد لفتها أحزمة من النيران فالعمليات بشكل يومي، وكان ينفذون مقاتلونا عملياتهم الفدائية سرا وفي الليل خوفا من اعتراض طريقهم.  ويضيف الأخ أبو سيف بأننا عندما نتكلم عن فتح فإننا نتكلم عن فلسطين ذلك أن فتح استوعبت معظم أبناء الشعب الفلسطيني في صفوفها وكانت بمثابة الأم الحنون، بل إنها كانت تمد التنظيمات الفلسطينية الأخرى بالمال والعتاد لمواصلة مشوارها النضالي من أجل تحرير فلسطين، | وفتح عبارة عن حركة عالمية استطاعت تجنيد الرأي العام الصالح القضية الفلسطينية وكانت تدعم نفسها بنفسها.  انطلاقة فتح حلقة من حلقات النضال الشعبي  يقول الأخ أحمد أبو شاويش بأن الحديث عن انطلاقة فتح يقود إلى السياق التاريخي الذي جاءت فيه الانطلاقة وبروز العمل العسكري فالانطلاقة لم تأت من فراغ وانما هي حلقة من حلقات النضال الفلسطيني الممتد في أعماق التاريخ ، وخاصة منذ وطئت أرض فلسطين اقدام المستيا وطنين الصهاينة في أواخر القرن التاسع عشر، وانطلاقة فتح وانتهاج الكفاح المسلح سبيلا للوصول إلى فلسطين وتحريرها جعل من شعبنا الفلسطيني بدلا من شعب لاجئ شعبا يحترمه العالم .  ويضيف أبو شاويش وإن منعطفات كثيرة اعترضت طريق الثورة بالأرواح والدماء، وتمكنت فتح أن تدحض المقولة الصهيونية بأن فلسطين أرض بلا شعب ، الشعب بلا أرض، واستطاعت فتح بثورتها وبجماهيرها أن تثبت أن هذه الأرض لنا منذ الأزل وحتى الأبد وأن دولتنا الفلسطينية المستقلة قادمة لا محالة وعاصمتها القدس الشريف.  استقلالية القرار الوطني  أما عن استقلالية القرار الوطني الفلسطيني الذي اعتبرته حركة فتح مبدأ من مبادئها الرئيسية... فالهدف كان من أجل الابتعاد عن دائرة الاستقطابات العربية والدولية ضمانا لتأييد الجميع عربيا ودوليا.  فتح فلسطينية المنطلق عربية الانتماء  عن ذلك يقول الأخ سليم الزعنون لقد فهم البعض وربما عن خبث ودهاء أن ذلك يعني نظرة وطنية ضيقة تتنكر القومية القضية الفلسطينية، حيث جرى الطعن في هذا المبدأ وتشويهه بينما حقيقة الأمر كانت تؤكد وباستمرار وبكل الصدق ومنذ البدايات على أن الثورة الفلسطينية بقيادة فتح إنما هي فلسطينية المنطلق عربية الانتماء، ولطالما رددها الأخ قاند الثورة الرئيس یاسر عرفات ومن كل المنابر" إنها فلسطينية الوجه عربية القلب" ولقد عرفت الأمة العربية ذلك، فكان الامتداد الواسع والعميق الحركة فتح في صفوف الأمة العربية من المحيط إلى الخليج، وامتد ذلك الوجود إلى كل شعوب الأمة الإسلامية و أما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض .  لا للوصاية .. ولا للتبعية .. ولا للاحتواء  يقول الأخ مازن عز الدين بدأت حركة فتح تحت عناوین واضحة في منطلقاتها الاستراتيجية حيث خاطبت بعدنا العربي، الذي يعتبر القاعدة الارتكازية الأساسية فحركة فتح لم تكن تبحث فقط عن القرار الفلسطيني المستقل و انما الضرورات التفاوضية والضرورات السياسية كانت تفرض على القيادة الفلسطينية إيجاد هامش هام وواسع للمناورة أطلق عليه القرار الوطني الفلسطيني المستقل وفتح رفعت شعارات واضحة بأن الثورة الفلسطينية فلسطينية الوجه عربية القلب، وعندما بدأت الطروحات السياسية لتبرير الاعتراف بقراري 242، 338 ودخولنا في مراحل تسوية بعد عام 73، جعلنا نخوض عملية التمایز نظرا لأن كل الأقطار العربية التي تتواجد على أرضها لها هامش في الإطار القومي ولكن لها هامشا في صنع قرارها الداخلي أيضا.  ويضيف الأخ عز الدين بأنه منعا للمصادرة والاحتواء فقد طبقنا شعارات فتح الأولى التي تستند الى ثلاثة أعمدة أساسية وهي لا للوصاية، لا للتبعية، لا للاحتواء، ورفعنا شعار استراتيجيا بأننا نرفض التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية وكذلك نرفض أن يتدخل أحد في شؤوننا الداخلية، إلى أن جاءت معركة بيروت حيث دافعنا عن قرارنا الوطني وخضنا معركة طرابلس كذلك دفاعا عن قرارنا الوطني الفلسطيني.  استقلالية حركة فتح  أما الأخ زكريا الأغا فقال إن حركة فتح خاضت معارك كثيرة للحفاظ على قرارنا الفلسطيني المستقل فمنذ اللحظة الأولى كانت تشعر أنه لكي تنجح ولكي تعبر تعبيرا صادقا عن آمال وطموحات الشعب الفلسطيني يجب أن تكون بعيدة عن الاحتواء، هذا ليس انفصالا عن العالم العربي، لكن فتح منذ اللحظة الأولى قررت واكدت استقلاليتها وكان هذا واضحا منذ اللحظة الأولى وحتی الآن .  أضاف الأغا: لا أحد يستطيع أن يحسب حركة فتح على أي نظام عربي حتى عندما تأزمت الأمور مع المنشقين في ۸۳ وحينما حاولت بعض الأنظمة العربية تقييد منظمة التحرير الفلسطينية واصابتها بالشلل، قامت حركة فتح ومعها جميع الأخوة من الفصائل الفلسطينية التي كانت تقف إلى جانبها لتعلن وتؤكد على ضرورة الخروج من هذا الوضع الذي وجدت المنظمة نفسها فيه بعد الانشقاق، فكان المؤتمر الفلسطيني السابع عشر الذي عقد في عمان والذي أخرج المنظمة من الشلل، وهذه الدورة أكدت أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني بقيادة الأخ أبو عمار، وسميت هذه الدورة بدورة القرار الوطني الفلسطيني المستقل والذي لاقت فيها تجاوبا جماهيريا كبيرا في الأراضي الفلسطينية المحتلة وقاموا بمظاهرات وسقط الشهداء بمن فيهم شهيد القرار الوطني الفلسطيني (شرف الطيبي).  فتح بانطلاقتها تفجر المسار التاريخي للمنطقة  يقول الأخ سلیم الزعنون، لقد أثرت فتح بالفعل في المسار التاريخي للشرق الأوسط... سواء من حيث الحروب التي اشتعلت في المنطقة أو من خلال فرض وجود الثورة الفلسطينية من جهة أخرى على خريطة المنطقة بل وعلى الخريطة العالمية بالنسبة البؤر الصراع في العالم.  وأما عن الانتقال بالنضال الفلسطيني من الشتات إلى أرض الوطن فهذا أصبح حقيقة واقعة لا يستطيع أحد إنكارها، فبعد العودة إلى أرض الوطن من خلال اتفاقات السلام مع حكومة إسرائيل العمالية بزعامة اسحق رابين وشمعون بيريس في أوسلو والقاهرة وطابا سنة ۱۹۹۳، فإن الجسم المسلح للثورة الفلسطينية قد عاد بسلاحه إلى أرض الوطن ليكون طليعة لعودة الشعب الفلسطيني كله.  ويشير الأخ أبو الأديب إلى اتفاقات أوسلو بأنه لا أحد ينكر ما تقوم به طلائع شعبنا المتمثلة في السلطة الوطنية الفلسطينية ورموزها بقيادة الأخ الرئيس یاسر عرفات والأعضاء المنتخبين من قبل شعبنا في المجلس التشريعي المنضوي تحت مظلة المجلس الوطني الفلسطيني الذي يعتبر خيمة الشرعية الفلسطينية في داخل الوطن والشتات، فالكل يشاهد بأم عينيه صباح مساء كيف يواجه شعبنا جنود الاحتلال وفي طليعة المواجهة يقف اخواننا رموز السلطة الوطنية وأعضاء المجلس التشريعي والوطني وكل رجال الأمن الذين هم فدائيو الأمس حيث التصدي للممارسات الاسرائيلية المتنكرة لكل الاتفاقات و المواثيق الدولية والانسانية، انه الصراع من فوق أرض الوطن الذي يتعرض لمؤامرات التهديد وطمس الهوية الفلسطينية، إنها معركة تجسيد الهوية الفلسطينية وإرساء قواعد الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف فوق أرض فلسطين ووجها لوجه مع قوات الاحتلال وأساليبه القمعية.  ويتساءل الأخ أبو الأديب هل هناك ما هو أفضل و أروع وأصدق من معايشة القيادة لشعبها في كفاحه ومعاناته وصنع مستقبله..؟؟  وهل كانت فتح الأمس صاحبة شعار "ثورة حتی النصر" غير فتح اليوم التي ما زالت تخوض هذه الثورة ومن فوق أرض فلسطين من أجل النصر وبناء دولة فلسطين...؟!  ما حققته فتح من مبادئها وأهدافها  عن ذلك يقول الأخ سليم الزعنون بأنه يكفي أن نذكر بحال الشعب الفلسطيني وثورته في أعقاب حرب العراق - الكويت.. لقد كانت هناك مؤامرة لإلغاء الوجود الفلسطيني، حيث جرى تهميش الدور الفلسطيني في مؤتمر مدريد للسلام.. لكننا سرعان ما أثبتنا وجودنا وأصبحنا الرقم الصعب - كما يقولها الأخ الرئيس أبو عمار الذي لا يمكن تجاهله، وها نحن على أرضنا قيادة ومقاتلين ومعنا أكثر من خمسين الفا من أبناء شعبنا المشردين قد عادوا إلى أرض الوطن طليعة العودة كل الشعب الفلسطيني .. و العالم كله يؤازرنا ويقف معنا، حيث انقلبت المعادلة وبات الإسرائيليون في ظل زعامتهم اليمينية المتطرفة محاصرين في كل المجالات الدولية، والأهم من كل هذا .. هو أننا نمارس حقنا المشروع في النضال وبناء دولتنا المستقلة من فوق أرضنا والشرعية الدولية كلها تقف إلى جانبنا.  ويستبشر الأخ أبو الأديب خيرا ويقول قريبا إن شاء الله.. سيشهد العالم قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف .. لأنها باتت مطلبا دوليا أيضا حتى إنه صارت هناك قناعات عند قطاع كبير من القادة و الشارع الإسرائيلي بضرورة قيام دولتنا الفلسطينية باعتبار ذلك حاجة ملحة لإقرار السلام في المنطقة، فالنضال الثوري دائما له أهدافه المرحلية والاستراتيجية المتمثلة في إقامة دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.. وعودة أبناء شعبنا في الشتات إلى أرض الوطن وما يتبع ذلك من مطالبة بحقوقنا المشروعة في أرضنا المغتصبة و أملاكنا المسلوبة.  من شعب لاجئ إلى شعب ذى سيادة   يقول الأخ زكريا الأغا بأن أكبر انجاز لمبادئ فتح وأهدافها هو أن القيادة الفلسطينية فوق الثرى الفلسطيني والسلطة الوطنية هي المقدمة الطبيعية والأكيدة للدولة الفلسطينية حيث إن آمالنا زادت في قيامها فقد تحولنا من شعب لاجئ إلى شعب ذي سيادة وطنية، وأصبح الجميع يعترف بنا ككيان، فالعلم الفلسطيني يرفرف فوق ربوع الوطن والمواطن يسافر بجواز سفر فلسطيني، وكلنا ثقة بالأخ القائد ياسر عرفات لنصل إلى القدس الشريف عاصمة دولتنا الفلسطينية.             نشر بتاريخ - يناير - 1997 - مجلة الرأي - عدد 7   يقول الأخ سلیم الزعنون (أبو الأديب ) أحد القادة التاريخيين لثورتنا ومن المؤسسين لحركة فتح عن الظروف التي رافقت انطلاقة الثورة الفلسطينية المسلحة بقيادة فتح في 1/11/1965 بأن مصاعب الانطلاقة كانت جمة ولكن أهمها وجود أكثر من ثلاثين تنظيما كانت جميعها تحمل أسماء وشعارات حول تحریر فلسطين.. بعض تلك التنظيمات كان لا يتعدى حجمها عدد أصابع اليد.. وبالتالي كانت ساحات العمل الفلسطيني غارقة بالمزايدات والشعارات.. مما أدى إلى الخلط بين الغث و السمين ولهذا بطبيعة الحال أثره السلبي على جماهيرية وشعبية أي تنظيم.. مما حتم على قيادة فتح التاريخية القيام بعمل بطولي وشجاع يكون كفيلا بإخراج حركة فتح من دوامة الشعارات والصراعات الحزبية التي سئمتها جماهير شعبنا. ويضيف الأخ أبو الأديب بأنه كان لابد من إطلاق شرارة الكفاح المسلح.. وهذا العمل أو القرار يعتبر مصيريا وخطيرا، حيث كل الظروف المحيطة كانت تعمل ضد هذا الاتجاه .. ثم هناك منظمة التحرير الفلسطينية برئاسة أحمد الشقيري و التي تأسست في 13/1/1964 ، بقرار من القمة العربية في القاهرة، ثم في قمة الاسكندرية سبتمبر/أيلول 1964 تقرر إنشاء جيش التحرير الفلسطيني بقيادة اللواء وجيه المدني، وكان لهذا أثره الفعال-سلبا على وجود التنظيمات المختلفة ، وكان هناك القيادة العربية الموحدة بقيادة الفريق أول علي عامر بقرار من القمة العربية من أجل مواجهة المشاريع الإسرائيلية التحويل مياه نهر الأردن ومنابعه مما يشكل تهديدا للدول العربية .. وهذه القيادة لا تريد لغيرها أن يعمل ضد الإسرائيليين.. ولقد كانت لهذه القيادة قرارات مضادة للعمل الفدائي بعد الانطلاقة:  والحدود المشتركة مع فلسطين المحتلة موصدة في وجه أي عمل مسلح .. والتمويل المادي محدود ويعتمد على اشتراكات الأعضاء فقط، حيث لا أحد يتبرع ماديا لمن لا يعمل .. وأجهزة المخابرات في مناطق التماس مع فلسطين المحتلة تلاحق وتمنع أي إنسان من اختراق الحدود ومهاجمة العدو في الداخل.. ثم هناك الخطر المصيري المحتمل، الذي يتهدد تنظیم فتح بكل وجوده إذا ما فشلت الانطلاقة. العملية الأولى   ويكشف الأخ أبو الأديب اللحظات الحاسمة التي عاشتها ثورتنا ويقول بأنه أمام كل هذه الأخطار كان لابد من اتخاذ القرار المصري و الحاسم.. ولقد اختلف قادة تنظيم فتح حول ذلك .. البعض يؤيد الانطلاقة .. والبعض يحذر .. والبعض متردد .. وفي ظل كل هذه الظروف الصعبة اجتمع قادة فتح من كل الأقاليم وكان اللقاء في مكان ما بالكويت وبعد نقاش طويل ومتشعب وخلال عدة أيام التزم الجميع بقرار الأغلبية وتقرر إطلاق الرصاصة الأولى في ليلة الفاتح من كانون الثاني (يناير) 1965م .. كبداية للثورة الفلسطينية المسلحة من أجل تحرير فلسطين .. ولقد ارتأى المجتمعون تحسبا لأي طارئ أن تكون الانطلاقة تحت اسم غير اسم حركة فتح التي باتت معروفة للجميع وتم اختيار اسم قوات العاصفة، فإذا تحقق النجاح وتواصلت الثورة ونجت من الأخطار المحدقة بها فان الأمر سيوضح بعد ذلك لوسائل الإعلام ولبقية تنظيم فتح حيث إن الأمر كان سريا للغاية ومحصورا في نطاق عدد محدود من قيادة الحركة .. أما لو كان هناك فشل .. فستنجو فتح من الخطر وسيتحمل الاسم الجديد تبعة ذلك الفشل .. ولقد تمت الانطلاقة بحمد الله وتوفيقه وتمكنت مجموعات من قوات العاصفة من تفجير بعض المنشآت التحويلية المياه نهر الأردن في نفق عيلبون وتبعتها عدة عمليات داخل فلسطين المحتلة وفي مناطق متباعدة في الجليل .. وفي بيت جبرين وفي بئر السبع بحيث لم يستطع العدو إلا أن يعترف بما حدث و أعلن عن ذلك من خلال اذاعته .   ويتذكر الأخ أبو الأديب أن القيادة اتخذت قرارا في مواجهة الأعباء المالية اللازمة لتغطية تلك العمليات بأن على كل فرد منتسب الحركة فتح أن يدفع مبلغ خمسين دينارا دعما للعمل العسكري وديمومته.  أصداء العملية   أما عن الصدي الذي أحدثه ذلك العمل فيقول الأخ أبو الأديب ، بأن الفرحة عمت صفوف الشعب الفلسطيني و بدأ الناس يتحدثون باستبشار وسعادة و أمل وهم يرددون الشعار الذي كانت تتركه المجموعات الفدائية الأولى وراءها في مكان العمليات المسلحة " أيها الغزاة الصهاينة.. قوات العاصفة مرت من هنا " وبدأ الشبان ينضمون إلى تنظيم حركة فتح في كل مناطق الشتات وفي قطاع غزة والضفة الغربية مما أدى إلى ذوبان أو تلاشي العديد من التنظيمات .. فالناس كانوا متعطشين لمن يجسد الشعارات إلى عمل بعد أن طال الانتظار واستبد اليأس بالنفوس، لقد كانت فتح بالنسبة للشعب الفلسطيني شعلة الأمل، أما عن الصدی عربيا فلاشك أن الانطلاقة ساعدت في استنهاض النخوة العربية فيات الناس يتبرعون للحركة من أجل تمويل عملياتها البطولية ودعما لأسر الشهداء والجرحى والأسري، وكانت هناك مناصرة دولية محدودة تمثلت بالدرجة الأولى بدعم مادي ومعنوي من قبل جمهورية الصين الشعبية وفيتنام وكوبا، وفي هذا المجال لا يمكننا أن ننسى الدعم الأخوي الصادق من قبل الجزائر الشقيقة وسوريا الحبيبة، حيث كانت لهما وقفات مخلصة ساعدت في إنجاح انطلاقة الثورة الفلسطينية واستمراريتها وتصاعدها بقيادة حركة فتح .  فتح صنعت لشعبنا الهوية السياسية    إستطلاع : محمد توفيق أحمد كريزم  في ذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية  اثنان وثلاثون عاما من النضال والكفاح  فتح ثورة فلسطينية الوجه . عربية العمق . عالمية البعد  فتع بقيادة الرمز أبو عمار - صانعة الثورة – وصانعة السلام       منذ فجرت حركة فتح الثورة الفلسطينية المعاصرة وشلال دماء شهداء ثورتنا ما انفك يتدفق ويفيض راسما الخارطة الجديدة للمنطقة بأسرها .   وعندما أطلقت فتح رصاصاتها الأولى لتطرح منطلقاتها الاستراتيجية التي حددت من خلالها أولوية تحرير فلسطين باتباع اسلوب الكفاح المسلح وتوحيد نضال الجماهير قلبت بذلك رأسا على عقب مجموعة المنطلقات الاستراتيجية التي سادت الوطن العربي حول قضية فلسطين وأدخلت المنطقة العربية برمتها في مرحلة جديدة تمتاز بالصراع الساخن ، وبرهنت على أن الثورة الفلسطينية .. فلسطينية الوجه.. عربية العمق.. عالمية البعد، مما جعلها في وضع فريد ضمن حركات التحرر الوطني في العالم.  الأجواء التي رافقت ولادة الحركة   لاشك أن ولادة حركة فتح كانت عيرة اعترضتها صعوبات و مشاكل جمة، في الوقت الذي لم يكن فيه سهلا على طلائع قيادتنا التاريخية أن يتخذوا قرارهم التاريخي بتأسيس فتح في ذاك الوقت.  الكفاح المسلح بدلا من الشعارات والمزايدات      يقول الأخ سلیم الزعنون (أبو الأديب ) أحد القادة التاريخيين لثورتنا ومن المؤسسين لحركة فتح عن الظروف التي رافقت انطلاقة الثورة الفلسطينية المسلحة بقيادة فتح في 1/11/1965 بأن مصاعب الانطلاقة كانت جمة ولكن أهمها وجود أكثر من ثلاثين تنظيما كانت جميعها تحمل أسماء وشعارات حول تحریر فلسطين.. بعض تلك التنظيمات كان لا يتعدى حجمها عدد أصابع اليد.. وبالتالي كانت ساحات العمل الفلسطيني غارقة بالمزايدات والشعارات.. مما أدى إلى الخلط بين الغث و السمين ولهذا بطبيعة الحال أثره السلبي على جماهيرية وشعبية أي تنظيم.. مما حتم على قيادة فتح التاريخية القيام بعمل بطولي وشجاع يكون كفيلا بإخراج حركة فتح من دوامة الشعارات والصراعات الحزبية التي سئمتها جماهير شعبنا. ويضيف الأخ أبو الأديب بأنه كان لابد من إطلاق شرارة الكفاح المسلح.. وهذا العمل أو القرار يعتبر مصيريا وخطيرا، حيث كل الظروف المحيطة كانت تعمل ضد هذا الاتجاه .. ثم هناك منظمة التحرير الفلسطينية برئاسة أحمد الشقيري و التي تأسست في 13/1/1964 ، بقرار من القمة العربية في القاهرة، ثم في قمة الاسكندرية سبتمبر/أيلول 1964 تقرر إنشاء جيش التحرير الفلسطيني بقيادة اللواء وجيه المدني، وكان لهذا أثره الفعال-سلبا على وجود التنظيمات المختلفة ، وكان هناك القيادة العربية الموحدة بقيادة الفريق أول علي عامر بقرار من القمة العربية من أجل مواجهة المشاريع الإسرائيلية التحويل مياه نهر الأردن ومنابعه مما يشكل تهديدا للدول العربية .. وهذه القيادة لا تريد لغيرها أن يعمل ضد الإسرائيليين.. ولقد كانت لهذه القيادة قرارات مضادة للعمل الفدائي بعد الانطلاقة:  والحدود المشتركة مع فلسطين المحتلة موصدة في وجه أي عمل مسلح .. والتمويل المادي محدود ويعتمد على اشتراكات الأعضاء فقط، حيث لا أحد يتبرع ماديا لمن لا يعمل .. وأجهزة المخابرات في مناطق التماس مع فلسطين المحتلة تلاحق وتمنع أي إنسان من اختراق الحدود ومهاجمة العدو في الداخل.. ثم هناك الخطر المصيري المحتمل، الذي يتهدد تنظیم فتح بكل وجوده إذا ما فشلت الانطلاقة. العملية الأولى   ويكشف الأخ أبو الأديب اللحظات الحاسمة التي عاشتها ثورتنا ويقول بأنه أمام كل هذه الأخطار كان لابد من اتخاذ القرار المصري و الحاسم.. ولقد اختلف قادة تنظيم فتح حول ذلك .. البعض يؤيد الانطلاقة .. والبعض يحذر .. والبعض متردد .. وفي ظل كل هذه الظروف الصعبة اجتمع قادة فتح من كل الأقاليم وكان اللقاء في مكان ما بالكويت وبعد نقاش طويل ومتشعب وخلال عدة أيام التزم الجميع بقرار الأغلبية وتقرر إطلاق الرصاصة الأولى في ليلة الفاتح من كانون الثاني (يناير) 1965م .. كبداية للثورة الفلسطينية المسلحة من أجل تحرير فلسطين .. ولقد ارتأى المجتمعون تحسبا لأي طارئ أن تكون الانطلاقة تحت اسم غير اسم حركة فتح التي باتت معروفة للجميع وتم اختيار اسم قوات العاصفة، فإذا تحقق النجاح وتواصلت الثورة ونجت من الأخطار المحدقة بها فان الأمر سيوضح بعد ذلك لوسائل الإعلام ولبقية تنظيم فتح حيث إن الأمر كان سريا للغاية ومحصورا في نطاق عدد محدود من قيادة الحركة .. أما لو كان هناك فشل .. فستنجو فتح من الخطر وسيتحمل الاسم الجديد تبعة ذلك الفشل .. ولقد تمت الانطلاقة بحمد الله وتوفيقه وتمكنت مجموعات من قوات العاصفة من تفجير بعض المنشآت التحويلية المياه نهر الأردن في نفق عيلبون وتبعتها عدة عمليات داخل فلسطين المحتلة وفي مناطق متباعدة في الجليل .. وفي بيت جبرين وفي بئر السبع بحيث لم يستطع العدو إلا أن يعترف بما حدث و أعلن عن ذلك من خلال اذاعته .   ويتذكر الأخ أبو الأديب أن القيادة اتخذت قرارا في مواجهة الأعباء المالية اللازمة لتغطية تلك العمليات بأن على كل فرد منتسب الحركة فتح أن يدفع مبلغ خمسين دينارا دعما للعمل العسكري وديمومته.  أصداء العملية   أما عن الصدي الذي أحدثه ذلك العمل فيقول الأخ أبو الأديب ، بأن الفرحة عمت صفوف الشعب الفلسطيني و بدأ الناس يتحدثون باستبشار وسعادة و أمل وهم يرددون الشعار الذي كانت تتركه المجموعات الفدائية الأولى وراءها في مكان العمليات المسلحة " أيها الغزاة الصهاينة.. قوات العاصفة مرت من هنا " وبدأ الشبان ينضمون إلى تنظيم حركة فتح في كل مناطق الشتات وفي قطاع غزة والضفة الغربية مما أدى إلى ذوبان أو تلاشي العديد من التنظيمات .. فالناس كانوا متعطشين لمن يجسد الشعارات إلى عمل بعد أن طال الانتظار واستبد اليأس بالنفوس، لقد كانت فتح بالنسبة للشعب الفلسطيني شعلة الأمل، أما عن الصدی عربيا فلاشك أن الانطلاقة ساعدت في استنهاض النخوة العربية فيات الناس يتبرعون للحركة من أجل تمويل عملياتها البطولية ودعما لأسر الشهداء والجرحى والأسري، وكانت هناك مناصرة دولية محدودة تمثلت بالدرجة الأولى بدعم مادي ومعنوي من قبل جمهورية الصين الشعبية وفيتنام وكوبا، وفي هذا المجال لا يمكننا أن ننسى الدعم الأخوي الصادق من قبل الجزائر الشقيقة وسوريا الحبيبة، حيث كانت لهما وقفات مخلصة ساعدت في إنجاح انطلاقة الثورة الفلسطينية واستمراريتها وتصاعدها بقيادة حركة فتح .  فتح صنعت لشعبنا الهوية السياسية      يقول الأخ زكريا الأغا بأن فتح ولدت من عمق المأساة الفلسطينية في وقت كان فيه الشعب الفلسطيني يعتبر مجرد قطاعات من اللاجئين بدون أي هوية سياسية ومن هنا تولدت الفكرة لدى عدد من القيادات الفلسطينية برئاسة الأخ القائد أبو.. عمار والشهيدين القائدين أبو جهاد وأبو ایاد وكثيرا من الأخوة الذين فكروا كيف يمكن أن يعيدوا الحياة إلى القضية الفلسطينية وان يعملوا على احياء النضال الفلسطيني والبدء بالكفاح المسلح. ويضيف الأغا أن الأفكار التقت بشأن تأسيس فتح على قاعدة الكفاح المسلح لتحرير فلسطين وتحويل شعبنا من مجرد شعب لاجئ إلى شعب من المقاتلين ونضجت الفكرة بعدما اتفق على موعد أول عملية تقوم بها قوات  العاصفة الذراع العسكري لحركة فتح، وكانت العملية بمثابة الإعلان الرسمي لانطلاقة فتح وانطلاقة الكفاح المسلح. وقد كان الاعلان الانطلاقة الفتحاوية وقع في الشارع الفلسطيني داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة فقد أعادت له ثقته بنفسه و احتشدت جماهير غفيرة للتطوع في صفوف فتح لتخوض النضال والكفاح تحت راية فلسطينية بقيادة القائد ياسر عرفات.  الاعتماد على الذات التحرير فلسطين    يقول الأخ مازن عز الدين انعكست بدايات تشكل الواقع العربي القومي باتجاهاته المختلفة التي تضع في اعتباراتها فلسطين، على الواقع الفلسطيني في الشتات، بحيث إن الشباب الفلسطيني حاول أن يجد نفسه في الحزبية العربية، فانضوى تحت أجنحة الأحزاب القومية معتقدا أنها السبيل في حشد موقف عربي من أجل معركة التحرير التي تعيده إلى فلسطين خاصة وأن مفتاح بيته لم يصب بالصدأ في تلك الأيام، وبالتالي كانت فكرة الوحدة العربية هي الطريق الحتمي التحرير فلسطين، ولكن مع طول المدة وانتظار الجيوش العربية التحرير فلسطين بدأ الملل يدخل في صفوف الشباب الفلسطيني، وبدأت تتشكل في أوساط الطبقات الأكثر وعيا من شعبنا الفلسطيني وتحديدا اتحاد طلاب فلسطين مجموعة من الأفكار المنسجمة مع واقعنا الفلسطيني والتي ترافقت مع نمو حركات التحرر العالمية و العربية مثل موجة المد القومي في اليمن والجزائر ومصر وثورات فيتنام وكمبوديا مما عكس ذلك على بدايات تشكل النواة الثورية الفلسطينية في الطبقات الأكثر وعيا.. ومن هنا جاءت فكرة الاعتماد على الذات بضرورة وجود حركة أو تنظيم فلسطيني يقاتل ويقاوم ويقلب المعادلة. ويضيف الأخ عز الدين بأن حركة فتح لم تكن بديلا عن منظمة التحرير الفلسطينية فالمنظمة جاءت کرد عربي على تحویل روافد مجرى نهر الأردن وكتعبير عن أفكار الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وتتويجا لفكره القومي باتجاه فلسطين الذي كان يعتبرها العمود الفقري للفكر القومي، وتم تشكيل جيش لها أطلق عليه اسم جيش التحرير الفلسطيني وكان منضويا تحت قيادة أركان الدول العربية التي يتواجد على أراضيها و مرتبطا بالخطة الرسمية العربية لأنظمة دول الطوق وبالتالي لم يستطع أن يحرك شينا بالنسبة لفلسطين . فجاءت حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح بتشكيلاتها دون أن تتدخل بتشكيلات منظمة التحرير الفلسطينية في بادئ الأمر إلى أن قامت بتفجير الانطلاقة وبداية تشكيل معسكراتها والقيام بعمليات فدائية . ويضيف الأخ عز الدين بعد حدوث نكسة 67 واحتلال باقي فلسطين إضافة إلى احتلال سيناء والجولان، أصبحت اليد الطولى الإرادة الشعب وإرادة الكفاح المسلح، وبالتالي وجب تأميم منظمة التحرير الفلسطينية ليصبح قرارها فلسطينيا محضا، وجرت محاولات عديدة لكي يتلقى جيش التحرير الفلسطيني تعليماته من رئاسة الأركان الفلسطينية وليس من أركان رئاسة الدول العربية المتواجد على أراضيها ، إلى أن جاءت الظروف وأصبح جيش التحرير الفلسطيني تحت إمرة فلسطينية يدافع دفاعا مستميتا عن الثورة الفلسطينية بعد أن قامت فتح بعملية النقل الشرعي لقيادة منظمة التحرير الفلسطينية من قيادة الشهيد المناضل أحمد الشقيري إلى قيادة الرئيس القائد العام یاسر عرفات.  فتح انطلقت باتجاه الوطن       وبدوره يقول الأخ إبراهيم أبو النجا: فرضت نكبة 48، وما ترتب عليها من سلب الأرض الفلسطينية وتهجير للشعب الفلسطيني ، وحالة الضياع التي عانى منها أبناء شعبنا في السنوات الأولى للهجرة، فرضت على الشعب العربي الفلسطيني أن يعيد صنع نفسه من جديد، وقد اضطلع بهذه المهمة كوكبة من المناضلين التقوا فاتفقوا على الخروج من هذا الواقع الأليم وتصويب المسار، | ومن هنا جاء ميلاد التنظيم السياسي الذي سمي بحركة التحرير الوطني الفلسطيني، وقد أخذنا الحروف الأولى للتسمية فتكونت كلمة (حتف) ولكن قلبنا الكلمة وأصبحت فتح، وحروفها تدل على: الفاء فلسطين، والتاء تحرير، والحاء حركة، فالحركة جاءت في الآخر لأنها ستطلع بمهمة التحرير، والفاء جاءت في الأول لأن الهدف الأول هو فلسطين، وحركة فتح عندما تأسست لم يكن المقصود منها أن تكون على غرار التنظيمات السياسية التي سبقتها في التأسيس ولكنها جاءت لتنطلق من العمل السياسي إلى العمل العسكري الذي ترجم على ارض الواقع مع بزوغ فجر 65/1/1 وتفجير الكفاح المسلح لنعلن للعالم أننا انطلقنا باتجاه استرداد فلسطين، وقد حذرنا من أي محاولة تستهدف النيل من عملنا العسكري، وقد رافقت الانطلاقة أدبيات تتمثل في المبادئ والأهداف والشعارات وتعرضت حركة فتح وكوادرها الملاحقات ومطاردات، وزج بهم في السجون. وأضاف أبو النجا إن الإعلان عن الكفاح المسلح وضع طلائعنا الفلسطينية الذين أصبحوا فيما بعد قادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح وعلى رأسهم الأخ القائد أبو عمار ورفيق دربه الشهيد القائد خليل الوزير (أبو جهاد) وبقية الأخوة في وضع يصدق فيهم قوله تعالى و من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا.  ويوضح أبو النجا بأن انطلاقة فتح ليست بديلا عن العمل العربي المشترك فنحن رأس الحربة التحرير فلسطين حيث تلقف أبناء شعبنا الفلسطيني في كافة أماكن تواجده نبأ الانطلاقة بتلهف وتأييد كبير ويحدوهم الأمل بأن هذا هو الطريق لتحرير فلسطين ونیل حقوقنا الوطنية وبدأوا بالالتحاق بصفوف الحركة، حيث كان للفدائيين العديد من المعارك والعمليات العسكرية التي أوجعت الاحتلال، وكان الفدائيون يمارسون حرب العصابات ولم يمارسوا الحرب النظامية حيث دخلت العلم العسكري النظرية الفلسطينية بأن الصمود المدعوم بالحق هو الأساس وواجه مقاتلونا بأسلحتهم الخفيفة الفردية الآليات والطائرات وكل أشكال الحملة الصهيونية، لم نتكلم نحن عن النتائج بقدر ما تكلم العدو نفسه وبقدر ما تكلم المراقبون العسكريون والسياسيون، وشكلت عملياتنا انعطافا جديدا في فهم العالم كله لخصوصية وطبيعة قضيتنا مما أدى إلى الالتحام الشعبي بالثورة الفلسطينية وبدأت المعادلة في التغيير والنظرة تختلف من شعب لاجئ إلى شعب يمارس الكفاح من أجل عودته إلى أرضه، وكان على الثورة أن تستوعب المناضلين الذين التحقوا بها وأن تقيم المؤسسات في الوقت الذي كثرت فيه أعباء الثورة الفلسطينية واستطاعت أن تبني المؤسسة العسكرية وتوابعها،  وهذه النقلة الجديدة جعلتنا،  مستهدفين من بعض القوى التي لم يكن هدفها تحرير الوطن سواء كانت على الصعيد المحلي أو على الصعيد القومي واستمر النضال الفلسطيني وكانت العمليات ليلية وبشكل مكثف وأذكر هنا عمليات الحزام الأخضر حيث أخذت شكل المواجهة العسكرية الحقيقية غرب النهر التي قادها الأخ أبو عمار والأخ أبو جهاد و الأخ أبو صبري، وكل القيادة الفلسطينية كان عليها أن تدخل إلى الداخل التبني الخلايا السرية وتمدها بالأسلحة مما أضفى على نضالنا وقتالنا شينا متميزا حيث أن القيادات السياسية والعسكرية كانت تضطلع بهذا الدور في البناء والتأسيس وإقامة القواعد و تثبيت التنظيم السري في التعبئة و التحريض.  انطلاقة فتح كسرت الجمود والتراجع      يقول الأخ أبو ماهر حلس بأن میلاد حركة فتح وتحديدا انطلاقتها العسكرية كان في ظل ظروف عربية واقليمية تكيفت مع وجود کیان اسرائيلي وكأنها أمر واقع، وأن العمل المسلح هو مغامرة محكوم عليها بالفشل، وجاءت انطلاقة فتح لتكسر هذه المفاهيم وتستبدلها بمفهوم ثوري جديد يعتمد على الكفاح المسلح. ويضيف الأخ أبو ماهر بأن من أطواق السلامة اللي اعتمدتها فتح وضمن منطلقاتها الأساسية هي حفاظها على استقلالية القرار الوطني الفلسطيني، وقد مارست هذا الشعار في كل مراحل العمل الوطني، فهي لم تتدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة إضافة إلى أنها لم تسمح بالتدخل في الشؤون الداخلية الفلسطينية بغض النظر عن حجم التحالف مع هذا | النظام أو ذاك، وقد كانت فتح وقيادتها دائما مرشحة للإسهام الايجابي في حل الكثير من الخلافات العربية .  وما يميز حركة فتح هو أنها صاحبة المبادرة التاريخية في كل مراحل العمل الوطني، فعندما | اختارت الكفاح المسلح، كان هذا | بمثابة مغامرة في نظر الآخرين، | لكن سرعان ما لحق بها الجميع وثبتت صحة النظرية الفتحاوية، | وحينما اختارت السلام كان أيضا السلام مجازفة تاريخية، ولكن سرعان ما اتضحت صحة الخطوة التي اتخذتها قيادتنا الفلسطينية | وعلى رأسها الأخ القائد أبو عمار في كل المراحل سواء معركة الحرب أو السلام، فهي تنطلق من رؤى واضحة لأهدافها الوطنية وللمصلحة العليا لشعبنا ضمن قراءة واقعية لظروف شعبنا.  واعتمدت فتح المرونة في التكتيك وصلابة استراتيجية وثبات على الهدف والمبادئ، وما يتغير فهو شعارات وأساليب، حتى نصل إلى اقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.  فتح حملت ميراث الأمة   ومن جهته يرى الأخ سليم الزريعي الذي أمضى خمسة وعشرين عاما في السجون الإسرائيلية أن الحديث عن حركة فتح ذو شجون، ففتح ولدت من رحم المعاناة وفي مرحلة أسمناها بمرحلة الاستقرار المنظومي، هذه المرحلة التي طغت فيها فكرة العمل القومي على كل ما عداها، وحينما استذكر تلك المرحلة في تلك الظروف لا يسعني إلا أن أقول إن قرار انطلاقة فتح وقرار تشكيل طلائع قوات العاصفة كان قرارا يرقى إلى مستوى المرحلة وكان قرارا شجاعا لا يجرؤ على اتخاذه إلا تلك القيادة التاريخية التي قادت النضال الفلسطيني وحملت حلم الإنسان الفلسطيني وهمومه وكانت بمستوى حمل أمانة ميراث الأمة وصون التاريخ الفلسطيني من الاندثار.  ويضيف الزريعي إنه في تلك الفترة أسهمت الأنظمة العربية بما طرحته من مفاهيم في تغييب الدور الفلسطيني والذي يفترض أن يكون هو الدور الأساسي، وتبقى الجبهة العربية داعمة ومساندة تقف إلى جانب نضال شعبنا وتدعم كفاحه، وقد أثبتت الأيام والمعارك التي تلت ذلك صحة هذه المقولة حيث اتهمتنا بعض الأنظمة العربية بأننا قطريون و إقليميون و انفصاليون في ذاك الوقت ورددنا على هذه الادعاءات والاتهامات بأن حركة فتح فلسطينية الوجه عربية القلب والوجدان عالمية الأبعاد والامتدادات، فالمعركة قومية ويجب أن يكون الفلسطيني هو رأس الرمح وأن تكون المعركة تحت قيادة فلسطينية ونذكر عندما دخل جيش الانقاذ فلسطين في الأربعينات أسهم في تحجيم ثورة الفلسطينيين تحت شعار أن المعركة قومية. وتحول جيش الجهاد المقدس الفلسطيني في ذاك الحين إلى مجموعات متناثرة حينما ألغيت قيادته بقرار من جامعة الدول العربية وقالوا إن جيش الإنقاذ هو البديل وانسحب جيش الإنقاذ بقرار عربي وبقي الفلسطينيون ممزقين أمام الحركة الصهيونية، من هنا ندرك أهمية قرار القيادة التاريخية لحركة فتح في أن يتصدر الفلسطينيون النضال من أجل قضيتهم الفلسطينية وهويتهم النضالية.  فتح وهج الجماهير ومشعلها الحقيقي   يقول الأخ أحمد أبو سيف وهو أحد المقاتلين الذين جمعوا بين الانتماء الفتحاوي فكرا ومنهجا وبين الكفاح المسلح عملا وتطبيقا بأن حركة فتح هي المشعل الحقيقي للشعب الفلسطيني وهي وهج الجماهير ويصب نضالها في إطار العمل الفلسطيني من أجل تحرير فلسطين، وكان ثقلنا العسكري موجودا في الأردن بشكل مجموعات سرية.  وبعد حرب 67 نشطت حركة فتح عسكريا ودخلنا بما سمی ( كسر العظم ) مع الإسرائيليين وكانت حرب الكرامة بداية أول تصد عسكري حقيقي للعدو، حيث الحقت الهزيمة به، وهبت الجماهير للالتحاق بصفوفنا، وتطورت القواعد الفدائية في جنوب أربد والرمثا، ومن كان ينظر ليلا إلى أريحا من جبال اربد والناعور يجد منطقة أريحا وقد لفتها أحزمة من النيران فالعمليات بشكل يومي، وكان ينفذون مقاتلونا عملياتهم الفدائية سرا وفي الليل خوفا من اعتراض طريقهم.  ويضيف الأخ أبو سيف بأننا عندما نتكلم عن فتح فإننا نتكلم عن فلسطين ذلك أن فتح استوعبت معظم أبناء الشعب الفلسطيني في صفوفها وكانت بمثابة الأم الحنون، بل إنها كانت تمد التنظيمات الفلسطينية الأخرى بالمال والعتاد لمواصلة مشوارها النضالي من أجل تحرير فلسطين، | وفتح عبارة عن حركة عالمية استطاعت تجنيد الرأي العام الصالح القضية الفلسطينية وكانت تدعم نفسها بنفسها.  انطلاقة فتح حلقة من حلقات النضال الشعبي  يقول الأخ أحمد أبو شاويش بأن الحديث عن انطلاقة فتح يقود إلى السياق التاريخي الذي جاءت فيه الانطلاقة وبروز العمل العسكري فالانطلاقة لم تأت من فراغ وانما هي حلقة من حلقات النضال الفلسطيني الممتد في أعماق التاريخ ، وخاصة منذ وطئت أرض فلسطين اقدام المستيا وطنين الصهاينة في أواخر القرن التاسع عشر، وانطلاقة فتح وانتهاج الكفاح المسلح سبيلا للوصول إلى فلسطين وتحريرها جعل من شعبنا الفلسطيني بدلا من شعب لاجئ شعبا يحترمه العالم .  ويضيف أبو شاويش وإن منعطفات كثيرة اعترضت طريق الثورة بالأرواح والدماء، وتمكنت فتح أن تدحض المقولة الصهيونية بأن فلسطين أرض بلا شعب ، الشعب بلا أرض، واستطاعت فتح بثورتها وبجماهيرها أن تثبت أن هذه الأرض لنا منذ الأزل وحتى الأبد وأن دولتنا الفلسطينية المستقلة قادمة لا محالة وعاصمتها القدس الشريف.  استقلالية القرار الوطني  أما عن استقلالية القرار الوطني الفلسطيني الذي اعتبرته حركة فتح مبدأ من مبادئها الرئيسية... فالهدف كان من أجل الابتعاد عن دائرة الاستقطابات العربية والدولية ضمانا لتأييد الجميع عربيا ودوليا.  فتح فلسطينية المنطلق عربية الانتماء  عن ذلك يقول الأخ سليم الزعنون لقد فهم البعض وربما عن خبث ودهاء أن ذلك يعني نظرة وطنية ضيقة تتنكر القومية القضية الفلسطينية، حيث جرى الطعن في هذا المبدأ وتشويهه بينما حقيقة الأمر كانت تؤكد وباستمرار وبكل الصدق ومنذ البدايات على أن الثورة الفلسطينية بقيادة فتح إنما هي فلسطينية المنطلق عربية الانتماء، ولطالما رددها الأخ قاند الثورة الرئيس یاسر عرفات ومن كل المنابر" إنها فلسطينية الوجه عربية القلب" ولقد عرفت الأمة العربية ذلك، فكان الامتداد الواسع والعميق الحركة فتح في صفوف الأمة العربية من المحيط إلى الخليج، وامتد ذلك الوجود إلى كل شعوب الأمة الإسلامية و أما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض .  لا للوصاية .. ولا للتبعية .. ولا للاحتواء  يقول الأخ مازن عز الدين بدأت حركة فتح تحت عناوین واضحة في منطلقاتها الاستراتيجية حيث خاطبت بعدنا العربي، الذي يعتبر القاعدة الارتكازية الأساسية فحركة فتح لم تكن تبحث فقط عن القرار الفلسطيني المستقل و انما الضرورات التفاوضية والضرورات السياسية كانت تفرض على القيادة الفلسطينية إيجاد هامش هام وواسع للمناورة أطلق عليه القرار الوطني الفلسطيني المستقل وفتح رفعت شعارات واضحة بأن الثورة الفلسطينية فلسطينية الوجه عربية القلب، وعندما بدأت الطروحات السياسية لتبرير الاعتراف بقراري 242، 338 ودخولنا في مراحل تسوية بعد عام 73، جعلنا نخوض عملية التمایز نظرا لأن كل الأقطار العربية التي تتواجد على أرضها لها هامش في الإطار القومي ولكن لها هامشا في صنع قرارها الداخلي أيضا.  ويضيف الأخ عز الدين بأنه منعا للمصادرة والاحتواء فقد طبقنا شعارات فتح الأولى التي تستند الى ثلاثة أعمدة أساسية وهي لا للوصاية، لا للتبعية، لا للاحتواء، ورفعنا شعار استراتيجيا بأننا نرفض التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية وكذلك نرفض أن يتدخل أحد في شؤوننا الداخلية، إلى أن جاءت معركة بيروت حيث دافعنا عن قرارنا الوطني وخضنا معركة طرابلس كذلك دفاعا عن قرارنا الوطني الفلسطيني.  استقلالية حركة فتح  أما الأخ زكريا الأغا فقال إن حركة فتح خاضت معارك كثيرة للحفاظ على قرارنا الفلسطيني المستقل فمنذ اللحظة الأولى كانت تشعر أنه لكي تنجح ولكي تعبر تعبيرا صادقا عن آمال وطموحات الشعب الفلسطيني يجب أن تكون بعيدة عن الاحتواء، هذا ليس انفصالا عن العالم العربي، لكن فتح منذ اللحظة الأولى قررت واكدت استقلاليتها وكان هذا واضحا منذ اللحظة الأولى وحتی الآن .  أضاف الأغا: لا أحد يستطيع أن يحسب حركة فتح على أي نظام عربي حتى عندما تأزمت الأمور مع المنشقين في ۸۳ وحينما حاولت بعض الأنظمة العربية تقييد منظمة التحرير الفلسطينية واصابتها بالشلل، قامت حركة فتح ومعها جميع الأخوة من الفصائل الفلسطينية التي كانت تقف إلى جانبها لتعلن وتؤكد على ضرورة الخروج من هذا الوضع الذي وجدت المنظمة نفسها فيه بعد الانشقاق، فكان المؤتمر الفلسطيني السابع عشر الذي عقد في عمان والذي أخرج المنظمة من الشلل، وهذه الدورة أكدت أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني بقيادة الأخ أبو عمار، وسميت هذه الدورة بدورة القرار الوطني الفلسطيني المستقل والذي لاقت فيها تجاوبا جماهيريا كبيرا في الأراضي الفلسطينية المحتلة وقاموا بمظاهرات وسقط الشهداء بمن فيهم شهيد القرار الوطني الفلسطيني (شرف الطيبي).  فتح بانطلاقتها تفجر المسار التاريخي للمنطقة  يقول الأخ سلیم الزعنون، لقد أثرت فتح بالفعل في المسار التاريخي للشرق الأوسط... سواء من حيث الحروب التي اشتعلت في المنطقة أو من خلال فرض وجود الثورة الفلسطينية من جهة أخرى على خريطة المنطقة بل وعلى الخريطة العالمية بالنسبة البؤر الصراع في العالم.  وأما عن الانتقال بالنضال الفلسطيني من الشتات إلى أرض الوطن فهذا أصبح حقيقة واقعة لا يستطيع أحد إنكارها، فبعد العودة إلى أرض الوطن من خلال اتفاقات السلام مع حكومة إسرائيل العمالية بزعامة اسحق رابين وشمعون بيريس في أوسلو والقاهرة وطابا سنة ۱۹۹۳، فإن الجسم المسلح للثورة الفلسطينية قد عاد بسلاحه إلى أرض الوطن ليكون طليعة لعودة الشعب الفلسطيني كله.  ويشير الأخ أبو الأديب إلى اتفاقات أوسلو بأنه لا أحد ينكر ما تقوم به طلائع شعبنا المتمثلة في السلطة الوطنية الفلسطينية ورموزها بقيادة الأخ الرئيس یاسر عرفات والأعضاء المنتخبين من قبل شعبنا في المجلس التشريعي المنضوي تحت مظلة المجلس الوطني الفلسطيني الذي يعتبر خيمة الشرعية الفلسطينية في داخل الوطن والشتات، فالكل يشاهد بأم عينيه صباح مساء كيف يواجه شعبنا جنود الاحتلال وفي طليعة المواجهة يقف اخواننا رموز السلطة الوطنية وأعضاء المجلس التشريعي والوطني وكل رجال الأمن الذين هم فدائيو الأمس حيث التصدي للممارسات الاسرائيلية المتنكرة لكل الاتفاقات و المواثيق الدولية والانسانية، انه الصراع من فوق أرض الوطن الذي يتعرض لمؤامرات التهديد وطمس الهوية الفلسطينية، إنها معركة تجسيد الهوية الفلسطينية وإرساء قواعد الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف فوق أرض فلسطين ووجها لوجه مع قوات الاحتلال وأساليبه القمعية.  ويتساءل الأخ أبو الأديب هل هناك ما هو أفضل و أروع وأصدق من معايشة القيادة لشعبها في كفاحه ومعاناته وصنع مستقبله..؟؟  وهل كانت فتح الأمس صاحبة شعار "ثورة حتی النصر" غير فتح اليوم التي ما زالت تخوض هذه الثورة ومن فوق أرض فلسطين من أجل النصر وبناء دولة فلسطين...؟!  ما حققته فتح من مبادئها وأهدافها  عن ذلك يقول الأخ سليم الزعنون بأنه يكفي أن نذكر بحال الشعب الفلسطيني وثورته في أعقاب حرب العراق - الكويت.. لقد كانت هناك مؤامرة لإلغاء الوجود الفلسطيني، حيث جرى تهميش الدور الفلسطيني في مؤتمر مدريد للسلام.. لكننا سرعان ما أثبتنا وجودنا وأصبحنا الرقم الصعب - كما يقولها الأخ الرئيس أبو عمار الذي لا يمكن تجاهله، وها نحن على أرضنا قيادة ومقاتلين ومعنا أكثر من خمسين الفا من أبناء شعبنا المشردين قد عادوا إلى أرض الوطن طليعة العودة كل الشعب الفلسطيني .. و العالم كله يؤازرنا ويقف معنا، حيث انقلبت المعادلة وبات الإسرائيليون في ظل زعامتهم اليمينية المتطرفة محاصرين في كل المجالات الدولية، والأهم من كل هذا .. هو أننا نمارس حقنا المشروع في النضال وبناء دولتنا المستقلة من فوق أرضنا والشرعية الدولية كلها تقف إلى جانبنا.  ويستبشر الأخ أبو الأديب خيرا ويقول قريبا إن شاء الله.. سيشهد العالم قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف .. لأنها باتت مطلبا دوليا أيضا حتى إنه صارت هناك قناعات عند قطاع كبير من القادة و الشارع الإسرائيلي بضرورة قيام دولتنا الفلسطينية باعتبار ذلك حاجة ملحة لإقرار السلام في المنطقة، فالنضال الثوري دائما له أهدافه المرحلية والاستراتيجية المتمثلة في إقامة دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.. وعودة أبناء شعبنا في الشتات إلى أرض الوطن وما يتبع ذلك من مطالبة بحقوقنا المشروعة في أرضنا المغتصبة و أملاكنا المسلوبة.  من شعب لاجئ إلى شعب ذى سيادة   يقول الأخ زكريا الأغا بأن أكبر انجاز لمبادئ فتح وأهدافها هو أن القيادة الفلسطينية فوق الثرى الفلسطيني والسلطة الوطنية هي المقدمة الطبيعية والأكيدة للدولة الفلسطينية حيث إن آمالنا زادت في قيامها فقد تحولنا من شعب لاجئ إلى شعب ذي سيادة وطنية، وأصبح الجميع يعترف بنا ككيان، فالعلم الفلسطيني يرفرف فوق ربوع الوطن والمواطن يسافر بجواز سفر فلسطيني، وكلنا ثقة بالأخ القائد ياسر عرفات لنصل إلى القدس الشريف عاصمة دولتنا الفلسطينية.             نشر بتاريخ - يناير - 1997 - مجلة الرأي - عدد 7  يقول الأخ زكريا الأغا بأن فتح ولدت من عمق المأساة الفلسطينية في وقت كان فيه الشعب الفلسطيني يعتبر مجرد قطاعات من اللاجئين بدون أي هوية سياسية ومن هنا تولدت الفكرة لدى عدد من القيادات الفلسطينية برئاسة الأخ القائد أبو.. عمار والشهيدين القائدين أبو جهاد وأبو ایاد وكثيرا من الأخوة الذين فكروا كيف يمكن أن يعيدوا الحياة إلى القضية الفلسطينية وان يعملوا على احياء النضال الفلسطيني والبدء بالكفاح المسلح. ويضيف الأغا أن الأفكار التقت بشأن تأسيس فتح على قاعدة الكفاح المسلح لتحرير فلسطين وتحويل شعبنا من مجرد شعب لاجئ إلى شعب من المقاتلين ونضجت الفكرة بعدما اتفق على موعد أول عملية تقوم بها قوات  العاصفة الذراع العسكري لحركة فتح، وكانت العملية بمثابة الإعلان الرسمي لانطلاقة فتح وانطلاقة الكفاح المسلح. وقد كان الاعلان الانطلاقة الفتحاوية وقع في الشارع الفلسطيني داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة فقد أعادت له ثقته بنفسه و احتشدت جماهير غفيرة للتطوع في صفوف فتح لتخوض النضال والكفاح تحت راية فلسطينية بقيادة القائد ياسر عرفات.  الاعتماد على الذات التحرير فلسطين   إستطلاع : محمد توفيق أحمد كريزم  في ذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية  اثنان وثلاثون عاما من النضال والكفاح  فتح ثورة فلسطينية الوجه . عربية العمق . عالمية البعد  فتع بقيادة الرمز أبو عمار - صانعة الثورة – وصانعة السلام       منذ فجرت حركة فتح الثورة الفلسطينية المعاصرة وشلال دماء شهداء ثورتنا ما انفك يتدفق ويفيض راسما الخارطة الجديدة للمنطقة بأسرها .   وعندما أطلقت فتح رصاصاتها الأولى لتطرح منطلقاتها الاستراتيجية التي حددت من خلالها أولوية تحرير فلسطين باتباع اسلوب الكفاح المسلح وتوحيد نضال الجماهير قلبت بذلك رأسا على عقب مجموعة المنطلقات الاستراتيجية التي سادت الوطن العربي حول قضية فلسطين وأدخلت المنطقة العربية برمتها في مرحلة جديدة تمتاز بالصراع الساخن ، وبرهنت على أن الثورة الفلسطينية .. فلسطينية الوجه.. عربية العمق.. عالمية البعد، مما جعلها في وضع فريد ضمن حركات التحرر الوطني في العالم.  الأجواء التي رافقت ولادة الحركة   لاشك أن ولادة حركة فتح كانت عيرة اعترضتها صعوبات و مشاكل جمة، في الوقت الذي لم يكن فيه سهلا على طلائع قيادتنا التاريخية أن يتخذوا قرارهم التاريخي بتأسيس فتح في ذاك الوقت.  الكفاح المسلح بدلا من الشعارات والمزايدات      يقول الأخ سلیم الزعنون (أبو الأديب ) أحد القادة التاريخيين لثورتنا ومن المؤسسين لحركة فتح عن الظروف التي رافقت انطلاقة الثورة الفلسطينية المسلحة بقيادة فتح في 1/11/1965 بأن مصاعب الانطلاقة كانت جمة ولكن أهمها وجود أكثر من ثلاثين تنظيما كانت جميعها تحمل أسماء وشعارات حول تحریر فلسطين.. بعض تلك التنظيمات كان لا يتعدى حجمها عدد أصابع اليد.. وبالتالي كانت ساحات العمل الفلسطيني غارقة بالمزايدات والشعارات.. مما أدى إلى الخلط بين الغث و السمين ولهذا بطبيعة الحال أثره السلبي على جماهيرية وشعبية أي تنظيم.. مما حتم على قيادة فتح التاريخية القيام بعمل بطولي وشجاع يكون كفيلا بإخراج حركة فتح من دوامة الشعارات والصراعات الحزبية التي سئمتها جماهير شعبنا. ويضيف الأخ أبو الأديب بأنه كان لابد من إطلاق شرارة الكفاح المسلح.. وهذا العمل أو القرار يعتبر مصيريا وخطيرا، حيث كل الظروف المحيطة كانت تعمل ضد هذا الاتجاه .. ثم هناك منظمة التحرير الفلسطينية برئاسة أحمد الشقيري و التي تأسست في 13/1/1964 ، بقرار من القمة العربية في القاهرة، ثم في قمة الاسكندرية سبتمبر/أيلول 1964 تقرر إنشاء جيش التحرير الفلسطيني بقيادة اللواء وجيه المدني، وكان لهذا أثره الفعال-سلبا على وجود التنظيمات المختلفة ، وكان هناك القيادة العربية الموحدة بقيادة الفريق أول علي عامر بقرار من القمة العربية من أجل مواجهة المشاريع الإسرائيلية التحويل مياه نهر الأردن ومنابعه مما يشكل تهديدا للدول العربية .. وهذه القيادة لا تريد لغيرها أن يعمل ضد الإسرائيليين.. ولقد كانت لهذه القيادة قرارات مضادة للعمل الفدائي بعد الانطلاقة:  والحدود المشتركة مع فلسطين المحتلة موصدة في وجه أي عمل مسلح .. والتمويل المادي محدود ويعتمد على اشتراكات الأعضاء فقط، حيث لا أحد يتبرع ماديا لمن لا يعمل .. وأجهزة المخابرات في مناطق التماس مع فلسطين المحتلة تلاحق وتمنع أي إنسان من اختراق الحدود ومهاجمة العدو في الداخل.. ثم هناك الخطر المصيري المحتمل، الذي يتهدد تنظیم فتح بكل وجوده إذا ما فشلت الانطلاقة. العملية الأولى   ويكشف الأخ أبو الأديب اللحظات الحاسمة التي عاشتها ثورتنا ويقول بأنه أمام كل هذه الأخطار كان لابد من اتخاذ القرار المصري و الحاسم.. ولقد اختلف قادة تنظيم فتح حول ذلك .. البعض يؤيد الانطلاقة .. والبعض يحذر .. والبعض متردد .. وفي ظل كل هذه الظروف الصعبة اجتمع قادة فتح من كل الأقاليم وكان اللقاء في مكان ما بالكويت وبعد نقاش طويل ومتشعب وخلال عدة أيام التزم الجميع بقرار الأغلبية وتقرر إطلاق الرصاصة الأولى في ليلة الفاتح من كانون الثاني (يناير) 1965م .. كبداية للثورة الفلسطينية المسلحة من أجل تحرير فلسطين .. ولقد ارتأى المجتمعون تحسبا لأي طارئ أن تكون الانطلاقة تحت اسم غير اسم حركة فتح التي باتت معروفة للجميع وتم اختيار اسم قوات العاصفة، فإذا تحقق النجاح وتواصلت الثورة ونجت من الأخطار المحدقة بها فان الأمر سيوضح بعد ذلك لوسائل الإعلام ولبقية تنظيم فتح حيث إن الأمر كان سريا للغاية ومحصورا في نطاق عدد محدود من قيادة الحركة .. أما لو كان هناك فشل .. فستنجو فتح من الخطر وسيتحمل الاسم الجديد تبعة ذلك الفشل .. ولقد تمت الانطلاقة بحمد الله وتوفيقه وتمكنت مجموعات من قوات العاصفة من تفجير بعض المنشآت التحويلية المياه نهر الأردن في نفق عيلبون وتبعتها عدة عمليات داخل فلسطين المحتلة وفي مناطق متباعدة في الجليل .. وفي بيت جبرين وفي بئر السبع بحيث لم يستطع العدو إلا أن يعترف بما حدث و أعلن عن ذلك من خلال اذاعته .   ويتذكر الأخ أبو الأديب أن القيادة اتخذت قرارا في مواجهة الأعباء المالية اللازمة لتغطية تلك العمليات بأن على كل فرد منتسب الحركة فتح أن يدفع مبلغ خمسين دينارا دعما للعمل العسكري وديمومته.  أصداء العملية   أما عن الصدي الذي أحدثه ذلك العمل فيقول الأخ أبو الأديب ، بأن الفرحة عمت صفوف الشعب الفلسطيني و بدأ الناس يتحدثون باستبشار وسعادة و أمل وهم يرددون الشعار الذي كانت تتركه المجموعات الفدائية الأولى وراءها في مكان العمليات المسلحة " أيها الغزاة الصهاينة.. قوات العاصفة مرت من هنا " وبدأ الشبان ينضمون إلى تنظيم حركة فتح في كل مناطق الشتات وفي قطاع غزة والضفة الغربية مما أدى إلى ذوبان أو تلاشي العديد من التنظيمات .. فالناس كانوا متعطشين لمن يجسد الشعارات إلى عمل بعد أن طال الانتظار واستبد اليأس بالنفوس، لقد كانت فتح بالنسبة للشعب الفلسطيني شعلة الأمل، أما عن الصدی عربيا فلاشك أن الانطلاقة ساعدت في استنهاض النخوة العربية فيات الناس يتبرعون للحركة من أجل تمويل عملياتها البطولية ودعما لأسر الشهداء والجرحى والأسري، وكانت هناك مناصرة دولية محدودة تمثلت بالدرجة الأولى بدعم مادي ومعنوي من قبل جمهورية الصين الشعبية وفيتنام وكوبا، وفي هذا المجال لا يمكننا أن ننسى الدعم الأخوي الصادق من قبل الجزائر الشقيقة وسوريا الحبيبة، حيث كانت لهما وقفات مخلصة ساعدت في إنجاح انطلاقة الثورة الفلسطينية واستمراريتها وتصاعدها بقيادة حركة فتح .  فتح صنعت لشعبنا الهوية السياسية      يقول الأخ زكريا الأغا بأن فتح ولدت من عمق المأساة الفلسطينية في وقت كان فيه الشعب الفلسطيني يعتبر مجرد قطاعات من اللاجئين بدون أي هوية سياسية ومن هنا تولدت الفكرة لدى عدد من القيادات الفلسطينية برئاسة الأخ القائد أبو.. عمار والشهيدين القائدين أبو جهاد وأبو ایاد وكثيرا من الأخوة الذين فكروا كيف يمكن أن يعيدوا الحياة إلى القضية الفلسطينية وان يعملوا على احياء النضال الفلسطيني والبدء بالكفاح المسلح. ويضيف الأغا أن الأفكار التقت بشأن تأسيس فتح على قاعدة الكفاح المسلح لتحرير فلسطين وتحويل شعبنا من مجرد شعب لاجئ إلى شعب من المقاتلين ونضجت الفكرة بعدما اتفق على موعد أول عملية تقوم بها قوات  العاصفة الذراع العسكري لحركة فتح، وكانت العملية بمثابة الإعلان الرسمي لانطلاقة فتح وانطلاقة الكفاح المسلح. وقد كان الاعلان الانطلاقة الفتحاوية وقع في الشارع الفلسطيني داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة فقد أعادت له ثقته بنفسه و احتشدت جماهير غفيرة للتطوع في صفوف فتح لتخوض النضال والكفاح تحت راية فلسطينية بقيادة القائد ياسر عرفات.  الاعتماد على الذات التحرير فلسطين    يقول الأخ مازن عز الدين انعكست بدايات تشكل الواقع العربي القومي باتجاهاته المختلفة التي تضع في اعتباراتها فلسطين، على الواقع الفلسطيني في الشتات، بحيث إن الشباب الفلسطيني حاول أن يجد نفسه في الحزبية العربية، فانضوى تحت أجنحة الأحزاب القومية معتقدا أنها السبيل في حشد موقف عربي من أجل معركة التحرير التي تعيده إلى فلسطين خاصة وأن مفتاح بيته لم يصب بالصدأ في تلك الأيام، وبالتالي كانت فكرة الوحدة العربية هي الطريق الحتمي التحرير فلسطين، ولكن مع طول المدة وانتظار الجيوش العربية التحرير فلسطين بدأ الملل يدخل في صفوف الشباب الفلسطيني، وبدأت تتشكل في أوساط الطبقات الأكثر وعيا من شعبنا الفلسطيني وتحديدا اتحاد طلاب فلسطين مجموعة من الأفكار المنسجمة مع واقعنا الفلسطيني والتي ترافقت مع نمو حركات التحرر العالمية و العربية مثل موجة المد القومي في اليمن والجزائر ومصر وثورات فيتنام وكمبوديا مما عكس ذلك على بدايات تشكل النواة الثورية الفلسطينية في الطبقات الأكثر وعيا.. ومن هنا جاءت فكرة الاعتماد على الذات بضرورة وجود حركة أو تنظيم فلسطيني يقاتل ويقاوم ويقلب المعادلة. ويضيف الأخ عز الدين بأن حركة فتح لم تكن بديلا عن منظمة التحرير الفلسطينية فالمنظمة جاءت کرد عربي على تحویل روافد مجرى نهر الأردن وكتعبير عن أفكار الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وتتويجا لفكره القومي باتجاه فلسطين الذي كان يعتبرها العمود الفقري للفكر القومي، وتم تشكيل جيش لها أطلق عليه اسم جيش التحرير الفلسطيني وكان منضويا تحت قيادة أركان الدول العربية التي يتواجد على أراضيها و مرتبطا بالخطة الرسمية العربية لأنظمة دول الطوق وبالتالي لم يستطع أن يحرك شينا بالنسبة لفلسطين . فجاءت حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح بتشكيلاتها دون أن تتدخل بتشكيلات منظمة التحرير الفلسطينية في بادئ الأمر إلى أن قامت بتفجير الانطلاقة وبداية تشكيل معسكراتها والقيام بعمليات فدائية . ويضيف الأخ عز الدين بعد حدوث نكسة 67 واحتلال باقي فلسطين إضافة إلى احتلال سيناء والجولان، أصبحت اليد الطولى الإرادة الشعب وإرادة الكفاح المسلح، وبالتالي وجب تأميم منظمة التحرير الفلسطينية ليصبح قرارها فلسطينيا محضا، وجرت محاولات عديدة لكي يتلقى جيش التحرير الفلسطيني تعليماته من رئاسة الأركان الفلسطينية وليس من أركان رئاسة الدول العربية المتواجد على أراضيها ، إلى أن جاءت الظروف وأصبح جيش التحرير الفلسطيني تحت إمرة فلسطينية يدافع دفاعا مستميتا عن الثورة الفلسطينية بعد أن قامت فتح بعملية النقل الشرعي لقيادة منظمة التحرير الفلسطينية من قيادة الشهيد المناضل أحمد الشقيري إلى قيادة الرئيس القائد العام یاسر عرفات.  فتح انطلقت باتجاه الوطن       وبدوره يقول الأخ إبراهيم أبو النجا: فرضت نكبة 48، وما ترتب عليها من سلب الأرض الفلسطينية وتهجير للشعب الفلسطيني ، وحالة الضياع التي عانى منها أبناء شعبنا في السنوات الأولى للهجرة، فرضت على الشعب العربي الفلسطيني أن يعيد صنع نفسه من جديد، وقد اضطلع بهذه المهمة كوكبة من المناضلين التقوا فاتفقوا على الخروج من هذا الواقع الأليم وتصويب المسار، | ومن هنا جاء ميلاد التنظيم السياسي الذي سمي بحركة التحرير الوطني الفلسطيني، وقد أخذنا الحروف الأولى للتسمية فتكونت كلمة (حتف) ولكن قلبنا الكلمة وأصبحت فتح، وحروفها تدل على: الفاء فلسطين، والتاء تحرير، والحاء حركة، فالحركة جاءت في الآخر لأنها ستطلع بمهمة التحرير، والفاء جاءت في الأول لأن الهدف الأول هو فلسطين، وحركة فتح عندما تأسست لم يكن المقصود منها أن تكون على غرار التنظيمات السياسية التي سبقتها في التأسيس ولكنها جاءت لتنطلق من العمل السياسي إلى العمل العسكري الذي ترجم على ارض الواقع مع بزوغ فجر 65/1/1 وتفجير الكفاح المسلح لنعلن للعالم أننا انطلقنا باتجاه استرداد فلسطين، وقد حذرنا من أي محاولة تستهدف النيل من عملنا العسكري، وقد رافقت الانطلاقة أدبيات تتمثل في المبادئ والأهداف والشعارات وتعرضت حركة فتح وكوادرها الملاحقات ومطاردات، وزج بهم في السجون. وأضاف أبو النجا إن الإعلان عن الكفاح المسلح وضع طلائعنا الفلسطينية الذين أصبحوا فيما بعد قادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح وعلى رأسهم الأخ القائد أبو عمار ورفيق دربه الشهيد القائد خليل الوزير (أبو جهاد) وبقية الأخوة في وضع يصدق فيهم قوله تعالى و من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا.  ويوضح أبو النجا بأن انطلاقة فتح ليست بديلا عن العمل العربي المشترك فنحن رأس الحربة التحرير فلسطين حيث تلقف أبناء شعبنا الفلسطيني في كافة أماكن تواجده نبأ الانطلاقة بتلهف وتأييد كبير ويحدوهم الأمل بأن هذا هو الطريق لتحرير فلسطين ونیل حقوقنا الوطنية وبدأوا بالالتحاق بصفوف الحركة، حيث كان للفدائيين العديد من المعارك والعمليات العسكرية التي أوجعت الاحتلال، وكان الفدائيون يمارسون حرب العصابات ولم يمارسوا الحرب النظامية حيث دخلت العلم العسكري النظرية الفلسطينية بأن الصمود المدعوم بالحق هو الأساس وواجه مقاتلونا بأسلحتهم الخفيفة الفردية الآليات والطائرات وكل أشكال الحملة الصهيونية، لم نتكلم نحن عن النتائج بقدر ما تكلم العدو نفسه وبقدر ما تكلم المراقبون العسكريون والسياسيون، وشكلت عملياتنا انعطافا جديدا في فهم العالم كله لخصوصية وطبيعة قضيتنا مما أدى إلى الالتحام الشعبي بالثورة الفلسطينية وبدأت المعادلة في التغيير والنظرة تختلف من شعب لاجئ إلى شعب يمارس الكفاح من أجل عودته إلى أرضه، وكان على الثورة أن تستوعب المناضلين الذين التحقوا بها وأن تقيم المؤسسات في الوقت الذي كثرت فيه أعباء الثورة الفلسطينية واستطاعت أن تبني المؤسسة العسكرية وتوابعها،  وهذه النقلة الجديدة جعلتنا،  مستهدفين من بعض القوى التي لم يكن هدفها تحرير الوطن سواء كانت على الصعيد المحلي أو على الصعيد القومي واستمر النضال الفلسطيني وكانت العمليات ليلية وبشكل مكثف وأذكر هنا عمليات الحزام الأخضر حيث أخذت شكل المواجهة العسكرية الحقيقية غرب النهر التي قادها الأخ أبو عمار والأخ أبو جهاد و الأخ أبو صبري، وكل القيادة الفلسطينية كان عليها أن تدخل إلى الداخل التبني الخلايا السرية وتمدها بالأسلحة مما أضفى على نضالنا وقتالنا شينا متميزا حيث أن القيادات السياسية والعسكرية كانت تضطلع بهذا الدور في البناء والتأسيس وإقامة القواعد و تثبيت التنظيم السري في التعبئة و التحريض.  انطلاقة فتح كسرت الجمود والتراجع      يقول الأخ أبو ماهر حلس بأن میلاد حركة فتح وتحديدا انطلاقتها العسكرية كان في ظل ظروف عربية واقليمية تكيفت مع وجود کیان اسرائيلي وكأنها أمر واقع، وأن العمل المسلح هو مغامرة محكوم عليها بالفشل، وجاءت انطلاقة فتح لتكسر هذه المفاهيم وتستبدلها بمفهوم ثوري جديد يعتمد على الكفاح المسلح. ويضيف الأخ أبو ماهر بأن من أطواق السلامة اللي اعتمدتها فتح وضمن منطلقاتها الأساسية هي حفاظها على استقلالية القرار الوطني الفلسطيني، وقد مارست هذا الشعار في كل مراحل العمل الوطني، فهي لم تتدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة إضافة إلى أنها لم تسمح بالتدخل في الشؤون الداخلية الفلسطينية بغض النظر عن حجم التحالف مع هذا | النظام أو ذاك، وقد كانت فتح وقيادتها دائما مرشحة للإسهام الايجابي في حل الكثير من الخلافات العربية .  وما يميز حركة فتح هو أنها صاحبة المبادرة التاريخية في كل مراحل العمل الوطني، فعندما | اختارت الكفاح المسلح، كان هذا | بمثابة مغامرة في نظر الآخرين، | لكن سرعان ما لحق بها الجميع وثبتت صحة النظرية الفتحاوية، | وحينما اختارت السلام كان أيضا السلام مجازفة تاريخية، ولكن سرعان ما اتضحت صحة الخطوة التي اتخذتها قيادتنا الفلسطينية | وعلى رأسها الأخ القائد أبو عمار في كل المراحل سواء معركة الحرب أو السلام، فهي تنطلق من رؤى واضحة لأهدافها الوطنية وللمصلحة العليا لشعبنا ضمن قراءة واقعية لظروف شعبنا.  واعتمدت فتح المرونة في التكتيك وصلابة استراتيجية وثبات على الهدف والمبادئ، وما يتغير فهو شعارات وأساليب، حتى نصل إلى اقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.  فتح حملت ميراث الأمة   ومن جهته يرى الأخ سليم الزريعي الذي أمضى خمسة وعشرين عاما في السجون الإسرائيلية أن الحديث عن حركة فتح ذو شجون، ففتح ولدت من رحم المعاناة وفي مرحلة أسمناها بمرحلة الاستقرار المنظومي، هذه المرحلة التي طغت فيها فكرة العمل القومي على كل ما عداها، وحينما استذكر تلك المرحلة في تلك الظروف لا يسعني إلا أن أقول إن قرار انطلاقة فتح وقرار تشكيل طلائع قوات العاصفة كان قرارا يرقى إلى مستوى المرحلة وكان قرارا شجاعا لا يجرؤ على اتخاذه إلا تلك القيادة التاريخية التي قادت النضال الفلسطيني وحملت حلم الإنسان الفلسطيني وهمومه وكانت بمستوى حمل أمانة ميراث الأمة وصون التاريخ الفلسطيني من الاندثار.  ويضيف الزريعي إنه في تلك الفترة أسهمت الأنظمة العربية بما طرحته من مفاهيم في تغييب الدور الفلسطيني والذي يفترض أن يكون هو الدور الأساسي، وتبقى الجبهة العربية داعمة ومساندة تقف إلى جانب نضال شعبنا وتدعم كفاحه، وقد أثبتت الأيام والمعارك التي تلت ذلك صحة هذه المقولة حيث اتهمتنا بعض الأنظمة العربية بأننا قطريون و إقليميون و انفصاليون في ذاك الوقت ورددنا على هذه الادعاءات والاتهامات بأن حركة فتح فلسطينية الوجه عربية القلب والوجدان عالمية الأبعاد والامتدادات، فالمعركة قومية ويجب أن يكون الفلسطيني هو رأس الرمح وأن تكون المعركة تحت قيادة فلسطينية ونذكر عندما دخل جيش الانقاذ فلسطين في الأربعينات أسهم في تحجيم ثورة الفلسطينيين تحت شعار أن المعركة قومية. وتحول جيش الجهاد المقدس الفلسطيني في ذاك الحين إلى مجموعات متناثرة حينما ألغيت قيادته بقرار من جامعة الدول العربية وقالوا إن جيش الإنقاذ هو البديل وانسحب جيش الإنقاذ بقرار عربي وبقي الفلسطينيون ممزقين أمام الحركة الصهيونية، من هنا ندرك أهمية قرار القيادة التاريخية لحركة فتح في أن يتصدر الفلسطينيون النضال من أجل قضيتهم الفلسطينية وهويتهم النضالية.  فتح وهج الجماهير ومشعلها الحقيقي   يقول الأخ أحمد أبو سيف وهو أحد المقاتلين الذين جمعوا بين الانتماء الفتحاوي فكرا ومنهجا وبين الكفاح المسلح عملا وتطبيقا بأن حركة فتح هي المشعل الحقيقي للشعب الفلسطيني وهي وهج الجماهير ويصب نضالها في إطار العمل الفلسطيني من أجل تحرير فلسطين، وكان ثقلنا العسكري موجودا في الأردن بشكل مجموعات سرية.  وبعد حرب 67 نشطت حركة فتح عسكريا ودخلنا بما سمی ( كسر العظم ) مع الإسرائيليين وكانت حرب الكرامة بداية أول تصد عسكري حقيقي للعدو، حيث الحقت الهزيمة به، وهبت الجماهير للالتحاق بصفوفنا، وتطورت القواعد الفدائية في جنوب أربد والرمثا، ومن كان ينظر ليلا إلى أريحا من جبال اربد والناعور يجد منطقة أريحا وقد لفتها أحزمة من النيران فالعمليات بشكل يومي، وكان ينفذون مقاتلونا عملياتهم الفدائية سرا وفي الليل خوفا من اعتراض طريقهم.  ويضيف الأخ أبو سيف بأننا عندما نتكلم عن فتح فإننا نتكلم عن فلسطين ذلك أن فتح استوعبت معظم أبناء الشعب الفلسطيني في صفوفها وكانت بمثابة الأم الحنون، بل إنها كانت تمد التنظيمات الفلسطينية الأخرى بالمال والعتاد لمواصلة مشوارها النضالي من أجل تحرير فلسطين، | وفتح عبارة عن حركة عالمية استطاعت تجنيد الرأي العام الصالح القضية الفلسطينية وكانت تدعم نفسها بنفسها.  انطلاقة فتح حلقة من حلقات النضال الشعبي  يقول الأخ أحمد أبو شاويش بأن الحديث عن انطلاقة فتح يقود إلى السياق التاريخي الذي جاءت فيه الانطلاقة وبروز العمل العسكري فالانطلاقة لم تأت من فراغ وانما هي حلقة من حلقات النضال الفلسطيني الممتد في أعماق التاريخ ، وخاصة منذ وطئت أرض فلسطين اقدام المستيا وطنين الصهاينة في أواخر القرن التاسع عشر، وانطلاقة فتح وانتهاج الكفاح المسلح سبيلا للوصول إلى فلسطين وتحريرها جعل من شعبنا الفلسطيني بدلا من شعب لاجئ شعبا يحترمه العالم .  ويضيف أبو شاويش وإن منعطفات كثيرة اعترضت طريق الثورة بالأرواح والدماء، وتمكنت فتح أن تدحض المقولة الصهيونية بأن فلسطين أرض بلا شعب ، الشعب بلا أرض، واستطاعت فتح بثورتها وبجماهيرها أن تثبت أن هذه الأرض لنا منذ الأزل وحتى الأبد وأن دولتنا الفلسطينية المستقلة قادمة لا محالة وعاصمتها القدس الشريف.  استقلالية القرار الوطني  أما عن استقلالية القرار الوطني الفلسطيني الذي اعتبرته حركة فتح مبدأ من مبادئها الرئيسية... فالهدف كان من أجل الابتعاد عن دائرة الاستقطابات العربية والدولية ضمانا لتأييد الجميع عربيا ودوليا.  فتح فلسطينية المنطلق عربية الانتماء  عن ذلك يقول الأخ سليم الزعنون لقد فهم البعض وربما عن خبث ودهاء أن ذلك يعني نظرة وطنية ضيقة تتنكر القومية القضية الفلسطينية، حيث جرى الطعن في هذا المبدأ وتشويهه بينما حقيقة الأمر كانت تؤكد وباستمرار وبكل الصدق ومنذ البدايات على أن الثورة الفلسطينية بقيادة فتح إنما هي فلسطينية المنطلق عربية الانتماء، ولطالما رددها الأخ قاند الثورة الرئيس یاسر عرفات ومن كل المنابر" إنها فلسطينية الوجه عربية القلب" ولقد عرفت الأمة العربية ذلك، فكان الامتداد الواسع والعميق الحركة فتح في صفوف الأمة العربية من المحيط إلى الخليج، وامتد ذلك الوجود إلى كل شعوب الأمة الإسلامية و أما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض .  لا للوصاية .. ولا للتبعية .. ولا للاحتواء  يقول الأخ مازن عز الدين بدأت حركة فتح تحت عناوین واضحة في منطلقاتها الاستراتيجية حيث خاطبت بعدنا العربي، الذي يعتبر القاعدة الارتكازية الأساسية فحركة فتح لم تكن تبحث فقط عن القرار الفلسطيني المستقل و انما الضرورات التفاوضية والضرورات السياسية كانت تفرض على القيادة الفلسطينية إيجاد هامش هام وواسع للمناورة أطلق عليه القرار الوطني الفلسطيني المستقل وفتح رفعت شعارات واضحة بأن الثورة الفلسطينية فلسطينية الوجه عربية القلب، وعندما بدأت الطروحات السياسية لتبرير الاعتراف بقراري 242، 338 ودخولنا في مراحل تسوية بعد عام 73، جعلنا نخوض عملية التمایز نظرا لأن كل الأقطار العربية التي تتواجد على أرضها لها هامش في الإطار القومي ولكن لها هامشا في صنع قرارها الداخلي أيضا.  ويضيف الأخ عز الدين بأنه منعا للمصادرة والاحتواء فقد طبقنا شعارات فتح الأولى التي تستند الى ثلاثة أعمدة أساسية وهي لا للوصاية، لا للتبعية، لا للاحتواء، ورفعنا شعار استراتيجيا بأننا نرفض التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية وكذلك نرفض أن يتدخل أحد في شؤوننا الداخلية، إلى أن جاءت معركة بيروت حيث دافعنا عن قرارنا الوطني وخضنا معركة طرابلس كذلك دفاعا عن قرارنا الوطني الفلسطيني.  استقلالية حركة فتح  أما الأخ زكريا الأغا فقال إن حركة فتح خاضت معارك كثيرة للحفاظ على قرارنا الفلسطيني المستقل فمنذ اللحظة الأولى كانت تشعر أنه لكي تنجح ولكي تعبر تعبيرا صادقا عن آمال وطموحات الشعب الفلسطيني يجب أن تكون بعيدة عن الاحتواء، هذا ليس انفصالا عن العالم العربي، لكن فتح منذ اللحظة الأولى قررت واكدت استقلاليتها وكان هذا واضحا منذ اللحظة الأولى وحتی الآن .  أضاف الأغا: لا أحد يستطيع أن يحسب حركة فتح على أي نظام عربي حتى عندما تأزمت الأمور مع المنشقين في ۸۳ وحينما حاولت بعض الأنظمة العربية تقييد منظمة التحرير الفلسطينية واصابتها بالشلل، قامت حركة فتح ومعها جميع الأخوة من الفصائل الفلسطينية التي كانت تقف إلى جانبها لتعلن وتؤكد على ضرورة الخروج من هذا الوضع الذي وجدت المنظمة نفسها فيه بعد الانشقاق، فكان المؤتمر الفلسطيني السابع عشر الذي عقد في عمان والذي أخرج المنظمة من الشلل، وهذه الدورة أكدت أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني بقيادة الأخ أبو عمار، وسميت هذه الدورة بدورة القرار الوطني الفلسطيني المستقل والذي لاقت فيها تجاوبا جماهيريا كبيرا في الأراضي الفلسطينية المحتلة وقاموا بمظاهرات وسقط الشهداء بمن فيهم شهيد القرار الوطني الفلسطيني (شرف الطيبي).  فتح بانطلاقتها تفجر المسار التاريخي للمنطقة  يقول الأخ سلیم الزعنون، لقد أثرت فتح بالفعل في المسار التاريخي للشرق الأوسط... سواء من حيث الحروب التي اشتعلت في المنطقة أو من خلال فرض وجود الثورة الفلسطينية من جهة أخرى على خريطة المنطقة بل وعلى الخريطة العالمية بالنسبة البؤر الصراع في العالم.  وأما عن الانتقال بالنضال الفلسطيني من الشتات إلى أرض الوطن فهذا أصبح حقيقة واقعة لا يستطيع أحد إنكارها، فبعد العودة إلى أرض الوطن من خلال اتفاقات السلام مع حكومة إسرائيل العمالية بزعامة اسحق رابين وشمعون بيريس في أوسلو والقاهرة وطابا سنة ۱۹۹۳، فإن الجسم المسلح للثورة الفلسطينية قد عاد بسلاحه إلى أرض الوطن ليكون طليعة لعودة الشعب الفلسطيني كله.  ويشير الأخ أبو الأديب إلى اتفاقات أوسلو بأنه لا أحد ينكر ما تقوم به طلائع شعبنا المتمثلة في السلطة الوطنية الفلسطينية ورموزها بقيادة الأخ الرئيس یاسر عرفات والأعضاء المنتخبين من قبل شعبنا في المجلس التشريعي المنضوي تحت مظلة المجلس الوطني الفلسطيني الذي يعتبر خيمة الشرعية الفلسطينية في داخل الوطن والشتات، فالكل يشاهد بأم عينيه صباح مساء كيف يواجه شعبنا جنود الاحتلال وفي طليعة المواجهة يقف اخواننا رموز السلطة الوطنية وأعضاء المجلس التشريعي والوطني وكل رجال الأمن الذين هم فدائيو الأمس حيث التصدي للممارسات الاسرائيلية المتنكرة لكل الاتفاقات و المواثيق الدولية والانسانية، انه الصراع من فوق أرض الوطن الذي يتعرض لمؤامرات التهديد وطمس الهوية الفلسطينية، إنها معركة تجسيد الهوية الفلسطينية وإرساء قواعد الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف فوق أرض فلسطين ووجها لوجه مع قوات الاحتلال وأساليبه القمعية.  ويتساءل الأخ أبو الأديب هل هناك ما هو أفضل و أروع وأصدق من معايشة القيادة لشعبها في كفاحه ومعاناته وصنع مستقبله..؟؟  وهل كانت فتح الأمس صاحبة شعار "ثورة حتی النصر" غير فتح اليوم التي ما زالت تخوض هذه الثورة ومن فوق أرض فلسطين من أجل النصر وبناء دولة فلسطين...؟!  ما حققته فتح من مبادئها وأهدافها  عن ذلك يقول الأخ سليم الزعنون بأنه يكفي أن نذكر بحال الشعب الفلسطيني وثورته في أعقاب حرب العراق - الكويت.. لقد كانت هناك مؤامرة لإلغاء الوجود الفلسطيني، حيث جرى تهميش الدور الفلسطيني في مؤتمر مدريد للسلام.. لكننا سرعان ما أثبتنا وجودنا وأصبحنا الرقم الصعب - كما يقولها الأخ الرئيس أبو عمار الذي لا يمكن تجاهله، وها نحن على أرضنا قيادة ومقاتلين ومعنا أكثر من خمسين الفا من أبناء شعبنا المشردين قد عادوا إلى أرض الوطن طليعة العودة كل الشعب الفلسطيني .. و العالم كله يؤازرنا ويقف معنا، حيث انقلبت المعادلة وبات الإسرائيليون في ظل زعامتهم اليمينية المتطرفة محاصرين في كل المجالات الدولية، والأهم من كل هذا .. هو أننا نمارس حقنا المشروع في النضال وبناء دولتنا المستقلة من فوق أرضنا والشرعية الدولية كلها تقف إلى جانبنا.  ويستبشر الأخ أبو الأديب خيرا ويقول قريبا إن شاء الله.. سيشهد العالم قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف .. لأنها باتت مطلبا دوليا أيضا حتى إنه صارت هناك قناعات عند قطاع كبير من القادة و الشارع الإسرائيلي بضرورة قيام دولتنا الفلسطينية باعتبار ذلك حاجة ملحة لإقرار السلام في المنطقة، فالنضال الثوري دائما له أهدافه المرحلية والاستراتيجية المتمثلة في إقامة دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.. وعودة أبناء شعبنا في الشتات إلى أرض الوطن وما يتبع ذلك من مطالبة بحقوقنا المشروعة في أرضنا المغتصبة و أملاكنا المسلوبة.  من شعب لاجئ إلى شعب ذى سيادة   يقول الأخ زكريا الأغا بأن أكبر انجاز لمبادئ فتح وأهدافها هو أن القيادة الفلسطينية فوق الثرى الفلسطيني والسلطة الوطنية هي المقدمة الطبيعية والأكيدة للدولة الفلسطينية حيث إن آمالنا زادت في قيامها فقد تحولنا من شعب لاجئ إلى شعب ذي سيادة وطنية، وأصبح الجميع يعترف بنا ككيان، فالعلم الفلسطيني يرفرف فوق ربوع الوطن والمواطن يسافر بجواز سفر فلسطيني، وكلنا ثقة بالأخ القائد ياسر عرفات لنصل إلى القدس الشريف عاصمة دولتنا الفلسطينية.             نشر بتاريخ - يناير - 1997 - مجلة الرأي - عدد 7 يقول الأخ مازن عز الدين انعكست بدايات تشكل الواقع العربي القومي باتجاهاته المختلفة التي تضع في اعتباراتها فلسطين، على الواقع الفلسطيني في الشتات، بحيث إن الشباب الفلسطيني حاول أن يجد نفسه في الحزبية العربية، فانضوى تحت أجنحة الأحزاب القومية معتقدا أنها السبيل في حشد موقف عربي من أجل معركة التحرير التي تعيده إلى فلسطين خاصة وأن مفتاح بيته لم يصب بالصدأ في تلك الأيام، وبالتالي كانت فكرة الوحدة العربية هي الطريق الحتمي التحرير فلسطين، ولكن مع طول المدة وانتظار الجيوش العربية التحرير فلسطين بدأ الملل يدخل في صفوف الشباب الفلسطيني، وبدأت تتشكل في أوساط الطبقات الأكثر وعيا من شعبنا الفلسطيني وتحديدا اتحاد طلاب فلسطين مجموعة من الأفكار المنسجمة مع واقعنا الفلسطيني والتي ترافقت مع نمو حركات التحرر العالمية و العربية مثل موجة المد القومي في اليمن والجزائر ومصر وثورات فيتنام وكمبوديا مما عكس ذلك على بدايات تشكل النواة الثورية الفلسطينية في الطبقات الأكثر وعيا.. ومن هنا جاءت فكرة الاعتماد على الذات بضرورة وجود حركة أو تنظيم فلسطيني يقاتل ويقاوم ويقلب المعادلة. ويضيف الأخ عز الدين بأن حركة فتح لم تكن بديلا عن منظمة التحرير الفلسطينية فالمنظمة جاءت کرد عربي على تحویل روافد مجرى نهر الأردن وكتعبير عن أفكار الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وتتويجا لفكره القومي باتجاه فلسطين الذي كان يعتبرها العمود الفقري للفكر القومي، وتم تشكيل جيش لها أطلق عليه اسم جيش التحرير الفلسطيني وكان منضويا تحت قيادة أركان الدول العربية التي يتواجد على أراضيها و مرتبطا بالخطة الرسمية العربية لأنظمة دول الطوق وبالتالي لم يستطع أن يحرك شينا بالنسبة لفلسطين . فجاءت حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح بتشكيلاتها دون أن تتدخل بتشكيلات منظمة التحرير الفلسطينية في بادئ الأمر إلى أن قامت بتفجير الانطلاقة وبداية تشكيل معسكراتها والقيام بعمليات فدائية . ويضيف الأخ عز الدين بعد حدوث نكسة 67 واحتلال باقي فلسطين إضافة إلى احتلال سيناء والجولان، أصبحت اليد الطولى الإرادة الشعب وإرادة الكفاح المسلح، وبالتالي وجب تأميم منظمة التحرير الفلسطينية ليصبح قرارها فلسطينيا محضا، وجرت محاولات عديدة لكي يتلقى جيش التحرير الفلسطيني تعليماته من رئاسة الأركان الفلسطينية وليس من أركان رئاسة الدول العربية المتواجد على أراضيها ، إلى أن جاءت الظروف وأصبح جيش التحرير الفلسطيني تحت إمرة فلسطينية يدافع دفاعا مستميتا عن الثورة الفلسطينية بعد أن قامت فتح بعملية النقل الشرعي لقيادة منظمة التحرير الفلسطينية من قيادة الشهيد المناضل أحمد الشقيري إلى قيادة الرئيس القائد العام یاسر عرفات.  فتح انطلقت باتجاه الوطن     إستطلاع : محمد توفيق أحمد كريزم  في ذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية  اثنان وثلاثون عاما من النضال والكفاح  فتح ثورة فلسطينية الوجه . عربية العمق . عالمية البعد  فتع بقيادة الرمز أبو عمار - صانعة الثورة – وصانعة السلام       منذ فجرت حركة فتح الثورة الفلسطينية المعاصرة وشلال دماء شهداء ثورتنا ما انفك يتدفق ويفيض راسما الخارطة الجديدة للمنطقة بأسرها .   وعندما أطلقت فتح رصاصاتها الأولى لتطرح منطلقاتها الاستراتيجية التي حددت من خلالها أولوية تحرير فلسطين باتباع اسلوب الكفاح المسلح وتوحيد نضال الجماهير قلبت بذلك رأسا على عقب مجموعة المنطلقات الاستراتيجية التي سادت الوطن العربي حول قضية فلسطين وأدخلت المنطقة العربية برمتها في مرحلة جديدة تمتاز بالصراع الساخن ، وبرهنت على أن الثورة الفلسطينية .. فلسطينية الوجه.. عربية العمق.. عالمية البعد، مما جعلها في وضع فريد ضمن حركات التحرر الوطني في العالم.  الأجواء التي رافقت ولادة الحركة   لاشك أن ولادة حركة فتح كانت عيرة اعترضتها صعوبات و مشاكل جمة، في الوقت الذي لم يكن فيه سهلا على طلائع قيادتنا التاريخية أن يتخذوا قرارهم التاريخي بتأسيس فتح في ذاك الوقت.  الكفاح المسلح بدلا من الشعارات والمزايدات      يقول الأخ سلیم الزعنون (أبو الأديب ) أحد القادة التاريخيين لثورتنا ومن المؤسسين لحركة فتح عن الظروف التي رافقت انطلاقة الثورة الفلسطينية المسلحة بقيادة فتح في 1/11/1965 بأن مصاعب الانطلاقة كانت جمة ولكن أهمها وجود أكثر من ثلاثين تنظيما كانت جميعها تحمل أسماء وشعارات حول تحریر فلسطين.. بعض تلك التنظيمات كان لا يتعدى حجمها عدد أصابع اليد.. وبالتالي كانت ساحات العمل الفلسطيني غارقة بالمزايدات والشعارات.. مما أدى إلى الخلط بين الغث و السمين ولهذا بطبيعة الحال أثره السلبي على جماهيرية وشعبية أي تنظيم.. مما حتم على قيادة فتح التاريخية القيام بعمل بطولي وشجاع يكون كفيلا بإخراج حركة فتح من دوامة الشعارات والصراعات الحزبية التي سئمتها جماهير شعبنا. ويضيف الأخ أبو الأديب بأنه كان لابد من إطلاق شرارة الكفاح المسلح.. وهذا العمل أو القرار يعتبر مصيريا وخطيرا، حيث كل الظروف المحيطة كانت تعمل ضد هذا الاتجاه .. ثم هناك منظمة التحرير الفلسطينية برئاسة أحمد الشقيري و التي تأسست في 13/1/1964 ، بقرار من القمة العربية في القاهرة، ثم في قمة الاسكندرية سبتمبر/أيلول 1964 تقرر إنشاء جيش التحرير الفلسطيني بقيادة اللواء وجيه المدني، وكان لهذا أثره الفعال-سلبا على وجود التنظيمات المختلفة ، وكان هناك القيادة العربية الموحدة بقيادة الفريق أول علي عامر بقرار من القمة العربية من أجل مواجهة المشاريع الإسرائيلية التحويل مياه نهر الأردن ومنابعه مما يشكل تهديدا للدول العربية .. وهذه القيادة لا تريد لغيرها أن يعمل ضد الإسرائيليين.. ولقد كانت لهذه القيادة قرارات مضادة للعمل الفدائي بعد الانطلاقة:  والحدود المشتركة مع فلسطين المحتلة موصدة في وجه أي عمل مسلح .. والتمويل المادي محدود ويعتمد على اشتراكات الأعضاء فقط، حيث لا أحد يتبرع ماديا لمن لا يعمل .. وأجهزة المخابرات في مناطق التماس مع فلسطين المحتلة تلاحق وتمنع أي إنسان من اختراق الحدود ومهاجمة العدو في الداخل.. ثم هناك الخطر المصيري المحتمل، الذي يتهدد تنظیم فتح بكل وجوده إذا ما فشلت الانطلاقة. العملية الأولى   ويكشف الأخ أبو الأديب اللحظات الحاسمة التي عاشتها ثورتنا ويقول بأنه أمام كل هذه الأخطار كان لابد من اتخاذ القرار المصري و الحاسم.. ولقد اختلف قادة تنظيم فتح حول ذلك .. البعض يؤيد الانطلاقة .. والبعض يحذر .. والبعض متردد .. وفي ظل كل هذه الظروف الصعبة اجتمع قادة فتح من كل الأقاليم وكان اللقاء في مكان ما بالكويت وبعد نقاش طويل ومتشعب وخلال عدة أيام التزم الجميع بقرار الأغلبية وتقرر إطلاق الرصاصة الأولى في ليلة الفاتح من كانون الثاني (يناير) 1965م .. كبداية للثورة الفلسطينية المسلحة من أجل تحرير فلسطين .. ولقد ارتأى المجتمعون تحسبا لأي طارئ أن تكون الانطلاقة تحت اسم غير اسم حركة فتح التي باتت معروفة للجميع وتم اختيار اسم قوات العاصفة، فإذا تحقق النجاح وتواصلت الثورة ونجت من الأخطار المحدقة بها فان الأمر سيوضح بعد ذلك لوسائل الإعلام ولبقية تنظيم فتح حيث إن الأمر كان سريا للغاية ومحصورا في نطاق عدد محدود من قيادة الحركة .. أما لو كان هناك فشل .. فستنجو فتح من الخطر وسيتحمل الاسم الجديد تبعة ذلك الفشل .. ولقد تمت الانطلاقة بحمد الله وتوفيقه وتمكنت مجموعات من قوات العاصفة من تفجير بعض المنشآت التحويلية المياه نهر الأردن في نفق عيلبون وتبعتها عدة عمليات داخل فلسطين المحتلة وفي مناطق متباعدة في الجليل .. وفي بيت جبرين وفي بئر السبع بحيث لم يستطع العدو إلا أن يعترف بما حدث و أعلن عن ذلك من خلال اذاعته .   ويتذكر الأخ أبو الأديب أن القيادة اتخذت قرارا في مواجهة الأعباء المالية اللازمة لتغطية تلك العمليات بأن على كل فرد منتسب الحركة فتح أن يدفع مبلغ خمسين دينارا دعما للعمل العسكري وديمومته.  أصداء العملية   أما عن الصدي الذي أحدثه ذلك العمل فيقول الأخ أبو الأديب ، بأن الفرحة عمت صفوف الشعب الفلسطيني و بدأ الناس يتحدثون باستبشار وسعادة و أمل وهم يرددون الشعار الذي كانت تتركه المجموعات الفدائية الأولى وراءها في مكان العمليات المسلحة " أيها الغزاة الصهاينة.. قوات العاصفة مرت من هنا " وبدأ الشبان ينضمون إلى تنظيم حركة فتح في كل مناطق الشتات وفي قطاع غزة والضفة الغربية مما أدى إلى ذوبان أو تلاشي العديد من التنظيمات .. فالناس كانوا متعطشين لمن يجسد الشعارات إلى عمل بعد أن طال الانتظار واستبد اليأس بالنفوس، لقد كانت فتح بالنسبة للشعب الفلسطيني شعلة الأمل، أما عن الصدی عربيا فلاشك أن الانطلاقة ساعدت في استنهاض النخوة العربية فيات الناس يتبرعون للحركة من أجل تمويل عملياتها البطولية ودعما لأسر الشهداء والجرحى والأسري، وكانت هناك مناصرة دولية محدودة تمثلت بالدرجة الأولى بدعم مادي ومعنوي من قبل جمهورية الصين الشعبية وفيتنام وكوبا، وفي هذا المجال لا يمكننا أن ننسى الدعم الأخوي الصادق من قبل الجزائر الشقيقة وسوريا الحبيبة، حيث كانت لهما وقفات مخلصة ساعدت في إنجاح انطلاقة الثورة الفلسطينية واستمراريتها وتصاعدها بقيادة حركة فتح .  فتح صنعت لشعبنا الهوية السياسية      يقول الأخ زكريا الأغا بأن فتح ولدت من عمق المأساة الفلسطينية في وقت كان فيه الشعب الفلسطيني يعتبر مجرد قطاعات من اللاجئين بدون أي هوية سياسية ومن هنا تولدت الفكرة لدى عدد من القيادات الفلسطينية برئاسة الأخ القائد أبو.. عمار والشهيدين القائدين أبو جهاد وأبو ایاد وكثيرا من الأخوة الذين فكروا كيف يمكن أن يعيدوا الحياة إلى القضية الفلسطينية وان يعملوا على احياء النضال الفلسطيني والبدء بالكفاح المسلح. ويضيف الأغا أن الأفكار التقت بشأن تأسيس فتح على قاعدة الكفاح المسلح لتحرير فلسطين وتحويل شعبنا من مجرد شعب لاجئ إلى شعب من المقاتلين ونضجت الفكرة بعدما اتفق على موعد أول عملية تقوم بها قوات  العاصفة الذراع العسكري لحركة فتح، وكانت العملية بمثابة الإعلان الرسمي لانطلاقة فتح وانطلاقة الكفاح المسلح. وقد كان الاعلان الانطلاقة الفتحاوية وقع في الشارع الفلسطيني داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة فقد أعادت له ثقته بنفسه و احتشدت جماهير غفيرة للتطوع في صفوف فتح لتخوض النضال والكفاح تحت راية فلسطينية بقيادة القائد ياسر عرفات.  الاعتماد على الذات التحرير فلسطين    يقول الأخ مازن عز الدين انعكست بدايات تشكل الواقع العربي القومي باتجاهاته المختلفة التي تضع في اعتباراتها فلسطين، على الواقع الفلسطيني في الشتات، بحيث إن الشباب الفلسطيني حاول أن يجد نفسه في الحزبية العربية، فانضوى تحت أجنحة الأحزاب القومية معتقدا أنها السبيل في حشد موقف عربي من أجل معركة التحرير التي تعيده إلى فلسطين خاصة وأن مفتاح بيته لم يصب بالصدأ في تلك الأيام، وبالتالي كانت فكرة الوحدة العربية هي الطريق الحتمي التحرير فلسطين، ولكن مع طول المدة وانتظار الجيوش العربية التحرير فلسطين بدأ الملل يدخل في صفوف الشباب الفلسطيني، وبدأت تتشكل في أوساط الطبقات الأكثر وعيا من شعبنا الفلسطيني وتحديدا اتحاد طلاب فلسطين مجموعة من الأفكار المنسجمة مع واقعنا الفلسطيني والتي ترافقت مع نمو حركات التحرر العالمية و العربية مثل موجة المد القومي في اليمن والجزائر ومصر وثورات فيتنام وكمبوديا مما عكس ذلك على بدايات تشكل النواة الثورية الفلسطينية في الطبقات الأكثر وعيا.. ومن هنا جاءت فكرة الاعتماد على الذات بضرورة وجود حركة أو تنظيم فلسطيني يقاتل ويقاوم ويقلب المعادلة. ويضيف الأخ عز الدين بأن حركة فتح لم تكن بديلا عن منظمة التحرير الفلسطينية فالمنظمة جاءت کرد عربي على تحویل روافد مجرى نهر الأردن وكتعبير عن أفكار الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وتتويجا لفكره القومي باتجاه فلسطين الذي كان يعتبرها العمود الفقري للفكر القومي، وتم تشكيل جيش لها أطلق عليه اسم جيش التحرير الفلسطيني وكان منضويا تحت قيادة أركان الدول العربية التي يتواجد على أراضيها و مرتبطا بالخطة الرسمية العربية لأنظمة دول الطوق وبالتالي لم يستطع أن يحرك شينا بالنسبة لفلسطين . فجاءت حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح بتشكيلاتها دون أن تتدخل بتشكيلات منظمة التحرير الفلسطينية في بادئ الأمر إلى أن قامت بتفجير الانطلاقة وبداية تشكيل معسكراتها والقيام بعمليات فدائية . ويضيف الأخ عز الدين بعد حدوث نكسة 67 واحتلال باقي فلسطين إضافة إلى احتلال سيناء والجولان، أصبحت اليد الطولى الإرادة الشعب وإرادة الكفاح المسلح، وبالتالي وجب تأميم منظمة التحرير الفلسطينية ليصبح قرارها فلسطينيا محضا، وجرت محاولات عديدة لكي يتلقى جيش التحرير الفلسطيني تعليماته من رئاسة الأركان الفلسطينية وليس من أركان رئاسة الدول العربية المتواجد على أراضيها ، إلى أن جاءت الظروف وأصبح جيش التحرير الفلسطيني تحت إمرة فلسطينية يدافع دفاعا مستميتا عن الثورة الفلسطينية بعد أن قامت فتح بعملية النقل الشرعي لقيادة منظمة التحرير الفلسطينية من قيادة الشهيد المناضل أحمد الشقيري إلى قيادة الرئيس القائد العام یاسر عرفات.  فتح انطلقت باتجاه الوطن       وبدوره يقول الأخ إبراهيم أبو النجا: فرضت نكبة 48، وما ترتب عليها من سلب الأرض الفلسطينية وتهجير للشعب الفلسطيني ، وحالة الضياع التي عانى منها أبناء شعبنا في السنوات الأولى للهجرة، فرضت على الشعب العربي الفلسطيني أن يعيد صنع نفسه من جديد، وقد اضطلع بهذه المهمة كوكبة من المناضلين التقوا فاتفقوا على الخروج من هذا الواقع الأليم وتصويب المسار، | ومن هنا جاء ميلاد التنظيم السياسي الذي سمي بحركة التحرير الوطني الفلسطيني، وقد أخذنا الحروف الأولى للتسمية فتكونت كلمة (حتف) ولكن قلبنا الكلمة وأصبحت فتح، وحروفها تدل على: الفاء فلسطين، والتاء تحرير، والحاء حركة، فالحركة جاءت في الآخر لأنها ستطلع بمهمة التحرير، والفاء جاءت في الأول لأن الهدف الأول هو فلسطين، وحركة فتح عندما تأسست لم يكن المقصود منها أن تكون على غرار التنظيمات السياسية التي سبقتها في التأسيس ولكنها جاءت لتنطلق من العمل السياسي إلى العمل العسكري الذي ترجم على ارض الواقع مع بزوغ فجر 65/1/1 وتفجير الكفاح المسلح لنعلن للعالم أننا انطلقنا باتجاه استرداد فلسطين، وقد حذرنا من أي محاولة تستهدف النيل من عملنا العسكري، وقد رافقت الانطلاقة أدبيات تتمثل في المبادئ والأهداف والشعارات وتعرضت حركة فتح وكوادرها الملاحقات ومطاردات، وزج بهم في السجون. وأضاف أبو النجا إن الإعلان عن الكفاح المسلح وضع طلائعنا الفلسطينية الذين أصبحوا فيما بعد قادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح وعلى رأسهم الأخ القائد أبو عمار ورفيق دربه الشهيد القائد خليل الوزير (أبو جهاد) وبقية الأخوة في وضع يصدق فيهم قوله تعالى و من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا.  ويوضح أبو النجا بأن انطلاقة فتح ليست بديلا عن العمل العربي المشترك فنحن رأس الحربة التحرير فلسطين حيث تلقف أبناء شعبنا الفلسطيني في كافة أماكن تواجده نبأ الانطلاقة بتلهف وتأييد كبير ويحدوهم الأمل بأن هذا هو الطريق لتحرير فلسطين ونیل حقوقنا الوطنية وبدأوا بالالتحاق بصفوف الحركة، حيث كان للفدائيين العديد من المعارك والعمليات العسكرية التي أوجعت الاحتلال، وكان الفدائيون يمارسون حرب العصابات ولم يمارسوا الحرب النظامية حيث دخلت العلم العسكري النظرية الفلسطينية بأن الصمود المدعوم بالحق هو الأساس وواجه مقاتلونا بأسلحتهم الخفيفة الفردية الآليات والطائرات وكل أشكال الحملة الصهيونية، لم نتكلم نحن عن النتائج بقدر ما تكلم العدو نفسه وبقدر ما تكلم المراقبون العسكريون والسياسيون، وشكلت عملياتنا انعطافا جديدا في فهم العالم كله لخصوصية وطبيعة قضيتنا مما أدى إلى الالتحام الشعبي بالثورة الفلسطينية وبدأت المعادلة في التغيير والنظرة تختلف من شعب لاجئ إلى شعب يمارس الكفاح من أجل عودته إلى أرضه، وكان على الثورة أن تستوعب المناضلين الذين التحقوا بها وأن تقيم المؤسسات في الوقت الذي كثرت فيه أعباء الثورة الفلسطينية واستطاعت أن تبني المؤسسة العسكرية وتوابعها،  وهذه النقلة الجديدة جعلتنا،  مستهدفين من بعض القوى التي لم يكن هدفها تحرير الوطن سواء كانت على الصعيد المحلي أو على الصعيد القومي واستمر النضال الفلسطيني وكانت العمليات ليلية وبشكل مكثف وأذكر هنا عمليات الحزام الأخضر حيث أخذت شكل المواجهة العسكرية الحقيقية غرب النهر التي قادها الأخ أبو عمار والأخ أبو جهاد و الأخ أبو صبري، وكل القيادة الفلسطينية كان عليها أن تدخل إلى الداخل التبني الخلايا السرية وتمدها بالأسلحة مما أضفى على نضالنا وقتالنا شينا متميزا حيث أن القيادات السياسية والعسكرية كانت تضطلع بهذا الدور في البناء والتأسيس وإقامة القواعد و تثبيت التنظيم السري في التعبئة و التحريض.  انطلاقة فتح كسرت الجمود والتراجع      يقول الأخ أبو ماهر حلس بأن میلاد حركة فتح وتحديدا انطلاقتها العسكرية كان في ظل ظروف عربية واقليمية تكيفت مع وجود کیان اسرائيلي وكأنها أمر واقع، وأن العمل المسلح هو مغامرة محكوم عليها بالفشل، وجاءت انطلاقة فتح لتكسر هذه المفاهيم وتستبدلها بمفهوم ثوري جديد يعتمد على الكفاح المسلح. ويضيف الأخ أبو ماهر بأن من أطواق السلامة اللي اعتمدتها فتح وضمن منطلقاتها الأساسية هي حفاظها على استقلالية القرار الوطني الفلسطيني، وقد مارست هذا الشعار في كل مراحل العمل الوطني، فهي لم تتدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة إضافة إلى أنها لم تسمح بالتدخل في الشؤون الداخلية الفلسطينية بغض النظر عن حجم التحالف مع هذا | النظام أو ذاك، وقد كانت فتح وقيادتها دائما مرشحة للإسهام الايجابي في حل الكثير من الخلافات العربية .  وما يميز حركة فتح هو أنها صاحبة المبادرة التاريخية في كل مراحل العمل الوطني، فعندما | اختارت الكفاح المسلح، كان هذا | بمثابة مغامرة في نظر الآخرين، | لكن سرعان ما لحق بها الجميع وثبتت صحة النظرية الفتحاوية، | وحينما اختارت السلام كان أيضا السلام مجازفة تاريخية، ولكن سرعان ما اتضحت صحة الخطوة التي اتخذتها قيادتنا الفلسطينية | وعلى رأسها الأخ القائد أبو عمار في كل المراحل سواء معركة الحرب أو السلام، فهي تنطلق من رؤى واضحة لأهدافها الوطنية وللمصلحة العليا لشعبنا ضمن قراءة واقعية لظروف شعبنا.  واعتمدت فتح المرونة في التكتيك وصلابة استراتيجية وثبات على الهدف والمبادئ، وما يتغير فهو شعارات وأساليب، حتى نصل إلى اقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.  فتح حملت ميراث الأمة   ومن جهته يرى الأخ سليم الزريعي الذي أمضى خمسة وعشرين عاما في السجون الإسرائيلية أن الحديث عن حركة فتح ذو شجون، ففتح ولدت من رحم المعاناة وفي مرحلة أسمناها بمرحلة الاستقرار المنظومي، هذه المرحلة التي طغت فيها فكرة العمل القومي على كل ما عداها، وحينما استذكر تلك المرحلة في تلك الظروف لا يسعني إلا أن أقول إن قرار انطلاقة فتح وقرار تشكيل طلائع قوات العاصفة كان قرارا يرقى إلى مستوى المرحلة وكان قرارا شجاعا لا يجرؤ على اتخاذه إلا تلك القيادة التاريخية التي قادت النضال الفلسطيني وحملت حلم الإنسان الفلسطيني وهمومه وكانت بمستوى حمل أمانة ميراث الأمة وصون التاريخ الفلسطيني من الاندثار.  ويضيف الزريعي إنه في تلك الفترة أسهمت الأنظمة العربية بما طرحته من مفاهيم في تغييب الدور الفلسطيني والذي يفترض أن يكون هو الدور الأساسي، وتبقى الجبهة العربية داعمة ومساندة تقف إلى جانب نضال شعبنا وتدعم كفاحه، وقد أثبتت الأيام والمعارك التي تلت ذلك صحة هذه المقولة حيث اتهمتنا بعض الأنظمة العربية بأننا قطريون و إقليميون و انفصاليون في ذاك الوقت ورددنا على هذه الادعاءات والاتهامات بأن حركة فتح فلسطينية الوجه عربية القلب والوجدان عالمية الأبعاد والامتدادات، فالمعركة قومية ويجب أن يكون الفلسطيني هو رأس الرمح وأن تكون المعركة تحت قيادة فلسطينية ونذكر عندما دخل جيش الانقاذ فلسطين في الأربعينات أسهم في تحجيم ثورة الفلسطينيين تحت شعار أن المعركة قومية. وتحول جيش الجهاد المقدس الفلسطيني في ذاك الحين إلى مجموعات متناثرة حينما ألغيت قيادته بقرار من جامعة الدول العربية وقالوا إن جيش الإنقاذ هو البديل وانسحب جيش الإنقاذ بقرار عربي وبقي الفلسطينيون ممزقين أمام الحركة الصهيونية، من هنا ندرك أهمية قرار القيادة التاريخية لحركة فتح في أن يتصدر الفلسطينيون النضال من أجل قضيتهم الفلسطينية وهويتهم النضالية.  فتح وهج الجماهير ومشعلها الحقيقي   يقول الأخ أحمد أبو سيف وهو أحد المقاتلين الذين جمعوا بين الانتماء الفتحاوي فكرا ومنهجا وبين الكفاح المسلح عملا وتطبيقا بأن حركة فتح هي المشعل الحقيقي للشعب الفلسطيني وهي وهج الجماهير ويصب نضالها في إطار العمل الفلسطيني من أجل تحرير فلسطين، وكان ثقلنا العسكري موجودا في الأردن بشكل مجموعات سرية.  وبعد حرب 67 نشطت حركة فتح عسكريا ودخلنا بما سمی ( كسر العظم ) مع الإسرائيليين وكانت حرب الكرامة بداية أول تصد عسكري حقيقي للعدو، حيث الحقت الهزيمة به، وهبت الجماهير للالتحاق بصفوفنا، وتطورت القواعد الفدائية في جنوب أربد والرمثا، ومن كان ينظر ليلا إلى أريحا من جبال اربد والناعور يجد منطقة أريحا وقد لفتها أحزمة من النيران فالعمليات بشكل يومي، وكان ينفذون مقاتلونا عملياتهم الفدائية سرا وفي الليل خوفا من اعتراض طريقهم.  ويضيف الأخ أبو سيف بأننا عندما نتكلم عن فتح فإننا نتكلم عن فلسطين ذلك أن فتح استوعبت معظم أبناء الشعب الفلسطيني في صفوفها وكانت بمثابة الأم الحنون، بل إنها كانت تمد التنظيمات الفلسطينية الأخرى بالمال والعتاد لمواصلة مشوارها النضالي من أجل تحرير فلسطين، | وفتح عبارة عن حركة عالمية استطاعت تجنيد الرأي العام الصالح القضية الفلسطينية وكانت تدعم نفسها بنفسها.  انطلاقة فتح حلقة من حلقات النضال الشعبي  يقول الأخ أحمد أبو شاويش بأن الحديث عن انطلاقة فتح يقود إلى السياق التاريخي الذي جاءت فيه الانطلاقة وبروز العمل العسكري فالانطلاقة لم تأت من فراغ وانما هي حلقة من حلقات النضال الفلسطيني الممتد في أعماق التاريخ ، وخاصة منذ وطئت أرض فلسطين اقدام المستيا وطنين الصهاينة في أواخر القرن التاسع عشر، وانطلاقة فتح وانتهاج الكفاح المسلح سبيلا للوصول إلى فلسطين وتحريرها جعل من شعبنا الفلسطيني بدلا من شعب لاجئ شعبا يحترمه العالم .  ويضيف أبو شاويش وإن منعطفات كثيرة اعترضت طريق الثورة بالأرواح والدماء، وتمكنت فتح أن تدحض المقولة الصهيونية بأن فلسطين أرض بلا شعب ، الشعب بلا أرض، واستطاعت فتح بثورتها وبجماهيرها أن تثبت أن هذه الأرض لنا منذ الأزل وحتى الأبد وأن دولتنا الفلسطينية المستقلة قادمة لا محالة وعاصمتها القدس الشريف.  استقلالية القرار الوطني  أما عن استقلالية القرار الوطني الفلسطيني الذي اعتبرته حركة فتح مبدأ من مبادئها الرئيسية... فالهدف كان من أجل الابتعاد عن دائرة الاستقطابات العربية والدولية ضمانا لتأييد الجميع عربيا ودوليا.  فتح فلسطينية المنطلق عربية الانتماء  عن ذلك يقول الأخ سليم الزعنون لقد فهم البعض وربما عن خبث ودهاء أن ذلك يعني نظرة وطنية ضيقة تتنكر القومية القضية الفلسطينية، حيث جرى الطعن في هذا المبدأ وتشويهه بينما حقيقة الأمر كانت تؤكد وباستمرار وبكل الصدق ومنذ البدايات على أن الثورة الفلسطينية بقيادة فتح إنما هي فلسطينية المنطلق عربية الانتماء، ولطالما رددها الأخ قاند الثورة الرئيس یاسر عرفات ومن كل المنابر" إنها فلسطينية الوجه عربية القلب" ولقد عرفت الأمة العربية ذلك، فكان الامتداد الواسع والعميق الحركة فتح في صفوف الأمة العربية من المحيط إلى الخليج، وامتد ذلك الوجود إلى كل شعوب الأمة الإسلامية و أما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض .  لا للوصاية .. ولا للتبعية .. ولا للاحتواء  يقول الأخ مازن عز الدين بدأت حركة فتح تحت عناوین واضحة في منطلقاتها الاستراتيجية حيث خاطبت بعدنا العربي، الذي يعتبر القاعدة الارتكازية الأساسية فحركة فتح لم تكن تبحث فقط عن القرار الفلسطيني المستقل و انما الضرورات التفاوضية والضرورات السياسية كانت تفرض على القيادة الفلسطينية إيجاد هامش هام وواسع للمناورة أطلق عليه القرار الوطني الفلسطيني المستقل وفتح رفعت شعارات واضحة بأن الثورة الفلسطينية فلسطينية الوجه عربية القلب، وعندما بدأت الطروحات السياسية لتبرير الاعتراف بقراري 242، 338 ودخولنا في مراحل تسوية بعد عام 73، جعلنا نخوض عملية التمایز نظرا لأن كل الأقطار العربية التي تتواجد على أرضها لها هامش في الإطار القومي ولكن لها هامشا في صنع قرارها الداخلي أيضا.  ويضيف الأخ عز الدين بأنه منعا للمصادرة والاحتواء فقد طبقنا شعارات فتح الأولى التي تستند الى ثلاثة أعمدة أساسية وهي لا للوصاية، لا للتبعية، لا للاحتواء، ورفعنا شعار استراتيجيا بأننا نرفض التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية وكذلك نرفض أن يتدخل أحد في شؤوننا الداخلية، إلى أن جاءت معركة بيروت حيث دافعنا عن قرارنا الوطني وخضنا معركة طرابلس كذلك دفاعا عن قرارنا الوطني الفلسطيني.  استقلالية حركة فتح  أما الأخ زكريا الأغا فقال إن حركة فتح خاضت معارك كثيرة للحفاظ على قرارنا الفلسطيني المستقل فمنذ اللحظة الأولى كانت تشعر أنه لكي تنجح ولكي تعبر تعبيرا صادقا عن آمال وطموحات الشعب الفلسطيني يجب أن تكون بعيدة عن الاحتواء، هذا ليس انفصالا عن العالم العربي، لكن فتح منذ اللحظة الأولى قررت واكدت استقلاليتها وكان هذا واضحا منذ اللحظة الأولى وحتی الآن .  أضاف الأغا: لا أحد يستطيع أن يحسب حركة فتح على أي نظام عربي حتى عندما تأزمت الأمور مع المنشقين في ۸۳ وحينما حاولت بعض الأنظمة العربية تقييد منظمة التحرير الفلسطينية واصابتها بالشلل، قامت حركة فتح ومعها جميع الأخوة من الفصائل الفلسطينية التي كانت تقف إلى جانبها لتعلن وتؤكد على ضرورة الخروج من هذا الوضع الذي وجدت المنظمة نفسها فيه بعد الانشقاق، فكان المؤتمر الفلسطيني السابع عشر الذي عقد في عمان والذي أخرج المنظمة من الشلل، وهذه الدورة أكدت أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني بقيادة الأخ أبو عمار، وسميت هذه الدورة بدورة القرار الوطني الفلسطيني المستقل والذي لاقت فيها تجاوبا جماهيريا كبيرا في الأراضي الفلسطينية المحتلة وقاموا بمظاهرات وسقط الشهداء بمن فيهم شهيد القرار الوطني الفلسطيني (شرف الطيبي).  فتح بانطلاقتها تفجر المسار التاريخي للمنطقة  يقول الأخ سلیم الزعنون، لقد أثرت فتح بالفعل في المسار التاريخي للشرق الأوسط... سواء من حيث الحروب التي اشتعلت في المنطقة أو من خلال فرض وجود الثورة الفلسطينية من جهة أخرى على خريطة المنطقة بل وعلى الخريطة العالمية بالنسبة البؤر الصراع في العالم.  وأما عن الانتقال بالنضال الفلسطيني من الشتات إلى أرض الوطن فهذا أصبح حقيقة واقعة لا يستطيع أحد إنكارها، فبعد العودة إلى أرض الوطن من خلال اتفاقات السلام مع حكومة إسرائيل العمالية بزعامة اسحق رابين وشمعون بيريس في أوسلو والقاهرة وطابا سنة ۱۹۹۳، فإن الجسم المسلح للثورة الفلسطينية قد عاد بسلاحه إلى أرض الوطن ليكون طليعة لعودة الشعب الفلسطيني كله.  ويشير الأخ أبو الأديب إلى اتفاقات أوسلو بأنه لا أحد ينكر ما تقوم به طلائع شعبنا المتمثلة في السلطة الوطنية الفلسطينية ورموزها بقيادة الأخ الرئيس یاسر عرفات والأعضاء المنتخبين من قبل شعبنا في المجلس التشريعي المنضوي تحت مظلة المجلس الوطني الفلسطيني الذي يعتبر خيمة الشرعية الفلسطينية في داخل الوطن والشتات، فالكل يشاهد بأم عينيه صباح مساء كيف يواجه شعبنا جنود الاحتلال وفي طليعة المواجهة يقف اخواننا رموز السلطة الوطنية وأعضاء المجلس التشريعي والوطني وكل رجال الأمن الذين هم فدائيو الأمس حيث التصدي للممارسات الاسرائيلية المتنكرة لكل الاتفاقات و المواثيق الدولية والانسانية، انه الصراع من فوق أرض الوطن الذي يتعرض لمؤامرات التهديد وطمس الهوية الفلسطينية، إنها معركة تجسيد الهوية الفلسطينية وإرساء قواعد الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف فوق أرض فلسطين ووجها لوجه مع قوات الاحتلال وأساليبه القمعية.  ويتساءل الأخ أبو الأديب هل هناك ما هو أفضل و أروع وأصدق من معايشة القيادة لشعبها في كفاحه ومعاناته وصنع مستقبله..؟؟  وهل كانت فتح الأمس صاحبة شعار "ثورة حتی النصر" غير فتح اليوم التي ما زالت تخوض هذه الثورة ومن فوق أرض فلسطين من أجل النصر وبناء دولة فلسطين...؟!  ما حققته فتح من مبادئها وأهدافها  عن ذلك يقول الأخ سليم الزعنون بأنه يكفي أن نذكر بحال الشعب الفلسطيني وثورته في أعقاب حرب العراق - الكويت.. لقد كانت هناك مؤامرة لإلغاء الوجود الفلسطيني، حيث جرى تهميش الدور الفلسطيني في مؤتمر مدريد للسلام.. لكننا سرعان ما أثبتنا وجودنا وأصبحنا الرقم الصعب - كما يقولها الأخ الرئيس أبو عمار الذي لا يمكن تجاهله، وها نحن على أرضنا قيادة ومقاتلين ومعنا أكثر من خمسين الفا من أبناء شعبنا المشردين قد عادوا إلى أرض الوطن طليعة العودة كل الشعب الفلسطيني .. و العالم كله يؤازرنا ويقف معنا، حيث انقلبت المعادلة وبات الإسرائيليون في ظل زعامتهم اليمينية المتطرفة محاصرين في كل المجالات الدولية، والأهم من كل هذا .. هو أننا نمارس حقنا المشروع في النضال وبناء دولتنا المستقلة من فوق أرضنا والشرعية الدولية كلها تقف إلى جانبنا.  ويستبشر الأخ أبو الأديب خيرا ويقول قريبا إن شاء الله.. سيشهد العالم قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف .. لأنها باتت مطلبا دوليا أيضا حتى إنه صارت هناك قناعات عند قطاع كبير من القادة و الشارع الإسرائيلي بضرورة قيام دولتنا الفلسطينية باعتبار ذلك حاجة ملحة لإقرار السلام في المنطقة، فالنضال الثوري دائما له أهدافه المرحلية والاستراتيجية المتمثلة في إقامة دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.. وعودة أبناء شعبنا في الشتات إلى أرض الوطن وما يتبع ذلك من مطالبة بحقوقنا المشروعة في أرضنا المغتصبة و أملاكنا المسلوبة.  من شعب لاجئ إلى شعب ذى سيادة   يقول الأخ زكريا الأغا بأن أكبر انجاز لمبادئ فتح وأهدافها هو أن القيادة الفلسطينية فوق الثرى الفلسطيني والسلطة الوطنية هي المقدمة الطبيعية والأكيدة للدولة الفلسطينية حيث إن آمالنا زادت في قيامها فقد تحولنا من شعب لاجئ إلى شعب ذي سيادة وطنية، وأصبح الجميع يعترف بنا ككيان، فالعلم الفلسطيني يرفرف فوق ربوع الوطن والمواطن يسافر بجواز سفر فلسطيني، وكلنا ثقة بالأخ القائد ياسر عرفات لنصل إلى القدس الشريف عاصمة دولتنا الفلسطينية.             نشر بتاريخ - يناير - 1997 - مجلة الرأي - عدد 7  وبدوره يقول الأخ إبراهيم أبو النجا: فرضت نكبة 48، وما ترتب عليها من سلب الأرض الفلسطينية وتهجير للشعب الفلسطيني ، وحالة الضياع التي عانى منها أبناء شعبنا في السنوات الأولى للهجرة، فرضت على الشعب العربي الفلسطيني أن يعيد صنع نفسه من جديد، وقد اضطلع بهذه المهمة كوكبة من المناضلين التقوا فاتفقوا على الخروج من هذا الواقع الأليم وتصويب المسار، | ومن هنا جاء ميلاد التنظيم السياسي الذي سمي بحركة التحرير الوطني الفلسطيني، وقد أخذنا الحروف الأولى للتسمية فتكونت كلمة (حتف) ولكن قلبنا الكلمة وأصبحت فتح، وحروفها تدل على: الفاء فلسطين، والتاء تحرير، والحاء حركة، فالحركة جاءت في الآخر لأنها ستطلع بمهمة التحرير، والفاء جاءت في الأول لأن الهدف الأول هو فلسطين، وحركة فتح عندما تأسست لم يكن المقصود منها أن تكون على غرار التنظيمات السياسية التي سبقتها في التأسيس ولكنها جاءت لتنطلق من العمل السياسي إلى العمل العسكري الذي ترجم على ارض الواقع مع بزوغ فجر 65/1/1 وتفجير الكفاح المسلح لنعلن للعالم أننا انطلقنا باتجاه استرداد فلسطين، وقد حذرنا من أي محاولة تستهدف النيل من عملنا العسكري، وقد رافقت الانطلاقة أدبيات تتمثل في المبادئ والأهداف والشعارات وتعرضت حركة فتح وكوادرها الملاحقات ومطاردات، وزج بهم في السجون. وأضاف أبو النجا إن الإعلان عن الكفاح المسلح وضع طلائعنا الفلسطينية الذين أصبحوا فيما بعد قادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح وعلى رأسهم الأخ القائد أبو عمار ورفيق دربه الشهيد القائد خليل الوزير (أبو جهاد) وبقية الأخوة في وضع يصدق فيهم قوله تعالى و من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا.  ويوضح أبو النجا بأن انطلاقة فتح ليست بديلا عن العمل العربي المشترك فنحن رأس الحربة التحرير فلسطين حيث تلقف أبناء شعبنا الفلسطيني في كافة أماكن تواجده نبأ الانطلاقة بتلهف وتأييد كبير ويحدوهم الأمل بأن هذا هو الطريق لتحرير فلسطين ونیل حقوقنا الوطنية وبدأوا بالالتحاق بصفوف الحركة، حيث كان للفدائيين العديد من المعارك والعمليات العسكرية التي أوجعت الاحتلال، وكان الفدائيون يمارسون حرب العصابات ولم يمارسوا الحرب النظامية حيث دخلت العلم العسكري النظرية الفلسطينية بأن الصمود المدعوم بالحق هو الأساس وواجه مقاتلونا بأسلحتهم الخفيفة الفردية الآليات والطائرات وكل أشكال الحملة الصهيونية، لم نتكلم نحن عن النتائج بقدر ما تكلم العدو نفسه وبقدر ما تكلم المراقبون العسكريون والسياسيون، وشكلت عملياتنا انعطافا جديدا في فهم العالم كله لخصوصية وطبيعة قضيتنا مما أدى إلى الالتحام الشعبي بالثورة الفلسطينية وبدأت المعادلة في التغيير والنظرة تختلف من شعب لاجئ إلى شعب يمارس الكفاح من أجل عودته إلى أرضه، وكان على الثورة أن تستوعب المناضلين الذين التحقوا بها وأن تقيم المؤسسات في الوقت الذي كثرت فيه أعباء الثورة الفلسطينية واستطاعت أن تبني المؤسسة العسكرية وتوابعها،  وهذه النقلة الجديدة جعلتنا،  مستهدفين من بعض القوى التي لم يكن هدفها تحرير الوطن سواء كانت على الصعيد المحلي أو على الصعيد القومي واستمر النضال الفلسطيني وكانت العمليات ليلية وبشكل مكثف وأذكر هنا عمليات الحزام الأخضر حيث أخذت شكل المواجهة العسكرية الحقيقية غرب النهر التي قادها الأخ أبو عمار والأخ أبو جهاد و الأخ أبو صبري، وكل القيادة الفلسطينية كان عليها أن تدخل إلى الداخل التبني الخلايا السرية وتمدها بالأسلحة مما أضفى على نضالنا وقتالنا شينا متميزا حيث أن القيادات السياسية والعسكرية كانت تضطلع بهذا الدور في البناء والتأسيس وإقامة القواعد و تثبيت التنظيم السري في التعبئة و التحريض.  انطلاقة فتح كسرت الجمود والتراجع   إستطلاع : محمد توفيق أحمد كريزم  في ذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية  اثنان وثلاثون عاما من النضال والكفاح  فتح ثورة فلسطينية الوجه . عربية العمق . عالمية البعد  فتع بقيادة الرمز أبو عمار - صانعة الثورة – وصانعة السلام       منذ فجرت حركة فتح الثورة الفلسطينية المعاصرة وشلال دماء شهداء ثورتنا ما انفك يتدفق ويفيض راسما الخارطة الجديدة للمنطقة بأسرها .   وعندما أطلقت فتح رصاصاتها الأولى لتطرح منطلقاتها الاستراتيجية التي حددت من خلالها أولوية تحرير فلسطين باتباع اسلوب الكفاح المسلح وتوحيد نضال الجماهير قلبت بذلك رأسا على عقب مجموعة المنطلقات الاستراتيجية التي سادت الوطن العربي حول قضية فلسطين وأدخلت المنطقة العربية برمتها في مرحلة جديدة تمتاز بالصراع الساخن ، وبرهنت على أن الثورة الفلسطينية .. فلسطينية الوجه.. عربية العمق.. عالمية البعد، مما جعلها في وضع فريد ضمن حركات التحرر الوطني في العالم.  الأجواء التي رافقت ولادة الحركة   لاشك أن ولادة حركة فتح كانت عيرة اعترضتها صعوبات و مشاكل جمة، في الوقت الذي لم يكن فيه سهلا على طلائع قيادتنا التاريخية أن يتخذوا قرارهم التاريخي بتأسيس فتح في ذاك الوقت.  الكفاح المسلح بدلا من الشعارات والمزايدات      يقول الأخ سلیم الزعنون (أبو الأديب ) أحد القادة التاريخيين لثورتنا ومن المؤسسين لحركة فتح عن الظروف التي رافقت انطلاقة الثورة الفلسطينية المسلحة بقيادة فتح في 1/11/1965 بأن مصاعب الانطلاقة كانت جمة ولكن أهمها وجود أكثر من ثلاثين تنظيما كانت جميعها تحمل أسماء وشعارات حول تحریر فلسطين.. بعض تلك التنظيمات كان لا يتعدى حجمها عدد أصابع اليد.. وبالتالي كانت ساحات العمل الفلسطيني غارقة بالمزايدات والشعارات.. مما أدى إلى الخلط بين الغث و السمين ولهذا بطبيعة الحال أثره السلبي على جماهيرية وشعبية أي تنظيم.. مما حتم على قيادة فتح التاريخية القيام بعمل بطولي وشجاع يكون كفيلا بإخراج حركة فتح من دوامة الشعارات والصراعات الحزبية التي سئمتها جماهير شعبنا. ويضيف الأخ أبو الأديب بأنه كان لابد من إطلاق شرارة الكفاح المسلح.. وهذا العمل أو القرار يعتبر مصيريا وخطيرا، حيث كل الظروف المحيطة كانت تعمل ضد هذا الاتجاه .. ثم هناك منظمة التحرير الفلسطينية برئاسة أحمد الشقيري و التي تأسست في 13/1/1964 ، بقرار من القمة العربية في القاهرة، ثم في قمة الاسكندرية سبتمبر/أيلول 1964 تقرر إنشاء جيش التحرير الفلسطيني بقيادة اللواء وجيه المدني، وكان لهذا أثره الفعال-سلبا على وجود التنظيمات المختلفة ، وكان هناك القيادة العربية الموحدة بقيادة الفريق أول علي عامر بقرار من القمة العربية من أجل مواجهة المشاريع الإسرائيلية التحويل مياه نهر الأردن ومنابعه مما يشكل تهديدا للدول العربية .. وهذه القيادة لا تريد لغيرها أن يعمل ضد الإسرائيليين.. ولقد كانت لهذه القيادة قرارات مضادة للعمل الفدائي بعد الانطلاقة:  والحدود المشتركة مع فلسطين المحتلة موصدة في وجه أي عمل مسلح .. والتمويل المادي محدود ويعتمد على اشتراكات الأعضاء فقط، حيث لا أحد يتبرع ماديا لمن لا يعمل .. وأجهزة المخابرات في مناطق التماس مع فلسطين المحتلة تلاحق وتمنع أي إنسان من اختراق الحدود ومهاجمة العدو في الداخل.. ثم هناك الخطر المصيري المحتمل، الذي يتهدد تنظیم فتح بكل وجوده إذا ما فشلت الانطلاقة. العملية الأولى   ويكشف الأخ أبو الأديب اللحظات الحاسمة التي عاشتها ثورتنا ويقول بأنه أمام كل هذه الأخطار كان لابد من اتخاذ القرار المصري و الحاسم.. ولقد اختلف قادة تنظيم فتح حول ذلك .. البعض يؤيد الانطلاقة .. والبعض يحذر .. والبعض متردد .. وفي ظل كل هذه الظروف الصعبة اجتمع قادة فتح من كل الأقاليم وكان اللقاء في مكان ما بالكويت وبعد نقاش طويل ومتشعب وخلال عدة أيام التزم الجميع بقرار الأغلبية وتقرر إطلاق الرصاصة الأولى في ليلة الفاتح من كانون الثاني (يناير) 1965م .. كبداية للثورة الفلسطينية المسلحة من أجل تحرير فلسطين .. ولقد ارتأى المجتمعون تحسبا لأي طارئ أن تكون الانطلاقة تحت اسم غير اسم حركة فتح التي باتت معروفة للجميع وتم اختيار اسم قوات العاصفة، فإذا تحقق النجاح وتواصلت الثورة ونجت من الأخطار المحدقة بها فان الأمر سيوضح بعد ذلك لوسائل الإعلام ولبقية تنظيم فتح حيث إن الأمر كان سريا للغاية ومحصورا في نطاق عدد محدود من قيادة الحركة .. أما لو كان هناك فشل .. فستنجو فتح من الخطر وسيتحمل الاسم الجديد تبعة ذلك الفشل .. ولقد تمت الانطلاقة بحمد الله وتوفيقه وتمكنت مجموعات من قوات العاصفة من تفجير بعض المنشآت التحويلية المياه نهر الأردن في نفق عيلبون وتبعتها عدة عمليات داخل فلسطين المحتلة وفي مناطق متباعدة في الجليل .. وفي بيت جبرين وفي بئر السبع بحيث لم يستطع العدو إلا أن يعترف بما حدث و أعلن عن ذلك من خلال اذاعته .   ويتذكر الأخ أبو الأديب أن القيادة اتخذت قرارا في مواجهة الأعباء المالية اللازمة لتغطية تلك العمليات بأن على كل فرد منتسب الحركة فتح أن يدفع مبلغ خمسين دينارا دعما للعمل العسكري وديمومته.  أصداء العملية   أما عن الصدي الذي أحدثه ذلك العمل فيقول الأخ أبو الأديب ، بأن الفرحة عمت صفوف الشعب الفلسطيني و بدأ الناس يتحدثون باستبشار وسعادة و أمل وهم يرددون الشعار الذي كانت تتركه المجموعات الفدائية الأولى وراءها في مكان العمليات المسلحة " أيها الغزاة الصهاينة.. قوات العاصفة مرت من هنا " وبدأ الشبان ينضمون إلى تنظيم حركة فتح في كل مناطق الشتات وفي قطاع غزة والضفة الغربية مما أدى إلى ذوبان أو تلاشي العديد من التنظيمات .. فالناس كانوا متعطشين لمن يجسد الشعارات إلى عمل بعد أن طال الانتظار واستبد اليأس بالنفوس، لقد كانت فتح بالنسبة للشعب الفلسطيني شعلة الأمل، أما عن الصدی عربيا فلاشك أن الانطلاقة ساعدت في استنهاض النخوة العربية فيات الناس يتبرعون للحركة من أجل تمويل عملياتها البطولية ودعما لأسر الشهداء والجرحى والأسري، وكانت هناك مناصرة دولية محدودة تمثلت بالدرجة الأولى بدعم مادي ومعنوي من قبل جمهورية الصين الشعبية وفيتنام وكوبا، وفي هذا المجال لا يمكننا أن ننسى الدعم الأخوي الصادق من قبل الجزائر الشقيقة وسوريا الحبيبة، حيث كانت لهما وقفات مخلصة ساعدت في إنجاح انطلاقة الثورة الفلسطينية واستمراريتها وتصاعدها بقيادة حركة فتح .  فتح صنعت لشعبنا الهوية السياسية      يقول الأخ زكريا الأغا بأن فتح ولدت من عمق المأساة الفلسطينية في وقت كان فيه الشعب الفلسطيني يعتبر مجرد قطاعات من اللاجئين بدون أي هوية سياسية ومن هنا تولدت الفكرة لدى عدد من القيادات الفلسطينية برئاسة الأخ القائد أبو.. عمار والشهيدين القائدين أبو جهاد وأبو ایاد وكثيرا من الأخوة الذين فكروا كيف يمكن أن يعيدوا الحياة إلى القضية الفلسطينية وان يعملوا على احياء النضال الفلسطيني والبدء بالكفاح المسلح. ويضيف الأغا أن الأفكار التقت بشأن تأسيس فتح على قاعدة الكفاح المسلح لتحرير فلسطين وتحويل شعبنا من مجرد شعب لاجئ إلى شعب من المقاتلين ونضجت الفكرة بعدما اتفق على موعد أول عملية تقوم بها قوات  العاصفة الذراع العسكري لحركة فتح، وكانت العملية بمثابة الإعلان الرسمي لانطلاقة فتح وانطلاقة الكفاح المسلح. وقد كان الاعلان الانطلاقة الفتحاوية وقع في الشارع الفلسطيني داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة فقد أعادت له ثقته بنفسه و احتشدت جماهير غفيرة للتطوع في صفوف فتح لتخوض النضال والكفاح تحت راية فلسطينية بقيادة القائد ياسر عرفات.  الاعتماد على الذات التحرير فلسطين    يقول الأخ مازن عز الدين انعكست بدايات تشكل الواقع العربي القومي باتجاهاته المختلفة التي تضع في اعتباراتها فلسطين، على الواقع الفلسطيني في الشتات، بحيث إن الشباب الفلسطيني حاول أن يجد نفسه في الحزبية العربية، فانضوى تحت أجنحة الأحزاب القومية معتقدا أنها السبيل في حشد موقف عربي من أجل معركة التحرير التي تعيده إلى فلسطين خاصة وأن مفتاح بيته لم يصب بالصدأ في تلك الأيام، وبالتالي كانت فكرة الوحدة العربية هي الطريق الحتمي التحرير فلسطين، ولكن مع طول المدة وانتظار الجيوش العربية التحرير فلسطين بدأ الملل يدخل في صفوف الشباب الفلسطيني، وبدأت تتشكل في أوساط الطبقات الأكثر وعيا من شعبنا الفلسطيني وتحديدا اتحاد طلاب فلسطين مجموعة من الأفكار المنسجمة مع واقعنا الفلسطيني والتي ترافقت مع نمو حركات التحرر العالمية و العربية مثل موجة المد القومي في اليمن والجزائر ومصر وثورات فيتنام وكمبوديا مما عكس ذلك على بدايات تشكل النواة الثورية الفلسطينية في الطبقات الأكثر وعيا.. ومن هنا جاءت فكرة الاعتماد على الذات بضرورة وجود حركة أو تنظيم فلسطيني يقاتل ويقاوم ويقلب المعادلة. ويضيف الأخ عز الدين بأن حركة فتح لم تكن بديلا عن منظمة التحرير الفلسطينية فالمنظمة جاءت کرد عربي على تحویل روافد مجرى نهر الأردن وكتعبير عن أفكار الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وتتويجا لفكره القومي باتجاه فلسطين الذي كان يعتبرها العمود الفقري للفكر القومي، وتم تشكيل جيش لها أطلق عليه اسم جيش التحرير الفلسطيني وكان منضويا تحت قيادة أركان الدول العربية التي يتواجد على أراضيها و مرتبطا بالخطة الرسمية العربية لأنظمة دول الطوق وبالتالي لم يستطع أن يحرك شينا بالنسبة لفلسطين . فجاءت حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح بتشكيلاتها دون أن تتدخل بتشكيلات منظمة التحرير الفلسطينية في بادئ الأمر إلى أن قامت بتفجير الانطلاقة وبداية تشكيل معسكراتها والقيام بعمليات فدائية . ويضيف الأخ عز الدين بعد حدوث نكسة 67 واحتلال باقي فلسطين إضافة إلى احتلال سيناء والجولان، أصبحت اليد الطولى الإرادة الشعب وإرادة الكفاح المسلح، وبالتالي وجب تأميم منظمة التحرير الفلسطينية ليصبح قرارها فلسطينيا محضا، وجرت محاولات عديدة لكي يتلقى جيش التحرير الفلسطيني تعليماته من رئاسة الأركان الفلسطينية وليس من أركان رئاسة الدول العربية المتواجد على أراضيها ، إلى أن جاءت الظروف وأصبح جيش التحرير الفلسطيني تحت إمرة فلسطينية يدافع دفاعا مستميتا عن الثورة الفلسطينية بعد أن قامت فتح بعملية النقل الشرعي لقيادة منظمة التحرير الفلسطينية من قيادة الشهيد المناضل أحمد الشقيري إلى قيادة الرئيس القائد العام یاسر عرفات.  فتح انطلقت باتجاه الوطن       وبدوره يقول الأخ إبراهيم أبو النجا: فرضت نكبة 48، وما ترتب عليها من سلب الأرض الفلسطينية وتهجير للشعب الفلسطيني ، وحالة الضياع التي عانى منها أبناء شعبنا في السنوات الأولى للهجرة، فرضت على الشعب العربي الفلسطيني أن يعيد صنع نفسه من جديد، وقد اضطلع بهذه المهمة كوكبة من المناضلين التقوا فاتفقوا على الخروج من هذا الواقع الأليم وتصويب المسار، | ومن هنا جاء ميلاد التنظيم السياسي الذي سمي بحركة التحرير الوطني الفلسطيني، وقد أخذنا الحروف الأولى للتسمية فتكونت كلمة (حتف) ولكن قلبنا الكلمة وأصبحت فتح، وحروفها تدل على: الفاء فلسطين، والتاء تحرير، والحاء حركة، فالحركة جاءت في الآخر لأنها ستطلع بمهمة التحرير، والفاء جاءت في الأول لأن الهدف الأول هو فلسطين، وحركة فتح عندما تأسست لم يكن المقصود منها أن تكون على غرار التنظيمات السياسية التي سبقتها في التأسيس ولكنها جاءت لتنطلق من العمل السياسي إلى العمل العسكري الذي ترجم على ارض الواقع مع بزوغ فجر 65/1/1 وتفجير الكفاح المسلح لنعلن للعالم أننا انطلقنا باتجاه استرداد فلسطين، وقد حذرنا من أي محاولة تستهدف النيل من عملنا العسكري، وقد رافقت الانطلاقة أدبيات تتمثل في المبادئ والأهداف والشعارات وتعرضت حركة فتح وكوادرها الملاحقات ومطاردات، وزج بهم في السجون. وأضاف أبو النجا إن الإعلان عن الكفاح المسلح وضع طلائعنا الفلسطينية الذين أصبحوا فيما بعد قادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح وعلى رأسهم الأخ القائد أبو عمار ورفيق دربه الشهيد القائد خليل الوزير (أبو جهاد) وبقية الأخوة في وضع يصدق فيهم قوله تعالى و من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا.  ويوضح أبو النجا بأن انطلاقة فتح ليست بديلا عن العمل العربي المشترك فنحن رأس الحربة التحرير فلسطين حيث تلقف أبناء شعبنا الفلسطيني في كافة أماكن تواجده نبأ الانطلاقة بتلهف وتأييد كبير ويحدوهم الأمل بأن هذا هو الطريق لتحرير فلسطين ونیل حقوقنا الوطنية وبدأوا بالالتحاق بصفوف الحركة، حيث كان للفدائيين العديد من المعارك والعمليات العسكرية التي أوجعت الاحتلال، وكان الفدائيون يمارسون حرب العصابات ولم يمارسوا الحرب النظامية حيث دخلت العلم العسكري النظرية الفلسطينية بأن الصمود المدعوم بالحق هو الأساس وواجه مقاتلونا بأسلحتهم الخفيفة الفردية الآليات والطائرات وكل أشكال الحملة الصهيونية، لم نتكلم نحن عن النتائج بقدر ما تكلم العدو نفسه وبقدر ما تكلم المراقبون العسكريون والسياسيون، وشكلت عملياتنا انعطافا جديدا في فهم العالم كله لخصوصية وطبيعة قضيتنا مما أدى إلى الالتحام الشعبي بالثورة الفلسطينية وبدأت المعادلة في التغيير والنظرة تختلف من شعب لاجئ إلى شعب يمارس الكفاح من أجل عودته إلى أرضه، وكان على الثورة أن تستوعب المناضلين الذين التحقوا بها وأن تقيم المؤسسات في الوقت الذي كثرت فيه أعباء الثورة الفلسطينية واستطاعت أن تبني المؤسسة العسكرية وتوابعها،  وهذه النقلة الجديدة جعلتنا،  مستهدفين من بعض القوى التي لم يكن هدفها تحرير الوطن سواء كانت على الصعيد المحلي أو على الصعيد القومي واستمر النضال الفلسطيني وكانت العمليات ليلية وبشكل مكثف وأذكر هنا عمليات الحزام الأخضر حيث أخذت شكل المواجهة العسكرية الحقيقية غرب النهر التي قادها الأخ أبو عمار والأخ أبو جهاد و الأخ أبو صبري، وكل القيادة الفلسطينية كان عليها أن تدخل إلى الداخل التبني الخلايا السرية وتمدها بالأسلحة مما أضفى على نضالنا وقتالنا شينا متميزا حيث أن القيادات السياسية والعسكرية كانت تضطلع بهذا الدور في البناء والتأسيس وإقامة القواعد و تثبيت التنظيم السري في التعبئة و التحريض.  انطلاقة فتح كسرت الجمود والتراجع      يقول الأخ أبو ماهر حلس بأن میلاد حركة فتح وتحديدا انطلاقتها العسكرية كان في ظل ظروف عربية واقليمية تكيفت مع وجود کیان اسرائيلي وكأنها أمر واقع، وأن العمل المسلح هو مغامرة محكوم عليها بالفشل، وجاءت انطلاقة فتح لتكسر هذه المفاهيم وتستبدلها بمفهوم ثوري جديد يعتمد على الكفاح المسلح. ويضيف الأخ أبو ماهر بأن من أطواق السلامة اللي اعتمدتها فتح وضمن منطلقاتها الأساسية هي حفاظها على استقلالية القرار الوطني الفلسطيني، وقد مارست هذا الشعار في كل مراحل العمل الوطني، فهي لم تتدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة إضافة إلى أنها لم تسمح بالتدخل في الشؤون الداخلية الفلسطينية بغض النظر عن حجم التحالف مع هذا | النظام أو ذاك، وقد كانت فتح وقيادتها دائما مرشحة للإسهام الايجابي في حل الكثير من الخلافات العربية .  وما يميز حركة فتح هو أنها صاحبة المبادرة التاريخية في كل مراحل العمل الوطني، فعندما | اختارت الكفاح المسلح، كان هذا | بمثابة مغامرة في نظر الآخرين، | لكن سرعان ما لحق بها الجميع وثبتت صحة النظرية الفتحاوية، | وحينما اختارت السلام كان أيضا السلام مجازفة تاريخية، ولكن سرعان ما اتضحت صحة الخطوة التي اتخذتها قيادتنا الفلسطينية | وعلى رأسها الأخ القائد أبو عمار في كل المراحل سواء معركة الحرب أو السلام، فهي تنطلق من رؤى واضحة لأهدافها الوطنية وللمصلحة العليا لشعبنا ضمن قراءة واقعية لظروف شعبنا.  واعتمدت فتح المرونة في التكتيك وصلابة استراتيجية وثبات على الهدف والمبادئ، وما يتغير فهو شعارات وأساليب، حتى نصل إلى اقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.  فتح حملت ميراث الأمة   ومن جهته يرى الأخ سليم الزريعي الذي أمضى خمسة وعشرين عاما في السجون الإسرائيلية أن الحديث عن حركة فتح ذو شجون، ففتح ولدت من رحم المعاناة وفي مرحلة أسمناها بمرحلة الاستقرار المنظومي، هذه المرحلة التي طغت فيها فكرة العمل القومي على كل ما عداها، وحينما استذكر تلك المرحلة في تلك الظروف لا يسعني إلا أن أقول إن قرار انطلاقة فتح وقرار تشكيل طلائع قوات العاصفة كان قرارا يرقى إلى مستوى المرحلة وكان قرارا شجاعا لا يجرؤ على اتخاذه إلا تلك القيادة التاريخية التي قادت النضال الفلسطيني وحملت حلم الإنسان الفلسطيني وهمومه وكانت بمستوى حمل أمانة ميراث الأمة وصون التاريخ الفلسطيني من الاندثار.  ويضيف الزريعي إنه في تلك الفترة أسهمت الأنظمة العربية بما طرحته من مفاهيم في تغييب الدور الفلسطيني والذي يفترض أن يكون هو الدور الأساسي، وتبقى الجبهة العربية داعمة ومساندة تقف إلى جانب نضال شعبنا وتدعم كفاحه، وقد أثبتت الأيام والمعارك التي تلت ذلك صحة هذه المقولة حيث اتهمتنا بعض الأنظمة العربية بأننا قطريون و إقليميون و انفصاليون في ذاك الوقت ورددنا على هذه الادعاءات والاتهامات بأن حركة فتح فلسطينية الوجه عربية القلب والوجدان عالمية الأبعاد والامتدادات، فالمعركة قومية ويجب أن يكون الفلسطيني هو رأس الرمح وأن تكون المعركة تحت قيادة فلسطينية ونذكر عندما دخل جيش الانقاذ فلسطين في الأربعينات أسهم في تحجيم ثورة الفلسطينيين تحت شعار أن المعركة قومية. وتحول جيش الجهاد المقدس الفلسطيني في ذاك الحين إلى مجموعات متناثرة حينما ألغيت قيادته بقرار من جامعة الدول العربية وقالوا إن جيش الإنقاذ هو البديل وانسحب جيش الإنقاذ بقرار عربي وبقي الفلسطينيون ممزقين أمام الحركة الصهيونية، من هنا ندرك أهمية قرار القيادة التاريخية لحركة فتح في أن يتصدر الفلسطينيون النضال من أجل قضيتهم الفلسطينية وهويتهم النضالية.  فتح وهج الجماهير ومشعلها الحقيقي   يقول الأخ أحمد أبو سيف وهو أحد المقاتلين الذين جمعوا بين الانتماء الفتحاوي فكرا ومنهجا وبين الكفاح المسلح عملا وتطبيقا بأن حركة فتح هي المشعل الحقيقي للشعب الفلسطيني وهي وهج الجماهير ويصب نضالها في إطار العمل الفلسطيني من أجل تحرير فلسطين، وكان ثقلنا العسكري موجودا في الأردن بشكل مجموعات سرية.  وبعد حرب 67 نشطت حركة فتح عسكريا ودخلنا بما سمی ( كسر العظم ) مع الإسرائيليين وكانت حرب الكرامة بداية أول تصد عسكري حقيقي للعدو، حيث الحقت الهزيمة به، وهبت الجماهير للالتحاق بصفوفنا، وتطورت القواعد الفدائية في جنوب أربد والرمثا، ومن كان ينظر ليلا إلى أريحا من جبال اربد والناعور يجد منطقة أريحا وقد لفتها أحزمة من النيران فالعمليات بشكل يومي، وكان ينفذون مقاتلونا عملياتهم الفدائية سرا وفي الليل خوفا من اعتراض طريقهم.  ويضيف الأخ أبو سيف بأننا عندما نتكلم عن فتح فإننا نتكلم عن فلسطين ذلك أن فتح استوعبت معظم أبناء الشعب الفلسطيني في صفوفها وكانت بمثابة الأم الحنون، بل إنها كانت تمد التنظيمات الفلسطينية الأخرى بالمال والعتاد لمواصلة مشوارها النضالي من أجل تحرير فلسطين، | وفتح عبارة عن حركة عالمية استطاعت تجنيد الرأي العام الصالح القضية الفلسطينية وكانت تدعم نفسها بنفسها.  انطلاقة فتح حلقة من حلقات النضال الشعبي  يقول الأخ أحمد أبو شاويش بأن الحديث عن انطلاقة فتح يقود إلى السياق التاريخي الذي جاءت فيه الانطلاقة وبروز العمل العسكري فالانطلاقة لم تأت من فراغ وانما هي حلقة من حلقات النضال الفلسطيني الممتد في أعماق التاريخ ، وخاصة منذ وطئت أرض فلسطين اقدام المستيا وطنين الصهاينة في أواخر القرن التاسع عشر، وانطلاقة فتح وانتهاج الكفاح المسلح سبيلا للوصول إلى فلسطين وتحريرها جعل من شعبنا الفلسطيني بدلا من شعب لاجئ شعبا يحترمه العالم .  ويضيف أبو شاويش وإن منعطفات كثيرة اعترضت طريق الثورة بالأرواح والدماء، وتمكنت فتح أن تدحض المقولة الصهيونية بأن فلسطين أرض بلا شعب ، الشعب بلا أرض، واستطاعت فتح بثورتها وبجماهيرها أن تثبت أن هذه الأرض لنا منذ الأزل وحتى الأبد وأن دولتنا الفلسطينية المستقلة قادمة لا محالة وعاصمتها القدس الشريف.  استقلالية القرار الوطني  أما عن استقلالية القرار الوطني الفلسطيني الذي اعتبرته حركة فتح مبدأ من مبادئها الرئيسية... فالهدف كان من أجل الابتعاد عن دائرة الاستقطابات العربية والدولية ضمانا لتأييد الجميع عربيا ودوليا.  فتح فلسطينية المنطلق عربية الانتماء  عن ذلك يقول الأخ سليم الزعنون لقد فهم البعض وربما عن خبث ودهاء أن ذلك يعني نظرة وطنية ضيقة تتنكر القومية القضية الفلسطينية، حيث جرى الطعن في هذا المبدأ وتشويهه بينما حقيقة الأمر كانت تؤكد وباستمرار وبكل الصدق ومنذ البدايات على أن الثورة الفلسطينية بقيادة فتح إنما هي فلسطينية المنطلق عربية الانتماء، ولطالما رددها الأخ قاند الثورة الرئيس یاسر عرفات ومن كل المنابر" إنها فلسطينية الوجه عربية القلب" ولقد عرفت الأمة العربية ذلك، فكان الامتداد الواسع والعميق الحركة فتح في صفوف الأمة العربية من المحيط إلى الخليج، وامتد ذلك الوجود إلى كل شعوب الأمة الإسلامية و أما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض .  لا للوصاية .. ولا للتبعية .. ولا للاحتواء  يقول الأخ مازن عز الدين بدأت حركة فتح تحت عناوین واضحة في منطلقاتها الاستراتيجية حيث خاطبت بعدنا العربي، الذي يعتبر القاعدة الارتكازية الأساسية فحركة فتح لم تكن تبحث فقط عن القرار الفلسطيني المستقل و انما الضرورات التفاوضية والضرورات السياسية كانت تفرض على القيادة الفلسطينية إيجاد هامش هام وواسع للمناورة أطلق عليه القرار الوطني الفلسطيني المستقل وفتح رفعت شعارات واضحة بأن الثورة الفلسطينية فلسطينية الوجه عربية القلب، وعندما بدأت الطروحات السياسية لتبرير الاعتراف بقراري 242، 338 ودخولنا في مراحل تسوية بعد عام 73، جعلنا نخوض عملية التمایز نظرا لأن كل الأقطار العربية التي تتواجد على أرضها لها هامش في الإطار القومي ولكن لها هامشا في صنع قرارها الداخلي أيضا.  ويضيف الأخ عز الدين بأنه منعا للمصادرة والاحتواء فقد طبقنا شعارات فتح الأولى التي تستند الى ثلاثة أعمدة أساسية وهي لا للوصاية، لا للتبعية، لا للاحتواء، ورفعنا شعار استراتيجيا بأننا نرفض التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية وكذلك نرفض أن يتدخل أحد في شؤوننا الداخلية، إلى أن جاءت معركة بيروت حيث دافعنا عن قرارنا الوطني وخضنا معركة طرابلس كذلك دفاعا عن قرارنا الوطني الفلسطيني.  استقلالية حركة فتح  أما الأخ زكريا الأغا فقال إن حركة فتح خاضت معارك كثيرة للحفاظ على قرارنا الفلسطيني المستقل فمنذ اللحظة الأولى كانت تشعر أنه لكي تنجح ولكي تعبر تعبيرا صادقا عن آمال وطموحات الشعب الفلسطيني يجب أن تكون بعيدة عن الاحتواء، هذا ليس انفصالا عن العالم العربي، لكن فتح منذ اللحظة الأولى قررت واكدت استقلاليتها وكان هذا واضحا منذ اللحظة الأولى وحتی الآن .  أضاف الأغا: لا أحد يستطيع أن يحسب حركة فتح على أي نظام عربي حتى عندما تأزمت الأمور مع المنشقين في ۸۳ وحينما حاولت بعض الأنظمة العربية تقييد منظمة التحرير الفلسطينية واصابتها بالشلل، قامت حركة فتح ومعها جميع الأخوة من الفصائل الفلسطينية التي كانت تقف إلى جانبها لتعلن وتؤكد على ضرورة الخروج من هذا الوضع الذي وجدت المنظمة نفسها فيه بعد الانشقاق، فكان المؤتمر الفلسطيني السابع عشر الذي عقد في عمان والذي أخرج المنظمة من الشلل، وهذه الدورة أكدت أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني بقيادة الأخ أبو عمار، وسميت هذه الدورة بدورة القرار الوطني الفلسطيني المستقل والذي لاقت فيها تجاوبا جماهيريا كبيرا في الأراضي الفلسطينية المحتلة وقاموا بمظاهرات وسقط الشهداء بمن فيهم شهيد القرار الوطني الفلسطيني (شرف الطيبي).  فتح بانطلاقتها تفجر المسار التاريخي للمنطقة  يقول الأخ سلیم الزعنون، لقد أثرت فتح بالفعل في المسار التاريخي للشرق الأوسط... سواء من حيث الحروب التي اشتعلت في المنطقة أو من خلال فرض وجود الثورة الفلسطينية من جهة أخرى على خريطة المنطقة بل وعلى الخريطة العالمية بالنسبة البؤر الصراع في العالم.  وأما عن الانتقال بالنضال الفلسطيني من الشتات إلى أرض الوطن فهذا أصبح حقيقة واقعة لا يستطيع أحد إنكارها، فبعد العودة إلى أرض الوطن من خلال اتفاقات السلام مع حكومة إسرائيل العمالية بزعامة اسحق رابين وشمعون بيريس في أوسلو والقاهرة وطابا سنة ۱۹۹۳، فإن الجسم المسلح للثورة الفلسطينية قد عاد بسلاحه إلى أرض الوطن ليكون طليعة لعودة الشعب الفلسطيني كله.  ويشير الأخ أبو الأديب إلى اتفاقات أوسلو بأنه لا أحد ينكر ما تقوم به طلائع شعبنا المتمثلة في السلطة الوطنية الفلسطينية ورموزها بقيادة الأخ الرئيس یاسر عرفات والأعضاء المنتخبين من قبل شعبنا في المجلس التشريعي المنضوي تحت مظلة المجلس الوطني الفلسطيني الذي يعتبر خيمة الشرعية الفلسطينية في داخل الوطن والشتات، فالكل يشاهد بأم عينيه صباح مساء كيف يواجه شعبنا جنود الاحتلال وفي طليعة المواجهة يقف اخواننا رموز السلطة الوطنية وأعضاء المجلس التشريعي والوطني وكل رجال الأمن الذين هم فدائيو الأمس حيث التصدي للممارسات الاسرائيلية المتنكرة لكل الاتفاقات و المواثيق الدولية والانسانية، انه الصراع من فوق أرض الوطن الذي يتعرض لمؤامرات التهديد وطمس الهوية الفلسطينية، إنها معركة تجسيد الهوية الفلسطينية وإرساء قواعد الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف فوق أرض فلسطين ووجها لوجه مع قوات الاحتلال وأساليبه القمعية.  ويتساءل الأخ أبو الأديب هل هناك ما هو أفضل و أروع وأصدق من معايشة القيادة لشعبها في كفاحه ومعاناته وصنع مستقبله..؟؟  وهل كانت فتح الأمس صاحبة شعار "ثورة حتی النصر" غير فتح اليوم التي ما زالت تخوض هذه الثورة ومن فوق أرض فلسطين من أجل النصر وبناء دولة فلسطين...؟!  ما حققته فتح من مبادئها وأهدافها  عن ذلك يقول الأخ سليم الزعنون بأنه يكفي أن نذكر بحال الشعب الفلسطيني وثورته في أعقاب حرب العراق - الكويت.. لقد كانت هناك مؤامرة لإلغاء الوجود الفلسطيني، حيث جرى تهميش الدور الفلسطيني في مؤتمر مدريد للسلام.. لكننا سرعان ما أثبتنا وجودنا وأصبحنا الرقم الصعب - كما يقولها الأخ الرئيس أبو عمار الذي لا يمكن تجاهله، وها نحن على أرضنا قيادة ومقاتلين ومعنا أكثر من خمسين الفا من أبناء شعبنا المشردين قد عادوا إلى أرض الوطن طليعة العودة كل الشعب الفلسطيني .. و العالم كله يؤازرنا ويقف معنا، حيث انقلبت المعادلة وبات الإسرائيليون في ظل زعامتهم اليمينية المتطرفة محاصرين في كل المجالات الدولية، والأهم من كل هذا .. هو أننا نمارس حقنا المشروع في النضال وبناء دولتنا المستقلة من فوق أرضنا والشرعية الدولية كلها تقف إلى جانبنا.  ويستبشر الأخ أبو الأديب خيرا ويقول قريبا إن شاء الله.. سيشهد العالم قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف .. لأنها باتت مطلبا دوليا أيضا حتى إنه صارت هناك قناعات عند قطاع كبير من القادة و الشارع الإسرائيلي بضرورة قيام دولتنا الفلسطينية باعتبار ذلك حاجة ملحة لإقرار السلام في المنطقة، فالنضال الثوري دائما له أهدافه المرحلية والاستراتيجية المتمثلة في إقامة دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.. وعودة أبناء شعبنا في الشتات إلى أرض الوطن وما يتبع ذلك من مطالبة بحقوقنا المشروعة في أرضنا المغتصبة و أملاكنا المسلوبة.  من شعب لاجئ إلى شعب ذى سيادة   يقول الأخ زكريا الأغا بأن أكبر انجاز لمبادئ فتح وأهدافها هو أن القيادة الفلسطينية فوق الثرى الفلسطيني والسلطة الوطنية هي المقدمة الطبيعية والأكيدة للدولة الفلسطينية حيث إن آمالنا زادت في قيامها فقد تحولنا من شعب لاجئ إلى شعب ذي سيادة وطنية، وأصبح الجميع يعترف بنا ككيان، فالعلم الفلسطيني يرفرف فوق ربوع الوطن والمواطن يسافر بجواز سفر فلسطيني، وكلنا ثقة بالأخ القائد ياسر عرفات لنصل إلى القدس الشريف عاصمة دولتنا الفلسطينية.             نشر بتاريخ - يناير - 1997 - مجلة الرأي - عدد 7   يقول الأخ أبو ماهر حلس بأن میلاد حركة فتح وتحديدا انطلاقتها العسكرية كان في ظل ظروف عربية واقليمية تكيفت مع وجود کیان اسرائيلي وكأنها أمر واقع، وأن العمل المسلح هو مغامرة محكوم عليها بالفشل، وجاءت انطلاقة فتح لتكسر هذه المفاهيم وتستبدلها بمفهوم ثوري جديد يعتمد على الكفاح المسلح. ويضيف الأخ أبو ماهر بأن من أطواق السلامة اللي اعتمدتها فتح وضمن منطلقاتها الأساسية هي حفاظها على استقلالية القرار الوطني الفلسطيني، وقد مارست هذا الشعار في كل مراحل العمل الوطني، فهي لم تتدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة إضافة إلى أنها لم تسمح بالتدخل في الشؤون الداخلية الفلسطينية بغض النظر عن حجم التحالف مع هذا | النظام أو ذاك، وقد كانت فتح وقيادتها دائما مرشحة للإسهام الايجابي في حل الكثير من الخلافات العربية .  وما يميز حركة فتح هو أنها صاحبة المبادرة التاريخية في كل مراحل العمل الوطني، فعندما | اختارت الكفاح المسلح، كان هذا | بمثابة مغامرة في نظر الآخرين، | لكن سرعان ما لحق بها الجميع وثبتت صحة النظرية الفتحاوية، | وحينما اختارت السلام كان أيضا السلام مجازفة تاريخية، ولكن سرعان ما اتضحت صحة الخطوة التي اتخذتها قيادتنا الفلسطينية | وعلى رأسها الأخ القائد أبو عمار في كل المراحل سواء معركة الحرب أو السلام، فهي تنطلق من رؤى واضحة لأهدافها الوطنية وللمصلحة العليا لشعبنا ضمن قراءة واقعية لظروف شعبنا.  واعتمدت فتح المرونة في التكتيك وصلابة استراتيجية وثبات على الهدف والمبادئ، وما يتغير فهو شعارات وأساليب، حتى نصل إلى اقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.  فتح حملت ميراث الأمة   ومن جهته يرى الأخ سليم الزريعي الذي أمضى خمسة وعشرين عاما في السجون الإسرائيلية أن الحديث عن حركة فتح ذو شجون، ففتح ولدت من رحم المعاناة وفي مرحلة أسمناها بمرحلة الاستقرار المنظومي، هذه المرحلة التي طغت فيها فكرة العمل القومي على كل ما عداها، وحينما استذكر تلك المرحلة في تلك الظروف لا يسعني إلا أن أقول إن قرار انطلاقة فتح وقرار تشكيل طلائع قوات العاصفة كان قرارا يرقى إلى مستوى المرحلة وكان قرارا شجاعا لا يجرؤ على اتخاذه إلا تلك القيادة التاريخية التي قادت النضال الفلسطيني وحملت حلم الإنسان الفلسطيني وهمومه وكانت بمستوى حمل أمانة ميراث الأمة وصون التاريخ الفلسطيني من الاندثار.  ويضيف الزريعي إنه في تلك الفترة أسهمت الأنظمة العربية بما طرحته من مفاهيم في تغييب الدور الفلسطيني والذي يفترض أن يكون هو الدور الأساسي، وتبقى الجبهة العربية داعمة ومساندة تقف إلى جانب نضال شعبنا وتدعم كفاحه، وقد أثبتت الأيام والمعارك التي تلت ذلك صحة هذه المقولة حيث اتهمتنا بعض الأنظمة العربية بأننا قطريون و إقليميون و انفصاليون في ذاك الوقت ورددنا على هذه الادعاءات والاتهامات بأن حركة فتح فلسطينية الوجه عربية القلب والوجدان عالمية الأبعاد والامتدادات، فالمعركة قومية ويجب أن يكون الفلسطيني هو رأس الرمح وأن تكون المعركة تحت قيادة فلسطينية ونذكر عندما دخل جيش الانقاذ فلسطين في الأربعينات أسهم في تحجيم ثورة الفلسطينيين تحت شعار أن المعركة قومية. وتحول جيش الجهاد المقدس الفلسطيني في ذاك الحين إلى مجموعات متناثرة حينما ألغيت قيادته بقرار من جامعة الدول العربية وقالوا إن جيش الإنقاذ هو البديل وانسحب جيش الإنقاذ بقرار عربي وبقي الفلسطينيون ممزقين أمام الحركة الصهيونية، من هنا ندرك أهمية قرار القيادة التاريخية لحركة فتح في أن يتصدر الفلسطينيون النضال من أجل قضيتهم الفلسطينية وهويتهم النضالية.  فتح وهج الجماهير ومشعلها الحقيقي   يقول الأخ أحمد أبو سيف وهو أحد المقاتلين الذين جمعوا بين الانتماء الفتحاوي فكرا ومنهجا وبين الكفاح المسلح عملا وتطبيقا بأن حركة فتح هي المشعل الحقيقي للشعب الفلسطيني وهي وهج الجماهير ويصب نضالها في إطار العمل الفلسطيني من أجل تحرير فلسطين، وكان ثقلنا العسكري موجودا في الأردن بشكل مجموعات سرية.  وبعد حرب 67 نشطت حركة فتح عسكريا ودخلنا بما سمی ( كسر العظم ) مع الإسرائيليين وكانت حرب الكرامة بداية أول تصد عسكري حقيقي للعدو، حيث الحقت الهزيمة به، وهبت الجماهير للالتحاق بصفوفنا، وتطورت القواعد الفدائية في جنوب أربد والرمثا، ومن كان ينظر ليلا إلى أريحا من جبال اربد والناعور يجد منطقة أريحا وقد لفتها أحزمة من النيران فالعمليات بشكل يومي، وكان ينفذون مقاتلونا عملياتهم الفدائية سرا وفي الليل خوفا من اعتراض طريقهم.  ويضيف الأخ أبو سيف بأننا عندما نتكلم عن فتح فإننا نتكلم عن فلسطين ذلك أن فتح استوعبت معظم أبناء الشعب الفلسطيني في صفوفها وكانت بمثابة الأم الحنون، بل إنها كانت تمد التنظيمات الفلسطينية الأخرى بالمال والعتاد لمواصلة مشوارها النضالي من أجل تحرير فلسطين، | وفتح عبارة عن حركة عالمية استطاعت تجنيد الرأي العام الصالح القضية الفلسطينية وكانت تدعم نفسها بنفسها.  انطلاقة فتح حلقة من حلقات النضال الشعبي  يقول الأخ أحمد أبو شاويش بأن الحديث عن انطلاقة فتح يقود إلى السياق التاريخي الذي جاءت فيه الانطلاقة وبروز العمل العسكري فالانطلاقة لم تأت من فراغ وانما هي حلقة من حلقات النضال الفلسطيني الممتد في أعماق التاريخ ، وخاصة منذ وطئت أرض فلسطين اقدام المستيا وطنين الصهاينة في أواخر القرن التاسع عشر، وانطلاقة فتح وانتهاج الكفاح المسلح سبيلا للوصول إلى فلسطين وتحريرها جعل من شعبنا الفلسطيني بدلا من شعب لاجئ شعبا يحترمه العالم .  ويضيف أبو شاويش وإن منعطفات كثيرة اعترضت طريق الثورة بالأرواح والدماء، وتمكنت فتح أن تدحض المقولة الصهيونية بأن فلسطين أرض بلا شعب ، الشعب بلا أرض، واستطاعت فتح بثورتها وبجماهيرها أن تثبت أن هذه الأرض لنا منذ الأزل وحتى الأبد وأن دولتنا الفلسطينية المستقلة قادمة لا محالة وعاصمتها القدس الشريف.  استقلالية القرار الوطني  أما عن استقلالية القرار الوطني الفلسطيني الذي اعتبرته حركة فتح مبدأ من مبادئها الرئيسية... فالهدف كان من أجل الابتعاد عن دائرة الاستقطابات العربية والدولية ضمانا لتأييد الجميع عربيا ودوليا.  فتح فلسطينية المنطلق عربية الانتماء  عن ذلك يقول الأخ سليم الزعنون لقد فهم البعض وربما عن خبث ودهاء أن ذلك يعني نظرة وطنية ضيقة تتنكر القومية القضية الفلسطينية، حيث جرى الطعن في هذا المبدأ وتشويهه بينما حقيقة الأمر كانت تؤكد وباستمرار وبكل الصدق ومنذ البدايات على أن الثورة الفلسطينية بقيادة فتح إنما هي فلسطينية المنطلق عربية الانتماء، ولطالما رددها الأخ قاند الثورة الرئيس یاسر عرفات ومن كل المنابر" إنها فلسطينية الوجه عربية القلب" ولقد عرفت الأمة العربية ذلك، فكان الامتداد الواسع والعميق الحركة فتح في صفوف الأمة العربية من المحيط إلى الخليج، وامتد ذلك الوجود إلى كل شعوب الأمة الإسلامية و أما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض .  لا للوصاية .. ولا للتبعية .. ولا للاحتواء  يقول الأخ مازن عز الدين بدأت حركة فتح تحت عناوین واضحة في منطلقاتها الاستراتيجية حيث خاطبت بعدنا العربي، الذي يعتبر القاعدة الارتكازية الأساسية فحركة فتح لم تكن تبحث فقط عن القرار الفلسطيني المستقل و انما الضرورات التفاوضية والضرورات السياسية كانت تفرض على القيادة الفلسطينية إيجاد هامش هام وواسع للمناورة أطلق عليه القرار الوطني الفلسطيني المستقل وفتح رفعت شعارات واضحة بأن الثورة الفلسطينية فلسطينية الوجه عربية القلب، وعندما بدأت الطروحات السياسية لتبرير الاعتراف بقراري 242، 338 ودخولنا في مراحل تسوية بعد عام 73، جعلنا نخوض عملية التمایز نظرا لأن كل الأقطار العربية التي تتواجد على أرضها لها هامش في الإطار القومي ولكن لها هامشا في صنع قرارها الداخلي أيضا.  ويضيف الأخ عز الدين بأنه منعا للمصادرة والاحتواء فقد طبقنا شعارات فتح الأولى التي تستند الى ثلاثة أعمدة أساسية وهي لا للوصاية، لا للتبعية، لا للاحتواء، ورفعنا شعار استراتيجيا بأننا نرفض التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية وكذلك نرفض أن يتدخل أحد في شؤوننا الداخلية، إلى أن جاءت معركة بيروت حيث دافعنا عن قرارنا الوطني وخضنا معركة طرابلس كذلك دفاعا عن قرارنا الوطني الفلسطيني.  استقلالية حركة فتح  أما الأخ زكريا الأغا فقال إن حركة فتح خاضت معارك كثيرة للحفاظ على قرارنا الفلسطيني المستقل فمنذ اللحظة الأولى كانت تشعر أنه لكي تنجح ولكي تعبر تعبيرا صادقا عن آمال وطموحات الشعب الفلسطيني يجب أن تكون بعيدة عن الاحتواء، هذا ليس انفصالا عن العالم العربي، لكن فتح منذ اللحظة الأولى قررت واكدت استقلاليتها وكان هذا واضحا منذ اللحظة الأولى وحتی الآن .  أضاف الأغا: لا أحد يستطيع أن يحسب حركة فتح على أي نظام عربي حتى عندما تأزمت الأمور مع المنشقين في ۸۳ وحينما حاولت بعض الأنظمة العربية تقييد منظمة التحرير الفلسطينية واصابتها بالشلل، قامت حركة فتح ومعها جميع الأخوة من الفصائل الفلسطينية التي كانت تقف إلى جانبها لتعلن وتؤكد على ضرورة الخروج من هذا الوضع الذي وجدت المنظمة نفسها فيه بعد الانشقاق، فكان المؤتمر الفلسطيني السابع عشر الذي عقد في عمان والذي أخرج المنظمة من الشلل، وهذه الدورة أكدت أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني بقيادة الأخ أبو عمار، وسميت هذه الدورة بدورة القرار الوطني الفلسطيني المستقل والذي لاقت فيها تجاوبا جماهيريا كبيرا في الأراضي الفلسطينية المحتلة وقاموا بمظاهرات وسقط الشهداء بمن فيهم شهيد القرار الوطني الفلسطيني (شرف الطيبي).  فتح بانطلاقتها تفجر المسار التاريخي للمنطقة  يقول الأخ سلیم الزعنون، لقد أثرت فتح بالفعل في المسار التاريخي للشرق الأوسط... سواء من حيث الحروب التي اشتعلت في المنطقة أو من خلال فرض وجود الثورة الفلسطينية من جهة أخرى على خريطة المنطقة بل وعلى الخريطة العالمية بالنسبة البؤر الصراع في العالم.  وأما عن الانتقال بالنضال الفلسطيني من الشتات إلى أرض الوطن فهذا أصبح حقيقة واقعة لا يستطيع أحد إنكارها، فبعد العودة إلى أرض الوطن من خلال اتفاقات السلام مع حكومة إسرائيل العمالية بزعامة اسحق رابين وشمعون بيريس في أوسلو والقاهرة وطابا سنة ۱۹۹۳، فإن الجسم المسلح للثورة الفلسطينية قد عاد بسلاحه إلى أرض الوطن ليكون طليعة لعودة الشعب الفلسطيني كله.  ويشير الأخ أبو الأديب إلى اتفاقات أوسلو بأنه لا أحد ينكر ما تقوم به طلائع شعبنا المتمثلة في السلطة الوطنية الفلسطينية ورموزها بقيادة الأخ الرئيس یاسر عرفات والأعضاء المنتخبين من قبل شعبنا في المجلس التشريعي المنضوي تحت مظلة المجلس الوطني الفلسطيني الذي يعتبر خيمة الشرعية الفلسطينية في داخل الوطن والشتات، فالكل يشاهد بأم عينيه صباح مساء كيف يواجه شعبنا جنود الاحتلال وفي طليعة المواجهة يقف اخواننا رموز السلطة الوطنية وأعضاء المجلس التشريعي والوطني وكل رجال الأمن الذين هم فدائيو الأمس حيث التصدي للممارسات الاسرائيلية المتنكرة لكل الاتفاقات و المواثيق الدولية والانسانية، انه الصراع من فوق أرض الوطن الذي يتعرض لمؤامرات التهديد وطمس الهوية الفلسطينية، إنها معركة تجسيد الهوية الفلسطينية وإرساء قواعد الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف فوق أرض فلسطين ووجها لوجه مع قوات الاحتلال وأساليبه القمعية.  ويتساءل الأخ أبو الأديب هل هناك ما هو أفضل و أروع وأصدق من معايشة القيادة لشعبها في كفاحه ومعاناته وصنع مستقبله..؟؟  وهل كانت فتح الأمس صاحبة شعار "ثورة حتی النصر" غير فتح اليوم التي ما زالت تخوض هذه الثورة ومن فوق أرض فلسطين من أجل النصر وبناء دولة فلسطين...؟!  ما حققته فتح من مبادئها وأهدافها  عن ذلك يقول الأخ سليم الزعنون بأنه يكفي أن نذكر بحال الشعب الفلسطيني وثورته في أعقاب حرب العراق - الكويت.. لقد كانت هناك مؤامرة لإلغاء الوجود الفلسطيني، حيث جرى تهميش الدور الفلسطيني في مؤتمر مدريد للسلام.. لكننا سرعان ما أثبتنا وجودنا وأصبحنا الرقم الصعب - كما يقولها الأخ الرئيس أبو عمار الذي لا يمكن تجاهله، وها نحن على أرضنا قيادة ومقاتلين ومعنا أكثر من خمسين الفا من أبناء شعبنا المشردين قد عادوا إلى أرض الوطن طليعة العودة كل الشعب الفلسطيني .. و العالم كله يؤازرنا ويقف معنا، حيث انقلبت المعادلة وبات الإسرائيليون في ظل زعامتهم اليمينية المتطرفة محاصرين في كل المجالات الدولية، والأهم من كل هذا .. هو أننا نمارس حقنا المشروع في النضال وبناء دولتنا المستقلة من فوق أرضنا والشرعية الدولية كلها تقف إلى جانبنا.  ويستبشر الأخ أبو الأديب خيرا ويقول قريبا إن شاء الله.. سيشهد العالم قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف .. لأنها باتت مطلبا دوليا أيضا حتى إنه صارت هناك قناعات عند قطاع كبير من القادة و الشارع الإسرائيلي بضرورة قيام دولتنا الفلسطينية باعتبار ذلك حاجة ملحة لإقرار السلام في المنطقة، فالنضال الثوري دائما له أهدافه المرحلية والاستراتيجية المتمثلة في إقامة دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.. وعودة أبناء شعبنا في الشتات إلى أرض الوطن وما يتبع ذلك من مطالبة بحقوقنا المشروعة في أرضنا المغتصبة و أملاكنا المسلوبة.  من شعب لاجئ إلى شعب ذى سيادة   يقول الأخ زكريا الأغا بأن أكبر انجاز لمبادئ فتح وأهدافها هو أن القيادة الفلسطينية فوق الثرى الفلسطيني والسلطة الوطنية هي المقدمة الطبيعية والأكيدة للدولة الفلسطينية حيث إن آمالنا زادت في قيامها فقد تحولنا من شعب لاجئ إلى شعب ذي سيادة وطنية، وأصبح الجميع يعترف بنا ككيان، فالعلم الفلسطيني يرفرف فوق ربوع الوطن والمواطن يسافر بجواز سفر فلسطيني، وكلنا ثقة بالأخ القائد ياسر عرفات لنصل إلى القدس الشريف عاصمة دولتنا الفلسطينية.             نشر بتاريخ - يناير - 1997 - مجلة الرأي - عدد 7    الأجواء التي رافقت ولادة الحركة   لاشك أن ولادة حركة فتح كانت عيرة اعترضتها صعوبات و مشاكل جمة، في الوقت الذي لم يكن فيه سهلا على طلائع قيادتنا التاريخية أن يتخذوا قرارهم التاريخي بتأسيس فتح في ذاك الوقت.  الكفاح المسلح بدلا من الشعارات والمزايدات   إستطلاع : محمد توفيق أحمد كريزم  في ذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية  اثنان وثلاثون عاما من النضال والكفاح  فتح ثورة فلسطينية الوجه . عربية العمق . عالمية البعد  فتع بقيادة الرمز أبو عمار - صانعة الثورة – وصانعة السلام       منذ فجرت حركة فتح الثورة الفلسطينية المعاصرة وشلال دماء شهداء ثورتنا ما انفك يتدفق ويفيض راسما الخارطة الجديدة للمنطقة بأسرها .   وعندما أطلقت فتح رصاصاتها الأولى لتطرح منطلقاتها الاستراتيجية التي حددت من خلالها أولوية تحرير فلسطين باتباع اسلوب الكفاح المسلح وتوحيد نضال الجماهير قلبت بذلك رأسا على عقب مجموعة المنطلقات الاستراتيجية التي سادت الوطن العربي حول قضية فلسطين وأدخلت المنطقة العربية برمتها في مرحلة جديدة تمتاز بالصراع الساخن ، وبرهنت على أن الثورة الفلسطينية .. فلسطينية الوجه.. عربية العمق.. عالمية البعد، مما جعلها في وضع فريد ضمن حركات التحرر الوطني في العالم.  الأجواء التي رافقت ولادة الحركة   لاشك أن ولادة حركة فتح كانت عيرة اعترضتها صعوبات و مشاكل جمة، في الوقت الذي لم يكن فيه سهلا على طلائع قيادتنا التاريخية أن يتخذوا قرارهم التاريخي بتأسيس فتح في ذاك الوقت.  الكفاح المسلح بدلا من الشعارات والمزايدات      يقول الأخ سلیم الزعنون (أبو الأديب ) أحد القادة التاريخيين لثورتنا ومن المؤسسين لحركة فتح عن الظروف التي رافقت انطلاقة الثورة الفلسطينية المسلحة بقيادة فتح في 1/11/1965 بأن مصاعب الانطلاقة كانت جمة ولكن أهمها وجود أكثر من ثلاثين تنظيما كانت جميعها تحمل أسماء وشعارات حول تحریر فلسطين.. بعض تلك التنظيمات كان لا يتعدى حجمها عدد أصابع اليد.. وبالتالي كانت ساحات العمل الفلسطيني غارقة بالمزايدات والشعارات.. مما أدى إلى الخلط بين الغث و السمين ولهذا بطبيعة الحال أثره السلبي على جماهيرية وشعبية أي تنظيم.. مما حتم على قيادة فتح التاريخية القيام بعمل بطولي وشجاع يكون كفيلا بإخراج حركة فتح من دوامة الشعارات والصراعات الحزبية التي سئمتها جماهير شعبنا. ويضيف الأخ أبو الأديب بأنه كان لابد من إطلاق شرارة الكفاح المسلح.. وهذا العمل أو القرار يعتبر مصيريا وخطيرا، حيث كل الظروف المحيطة كانت تعمل ضد هذا الاتجاه .. ثم هناك منظمة التحرير الفلسطينية برئاسة أحمد الشقيري و التي تأسست في 13/1/1964 ، بقرار من القمة العربية في القاهرة، ثم في قمة الاسكندرية سبتمبر/أيلول 1964 تقرر إنشاء جيش التحرير الفلسطيني بقيادة اللواء وجيه المدني، وكان لهذا أثره الفعال-سلبا على وجود التنظيمات المختلفة ، وكان هناك القيادة العربية الموحدة بقيادة الفريق أول علي عامر بقرار من القمة العربية من أجل مواجهة المشاريع الإسرائيلية التحويل مياه نهر الأردن ومنابعه مما يشكل تهديدا للدول العربية .. وهذه القيادة لا تريد لغيرها أن يعمل ضد الإسرائيليين.. ولقد كانت لهذه القيادة قرارات مضادة للعمل الفدائي بعد الانطلاقة:  والحدود المشتركة مع فلسطين المحتلة موصدة في وجه أي عمل مسلح .. والتمويل المادي محدود ويعتمد على اشتراكات الأعضاء فقط، حيث لا أحد يتبرع ماديا لمن لا يعمل .. وأجهزة المخابرات في مناطق التماس مع فلسطين المحتلة تلاحق وتمنع أي إنسان من اختراق الحدود ومهاجمة العدو في الداخل.. ثم هناك الخطر المصيري المحتمل، الذي يتهدد تنظیم فتح بكل وجوده إذا ما فشلت الانطلاقة. العملية الأولى   ويكشف الأخ أبو الأديب اللحظات الحاسمة التي عاشتها ثورتنا ويقول بأنه أمام كل هذه الأخطار كان لابد من اتخاذ القرار المصري و الحاسم.. ولقد اختلف قادة تنظيم فتح حول ذلك .. البعض يؤيد الانطلاقة .. والبعض يحذر .. والبعض متردد .. وفي ظل كل هذه الظروف الصعبة اجتمع قادة فتح من كل الأقاليم وكان اللقاء في مكان ما بالكويت وبعد نقاش طويل ومتشعب وخلال عدة أيام التزم الجميع بقرار الأغلبية وتقرر إطلاق الرصاصة الأولى في ليلة الفاتح من كانون الثاني (يناير) 1965م .. كبداية للثورة الفلسطينية المسلحة من أجل تحرير فلسطين .. ولقد ارتأى المجتمعون تحسبا لأي طارئ أن تكون الانطلاقة تحت اسم غير اسم حركة فتح التي باتت معروفة للجميع وتم اختيار اسم قوات العاصفة، فإذا تحقق النجاح وتواصلت الثورة ونجت من الأخطار المحدقة بها فان الأمر سيوضح بعد ذلك لوسائل الإعلام ولبقية تنظيم فتح حيث إن الأمر كان سريا للغاية ومحصورا في نطاق عدد محدود من قيادة الحركة .. أما لو كان هناك فشل .. فستنجو فتح من الخطر وسيتحمل الاسم الجديد تبعة ذلك الفشل .. ولقد تمت الانطلاقة بحمد الله وتوفيقه وتمكنت مجموعات من قوات العاصفة من تفجير بعض المنشآت التحويلية المياه نهر الأردن في نفق عيلبون وتبعتها عدة عمليات داخل فلسطين المحتلة وفي مناطق متباعدة في الجليل .. وفي بيت جبرين وفي بئر السبع بحيث لم يستطع العدو إلا أن يعترف بما حدث و أعلن عن ذلك من خلال اذاعته .   ويتذكر الأخ أبو الأديب أن القيادة اتخذت قرارا في مواجهة الأعباء المالية اللازمة لتغطية تلك العمليات بأن على كل فرد منتسب الحركة فتح أن يدفع مبلغ خمسين دينارا دعما للعمل العسكري وديمومته.  أصداء العملية   أما عن الصدي الذي أحدثه ذلك العمل فيقول الأخ أبو الأديب ، بأن الفرحة عمت صفوف الشعب الفلسطيني و بدأ الناس يتحدثون باستبشار وسعادة و أمل وهم يرددون الشعار الذي كانت تتركه المجموعات الفدائية الأولى وراءها في مكان العمليات المسلحة " أيها الغزاة الصهاينة.. قوات العاصفة مرت من هنا " وبدأ الشبان ينضمون إلى تنظيم حركة فتح في كل مناطق الشتات وفي قطاع غزة والضفة الغربية مما أدى إلى ذوبان أو تلاشي العديد من التنظيمات .. فالناس كانوا متعطشين لمن يجسد الشعارات إلى عمل بعد أن طال الانتظار واستبد اليأس بالنفوس، لقد كانت فتح بالنسبة للشعب الفلسطيني شعلة الأمل، أما عن الصدی عربيا فلاشك أن الانطلاقة ساعدت في استنهاض النخوة العربية فيات الناس يتبرعون للحركة من أجل تمويل عملياتها البطولية ودعما لأسر الشهداء والجرحى والأسري، وكانت هناك مناصرة دولية محدودة تمثلت بالدرجة الأولى بدعم مادي ومعنوي من قبل جمهورية الصين الشعبية وفيتنام وكوبا، وفي هذا المجال لا يمكننا أن ننسى الدعم الأخوي الصادق من قبل الجزائر الشقيقة وسوريا الحبيبة، حيث كانت لهما وقفات مخلصة ساعدت في إنجاح انطلاقة الثورة الفلسطينية واستمراريتها وتصاعدها بقيادة حركة فتح .  فتح صنعت لشعبنا الهوية السياسية      يقول الأخ زكريا الأغا بأن فتح ولدت من عمق المأساة الفلسطينية في وقت كان فيه الشعب الفلسطيني يعتبر مجرد قطاعات من اللاجئين بدون أي هوية سياسية ومن هنا تولدت الفكرة لدى عدد من القيادات الفلسطينية برئاسة الأخ القائد أبو.. عمار والشهيدين القائدين أبو جهاد وأبو ایاد وكثيرا من الأخوة الذين فكروا كيف يمكن أن يعيدوا الحياة إلى القضية الفلسطينية وان يعملوا على احياء النضال الفلسطيني والبدء بالكفاح المسلح. ويضيف الأغا أن الأفكار التقت بشأن تأسيس فتح على قاعدة الكفاح المسلح لتحرير فلسطين وتحويل شعبنا من مجرد شعب لاجئ إلى شعب من المقاتلين ونضجت الفكرة بعدما اتفق على موعد أول عملية تقوم بها قوات  العاصفة الذراع العسكري لحركة فتح، وكانت العملية بمثابة الإعلان الرسمي لانطلاقة فتح وانطلاقة الكفاح المسلح. وقد كان الاعلان الانطلاقة الفتحاوية وقع في الشارع الفلسطيني داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة فقد أعادت له ثقته بنفسه و احتشدت جماهير غفيرة للتطوع في صفوف فتح لتخوض النضال والكفاح تحت راية فلسطينية بقيادة القائد ياسر عرفات.  الاعتماد على الذات التحرير فلسطين    يقول الأخ مازن عز الدين انعكست بدايات تشكل الواقع العربي القومي باتجاهاته المختلفة التي تضع في اعتباراتها فلسطين، على الواقع الفلسطيني في الشتات، بحيث إن الشباب الفلسطيني حاول أن يجد نفسه في الحزبية العربية، فانضوى تحت أجنحة الأحزاب القومية معتقدا أنها السبيل في حشد موقف عربي من أجل معركة التحرير التي تعيده إلى فلسطين خاصة وأن مفتاح بيته لم يصب بالصدأ في تلك الأيام، وبالتالي كانت فكرة الوحدة العربية هي الطريق الحتمي التحرير فلسطين، ولكن مع طول المدة وانتظار الجيوش العربية التحرير فلسطين بدأ الملل يدخل في صفوف الشباب الفلسطيني، وبدأت تتشكل في أوساط الطبقات الأكثر وعيا من شعبنا الفلسطيني وتحديدا اتحاد طلاب فلسطين مجموعة من الأفكار المنسجمة مع واقعنا الفلسطيني والتي ترافقت مع نمو حركات التحرر العالمية و العربية مثل موجة المد القومي في اليمن والجزائر ومصر وثورات فيتنام وكمبوديا مما عكس ذلك على بدايات تشكل النواة الثورية الفلسطينية في الطبقات الأكثر وعيا.. ومن هنا جاءت فكرة الاعتماد على الذات بضرورة وجود حركة أو تنظيم فلسطيني يقاتل ويقاوم ويقلب المعادلة. ويضيف الأخ عز الدين بأن حركة فتح لم تكن بديلا عن منظمة التحرير الفلسطينية فالمنظمة جاءت کرد عربي على تحویل روافد مجرى نهر الأردن وكتعبير عن أفكار الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وتتويجا لفكره القومي باتجاه فلسطين الذي كان يعتبرها العمود الفقري للفكر القومي، وتم تشكيل جيش لها أطلق عليه اسم جيش التحرير الفلسطيني وكان منضويا تحت قيادة أركان الدول العربية التي يتواجد على أراضيها و مرتبطا بالخطة الرسمية العربية لأنظمة دول الطوق وبالتالي لم يستطع أن يحرك شينا بالنسبة لفلسطين . فجاءت حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح بتشكيلاتها دون أن تتدخل بتشكيلات منظمة التحرير الفلسطينية في بادئ الأمر إلى أن قامت بتفجير الانطلاقة وبداية تشكيل معسكراتها والقيام بعمليات فدائية . ويضيف الأخ عز الدين بعد حدوث نكسة 67 واحتلال باقي فلسطين إضافة إلى احتلال سيناء والجولان، أصبحت اليد الطولى الإرادة الشعب وإرادة الكفاح المسلح، وبالتالي وجب تأميم منظمة التحرير الفلسطينية ليصبح قرارها فلسطينيا محضا، وجرت محاولات عديدة لكي يتلقى جيش التحرير الفلسطيني تعليماته من رئاسة الأركان الفلسطينية وليس من أركان رئاسة الدول العربية المتواجد على أراضيها ، إلى أن جاءت الظروف وأصبح جيش التحرير الفلسطيني تحت إمرة فلسطينية يدافع دفاعا مستميتا عن الثورة الفلسطينية بعد أن قامت فتح بعملية النقل الشرعي لقيادة منظمة التحرير الفلسطينية من قيادة الشهيد المناضل أحمد الشقيري إلى قيادة الرئيس القائد العام یاسر عرفات.  فتح انطلقت باتجاه الوطن       وبدوره يقول الأخ إبراهيم أبو النجا: فرضت نكبة 48، وما ترتب عليها من سلب الأرض الفلسطينية وتهجير للشعب الفلسطيني ، وحالة الضياع التي عانى منها أبناء شعبنا في السنوات الأولى للهجرة، فرضت على الشعب العربي الفلسطيني أن يعيد صنع نفسه من جديد، وقد اضطلع بهذه المهمة كوكبة من المناضلين التقوا فاتفقوا على الخروج من هذا الواقع الأليم وتصويب المسار، | ومن هنا جاء ميلاد التنظيم السياسي الذي سمي بحركة التحرير الوطني الفلسطيني، وقد أخذنا الحروف الأولى للتسمية فتكونت كلمة (حتف) ولكن قلبنا الكلمة وأصبحت فتح، وحروفها تدل على: الفاء فلسطين، والتاء تحرير، والحاء حركة، فالحركة جاءت في الآخر لأنها ستطلع بمهمة التحرير، والفاء جاءت في الأول لأن الهدف الأول هو فلسطين، وحركة فتح عندما تأسست لم يكن المقصود منها أن تكون على غرار التنظيمات السياسية التي سبقتها في التأسيس ولكنها جاءت لتنطلق من العمل السياسي إلى العمل العسكري الذي ترجم على ارض الواقع مع بزوغ فجر 65/1/1 وتفجير الكفاح المسلح لنعلن للعالم أننا انطلقنا باتجاه استرداد فلسطين، وقد حذرنا من أي محاولة تستهدف النيل من عملنا العسكري، وقد رافقت الانطلاقة أدبيات تتمثل في المبادئ والأهداف والشعارات وتعرضت حركة فتح وكوادرها الملاحقات ومطاردات، وزج بهم في السجون. وأضاف أبو النجا إن الإعلان عن الكفاح المسلح وضع طلائعنا الفلسطينية الذين أصبحوا فيما بعد قادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح وعلى رأسهم الأخ القائد أبو عمار ورفيق دربه الشهيد القائد خليل الوزير (أبو جهاد) وبقية الأخوة في وضع يصدق فيهم قوله تعالى و من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا.  ويوضح أبو النجا بأن انطلاقة فتح ليست بديلا عن العمل العربي المشترك فنحن رأس الحربة التحرير فلسطين حيث تلقف أبناء شعبنا الفلسطيني في كافة أماكن تواجده نبأ الانطلاقة بتلهف وتأييد كبير ويحدوهم الأمل بأن هذا هو الطريق لتحرير فلسطين ونیل حقوقنا الوطنية وبدأوا بالالتحاق بصفوف الحركة، حيث كان للفدائيين العديد من المعارك والعمليات العسكرية التي أوجعت الاحتلال، وكان الفدائيون يمارسون حرب العصابات ولم يمارسوا الحرب النظامية حيث دخلت العلم العسكري النظرية الفلسطينية بأن الصمود المدعوم بالحق هو الأساس وواجه مقاتلونا بأسلحتهم الخفيفة الفردية الآليات والطائرات وكل أشكال الحملة الصهيونية، لم نتكلم نحن عن النتائج بقدر ما تكلم العدو نفسه وبقدر ما تكلم المراقبون العسكريون والسياسيون، وشكلت عملياتنا انعطافا جديدا في فهم العالم كله لخصوصية وطبيعة قضيتنا مما أدى إلى الالتحام الشعبي بالثورة الفلسطينية وبدأت المعادلة في التغيير والنظرة تختلف من شعب لاجئ إلى شعب يمارس الكفاح من أجل عودته إلى أرضه، وكان على الثورة أن تستوعب المناضلين الذين التحقوا بها وأن تقيم المؤسسات في الوقت الذي كثرت فيه أعباء الثورة الفلسطينية واستطاعت أن تبني المؤسسة العسكرية وتوابعها،  وهذه النقلة الجديدة جعلتنا،  مستهدفين من بعض القوى التي لم يكن هدفها تحرير الوطن سواء كانت على الصعيد المحلي أو على الصعيد القومي واستمر النضال الفلسطيني وكانت العمليات ليلية وبشكل مكثف وأذكر هنا عمليات الحزام الأخضر حيث أخذت شكل المواجهة العسكرية الحقيقية غرب النهر التي قادها الأخ أبو عمار والأخ أبو جهاد و الأخ أبو صبري، وكل القيادة الفلسطينية كان عليها أن تدخل إلى الداخل التبني الخلايا السرية وتمدها بالأسلحة مما أضفى على نضالنا وقتالنا شينا متميزا حيث أن القيادات السياسية والعسكرية كانت تضطلع بهذا الدور في البناء والتأسيس وإقامة القواعد و تثبيت التنظيم السري في التعبئة و التحريض.  انطلاقة فتح كسرت الجمود والتراجع      يقول الأخ أبو ماهر حلس بأن میلاد حركة فتح وتحديدا انطلاقتها العسكرية كان في ظل ظروف عربية واقليمية تكيفت مع وجود کیان اسرائيلي وكأنها أمر واقع، وأن العمل المسلح هو مغامرة محكوم عليها بالفشل، وجاءت انطلاقة فتح لتكسر هذه المفاهيم وتستبدلها بمفهوم ثوري جديد يعتمد على الكفاح المسلح. ويضيف الأخ أبو ماهر بأن من أطواق السلامة اللي اعتمدتها فتح وضمن منطلقاتها الأساسية هي حفاظها على استقلالية القرار الوطني الفلسطيني، وقد مارست هذا الشعار في كل مراحل العمل الوطني، فهي لم تتدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة إضافة إلى أنها لم تسمح بالتدخل في الشؤون الداخلية الفلسطينية بغض النظر عن حجم التحالف مع هذا | النظام أو ذاك، وقد كانت فتح وقيادتها دائما مرشحة للإسهام الايجابي في حل الكثير من الخلافات العربية .  وما يميز حركة فتح هو أنها صاحبة المبادرة التاريخية في كل مراحل العمل الوطني، فعندما | اختارت الكفاح المسلح، كان هذا | بمثابة مغامرة في نظر الآخرين، | لكن سرعان ما لحق بها الجميع وثبتت صحة النظرية الفتحاوية، | وحينما اختارت السلام كان أيضا السلام مجازفة تاريخية، ولكن سرعان ما اتضحت صحة الخطوة التي اتخذتها قيادتنا الفلسطينية | وعلى رأسها الأخ القائد أبو عمار في كل المراحل سواء معركة الحرب أو السلام، فهي تنطلق من رؤى واضحة لأهدافها الوطنية وللمصلحة العليا لشعبنا ضمن قراءة واقعية لظروف شعبنا.  واعتمدت فتح المرونة في التكتيك وصلابة استراتيجية وثبات على الهدف والمبادئ، وما يتغير فهو شعارات وأساليب، حتى نصل إلى اقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.  فتح حملت ميراث الأمة   ومن جهته يرى الأخ سليم الزريعي الذي أمضى خمسة وعشرين عاما في السجون الإسرائيلية أن الحديث عن حركة فتح ذو شجون، ففتح ولدت من رحم المعاناة وفي مرحلة أسمناها بمرحلة الاستقرار المنظومي، هذه المرحلة التي طغت فيها فكرة العمل القومي على كل ما عداها، وحينما استذكر تلك المرحلة في تلك الظروف لا يسعني إلا أن أقول إن قرار انطلاقة فتح وقرار تشكيل طلائع قوات العاصفة كان قرارا يرقى إلى مستوى المرحلة وكان قرارا شجاعا لا يجرؤ على اتخاذه إلا تلك القيادة التاريخية التي قادت النضال الفلسطيني وحملت حلم الإنسان الفلسطيني وهمومه وكانت بمستوى حمل أمانة ميراث الأمة وصون التاريخ الفلسطيني من الاندثار.  ويضيف الزريعي إنه في تلك الفترة أسهمت الأنظمة العربية بما طرحته من مفاهيم في تغييب الدور الفلسطيني والذي يفترض أن يكون هو الدور الأساسي، وتبقى الجبهة العربية داعمة ومساندة تقف إلى جانب نضال شعبنا وتدعم كفاحه، وقد أثبتت الأيام والمعارك التي تلت ذلك صحة هذه المقولة حيث اتهمتنا بعض الأنظمة العربية بأننا قطريون و إقليميون و انفصاليون في ذاك الوقت ورددنا على هذه الادعاءات والاتهامات بأن حركة فتح فلسطينية الوجه عربية القلب والوجدان عالمية الأبعاد والامتدادات، فالمعركة قومية ويجب أن يكون الفلسطيني هو رأس الرمح وأن تكون المعركة تحت قيادة فلسطينية ونذكر عندما دخل جيش الانقاذ فلسطين في الأربعينات أسهم في تحجيم ثورة الفلسطينيين تحت شعار أن المعركة قومية. وتحول جيش الجهاد المقدس الفلسطيني في ذاك الحين إلى مجموعات متناثرة حينما ألغيت قيادته بقرار من جامعة الدول العربية وقالوا إن جيش الإنقاذ هو البديل وانسحب جيش الإنقاذ بقرار عربي وبقي الفلسطينيون ممزقين أمام الحركة الصهيونية، من هنا ندرك أهمية قرار القيادة التاريخية لحركة فتح في أن يتصدر الفلسطينيون النضال من أجل قضيتهم الفلسطينية وهويتهم النضالية.  فتح وهج الجماهير ومشعلها الحقيقي   يقول الأخ أحمد أبو سيف وهو أحد المقاتلين الذين جمعوا بين الانتماء الفتحاوي فكرا ومنهجا وبين الكفاح المسلح عملا وتطبيقا بأن حركة فتح هي المشعل الحقيقي للشعب الفلسطيني وهي وهج الجماهير ويصب نضالها في إطار العمل الفلسطيني من أجل تحرير فلسطين، وكان ثقلنا العسكري موجودا في الأردن بشكل مجموعات سرية.  وبعد حرب 67 نشطت حركة فتح عسكريا ودخلنا بما سمی ( كسر العظم ) مع الإسرائيليين وكانت حرب الكرامة بداية أول تصد عسكري حقيقي للعدو، حيث الحقت الهزيمة به، وهبت الجماهير للالتحاق بصفوفنا، وتطورت القواعد الفدائية في جنوب أربد والرمثا، ومن كان ينظر ليلا إلى أريحا من جبال اربد والناعور يجد منطقة أريحا وقد لفتها أحزمة من النيران فالعمليات بشكل يومي، وكان ينفذون مقاتلونا عملياتهم الفدائية سرا وفي الليل خوفا من اعتراض طريقهم.  ويضيف الأخ أبو سيف بأننا عندما نتكلم عن فتح فإننا نتكلم عن فلسطين ذلك أن فتح استوعبت معظم أبناء الشعب الفلسطيني في صفوفها وكانت بمثابة الأم الحنون، بل إنها كانت تمد التنظيمات الفلسطينية الأخرى بالمال والعتاد لمواصلة مشوارها النضالي من أجل تحرير فلسطين، | وفتح عبارة عن حركة عالمية استطاعت تجنيد الرأي العام الصالح القضية الفلسطينية وكانت تدعم نفسها بنفسها.  انطلاقة فتح حلقة من حلقات النضال الشعبي  يقول الأخ أحمد أبو شاويش بأن الحديث عن انطلاقة فتح يقود إلى السياق التاريخي الذي جاءت فيه الانطلاقة وبروز العمل العسكري فالانطلاقة لم تأت من فراغ وانما هي حلقة من حلقات النضال الفلسطيني الممتد في أعماق التاريخ ، وخاصة منذ وطئت أرض فلسطين اقدام المستيا وطنين الصهاينة في أواخر القرن التاسع عشر، وانطلاقة فتح وانتهاج الكفاح المسلح سبيلا للوصول إلى فلسطين وتحريرها جعل من شعبنا الفلسطيني بدلا من شعب لاجئ شعبا يحترمه العالم .  ويضيف أبو شاويش وإن منعطفات كثيرة اعترضت طريق الثورة بالأرواح والدماء، وتمكنت فتح أن تدحض المقولة الصهيونية بأن فلسطين أرض بلا شعب ، الشعب بلا أرض، واستطاعت فتح بثورتها وبجماهيرها أن تثبت أن هذه الأرض لنا منذ الأزل وحتى الأبد وأن دولتنا الفلسطينية المستقلة قادمة لا محالة وعاصمتها القدس الشريف.  استقلالية القرار الوطني  أما عن استقلالية القرار الوطني الفلسطيني الذي اعتبرته حركة فتح مبدأ من مبادئها الرئيسية... فالهدف كان من أجل الابتعاد عن دائرة الاستقطابات العربية والدولية ضمانا لتأييد الجميع عربيا ودوليا.  فتح فلسطينية المنطلق عربية الانتماء  عن ذلك يقول الأخ سليم الزعنون لقد فهم البعض وربما عن خبث ودهاء أن ذلك يعني نظرة وطنية ضيقة تتنكر القومية القضية الفلسطينية، حيث جرى الطعن في هذا المبدأ وتشويهه بينما حقيقة الأمر كانت تؤكد وباستمرار وبكل الصدق ومنذ البدايات على أن الثورة الفلسطينية بقيادة فتح إنما هي فلسطينية المنطلق عربية الانتماء، ولطالما رددها الأخ قاند الثورة الرئيس یاسر عرفات ومن كل المنابر" إنها فلسطينية الوجه عربية القلب" ولقد عرفت الأمة العربية ذلك، فكان الامتداد الواسع والعميق الحركة فتح في صفوف الأمة العربية من المحيط إلى الخليج، وامتد ذلك الوجود إلى كل شعوب الأمة الإسلامية و أما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض .  لا للوصاية .. ولا للتبعية .. ولا للاحتواء  يقول الأخ مازن عز الدين بدأت حركة فتح تحت عناوین واضحة في منطلقاتها الاستراتيجية حيث خاطبت بعدنا العربي، الذي يعتبر القاعدة الارتكازية الأساسية فحركة فتح لم تكن تبحث فقط عن القرار الفلسطيني المستقل و انما الضرورات التفاوضية والضرورات السياسية كانت تفرض على القيادة الفلسطينية إيجاد هامش هام وواسع للمناورة أطلق عليه القرار الوطني الفلسطيني المستقل وفتح رفعت شعارات واضحة بأن الثورة الفلسطينية فلسطينية الوجه عربية القلب، وعندما بدأت الطروحات السياسية لتبرير الاعتراف بقراري 242، 338 ودخولنا في مراحل تسوية بعد عام 73، جعلنا نخوض عملية التمایز نظرا لأن كل الأقطار العربية التي تتواجد على أرضها لها هامش في الإطار القومي ولكن لها هامشا في صنع قرارها الداخلي أيضا.  ويضيف الأخ عز الدين بأنه منعا للمصادرة والاحتواء فقد طبقنا شعارات فتح الأولى التي تستند الى ثلاثة أعمدة أساسية وهي لا للوصاية، لا للتبعية، لا للاحتواء، ورفعنا شعار استراتيجيا بأننا نرفض التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية وكذلك نرفض أن يتدخل أحد في شؤوننا الداخلية، إلى أن جاءت معركة بيروت حيث دافعنا عن قرارنا الوطني وخضنا معركة طرابلس كذلك دفاعا عن قرارنا الوطني الفلسطيني.  استقلالية حركة فتح  أما الأخ زكريا الأغا فقال إن حركة فتح خاضت معارك كثيرة للحفاظ على قرارنا الفلسطيني المستقل فمنذ اللحظة الأولى كانت تشعر أنه لكي تنجح ولكي تعبر تعبيرا صادقا عن آمال وطموحات الشعب الفلسطيني يجب أن تكون بعيدة عن الاحتواء، هذا ليس انفصالا عن العالم العربي، لكن فتح منذ اللحظة الأولى قررت واكدت استقلاليتها وكان هذا واضحا منذ اللحظة الأولى وحتی الآن .  أضاف الأغا: لا أحد يستطيع أن يحسب حركة فتح على أي نظام عربي حتى عندما تأزمت الأمور مع المنشقين في ۸۳ وحينما حاولت بعض الأنظمة العربية تقييد منظمة التحرير الفلسطينية واصابتها بالشلل، قامت حركة فتح ومعها جميع الأخوة من الفصائل الفلسطينية التي كانت تقف إلى جانبها لتعلن وتؤكد على ضرورة الخروج من هذا الوضع الذي وجدت المنظمة نفسها فيه بعد الانشقاق، فكان المؤتمر الفلسطيني السابع عشر الذي عقد في عمان والذي أخرج المنظمة من الشلل، وهذه الدورة أكدت أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني بقيادة الأخ أبو عمار، وسميت هذه الدورة بدورة القرار الوطني الفلسطيني المستقل والذي لاقت فيها تجاوبا جماهيريا كبيرا في الأراضي الفلسطينية المحتلة وقاموا بمظاهرات وسقط الشهداء بمن فيهم شهيد القرار الوطني الفلسطيني (شرف الطيبي).  فتح بانطلاقتها تفجر المسار التاريخي للمنطقة  يقول الأخ سلیم الزعنون، لقد أثرت فتح بالفعل في المسار التاريخي للشرق الأوسط... سواء من حيث الحروب التي اشتعلت في المنطقة أو من خلال فرض وجود الثورة الفلسطينية من جهة أخرى على خريطة المنطقة بل وعلى الخريطة العالمية بالنسبة البؤر الصراع في العالم.  وأما عن الانتقال بالنضال الفلسطيني من الشتات إلى أرض الوطن فهذا أصبح حقيقة واقعة لا يستطيع أحد إنكارها، فبعد العودة إلى أرض الوطن من خلال اتفاقات السلام مع حكومة إسرائيل العمالية بزعامة اسحق رابين وشمعون بيريس في أوسلو والقاهرة وطابا سنة ۱۹۹۳، فإن الجسم المسلح للثورة الفلسطينية قد عاد بسلاحه إلى أرض الوطن ليكون طليعة لعودة الشعب الفلسطيني كله.  ويشير الأخ أبو الأديب إلى اتفاقات أوسلو بأنه لا أحد ينكر ما تقوم به طلائع شعبنا المتمثلة في السلطة الوطنية الفلسطينية ورموزها بقيادة الأخ الرئيس یاسر عرفات والأعضاء المنتخبين من قبل شعبنا في المجلس التشريعي المنضوي تحت مظلة المجلس الوطني الفلسطيني الذي يعتبر خيمة الشرعية الفلسطينية في داخل الوطن والشتات، فالكل يشاهد بأم عينيه صباح مساء كيف يواجه شعبنا جنود الاحتلال وفي طليعة المواجهة يقف اخواننا رموز السلطة الوطنية وأعضاء المجلس التشريعي والوطني وكل رجال الأمن الذين هم فدائيو الأمس حيث التصدي للممارسات الاسرائيلية المتنكرة لكل الاتفاقات و المواثيق الدولية والانسانية، انه الصراع من فوق أرض الوطن الذي يتعرض لمؤامرات التهديد وطمس الهوية الفلسطينية، إنها معركة تجسيد الهوية الفلسطينية وإرساء قواعد الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف فوق أرض فلسطين ووجها لوجه مع قوات الاحتلال وأساليبه القمعية.  ويتساءل الأخ أبو الأديب هل هناك ما هو أفضل و أروع وأصدق من معايشة القيادة لشعبها في كفاحه ومعاناته وصنع مستقبله..؟؟  وهل كانت فتح الأمس صاحبة شعار "ثورة حتی النصر" غير فتح اليوم التي ما زالت تخوض هذه الثورة ومن فوق أرض فلسطين من أجل النصر وبناء دولة فلسطين...؟!  ما حققته فتح من مبادئها وأهدافها  عن ذلك يقول الأخ سليم الزعنون بأنه يكفي أن نذكر بحال الشعب الفلسطيني وثورته في أعقاب حرب العراق - الكويت.. لقد كانت هناك مؤامرة لإلغاء الوجود الفلسطيني، حيث جرى تهميش الدور الفلسطيني في مؤتمر مدريد للسلام.. لكننا سرعان ما أثبتنا وجودنا وأصبحنا الرقم الصعب - كما يقولها الأخ الرئيس أبو عمار الذي لا يمكن تجاهله، وها نحن على أرضنا قيادة ومقاتلين ومعنا أكثر من خمسين الفا من أبناء شعبنا المشردين قد عادوا إلى أرض الوطن طليعة العودة كل الشعب الفلسطيني .. و العالم كله يؤازرنا ويقف معنا، حيث انقلبت المعادلة وبات الإسرائيليون في ظل زعامتهم اليمينية المتطرفة محاصرين في كل المجالات الدولية، والأهم من كل هذا .. هو أننا نمارس حقنا المشروع في النضال وبناء دولتنا المستقلة من فوق أرضنا والشرعية الدولية كلها تقف إلى جانبنا.  ويستبشر الأخ أبو الأديب خيرا ويقول قريبا إن شاء الله.. سيشهد العالم قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف .. لأنها باتت مطلبا دوليا أيضا حتى إنه صارت هناك قناعات عند قطاع كبير من القادة و الشارع الإسرائيلي بضرورة قيام دولتنا الفلسطينية باعتبار ذلك حاجة ملحة لإقرار السلام في المنطقة، فالنضال الثوري دائما له أهدافه المرحلية والاستراتيجية المتمثلة في إقامة دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.. وعودة أبناء شعبنا في الشتات إلى أرض الوطن وما يتبع ذلك من مطالبة بحقوقنا المشروعة في أرضنا المغتصبة و أملاكنا المسلوبة.  من شعب لاجئ إلى شعب ذى سيادة   يقول الأخ زكريا الأغا بأن أكبر انجاز لمبادئ فتح وأهدافها هو أن القيادة الفلسطينية فوق الثرى الفلسطيني والسلطة الوطنية هي المقدمة الطبيعية والأكيدة للدولة الفلسطينية حيث إن آمالنا زادت في قيامها فقد تحولنا من شعب لاجئ إلى شعب ذي سيادة وطنية، وأصبح الجميع يعترف بنا ككيان، فالعلم الفلسطيني يرفرف فوق ربوع الوطن والمواطن يسافر بجواز سفر فلسطيني، وكلنا ثقة بالأخ القائد ياسر عرفات لنصل إلى القدس الشريف عاصمة دولتنا الفلسطينية.             نشر بتاريخ - يناير - 1997 - مجلة الرأي - عدد 7   يقول الأخ سلیم الزعنون (أبو الأديب ) أحد القادة التاريخيين لثورتنا ومن المؤسسين لحركة فتح عن الظروف التي رافقت انطلاقة الثورة الفلسطينية المسلحة بقيادة فتح في 1/11/1965 بأن مصاعب الانطلاقة كانت جمة ولكن أهمها وجود أكثر من ثلاثين تنظيما كانت جميعها تحمل أسماء وشعارات حول تحریر فلسطين.. بعض تلك التنظيمات كان لا يتعدى حجمها عدد أصابع اليد.. وبالتالي كانت ساحات العمل الفلسطيني غارقة بالمزايدات والشعارات.. مما أدى إلى الخلط بين الغث و السمين ولهذا بطبيعة الحال أثره السلبي على جماهيرية وشعبية أي تنظيم.. مما حتم على قيادة فتح التاريخية القيام بعمل بطولي وشجاع يكون كفيلا بإخراج حركة فتح من دوامة الشعارات والصراعات الحزبية التي سئمتها جماهير شعبنا. ويضيف الأخ أبو الأديب بأنه كان لابد من إطلاق شرارة الكفاح المسلح.. وهذا العمل أو القرار يعتبر مصيريا وخطيرا، حيث كل الظروف المحيطة كانت تعمل ضد هذا الاتجاه .. ثم هناك منظمة التحرير الفلسطينية برئاسة أحمد الشقيري و التي تأسست في 13/1/1964 ، بقرار من القمة العربية في القاهرة، ثم في قمة الاسكندرية سبتمبر/أيلول 1964 تقرر إنشاء جيش التحرير الفلسطيني بقيادة اللواء وجيه المدني، وكان لهذا أثره الفعال-سلبا على وجود التنظيمات المختلفة ، وكان هناك القيادة العربية الموحدة بقيادة الفريق أول علي عامر بقرار من القمة العربية من أجل مواجهة المشاريع الإسرائيلية التحويل مياه نهر الأردن ومنابعه مما يشكل تهديدا للدول العربية .. وهذه القيادة لا تريد لغيرها أن يعمل ضد الإسرائيليين.. ولقد كانت لهذه القيادة قرارات مضادة للعمل الفدائي بعد الانطلاقة:  والحدود المشتركة مع فلسطين المحتلة موصدة في وجه أي عمل مسلح .. والتمويل المادي محدود ويعتمد على اشتراكات الأعضاء فقط، حيث لا أحد يتبرع ماديا لمن لا يعمل .. وأجهزة المخابرات في مناطق التماس مع فلسطين المحتلة تلاحق وتمنع أي إنسان من اختراق الحدود ومهاجمة العدو في الداخل.. ثم هناك الخطر المصيري المحتمل، الذي يتهدد تنظیم فتح بكل وجوده إذا ما فشلت الانطلاقة. العملية الأولى   ويكشف الأخ أبو الأديب اللحظات الحاسمة التي عاشتها ثورتنا ويقول بأنه أمام كل هذه الأخطار كان لابد من اتخاذ القرار المصري و الحاسم.. ولقد اختلف قادة تنظيم فتح حول ذلك .. البعض يؤيد الانطلاقة .. والبعض يحذر .. والبعض متردد .. وفي ظل كل هذه الظروف الصعبة اجتمع قادة فتح من كل الأقاليم وكان اللقاء في مكان ما بالكويت وبعد نقاش طويل ومتشعب وخلال عدة أيام التزم الجميع بقرار الأغلبية وتقرر إطلاق الرصاصة الأولى في ليلة الفاتح من كانون الثاني (يناير) 1965م .. كبداية للثورة الفلسطينية المسلحة من أجل تحرير فلسطين .. ولقد ارتأى المجتمعون تحسبا لأي طارئ أن تكون الانطلاقة تحت اسم غير اسم حركة فتح التي باتت معروفة للجميع وتم اختيار اسم قوات العاصفة، فإذا تحقق النجاح وتواصلت الثورة ونجت من الأخطار المحدقة بها فان الأمر سيوضح بعد ذلك لوسائل الإعلام ولبقية تنظيم فتح حيث إن الأمر كان سريا للغاية ومحصورا في نطاق عدد محدود من قيادة الحركة .. أما لو كان هناك فشل .. فستنجو فتح من الخطر وسيتحمل الاسم الجديد تبعة ذلك الفشل .. ولقد تمت الانطلاقة بحمد الله وتوفيقه وتمكنت مجموعات من قوات العاصفة من تفجير بعض المنشآت التحويلية المياه نهر الأردن في نفق عيلبون وتبعتها عدة عمليات داخل فلسطين المحتلة وفي مناطق متباعدة في الجليل .. وفي بيت جبرين وفي بئر السبع بحيث لم يستطع العدو إلا أن يعترف بما حدث و أعلن عن ذلك من خلال اذاعته .   ويتذكر الأخ أبو الأديب أن القيادة اتخذت قرارا في مواجهة الأعباء المالية اللازمة لتغطية تلك العمليات بأن على كل فرد منتسب الحركة فتح أن يدفع مبلغ خمسين دينارا دعما للعمل العسكري وديمومته.  أصداء العملية   أما عن الصدي الذي أحدثه ذلك العمل فيقول الأخ أبو الأديب ، بأن الفرحة عمت صفوف الشعب الفلسطيني و بدأ الناس يتحدثون باستبشار وسعادة و أمل وهم يرددون الشعار الذي كانت تتركه المجموعات الفدائية الأولى وراءها في مكان العمليات المسلحة " أيها الغزاة الصهاينة.. قوات العاصفة مرت من هنا " وبدأ الشبان ينضمون إلى تنظيم حركة فتح في كل مناطق الشتات وفي قطاع غزة والضفة الغربية مما أدى إلى ذوبان أو تلاشي العديد من التنظيمات .. فالناس كانوا متعطشين لمن يجسد الشعارات إلى عمل بعد أن طال الانتظار واستبد اليأس بالنفوس، لقد كانت فتح بالنسبة للشعب الفلسطيني شعلة الأمل، أما عن الصدی عربيا فلاشك أن الانطلاقة ساعدت في استنهاض النخوة العربية فيات الناس يتبرعون للحركة من أجل تمويل عملياتها البطولية ودعما لأسر الشهداء والجرحى والأسري، وكانت هناك مناصرة دولية محدودة تمثلت بالدرجة الأولى بدعم مادي ومعنوي من قبل جمهورية الصين الشعبية وفيتنام وكوبا، وفي هذا المجال لا يمكننا أن ننسى الدعم الأخوي الصادق من قبل الجزائر الشقيقة وسوريا الحبيبة، حيث كانت لهما وقفات مخلصة ساعدت في إنجاح انطلاقة الثورة الفلسطينية واستمراريتها وتصاعدها بقيادة حركة فتح .  فتح صنعت لشعبنا الهوية السياسية    إستطلاع : محمد توفيق أحمد كريزم  في ذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية  اثنان وثلاثون عاما من النضال والكفاح  فتح ثورة فلسطينية الوجه . عربية العمق . عالمية البعد  فتع بقيادة الرمز أبو عمار - صانعة الثورة – وصانعة السلام       منذ فجرت حركة فتح الثورة الفلسطينية المعاصرة وشلال دماء شهداء ثورتنا ما انفك يتدفق ويفيض راسما الخارطة الجديدة للمنطقة بأسرها .   وعندما أطلقت فتح رصاصاتها الأولى لتطرح منطلقاتها الاستراتيجية التي حددت من خلالها أولوية تحرير فلسطين باتباع اسلوب الكفاح المسلح وتوحيد نضال الجماهير قلبت بذلك رأسا على عقب مجموعة المنطلقات الاستراتيجية التي سادت الوطن العربي حول قضية فلسطين وأدخلت المنطقة العربية برمتها في مرحلة جديدة تمتاز بالصراع الساخن ، وبرهنت على أن الثورة الفلسطينية .. فلسطينية الوجه.. عربية العمق.. عالمية البعد، مما جعلها في وضع فريد ضمن حركات التحرر الوطني في العالم.  الأجواء التي رافقت ولادة الحركة   لاشك أن ولادة حركة فتح كانت عيرة اعترضتها صعوبات و مشاكل جمة، في الوقت الذي لم يكن فيه سهلا على طلائع قيادتنا التاريخية أن يتخذوا قرارهم التاريخي بتأسيس فتح في ذاك الوقت.  الكفاح المسلح بدلا من الشعارات والمزايدات      يقول الأخ سلیم الزعنون (أبو الأديب ) أحد القادة التاريخيين لثورتنا ومن المؤسسين لحركة فتح عن الظروف التي رافقت انطلاقة الثورة الفلسطينية المسلحة بقيادة فتح في 1/11/1965 بأن مصاعب الانطلاقة كانت جمة ولكن أهمها وجود أكثر من ثلاثين تنظيما كانت جميعها تحمل أسماء وشعارات حول تحریر فلسطين.. بعض تلك التنظيمات كان لا يتعدى حجمها عدد أصابع اليد.. وبالتالي كانت ساحات العمل الفلسطيني غارقة بالمزايدات والشعارات.. مما أدى إلى الخلط بين الغث و السمين ولهذا بطبيعة الحال أثره السلبي على جماهيرية وشعبية أي تنظيم.. مما حتم على قيادة فتح التاريخية القيام بعمل بطولي وشجاع يكون كفيلا بإخراج حركة فتح من دوامة الشعارات والصراعات الحزبية التي سئمتها جماهير شعبنا. ويضيف الأخ أبو الأديب بأنه كان لابد من إطلاق شرارة الكفاح المسلح.. وهذا العمل أو القرار يعتبر مصيريا وخطيرا، حيث كل الظروف المحيطة كانت تعمل ضد هذا الاتجاه .. ثم هناك منظمة التحرير الفلسطينية برئاسة أحمد الشقيري و التي تأسست في 13/1/1964 ، بقرار من القمة العربية في القاهرة، ثم في قمة الاسكندرية سبتمبر/أيلول 1964 تقرر إنشاء جيش التحرير الفلسطيني بقيادة اللواء وجيه المدني، وكان لهذا أثره الفعال-سلبا على وجود التنظيمات المختلفة ، وكان هناك القيادة العربية الموحدة بقيادة الفريق أول علي عامر بقرار من القمة العربية من أجل مواجهة المشاريع الإسرائيلية التحويل مياه نهر الأردن ومنابعه مما يشكل تهديدا للدول العربية .. وهذه القيادة لا تريد لغيرها أن يعمل ضد الإسرائيليين.. ولقد كانت لهذه القيادة قرارات مضادة للعمل الفدائي بعد الانطلاقة:  والحدود المشتركة مع فلسطين المحتلة موصدة في وجه أي عمل مسلح .. والتمويل المادي محدود ويعتمد على اشتراكات الأعضاء فقط، حيث لا أحد يتبرع ماديا لمن لا يعمل .. وأجهزة المخابرات في مناطق التماس مع فلسطين المحتلة تلاحق وتمنع أي إنسان من اختراق الحدود ومهاجمة العدو في الداخل.. ثم هناك الخطر المصيري المحتمل، الذي يتهدد تنظیم فتح بكل وجوده إذا ما فشلت الانطلاقة. العملية الأولى   ويكشف الأخ أبو الأديب اللحظات الحاسمة التي عاشتها ثورتنا ويقول بأنه أمام كل هذه الأخطار كان لابد من اتخاذ القرار المصري و الحاسم.. ولقد اختلف قادة تنظيم فتح حول ذلك .. البعض يؤيد الانطلاقة .. والبعض يحذر .. والبعض متردد .. وفي ظل كل هذه الظروف الصعبة اجتمع قادة فتح من كل الأقاليم وكان اللقاء في مكان ما بالكويت وبعد نقاش طويل ومتشعب وخلال عدة أيام التزم الجميع بقرار الأغلبية وتقرر إطلاق الرصاصة الأولى في ليلة الفاتح من كانون الثاني (يناير) 1965م .. كبداية للثورة الفلسطينية المسلحة من أجل تحرير فلسطين .. ولقد ارتأى المجتمعون تحسبا لأي طارئ أن تكون الانطلاقة تحت اسم غير اسم حركة فتح التي باتت معروفة للجميع وتم اختيار اسم قوات العاصفة، فإذا تحقق النجاح وتواصلت الثورة ونجت من الأخطار المحدقة بها فان الأمر سيوضح بعد ذلك لوسائل الإعلام ولبقية تنظيم فتح حيث إن الأمر كان سريا للغاية ومحصورا في نطاق عدد محدود من قيادة الحركة .. أما لو كان هناك فشل .. فستنجو فتح من الخطر وسيتحمل الاسم الجديد تبعة ذلك الفشل .. ولقد تمت الانطلاقة بحمد الله وتوفيقه وتمكنت مجموعات من قوات العاصفة من تفجير بعض المنشآت التحويلية المياه نهر الأردن في نفق عيلبون وتبعتها عدة عمليات داخل فلسطين المحتلة وفي مناطق متباعدة في الجليل .. وفي بيت جبرين وفي بئر السبع بحيث لم يستطع العدو إلا أن يعترف بما حدث و أعلن عن ذلك من خلال اذاعته .   ويتذكر الأخ أبو الأديب أن القيادة اتخذت قرارا في مواجهة الأعباء المالية اللازمة لتغطية تلك العمليات بأن على كل فرد منتسب الحركة فتح أن يدفع مبلغ خمسين دينارا دعما للعمل العسكري وديمومته.  أصداء العملية   أما عن الصدي الذي أحدثه ذلك العمل فيقول الأخ أبو الأديب ، بأن الفرحة عمت صفوف الشعب الفلسطيني و بدأ الناس يتحدثون باستبشار وسعادة و أمل وهم يرددون الشعار الذي كانت تتركه المجموعات الفدائية الأولى وراءها في مكان العمليات المسلحة " أيها الغزاة الصهاينة.. قوات العاصفة مرت من هنا " وبدأ الشبان ينضمون إلى تنظيم حركة فتح في كل مناطق الشتات وفي قطاع غزة والضفة الغربية مما أدى إلى ذوبان أو تلاشي العديد من التنظيمات .. فالناس كانوا متعطشين لمن يجسد الشعارات إلى عمل بعد أن طال الانتظار واستبد اليأس بالنفوس، لقد كانت فتح بالنسبة للشعب الفلسطيني شعلة الأمل، أما عن الصدی عربيا فلاشك أن الانطلاقة ساعدت في استنهاض النخوة العربية فيات الناس يتبرعون للحركة من أجل تمويل عملياتها البطولية ودعما لأسر الشهداء والجرحى والأسري، وكانت هناك مناصرة دولية محدودة تمثلت بالدرجة الأولى بدعم مادي ومعنوي من قبل جمهورية الصين الشعبية وفيتنام وكوبا، وفي هذا المجال لا يمكننا أن ننسى الدعم الأخوي الصادق من قبل الجزائر الشقيقة وسوريا الحبيبة، حيث كانت لهما وقفات مخلصة ساعدت في إنجاح انطلاقة الثورة الفلسطينية واستمراريتها وتصاعدها بقيادة حركة فتح .  فتح صنعت لشعبنا الهوية السياسية      يقول الأخ زكريا الأغا بأن فتح ولدت من عمق المأساة الفلسطينية في وقت كان فيه الشعب الفلسطيني يعتبر مجرد قطاعات من اللاجئين بدون أي هوية سياسية ومن هنا تولدت الفكرة لدى عدد من القيادات الفلسطينية برئاسة الأخ القائد أبو.. عمار والشهيدين القائدين أبو جهاد وأبو ایاد وكثيرا من الأخوة الذين فكروا كيف يمكن أن يعيدوا الحياة إلى القضية الفلسطينية وان يعملوا على احياء النضال الفلسطيني والبدء بالكفاح المسلح. ويضيف الأغا أن الأفكار التقت بشأن تأسيس فتح على قاعدة الكفاح المسلح لتحرير فلسطين وتحويل شعبنا من مجرد شعب لاجئ إلى شعب من المقاتلين ونضجت الفكرة بعدما اتفق على موعد أول عملية تقوم بها قوات  العاصفة الذراع العسكري لحركة فتح، وكانت العملية بمثابة الإعلان الرسمي لانطلاقة فتح وانطلاقة الكفاح المسلح. وقد كان الاعلان الانطلاقة الفتحاوية وقع في الشارع الفلسطيني داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة فقد أعادت له ثقته بنفسه و احتشدت جماهير غفيرة للتطوع في صفوف فتح لتخوض النضال والكفاح تحت راية فلسطينية بقيادة القائد ياسر عرفات.  الاعتماد على الذات التحرير فلسطين    يقول الأخ مازن عز الدين انعكست بدايات تشكل الواقع العربي القومي باتجاهاته المختلفة التي تضع في اعتباراتها فلسطين، على الواقع الفلسطيني في الشتات، بحيث إن الشباب الفلسطيني حاول أن يجد نفسه في الحزبية العربية، فانضوى تحت أجنحة الأحزاب القومية معتقدا أنها السبيل في حشد موقف عربي من أجل معركة التحرير التي تعيده إلى فلسطين خاصة وأن مفتاح بيته لم يصب بالصدأ في تلك الأيام، وبالتالي كانت فكرة الوحدة العربية هي الطريق الحتمي التحرير فلسطين، ولكن مع طول المدة وانتظار الجيوش العربية التحرير فلسطين بدأ الملل يدخل في صفوف الشباب الفلسطيني، وبدأت تتشكل في أوساط الطبقات الأكثر وعيا من شعبنا الفلسطيني وتحديدا اتحاد طلاب فلسطين مجموعة من الأفكار المنسجمة مع واقعنا الفلسطيني والتي ترافقت مع نمو حركات التحرر العالمية و العربية مثل موجة المد القومي في اليمن والجزائر ومصر وثورات فيتنام وكمبوديا مما عكس ذلك على بدايات تشكل النواة الثورية الفلسطينية في الطبقات الأكثر وعيا.. ومن هنا جاءت فكرة الاعتماد على الذات بضرورة وجود حركة أو تنظيم فلسطيني يقاتل ويقاوم ويقلب المعادلة. ويضيف الأخ عز الدين بأن حركة فتح لم تكن بديلا عن منظمة التحرير الفلسطينية فالمنظمة جاءت کرد عربي على تحویل روافد مجرى نهر الأردن وكتعبير عن أفكار الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وتتويجا لفكره القومي باتجاه فلسطين الذي كان يعتبرها العمود الفقري للفكر القومي، وتم تشكيل جيش لها أطلق عليه اسم جيش التحرير الفلسطيني وكان منضويا تحت قيادة أركان الدول العربية التي يتواجد على أراضيها و مرتبطا بالخطة الرسمية العربية لأنظمة دول الطوق وبالتالي لم يستطع أن يحرك شينا بالنسبة لفلسطين . فجاءت حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح بتشكيلاتها دون أن تتدخل بتشكيلات منظمة التحرير الفلسطينية في بادئ الأمر إلى أن قامت بتفجير الانطلاقة وبداية تشكيل معسكراتها والقيام بعمليات فدائية . ويضيف الأخ عز الدين بعد حدوث نكسة 67 واحتلال باقي فلسطين إضافة إلى احتلال سيناء والجولان، أصبحت اليد الطولى الإرادة الشعب وإرادة الكفاح المسلح، وبالتالي وجب تأميم منظمة التحرير الفلسطينية ليصبح قرارها فلسطينيا محضا، وجرت محاولات عديدة لكي يتلقى جيش التحرير الفلسطيني تعليماته من رئاسة الأركان الفلسطينية وليس من أركان رئاسة الدول العربية المتواجد على أراضيها ، إلى أن جاءت الظروف وأصبح جيش التحرير الفلسطيني تحت إمرة فلسطينية يدافع دفاعا مستميتا عن الثورة الفلسطينية بعد أن قامت فتح بعملية النقل الشرعي لقيادة منظمة التحرير الفلسطينية من قيادة الشهيد المناضل أحمد الشقيري إلى قيادة الرئيس القائد العام یاسر عرفات.  فتح انطلقت باتجاه الوطن       وبدوره يقول الأخ إبراهيم أبو النجا: فرضت نكبة 48، وما ترتب عليها من سلب الأرض الفلسطينية وتهجير للشعب الفلسطيني ، وحالة الضياع التي عانى منها أبناء شعبنا في السنوات الأولى للهجرة، فرضت على الشعب العربي الفلسطيني أن يعيد صنع نفسه من جديد، وقد اضطلع بهذه المهمة كوكبة من المناضلين التقوا فاتفقوا على الخروج من هذا الواقع الأليم وتصويب المسار، | ومن هنا جاء ميلاد التنظيم السياسي الذي سمي بحركة التحرير الوطني الفلسطيني، وقد أخذنا الحروف الأولى للتسمية فتكونت كلمة (حتف) ولكن قلبنا الكلمة وأصبحت فتح، وحروفها تدل على: الفاء فلسطين، والتاء تحرير، والحاء حركة، فالحركة جاءت في الآخر لأنها ستطلع بمهمة التحرير، والفاء جاءت في الأول لأن الهدف الأول هو فلسطين، وحركة فتح عندما تأسست لم يكن المقصود منها أن تكون على غرار التنظيمات السياسية التي سبقتها في التأسيس ولكنها جاءت لتنطلق من العمل السياسي إلى العمل العسكري الذي ترجم على ارض الواقع مع بزوغ فجر 65/1/1 وتفجير الكفاح المسلح لنعلن للعالم أننا انطلقنا باتجاه استرداد فلسطين، وقد حذرنا من أي محاولة تستهدف النيل من عملنا العسكري، وقد رافقت الانطلاقة أدبيات تتمثل في المبادئ والأهداف والشعارات وتعرضت حركة فتح وكوادرها الملاحقات ومطاردات، وزج بهم في السجون. وأضاف أبو النجا إن الإعلان عن الكفاح المسلح وضع طلائعنا الفلسطينية الذين أصبحوا فيما بعد قادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح وعلى رأسهم الأخ القائد أبو عمار ورفيق دربه الشهيد القائد خليل الوزير (أبو جهاد) وبقية الأخوة في وضع يصدق فيهم قوله تعالى و من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا.  ويوضح أبو النجا بأن انطلاقة فتح ليست بديلا عن العمل العربي المشترك فنحن رأس الحربة التحرير فلسطين حيث تلقف أبناء شعبنا الفلسطيني في كافة أماكن تواجده نبأ الانطلاقة بتلهف وتأييد كبير ويحدوهم الأمل بأن هذا هو الطريق لتحرير فلسطين ونیل حقوقنا الوطنية وبدأوا بالالتحاق بصفوف الحركة، حيث كان للفدائيين العديد من المعارك والعمليات العسكرية التي أوجعت الاحتلال، وكان الفدائيون يمارسون حرب العصابات ولم يمارسوا الحرب النظامية حيث دخلت العلم العسكري النظرية الفلسطينية بأن الصمود المدعوم بالحق هو الأساس وواجه مقاتلونا بأسلحتهم الخفيفة الفردية الآليات والطائرات وكل أشكال الحملة الصهيونية، لم نتكلم نحن عن النتائج بقدر ما تكلم العدو نفسه وبقدر ما تكلم المراقبون العسكريون والسياسيون، وشكلت عملياتنا انعطافا جديدا في فهم العالم كله لخصوصية وطبيعة قضيتنا مما أدى إلى الالتحام الشعبي بالثورة الفلسطينية وبدأت المعادلة في التغيير والنظرة تختلف من شعب لاجئ إلى شعب يمارس الكفاح من أجل عودته إلى أرضه، وكان على الثورة أن تستوعب المناضلين الذين التحقوا بها وأن تقيم المؤسسات في الوقت الذي كثرت فيه أعباء الثورة الفلسطينية واستطاعت أن تبني المؤسسة العسكرية وتوابعها،  وهذه النقلة الجديدة جعلتنا،  مستهدفين من بعض القوى التي لم يكن هدفها تحرير الوطن سواء كانت على الصعيد المحلي أو على الصعيد القومي واستمر النضال الفلسطيني وكانت العمليات ليلية وبشكل مكثف وأذكر هنا عمليات الحزام الأخضر حيث أخذت شكل المواجهة العسكرية الحقيقية غرب النهر التي قادها الأخ أبو عمار والأخ أبو جهاد و الأخ أبو صبري، وكل القيادة الفلسطينية كان عليها أن تدخل إلى الداخل التبني الخلايا السرية وتمدها بالأسلحة مما أضفى على نضالنا وقتالنا شينا متميزا حيث أن القيادات السياسية والعسكرية كانت تضطلع بهذا الدور في البناء والتأسيس وإقامة القواعد و تثبيت التنظيم السري في التعبئة و التحريض.  انطلاقة فتح كسرت الجمود والتراجع      يقول الأخ أبو ماهر حلس بأن میلاد حركة فتح وتحديدا انطلاقتها العسكرية كان في ظل ظروف عربية واقليمية تكيفت مع وجود کیان اسرائيلي وكأنها أمر واقع، وأن العمل المسلح هو مغامرة محكوم عليها بالفشل، وجاءت انطلاقة فتح لتكسر هذه المفاهيم وتستبدلها بمفهوم ثوري جديد يعتمد على الكفاح المسلح. ويضيف الأخ أبو ماهر بأن من أطواق السلامة اللي اعتمدتها فتح وضمن منطلقاتها الأساسية هي حفاظها على استقلالية القرار الوطني الفلسطيني، وقد مارست هذا الشعار في كل مراحل العمل الوطني، فهي لم تتدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة إضافة إلى أنها لم تسمح بالتدخل في الشؤون الداخلية الفلسطينية بغض النظر عن حجم التحالف مع هذا | النظام أو ذاك، وقد كانت فتح وقيادتها دائما مرشحة للإسهام الايجابي في حل الكثير من الخلافات العربية .  وما يميز حركة فتح هو أنها صاحبة المبادرة التاريخية في كل مراحل العمل الوطني، فعندما | اختارت الكفاح المسلح، كان هذا | بمثابة مغامرة في نظر الآخرين، | لكن سرعان ما لحق بها الجميع وثبتت صحة النظرية الفتحاوية، | وحينما اختارت السلام كان أيضا السلام مجازفة تاريخية، ولكن سرعان ما اتضحت صحة الخطوة التي اتخذتها قيادتنا الفلسطينية | وعلى رأسها الأخ القائد أبو عمار في كل المراحل سواء معركة الحرب أو السلام، فهي تنطلق من رؤى واضحة لأهدافها الوطنية وللمصلحة العليا لشعبنا ضمن قراءة واقعية لظروف شعبنا.  واعتمدت فتح المرونة في التكتيك وصلابة استراتيجية وثبات على الهدف والمبادئ، وما يتغير فهو شعارات وأساليب، حتى نصل إلى اقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.  فتح حملت ميراث الأمة   ومن جهته يرى الأخ سليم الزريعي الذي أمضى خمسة وعشرين عاما في السجون الإسرائيلية أن الحديث عن حركة فتح ذو شجون، ففتح ولدت من رحم المعاناة وفي مرحلة أسمناها بمرحلة الاستقرار المنظومي، هذه المرحلة التي طغت فيها فكرة العمل القومي على كل ما عداها، وحينما استذكر تلك المرحلة في تلك الظروف لا يسعني إلا أن أقول إن قرار انطلاقة فتح وقرار تشكيل طلائع قوات العاصفة كان قرارا يرقى إلى مستوى المرحلة وكان قرارا شجاعا لا يجرؤ على اتخاذه إلا تلك القيادة التاريخية التي قادت النضال الفلسطيني وحملت حلم الإنسان الفلسطيني وهمومه وكانت بمستوى حمل أمانة ميراث الأمة وصون التاريخ الفلسطيني من الاندثار.  ويضيف الزريعي إنه في تلك الفترة أسهمت الأنظمة العربية بما طرحته من مفاهيم في تغييب الدور الفلسطيني والذي يفترض أن يكون هو الدور الأساسي، وتبقى الجبهة العربية داعمة ومساندة تقف إلى جانب نضال شعبنا وتدعم كفاحه، وقد أثبتت الأيام والمعارك التي تلت ذلك صحة هذه المقولة حيث اتهمتنا بعض الأنظمة العربية بأننا قطريون و إقليميون و انفصاليون في ذاك الوقت ورددنا على هذه الادعاءات والاتهامات بأن حركة فتح فلسطينية الوجه عربية القلب والوجدان عالمية الأبعاد والامتدادات، فالمعركة قومية ويجب أن يكون الفلسطيني هو رأس الرمح وأن تكون المعركة تحت قيادة فلسطينية ونذكر عندما دخل جيش الانقاذ فلسطين في الأربعينات أسهم في تحجيم ثورة الفلسطينيين تحت شعار أن المعركة قومية. وتحول جيش الجهاد المقدس الفلسطيني في ذاك الحين إلى مجموعات متناثرة حينما ألغيت قيادته بقرار من جامعة الدول العربية وقالوا إن جيش الإنقاذ هو البديل وانسحب جيش الإنقاذ بقرار عربي وبقي الفلسطينيون ممزقين أمام الحركة الصهيونية، من هنا ندرك أهمية قرار القيادة التاريخية لحركة فتح في أن يتصدر الفلسطينيون النضال من أجل قضيتهم الفلسطينية وهويتهم النضالية.  فتح وهج الجماهير ومشعلها الحقيقي   يقول الأخ أحمد أبو سيف وهو أحد المقاتلين الذين جمعوا بين الانتماء الفتحاوي فكرا ومنهجا وبين الكفاح المسلح عملا وتطبيقا بأن حركة فتح هي المشعل الحقيقي للشعب الفلسطيني وهي وهج الجماهير ويصب نضالها في إطار العمل الفلسطيني من أجل تحرير فلسطين، وكان ثقلنا العسكري موجودا في الأردن بشكل مجموعات سرية.  وبعد حرب 67 نشطت حركة فتح عسكريا ودخلنا بما سمی ( كسر العظم ) مع الإسرائيليين وكانت حرب الكرامة بداية أول تصد عسكري حقيقي للعدو، حيث الحقت الهزيمة به، وهبت الجماهير للالتحاق بصفوفنا، وتطورت القواعد الفدائية في جنوب أربد والرمثا، ومن كان ينظر ليلا إلى أريحا من جبال اربد والناعور يجد منطقة أريحا وقد لفتها أحزمة من النيران فالعمليات بشكل يومي، وكان ينفذون مقاتلونا عملياتهم الفدائية سرا وفي الليل خوفا من اعتراض طريقهم.  ويضيف الأخ أبو سيف بأننا عندما نتكلم عن فتح فإننا نتكلم عن فلسطين ذلك أن فتح استوعبت معظم أبناء الشعب الفلسطيني في صفوفها وكانت بمثابة الأم الحنون، بل إنها كانت تمد التنظيمات الفلسطينية الأخرى بالمال والعتاد لمواصلة مشوارها النضالي من أجل تحرير فلسطين، | وفتح عبارة عن حركة عالمية استطاعت تجنيد الرأي العام الصالح القضية الفلسطينية وكانت تدعم نفسها بنفسها.  انطلاقة فتح حلقة من حلقات النضال الشعبي  يقول الأخ أحمد أبو شاويش بأن الحديث عن انطلاقة فتح يقود إلى السياق التاريخي الذي جاءت فيه الانطلاقة وبروز العمل العسكري فالانطلاقة لم تأت من فراغ وانما هي حلقة من حلقات النضال الفلسطيني الممتد في أعماق التاريخ ، وخاصة منذ وطئت أرض فلسطين اقدام المستيا وطنين الصهاينة في أواخر القرن التاسع عشر، وانطلاقة فتح وانتهاج الكفاح المسلح سبيلا للوصول إلى فلسطين وتحريرها جعل من شعبنا الفلسطيني بدلا من شعب لاجئ شعبا يحترمه العالم .  ويضيف أبو شاويش وإن منعطفات كثيرة اعترضت طريق الثورة بالأرواح والدماء، وتمكنت فتح أن تدحض المقولة الصهيونية بأن فلسطين أرض بلا شعب ، الشعب بلا أرض، واستطاعت فتح بثورتها وبجماهيرها أن تثبت أن هذه الأرض لنا منذ الأزل وحتى الأبد وأن دولتنا الفلسطينية المستقلة قادمة لا محالة وعاصمتها القدس الشريف.  استقلالية القرار الوطني  أما عن استقلالية القرار الوطني الفلسطيني الذي اعتبرته حركة فتح مبدأ من مبادئها الرئيسية... فالهدف كان من أجل الابتعاد عن دائرة الاستقطابات العربية والدولية ضمانا لتأييد الجميع عربيا ودوليا.  فتح فلسطينية المنطلق عربية الانتماء  عن ذلك يقول الأخ سليم الزعنون لقد فهم البعض وربما عن خبث ودهاء أن ذلك يعني نظرة وطنية ضيقة تتنكر القومية القضية الفلسطينية، حيث جرى الطعن في هذا المبدأ وتشويهه بينما حقيقة الأمر كانت تؤكد وباستمرار وبكل الصدق ومنذ البدايات على أن الثورة الفلسطينية بقيادة فتح إنما هي فلسطينية المنطلق عربية الانتماء، ولطالما رددها الأخ قاند الثورة الرئيس یاسر عرفات ومن كل المنابر" إنها فلسطينية الوجه عربية القلب" ولقد عرفت الأمة العربية ذلك، فكان الامتداد الواسع والعميق الحركة فتح في صفوف الأمة العربية من المحيط إلى الخليج، وامتد ذلك الوجود إلى كل شعوب الأمة الإسلامية و أما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض .  لا للوصاية .. ولا للتبعية .. ولا للاحتواء  يقول الأخ مازن عز الدين بدأت حركة فتح تحت عناوین واضحة في منطلقاتها الاستراتيجية حيث خاطبت بعدنا العربي، الذي يعتبر القاعدة الارتكازية الأساسية فحركة فتح لم تكن تبحث فقط عن القرار الفلسطيني المستقل و انما الضرورات التفاوضية والضرورات السياسية كانت تفرض على القيادة الفلسطينية إيجاد هامش هام وواسع للمناورة أطلق عليه القرار الوطني الفلسطيني المستقل وفتح رفعت شعارات واضحة بأن الثورة الفلسطينية فلسطينية الوجه عربية القلب، وعندما بدأت الطروحات السياسية لتبرير الاعتراف بقراري 242، 338 ودخولنا في مراحل تسوية بعد عام 73، جعلنا نخوض عملية التمایز نظرا لأن كل الأقطار العربية التي تتواجد على أرضها لها هامش في الإطار القومي ولكن لها هامشا في صنع قرارها الداخلي أيضا.  ويضيف الأخ عز الدين بأنه منعا للمصادرة والاحتواء فقد طبقنا شعارات فتح الأولى التي تستند الى ثلاثة أعمدة أساسية وهي لا للوصاية، لا للتبعية، لا للاحتواء، ورفعنا شعار استراتيجيا بأننا نرفض التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية وكذلك نرفض أن يتدخل أحد في شؤوننا الداخلية، إلى أن جاءت معركة بيروت حيث دافعنا عن قرارنا الوطني وخضنا معركة طرابلس كذلك دفاعا عن قرارنا الوطني الفلسطيني.  استقلالية حركة فتح  أما الأخ زكريا الأغا فقال إن حركة فتح خاضت معارك كثيرة للحفاظ على قرارنا الفلسطيني المستقل فمنذ اللحظة الأولى كانت تشعر أنه لكي تنجح ولكي تعبر تعبيرا صادقا عن آمال وطموحات الشعب الفلسطيني يجب أن تكون بعيدة عن الاحتواء، هذا ليس انفصالا عن العالم العربي، لكن فتح منذ اللحظة الأولى قررت واكدت استقلاليتها وكان هذا واضحا منذ اللحظة الأولى وحتی الآن .  أضاف الأغا: لا أحد يستطيع أن يحسب حركة فتح على أي نظام عربي حتى عندما تأزمت الأمور مع المنشقين في ۸۳ وحينما حاولت بعض الأنظمة العربية تقييد منظمة التحرير الفلسطينية واصابتها بالشلل، قامت حركة فتح ومعها جميع الأخوة من الفصائل الفلسطينية التي كانت تقف إلى جانبها لتعلن وتؤكد على ضرورة الخروج من هذا الوضع الذي وجدت المنظمة نفسها فيه بعد الانشقاق، فكان المؤتمر الفلسطيني السابع عشر الذي عقد في عمان والذي أخرج المنظمة من الشلل، وهذه الدورة أكدت أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني بقيادة الأخ أبو عمار، وسميت هذه الدورة بدورة القرار الوطني الفلسطيني المستقل والذي لاقت فيها تجاوبا جماهيريا كبيرا في الأراضي الفلسطينية المحتلة وقاموا بمظاهرات وسقط الشهداء بمن فيهم شهيد القرار الوطني الفلسطيني (شرف الطيبي).  فتح بانطلاقتها تفجر المسار التاريخي للمنطقة  يقول الأخ سلیم الزعنون، لقد أثرت فتح بالفعل في المسار التاريخي للشرق الأوسط... سواء من حيث الحروب التي اشتعلت في المنطقة أو من خلال فرض وجود الثورة الفلسطينية من جهة أخرى على خريطة المنطقة بل وعلى الخريطة العالمية بالنسبة البؤر الصراع في العالم.  وأما عن الانتقال بالنضال الفلسطيني من الشتات إلى أرض الوطن فهذا أصبح حقيقة واقعة لا يستطيع أحد إنكارها، فبعد العودة إلى أرض الوطن من خلال اتفاقات السلام مع حكومة إسرائيل العمالية بزعامة اسحق رابين وشمعون بيريس في أوسلو والقاهرة وطابا سنة ۱۹۹۳، فإن الجسم المسلح للثورة الفلسطينية قد عاد بسلاحه إلى أرض الوطن ليكون طليعة لعودة الشعب الفلسطيني كله.  ويشير الأخ أبو الأديب إلى اتفاقات أوسلو بأنه لا أحد ينكر ما تقوم به طلائع شعبنا المتمثلة في السلطة الوطنية الفلسطينية ورموزها بقيادة الأخ الرئيس یاسر عرفات والأعضاء المنتخبين من قبل شعبنا في المجلس التشريعي المنضوي تحت مظلة المجلس الوطني الفلسطيني الذي يعتبر خيمة الشرعية الفلسطينية في داخل الوطن والشتات، فالكل يشاهد بأم عينيه صباح مساء كيف يواجه شعبنا جنود الاحتلال وفي طليعة المواجهة يقف اخواننا رموز السلطة الوطنية وأعضاء المجلس التشريعي والوطني وكل رجال الأمن الذين هم فدائيو الأمس حيث التصدي للممارسات الاسرائيلية المتنكرة لكل الاتفاقات و المواثيق الدولية والانسانية، انه الصراع من فوق أرض الوطن الذي يتعرض لمؤامرات التهديد وطمس الهوية الفلسطينية، إنها معركة تجسيد الهوية الفلسطينية وإرساء قواعد الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف فوق أرض فلسطين ووجها لوجه مع قوات الاحتلال وأساليبه القمعية.  ويتساءل الأخ أبو الأديب هل هناك ما هو أفضل و أروع وأصدق من معايشة القيادة لشعبها في كفاحه ومعاناته وصنع مستقبله..؟؟  وهل كانت فتح الأمس صاحبة شعار "ثورة حتی النصر" غير فتح اليوم التي ما زالت تخوض هذه الثورة ومن فوق أرض فلسطين من أجل النصر وبناء دولة فلسطين...؟!  ما حققته فتح من مبادئها وأهدافها  عن ذلك يقول الأخ سليم الزعنون بأنه يكفي أن نذكر بحال الشعب الفلسطيني وثورته في أعقاب حرب العراق - الكويت.. لقد كانت هناك مؤامرة لإلغاء الوجود الفلسطيني، حيث جرى تهميش الدور الفلسطيني في مؤتمر مدريد للسلام.. لكننا سرعان ما أثبتنا وجودنا وأصبحنا الرقم الصعب - كما يقولها الأخ الرئيس أبو عمار الذي لا يمكن تجاهله، وها نحن على أرضنا قيادة ومقاتلين ومعنا أكثر من خمسين الفا من أبناء شعبنا المشردين قد عادوا إلى أرض الوطن طليعة العودة كل الشعب الفلسطيني .. و العالم كله يؤازرنا ويقف معنا، حيث انقلبت المعادلة وبات الإسرائيليون في ظل زعامتهم اليمينية المتطرفة محاصرين في كل المجالات الدولية، والأهم من كل هذا .. هو أننا نمارس حقنا المشروع في النضال وبناء دولتنا المستقلة من فوق أرضنا والشرعية الدولية كلها تقف إلى جانبنا.  ويستبشر الأخ أبو الأديب خيرا ويقول قريبا إن شاء الله.. سيشهد العالم قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف .. لأنها باتت مطلبا دوليا أيضا حتى إنه صارت هناك قناعات عند قطاع كبير من القادة و الشارع الإسرائيلي بضرورة قيام دولتنا الفلسطينية باعتبار ذلك حاجة ملحة لإقرار السلام في المنطقة، فالنضال الثوري دائما له أهدافه المرحلية والاستراتيجية المتمثلة في إقامة دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.. وعودة أبناء شعبنا في الشتات إلى أرض الوطن وما يتبع ذلك من مطالبة بحقوقنا المشروعة في أرضنا المغتصبة و أملاكنا المسلوبة.  من شعب لاجئ إلى شعب ذى سيادة   يقول الأخ زكريا الأغا بأن أكبر انجاز لمبادئ فتح وأهدافها هو أن القيادة الفلسطينية فوق الثرى الفلسطيني والسلطة الوطنية هي المقدمة الطبيعية والأكيدة للدولة الفلسطينية حيث إن آمالنا زادت في قيامها فقد تحولنا من شعب لاجئ إلى شعب ذي سيادة وطنية، وأصبح الجميع يعترف بنا ككيان، فالعلم الفلسطيني يرفرف فوق ربوع الوطن والمواطن يسافر بجواز سفر فلسطيني، وكلنا ثقة بالأخ القائد ياسر عرفات لنصل إلى القدس الشريف عاصمة دولتنا الفلسطينية.             نشر بتاريخ - يناير - 1997 - مجلة الرأي - عدد 7  يقول الأخ زكريا الأغا بأن فتح ولدت من عمق المأساة الفلسطينية في وقت كان فيه الشعب الفلسطيني يعتبر مجرد قطاعات من اللاجئين بدون أي هوية سياسية ومن هنا تولدت الفكرة لدى عدد من القيادات الفلسطينية برئاسة الأخ القائد أبو.. عمار والشهيدين القائدين أبو جهاد وأبو ایاد وكثيرا من الأخوة الذين فكروا كيف يمكن أن يعيدوا الحياة إلى القضية الفلسطينية وان يعملوا على احياء النضال الفلسطيني والبدء بالكفاح المسلح. ويضيف الأغا أن الأفكار التقت بشأن تأسيس فتح على قاعدة الكفاح المسلح لتحرير فلسطين وتحويل شعبنا من مجرد شعب لاجئ إلى شعب من المقاتلين ونضجت الفكرة بعدما اتفق على موعد أول عملية تقوم بها قوات  العاصفة الذراع العسكري لحركة فتح، وكانت العملية بمثابة الإعلان الرسمي لانطلاقة فتح وانطلاقة الكفاح المسلح. وقد كان الاعلان الانطلاقة الفتحاوية وقع في الشارع الفلسطيني داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة فقد أعادت له ثقته بنفسه و احتشدت جماهير غفيرة للتطوع في صفوف فتح لتخوض النضال والكفاح تحت راية فلسطينية بقيادة القائد ياسر عرفات.  الاعتماد على الذات التحرير فلسطين   إستطلاع : محمد توفيق أحمد كريزم  في ذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية  اثنان وثلاثون عاما من النضال والكفاح  فتح ثورة فلسطينية الوجه . عربية العمق . عالمية البعد  فتع بقيادة الرمز أبو عمار - صانعة الثورة – وصانعة السلام       منذ فجرت حركة فتح الثورة الفلسطينية المعاصرة وشلال دماء شهداء ثورتنا ما انفك يتدفق ويفيض راسما الخارطة الجديدة للمنطقة بأسرها .   وعندما أطلقت فتح رصاصاتها الأولى لتطرح منطلقاتها الاستراتيجية التي حددت من خلالها أولوية تحرير فلسطين باتباع اسلوب الكفاح المسلح وتوحيد نضال الجماهير قلبت بذلك رأسا على عقب مجموعة المنطلقات الاستراتيجية التي سادت الوطن العربي حول قضية فلسطين وأدخلت المنطقة العربية برمتها في مرحلة جديدة تمتاز بالصراع الساخن ، وبرهنت على أن الثورة الفلسطينية .. فلسطينية الوجه.. عربية العمق.. عالمية البعد، مما جعلها في وضع فريد ضمن حركات التحرر الوطني في العالم.  الأجواء التي رافقت ولادة الحركة   لاشك أن ولادة حركة فتح كانت عيرة اعترضتها صعوبات و مشاكل جمة، في الوقت الذي لم يكن فيه سهلا على طلائع قيادتنا التاريخية أن يتخذوا قرارهم التاريخي بتأسيس فتح في ذاك الوقت.  الكفاح المسلح بدلا من الشعارات والمزايدات      يقول الأخ سلیم الزعنون (أبو الأديب ) أحد القادة التاريخيين لثورتنا ومن المؤسسين لحركة فتح عن الظروف التي رافقت انطلاقة الثورة الفلسطينية المسلحة بقيادة فتح في 1/11/1965 بأن مصاعب الانطلاقة كانت جمة ولكن أهمها وجود أكثر من ثلاثين تنظيما كانت جميعها تحمل أسماء وشعارات حول تحریر فلسطين.. بعض تلك التنظيمات كان لا يتعدى حجمها عدد أصابع اليد.. وبالتالي كانت ساحات العمل الفلسطيني غارقة بالمزايدات والشعارات.. مما أدى إلى الخلط بين الغث و السمين ولهذا بطبيعة الحال أثره السلبي على جماهيرية وشعبية أي تنظيم.. مما حتم على قيادة فتح التاريخية القيام بعمل بطولي وشجاع يكون كفيلا بإخراج حركة فتح من دوامة الشعارات والصراعات الحزبية التي سئمتها جماهير شعبنا. ويضيف الأخ أبو الأديب بأنه كان لابد من إطلاق شرارة الكفاح المسلح.. وهذا العمل أو القرار يعتبر مصيريا وخطيرا، حيث كل الظروف المحيطة كانت تعمل ضد هذا الاتجاه .. ثم هناك منظمة التحرير الفلسطينية برئاسة أحمد الشقيري و التي تأسست في 13/1/1964 ، بقرار من القمة العربية في القاهرة، ثم في قمة الاسكندرية سبتمبر/أيلول 1964 تقرر إنشاء جيش التحرير الفلسطيني بقيادة اللواء وجيه المدني، وكان لهذا أثره الفعال-سلبا على وجود التنظيمات المختلفة ، وكان هناك القيادة العربية الموحدة بقيادة الفريق أول علي عامر بقرار من القمة العربية من أجل مواجهة المشاريع الإسرائيلية التحويل مياه نهر الأردن ومنابعه مما يشكل تهديدا للدول العربية .. وهذه القيادة لا تريد لغيرها أن يعمل ضد الإسرائيليين.. ولقد كانت لهذه القيادة قرارات مضادة للعمل الفدائي بعد الانطلاقة:  والحدود المشتركة مع فلسطين المحتلة موصدة في وجه أي عمل مسلح .. والتمويل المادي محدود ويعتمد على اشتراكات الأعضاء فقط، حيث لا أحد يتبرع ماديا لمن لا يعمل .. وأجهزة المخابرات في مناطق التماس مع فلسطين المحتلة تلاحق وتمنع أي إنسان من اختراق الحدود ومهاجمة العدو في الداخل.. ثم هناك الخطر المصيري المحتمل، الذي يتهدد تنظیم فتح بكل وجوده إذا ما فشلت الانطلاقة. العملية الأولى   ويكشف الأخ أبو الأديب اللحظات الحاسمة التي عاشتها ثورتنا ويقول بأنه أمام كل هذه الأخطار كان لابد من اتخاذ القرار المصري و الحاسم.. ولقد اختلف قادة تنظيم فتح حول ذلك .. البعض يؤيد الانطلاقة .. والبعض يحذر .. والبعض متردد .. وفي ظل كل هذه الظروف الصعبة اجتمع قادة فتح من كل الأقاليم وكان اللقاء في مكان ما بالكويت وبعد نقاش طويل ومتشعب وخلال عدة أيام التزم الجميع بقرار الأغلبية وتقرر إطلاق الرصاصة الأولى في ليلة الفاتح من كانون الثاني (يناير) 1965م .. كبداية للثورة الفلسطينية المسلحة من أجل تحرير فلسطين .. ولقد ارتأى المجتمعون تحسبا لأي طارئ أن تكون الانطلاقة تحت اسم غير اسم حركة فتح التي باتت معروفة للجميع وتم اختيار اسم قوات العاصفة، فإذا تحقق النجاح وتواصلت الثورة ونجت من الأخطار المحدقة بها فان الأمر سيوضح بعد ذلك لوسائل الإعلام ولبقية تنظيم فتح حيث إن الأمر كان سريا للغاية ومحصورا في نطاق عدد محدود من قيادة الحركة .. أما لو كان هناك فشل .. فستنجو فتح من الخطر وسيتحمل الاسم الجديد تبعة ذلك الفشل .. ولقد تمت الانطلاقة بحمد الله وتوفيقه وتمكنت مجموعات من قوات العاصفة من تفجير بعض المنشآت التحويلية المياه نهر الأردن في نفق عيلبون وتبعتها عدة عمليات داخل فلسطين المحتلة وفي مناطق متباعدة في الجليل .. وفي بيت جبرين وفي بئر السبع بحيث لم يستطع العدو إلا أن يعترف بما حدث و أعلن عن ذلك من خلال اذاعته .   ويتذكر الأخ أبو الأديب أن القيادة اتخذت قرارا في مواجهة الأعباء المالية اللازمة لتغطية تلك العمليات بأن على كل فرد منتسب الحركة فتح أن يدفع مبلغ خمسين دينارا دعما للعمل العسكري وديمومته.  أصداء العملية   أما عن الصدي الذي أحدثه ذلك العمل فيقول الأخ أبو الأديب ، بأن الفرحة عمت صفوف الشعب الفلسطيني و بدأ الناس يتحدثون باستبشار وسعادة و أمل وهم يرددون الشعار الذي كانت تتركه المجموعات الفدائية الأولى وراءها في مكان العمليات المسلحة " أيها الغزاة الصهاينة.. قوات العاصفة مرت من هنا " وبدأ الشبان ينضمون إلى تنظيم حركة فتح في كل مناطق الشتات وفي قطاع غزة والضفة الغربية مما أدى إلى ذوبان أو تلاشي العديد من التنظيمات .. فالناس كانوا متعطشين لمن يجسد الشعارات إلى عمل بعد أن طال الانتظار واستبد اليأس بالنفوس، لقد كانت فتح بالنسبة للشعب الفلسطيني شعلة الأمل، أما عن الصدی عربيا فلاشك أن الانطلاقة ساعدت في استنهاض النخوة العربية فيات الناس يتبرعون للحركة من أجل تمويل عملياتها البطولية ودعما لأسر الشهداء والجرحى والأسري، وكانت هناك مناصرة دولية محدودة تمثلت بالدرجة الأولى بدعم مادي ومعنوي من قبل جمهورية الصين الشعبية وفيتنام وكوبا، وفي هذا المجال لا يمكننا أن ننسى الدعم الأخوي الصادق من قبل الجزائر الشقيقة وسوريا الحبيبة، حيث كانت لهما وقفات مخلصة ساعدت في إنجاح انطلاقة الثورة الفلسطينية واستمراريتها وتصاعدها بقيادة حركة فتح .  فتح صنعت لشعبنا الهوية السياسية      يقول الأخ زكريا الأغا بأن فتح ولدت من عمق المأساة الفلسطينية في وقت كان فيه الشعب الفلسطيني يعتبر مجرد قطاعات من اللاجئين بدون أي هوية سياسية ومن هنا تولدت الفكرة لدى عدد من القيادات الفلسطينية برئاسة الأخ القائد أبو.. عمار والشهيدين القائدين أبو جهاد وأبو ایاد وكثيرا من الأخوة الذين فكروا كيف يمكن أن يعيدوا الحياة إلى القضية الفلسطينية وان يعملوا على احياء النضال الفلسطيني والبدء بالكفاح المسلح. ويضيف الأغا أن الأفكار التقت بشأن تأسيس فتح على قاعدة الكفاح المسلح لتحرير فلسطين وتحويل شعبنا من مجرد شعب لاجئ إلى شعب من المقاتلين ونضجت الفكرة بعدما اتفق على موعد أول عملية تقوم بها قوات  العاصفة الذراع العسكري لحركة فتح، وكانت العملية بمثابة الإعلان الرسمي لانطلاقة فتح وانطلاقة الكفاح المسلح. وقد كان الاعلان الانطلاقة الفتحاوية وقع في الشارع الفلسطيني داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة فقد أعادت له ثقته بنفسه و احتشدت جماهير غفيرة للتطوع في صفوف فتح لتخوض النضال والكفاح تحت راية فلسطينية بقيادة القائد ياسر عرفات.  الاعتماد على الذات التحرير فلسطين    يقول الأخ مازن عز الدين انعكست بدايات تشكل الواقع العربي القومي باتجاهاته المختلفة التي تضع في اعتباراتها فلسطين، على الواقع الفلسطيني في الشتات، بحيث إن الشباب الفلسطيني حاول أن يجد نفسه في الحزبية العربية، فانضوى تحت أجنحة الأحزاب القومية معتقدا أنها السبيل في حشد موقف عربي من أجل معركة التحرير التي تعيده إلى فلسطين خاصة وأن مفتاح بيته لم يصب بالصدأ في تلك الأيام، وبالتالي كانت فكرة الوحدة العربية هي الطريق الحتمي التحرير فلسطين، ولكن مع طول المدة وانتظار الجيوش العربية التحرير فلسطين بدأ الملل يدخل في صفوف الشباب الفلسطيني، وبدأت تتشكل في أوساط الطبقات الأكثر وعيا من شعبنا الفلسطيني وتحديدا اتحاد طلاب فلسطين مجموعة من الأفكار المنسجمة مع واقعنا الفلسطيني والتي ترافقت مع نمو حركات التحرر العالمية و العربية مثل موجة المد القومي في اليمن والجزائر ومصر وثورات فيتنام وكمبوديا مما عكس ذلك على بدايات تشكل النواة الثورية الفلسطينية في الطبقات الأكثر وعيا.. ومن هنا جاءت فكرة الاعتماد على الذات بضرورة وجود حركة أو تنظيم فلسطيني يقاتل ويقاوم ويقلب المعادلة. ويضيف الأخ عز الدين بأن حركة فتح لم تكن بديلا عن منظمة التحرير الفلسطينية فالمنظمة جاءت کرد عربي على تحویل روافد مجرى نهر الأردن وكتعبير عن أفكار الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وتتويجا لفكره القومي باتجاه فلسطين الذي كان يعتبرها العمود الفقري للفكر القومي، وتم تشكيل جيش لها أطلق عليه اسم جيش التحرير الفلسطيني وكان منضويا تحت قيادة أركان الدول العربية التي يتواجد على أراضيها و مرتبطا بالخطة الرسمية العربية لأنظمة دول الطوق وبالتالي لم يستطع أن يحرك شينا بالنسبة لفلسطين . فجاءت حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح بتشكيلاتها دون أن تتدخل بتشكيلات منظمة التحرير الفلسطينية في بادئ الأمر إلى أن قامت بتفجير الانطلاقة وبداية تشكيل معسكراتها والقيام بعمليات فدائية . ويضيف الأخ عز الدين بعد حدوث نكسة 67 واحتلال باقي فلسطين إضافة إلى احتلال سيناء والجولان، أصبحت اليد الطولى الإرادة الشعب وإرادة الكفاح المسلح، وبالتالي وجب تأميم منظمة التحرير الفلسطينية ليصبح قرارها فلسطينيا محضا، وجرت محاولات عديدة لكي يتلقى جيش التحرير الفلسطيني تعليماته من رئاسة الأركان الفلسطينية وليس من أركان رئاسة الدول العربية المتواجد على أراضيها ، إلى أن جاءت الظروف وأصبح جيش التحرير الفلسطيني تحت إمرة فلسطينية يدافع دفاعا مستميتا عن الثورة الفلسطينية بعد أن قامت فتح بعملية النقل الشرعي لقيادة منظمة التحرير الفلسطينية من قيادة الشهيد المناضل أحمد الشقيري إلى قيادة الرئيس القائد العام یاسر عرفات.  فتح انطلقت باتجاه الوطن       وبدوره يقول الأخ إبراهيم أبو النجا: فرضت نكبة 48، وما ترتب عليها من سلب الأرض الفلسطينية وتهجير للشعب الفلسطيني ، وحالة الضياع التي عانى منها أبناء شعبنا في السنوات الأولى للهجرة، فرضت على الشعب العربي الفلسطيني أن يعيد صنع نفسه من جديد، وقد اضطلع بهذه المهمة كوكبة من المناضلين التقوا فاتفقوا على الخروج من هذا الواقع الأليم وتصويب المسار، | ومن هنا جاء ميلاد التنظيم السياسي الذي سمي بحركة التحرير الوطني الفلسطيني، وقد أخذنا الحروف الأولى للتسمية فتكونت كلمة (حتف) ولكن قلبنا الكلمة وأصبحت فتح، وحروفها تدل على: الفاء فلسطين، والتاء تحرير، والحاء حركة، فالحركة جاءت في الآخر لأنها ستطلع بمهمة التحرير، والفاء جاءت في الأول لأن الهدف الأول هو فلسطين، وحركة فتح عندما تأسست لم يكن المقصود منها أن تكون على غرار التنظيمات السياسية التي سبقتها في التأسيس ولكنها جاءت لتنطلق من العمل السياسي إلى العمل العسكري الذي ترجم على ارض الواقع مع بزوغ فجر 65/1/1 وتفجير الكفاح المسلح لنعلن للعالم أننا انطلقنا باتجاه استرداد فلسطين، وقد حذرنا من أي محاولة تستهدف النيل من عملنا العسكري، وقد رافقت الانطلاقة أدبيات تتمثل في المبادئ والأهداف والشعارات وتعرضت حركة فتح وكوادرها الملاحقات ومطاردات، وزج بهم في السجون. وأضاف أبو النجا إن الإعلان عن الكفاح المسلح وضع طلائعنا الفلسطينية الذين أصبحوا فيما بعد قادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح وعلى رأسهم الأخ القائد أبو عمار ورفيق دربه الشهيد القائد خليل الوزير (أبو جهاد) وبقية الأخوة في وضع يصدق فيهم قوله تعالى و من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا.  ويوضح أبو النجا بأن انطلاقة فتح ليست بديلا عن العمل العربي المشترك فنحن رأس الحربة التحرير فلسطين حيث تلقف أبناء شعبنا الفلسطيني في كافة أماكن تواجده نبأ الانطلاقة بتلهف وتأييد كبير ويحدوهم الأمل بأن هذا هو الطريق لتحرير فلسطين ونیل حقوقنا الوطنية وبدأوا بالالتحاق بصفوف الحركة، حيث كان للفدائيين العديد من المعارك والعمليات العسكرية التي أوجعت الاحتلال، وكان الفدائيون يمارسون حرب العصابات ولم يمارسوا الحرب النظامية حيث دخلت العلم العسكري النظرية الفلسطينية بأن الصمود المدعوم بالحق هو الأساس وواجه مقاتلونا بأسلحتهم الخفيفة الفردية الآليات والطائرات وكل أشكال الحملة الصهيونية، لم نتكلم نحن عن النتائج بقدر ما تكلم العدو نفسه وبقدر ما تكلم المراقبون العسكريون والسياسيون، وشكلت عملياتنا انعطافا جديدا في فهم العالم كله لخصوصية وطبيعة قضيتنا مما أدى إلى الالتحام الشعبي بالثورة الفلسطينية وبدأت المعادلة في التغيير والنظرة تختلف من شعب لاجئ إلى شعب يمارس الكفاح من أجل عودته إلى أرضه، وكان على الثورة أن تستوعب المناضلين الذين التحقوا بها وأن تقيم المؤسسات في الوقت الذي كثرت فيه أعباء الثورة الفلسطينية واستطاعت أن تبني المؤسسة العسكرية وتوابعها،  وهذه النقلة الجديدة جعلتنا،  مستهدفين من بعض القوى التي لم يكن هدفها تحرير الوطن سواء كانت على الصعيد المحلي أو على الصعيد القومي واستمر النضال الفلسطيني وكانت العمليات ليلية وبشكل مكثف وأذكر هنا عمليات الحزام الأخضر حيث أخذت شكل المواجهة العسكرية الحقيقية غرب النهر التي قادها الأخ أبو عمار والأخ أبو جهاد و الأخ أبو صبري، وكل القيادة الفلسطينية كان عليها أن تدخل إلى الداخل التبني الخلايا السرية وتمدها بالأسلحة مما أضفى على نضالنا وقتالنا شينا متميزا حيث أن القيادات السياسية والعسكرية كانت تضطلع بهذا الدور في البناء والتأسيس وإقامة القواعد و تثبيت التنظيم السري في التعبئة و التحريض.  انطلاقة فتح كسرت الجمود والتراجع      يقول الأخ أبو ماهر حلس بأن میلاد حركة فتح وتحديدا انطلاقتها العسكرية كان في ظل ظروف عربية واقليمية تكيفت مع وجود کیان اسرائيلي وكأنها أمر واقع، وأن العمل المسلح هو مغامرة محكوم عليها بالفشل، وجاءت انطلاقة فتح لتكسر هذه المفاهيم وتستبدلها بمفهوم ثوري جديد يعتمد على الكفاح المسلح. ويضيف الأخ أبو ماهر بأن من أطواق السلامة اللي اعتمدتها فتح وضمن منطلقاتها الأساسية هي حفاظها على استقلالية القرار الوطني الفلسطيني، وقد مارست هذا الشعار في كل مراحل العمل الوطني، فهي لم تتدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة إضافة إلى أنها لم تسمح بالتدخل في الشؤون الداخلية الفلسطينية بغض النظر عن حجم التحالف مع هذا | النظام أو ذاك، وقد كانت فتح وقيادتها دائما مرشحة للإسهام الايجابي في حل الكثير من الخلافات العربية .  وما يميز حركة فتح هو أنها صاحبة المبادرة التاريخية في كل مراحل العمل الوطني، فعندما | اختارت الكفاح المسلح، كان هذا | بمثابة مغامرة في نظر الآخرين، | لكن سرعان ما لحق بها الجميع وثبتت صحة النظرية الفتحاوية، | وحينما اختارت السلام كان أيضا السلام مجازفة تاريخية، ولكن سرعان ما اتضحت صحة الخطوة التي اتخذتها قيادتنا الفلسطينية | وعلى رأسها الأخ القائد أبو عمار في كل المراحل سواء معركة الحرب أو السلام، فهي تنطلق من رؤى واضحة لأهدافها الوطنية وللمصلحة العليا لشعبنا ضمن قراءة واقعية لظروف شعبنا.  واعتمدت فتح المرونة في التكتيك وصلابة استراتيجية وثبات على الهدف والمبادئ، وما يتغير فهو شعارات وأساليب، حتى نصل إلى اقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.  فتح حملت ميراث الأمة   ومن جهته يرى الأخ سليم الزريعي الذي أمضى خمسة وعشرين عاما في السجون الإسرائيلية أن الحديث عن حركة فتح ذو شجون، ففتح ولدت من رحم المعاناة وفي مرحلة أسمناها بمرحلة الاستقرار المنظومي، هذه المرحلة التي طغت فيها فكرة العمل القومي على كل ما عداها، وحينما استذكر تلك المرحلة في تلك الظروف لا يسعني إلا أن أقول إن قرار انطلاقة فتح وقرار تشكيل طلائع قوات العاصفة كان قرارا يرقى إلى مستوى المرحلة وكان قرارا شجاعا لا يجرؤ على اتخاذه إلا تلك القيادة التاريخية التي قادت النضال الفلسطيني وحملت حلم الإنسان الفلسطيني وهمومه وكانت بمستوى حمل أمانة ميراث الأمة وصون التاريخ الفلسطيني من الاندثار.  ويضيف الزريعي إنه في تلك الفترة أسهمت الأنظمة العربية بما طرحته من مفاهيم في تغييب الدور الفلسطيني والذي يفترض أن يكون هو الدور الأساسي، وتبقى الجبهة العربية داعمة ومساندة تقف إلى جانب نضال شعبنا وتدعم كفاحه، وقد أثبتت الأيام والمعارك التي تلت ذلك صحة هذه المقولة حيث اتهمتنا بعض الأنظمة العربية بأننا قطريون و إقليميون و انفصاليون في ذاك الوقت ورددنا على هذه الادعاءات والاتهامات بأن حركة فتح فلسطينية الوجه عربية القلب والوجدان عالمية الأبعاد والامتدادات، فالمعركة قومية ويجب أن يكون الفلسطيني هو رأس الرمح وأن تكون المعركة تحت قيادة فلسطينية ونذكر عندما دخل جيش الانقاذ فلسطين في الأربعينات أسهم في تحجيم ثورة الفلسطينيين تحت شعار أن المعركة قومية. وتحول جيش الجهاد المقدس الفلسطيني في ذاك الحين إلى مجموعات متناثرة حينما ألغيت قيادته بقرار من جامعة الدول العربية وقالوا إن جيش الإنقاذ هو البديل وانسحب جيش الإنقاذ بقرار عربي وبقي الفلسطينيون ممزقين أمام الحركة الصهيونية، من هنا ندرك أهمية قرار القيادة التاريخية لحركة فتح في أن يتصدر الفلسطينيون النضال من أجل قضيتهم الفلسطينية وهويتهم النضالية.  فتح وهج الجماهير ومشعلها الحقيقي   يقول الأخ أحمد أبو سيف وهو أحد المقاتلين الذين جمعوا بين الانتماء الفتحاوي فكرا ومنهجا وبين الكفاح المسلح عملا وتطبيقا بأن حركة فتح هي المشعل الحقيقي للشعب الفلسطيني وهي وهج الجماهير ويصب نضالها في إطار العمل الفلسطيني من أجل تحرير فلسطين، وكان ثقلنا العسكري موجودا في الأردن بشكل مجموعات سرية.  وبعد حرب 67 نشطت حركة فتح عسكريا ودخلنا بما سمی ( كسر العظم ) مع الإسرائيليين وكانت حرب الكرامة بداية أول تصد عسكري حقيقي للعدو، حيث الحقت الهزيمة به، وهبت الجماهير للالتحاق بصفوفنا، وتطورت القواعد الفدائية في جنوب أربد والرمثا، ومن كان ينظر ليلا إلى أريحا من جبال اربد والناعور يجد منطقة أريحا وقد لفتها أحزمة من النيران فالعمليات بشكل يومي، وكان ينفذون مقاتلونا عملياتهم الفدائية سرا وفي الليل خوفا من اعتراض طريقهم.  ويضيف الأخ أبو سيف بأننا عندما نتكلم عن فتح فإننا نتكلم عن فلسطين ذلك أن فتح استوعبت معظم أبناء الشعب الفلسطيني في صفوفها وكانت بمثابة الأم الحنون، بل إنها كانت تمد التنظيمات الفلسطينية الأخرى بالمال والعتاد لمواصلة مشوارها النضالي من أجل تحرير فلسطين، | وفتح عبارة عن حركة عالمية استطاعت تجنيد الرأي العام الصالح القضية الفلسطينية وكانت تدعم نفسها بنفسها.  انطلاقة فتح حلقة من حلقات النضال الشعبي  يقول الأخ أحمد أبو شاويش بأن الحديث عن انطلاقة فتح يقود إلى السياق التاريخي الذي جاءت فيه الانطلاقة وبروز العمل العسكري فالانطلاقة لم تأت من فراغ وانما هي حلقة من حلقات النضال الفلسطيني الممتد في أعماق التاريخ ، وخاصة منذ وطئت أرض فلسطين اقدام المستيا وطنين الصهاينة في أواخر القرن التاسع عشر، وانطلاقة فتح وانتهاج الكفاح المسلح سبيلا للوصول إلى فلسطين وتحريرها جعل من شعبنا الفلسطيني بدلا من شعب لاجئ شعبا يحترمه العالم .  ويضيف أبو شاويش وإن منعطفات كثيرة اعترضت طريق الثورة بالأرواح والدماء، وتمكنت فتح أن تدحض المقولة الصهيونية بأن فلسطين أرض بلا شعب ، الشعب بلا أرض، واستطاعت فتح بثورتها وبجماهيرها أن تثبت أن هذه الأرض لنا منذ الأزل وحتى الأبد وأن دولتنا الفلسطينية المستقلة قادمة لا محالة وعاصمتها القدس الشريف.  استقلالية القرار الوطني  أما عن استقلالية القرار الوطني الفلسطيني الذي اعتبرته حركة فتح مبدأ من مبادئها الرئيسية... فالهدف كان من أجل الابتعاد عن دائرة الاستقطابات العربية والدولية ضمانا لتأييد الجميع عربيا ودوليا.  فتح فلسطينية المنطلق عربية الانتماء  عن ذلك يقول الأخ سليم الزعنون لقد فهم البعض وربما عن خبث ودهاء أن ذلك يعني نظرة وطنية ضيقة تتنكر القومية القضية الفلسطينية، حيث جرى الطعن في هذا المبدأ وتشويهه بينما حقيقة الأمر كانت تؤكد وباستمرار وبكل الصدق ومنذ البدايات على أن الثورة الفلسطينية بقيادة فتح إنما هي فلسطينية المنطلق عربية الانتماء، ولطالما رددها الأخ قاند الثورة الرئيس یاسر عرفات ومن كل المنابر" إنها فلسطينية الوجه عربية القلب" ولقد عرفت الأمة العربية ذلك، فكان الامتداد الواسع والعميق الحركة فتح في صفوف الأمة العربية من المحيط إلى الخليج، وامتد ذلك الوجود إلى كل شعوب الأمة الإسلامية و أما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض .  لا للوصاية .. ولا للتبعية .. ولا للاحتواء  يقول الأخ مازن عز الدين بدأت حركة فتح تحت عناوین واضحة في منطلقاتها الاستراتيجية حيث خاطبت بعدنا العربي، الذي يعتبر القاعدة الارتكازية الأساسية فحركة فتح لم تكن تبحث فقط عن القرار الفلسطيني المستقل و انما الضرورات التفاوضية والضرورات السياسية كانت تفرض على القيادة الفلسطينية إيجاد هامش هام وواسع للمناورة أطلق عليه القرار الوطني الفلسطيني المستقل وفتح رفعت شعارات واضحة بأن الثورة الفلسطينية فلسطينية الوجه عربية القلب، وعندما بدأت الطروحات السياسية لتبرير الاعتراف بقراري 242، 338 ودخولنا في مراحل تسوية بعد عام 73، جعلنا نخوض عملية التمایز نظرا لأن كل الأقطار العربية التي تتواجد على أرضها لها هامش في الإطار القومي ولكن لها هامشا في صنع قرارها الداخلي أيضا.  ويضيف الأخ عز الدين بأنه منعا للمصادرة والاحتواء فقد طبقنا شعارات فتح الأولى التي تستند الى ثلاثة أعمدة أساسية وهي لا للوصاية، لا للتبعية، لا للاحتواء، ورفعنا شعار استراتيجيا بأننا نرفض التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية وكذلك نرفض أن يتدخل أحد في شؤوننا الداخلية، إلى أن جاءت معركة بيروت حيث دافعنا عن قرارنا الوطني وخضنا معركة طرابلس كذلك دفاعا عن قرارنا الوطني الفلسطيني.  استقلالية حركة فتح  أما الأخ زكريا الأغا فقال إن حركة فتح خاضت معارك كثيرة للحفاظ على قرارنا الفلسطيني المستقل فمنذ اللحظة الأولى كانت تشعر أنه لكي تنجح ولكي تعبر تعبيرا صادقا عن آمال وطموحات الشعب الفلسطيني يجب أن تكون بعيدة عن الاحتواء، هذا ليس انفصالا عن العالم العربي، لكن فتح منذ اللحظة الأولى قررت واكدت استقلاليتها وكان هذا واضحا منذ اللحظة الأولى وحتی الآن .  أضاف الأغا: لا أحد يستطيع أن يحسب حركة فتح على أي نظام عربي حتى عندما تأزمت الأمور مع المنشقين في ۸۳ وحينما حاولت بعض الأنظمة العربية تقييد منظمة التحرير الفلسطينية واصابتها بالشلل، قامت حركة فتح ومعها جميع الأخوة من الفصائل الفلسطينية التي كانت تقف إلى جانبها لتعلن وتؤكد على ضرورة الخروج من هذا الوضع الذي وجدت المنظمة نفسها فيه بعد الانشقاق، فكان المؤتمر الفلسطيني السابع عشر الذي عقد في عمان والذي أخرج المنظمة من الشلل، وهذه الدورة أكدت أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني بقيادة الأخ أبو عمار، وسميت هذه الدورة بدورة القرار الوطني الفلسطيني المستقل والذي لاقت فيها تجاوبا جماهيريا كبيرا في الأراضي الفلسطينية المحتلة وقاموا بمظاهرات وسقط الشهداء بمن فيهم شهيد القرار الوطني الفلسطيني (شرف الطيبي).  فتح بانطلاقتها تفجر المسار التاريخي للمنطقة  يقول الأخ سلیم الزعنون، لقد أثرت فتح بالفعل في المسار التاريخي للشرق الأوسط... سواء من حيث الحروب التي اشتعلت في المنطقة أو من خلال فرض وجود الثورة الفلسطينية من جهة أخرى على خريطة المنطقة بل وعلى الخريطة العالمية بالنسبة البؤر الصراع في العالم.  وأما عن الانتقال بالنضال الفلسطيني من الشتات إلى أرض الوطن فهذا أصبح حقيقة واقعة لا يستطيع أحد إنكارها، فبعد العودة إلى أرض الوطن من خلال اتفاقات السلام مع حكومة إسرائيل العمالية بزعامة اسحق رابين وشمعون بيريس في أوسلو والقاهرة وطابا سنة ۱۹۹۳، فإن الجسم المسلح للثورة الفلسطينية قد عاد بسلاحه إلى أرض الوطن ليكون طليعة لعودة الشعب الفلسطيني كله.  ويشير الأخ أبو الأديب إلى اتفاقات أوسلو بأنه لا أحد ينكر ما تقوم به طلائع شعبنا المتمثلة في السلطة الوطنية الفلسطينية ورموزها بقيادة الأخ الرئيس یاسر عرفات والأعضاء المنتخبين من قبل شعبنا في المجلس التشريعي المنضوي تحت مظلة المجلس الوطني الفلسطيني الذي يعتبر خيمة الشرعية الفلسطينية في داخل الوطن والشتات، فالكل يشاهد بأم عينيه صباح مساء كيف يواجه شعبنا جنود الاحتلال وفي طليعة المواجهة يقف اخواننا رموز السلطة الوطنية وأعضاء المجلس التشريعي والوطني وكل رجال الأمن الذين هم فدائيو الأمس حيث التصدي للممارسات الاسرائيلية المتنكرة لكل الاتفاقات و المواثيق الدولية والانسانية، انه الصراع من فوق أرض الوطن الذي يتعرض لمؤامرات التهديد وطمس الهوية الفلسطينية، إنها معركة تجسيد الهوية الفلسطينية وإرساء قواعد الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف فوق أرض فلسطين ووجها لوجه مع قوات الاحتلال وأساليبه القمعية.  ويتساءل الأخ أبو الأديب هل هناك ما هو أفضل و أروع وأصدق من معايشة القيادة لشعبها في كفاحه ومعاناته وصنع مستقبله..؟؟  وهل كانت فتح الأمس صاحبة شعار "ثورة حتی النصر" غير فتح اليوم التي ما زالت تخوض هذه الثورة ومن فوق أرض فلسطين من أجل النصر وبناء دولة فلسطين...؟!  ما حققته فتح من مبادئها وأهدافها  عن ذلك يقول الأخ سليم الزعنون بأنه يكفي أن نذكر بحال الشعب الفلسطيني وثورته في أعقاب حرب العراق - الكويت.. لقد كانت هناك مؤامرة لإلغاء الوجود الفلسطيني، حيث جرى تهميش الدور الفلسطيني في مؤتمر مدريد للسلام.. لكننا سرعان ما أثبتنا وجودنا وأصبحنا الرقم الصعب - كما يقولها الأخ الرئيس أبو عمار الذي لا يمكن تجاهله، وها نحن على أرضنا قيادة ومقاتلين ومعنا أكثر من خمسين الفا من أبناء شعبنا المشردين قد عادوا إلى أرض الوطن طليعة العودة كل الشعب الفلسطيني .. و العالم كله يؤازرنا ويقف معنا، حيث انقلبت المعادلة وبات الإسرائيليون في ظل زعامتهم اليمينية المتطرفة محاصرين في كل المجالات الدولية، والأهم من كل هذا .. هو أننا نمارس حقنا المشروع في النضال وبناء دولتنا المستقلة من فوق أرضنا والشرعية الدولية كلها تقف إلى جانبنا.  ويستبشر الأخ أبو الأديب خيرا ويقول قريبا إن شاء الله.. سيشهد العالم قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف .. لأنها باتت مطلبا دوليا أيضا حتى إنه صارت هناك قناعات عند قطاع كبير من القادة و الشارع الإسرائيلي بضرورة قيام دولتنا الفلسطينية باعتبار ذلك حاجة ملحة لإقرار السلام في المنطقة، فالنضال الثوري دائما له أهدافه المرحلية والاستراتيجية المتمثلة في إقامة دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.. وعودة أبناء شعبنا في الشتات إلى أرض الوطن وما يتبع ذلك من مطالبة بحقوقنا المشروعة في أرضنا المغتصبة و أملاكنا المسلوبة.  من شعب لاجئ إلى شعب ذى سيادة   يقول الأخ زكريا الأغا بأن أكبر انجاز لمبادئ فتح وأهدافها هو أن القيادة الفلسطينية فوق الثرى الفلسطيني والسلطة الوطنية هي المقدمة الطبيعية والأكيدة للدولة الفلسطينية حيث إن آمالنا زادت في قيامها فقد تحولنا من شعب لاجئ إلى شعب ذي سيادة وطنية، وأصبح الجميع يعترف بنا ككيان، فالعلم الفلسطيني يرفرف فوق ربوع الوطن والمواطن يسافر بجواز سفر فلسطيني، وكلنا ثقة بالأخ القائد ياسر عرفات لنصل إلى القدس الشريف عاصمة دولتنا الفلسطينية.             نشر بتاريخ - يناير - 1997 - مجلة الرأي - عدد 7 يقول الأخ مازن عز الدين انعكست بدايات تشكل الواقع العربي القومي باتجاهاته المختلفة التي تضع في اعتباراتها فلسطين، على الواقع الفلسطيني في الشتات، بحيث إن الشباب الفلسطيني حاول أن يجد نفسه في الحزبية العربية، فانضوى تحت أجنحة الأحزاب القومية معتقدا أنها السبيل في حشد موقف عربي من أجل معركة التحرير التي تعيده إلى فلسطين خاصة وأن مفتاح بيته لم يصب بالصدأ في تلك الأيام، وبالتالي كانت فكرة الوحدة العربية هي الطريق الحتمي التحرير فلسطين، ولكن مع طول المدة وانتظار الجيوش العربية التحرير فلسطين بدأ الملل يدخل في صفوف الشباب الفلسطيني، وبدأت تتشكل في أوساط الطبقات الأكثر وعيا من شعبنا الفلسطيني وتحديدا اتحاد طلاب فلسطين مجموعة من الأفكار المنسجمة مع واقعنا الفلسطيني والتي ترافقت مع نمو حركات التحرر العالمية و العربية مثل موجة المد القومي في اليمن والجزائر ومصر وثورات فيتنام وكمبوديا مما عكس ذلك على بدايات تشكل النواة الثورية الفلسطينية في الطبقات الأكثر وعيا.. ومن هنا جاءت فكرة الاعتماد على الذات بضرورة وجود حركة أو تنظيم فلسطيني يقاتل ويقاوم ويقلب المعادلة. ويضيف الأخ عز الدين بأن حركة فتح لم تكن بديلا عن منظمة التحرير الفلسطينية فالمنظمة جاءت کرد عربي على تحویل روافد مجرى نهر الأردن وكتعبير عن أفكار الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وتتويجا لفكره القومي باتجاه فلسطين الذي كان يعتبرها العمود الفقري للفكر القومي، وتم تشكيل جيش لها أطلق عليه اسم جيش التحرير الفلسطيني وكان منضويا تحت قيادة أركان الدول العربية التي يتواجد على أراضيها و مرتبطا بالخطة الرسمية العربية لأنظمة دول الطوق وبالتالي لم يستطع أن يحرك شينا بالنسبة لفلسطين . فجاءت حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح بتشكيلاتها دون أن تتدخل بتشكيلات منظمة التحرير الفلسطينية في بادئ الأمر إلى أن قامت بتفجير الانطلاقة وبداية تشكيل معسكراتها والقيام بعمليات فدائية . ويضيف الأخ عز الدين بعد حدوث نكسة 67 واحتلال باقي فلسطين إضافة إلى احتلال سيناء والجولان، أصبحت اليد الطولى الإرادة الشعب وإرادة الكفاح المسلح، وبالتالي وجب تأميم منظمة التحرير الفلسطينية ليصبح قرارها فلسطينيا محضا، وجرت محاولات عديدة لكي يتلقى جيش التحرير الفلسطيني تعليماته من رئاسة الأركان الفلسطينية وليس من أركان رئاسة الدول العربية المتواجد على أراضيها ، إلى أن جاءت الظروف وأصبح جيش التحرير الفلسطيني تحت إمرة فلسطينية يدافع دفاعا مستميتا عن الثورة الفلسطينية بعد أن قامت فتح بعملية النقل الشرعي لقيادة منظمة التحرير الفلسطينية من قيادة الشهيد المناضل أحمد الشقيري إلى قيادة الرئيس القائد العام یاسر عرفات.  فتح انطلقت باتجاه الوطن     إستطلاع : محمد توفيق أحمد كريزم  في ذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية  اثنان وثلاثون عاما من النضال والكفاح  فتح ثورة فلسطينية الوجه . عربية العمق . عالمية البعد  فتع بقيادة الرمز أبو عمار - صانعة الثورة – وصانعة السلام       منذ فجرت حركة فتح الثورة الفلسطينية المعاصرة وشلال دماء شهداء ثورتنا ما انفك يتدفق ويفيض راسما الخارطة الجديدة للمنطقة بأسرها .   وعندما أطلقت فتح رصاصاتها الأولى لتطرح منطلقاتها الاستراتيجية التي حددت من خلالها أولوية تحرير فلسطين باتباع اسلوب الكفاح المسلح وتوحيد نضال الجماهير قلبت بذلك رأسا على عقب مجموعة المنطلقات الاستراتيجية التي سادت الوطن العربي حول قضية فلسطين وأدخلت المنطقة العربية برمتها في مرحلة جديدة تمتاز بالصراع الساخن ، وبرهنت على أن الثورة الفلسطينية .. فلسطينية الوجه.. عربية العمق.. عالمية البعد، مما جعلها في وضع فريد ضمن حركات التحرر الوطني في العالم.  الأجواء التي رافقت ولادة الحركة   لاشك أن ولادة حركة فتح كانت عيرة اعترضتها صعوبات و مشاكل جمة، في الوقت الذي لم يكن فيه سهلا على طلائع قيادتنا التاريخية أن يتخذوا قرارهم التاريخي بتأسيس فتح في ذاك الوقت.  الكفاح المسلح بدلا من الشعارات والمزايدات      يقول الأخ سلیم الزعنون (أبو الأديب ) أحد القادة التاريخيين لثورتنا ومن المؤسسين لحركة فتح عن الظروف التي رافقت انطلاقة الثورة الفلسطينية المسلحة بقيادة فتح في 1/11/1965 بأن مصاعب الانطلاقة كانت جمة ولكن أهمها وجود أكثر من ثلاثين تنظيما كانت جميعها تحمل أسماء وشعارات حول تحریر فلسطين.. بعض تلك التنظيمات كان لا يتعدى حجمها عدد أصابع اليد.. وبالتالي كانت ساحات العمل الفلسطيني غارقة بالمزايدات والشعارات.. مما أدى إلى الخلط بين الغث و السمين ولهذا بطبيعة الحال أثره السلبي على جماهيرية وشعبية أي تنظيم.. مما حتم على قيادة فتح التاريخية القيام بعمل بطولي وشجاع يكون كفيلا بإخراج حركة فتح من دوامة الشعارات والصراعات الحزبية التي سئمتها جماهير شعبنا. ويضيف الأخ أبو الأديب بأنه كان لابد من إطلاق شرارة الكفاح المسلح.. وهذا العمل أو القرار يعتبر مصيريا وخطيرا، حيث كل الظروف المحيطة كانت تعمل ضد هذا الاتجاه .. ثم هناك منظمة التحرير الفلسطينية برئاسة أحمد الشقيري و التي تأسست في 13/1/1964 ، بقرار من القمة العربية في القاهرة، ثم في قمة الاسكندرية سبتمبر/أيلول 1964 تقرر إنشاء جيش التحرير الفلسطيني بقيادة اللواء وجيه المدني، وكان لهذا أثره الفعال-سلبا على وجود التنظيمات المختلفة ، وكان هناك القيادة العربية الموحدة بقيادة الفريق أول علي عامر بقرار من القمة العربية من أجل مواجهة المشاريع الإسرائيلية التحويل مياه نهر الأردن ومنابعه مما يشكل تهديدا للدول العربية .. وهذه القيادة لا تريد لغيرها أن يعمل ضد الإسرائيليين.. ولقد كانت لهذه القيادة قرارات مضادة للعمل الفدائي بعد الانطلاقة:  والحدود المشتركة مع فلسطين المحتلة موصدة في وجه أي عمل مسلح .. والتمويل المادي محدود ويعتمد على اشتراكات الأعضاء فقط، حيث لا أحد يتبرع ماديا لمن لا يعمل .. وأجهزة المخابرات في مناطق التماس مع فلسطين المحتلة تلاحق وتمنع أي إنسان من اختراق الحدود ومهاجمة العدو في الداخل.. ثم هناك الخطر المصيري المحتمل، الذي يتهدد تنظیم فتح بكل وجوده إذا ما فشلت الانطلاقة. العملية الأولى   ويكشف الأخ أبو الأديب اللحظات الحاسمة التي عاشتها ثورتنا ويقول بأنه أمام كل هذه الأخطار كان لابد من اتخاذ القرار المصري و الحاسم.. ولقد اختلف قادة تنظيم فتح حول ذلك .. البعض يؤيد الانطلاقة .. والبعض يحذر .. والبعض متردد .. وفي ظل كل هذه الظروف الصعبة اجتمع قادة فتح من كل الأقاليم وكان اللقاء في مكان ما بالكويت وبعد نقاش طويل ومتشعب وخلال عدة أيام التزم الجميع بقرار الأغلبية وتقرر إطلاق الرصاصة الأولى في ليلة الفاتح من كانون الثاني (يناير) 1965م .. كبداية للثورة الفلسطينية المسلحة من أجل تحرير فلسطين .. ولقد ارتأى المجتمعون تحسبا لأي طارئ أن تكون الانطلاقة تحت اسم غير اسم حركة فتح التي باتت معروفة للجميع وتم اختيار اسم قوات العاصفة، فإذا تحقق النجاح وتواصلت الثورة ونجت من الأخطار المحدقة بها فان الأمر سيوضح بعد ذلك لوسائل الإعلام ولبقية تنظيم فتح حيث إن الأمر كان سريا للغاية ومحصورا في نطاق عدد محدود من قيادة الحركة .. أما لو كان هناك فشل .. فستنجو فتح من الخطر وسيتحمل الاسم الجديد تبعة ذلك الفشل .. ولقد تمت الانطلاقة بحمد الله وتوفيقه وتمكنت مجموعات من قوات العاصفة من تفجير بعض المنشآت التحويلية المياه نهر الأردن في نفق عيلبون وتبعتها عدة عمليات داخل فلسطين المحتلة وفي مناطق متباعدة في الجليل .. وفي بيت جبرين وفي بئر السبع بحيث لم يستطع العدو إلا أن يعترف بما حدث و أعلن عن ذلك من خلال اذاعته .   ويتذكر الأخ أبو الأديب أن القيادة اتخذت قرارا في مواجهة الأعباء المالية اللازمة لتغطية تلك العمليات بأن على كل فرد منتسب الحركة فتح أن يدفع مبلغ خمسين دينارا دعما للعمل العسكري وديمومته.  أصداء العملية   أما عن الصدي الذي أحدثه ذلك العمل فيقول الأخ أبو الأديب ، بأن الفرحة عمت صفوف الشعب الفلسطيني و بدأ الناس يتحدثون باستبشار وسعادة و أمل وهم يرددون الشعار الذي كانت تتركه المجموعات الفدائية الأولى وراءها في مكان العمليات المسلحة " أيها الغزاة الصهاينة.. قوات العاصفة مرت من هنا " وبدأ الشبان ينضمون إلى تنظيم حركة فتح في كل مناطق الشتات وفي قطاع غزة والضفة الغربية مما أدى إلى ذوبان أو تلاشي العديد من التنظيمات .. فالناس كانوا متعطشين لمن يجسد الشعارات إلى عمل بعد أن طال الانتظار واستبد اليأس بالنفوس، لقد كانت فتح بالنسبة للشعب الفلسطيني شعلة الأمل، أما عن الصدی عربيا فلاشك أن الانطلاقة ساعدت في استنهاض النخوة العربية فيات الناس يتبرعون للحركة من أجل تمويل عملياتها البطولية ودعما لأسر الشهداء والجرحى والأسري، وكانت هناك مناصرة دولية محدودة تمثلت بالدرجة الأولى بدعم مادي ومعنوي من قبل جمهورية الصين الشعبية وفيتنام وكوبا، وفي هذا المجال لا يمكننا أن ننسى الدعم الأخوي الصادق من قبل الجزائر الشقيقة وسوريا الحبيبة، حيث كانت لهما وقفات مخلصة ساعدت في إنجاح انطلاقة الثورة الفلسطينية واستمراريتها وتصاعدها بقيادة حركة فتح .  فتح صنعت لشعبنا الهوية السياسية      يقول الأخ زكريا الأغا بأن فتح ولدت من عمق المأساة الفلسطينية في وقت كان فيه الشعب الفلسطيني يعتبر مجرد قطاعات من اللاجئين بدون أي هوية سياسية ومن هنا تولدت الفكرة لدى عدد من القيادات الفلسطينية برئاسة الأخ القائد أبو.. عمار والشهيدين القائدين أبو جهاد وأبو ایاد وكثيرا من الأخوة الذين فكروا كيف يمكن أن يعيدوا الحياة إلى القضية الفلسطينية وان يعملوا على احياء النضال الفلسطيني والبدء بالكفاح المسلح. ويضيف الأغا أن الأفكار التقت بشأن تأسيس فتح على قاعدة الكفاح المسلح لتحرير فلسطين وتحويل شعبنا من مجرد شعب لاجئ إلى شعب من المقاتلين ونضجت الفكرة بعدما اتفق على موعد أول عملية تقوم بها قوات  العاصفة الذراع العسكري لحركة فتح، وكانت العملية بمثابة الإعلان الرسمي لانطلاقة فتح وانطلاقة الكفاح المسلح. وقد كان الاعلان الانطلاقة الفتحاوية وقع في الشارع الفلسطيني داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة فقد أعادت له ثقته بنفسه و احتشدت جماهير غفيرة للتطوع في صفوف فتح لتخوض النضال والكفاح تحت راية فلسطينية بقيادة القائد ياسر عرفات.  الاعتماد على الذات التحرير فلسطين    يقول الأخ مازن عز الدين انعكست بدايات تشكل الواقع العربي القومي باتجاهاته المختلفة التي تضع في اعتباراتها فلسطين، على الواقع الفلسطيني في الشتات، بحيث إن الشباب الفلسطيني حاول أن يجد نفسه في الحزبية العربية، فانضوى تحت أجنحة الأحزاب القومية معتقدا أنها السبيل في حشد موقف عربي من أجل معركة التحرير التي تعيده إلى فلسطين خاصة وأن مفتاح بيته لم يصب بالصدأ في تلك الأيام، وبالتالي كانت فكرة الوحدة العربية هي الطريق الحتمي التحرير فلسطين، ولكن مع طول المدة وانتظار الجيوش العربية التحرير فلسطين بدأ الملل يدخل في صفوف الشباب الفلسطيني، وبدأت تتشكل في أوساط الطبقات الأكثر وعيا من شعبنا الفلسطيني وتحديدا اتحاد طلاب فلسطين مجموعة من الأفكار المنسجمة مع واقعنا الفلسطيني والتي ترافقت مع نمو حركات التحرر العالمية و العربية مثل موجة المد القومي في اليمن والجزائر ومصر وثورات فيتنام وكمبوديا مما عكس ذلك على بدايات تشكل النواة الثورية الفلسطينية في الطبقات الأكثر وعيا.. ومن هنا جاءت فكرة الاعتماد على الذات بضرورة وجود حركة أو تنظيم فلسطيني يقاتل ويقاوم ويقلب المعادلة. ويضيف الأخ عز الدين بأن حركة فتح لم تكن بديلا عن منظمة التحرير الفلسطينية فالمنظمة جاءت کرد عربي على تحویل روافد مجرى نهر الأردن وكتعبير عن أفكار الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وتتويجا لفكره القومي باتجاه فلسطين الذي كان يعتبرها العمود الفقري للفكر القومي، وتم تشكيل جيش لها أطلق عليه اسم جيش التحرير الفلسطيني وكان منضويا تحت قيادة أركان الدول العربية التي يتواجد على أراضيها و مرتبطا بالخطة الرسمية العربية لأنظمة دول الطوق وبالتالي لم يستطع أن يحرك شينا بالنسبة لفلسطين . فجاءت حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح بتشكيلاتها دون أن تتدخل بتشكيلات منظمة التحرير الفلسطينية في بادئ الأمر إلى أن قامت بتفجير الانطلاقة وبداية تشكيل معسكراتها والقيام بعمليات فدائية . ويضيف الأخ عز الدين بعد حدوث نكسة 67 واحتلال باقي فلسطين إضافة إلى احتلال سيناء والجولان، أصبحت اليد الطولى الإرادة الشعب وإرادة الكفاح المسلح، وبالتالي وجب تأميم منظمة التحرير الفلسطينية ليصبح قرارها فلسطينيا محضا، وجرت محاولات عديدة لكي يتلقى جيش التحرير الفلسطيني تعليماته من رئاسة الأركان الفلسطينية وليس من أركان رئاسة الدول العربية المتواجد على أراضيها ، إلى أن جاءت الظروف وأصبح جيش التحرير الفلسطيني تحت إمرة فلسطينية يدافع دفاعا مستميتا عن الثورة الفلسطينية بعد أن قامت فتح بعملية النقل الشرعي لقيادة منظمة التحرير الفلسطينية من قيادة الشهيد المناضل أحمد الشقيري إلى قيادة الرئيس القائد العام یاسر عرفات.  فتح انطلقت باتجاه الوطن       وبدوره يقول الأخ إبراهيم أبو النجا: فرضت نكبة 48، وما ترتب عليها من سلب الأرض الفلسطينية وتهجير للشعب الفلسطيني ، وحالة الضياع التي عانى منها أبناء شعبنا في السنوات الأولى للهجرة، فرضت على الشعب العربي الفلسطيني أن يعيد صنع نفسه من جديد، وقد اضطلع بهذه المهمة كوكبة من المناضلين التقوا فاتفقوا على الخروج من هذا الواقع الأليم وتصويب المسار، | ومن هنا جاء ميلاد التنظيم السياسي الذي سمي بحركة التحرير الوطني الفلسطيني، وقد أخذنا الحروف الأولى للتسمية فتكونت كلمة (حتف) ولكن قلبنا الكلمة وأصبحت فتح، وحروفها تدل على: الفاء فلسطين، والتاء تحرير، والحاء حركة، فالحركة جاءت في الآخر لأنها ستطلع بمهمة التحرير، والفاء جاءت في الأول لأن الهدف الأول هو فلسطين، وحركة فتح عندما تأسست لم يكن المقصود منها أن تكون على غرار التنظيمات السياسية التي سبقتها في التأسيس ولكنها جاءت لتنطلق من العمل السياسي إلى العمل العسكري الذي ترجم على ارض الواقع مع بزوغ فجر 65/1/1 وتفجير الكفاح المسلح لنعلن للعالم أننا انطلقنا باتجاه استرداد فلسطين، وقد حذرنا من أي محاولة تستهدف النيل من عملنا العسكري، وقد رافقت الانطلاقة أدبيات تتمثل في المبادئ والأهداف والشعارات وتعرضت حركة فتح وكوادرها الملاحقات ومطاردات، وزج بهم في السجون. وأضاف أبو النجا إن الإعلان عن الكفاح المسلح وضع طلائعنا الفلسطينية الذين أصبحوا فيما بعد قادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح وعلى رأسهم الأخ القائد أبو عمار ورفيق دربه الشهيد القائد خليل الوزير (أبو جهاد) وبقية الأخوة في وضع يصدق فيهم قوله تعالى و من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا.  ويوضح أبو النجا بأن انطلاقة فتح ليست بديلا عن العمل العربي المشترك فنحن رأس الحربة التحرير فلسطين حيث تلقف أبناء شعبنا الفلسطيني في كافة أماكن تواجده نبأ الانطلاقة بتلهف وتأييد كبير ويحدوهم الأمل بأن هذا هو الطريق لتحرير فلسطين ونیل حقوقنا الوطنية وبدأوا بالالتحاق بصفوف الحركة، حيث كان للفدائيين العديد من المعارك والعمليات العسكرية التي أوجعت الاحتلال، وكان الفدائيون يمارسون حرب العصابات ولم يمارسوا الحرب النظامية حيث دخلت العلم العسكري النظرية الفلسطينية بأن الصمود المدعوم بالحق هو الأساس وواجه مقاتلونا بأسلحتهم الخفيفة الفردية الآليات والطائرات وكل أشكال الحملة الصهيونية، لم نتكلم نحن عن النتائج بقدر ما تكلم العدو نفسه وبقدر ما تكلم المراقبون العسكريون والسياسيون، وشكلت عملياتنا انعطافا جديدا في فهم العالم كله لخصوصية وطبيعة قضيتنا مما أدى إلى الالتحام الشعبي بالثورة الفلسطينية وبدأت المعادلة في التغيير والنظرة تختلف من شعب لاجئ إلى شعب يمارس الكفاح من أجل عودته إلى أرضه، وكان على الثورة أن تستوعب المناضلين الذين التحقوا بها وأن تقيم المؤسسات في الوقت الذي كثرت فيه أعباء الثورة الفلسطينية واستطاعت أن تبني المؤسسة العسكرية وتوابعها،  وهذه النقلة الجديدة جعلتنا،  مستهدفين من بعض القوى التي لم يكن هدفها تحرير الوطن سواء كانت على الصعيد المحلي أو على الصعيد القومي واستمر النضال الفلسطيني وكانت العمليات ليلية وبشكل مكثف وأذكر هنا عمليات الحزام الأخضر حيث أخذت شكل المواجهة العسكرية الحقيقية غرب النهر التي قادها الأخ أبو عمار والأخ أبو جهاد و الأخ أبو صبري، وكل القيادة الفلسطينية كان عليها أن تدخل إلى الداخل التبني الخلايا السرية وتمدها بالأسلحة مما أضفى على نضالنا وقتالنا شينا متميزا حيث أن القيادات السياسية والعسكرية كانت تضطلع بهذا الدور في البناء والتأسيس وإقامة القواعد و تثبيت التنظيم السري في التعبئة و التحريض.  انطلاقة فتح كسرت الجمود والتراجع      يقول الأخ أبو ماهر حلس بأن میلاد حركة فتح وتحديدا انطلاقتها العسكرية كان في ظل ظروف عربية واقليمية تكيفت مع وجود کیان اسرائيلي وكأنها أمر واقع، وأن العمل المسلح هو مغامرة محكوم عليها بالفشل، وجاءت انطلاقة فتح لتكسر هذه المفاهيم وتستبدلها بمفهوم ثوري جديد يعتمد على الكفاح المسلح. ويضيف الأخ أبو ماهر بأن من أطواق السلامة اللي اعتمدتها فتح وضمن منطلقاتها الأساسية هي حفاظها على استقلالية القرار الوطني الفلسطيني، وقد مارست هذا الشعار في كل مراحل العمل الوطني، فهي لم تتدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة إضافة إلى أنها لم تسمح بالتدخل في الشؤون الداخلية الفلسطينية بغض النظر عن حجم التحالف مع هذا | النظام أو ذاك، وقد كانت فتح وقيادتها دائما مرشحة للإسهام الايجابي في حل الكثير من الخلافات العربية .  وما يميز حركة فتح هو أنها صاحبة المبادرة التاريخية في كل مراحل العمل الوطني، فعندما | اختارت الكفاح المسلح، كان هذا | بمثابة مغامرة في نظر الآخرين، | لكن سرعان ما لحق بها الجميع وثبتت صحة النظرية الفتحاوية، | وحينما اختارت السلام كان أيضا السلام مجازفة تاريخية، ولكن سرعان ما اتضحت صحة الخطوة التي اتخذتها قيادتنا الفلسطينية | وعلى رأسها الأخ القائد أبو عمار في كل المراحل سواء معركة الحرب أو السلام، فهي تنطلق من رؤى واضحة لأهدافها الوطنية وللمصلحة العليا لشعبنا ضمن قراءة واقعية لظروف شعبنا.  واعتمدت فتح المرونة في التكتيك وصلابة استراتيجية وثبات على الهدف والمبادئ، وما يتغير فهو شعارات وأساليب، حتى نصل إلى اقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.  فتح حملت ميراث الأمة   ومن جهته يرى الأخ سليم الزريعي الذي أمضى خمسة وعشرين عاما في السجون الإسرائيلية أن الحديث عن حركة فتح ذو شجون، ففتح ولدت من رحم المعاناة وفي مرحلة أسمناها بمرحلة الاستقرار المنظومي، هذه المرحلة التي طغت فيها فكرة العمل القومي على كل ما عداها، وحينما استذكر تلك المرحلة في تلك الظروف لا يسعني إلا أن أقول إن قرار انطلاقة فتح وقرار تشكيل طلائع قوات العاصفة كان قرارا يرقى إلى مستوى المرحلة وكان قرارا شجاعا لا يجرؤ على اتخاذه إلا تلك القيادة التاريخية التي قادت النضال الفلسطيني وحملت حلم الإنسان الفلسطيني وهمومه وكانت بمستوى حمل أمانة ميراث الأمة وصون التاريخ الفلسطيني من الاندثار.  ويضيف الزريعي إنه في تلك الفترة أسهمت الأنظمة العربية بما طرحته من مفاهيم في تغييب الدور الفلسطيني والذي يفترض أن يكون هو الدور الأساسي، وتبقى الجبهة العربية داعمة ومساندة تقف إلى جانب نضال شعبنا وتدعم كفاحه، وقد أثبتت الأيام والمعارك التي تلت ذلك صحة هذه المقولة حيث اتهمتنا بعض الأنظمة العربية بأننا قطريون و إقليميون و انفصاليون في ذاك الوقت ورددنا على هذه الادعاءات والاتهامات بأن حركة فتح فلسطينية الوجه عربية القلب والوجدان عالمية الأبعاد والامتدادات، فالمعركة قومية ويجب أن يكون الفلسطيني هو رأس الرمح وأن تكون المعركة تحت قيادة فلسطينية ونذكر عندما دخل جيش الانقاذ فلسطين في الأربعينات أسهم في تحجيم ثورة الفلسطينيين تحت شعار أن المعركة قومية. وتحول جيش الجهاد المقدس الفلسطيني في ذاك الحين إلى مجموعات متناثرة حينما ألغيت قيادته بقرار من جامعة الدول العربية وقالوا إن جيش الإنقاذ هو البديل وانسحب جيش الإنقاذ بقرار عربي وبقي الفلسطينيون ممزقين أمام الحركة الصهيونية، من هنا ندرك أهمية قرار القيادة التاريخية لحركة فتح في أن يتصدر الفلسطينيون النضال من أجل قضيتهم الفلسطينية وهويتهم النضالية.  فتح وهج الجماهير ومشعلها الحقيقي   يقول الأخ أحمد أبو سيف وهو أحد المقاتلين الذين جمعوا بين الانتماء الفتحاوي فكرا ومنهجا وبين الكفاح المسلح عملا وتطبيقا بأن حركة فتح هي المشعل الحقيقي للشعب الفلسطيني وهي وهج الجماهير ويصب نضالها في إطار العمل الفلسطيني من أجل تحرير فلسطين، وكان ثقلنا العسكري موجودا في الأردن بشكل مجموعات سرية.  وبعد حرب 67 نشطت حركة فتح عسكريا ودخلنا بما سمی ( كسر العظم ) مع الإسرائيليين وكانت حرب الكرامة بداية أول تصد عسكري حقيقي للعدو، حيث الحقت الهزيمة به، وهبت الجماهير للالتحاق بصفوفنا، وتطورت القواعد الفدائية في جنوب أربد والرمثا، ومن كان ينظر ليلا إلى أريحا من جبال اربد والناعور يجد منطقة أريحا وقد لفتها أحزمة من النيران فالعمليات بشكل يومي، وكان ينفذون مقاتلونا عملياتهم الفدائية سرا وفي الليل خوفا من اعتراض طريقهم.  ويضيف الأخ أبو سيف بأننا عندما نتكلم عن فتح فإننا نتكلم عن فلسطين ذلك أن فتح استوعبت معظم أبناء الشعب الفلسطيني في صفوفها وكانت بمثابة الأم الحنون، بل إنها كانت تمد التنظيمات الفلسطينية الأخرى بالمال والعتاد لمواصلة مشوارها النضالي من أجل تحرير فلسطين، | وفتح عبارة عن حركة عالمية استطاعت تجنيد الرأي العام الصالح القضية الفلسطينية وكانت تدعم نفسها بنفسها.  انطلاقة فتح حلقة من حلقات النضال الشعبي  يقول الأخ أحمد أبو شاويش بأن الحديث عن انطلاقة فتح يقود إلى السياق التاريخي الذي جاءت فيه الانطلاقة وبروز العمل العسكري فالانطلاقة لم تأت من فراغ وانما هي حلقة من حلقات النضال الفلسطيني الممتد في أعماق التاريخ ، وخاصة منذ وطئت أرض فلسطين اقدام المستيا وطنين الصهاينة في أواخر القرن التاسع عشر، وانطلاقة فتح وانتهاج الكفاح المسلح سبيلا للوصول إلى فلسطين وتحريرها جعل من شعبنا الفلسطيني بدلا من شعب لاجئ شعبا يحترمه العالم .  ويضيف أبو شاويش وإن منعطفات كثيرة اعترضت طريق الثورة بالأرواح والدماء، وتمكنت فتح أن تدحض المقولة الصهيونية بأن فلسطين أرض بلا شعب ، الشعب بلا أرض، واستطاعت فتح بثورتها وبجماهيرها أن تثبت أن هذه الأرض لنا منذ الأزل وحتى الأبد وأن دولتنا الفلسطينية المستقلة قادمة لا محالة وعاصمتها القدس الشريف.  استقلالية القرار الوطني  أما عن استقلالية القرار الوطني الفلسطيني الذي اعتبرته حركة فتح مبدأ من مبادئها الرئيسية... فالهدف كان من أجل الابتعاد عن دائرة الاستقطابات العربية والدولية ضمانا لتأييد الجميع عربيا ودوليا.  فتح فلسطينية المنطلق عربية الانتماء  عن ذلك يقول الأخ سليم الزعنون لقد فهم البعض وربما عن خبث ودهاء أن ذلك يعني نظرة وطنية ضيقة تتنكر القومية القضية الفلسطينية، حيث جرى الطعن في هذا المبدأ وتشويهه بينما حقيقة الأمر كانت تؤكد وباستمرار وبكل الصدق ومنذ البدايات على أن الثورة الفلسطينية بقيادة فتح إنما هي فلسطينية المنطلق عربية الانتماء، ولطالما رددها الأخ قاند الثورة الرئيس یاسر عرفات ومن كل المنابر" إنها فلسطينية الوجه عربية القلب" ولقد عرفت الأمة العربية ذلك، فكان الامتداد الواسع والعميق الحركة فتح في صفوف الأمة العربية من المحيط إلى الخليج، وامتد ذلك الوجود إلى كل شعوب الأمة الإسلامية و أما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض .  لا للوصاية .. ولا للتبعية .. ولا للاحتواء  يقول الأخ مازن عز الدين بدأت حركة فتح تحت عناوین واضحة في منطلقاتها الاستراتيجية حيث خاطبت بعدنا العربي، الذي يعتبر القاعدة الارتكازية الأساسية فحركة فتح لم تكن تبحث فقط عن القرار الفلسطيني المستقل و انما الضرورات التفاوضية والضرورات السياسية كانت تفرض على القيادة الفلسطينية إيجاد هامش هام وواسع للمناورة أطلق عليه القرار الوطني الفلسطيني المستقل وفتح رفعت شعارات واضحة بأن الثورة الفلسطينية فلسطينية الوجه عربية القلب، وعندما بدأت الطروحات السياسية لتبرير الاعتراف بقراري 242، 338 ودخولنا في مراحل تسوية بعد عام 73، جعلنا نخوض عملية التمایز نظرا لأن كل الأقطار العربية التي تتواجد على أرضها لها هامش في الإطار القومي ولكن لها هامشا في صنع قرارها الداخلي أيضا.  ويضيف الأخ عز الدين بأنه منعا للمصادرة والاحتواء فقد طبقنا شعارات فتح الأولى التي تستند الى ثلاثة أعمدة أساسية وهي لا للوصاية، لا للتبعية، لا للاحتواء، ورفعنا شعار استراتيجيا بأننا نرفض التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية وكذلك نرفض أن يتدخل أحد في شؤوننا الداخلية، إلى أن جاءت معركة بيروت حيث دافعنا عن قرارنا الوطني وخضنا معركة طرابلس كذلك دفاعا عن قرارنا الوطني الفلسطيني.  استقلالية حركة فتح  أما الأخ زكريا الأغا فقال إن حركة فتح خاضت معارك كثيرة للحفاظ على قرارنا الفلسطيني المستقل فمنذ اللحظة الأولى كانت تشعر أنه لكي تنجح ولكي تعبر تعبيرا صادقا عن آمال وطموحات الشعب الفلسطيني يجب أن تكون بعيدة عن الاحتواء، هذا ليس انفصالا عن العالم العربي، لكن فتح منذ اللحظة الأولى قررت واكدت استقلاليتها وكان هذا واضحا منذ اللحظة الأولى وحتی الآن .  أضاف الأغا: لا أحد يستطيع أن يحسب حركة فتح على أي نظام عربي حتى عندما تأزمت الأمور مع المنشقين في ۸۳ وحينما حاولت بعض الأنظمة العربية تقييد منظمة التحرير الفلسطينية واصابتها بالشلل، قامت حركة فتح ومعها جميع الأخوة من الفصائل الفلسطينية التي كانت تقف إلى جانبها لتعلن وتؤكد على ضرورة الخروج من هذا الوضع الذي وجدت المنظمة نفسها فيه بعد الانشقاق، فكان المؤتمر الفلسطيني السابع عشر الذي عقد في عمان والذي أخرج المنظمة من الشلل، وهذه الدورة أكدت أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني بقيادة الأخ أبو عمار، وسميت هذه الدورة بدورة القرار الوطني الفلسطيني المستقل والذي لاقت فيها تجاوبا جماهيريا كبيرا في الأراضي الفلسطينية المحتلة وقاموا بمظاهرات وسقط الشهداء بمن فيهم شهيد القرار الوطني الفلسطيني (شرف الطيبي).  فتح بانطلاقتها تفجر المسار التاريخي للمنطقة  يقول الأخ سلیم الزعنون، لقد أثرت فتح بالفعل في المسار التاريخي للشرق الأوسط... سواء من حيث الحروب التي اشتعلت في المنطقة أو من خلال فرض وجود الثورة الفلسطينية من جهة أخرى على خريطة المنطقة بل وعلى الخريطة العالمية بالنسبة البؤر الصراع في العالم.  وأما عن الانتقال بالنضال الفلسطيني من الشتات إلى أرض الوطن فهذا أصبح حقيقة واقعة لا يستطيع أحد إنكارها، فبعد العودة إلى أرض الوطن من خلال اتفاقات السلام مع حكومة إسرائيل العمالية بزعامة اسحق رابين وشمعون بيريس في أوسلو والقاهرة وطابا سنة ۱۹۹۳، فإن الجسم المسلح للثورة الفلسطينية قد عاد بسلاحه إلى أرض الوطن ليكون طليعة لعودة الشعب الفلسطيني كله.  ويشير الأخ أبو الأديب إلى اتفاقات أوسلو بأنه لا أحد ينكر ما تقوم به طلائع شعبنا المتمثلة في السلطة الوطنية الفلسطينية ورموزها بقيادة الأخ الرئيس یاسر عرفات والأعضاء المنتخبين من قبل شعبنا في المجلس التشريعي المنضوي تحت مظلة المجلس الوطني الفلسطيني الذي يعتبر خيمة الشرعية الفلسطينية في داخل الوطن والشتات، فالكل يشاهد بأم عينيه صباح مساء كيف يواجه شعبنا جنود الاحتلال وفي طليعة المواجهة يقف اخواننا رموز السلطة الوطنية وأعضاء المجلس التشريعي والوطني وكل رجال الأمن الذين هم فدائيو الأمس حيث التصدي للممارسات الاسرائيلية المتنكرة لكل الاتفاقات و المواثيق الدولية والانسانية، انه الصراع من فوق أرض الوطن الذي يتعرض لمؤامرات التهديد وطمس الهوية الفلسطينية، إنها معركة تجسيد الهوية الفلسطينية وإرساء قواعد الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف فوق أرض فلسطين ووجها لوجه مع قوات الاحتلال وأساليبه القمعية.  ويتساءل الأخ أبو الأديب هل هناك ما هو أفضل و أروع وأصدق من معايشة القيادة لشعبها في كفاحه ومعاناته وصنع مستقبله..؟؟  وهل كانت فتح الأمس صاحبة شعار "ثورة حتی النصر" غير فتح اليوم التي ما زالت تخوض هذه الثورة ومن فوق أرض فلسطين من أجل النصر وبناء دولة فلسطين...؟!  ما حققته فتح من مبادئها وأهدافها  عن ذلك يقول الأخ سليم الزعنون بأنه يكفي أن نذكر بحال الشعب الفلسطيني وثورته في أعقاب حرب العراق - الكويت.. لقد كانت هناك مؤامرة لإلغاء الوجود الفلسطيني، حيث جرى تهميش الدور الفلسطيني في مؤتمر مدريد للسلام.. لكننا سرعان ما أثبتنا وجودنا وأصبحنا الرقم الصعب - كما يقولها الأخ الرئيس أبو عمار الذي لا يمكن تجاهله، وها نحن على أرضنا قيادة ومقاتلين ومعنا أكثر من خمسين الفا من أبناء شعبنا المشردين قد عادوا إلى أرض الوطن طليعة العودة كل الشعب الفلسطيني .. و العالم كله يؤازرنا ويقف معنا، حيث انقلبت المعادلة وبات الإسرائيليون في ظل زعامتهم اليمينية المتطرفة محاصرين في كل المجالات الدولية، والأهم من كل هذا .. هو أننا نمارس حقنا المشروع في النضال وبناء دولتنا المستقلة من فوق أرضنا والشرعية الدولية كلها تقف إلى جانبنا.  ويستبشر الأخ أبو الأديب خيرا ويقول قريبا إن شاء الله.. سيشهد العالم قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف .. لأنها باتت مطلبا دوليا أيضا حتى إنه صارت هناك قناعات عند قطاع كبير من القادة و الشارع الإسرائيلي بضرورة قيام دولتنا الفلسطينية باعتبار ذلك حاجة ملحة لإقرار السلام في المنطقة، فالنضال الثوري دائما له أهدافه المرحلية والاستراتيجية المتمثلة في إقامة دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.. وعودة أبناء شعبنا في الشتات إلى أرض الوطن وما يتبع ذلك من مطالبة بحقوقنا المشروعة في أرضنا المغتصبة و أملاكنا المسلوبة.  من شعب لاجئ إلى شعب ذى سيادة   يقول الأخ زكريا الأغا بأن أكبر انجاز لمبادئ فتح وأهدافها هو أن القيادة الفلسطينية فوق الثرى الفلسطيني والسلطة الوطنية هي المقدمة الطبيعية والأكيدة للدولة الفلسطينية حيث إن آمالنا زادت في قيامها فقد تحولنا من شعب لاجئ إلى شعب ذي سيادة وطنية، وأصبح الجميع يعترف بنا ككيان، فالعلم الفلسطيني يرفرف فوق ربوع الوطن والمواطن يسافر بجواز سفر فلسطيني، وكلنا ثقة بالأخ القائد ياسر عرفات لنصل إلى القدس الشريف عاصمة دولتنا الفلسطينية.             نشر بتاريخ - يناير - 1997 - مجلة الرأي - عدد 7  وبدوره يقول الأخ إبراهيم أبو النجا: فرضت نكبة 48، وما ترتب عليها من سلب الأرض الفلسطينية وتهجير للشعب الفلسطيني ، وحالة الضياع التي عانى منها أبناء شعبنا في السنوات الأولى للهجرة، فرضت على الشعب العربي الفلسطيني أن يعيد صنع نفسه من جديد، وقد اضطلع بهذه المهمة كوكبة من المناضلين التقوا فاتفقوا على الخروج من هذا الواقع الأليم وتصويب المسار، | ومن هنا جاء ميلاد التنظيم السياسي الذي سمي بحركة التحرير الوطني الفلسطيني، وقد أخذنا الحروف الأولى للتسمية فتكونت كلمة (حتف) ولكن قلبنا الكلمة وأصبحت فتح، وحروفها تدل على: الفاء فلسطين، والتاء تحرير، والحاء حركة، فالحركة جاءت في الآخر لأنها ستطلع بمهمة التحرير، والفاء جاءت في الأول لأن الهدف الأول هو فلسطين، وحركة فتح عندما تأسست لم يكن المقصود منها أن تكون على غرار التنظيمات السياسية التي سبقتها في التأسيس ولكنها جاءت لتنطلق من العمل السياسي إلى العمل العسكري الذي ترجم على ارض الواقع مع بزوغ فجر 65/1/1 وتفجير الكفاح المسلح لنعلن للعالم أننا انطلقنا باتجاه استرداد فلسطين، وقد حذرنا من أي محاولة تستهدف النيل من عملنا العسكري، وقد رافقت الانطلاقة أدبيات تتمثل في المبادئ والأهداف والشعارات وتعرضت حركة فتح وكوادرها الملاحقات ومطاردات، وزج بهم في السجون. وأضاف أبو النجا إن الإعلان عن الكفاح المسلح وضع طلائعنا الفلسطينية الذين أصبحوا فيما بعد قادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح وعلى رأسهم الأخ القائد أبو عمار ورفيق دربه الشهيد القائد خليل الوزير (أبو جهاد) وبقية الأخوة في وضع يصدق فيهم قوله تعالى و من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا.  ويوضح أبو النجا بأن انطلاقة فتح ليست بديلا عن العمل العربي المشترك فنحن رأس الحربة التحرير فلسطين حيث تلقف أبناء شعبنا الفلسطيني في كافة أماكن تواجده نبأ الانطلاقة بتلهف وتأييد كبير ويحدوهم الأمل بأن هذا هو الطريق لتحرير فلسطين ونیل حقوقنا الوطنية وبدأوا بالالتحاق بصفوف الحركة، حيث كان للفدائيين العديد من المعارك والعمليات العسكرية التي أوجعت الاحتلال، وكان الفدائيون يمارسون حرب العصابات ولم يمارسوا الحرب النظامية حيث دخلت العلم العسكري النظرية الفلسطينية بأن الصمود المدعوم بالحق هو الأساس وواجه مقاتلونا بأسلحتهم الخفيفة الفردية الآليات والطائرات وكل أشكال الحملة الصهيونية، لم نتكلم نحن عن النتائج بقدر ما تكلم العدو نفسه وبقدر ما تكلم المراقبون العسكريون والسياسيون، وشكلت عملياتنا انعطافا جديدا في فهم العالم كله لخصوصية وطبيعة قضيتنا مما أدى إلى الالتحام الشعبي بالثورة الفلسطينية وبدأت المعادلة في التغيير والنظرة تختلف من شعب لاجئ إلى شعب يمارس الكفاح من أجل عودته إلى أرضه، وكان على الثورة أن تستوعب المناضلين الذين التحقوا بها وأن تقيم المؤسسات في الوقت الذي كثرت فيه أعباء الثورة الفلسطينية واستطاعت أن تبني المؤسسة العسكرية وتوابعها،  وهذه النقلة الجديدة جعلتنا،  مستهدفين من بعض القوى التي لم يكن هدفها تحرير الوطن سواء كانت على الصعيد المحلي أو على الصعيد القومي واستمر النضال الفلسطيني وكانت العمليات ليلية وبشكل مكثف وأذكر هنا عمليات الحزام الأخضر حيث أخذت شكل المواجهة العسكرية الحقيقية غرب النهر التي قادها الأخ أبو عمار والأخ أبو جهاد و الأخ أبو صبري، وكل القيادة الفلسطينية كان عليها أن تدخل إلى الداخل التبني الخلايا السرية وتمدها بالأسلحة مما أضفى على نضالنا وقتالنا شينا متميزا حيث أن القيادات السياسية والعسكرية كانت تضطلع بهذا الدور في البناء والتأسيس وإقامة القواعد و تثبيت التنظيم السري في التعبئة و التحريض.  انطلاقة فتح كسرت الجمود والتراجع   إستطلاع : محمد توفيق أحمد كريزم  في ذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية  اثنان وثلاثون عاما من النضال والكفاح  فتح ثورة فلسطينية الوجه . عربية العمق . عالمية البعد  فتع بقيادة الرمز أبو عمار - صانعة الثورة – وصانعة السلام       منذ فجرت حركة فتح الثورة الفلسطينية المعاصرة وشلال دماء شهداء ثورتنا ما انفك يتدفق ويفيض راسما الخارطة الجديدة للمنطقة بأسرها .   وعندما أطلقت فتح رصاصاتها الأولى لتطرح منطلقاتها الاستراتيجية التي حددت من خلالها أولوية تحرير فلسطين باتباع اسلوب الكفاح المسلح وتوحيد نضال الجماهير قلبت بذلك رأسا على عقب مجموعة المنطلقات الاستراتيجية التي سادت الوطن العربي حول قضية فلسطين وأدخلت المنطقة العربية برمتها في مرحلة جديدة تمتاز بالصراع الساخن ، وبرهنت على أن الثورة الفلسطينية .. فلسطينية الوجه.. عربية العمق.. عالمية البعد، مما جعلها في وضع فريد ضمن حركات التحرر الوطني في العالم.  الأجواء التي رافقت ولادة الحركة   لاشك أن ولادة حركة فتح كانت عيرة اعترضتها صعوبات و مشاكل جمة، في الوقت الذي لم يكن فيه سهلا على طلائع قيادتنا التاريخية أن يتخذوا قرارهم التاريخي بتأسيس فتح في ذاك الوقت.  الكفاح المسلح بدلا من الشعارات والمزايدات      يقول الأخ سلیم الزعنون (أبو الأديب ) أحد القادة التاريخيين لثورتنا ومن المؤسسين لحركة فتح عن الظروف التي رافقت انطلاقة الثورة الفلسطينية المسلحة بقيادة فتح في 1/11/1965 بأن مصاعب الانطلاقة كانت جمة ولكن أهمها وجود أكثر من ثلاثين تنظيما كانت جميعها تحمل أسماء وشعارات حول تحریر فلسطين.. بعض تلك التنظيمات كان لا يتعدى حجمها عدد أصابع اليد.. وبالتالي كانت ساحات العمل الفلسطيني غارقة بالمزايدات والشعارات.. مما أدى إلى الخلط بين الغث و السمين ولهذا بطبيعة الحال أثره السلبي على جماهيرية وشعبية أي تنظيم.. مما حتم على قيادة فتح التاريخية القيام بعمل بطولي وشجاع يكون كفيلا بإخراج حركة فتح من دوامة الشعارات والصراعات الحزبية التي سئمتها جماهير شعبنا. ويضيف الأخ أبو الأديب بأنه كان لابد من إطلاق شرارة الكفاح المسلح.. وهذا العمل أو القرار يعتبر مصيريا وخطيرا، حيث كل الظروف المحيطة كانت تعمل ضد هذا الاتجاه .. ثم هناك منظمة التحرير الفلسطينية برئاسة أحمد الشقيري و التي تأسست في 13/1/1964 ، بقرار من القمة العربية في القاهرة، ثم في قمة الاسكندرية سبتمبر/أيلول 1964 تقرر إنشاء جيش التحرير الفلسطيني بقيادة اللواء وجيه المدني، وكان لهذا أثره الفعال-سلبا على وجود التنظيمات المختلفة ، وكان هناك القيادة العربية الموحدة بقيادة الفريق أول علي عامر بقرار من القمة العربية من أجل مواجهة المشاريع الإسرائيلية التحويل مياه نهر الأردن ومنابعه مما يشكل تهديدا للدول العربية .. وهذه القيادة لا تريد لغيرها أن يعمل ضد الإسرائيليين.. ولقد كانت لهذه القيادة قرارات مضادة للعمل الفدائي بعد الانطلاقة:  والحدود المشتركة مع فلسطين المحتلة موصدة في وجه أي عمل مسلح .. والتمويل المادي محدود ويعتمد على اشتراكات الأعضاء فقط، حيث لا أحد يتبرع ماديا لمن لا يعمل .. وأجهزة المخابرات في مناطق التماس مع فلسطين المحتلة تلاحق وتمنع أي إنسان من اختراق الحدود ومهاجمة العدو في الداخل.. ثم هناك الخطر المصيري المحتمل، الذي يتهدد تنظیم فتح بكل وجوده إذا ما فشلت الانطلاقة. العملية الأولى   ويكشف الأخ أبو الأديب اللحظات الحاسمة التي عاشتها ثورتنا ويقول بأنه أمام كل هذه الأخطار كان لابد من اتخاذ القرار المصري و الحاسم.. ولقد اختلف قادة تنظيم فتح حول ذلك .. البعض يؤيد الانطلاقة .. والبعض يحذر .. والبعض متردد .. وفي ظل كل هذه الظروف الصعبة اجتمع قادة فتح من كل الأقاليم وكان اللقاء في مكان ما بالكويت وبعد نقاش طويل ومتشعب وخلال عدة أيام التزم الجميع بقرار الأغلبية وتقرر إطلاق الرصاصة الأولى في ليلة الفاتح من كانون الثاني (يناير) 1965م .. كبداية للثورة الفلسطينية المسلحة من أجل تحرير فلسطين .. ولقد ارتأى المجتمعون تحسبا لأي طارئ أن تكون الانطلاقة تحت اسم غير اسم حركة فتح التي باتت معروفة للجميع وتم اختيار اسم قوات العاصفة، فإذا تحقق النجاح وتواصلت الثورة ونجت من الأخطار المحدقة بها فان الأمر سيوضح بعد ذلك لوسائل الإعلام ولبقية تنظيم فتح حيث إن الأمر كان سريا للغاية ومحصورا في نطاق عدد محدود من قيادة الحركة .. أما لو كان هناك فشل .. فستنجو فتح من الخطر وسيتحمل الاسم الجديد تبعة ذلك الفشل .. ولقد تمت الانطلاقة بحمد الله وتوفيقه وتمكنت مجموعات من قوات العاصفة من تفجير بعض المنشآت التحويلية المياه نهر الأردن في نفق عيلبون وتبعتها عدة عمليات داخل فلسطين المحتلة وفي مناطق متباعدة في الجليل .. وفي بيت جبرين وفي بئر السبع بحيث لم يستطع العدو إلا أن يعترف بما حدث و أعلن عن ذلك من خلال اذاعته .   ويتذكر الأخ أبو الأديب أن القيادة اتخذت قرارا في مواجهة الأعباء المالية اللازمة لتغطية تلك العمليات بأن على كل فرد منتسب الحركة فتح أن يدفع مبلغ خمسين دينارا دعما للعمل العسكري وديمومته.  أصداء العملية   أما عن الصدي الذي أحدثه ذلك العمل فيقول الأخ أبو الأديب ، بأن الفرحة عمت صفوف الشعب الفلسطيني و بدأ الناس يتحدثون باستبشار وسعادة و أمل وهم يرددون الشعار الذي كانت تتركه المجموعات الفدائية الأولى وراءها في مكان العمليات المسلحة " أيها الغزاة الصهاينة.. قوات العاصفة مرت من هنا " وبدأ الشبان ينضمون إلى تنظيم حركة فتح في كل مناطق الشتات وفي قطاع غزة والضفة الغربية مما أدى إلى ذوبان أو تلاشي العديد من التنظيمات .. فالناس كانوا متعطشين لمن يجسد الشعارات إلى عمل بعد أن طال الانتظار واستبد اليأس بالنفوس، لقد كانت فتح بالنسبة للشعب الفلسطيني شعلة الأمل، أما عن الصدی عربيا فلاشك أن الانطلاقة ساعدت في استنهاض النخوة العربية فيات الناس يتبرعون للحركة من أجل تمويل عملياتها البطولية ودعما لأسر الشهداء والجرحى والأسري، وكانت هناك مناصرة دولية محدودة تمثلت بالدرجة الأولى بدعم مادي ومعنوي من قبل جمهورية الصين الشعبية وفيتنام وكوبا، وفي هذا المجال لا يمكننا أن ننسى الدعم الأخوي الصادق من قبل الجزائر الشقيقة وسوريا الحبيبة، حيث كانت لهما وقفات مخلصة ساعدت في إنجاح انطلاقة الثورة الفلسطينية واستمراريتها وتصاعدها بقيادة حركة فتح .  فتح صنعت لشعبنا الهوية السياسية      يقول الأخ زكريا الأغا بأن فتح ولدت من عمق المأساة الفلسطينية في وقت كان فيه الشعب الفلسطيني يعتبر مجرد قطاعات من اللاجئين بدون أي هوية سياسية ومن هنا تولدت الفكرة لدى عدد من القيادات الفلسطينية برئاسة الأخ القائد أبو.. عمار والشهيدين القائدين أبو جهاد وأبو ایاد وكثيرا من الأخوة الذين فكروا كيف يمكن أن يعيدوا الحياة إلى القضية الفلسطينية وان يعملوا على احياء النضال الفلسطيني والبدء بالكفاح المسلح. ويضيف الأغا أن الأفكار التقت بشأن تأسيس فتح على قاعدة الكفاح المسلح لتحرير فلسطين وتحويل شعبنا من مجرد شعب لاجئ إلى شعب من المقاتلين ونضجت الفكرة بعدما اتفق على موعد أول عملية تقوم بها قوات  العاصفة الذراع العسكري لحركة فتح، وكانت العملية بمثابة الإعلان الرسمي لانطلاقة فتح وانطلاقة الكفاح المسلح. وقد كان الاعلان الانطلاقة الفتحاوية وقع في الشارع الفلسطيني داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة فقد أعادت له ثقته بنفسه و احتشدت جماهير غفيرة للتطوع في صفوف فتح لتخوض النضال والكفاح تحت راية فلسطينية بقيادة القائد ياسر عرفات.  الاعتماد على الذات التحرير فلسطين    يقول الأخ مازن عز الدين انعكست بدايات تشكل الواقع العربي القومي باتجاهاته المختلفة التي تضع في اعتباراتها فلسطين، على الواقع الفلسطيني في الشتات، بحيث إن الشباب الفلسطيني حاول أن يجد نفسه في الحزبية العربية، فانضوى تحت أجنحة الأحزاب القومية معتقدا أنها السبيل في حشد موقف عربي من أجل معركة التحرير التي تعيده إلى فلسطين خاصة وأن مفتاح بيته لم يصب بالصدأ في تلك الأيام، وبالتالي كانت فكرة الوحدة العربية هي الطريق الحتمي التحرير فلسطين، ولكن مع طول المدة وانتظار الجيوش العربية التحرير فلسطين بدأ الملل يدخل في صفوف الشباب الفلسطيني، وبدأت تتشكل في أوساط الطبقات الأكثر وعيا من شعبنا الفلسطيني وتحديدا اتحاد طلاب فلسطين مجموعة من الأفكار المنسجمة مع واقعنا الفلسطيني والتي ترافقت مع نمو حركات التحرر العالمية و العربية مثل موجة المد القومي في اليمن والجزائر ومصر وثورات فيتنام وكمبوديا مما عكس ذلك على بدايات تشكل النواة الثورية الفلسطينية في الطبقات الأكثر وعيا.. ومن هنا جاءت فكرة الاعتماد على الذات بضرورة وجود حركة أو تنظيم فلسطيني يقاتل ويقاوم ويقلب المعادلة. ويضيف الأخ عز الدين بأن حركة فتح لم تكن بديلا عن منظمة التحرير الفلسطينية فالمنظمة جاءت کرد عربي على تحویل روافد مجرى نهر الأردن وكتعبير عن أفكار الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وتتويجا لفكره القومي باتجاه فلسطين الذي كان يعتبرها العمود الفقري للفكر القومي، وتم تشكيل جيش لها أطلق عليه اسم جيش التحرير الفلسطيني وكان منضويا تحت قيادة أركان الدول العربية التي يتواجد على أراضيها و مرتبطا بالخطة الرسمية العربية لأنظمة دول الطوق وبالتالي لم يستطع أن يحرك شينا بالنسبة لفلسطين . فجاءت حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح بتشكيلاتها دون أن تتدخل بتشكيلات منظمة التحرير الفلسطينية في بادئ الأمر إلى أن قامت بتفجير الانطلاقة وبداية تشكيل معسكراتها والقيام بعمليات فدائية . ويضيف الأخ عز الدين بعد حدوث نكسة 67 واحتلال باقي فلسطين إضافة إلى احتلال سيناء والجولان، أصبحت اليد الطولى الإرادة الشعب وإرادة الكفاح المسلح، وبالتالي وجب تأميم منظمة التحرير الفلسطينية ليصبح قرارها فلسطينيا محضا، وجرت محاولات عديدة لكي يتلقى جيش التحرير الفلسطيني تعليماته من رئاسة الأركان الفلسطينية وليس من أركان رئاسة الدول العربية المتواجد على أراضيها ، إلى أن جاءت الظروف وأصبح جيش التحرير الفلسطيني تحت إمرة فلسطينية يدافع دفاعا مستميتا عن الثورة الفلسطينية بعد أن قامت فتح بعملية النقل الشرعي لقيادة منظمة التحرير الفلسطينية من قيادة الشهيد المناضل أحمد الشقيري إلى قيادة الرئيس القائد العام یاسر عرفات.  فتح انطلقت باتجاه الوطن       وبدوره يقول الأخ إبراهيم أبو النجا: فرضت نكبة 48، وما ترتب عليها من سلب الأرض الفلسطينية وتهجير للشعب الفلسطيني ، وحالة الضياع التي عانى منها أبناء شعبنا في السنوات الأولى للهجرة، فرضت على الشعب العربي الفلسطيني أن يعيد صنع نفسه من جديد، وقد اضطلع بهذه المهمة كوكبة من المناضلين التقوا فاتفقوا على الخروج من هذا الواقع الأليم وتصويب المسار، | ومن هنا جاء ميلاد التنظيم السياسي الذي سمي بحركة التحرير الوطني الفلسطيني، وقد أخذنا الحروف الأولى للتسمية فتكونت كلمة (حتف) ولكن قلبنا الكلمة وأصبحت فتح، وحروفها تدل على: الفاء فلسطين، والتاء تحرير، والحاء حركة، فالحركة جاءت في الآخر لأنها ستطلع بمهمة التحرير، والفاء جاءت في الأول لأن الهدف الأول هو فلسطين، وحركة فتح عندما تأسست لم يكن المقصود منها أن تكون على غرار التنظيمات السياسية التي سبقتها في التأسيس ولكنها جاءت لتنطلق من العمل السياسي إلى العمل العسكري الذي ترجم على ارض الواقع مع بزوغ فجر 65/1/1 وتفجير الكفاح المسلح لنعلن للعالم أننا انطلقنا باتجاه استرداد فلسطين، وقد حذرنا من أي محاولة تستهدف النيل من عملنا العسكري، وقد رافقت الانطلاقة أدبيات تتمثل في المبادئ والأهداف والشعارات وتعرضت حركة فتح وكوادرها الملاحقات ومطاردات، وزج بهم في السجون. وأضاف أبو النجا إن الإعلان عن الكفاح المسلح وضع طلائعنا الفلسطينية الذين أصبحوا فيما بعد قادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح وعلى رأسهم الأخ القائد أبو عمار ورفيق دربه الشهيد القائد خليل الوزير (أبو جهاد) وبقية الأخوة في وضع يصدق فيهم قوله تعالى و من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا.  ويوضح أبو النجا بأن انطلاقة فتح ليست بديلا عن العمل العربي المشترك فنحن رأس الحربة التحرير فلسطين حيث تلقف أبناء شعبنا الفلسطيني في كافة أماكن تواجده نبأ الانطلاقة بتلهف وتأييد كبير ويحدوهم الأمل بأن هذا هو الطريق لتحرير فلسطين ونیل حقوقنا الوطنية وبدأوا بالالتحاق بصفوف الحركة، حيث كان للفدائيين العديد من المعارك والعمليات العسكرية التي أوجعت الاحتلال، وكان الفدائيون يمارسون حرب العصابات ولم يمارسوا الحرب النظامية حيث دخلت العلم العسكري النظرية الفلسطينية بأن الصمود المدعوم بالحق هو الأساس وواجه مقاتلونا بأسلحتهم الخفيفة الفردية الآليات والطائرات وكل أشكال الحملة الصهيونية، لم نتكلم نحن عن النتائج بقدر ما تكلم العدو نفسه وبقدر ما تكلم المراقبون العسكريون والسياسيون، وشكلت عملياتنا انعطافا جديدا في فهم العالم كله لخصوصية وطبيعة قضيتنا مما أدى إلى الالتحام الشعبي بالثورة الفلسطينية وبدأت المعادلة في التغيير والنظرة تختلف من شعب لاجئ إلى شعب يمارس الكفاح من أجل عودته إلى أرضه، وكان على الثورة أن تستوعب المناضلين الذين التحقوا بها وأن تقيم المؤسسات في الوقت الذي كثرت فيه أعباء الثورة الفلسطينية واستطاعت أن تبني المؤسسة العسكرية وتوابعها،  وهذه النقلة الجديدة جعلتنا،  مستهدفين من بعض القوى التي لم يكن هدفها تحرير الوطن سواء كانت على الصعيد المحلي أو على الصعيد القومي واستمر النضال الفلسطيني وكانت العمليات ليلية وبشكل مكثف وأذكر هنا عمليات الحزام الأخضر حيث أخذت شكل المواجهة العسكرية الحقيقية غرب النهر التي قادها الأخ أبو عمار والأخ أبو جهاد و الأخ أبو صبري، وكل القيادة الفلسطينية كان عليها أن تدخل إلى الداخل التبني الخلايا السرية وتمدها بالأسلحة مما أضفى على نضالنا وقتالنا شينا متميزا حيث أن القيادات السياسية والعسكرية كانت تضطلع بهذا الدور في البناء والتأسيس وإقامة القواعد و تثبيت التنظيم السري في التعبئة و التحريض.  انطلاقة فتح كسرت الجمود والتراجع      يقول الأخ أبو ماهر حلس بأن میلاد حركة فتح وتحديدا انطلاقتها العسكرية كان في ظل ظروف عربية واقليمية تكيفت مع وجود کیان اسرائيلي وكأنها أمر واقع، وأن العمل المسلح هو مغامرة محكوم عليها بالفشل، وجاءت انطلاقة فتح لتكسر هذه المفاهيم وتستبدلها بمفهوم ثوري جديد يعتمد على الكفاح المسلح. ويضيف الأخ أبو ماهر بأن من أطواق السلامة اللي اعتمدتها فتح وضمن منطلقاتها الأساسية هي حفاظها على استقلالية القرار الوطني الفلسطيني، وقد مارست هذا الشعار في كل مراحل العمل الوطني، فهي لم تتدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة إضافة إلى أنها لم تسمح بالتدخل في الشؤون الداخلية الفلسطينية بغض النظر عن حجم التحالف مع هذا | النظام أو ذاك، وقد كانت فتح وقيادتها دائما مرشحة للإسهام الايجابي في حل الكثير من الخلافات العربية .  وما يميز حركة فتح هو أنها صاحبة المبادرة التاريخية في كل مراحل العمل الوطني، فعندما | اختارت الكفاح المسلح، كان هذا | بمثابة مغامرة في نظر الآخرين، | لكن سرعان ما لحق بها الجميع وثبتت صحة النظرية الفتحاوية، | وحينما اختارت السلام كان أيضا السلام مجازفة تاريخية، ولكن سرعان ما اتضحت صحة الخطوة التي اتخذتها قيادتنا الفلسطينية | وعلى رأسها الأخ القائد أبو عمار في كل المراحل سواء معركة الحرب أو السلام، فهي تنطلق من رؤى واضحة لأهدافها الوطنية وللمصلحة العليا لشعبنا ضمن قراءة واقعية لظروف شعبنا.  واعتمدت فتح المرونة في التكتيك وصلابة استراتيجية وثبات على الهدف والمبادئ، وما يتغير فهو شعارات وأساليب، حتى نصل إلى اقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.  فتح حملت ميراث الأمة   ومن جهته يرى الأخ سليم الزريعي الذي أمضى خمسة وعشرين عاما في السجون الإسرائيلية أن الحديث عن حركة فتح ذو شجون، ففتح ولدت من رحم المعاناة وفي مرحلة أسمناها بمرحلة الاستقرار المنظومي، هذه المرحلة التي طغت فيها فكرة العمل القومي على كل ما عداها، وحينما استذكر تلك المرحلة في تلك الظروف لا يسعني إلا أن أقول إن قرار انطلاقة فتح وقرار تشكيل طلائع قوات العاصفة كان قرارا يرقى إلى مستوى المرحلة وكان قرارا شجاعا لا يجرؤ على اتخاذه إلا تلك القيادة التاريخية التي قادت النضال الفلسطيني وحملت حلم الإنسان الفلسطيني وهمومه وكانت بمستوى حمل أمانة ميراث الأمة وصون التاريخ الفلسطيني من الاندثار.  ويضيف الزريعي إنه في تلك الفترة أسهمت الأنظمة العربية بما طرحته من مفاهيم في تغييب الدور الفلسطيني والذي يفترض أن يكون هو الدور الأساسي، وتبقى الجبهة العربية داعمة ومساندة تقف إلى جانب نضال شعبنا وتدعم كفاحه، وقد أثبتت الأيام والمعارك التي تلت ذلك صحة هذه المقولة حيث اتهمتنا بعض الأنظمة العربية بأننا قطريون و إقليميون و انفصاليون في ذاك الوقت ورددنا على هذه الادعاءات والاتهامات بأن حركة فتح فلسطينية الوجه عربية القلب والوجدان عالمية الأبعاد والامتدادات، فالمعركة قومية ويجب أن يكون الفلسطيني هو رأس الرمح وأن تكون المعركة تحت قيادة فلسطينية ونذكر عندما دخل جيش الانقاذ فلسطين في الأربعينات أسهم في تحجيم ثورة الفلسطينيين تحت شعار أن المعركة قومية. وتحول جيش الجهاد المقدس الفلسطيني في ذاك الحين إلى مجموعات متناثرة حينما ألغيت قيادته بقرار من جامعة الدول العربية وقالوا إن جيش الإنقاذ هو البديل وانسحب جيش الإنقاذ بقرار عربي وبقي الفلسطينيون ممزقين أمام الحركة الصهيونية، من هنا ندرك أهمية قرار القيادة التاريخية لحركة فتح في أن يتصدر الفلسطينيون النضال من أجل قضيتهم الفلسطينية وهويتهم النضالية.  فتح وهج الجماهير ومشعلها الحقيقي   يقول الأخ أحمد أبو سيف وهو أحد المقاتلين الذين جمعوا بين الانتماء الفتحاوي فكرا ومنهجا وبين الكفاح المسلح عملا وتطبيقا بأن حركة فتح هي المشعل الحقيقي للشعب الفلسطيني وهي وهج الجماهير ويصب نضالها في إطار العمل الفلسطيني من أجل تحرير فلسطين، وكان ثقلنا العسكري موجودا في الأردن بشكل مجموعات سرية.  وبعد حرب 67 نشطت حركة فتح عسكريا ودخلنا بما سمی ( كسر العظم ) مع الإسرائيليين وكانت حرب الكرامة بداية أول تصد عسكري حقيقي للعدو، حيث الحقت الهزيمة به، وهبت الجماهير للالتحاق بصفوفنا، وتطورت القواعد الفدائية في جنوب أربد والرمثا، ومن كان ينظر ليلا إلى أريحا من جبال اربد والناعور يجد منطقة أريحا وقد لفتها أحزمة من النيران فالعمليات بشكل يومي، وكان ينفذون مقاتلونا عملياتهم الفدائية سرا وفي الليل خوفا من اعتراض طريقهم.  ويضيف الأخ أبو سيف بأننا عندما نتكلم عن فتح فإننا نتكلم عن فلسطين ذلك أن فتح استوعبت معظم أبناء الشعب الفلسطيني في صفوفها وكانت بمثابة الأم الحنون، بل إنها كانت تمد التنظيمات الفلسطينية الأخرى بالمال والعتاد لمواصلة مشوارها النضالي من أجل تحرير فلسطين، | وفتح عبارة عن حركة عالمية استطاعت تجنيد الرأي العام الصالح القضية الفلسطينية وكانت تدعم نفسها بنفسها.  انطلاقة فتح حلقة من حلقات النضال الشعبي  يقول الأخ أحمد أبو شاويش بأن الحديث عن انطلاقة فتح يقود إلى السياق التاريخي الذي جاءت فيه الانطلاقة وبروز العمل العسكري فالانطلاقة لم تأت من فراغ وانما هي حلقة من حلقات النضال الفلسطيني الممتد في أعماق التاريخ ، وخاصة منذ وطئت أرض فلسطين اقدام المستيا وطنين الصهاينة في أواخر القرن التاسع عشر، وانطلاقة فتح وانتهاج الكفاح المسلح سبيلا للوصول إلى فلسطين وتحريرها جعل من شعبنا الفلسطيني بدلا من شعب لاجئ شعبا يحترمه العالم .  ويضيف أبو شاويش وإن منعطفات كثيرة اعترضت طريق الثورة بالأرواح والدماء، وتمكنت فتح أن تدحض المقولة الصهيونية بأن فلسطين أرض بلا شعب ، الشعب بلا أرض، واستطاعت فتح بثورتها وبجماهيرها أن تثبت أن هذه الأرض لنا منذ الأزل وحتى الأبد وأن دولتنا الفلسطينية المستقلة قادمة لا محالة وعاصمتها القدس الشريف.  استقلالية القرار الوطني  أما عن استقلالية القرار الوطني الفلسطيني الذي اعتبرته حركة فتح مبدأ من مبادئها الرئيسية... فالهدف كان من أجل الابتعاد عن دائرة الاستقطابات العربية والدولية ضمانا لتأييد الجميع عربيا ودوليا.  فتح فلسطينية المنطلق عربية الانتماء  عن ذلك يقول الأخ سليم الزعنون لقد فهم البعض وربما عن خبث ودهاء أن ذلك يعني نظرة وطنية ضيقة تتنكر القومية القضية الفلسطينية، حيث جرى الطعن في هذا المبدأ وتشويهه بينما حقيقة الأمر كانت تؤكد وباستمرار وبكل الصدق ومنذ البدايات على أن الثورة الفلسطينية بقيادة فتح إنما هي فلسطينية المنطلق عربية الانتماء، ولطالما رددها الأخ قاند الثورة الرئيس یاسر عرفات ومن كل المنابر" إنها فلسطينية الوجه عربية القلب" ولقد عرفت الأمة العربية ذلك، فكان الامتداد الواسع والعميق الحركة فتح في صفوف الأمة العربية من المحيط إلى الخليج، وامتد ذلك الوجود إلى كل شعوب الأمة الإسلامية و أما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض .  لا للوصاية .. ولا للتبعية .. ولا للاحتواء  يقول الأخ مازن عز الدين بدأت حركة فتح تحت عناوین واضحة في منطلقاتها الاستراتيجية حيث خاطبت بعدنا العربي، الذي يعتبر القاعدة الارتكازية الأساسية فحركة فتح لم تكن تبحث فقط عن القرار الفلسطيني المستقل و انما الضرورات التفاوضية والضرورات السياسية كانت تفرض على القيادة الفلسطينية إيجاد هامش هام وواسع للمناورة أطلق عليه القرار الوطني الفلسطيني المستقل وفتح رفعت شعارات واضحة بأن الثورة الفلسطينية فلسطينية الوجه عربية القلب، وعندما بدأت الطروحات السياسية لتبرير الاعتراف بقراري 242، 338 ودخولنا في مراحل تسوية بعد عام 73، جعلنا نخوض عملية التمایز نظرا لأن كل الأقطار العربية التي تتواجد على أرضها لها هامش في الإطار القومي ولكن لها هامشا في صنع قرارها الداخلي أيضا.  ويضيف الأخ عز الدين بأنه منعا للمصادرة والاحتواء فقد طبقنا شعارات فتح الأولى التي تستند الى ثلاثة أعمدة أساسية وهي لا للوصاية، لا للتبعية، لا للاحتواء، ورفعنا شعار استراتيجيا بأننا نرفض التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية وكذلك نرفض أن يتدخل أحد في شؤوننا الداخلية، إلى أن جاءت معركة بيروت حيث دافعنا عن قرارنا الوطني وخضنا معركة طرابلس كذلك دفاعا عن قرارنا الوطني الفلسطيني.  استقلالية حركة فتح  أما الأخ زكريا الأغا فقال إن حركة فتح خاضت معارك كثيرة للحفاظ على قرارنا الفلسطيني المستقل فمنذ اللحظة الأولى كانت تشعر أنه لكي تنجح ولكي تعبر تعبيرا صادقا عن آمال وطموحات الشعب الفلسطيني يجب أن تكون بعيدة عن الاحتواء، هذا ليس انفصالا عن العالم العربي، لكن فتح منذ اللحظة الأولى قررت واكدت استقلاليتها وكان هذا واضحا منذ اللحظة الأولى وحتی الآن .  أضاف الأغا: لا أحد يستطيع أن يحسب حركة فتح على أي نظام عربي حتى عندما تأزمت الأمور مع المنشقين في ۸۳ وحينما حاولت بعض الأنظمة العربية تقييد منظمة التحرير الفلسطينية واصابتها بالشلل، قامت حركة فتح ومعها جميع الأخوة من الفصائل الفلسطينية التي كانت تقف إلى جانبها لتعلن وتؤكد على ضرورة الخروج من هذا الوضع الذي وجدت المنظمة نفسها فيه بعد الانشقاق، فكان المؤتمر الفلسطيني السابع عشر الذي عقد في عمان والذي أخرج المنظمة من الشلل، وهذه الدورة أكدت أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني بقيادة الأخ أبو عمار، وسميت هذه الدورة بدورة القرار الوطني الفلسطيني المستقل والذي لاقت فيها تجاوبا جماهيريا كبيرا في الأراضي الفلسطينية المحتلة وقاموا بمظاهرات وسقط الشهداء بمن فيهم شهيد القرار الوطني الفلسطيني (شرف الطيبي).  فتح بانطلاقتها تفجر المسار التاريخي للمنطقة  يقول الأخ سلیم الزعنون، لقد أثرت فتح بالفعل في المسار التاريخي للشرق الأوسط... سواء من حيث الحروب التي اشتعلت في المنطقة أو من خلال فرض وجود الثورة الفلسطينية من جهة أخرى على خريطة المنطقة بل وعلى الخريطة العالمية بالنسبة البؤر الصراع في العالم.  وأما عن الانتقال بالنضال الفلسطيني من الشتات إلى أرض الوطن فهذا أصبح حقيقة واقعة لا يستطيع أحد إنكارها، فبعد العودة إلى أرض الوطن من خلال اتفاقات السلام مع حكومة إسرائيل العمالية بزعامة اسحق رابين وشمعون بيريس في أوسلو والقاهرة وطابا سنة ۱۹۹۳، فإن الجسم المسلح للثورة الفلسطينية قد عاد بسلاحه إلى أرض الوطن ليكون طليعة لعودة الشعب الفلسطيني كله.  ويشير الأخ أبو الأديب إلى اتفاقات أوسلو بأنه لا أحد ينكر ما تقوم به طلائع شعبنا المتمثلة في السلطة الوطنية الفلسطينية ورموزها بقيادة الأخ الرئيس یاسر عرفات والأعضاء المنتخبين من قبل شعبنا في المجلس التشريعي المنضوي تحت مظلة المجلس الوطني الفلسطيني الذي يعتبر خيمة الشرعية الفلسطينية في داخل الوطن والشتات، فالكل يشاهد بأم عينيه صباح مساء كيف يواجه شعبنا جنود الاحتلال وفي طليعة المواجهة يقف اخواننا رموز السلطة الوطنية وأعضاء المجلس التشريعي والوطني وكل رجال الأمن الذين هم فدائيو الأمس حيث التصدي للممارسات الاسرائيلية المتنكرة لكل الاتفاقات و المواثيق الدولية والانسانية، انه الصراع من فوق أرض الوطن الذي يتعرض لمؤامرات التهديد وطمس الهوية الفلسطينية، إنها معركة تجسيد الهوية الفلسطينية وإرساء قواعد الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف فوق أرض فلسطين ووجها لوجه مع قوات الاحتلال وأساليبه القمعية.  ويتساءل الأخ أبو الأديب هل هناك ما هو أفضل و أروع وأصدق من معايشة القيادة لشعبها في كفاحه ومعاناته وصنع مستقبله..؟؟  وهل كانت فتح الأمس صاحبة شعار "ثورة حتی النصر" غير فتح اليوم التي ما زالت تخوض هذه الثورة ومن فوق أرض فلسطين من أجل النصر وبناء دولة فلسطين...؟!  ما حققته فتح من مبادئها وأهدافها  عن ذلك يقول الأخ سليم الزعنون بأنه يكفي أن نذكر بحال الشعب الفلسطيني وثورته في أعقاب حرب العراق - الكويت.. لقد كانت هناك مؤامرة لإلغاء الوجود الفلسطيني، حيث جرى تهميش الدور الفلسطيني في مؤتمر مدريد للسلام.. لكننا سرعان ما أثبتنا وجودنا وأصبحنا الرقم الصعب - كما يقولها الأخ الرئيس أبو عمار الذي لا يمكن تجاهله، وها نحن على أرضنا قيادة ومقاتلين ومعنا أكثر من خمسين الفا من أبناء شعبنا المشردين قد عادوا إلى أرض الوطن طليعة العودة كل الشعب الفلسطيني .. و العالم كله يؤازرنا ويقف معنا، حيث انقلبت المعادلة وبات الإسرائيليون في ظل زعامتهم اليمينية المتطرفة محاصرين في كل المجالات الدولية، والأهم من كل هذا .. هو أننا نمارس حقنا المشروع في النضال وبناء دولتنا المستقلة من فوق أرضنا والشرعية الدولية كلها تقف إلى جانبنا.  ويستبشر الأخ أبو الأديب خيرا ويقول قريبا إن شاء الله.. سيشهد العالم قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف .. لأنها باتت مطلبا دوليا أيضا حتى إنه صارت هناك قناعات عند قطاع كبير من القادة و الشارع الإسرائيلي بضرورة قيام دولتنا الفلسطينية باعتبار ذلك حاجة ملحة لإقرار السلام في المنطقة، فالنضال الثوري دائما له أهدافه المرحلية والاستراتيجية المتمثلة في إقامة دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.. وعودة أبناء شعبنا في الشتات إلى أرض الوطن وما يتبع ذلك من مطالبة بحقوقنا المشروعة في أرضنا المغتصبة و أملاكنا المسلوبة.  من شعب لاجئ إلى شعب ذى سيادة   يقول الأخ زكريا الأغا بأن أكبر انجاز لمبادئ فتح وأهدافها هو أن القيادة الفلسطينية فوق الثرى الفلسطيني والسلطة الوطنية هي المقدمة الطبيعية والأكيدة للدولة الفلسطينية حيث إن آمالنا زادت في قيامها فقد تحولنا من شعب لاجئ إلى شعب ذي سيادة وطنية، وأصبح الجميع يعترف بنا ككيان، فالعلم الفلسطيني يرفرف فوق ربوع الوطن والمواطن يسافر بجواز سفر فلسطيني، وكلنا ثقة بالأخ القائد ياسر عرفات لنصل إلى القدس الشريف عاصمة دولتنا الفلسطينية.             نشر بتاريخ - يناير - 1997 - مجلة الرأي - عدد 7   يقول الأخ أبو ماهر حلس بأن میلاد حركة فتح وتحديدا انطلاقتها العسكرية كان في ظل ظروف عربية واقليمية تكيفت مع وجود کیان اسرائيلي وكأنها أمر واقع، وأن العمل المسلح هو مغامرة محكوم عليها بالفشل، وجاءت انطلاقة فتح لتكسر هذه المفاهيم وتستبدلها بمفهوم ثوري جديد يعتمد على الكفاح المسلح. ويضيف الأخ أبو ماهر بأن من أطواق السلامة اللي اعتمدتها فتح وضمن منطلقاتها الأساسية هي حفاظها على استقلالية القرار الوطني الفلسطيني، وقد مارست هذا الشعار في كل مراحل العمل الوطني، فهي لم تتدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة إضافة إلى أنها لم تسمح بالتدخل في الشؤون الداخلية الفلسطينية بغض النظر عن حجم التحالف مع هذا | النظام أو ذاك، وقد كانت فتح وقيادتها دائما مرشحة للإسهام الايجابي في حل الكثير من الخلافات العربية .  وما يميز حركة فتح هو أنها صاحبة المبادرة التاريخية في كل مراحل العمل الوطني، فعندما | اختارت الكفاح المسلح، كان هذا | بمثابة مغامرة في نظر الآخرين، | لكن سرعان ما لحق بها الجميع وثبتت صحة النظرية الفتحاوية، | وحينما اختارت السلام كان أيضا السلام مجازفة تاريخية، ولكن سرعان ما اتضحت صحة الخطوة التي اتخذتها قيادتنا الفلسطينية | وعلى رأسها الأخ القائد أبو عمار في كل المراحل سواء معركة الحرب أو السلام، فهي تنطلق من رؤى واضحة لأهدافها الوطنية وللمصلحة العليا لشعبنا ضمن قراءة واقعية لظروف شعبنا.  واعتمدت فتح المرونة في التكتيك وصلابة استراتيجية وثبات على الهدف والمبادئ، وما يتغير فهو شعارات وأساليب، حتى نصل إلى اقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.  فتح حملت ميراث الأمة   ومن جهته يرى الأخ سليم الزريعي الذي أمضى خمسة وعشرين عاما في السجون الإسرائيلية أن الحديث عن حركة فتح ذو شجون، ففتح ولدت من رحم المعاناة وفي مرحلة أسمناها بمرحلة الاستقرار المنظومي، هذه المرحلة التي طغت فيها فكرة العمل القومي على كل ما عداها، وحينما استذكر تلك المرحلة في تلك الظروف لا يسعني إلا أن أقول إن قرار انطلاقة فتح وقرار تشكيل طلائع قوات العاصفة كان قرارا يرقى إلى مستوى المرحلة وكان قرارا شجاعا لا يجرؤ على اتخاذه إلا تلك القيادة التاريخية التي قادت النضال الفلسطيني وحملت حلم الإنسان الفلسطيني وهمومه وكانت بمستوى حمل أمانة ميراث الأمة وصون التاريخ الفلسطيني من الاندثار.  ويضيف الزريعي إنه في تلك الفترة أسهمت الأنظمة العربية بما طرحته من مفاهيم في تغييب الدور الفلسطيني والذي يفترض أن يكون هو الدور الأساسي، وتبقى الجبهة العربية داعمة ومساندة تقف إلى جانب نضال شعبنا وتدعم كفاحه، وقد أثبتت الأيام والمعارك التي تلت ذلك صحة هذه المقولة حيث اتهمتنا بعض الأنظمة العربية بأننا قطريون و إقليميون و انفصاليون في ذاك الوقت ورددنا على هذه الادعاءات والاتهامات بأن حركة فتح فلسطينية الوجه عربية القلب والوجدان عالمية الأبعاد والامتدادات، فالمعركة قومية ويجب أن يكون الفلسطيني هو رأس الرمح وأن تكون المعركة تحت قيادة فلسطينية ونذكر عندما دخل جيش الانقاذ فلسطين في الأربعينات أسهم في تحجيم ثورة الفلسطينيين تحت شعار أن المعركة قومية. وتحول جيش الجهاد المقدس الفلسطيني في ذاك الحين إلى مجموعات متناثرة حينما ألغيت قيادته بقرار من جامعة الدول العربية وقالوا إن جيش الإنقاذ هو البديل وانسحب جيش الإنقاذ بقرار عربي وبقي الفلسطينيون ممزقين أمام الحركة الصهيونية، من هنا ندرك أهمية قرار القيادة التاريخية لحركة فتح في أن يتصدر الفلسطينيون النضال من أجل قضيتهم الفلسطينية وهويتهم النضالية.      فتح وهج الجماهير ومشعلها الحقيقي   يقول الأخ أحمد أبو سيف وهو أحد المقاتلين الذين جمعوا بين الانتماء الفتحاوي فكرا ومنهجا وبين الكفاح المسلح عملا وتطبيقا بأن حركة فتح هي المشعل الحقيقي للشعب الفلسطيني وهي وهج الجماهير ويصب نضالها في إطار العمل الفلسطيني من أجل تحرير فلسطين، وكان ثقلنا العسكري موجودا في الأردن بشكل مجموعات سرية.  وبعد حرب 67 نشطت حركة فتح عسكريا ودخلنا بما سمی ( كسر العظم ) مع الإسرائيليين وكانت حرب الكرامة بداية أول تصد عسكري حقيقي للعدو، حيث الحقت الهزيمة به، وهبت الجماهير للالتحاق بصفوفنا، وتطورت القواعد الفدائية في جنوب أربد والرمثا، ومن كان ينظر ليلا إلى أريحا من جبال اربد والناعور يجد منطقة أريحا وقد لفتها أحزمة من النيران فالعمليات بشكل يومي، وكان ينفذون مقاتلونا عملياتهم الفدائية سرا وفي الليل خوفا من اعتراض طريقهم.  ويضيف الأخ أبو سيف بأننا عندما نتكلم عن فتح فإننا نتكلم عن فلسطين ذلك أن فتح استوعبت معظم أبناء الشعب الفلسطيني في صفوفها وكانت بمثابة الأم الحنون، بل إنها كانت تمد التنظيمات الفلسطينية الأخرى بالمال والعتاد لمواصلة مشوارها النضالي من أجل تحرير فلسطين، | وفتح عبارة عن حركة عالمية استطاعت تجنيد الرأي العام الصالح القضية الفلسطينية وكانت تدعم نفسها بنفسها.  انطلاقة فتح حلقة من حلقات النضال الشعبي  يقول الأخ أحمد أبو شاويش بأن الحديث عن انطلاقة فتح يقود إلى السياق التاريخي الذي جاءت فيه الانطلاقة وبروز العمل العسكري فالانطلاقة لم تأت من فراغ وانما هي حلقة من حلقات النضال الفلسطيني الممتد في أعماق التاريخ ، وخاصة منذ وطئت أرض فلسطين اقدام المستيا وطنين الصهاينة في أواخر القرن التاسع عشر، وانطلاقة فتح وانتهاج الكفاح المسلح سبيلا للوصول إلى فلسطين وتحريرها جعل من شعبنا الفلسطيني بدلا من شعب لاجئ شعبا يحترمه العالم .  ويضيف أبو شاويش وإن منعطفات كثيرة اعترضت طريق الثورة بالأرواح والدماء، وتمكنت فتح أن تدحض المقولة الصهيونية بأن فلسطين أرض بلا شعب ، الشعب بلا أرض، واستطاعت فتح بثورتها وبجماهيرها أن تثبت أن هذه الأرض لنا منذ الأزل وحتى الأبد وأن دولتنا الفلسطينية المستقلة قادمة لا محالة وعاصمتها القدس الشريف.  استقلالية القرار الوطني  أما عن استقلالية القرار الوطني الفلسطيني الذي اعتبرته حركة فتح مبدأ من مبادئها الرئيسية... فالهدف كان من أجل الابتعاد عن دائرة الاستقطابات العربية والدولية ضمانا لتأييد الجميع عربيا ودوليا.  فتح فلسطينية المنطلق عربية الانتماء  عن ذلك يقول الأخ سليم الزعنون لقد فهم البعض وربما عن خبث ودهاء أن ذلك يعني نظرة وطنية ضيقة تتنكر القومية القضية الفلسطينية، حيث جرى الطعن في هذا المبدأ وتشويهه بينما حقيقة الأمر كانت تؤكد وباستمرار وبكل الصدق ومنذ البدايات على أن الثورة الفلسطينية بقيادة فتح إنما هي فلسطينية المنطلق عربية الانتماء، ولطالما رددها الأخ قاند الثورة الرئيس یاسر عرفات ومن كل المنابر" إنها فلسطينية الوجه عربية القلب" ولقد عرفت الأمة العربية ذلك، فكان الامتداد الواسع والعميق الحركة فتح في صفوف الأمة العربية من المحيط إلى الخليج، وامتد ذلك الوجود إلى كل شعوب الأمة الإسلامية و أما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض .  لا للوصاية .. ولا للتبعية .. ولا للاحتواء  يقول الأخ مازن عز الدين بدأت حركة فتح تحت عناوین واضحة في منطلقاتها الاستراتيجية حيث خاطبت بعدنا العربي، الذي يعتبر القاعدة الارتكازية الأساسية فحركة فتح لم تكن تبحث فقط عن القرار الفلسطيني المستقل و انما الضرورات التفاوضية والضرورات السياسية كانت تفرض على القيادة الفلسطينية إيجاد هامش هام وواسع للمناورة أطلق عليه القرار الوطني الفلسطيني المستقل وفتح رفعت شعارات واضحة بأن الثورة الفلسطينية فلسطينية الوجه عربية القلب، وعندما بدأت الطروحات السياسية لتبرير الاعتراف بقراري 242، 338 ودخولنا في مراحل تسوية بعد عام 73، جعلنا نخوض عملية التمایز نظرا لأن كل الأقطار العربية التي تتواجد على أرضها لها هامش في الإطار القومي ولكن لها هامشا في صنع قرارها الداخلي أيضا.  ويضيف الأخ عز الدين بأنه منعا للمصادرة والاحتواء فقد طبقنا شعارات فتح الأولى التي تستند الى ثلاثة أعمدة أساسية وهي لا للوصاية، لا للتبعية، لا للاحتواء، ورفعنا شعار استراتيجيا بأننا نرفض التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية وكذلك نرفض أن يتدخل أحد في شؤوننا الداخلية، إلى أن جاءت معركة بيروت حيث دافعنا عن قرارنا الوطني وخضنا معركة طرابلس كذلك دفاعا عن قرارنا الوطني الفلسطيني.  استقلالية حركة فتح  أما الأخ زكريا الأغا فقال إن حركة فتح خاضت معارك كثيرة للحفاظ على قرارنا الفلسطيني المستقل فمنذ اللحظة الأولى كانت تشعر أنه لكي تنجح ولكي تعبر تعبيرا صادقا عن آمال وطموحات الشعب الفلسطيني يجب أن تكون بعيدة عن الاحتواء، هذا ليس انفصالا عن العالم العربي، لكن فتح منذ اللحظة الأولى قررت واكدت استقلاليتها وكان هذا واضحا منذ اللحظة الأولى وحتی الآن .  أضاف الأغا: لا أحد يستطيع أن يحسب حركة فتح على أي نظام عربي حتى عندما تأزمت الأمور مع المنشقين في ۸۳ وحينما حاولت بعض الأنظمة العربية تقييد منظمة التحرير الفلسطينية واصابتها بالشلل، قامت حركة فتح ومعها جميع الأخوة من الفصائل الفلسطينية التي كانت تقف إلى جانبها لتعلن وتؤكد على ضرورة الخروج من هذا الوضع الذي وجدت المنظمة نفسها فيه بعد الانشقاق، فكان المؤتمر الفلسطيني السابع عشر الذي عقد في عمان والذي أخرج المنظمة من الشلل، وهذه الدورة أكدت أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني بقيادة الأخ أبو عمار، وسميت هذه الدورة بدورة القرار الوطني الفلسطيني المستقل والذي لاقت فيها تجاوبا جماهيريا كبيرا في الأراضي الفلسطينية المحتلة وقاموا بمظاهرات وسقط الشهداء بمن فيهم شهيد القرار الوطني الفلسطيني (شرف الطيبي).  فتح بانطلاقتها تفجر المسار التاريخي للمنطقة  يقول الأخ سلیم الزعنون، لقد أثرت فتح بالفعل في المسار التاريخي للشرق الأوسط... سواء من حيث الحروب التي اشتعلت في المنطقة أو من خلال فرض وجود الثورة الفلسطينية من جهة أخرى على خريطة المنطقة بل وعلى الخريطة العالمية بالنسبة البؤر الصراع في العالم.  وأما عن الانتقال بالنضال الفلسطيني من الشتات إلى أرض الوطن فهذا أصبح حقيقة واقعة لا يستطيع أحد إنكارها، فبعد العودة إلى أرض الوطن من خلال اتفاقات السلام مع حكومة إسرائيل العمالية بزعامة اسحق رابين وشمعون بيريس في أوسلو والقاهرة وطابا سنة ۱۹۹۳، فإن الجسم المسلح للثورة الفلسطينية قد عاد بسلاحه إلى أرض الوطن ليكون طليعة لعودة الشعب الفلسطيني كله.  ويشير الأخ أبو الأديب إلى اتفاقات أوسلو بأنه لا أحد ينكر ما تقوم به طلائع شعبنا المتمثلة في السلطة الوطنية الفلسطينية ورموزها بقيادة الأخ الرئيس یاسر عرفات والأعضاء المنتخبين من قبل شعبنا في المجلس التشريعي المنضوي تحت مظلة المجلس الوطني الفلسطيني الذي يعتبر خيمة الشرعية الفلسطينية في داخل الوطن والشتات، فالكل يشاهد بأم عينيه صباح مساء كيف يواجه شعبنا جنود الاحتلال وفي طليعة المواجهة يقف اخواننا رموز السلطة الوطنية وأعضاء المجلس التشريعي والوطني وكل رجال الأمن الذين هم فدائيو الأمس حيث التصدي للممارسات الاسرائيلية المتنكرة لكل الاتفاقات و المواثيق الدولية والانسانية، انه الصراع من فوق أرض الوطن الذي يتعرض لمؤامرات التهديد وطمس الهوية الفلسطينية، إنها معركة تجسيد الهوية الفلسطينية وإرساء قواعد الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف فوق أرض فلسطين ووجها لوجه مع قوات الاحتلال وأساليبه القمعية.  ويتساءل الأخ أبو الأديب هل هناك ما هو أفضل و أروع وأصدق من معايشة القيادة لشعبها في كفاحه ومعاناته وصنع مستقبله..؟؟  وهل كانت فتح الأمس صاحبة شعار "ثورة حتی النصر" غير فتح اليوم التي ما زالت تخوض هذه الثورة ومن فوق أرض فلسطين من أجل النصر وبناء دولة فلسطين...؟!  ما حققته فتح من مبادئها وأهدافها  عن ذلك يقول الأخ سليم الزعنون بأنه يكفي أن نذكر بحال الشعب الفلسطيني وثورته في أعقاب حرب العراق - الكويت.. لقد كانت هناك مؤامرة لإلغاء الوجود الفلسطيني، حيث جرى تهميش الدور الفلسطيني في مؤتمر مدريد للسلام.. لكننا سرعان ما أثبتنا وجودنا وأصبحنا الرقم الصعب - كما يقولها الأخ الرئيس أبو عمار الذي لا يمكن تجاهله، وها نحن على أرضنا قيادة ومقاتلين ومعنا أكثر من خمسين الفا من أبناء شعبنا المشردين قد عادوا إلى أرض الوطن طليعة العودة كل الشعب الفلسطيني .. و العالم كله يؤازرنا ويقف معنا، حيث انقلبت المعادلة وبات الإسرائيليون في ظل زعامتهم اليمينية المتطرفة محاصرين في كل المجالات الدولية، والأهم من كل هذا .. هو أننا نمارس حقنا المشروع في النضال وبناء دولتنا المستقلة من فوق أرضنا والشرعية الدولية كلها تقف إلى جانبنا.  ويستبشر الأخ أبو الأديب خيرا ويقول قريبا إن شاء الله.. سيشهد العالم قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف .. لأنها باتت مطلبا دوليا أيضا حتى إنه صارت هناك قناعات عند قطاع كبير من القادة و الشارع الإسرائيلي بضرورة قيام دولتنا الفلسطينية باعتبار ذلك حاجة ملحة لإقرار السلام في المنطقة، فالنضال الثوري دائما له أهدافه المرحلية والاستراتيجية المتمثلة في إقامة دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.. وعودة أبناء شعبنا في الشتات إلى أرض الوطن وما يتبع ذلك من مطالبة بحقوقنا المشروعة في أرضنا المغتصبة و أملاكنا المسلوبة.  من شعب لاجئ إلى شعب ذى سيادة   يقول الأخ زكريا الأغا بأن أكبر انجاز لمبادئ فتح وأهدافها هو أن القيادة الفلسطينية فوق الثرى الفلسطيني والسلطة الوطنية هي المقدمة الطبيعية والأكيدة للدولة الفلسطينية حيث إن آمالنا زادت في قيامها فقد تحولنا من شعب لاجئ إلى شعب ذي سيادة وطنية، وأصبح الجميع يعترف بنا ككيان، فالعلم الفلسطيني يرفرف فوق ربوع الوطن والمواطن يسافر بجواز سفر فلسطيني، وكلنا ثقة بالأخ القائد ياسر عرفات لنصل إلى القدس الشريف عاصمة دولتنا الفلسطينية.             نشر بتاريخ - يناير - 1997 - مجلة الرأي - عدد 7


فتح وهج الجماهير ومشعلها الحقيقي

 يقول الأخ أحمد أبو سيف وهو أحد المقاتلين الذين جمعوا بين الانتماء الفتحاوي فكرا ومنهجا وبين الكفاح المسلح عملا وتطبيقا بأن حركة فتح هي المشعل الحقيقي للشعب الفلسطيني وهي وهج الجماهير ويصب نضالها في إطار العمل الفلسطيني من أجل تحرير فلسطين، وكان ثقلنا العسكري موجودا في الأردن بشكل مجموعات سرية.

وبعد حرب 67 نشطت حركة فتح عسكريا ودخلنا بما سمی ( كسر العظم ) مع الإسرائيليين وكانت حرب الكرامة بداية أول تصد عسكري حقيقي للعدو، حيث الحقت الهزيمة به، وهبت الجماهير للالتحاق بصفوفنا، وتطورت القواعد الفدائية في جنوب أربد والرمثا، ومن كان ينظر ليلا إلى أريحا من جبال اربد والناعور يجد منطقة أريحا وقد لفتها أحزمة من النيران فالعمليات بشكل يومي، وكان ينفذون مقاتلونا عملياتهم الفدائية سرا وفي الليل خوفا من اعتراض طريقهم.

ويضيف الأخ أبو سيف بأننا عندما نتكلم عن فتح فإننا نتكلم عن فلسطين ذلك أن فتح استوعبت معظم أبناء الشعب الفلسطيني في صفوفها وكانت بمثابة الأم الحنون، بل إنها كانت تمد التنظيمات الفلسطينية الأخرى بالمال والعتاد لمواصلة مشوارها النضالي من أجل تحرير فلسطين، | وفتح عبارة عن حركة عالمية استطاعت تجنيد الرأي العام الصالح القضية الفلسطينية وكانت تدعم نفسها بنفسها.

انطلاقة فتح حلقة من حلقات النضال الشعبي

يقول الأخ أحمد أبو شاويش بأن الحديث عن انطلاقة فتح يقود إلى السياق التاريخي الذي جاءت فيه الانطلاقة وبروز العمل العسكري فالانطلاقة لم تأت من فراغ وانما هي حلقة من حلقات النضال الفلسطيني الممتد في أعماق التاريخ ، وخاصة منذ وطئت أرض فلسطين اقدام المستيا وطنين الصهاينة في أواخر القرن التاسع عشر، وانطلاقة فتح وانتهاج الكفاح المسلح سبيلا للوصول إلى فلسطين وتحريرها جعل من شعبنا الفلسطيني بدلا من شعب لاجئ شعبا يحترمه العالم .

ويضيف أبو شاويش وإن منعطفات كثيرة اعترضت طريق الثورة بالأرواح والدماء، وتمكنت فتح أن تدحض المقولة الصهيونية بأن فلسطين أرض بلا شعب ، الشعب بلا أرض، واستطاعت فتح بثورتها وبجماهيرها أن تثبت أن هذه الأرض لنا منذ الأزل وحتى الأبد وأن دولتنا الفلسطينية المستقلة قادمة لا محالة وعاصمتها القدس الشريف.

استقلالية القرار الوطني

أما عن استقلالية القرار الوطني الفلسطيني الذي اعتبرته حركة فتح مبدأ من مبادئها الرئيسية... فالهدف كان من أجل الابتعاد عن دائرة الاستقطابات العربية والدولية ضمانا لتأييد الجميع عربيا ودوليا.

فتح فلسطينية المنطلق عربية الانتماء

عن ذلك يقول الأخ سليم الزعنون لقد فهم البعض وربما عن خبث ودهاء أن ذلك يعني نظرة وطنية ضيقة تتنكر القومية القضية الفلسطينية، حيث جرى الطعن في هذا المبدأ وتشويهه بينما حقيقة الأمر كانت تؤكد وباستمرار وبكل الصدق ومنذ البدايات على أن الثورة الفلسطينية بقيادة فتح إنما هي فلسطينية المنطلق عربية الانتماء، ولطالما رددها الأخ قاند الثورة الرئيس یاسر عرفات ومن كل المنابر" إنها فلسطينية الوجه عربية القلب" ولقد عرفت الأمة العربية ذلك، فكان الامتداد الواسع والعميق الحركة فتح في صفوف الأمة العربية من المحيط إلى الخليج، وامتد ذلك الوجود إلى كل شعوب الأمة الإسلامية و أما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض .

لا للوصاية .. ولا للتبعية .. ولا للاحتواء

يقول الأخ مازن عز الدين بدأت حركة فتح تحت عناوین واضحة في منطلقاتها الاستراتيجية حيث خاطبت بعدنا العربي، الذي يعتبر القاعدة الارتكازية الأساسية فحركة فتح لم تكن تبحث فقط عن القرار الفلسطيني المستقل و انما الضرورات التفاوضية والضرورات السياسية كانت تفرض على القيادة الفلسطينية إيجاد هامش هام وواسع للمناورة أطلق عليه القرار الوطني الفلسطيني المستقل وفتح رفعت شعارات واضحة بأن الثورة الفلسطينية فلسطينية الوجه عربية القلب، وعندما بدأت الطروحات السياسية لتبرير الاعتراف بقراري 242، 338 ودخولنا في مراحل تسوية بعد عام 73، جعلنا نخوض عملية التمایز نظرا لأن كل الأقطار العربية التي تتواجد على أرضها لها هامش في الإطار القومي ولكن لها هامشا في صنع قرارها الداخلي أيضا.

ويضيف الأخ عز الدين بأنه منعا للمصادرة والاحتواء فقد طبقنا شعارات فتح الأولى التي تستند الى ثلاثة أعمدة أساسية وهي لا للوصاية، لا للتبعية، لا للاحتواء، ورفعنا شعار استراتيجيا بأننا نرفض التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية وكذلك نرفض أن يتدخل أحد في شؤوننا الداخلية، إلى أن جاءت معركة بيروت حيث دافعنا عن قرارنا الوطني وخضنا معركة طرابلس كذلك دفاعا عن قرارنا الوطني الفلسطيني.

استقلالية حركة فتح

أما الأخ زكريا الأغا فقال إن حركة فتح خاضت معارك كثيرة للحفاظ على قرارنا الفلسطيني المستقل فمنذ اللحظة الأولى كانت تشعر أنه لكي تنجح ولكي تعبر تعبيرا صادقا عن آمال وطموحات الشعب الفلسطيني يجب أن تكون بعيدة عن الاحتواء، هذا ليس انفصالا عن العالم العربي، لكن فتح منذ اللحظة الأولى قررت واكدت استقلاليتها وكان هذا واضحا منذ اللحظة الأولى وحتی الآن .

أضاف الأغا: لا أحد يستطيع أن يحسب حركة فتح على أي نظام عربي حتى عندما تأزمت الأمور مع المنشقين في ۸۳ وحينما حاولت بعض الأنظمة العربية تقييد منظمة التحرير الفلسطينية واصابتها بالشلل، قامت حركة فتح ومعها جميع الأخوة من الفصائل الفلسطينية التي كانت تقف إلى جانبها لتعلن وتؤكد على ضرورة الخروج من هذا الوضع الذي وجدت المنظمة نفسها فيه بعد الانشقاق، فكان المؤتمر الفلسطيني السابع عشر الذي عقد في عمان والذي أخرج المنظمة من الشلل، وهذه الدورة أكدت أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني بقيادة الأخ أبو عمار، وسميت هذه الدورة بدورة القرار الوطني الفلسطيني المستقل والذي لاقت فيها تجاوبا جماهيريا كبيرا في الأراضي الفلسطينية المحتلة وقاموا بمظاهرات وسقط الشهداء بمن فيهم شهيد القرار الوطني الفلسطيني (شرف الطيبي).

فتح بانطلاقتها تفجر المسار التاريخي للمنطقة

يقول الأخ سلیم الزعنون، لقد أثرت فتح بالفعل في المسار التاريخي للشرق الأوسط... سواء من حيث الحروب التي اشتعلت في المنطقة أو من خلال فرض وجود الثورة الفلسطينية من جهة أخرى على خريطة المنطقة بل وعلى الخريطة العالمية بالنسبة البؤر الصراع في العالم.

وأما عن الانتقال بالنضال الفلسطيني من الشتات إلى أرض الوطن فهذا أصبح حقيقة واقعة لا يستطيع أحد إنكارها، فبعد العودة إلى أرض الوطن من خلال اتفاقات السلام مع حكومة إسرائيل العمالية بزعامة اسحق رابين وشمعون بيريس في أوسلو والقاهرة وطابا سنة ۱۹۹۳، فإن الجسم المسلح للثورة الفلسطينية قد عاد بسلاحه إلى أرض الوطن ليكون طليعة لعودة الشعب الفلسطيني كله.

ويشير الأخ أبو الأديب إلى اتفاقات أوسلو بأنه لا أحد ينكر ما تقوم به طلائع شعبنا المتمثلة في السلطة الوطنية الفلسطينية ورموزها بقيادة الأخ الرئيس یاسر عرفات والأعضاء المنتخبين من قبل شعبنا في المجلس التشريعي المنضوي تحت مظلة المجلس الوطني الفلسطيني الذي يعتبر خيمة الشرعية الفلسطينية في داخل الوطن والشتات، فالكل يشاهد بأم عينيه صباح مساء كيف يواجه شعبنا جنود الاحتلال وفي طليعة المواجهة يقف اخواننا رموز السلطة الوطنية وأعضاء المجلس التشريعي والوطني وكل رجال الأمن الذين هم فدائيو الأمس حيث التصدي للممارسات الاسرائيلية المتنكرة لكل الاتفاقات و المواثيق الدولية والانسانية، انه الصراع من فوق أرض الوطن الذي يتعرض لمؤامرات التهديد وطمس الهوية الفلسطينية، إنها معركة تجسيد الهوية الفلسطينية وإرساء قواعد الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف فوق أرض فلسطين ووجها لوجه مع قوات الاحتلال وأساليبه القمعية.

ويتساءل الأخ أبو الأديب هل هناك ما هو أفضل و أروع وأصدق من معايشة القيادة لشعبها في كفاحه ومعاناته وصنع مستقبله..؟؟

وهل كانت فتح الأمس صاحبة شعار "ثورة حتی النصر" غير فتح اليوم التي ما زالت تخوض هذه الثورة ومن فوق أرض فلسطين من أجل النصر وبناء دولة فلسطين...؟!

ما حققته فتح من مبادئها وأهدافها

عن ذلك يقول الأخ سليم الزعنون بأنه يكفي أن نذكر بحال الشعب الفلسطيني وثورته في أعقاب حرب العراق - الكويت.. لقد كانت هناك مؤامرة لإلغاء الوجود الفلسطيني، حيث جرى تهميش الدور الفلسطيني في مؤتمر مدريد للسلام.. لكننا سرعان ما أثبتنا وجودنا وأصبحنا الرقم الصعب - كما يقولها الأخ الرئيس أبو عمار الذي لا يمكن تجاهله، وها نحن على أرضنا قيادة ومقاتلين ومعنا أكثر من خمسين الفا من أبناء شعبنا المشردين قد عادوا إلى أرض الوطن طليعة العودة كل الشعب الفلسطيني .. و العالم كله يؤازرنا ويقف معنا، حيث انقلبت المعادلة وبات الإسرائيليون في ظل زعامتهم اليمينية المتطرفة محاصرين في كل المجالات الدولية، والأهم من كل هذا .. هو أننا نمارس حقنا المشروع في النضال وبناء دولتنا المستقلة من فوق أرضنا والشرعية الدولية كلها تقف إلى جانبنا.

ويستبشر الأخ أبو الأديب خيرا ويقول قريبا إن شاء الله.. سيشهد العالم قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف .. لأنها باتت مطلبا دوليا أيضا حتى إنه صارت هناك قناعات عند قطاع كبير من القادة و الشارع الإسرائيلي بضرورة قيام دولتنا الفلسطينية باعتبار ذلك حاجة ملحة لإقرار السلام في المنطقة، فالنضال الثوري دائما له أهدافه المرحلية والاستراتيجية المتمثلة في إقامة دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.. وعودة أبناء شعبنا في الشتات إلى أرض الوطن وما يتبع ذلك من مطالبة بحقوقنا المشروعة في أرضنا المغتصبة و أملاكنا المسلوبة.

من شعب لاجئ إلى شعب ذى سيادة

 يقول الأخ زكريا الأغا بأن أكبر انجاز لمبادئ فتح وأهدافها هو أن القيادة الفلسطينية فوق الثرى الفلسطيني والسلطة الوطنية هي المقدمة الطبيعية والأكيدة للدولة الفلسطينية حيث إن آمالنا زادت في قيامها فقد تحولنا من شعب لاجئ إلى شعب ذي سيادة وطنية، وأصبح الجميع يعترف بنا ككيان، فالعلم الفلسطيني يرفرف فوق ربوع الوطن والمواطن يسافر بجواز سفر فلسطيني، وكلنا ثقة بالأخ القائد ياسر عرفات لنصل إلى القدس الشريف عاصمة دولتنا الفلسطينية.







نشر بتاريخ - يناير - 1997 - مجلة الرأي - عدد 7
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-